فهرس المكتبة التخصصية
 كتاب مختار:
 البحث في المكتبة:
 الصفحة الرئيسية » المكتبة التخصصية المهدوية » كتب أخرى » الجندر من علامات آخر الزمان
 كتب أخرى

الكتب الجندر من علامات آخر الزمان

القسم القسم: كتب أخرى الشخص المؤلف: الشيخ ماهر الحجّاج تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠٢٤/٠١/٠٧ المشاهدات المشاهدات: ٥٧٥ التعليقات التعليقات: ٠

الجندر من علامات آخر الزمان

الشيخ ماهر الحجاج
المطبعة: أفكار للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة الأولى ١٤٤٥ هـ

فهرس المطالب

الإهداء..................٣

مقدمة...................٥
المبحث الأوّل: وقفة عند مفهوم الجندر...................١١
المطلب الأوّل: تعريف الجندر...................١١
المطلب الثاني: الهوية الفكرية الجندرية...................١٣
المطلب الثالث: لمحة تاريخية عن الجندر...................١٦
المطلب الرابع: موقف الديانات السماوية من الجندر...................٢٤
أوّلا: نصوص من التوراة (العهد القديم)...................٢٦
ثانياً: نصوص من الانجيل (العهد الجديد)...................٢٧
ثالثاً: نصوص من القرآن الكريم...................٢٩
خلاصة ما جاء في الكتب الثلاثة المقدسة...................٣٢
المبحث الثاني: الجندر في آخر الزمان...................٣٥
طوائف الروايات...................٣٥
الطائفة الأولى: اكتفاء الرجال بالرجال، والنساء بالنساء...................٣٦
الطائفة الثانية: تشبه الرجال بالنساء...................٤١
بيان وتتميم...................٤٥
الأمر الأوّل: بيان معنى لعن الرجال المتشبهين بالنساء...................٤٥
الأمر الثاني: بيان معنى التشبه بالنساء أو بالرجال...................٤٧
الأمر الثالث: شمول اللعن للمتشبهين في هذا الزمان...................٥٠
الطائفة الثالثة: انتشار الفساد وشيوعه بين الناس...................٥١
الطائفة الرابعة: عموم روايات (ملئت ظلماً وجوراً)...................٥٥
طائفة الخامسة: عموم روايات فتن آخر الزمان...................٥٩
الخلاصة...................٦٠
المبحث الثالث: موقف الشريعة من الجندر...................٦١
المطلب الأوّل: موقف الكتاب العزيز من الجند...................٦٢
النقطة الاولى: وصف قوم لوط وعملهم...................٦٢
وصف قوم لوط...................٦٣
وصف فعل قوم لوط القبيح...................٦٨
النقطة الثانية: الفاحشة من الشيطان بل هي طاعة له...................٦٩
الأمر الأوّل: الشيطان هو العدو الأزلي للإنسان...................٦٩
الأمر الثاني: أنّ الشيطان يأمر أتباعه بالسوء والفحشاء...................٧٠
الأمر الثالث: أن اتباع أمر الشيطان عبادة له...................٧٢
النقطة الثالثة: ان الله ينهى عن الفحشاء...................٧٣
النقطة الرابعة: أنَّ الله تعالى أمر بالزواج ونهى عما عداه...................٧٥
خلاصة الموقف الالهي من الجندر...................٧٦
المطلب الثاني: موقف النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل البيت (عليهم السلام) من الجندر...................٧٧
موقف رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الجندرية...................٧٨
موقف أمير المؤمنين (عليه السلام) من الجندرية...................٧٩
موقف الإمام الهادي (عليه السلام) من الجندرية...................٨٠
خلاصة موقف الإمام الهادي (عليه السلام)...................٨٣
المطلب الثالث: الآثار المترتبة على الجندر...................٨٤
الأوّل: الأثر الأخروي...................٨٤
الثاني: الأثر الدنيوي...................٨٧
الآثار الوضعية الشخصية للجندر...................٨٧
الآثار الوضعية العامة للجندر...................٨٩
الثالث: الأثر الشرعي...................٩٤
الخاتمة...................١٠٠
المورد الأوّل: نتائج غربلة الجندر...................١٠٠
المورد الثاني: نتائج علاميّة الجندر...................١٠٢
فهرس المصادر...................١٠٩

الإهداء

أتقدم بهذه الأسطر البسيطة لأضعها هدية بين يدي سيدي ومولاي الإمام الحجة (عجَّل الله فرجه) الذي مازالت عيوننا شابحة من طول الانتظار إلى دربه علّه يمن علينا بقبول هذه الهدية المتواضعة التي لم أقصد بها إلّا نصرة دين الله والدفاع عنه بكشف قناع الفتنة.

المؤلف

عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: «إنَّ للقائم منا غيبة يطول أمدها»، فقلت له: يا ابن رسول الله ولِمَ ذلك؟ قال: «لأن الله (عزَّ وجلَّ) أبى إلّا أن تجري فيه سنن الأنبياء (عليهم السلام) في غيباتهم، وإنه لا بد له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم، قال الله تعالى: ﴿لتركبن طبقا عن طبق﴾(١) أي: سنن من كان قبلكم»(٢).

مقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين، المبعوث رحمة للعالمين، المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم التام على أعدائهم من الأوّلين والآخرين إلى قيام يوم الدين.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «سبحانك خالقاً ومعبوداً بحسن بلائك عند خلقك، خلقت داراً وجعلت فيها مأدبةً، مشرباً ومطعماً، وأزواجاً وخدماً، وقصوراً وأنهاراً، وزروعاً وثماراً، ثم أرسلت داعياً يدعو إليها، فلا الداعي أجابوا، ولا فيما رغبت رغبوا، ولا إلى ما شوّقت إليه اشتاقوا، أقبلوا على جيفة قد افتضحوا بأكلها، واصطلحوا على حبها، ومن عشق شيئاً أعشى بصره، وأمرض قلبه، فهو ينظر بعين غير صحيحة، ويسمع بأذن غير سميعة، قد خرقت الشهوات عقله، وأماتت الدنيا قلبه، وولهت عليها نفسه، فهو عبد لها، ولمن في يده شيء منها، حيثما زالت زال إليها، وحيثما أقبلت أقبل عليها، لا يزدجر من الله بزاجر، ولا يتعظ منه بواعظ، وهو يرى المأخوذين على الغرة، حيث لا إقالة ولا رجعة، كيف نزل بهم ما كانوا يجهلون، وجاءهم من فراق الدنيا ما كانوا يأمنون، وقدموا من الآخرة على ما كانوا يوعدون، فغير موصوف ما نزل بهم، اجتمعت عليهم سكرة الموت، وحسرة الفوت»(٣).
الله تعالى أنعم على البشر نعماً لا تحصى ولا تعد، ومكّنهم من الأرض يتبوؤون منها حيث يشاؤون، وذلل لهم السبل لينالوا ما يريدون، كل ذلك وقائدهم فيه العقل الذي يؤمن بأنه يتبع ما ينفعه فيناله، ويبتعد عما يضره ويهلكه فيفر منه ويتركه، فهو يميز بين تناول الفاكهة الطيبة اللذيذة الطازجة، وبين تناول السم القاتل الفتاك، وهذا أمر وجداني يدركه كل من آمنَ بالله تعالى ومن لم يؤمن به، وليس لأحد أن ينكره أبداً، إذ لولاه لما قامت حياة للإنسان على البسيطة، وهو أمر بديهي لا يحتاج إلى برهان.
فبهذا الدافع عمّر الإنسان الديار، وبنى القلاع وجمع الأنصار، ونبذ الوحدة وصار إلى زوجة تسليه في الليل والنهار، حتى تكاثر وسارت ذراريه في صقاع الأرض، وركبت أمواج البحار، رغبة منهم بأن يستحوذوا على كل ما حط وطار، ليتفردوا بأمر الخلق، ويعلوا بعضهم على بعض، فاستعظم ذلك في أنفسهم، فصاروا يفسدون الحرث والنسل من أجل نفعهم وتشبثهم بالدنيا، وكأنّه لا شيء بعد هذه الحياة، فركبهم الشيطان كركوب الدواب، فصار يحدو بهم إلى دار الهلاك والعذاب، فاستخفهم وجعل لكل منهم صنما يعبده في ذاته، وينحني أمام رغباته، حتى صار الإنسان عاجزاً عن مقارعته، وهو الهوى وحب الدنيا.
فبعث الله أولياءه من الأنبياء ليخرجوا الناس من حبال إبليس وغوايته، ويهدموا تلك الأصنام الواهية، ليعيدوا الناس إلى فطرتهم التي فطرهم الله عليها، ولينشروا العدل بين الناس، كي لا يعلو بعضهم على بعض، ولا ينهش بعضهم لحم بعض، وهذا هو حد الاعتدال في جلب النفع ودفع الضرر، وليحركوا عقولهم التي علاها غبار الركود والخمول، لينظروا فيما يقدمون عليه من الأفعال، فبينوا لهم ما يضرهم، وهو التفاني في حب الدنيا، وزجروهم عن العكوف عليها، وبينوا لهم أنَّ الدنيا دار ممر، وأنهم سينقلبون إلى عالم آخر غير هذا العالم، وهو عالم الأبد والخلود، عالم من أحسن في دنياه يجد فيه الحسنى وزيادة ﴿وفي ذلك فليتنافس المتنافسون﴾(٤).
فتبلورت من خلال ذلك جبهتان:
الجبهة الأولى: جبهة الحق والخير وجلب النفع الحقيقي والدائم التي يترأسها الأنبياء والأوصياء، والتي سلاحها العقل، ونتيجتها الجنة ودار الخلد.
الجبهة الثانية: جبهة الباطل والشر، وجلب نفعٍ زائفٍ زائلٍ، التي يقودها الشيطان وأعوانه، والتي سلاحها الجهل، ونتيجتها عذاب الحريق.
قال الله تعالى: ﴿الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم﴾(٥)، وذلك لأنَّ الشيطان عدو الإنسان، فمن تبع عدوه أهلكه لا محالة، ولكن الله رؤوف بالعباد، غني عنهم، غير محتاج إلى طاعتهم، وإنما أراد بذلك إتمام الحجة البالغة له على خلقه، ﴿فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر﴾(٦)، ﴿ومن كفر فإنَّ الله غني عن العالمين﴾(٧).
فالإنسان بين مفترق طرق: فهو إما أن يختار طريق العقل والأنبياء فيتمسك به فيفوز فوزاً عظيماً، وإما أن يختار طريق الجهل واتباع الشهوات وإبليس فيهلك ويتبوأ مقعده من النار، فأي عاقل يترك النعيم ويذهب إلى الجحيم، مع أنَّه يبحث عما ينفعه ويفر عما يضره؟
وما يحل اليوم في مجتمعنا البشري - وما يحاك له من الدواهي - أمر خطير، حيث صار العقل يُخادع بمفاهيم لا واقع لها أبداً كـ (الجندر والمثلية) وغيرها، من أجل الفتك بالمجتمع الإنساني وتمييعه، والاتجاه به إلى الحيوانية البحتة التي هي أهم ركائز سبل الشيطان المتفرقة، فصاح بهم الشيطان فلبوا دعوته، من أجل أن تسن القوانين وتُلزم البشريةُ بها، ليخرج الفسق والفجور من طوره الفردي إلى طوره الجماعي، ومن طوره غير القانوني إلى طوره القانوني، فصار الحال بالعكس من يخالف أو يقف موقفاً سلبياً من ذلك يدينه القانون.
فلذا نحاول في هذه السطور التعرض لبيان ما ورد عنهم (عليهم السلام) بأن من علامات آخر الزمان انتشار الفساد واكتفاء الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وبيان كيفية تصدي أهل البيت (عليهم السلام) لهذا الخط المنحرف الذي يحاول أن يدنس العقل والفطرة بأمور بديهية البطلان.
ولا يفوتني في الختام أن أقدم شكري الجزيل لمن قرأ هذه السطور، وأبدى بعض ملاحظاته القيمة لسد بعض الثغرات التي لم نلتفت إليها أثناء الكتابة، وأخص منهم بالذكر سماحة السيد محمد زكي الجعفري، وسماحة الشيخ الدكتور عباس المسعودي، أيدهما الله تعالى بلطفه إلى كل خير.
سائلاً المولى تعالى أن يسددنا لما فيه الخير والرشاد، ويوفّقنا إلى بيان الحق في هذا المقال، أنَّه أهل التقوى وأهل المغفرة، وهو أرحم الراحمين ﴿ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك﴾(٨)، ﴿ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين﴾(٩).

الشيخ ماهر الحجاج
٦ صفر ١٤٤٥ الموافق ٢٢/ ٨/ ٢٠٢٣ م
النجف الأشرف

المبحث الأوّل: وقفة عند مفهوم الجندر

وفيه مطالب:
المطلب الأوّل: تعريف الجندر:
الجندر: لفظة انجليزية مأخوذة من أصل لاتيني، بمعنى الجنس البشري من ذكورة وأنوثة(١٠).
وعندما نقف أمام هذه الكلمة (الجندر) النوع الاجتماعي أو الجنس البشري، أو النوع البشري، التي تتداول في كلمات من كتب وتكلم عن الجندر، نجد القضية راجعة إلى التحليل العقلي في تقسيم الموجودات المادية إلى: (جماد، ونبات، وحيوان، وإنسان)، فهم يتوقفون عند أصل النوع المقابل لتلك الأنواع الأخرى التي لكل منها مميزات تختلف بها عن غيرها، كالجنس والفصل المذكورين في كتب المنطق(١١).
وهذا التوقف عند النوع البشري يلغي بدوره كل الخصوصيات الفردية، ويقصر النظر على كون المحور هو الإنسان بما هو إنسان، وبإلغاء الخصوصية تنفتح أمامهم عدة أبواب منها:
١ - من أين صار عندنا ذكراً وأنثى؟ فهل هما أمران حقيقيان، أم هما وهميان يفرضهما المجتمع والثقافة المحيط والبيئة؟
٢ - هل يمكن للشخص أن ينزع الثوب الذي ألبسته إيّاه بيئته الاجتماعية ويلبس ثوباً آخراً، فينزع ثوب الذكورية ويلبس ثوب الأنوثة؟
٣ - ما هو المائز بين أبناء هذا النوع بعد اشتراك الجميع به؟ فالكل متساوون فيه، فلا فضل ولا مائز بين ذكر وأنثى ولا العكس، فالكل سواسية.
وغير ذلك من التساؤلات التي حاول المروجون للجندر إثارتها، من أجل الوصول إلى غاية الشيطان التي توعد بها من تغيير الخلق التي ذكرها القرآن الكريم(١٢).
فهذا هو القدر المتيقن من فكرة الجندر، وأنَّ ما يشير إليه البعض من أنَّ مفهوم الجندر ما زال مثاراً للجدل(١٣) ليس بتام؛ حيث أنَّ الاختلاف ليس في أصل الفكرة وتعريفها، وإنما الاختلاف في ما يتفرع عليها كما أشرنا إلى بعضها من الأمور.
إذن: القدر المتيقن من تعريف هذه الكلمة هو معناها اللغوي عندهم باللغة الانجليزية، وهو النوع البشري مع إلغاء الخصوصيات الفردية، ثم النظر إلى كل فرد بما هو إنسان لا غير.
وهذا أمر غير تام منطقياً وعقلياً وفطرياً، كما سنشير إليه في مطاوي الأبحاث اللاحقة إن شاء الله تعالى؛ وذلك أنَّ فكرتهم مبتنية على مفهوم انتزاعي، ينتزعه الذهن البشري من الخارج، وأما النوع البشري الخارجي المعبر عنه بالنوع الطبيعي(١٤) أو الكلي الطبيعي(١٥) فهو متقوم بأفراده، ومعلوم لكل فرد خصوصيته الذاتية من جميع الأنحاء الذاتية والعرضية والفسلجية وغيرها، وعليه فلا يمكن التأسيس على مجرد مفهوم انتزاعي ذهني بفصله عن النوع الخارجي الواقعي.
المطلب الثاني: الهوية الفكرية الجندرية:
نعني بذلك - الهوية الفكرية - هو: الغطاء الفكري الإيدلوجي الذي تتحرك على أساسه هذه الفكرة اللعينة الجندرية.
ومن خلال التتبع لبعض ما يذكره المروجون للجندر عرفنا أنَّ هذه الفكرة مبنية على إنكار الحقيقة المطلقة، والإيمان بالسفسطة المحضة، وهو ما أُسِسَتْ عليه الفلسفة الغربية الالحادية، والتي قد تعرّض لنقدها الكثيرون أمثال السيد الشهيد الصدر في كتابه (فلسفتنا)، والعلامة الطباطبائي في كتابه (أصول الفلسفة ومنهج الواقعي).
فأصحاب الجندر يزعمون أنَّ الإنسان عبارة عن قطعة خام، فهو هو، وهو ليس هو، بمعنى أنَّ الإنسان الذي فتح عينيه ووجد نفسه ذكراً أو أنثى هو ليس كذلك، فهو ممكن أن يكون هو إذا شاء ذلك، وممكن أن لا يكون هو إذا لم يشأ ذلك، فيصورون القضية أشبه شيء بلباس يرتديه الإنسان، فمن الممكن أن يعجبه فيلبسه، ومن الممكن أن لا يرغب فيه فينزعه، وكأنه هو الذي يقول: أنا الذي أحدد نفسي، وليس هناك شيء آخر يفرض عليّ صبغتي الجنسية، فهذه القضية هي بعينها تساوق القول: (أنا أنا، وممكن أنا لست أنا).
وفي الحقيقة هذه الفكرة خطرة جداً على البشرية، إذ تقود الناس نحو الهاوية، والتي لو تأملناها وما ستلقي به من المشاكل على المجتمع البشري من التفكك والإنحلال الكبير، وما سيؤول إليه الأمر بعد ذلك، فالابن (س) الذي هو ولد (ص)، فمن الممكن أن تنقلب المعادلة بناء على عدم ثبوت الحقيقة المطلقة ويكون (س) أبا لـ (ص) وليس ابناً له.
بل بعد التلاعب في أفكار الناس، وترويجهم لهذا المنهج المزيف، توسعوا إلى ما هو أبعد من ذلك، فصار من الممكن أن يرجع الإنسان إلى النوع السابق عليه وهو الحيوان، فينكر الإنسان إنسانيته ويختار لنفسه أن يكون كلباً، أو هراً، أو ثعلباً، أو تنيناً، أو غير ذلك من الحيوانات، حتى وصل الحال في بعض الدول الغربية أنها أحصت عشرة آلاف متحولٍ من النوع البشري إلى النوع الحيواني كل ذلك انطلاقاً من إنكار الحقيقة المطلقة التي تؤمن به الفلسفة الغربية.
وأما بناء على ما هو الحق، وهو أنَّ هناك واقعاً، وأنَّ هناك حقيقةً مطلقةً، وهذه الحقيقة يؤمن بها حتى أصحاب المنهج الغربي في وجدانهم وحسهم الباطني، وذلك أنهم لو لم يكونوا موجودين ومؤمنين بوجودهم دون عدمهم، فكيف صاروا يكتبون النظريات ويؤلفون الكتب عليها، وصاروا يخاطبون الناس بذلك ويروجون لأفكارهم، ويجمعون الأنصار والأعوان لها؟
إذن: هم يؤمنون بأنهم هم وليس غيرهم أبداً، وإذا تأملت في أصحاب الجندر والمؤسسين له ذاتهم لا تجدهم ينزعون ثوب الخلقة الأصيل، ويلبسون الأثواب الزائفة التي يخادعون بها أنفسهم، لعلمهم بأنها وهم وسراب لا حقيقة له أبداً.
وإذا اتضح زيف الهوية الجندرية نرجع إلى هوية الفطرة التي فطر الله الناس عليها، والتي تعضدها بل تنطلق منها ركائز الفلسفة الإسلامية، فنفتّح عيوننا لنرى أنفسنا ومن حولنا، ونرى الروابط والأواصر التي تربطنا بمن حولنا، فكل منا لا يجد نفسه إلا هو هو وليس غيره، بل لو كانت غيرها لما صح له التكلم والإخبار عنها، ويجد أنَّ هناك روابطَ بينه وبين الآخرين من أبناء النوع البشري الإنساني المحيطين به، فهو إن كان رجلاً - مثلاً - فهو ابن لأبيه وأمه، وأخ لمن أنجبته أمه من البنين والبنات، وهكذا ارتباطه بالأعمام والعمات، والأخوال والخالات، وهكذا بقية الأقارب النسبيين، ثم يرتبط بالأصدقاء والجيران وأهل المحلة والبلدة الواحدة، ويرتبط بالتلاميذ في المدرسة، وهكذا باقي الروابط.
وهذا أمر وجداني فطري لا يحتاج إلى إقامة دليل عليه سوى الالتفات إلى البديهية الأوّلى التي تنص على (اجتماع النقيضين محال وارتفاعهما محال)، والتي يعبر عنها بـ (أولى الأوائل)(١٦)، يعني هي أوّل القضايا البديهية، فهي كفيلة لإثبات الحقيقة المطلقة، وهدم ما حاكه الشيطان ولبّسَ به على البشر من أفكاره السفيهة، ليقودهم بها إلى النار.
فإذا استطاع الإنسان أن يحتفظ بفطرته السليمة، سوف تجده لا ينحني أمام هذه الترهات الزائفة، ولا يتبع كل ناعق، ولا يكون عرضة لمن هب ودب، فيكون هو سيد نفسه، ويحتفظ بإنسانيته ويفتخر بها؛ لأنَّه سيد المخلوقات على هذه البسيطة.
المطلب الثالث: لمحة تاريخية عن الجندر:
بعد أن عرفنا أنَّ الجندر عندهم هو النوع الاجتماعي، وأنَّ ما عداه - من الذكورة والأنوثة - أمور يتلقاها الإنسان من البيئة والمحيط الاجتماعي، كما يصورونه بكلماتهم الزائفة، وعليه فيمكن للذكر إذا شاء أن يكون أنثى أو العكس، وإذا حصل ذلك فبطبيعة الحال وميل الإنسان إلى سد رغباته المادية والعاطفية يميل إلى الجنس المخالف له فيقبل على اختيار زوجة له، فبناء على ما أسسه الجندريون من هذه الفكرة الخطيرة يمكن أن يختار الرجل رجلاً متحولاً إلى أنثى، أو أن تختار المرأة امرأة متحولة إلى رجل، والنتيجة هي: اكتفاء الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وهو ما يصطلح عليه اليوم بـ (المثْلِيةِ)، وهو الفساد العظيم.
قال الدكتور شغيدل: لقد أخذ مصطلح (الجندر) مساحة واسعة في تاريخ الغرب الحديث والقديم، حتى أنَّ بعض المؤرخين أرجعه إلى الحضارة اليونانية والرومانية، وظهور هذا المصطلح في الأزمنة الحديثة تَرَافَقَ مع ولادة الحداثة، ثم تطور في عصر النهضة الصناعية في أوربا، وأما في الحقبة المعاصرة فقد ظهر بصورة كبيرة وواسعة جداً من خلال النقاش في حقوق المرأة ومأسستها، وتقنينها في المحافل الدولية، وتوسعوا في ذلك إلى تشريعات تبيح المثلية، لأنَّ من حريات المرأة أن تقترن بمثلها، ومن خلال ذلك ينجر الكلام عن الرجل بنفس هذه الصورة.
وتُعد الكاتبة الفرنسية (سيمون دي) هي أوّل من سن دستور الحركة النسوية؛ حيث أصدرت كتابها (الجنس الآخر) في عام (١٩٤٩)، وأكدت في كتابها الفكرة التي تتعكز عليها الجندرية الحديثة وهي: (أن المرأة لا تولد امرأة، وإنما هناك مؤثرات بيئية واجتماعية تؤثر في شخصيتها فتصيّر المرأة أنثى، وأنَّ تحررها من القالب المفروض عليها يكون عبر تغييرها لصورتها الجسدية والنفسية).
وإنّ أوّل من استخدم مصطلح (الجندر) في الدراسات الاجتماعية هي: الباحثة الانجليزية (آن أوكلي)، حيث ألّفت في عام (١٩٧٢) كتاباً اسمه (الجنس والنوع والمجتمع)، وهي تؤكد عين ما ذكرته (سيمون) من فكرتها بأن القضية في التقسيم الاجتماعي إلى ذكر وأنثى غير متكافئ اجتماعياً.
وفي الآونة الأخيرة صارت جمعية الأمم المتحدة هي الراعي الأساس للجندر، حيث أقامت مؤتمراً في عام (١٩٧٩) عنوانه (القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة)، وتمخض هذا المؤتمر عن اتفاقية ملزمة لمن انضم إليها من دول العالم، اسمها: اتفاقية (سيداو)، والتي تنص على إلغاء خصوصية الرجل في قبال المرأة، وأنَّ المرأة مساوية للرجل في كل حقوقه الشرعية والقانونية، وإلغاء كل التشريعات القانونية التي تميز بينهما.
ثم تتالت المؤتمرات بعناوين مختلفة حول (الجندر)، كمؤتمر القاهرة سنة (١٩٩٤)، ومؤتمر بكين سنة (١٩٩٥)، ومؤتمر روما سنة (١٩٩٨)، إلى أن تمخض عن ذلك عام (٢٠١٠) إعلان أممي في الأمم المتحدة بفرز وكالة من الأمم المتحدة تدعى: (كيان الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين)، وهي وكالة تتعامل حصرياً مع نشاطات الجندر، وبدأت هذه الوكالة مباشرة أعماله بصورة رسمية في سنة (٢٠١١)(١٧)
إذن: النتيجة المتحصلة من هذا الكلام هي: أنَّ الجندر وإن كانت له جذور تتعلق بالحضارات السابقة، إلّا أنَّه بدأ التنظير والتقنين له في عشرينيات القرن الماضي، ووصلت ذروة التقنين للجندر مطلع هذا القرن، حتى صار له كيان رسمي في الامم المتحدة.
وعندما نرجع إلى النصوص الشرعية نجد أنَّ هذا الأمر المخزي أوّل ما شاع وبصورة علنية - كما يخبر عن تأريخه القرآن الكريم - عند قوم لوط (عليه السلام)، الذي أغواهم الشيطان فسوّل لهم فعل القبيح، قال الله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ * وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إليه وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ * قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ * قَالَ لَوْ أنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ * قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إلا أمرأَتَكَ أنَّه مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ أنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ * فَلَمَّا جَاءَ أمرنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾(١٨) وقد بَيَّنَ الأئمةُ (عليهم السلام) بدايات جذور الجندرية في الزمان الغابر في روايات عديدة:
منها: ما ورد عن إسحاق بن جرير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل قال فيه: «إن أوّل من عمل هذا العمل قوم لوط، واستغنى الرجال بالرجال، فبقين النساء بغير رجال، ففعلن كما فعل رجالهن؛ ليستغني بعضهن ببعض»(١٩).
ومنها: ما ورد عن أبي بصير عن أحدهما (عليهما السلام): «في قوم لوط (عليه السلام): ﴿إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين﴾(٢٠)، فقال: إنَّ إبليس أتاهم في صورة حسنة فيه تأنيث، عليه ثياب حسنة، فجاء إلى شباب منهم فأمرهم أن يقعوا به، فلو طلب إليهم أن يقع بهم لأبوا عليه، ولكن طلب إليهم أن يقعوا به، فلما وقعوا به التذوه، ثم ذهب عنهم وتركهم فأحال بعضهم على بعض»(٢١).
ومنها: ما مورد عن عمرو، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كان قوم لوط من أفضل قوم خلقهم الله، فطلبهم إبليس الطلب الشديد، وكان من فضلهم وخيرتهم أنهم إذا خرجوا إلى العمل خرجوا بأجمعهم وتبقى النساء خلفهم، فلم يزل إبليس يعتادهم، فكانوا إذا رجعوا خرّبَ إبليس ما يعملون، فقال بعضهم لبعض: تعالوا نرصد هذا الذي يخرّب متاعنا، فرصدوه فإذا هو غلام أحسن ما يكون من الغلمان، فقالوا له: أنت الذي تخرّب متاعنا مرة بعد مرة، فاجتمع رأيهم على أن يقتلوه، فبيتوه عند رجل، فلما كان الليل صاح، فقال له: مالك؟ فقال: كان أبي ينوّمني على بطنه، فقال له: تعال فنم على بطني، قال: فلم يزل يدلك الرجل حتى علمه أنَّه يفعل بنفسه، فأوّلاً علمه إبليس، والثانية علمه هو، ثم انسل ففر منهم، وأصبحوا فجعل الرجل يخبر بما فعل بالغلام ويُعجّبهم منه، وهم لا يعرفونه، فوضعوا أيديهم فيه حتى اكتفى الرجال بالرجال بعضهم ببعض، ثم جعلوا يرصدون مارة الطريق فيفعلون بهم، حتى تنكّب مدينتهم الناس، ثم تركوا نساءهم وأقبلوا على الغلمان، فلما رأى أنَّه قد أحكم أمره في الرجال جاء إلى النساء فصير نفسه امرأة، فقال: إنَّ رجالكن يفعل بعضهم ببعض؟ قالوا: نعم، قد رأينا ذلك، وكل ذلك يعظهم لوط ويوصيهم، وإبليس يغويهم حتى استغنى النساء بالنساء، فلما كملت عليهم الحجة بعث الله جبرئيل وميكائيل وإسرافيل (عليهم السلام) في زي غلمان عليهم أقبية، فمروا بلوط وهو يحرث، فقال: أين تريدون؟ ما رأيت أجمل منكم قط؟ قالوا: إنا أرسلنا سيدنا إلى رب هذه المدينة، قال: أولم يبلغ سيدكم ما يفعل أهل هذه المدينة؟ يا بني إنهم والله يأخذون الرجال فيفعلون بهم حتى يخرج الدم، فقالوا: أمرنا سيدنا أن نمر وسطها، قال: فلي إليكم حاجة؟ قالوا: وما هي؟ قال: تصبرون ههنا إلى اختلاط الظلام، قال: فجلسوا، قال: فبعث ابنته فقال: جيئي لهم بخبز، وجيئي لهم بماء في القرعة، وجيئي لهم عباء يتغطون بها من البرد، فلما أن ذهبت الابنة، أقبل المطر والوادي، فقال لوط: الساعة يذهب بالصبيان الوادي، قوموا حتى نمضي، وجعل لوط يمشي في أصل الحائط وجعل جبرئيل وميكائيل وإسرافيل يمشون وسط الطريق، فقال: يا بني امشوا ههنا، فقالوا: أمرنا سيدنا أن نمر في وسطها، وكان لوط يستغنم الظلام، ومرّ إبليس فأخذ من حِجرِ امرأة صبياً فطرحه في البئر، فتصايح أهل المدينة كلهم على باب لوط، فلما أن نظروا إلى الغلمان في منزل لوط قالوا: يا لوط قد دخلت في عملنا، فقال: ﴿هؤلاء ضيفي فلا تفضحون﴾(٢٢) في ضيفي، قالوا: هم ثلاثة خذ واحداً وأعطنا اثنين، قال: فأدخلهم الحجرة وقال: لو أنَّ لي أهل بيت يمنعوني منكم، قال: وتدافعوا على الباب، وكسروا باب لوط وطرحوا لوطاً، فقال له جبرئيل: ﴿إنا رسل ربك لن يصلوا إليك﴾، فأخذ كفاً من بطحاء فضرب بها وجوههم وقال: شاهت الوجوه، فعمي أهل المدينة كلهم، وقال لهم لوط: يا رسل ربي فما أمركم ربي فيهم؟ قالوا: أمرنا أن نأخذهم بالسَحَر، قال: فلي إليكم حاجة، قالوا: وما حاجتك؟ قال: تأخذونهم الساعة فإني أخاف أن يبدو لربي فيهم، فقالوا: يا لوط ﴿إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب﴾(٢٣) لمن يريد أن يأخذ، فخذ أنت بناتك وامض، ودع امرأتك.
فقال أبو جعفر (عليه السلام): رحم الله لوطاً، لو يدري من معه في الحجرة لعلم أنَّه منصور حيث يقول: ﴿لو أنَّ لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد﴾(٢٤)، أي ركن أشد من جبرئيل معه في الحجرة، فقال الله (عزَّ وجلَّ) لمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ﴿وما هي من الظالمين ببعيد﴾(٢٥)، من ظالمي أمتك إن عملوا ما عمل قوم لوط، قال: وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): من ألحّ في وطئ الرجال لم يمت حتى يدعو الرجال إلى نفسه»(٢٦).
وهذه الروايات لا تَعارُضَ بينها من حيث إنَّ الفعل وقع بين إبليس وشخص واحد كما في رواية عمرو عن أبي جعفر (عليه السلام)، أو بين إبليس وبين مجموعة من شباب قوم لوط، كما في رواية أبي بصير عن أحدهما (عليهما السلام)؛ وذلك أنَّ القرينة الواردة في رواية عمرو تحل لنا المشكلة وهي قوله (عليه السلام): «فطلبهم إبليس الطلب الشديد»، وهذه العبارة تبين لنا شدة المكر الشيطاني الذي استخدمه إبليس، وتكرر الطلب، والإلحاح في إفشاء هذه الفاحشة النكراء بينهم، وذلك يقتضي أن يوقعهم الشيطان في هذه القضية مرات عديدة وبصور مختلفة، وبحيل متفاوتة، حتى يتمكن منهم ويُحكم قبضته عليهم، ومنه يفهم الجمع بين تلك الروايات فإن إبليس لعنه الله قد كرر عليهم الفعل وروّجه بينهم حتى اكتفى الرجال بالرجال، وهذا هو ما يقتضيه «الطلب الشديد» من الشيطان لهم.
ومن هذه الروايات تتضح عدة أمور:
الأوّل: أنَّ أوّل من فعل هذا الفعل القبيح هم قوم لوط.
الثاني: أنَّ فعلهم للقبيح كان أساسه غواية إبليس، حيث دعاهم للفعل به، فاستلذوا فعله.
الثالث: أنَّ إبليس كان يكايدهم بصورة خفية وشديدة ومتكررة ليشيع بينهم هذا القبيح.
الرابع: أنهم كانوا يمارسون هذا الفعل بصورة علنية حتى صارت قريتهم مشهورة بذلك، فكان الناس يتجنبون المرور بها.
الخامس: أنهم بعد ما أغواهم الشيطان بفعل القبيح، أعرضوا عن نسائهم ولم يلتفتوا إليهن، فصار يطلب الرجال الرجال وتركت النساء.
السادس: ثم بعد أن أحكم إبليس قبضته على الرجال وجعل بعضهم يموج ببعض، جاء إلى النساء فوسوس لهن أن يفعل بعضهن ببعض فأشاع بينهن السحاق.
المطلب الرابع: الشرائع السماوية ومفهوم الجندر:
بعد أن تعرفنا على بيان معنى الجندر وأساسه الفكري، ثم تاريخ نشوئه وتداوله، علينا أن نفتش في نصوص الشرائع السماوية؛ لنرى أنَّ خالق هذا الكون وهو الله (جل وعلا)، ماذا يقول عن بدئ خلق البشرية؟ وماذا خلق منها؟ فهل المخلوق هو قطعة بشرية (خام) لا هي ذكر ولا هي أنثى، ثم البشر يحددون مسير هذه القطعة، ويلونونها بلون ذكري أو لون أنثوي؟ أم أنَّه (تبارك وتعالى) من أوّل الأمر خلق خلقه أزواجاً ذكراً وأنثى، وأنَّ البشر ليس لهم دخل في تحديد جنسيتهم، كما أنهم ليس لهم أي دخل في أصل خلقهم، ولا في كونهم سوداً أو بيضاً، ولا في كونهم في الشرق أو في الغرب، ولا في كونهم من أسرة ثرية أو من أسرة فقيرة؟
أمّا الأوّل، فهو مجرّد احتمالٍ لم يقم عليه دليل، بل الدليل على خلافه، وإن الوجدان أيضاً يبطله بأدنى تأمل، مضافاً إلى أنَّه لا وجود له في النصوص الشرعية التي تتكلم عن أصل الخلقة.
وأما الثاني، فهو ما عجت به الكتب السماوية، كالتوراة والانجيل(٢٧) والقران، فإنها تؤكد أنَّ الله تعالى - الذي هو خالق كل شيء - ينص على أنَّ ابتداء الخلق انطلق من النواة الطاهرة الأولى للبشرية، المتألفة من نبي الله (آدم) (عليه السلام) ومن زوجته الطاهرة السيدة (حواء) (عليها السلام)، اللذين خلقهما الله تعالى في الجنة، ثم بعد حادثة إغواء إبليس لهما أهبطهما الله تعالى إلى الأرض ليسكنا فيها، وذلك للمشيئة الإلهية بأن يكون هذا النبع الطاهر هو أساس انتشار بني البشر فوق هذه البسيطة.
وعندما نقرأ هذه الكتب الإلهية نجد علاوة على ما قلنا أنها تتكلم عن الذكور وتجعل لهم أحكاماً، وتتكلم عن الإناث وتجعل لهن أحكاماً أيضاً، وتجعل الاقتران الشرعي بينهما زواجاً مباحاً ومباركاً، وما عداه زنا وحراماً.
ولنذكر بعض تلك النصوص الدالة على ذلك من الكتب السماوية؛ لتكون دليلاً وبرهاناً قاطعاً لدحض سفاسف الجندر، فنقول:
أوّلاً: نصوص من التوراة (العهد القديم):
أ - قال في بداية الخليقة: «فخلق الله الإنسان... خلقه ذكرا وأنثى وباركهم الله قائلا لهم اثمروا وتكاثروا واملأوا الأرض واخضعوها»(٢٨)
وقال: «ثم جبل الرب الاله آدم من تراب الأرض ونفخ في انفه نسمة حياة فصار آدم نفسا حية»(٢٩)
وقال: «وعمل من هذه الضلع امرأة احضرها إلى ادم»(٣٠)
وقال: «لهذا فإن الرجل يترك أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويصيران جسداً واحداً * وكان آدم وامرأته عريانين»(٣١).
ب - الزواج بين الذكر والانثى وهو الذي منه الابناء وتكاثر النوع البشري، قال: «وعاشر آدم حواء زوجته فحبلت وولدت ابنا اسمته قايين(٣٢)... * ثم عادت فولدت أخاه هابيل»(٣٣) قال: «وعاش آدم بعد مولد شيث ثماني مئة سنة وولد له بنون وبنات»(٣٤).
ج - الكلام في ذكر الأنبياء وأنهم كانوا ذكورا ولهم نساء تزوجوا بهن فانجبوا الابناء، ومن ذلك قوله: «وأما ساراي امرأة أبرام فقد كانت عاقرا وكانت لها جارية مصرية تدعى هاجر * فقالت ساراي لإبرام هو ذا الرب قد حرمني من الولادة فادخل عليها لعلني أرزق منها بنين فسمع أبرام لكلام زوجته»(٣٥).
د - النهي عن الزنى، قال: «لا تدنس ابنتك فتبذلها للفجور لئلا تزني الأرض وتمتلئ بالرذيلة»(٣٦).
ثانياً: نصوص من الانجيل (العهد الجديد):
أ - أساس الخلق فإن الله خلق آدم (عليه السلام) وهو رجل، وخلق معه زوجته حواء (عليها السلام)، فقد ورد في العهد الجديد قوله: «صار الإنسان الأوّل آدم نفساً حيةً»(٣٧).
ب - النهي عن تسلط المرأة على الرجل، لعلة تقدم خلق آدم على حواء فقال: «ولست اسمح للمرأة أن تعلّم ولا تتسلط على الرجل بل عليها أن تلزم السكوت * ذلك لأنَّ آدم كوّنَ أوّلاً ثم حواء»(٣٨).
ج - نظر الرجل بشهوة إلى غير زوجته، قال: «كل من ينظر إلى امرأة بقصد أن يشتهيها فقد زنى بها في قلبه»(٣٩).
د - طلاق الرجل زوجته: «من طلق زوجته فليعطها وثيقة طلاق أما أنا فأقول لكم من طلق زوجته لغير علة الزنا فهو يجعلها ترتكب الزنا ومن تزوج بمطلقة فهو يرتكب الزنا»(٤٠).
هـ - الرجل الحكيم والرجل الغبي قال: «فأي من يسمع أقوالي هذه ويعمل بها اشبهه برجل حكيم»، وقال: «فأي من يسمع أقوالي هذه ولا يعمل بها يشبه برجل غبي»(٤١).
و - هناك ولد وبنت، وأم وأب، قال: «ويسى أنجب داود الملك وداود انجب سليمان»(٤٢).
قال: «ولكن أمه قالت لا بل يسمى يوحنا» وقال: «وامتلأ زكريا ابوه من الروح القدس»(٤٣). وقال: «وجاءت إليه أمه وإخوته»(٤٤).
قال: «وإذا رجل اسمه يايرس وهو رئيس للمجمع قد جاء وانطرح عند قدمي يسوع وتوسل إليه أن يرافقه إلى بيته * لأنَّ له ابنة وحيدة عمرها حوالي اثنتي عشرة سنة وقد اشرفت على الموت»(٤٥).
ثالثاً: نصوص من القرآن الكريم:
أ - بداية المسيرة البشرية بخلق آدم وزوجته، وهما ذكر وانثى، ونزولهما إلى الأرض، ثم انجابهما الابناء والانتشار في الأرض، قال تعالى: ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا﴾(٤٦).
وقال تبارك وتعالى: ﴿وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين﴾(٤٧).
وقال (عزَّ وجلَّ): ﴿يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء﴾(٤٨).
ب - أنَّ سبب التكاثر البشري وانتشار النوع الإنساني هو عن طريق الزواج وهو الاقتران بين الرجل والمرأة بعقد شرعي، قال تعالى: ﴿هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين * فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون﴾(٤٩).
ج - لقمان الحكيم (عليه السلام) ينصح ولده ببر والديه وهما أبيه وأمه، ويبين له مدى العناء الذي تحملته أمه في سبيل تنشئته، وبلا شك فإن لقمان رجل وله زوجة فأنجبا ولدا ذكرا، فقال تعالى: ﴿وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إنَّ الشرك لظلم عظيم * ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير﴾(٥٠).
د - وذكر جل شانه في قصة موسى (عليه السلام)، أنَّ الله أوحى إلى أم موسى (عليه السلام) أن تقذفه في اليم، ثم يصل إلى قصر فرعون، ويأتون به إلى فرعون، فتأخذه زوجة فرعون لتربيه، ولكنه يأبى أن يرتضع من النساء فجاءت أخته ودلتهم على من يرضعه فاعاده الله إلى امه، ففي هذه الحادثة يوجد رجلان: موسى (عليه السلام) وفرعون، وثلاث نساء: أم موسى (عليه السلام) وأخته وزوجة فرعون، فقال تعالى: ﴿وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون * وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين * وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون * وحرّمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون * فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أنَّ وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون﴾(٥١).
هـ - الله تعالى يوصي الرجال إذا تزوجوا بالنساء أن يدفعوا لهن مهورهن، فقال: ﴿وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا﴾(٥٢).
و - ثم بين الله للرجال النساء التي يحرم عليهم الزواج بهن، فقال: ﴿ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنَّه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا * حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الاختين إلا ما قد سلف إنَّ الله كان غفوراً رحيماً * والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إنَّ الله كان عليماً حكيماً﴾(٥٣).
ز - ثم الله تعالى يوصي نبيه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بانكم إذا عزمتم على طلاق بعض أزواجكم فلا تخرجوهن من البيت الذي تسكنون فيه، فقال (عزَّ وجلَّ): ﴿يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا﴾(٥٤).
ح - ونهى الله تعالى عن الزنا فقال: ﴿ولا تقربوا الزنا أنَّه كان فاحشة وساء سبيلاً﴾(٥٥).
خلاصة ما جاء في الكتب الثلاثة المقدسة:
فقد تبيّن لنا أن الكتب الثلاثة المقدسة متفقة - من حيث نظرها لمفهوم الجندر - في عدة نقاط وهي:
الأولى: أنَّه لا وجود للجندر بمعنى النوع الاجتماعي المسلوب عنه هويته الجنسية في النصوص السماوية أبداً.
الثانية: أنَّ الله (تبارك اسمه) يصرّح وبكل وضوح: أنَّه خلق البشر صنفين ذكراً وأنثى، وليس لأي أحد دخل في أصل تكوينه ونشوئه البشري، فالله تعالى هو الذي حدد مسار كل شخص، وألبسه الصورة الإنسانية المناسبة له.
الثالثة: أنَّ الله (جل وعلا) يصرح أيضاً: بأنه أوّل ما خلق آدم (عليه السلام) وهو رجل، ثم خلق حواء (عليها السلام) وهي امرأة، ثم زوجهما في الجنة، ثم أهبطهما إلى الأرض، فانتشر النوع البشري من هذه النواة الطاهرة.
الرابعة: ثم أنَّ في النصوص تصريحات كثيرة تثبت أنَّ النوع البشري الذي خلقه الله تعالى منحصر بالذكر والأنثى، حيث نجده يتكلم عن الرجل تارة بعنوانه زوجاً، وأخرى بعنوانه أباً، وثالثة بعنوانه ابناً ورابعة بعنوانه أخاً، وخامسة بعنوانه نبياً، وسادسة بعنوانه طاغوتاً، وإلى غير ذلك.
وكذلك نجده يتحدث عن المرأة بعناوين مختلفة أيضاً، فيذكرها بعنوان كونها أماً وزوجةً وأختاً وبنتاً ومجاهدةً ونبراساً للتقوى كمريم وزوجة فرعون، وخائنةً وخبيثة كزوجة نبي الله لوط (عليه السلام).
وفي الحقيقة أنَّ من حكّمَ وجدانه لا يرى في المجتمع إلّا هذين الصنفين: (الرجل والمرأة)، اللذين ينبثق منهما المجتمع من خلال إضافة بعض القيود أو فقدانها، التي هي منبع التجاذب والتقارب، أو التباعد والتنافر، فمن خلال التكاثر والتباعد، والغنى والفقر، واختلاف الألوان واللغات، والأقطار والصقاع التي يسكنها البشر، وتسلط البعض على البعض الآخر، وغيرها من القيود تنبثق نواة المجتمعات، وتتكوّن الدول وتتفاضل فيما بينها.
نعم، هناك صنف نادر الحصول بين بني البشر وهو ما يحمل الاعضاء التناسلية الذكرية والانثوية في نفس الوقت، المعبر عنه فقهياً بـ(الخنثى)، ومع هذا فهو من حيث الشرع قد تم علاجه وتشخيصه، فإما أن يلحق بالذكور وإما أن يلحق بالإناث، كي يأخذ حكم أحدهما بحسب ما يتم تشخيصه من قبل الشرع وأهل الخبرة.

المبحث الثاني: الجندر في آخر الزمان

إنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) بينوا الكثير من علامات آخر الزمان، وبينوا ما يحل بالمجتمع البشري من بلايا وتمحيصات، ولسنا بصدد بيان كل ما قالوه في آخر الزمان في هذه الأسطر، وإنما نريد الوقوف على جواب لسؤال يطرح وهو: هل ذكر أهل البيت (عليهم السلام) الجندر وما يتعلق به من المشاكل الأخرى في علامات آخر الزمان، أم لا؟
الجواب: نعم، بيّن أهل البيت (عليهم السلام) تفاصيل هذه المفردة - التي جعلها المجتمع الدولي محوراً لابد من تداوله، وأعطوه صبغة اصطلاحية (الجندر)، وصبغة قانونية عبر طرحه في المحافل التشريعية؛ من أجل اجرائه على المستضعفين من الناس - ولكن ليس بعنوانه الحالي الجندري، وإنما ذكروا القضية بما هي عارية عن الاصطلاح، كي تحتفظ بروحها حتى لو جعلوا لها ألف اصطلاح للتمويه على حقيقتها، فتبقى حقيقة الانحراف الجنسي هي هي، لا تتغير ولا تتبدل، لم يستسغها الوجدان النقي، ولا الفطرة الصحيحة، ولا المجتمع الواعي، فضلاً عن الشرع ونهيه عنها والتوبيخ والعقاب عليها.
طوائف الروايات:
وعندما نرجع إلى كلمات المعصومين (عليهم السلام)، نجدهم تعرضوا لذلك بألسنة مختلفة من البيان(٥٦)، فالروايات الواردة في المقام على طوائف متعددة:
الطائفة الأولى: اكتفاء الرجال بالرجال، والنساء بالنساء:
ورد في عدة من الروايات انه من علامات اخر الزمان اكتفاء الرجال بالرجال والنساء بالنساء، ومن هذه الروايات هو ما يلي:
١ - ما ورد عن ابن عباس عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حديث طويل ذكر فيه الاسراء والمعراج ورد فيه: «وظهر المنكر، وأمر أمتك به ونهوا عن المعروف، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء»(٥٧)
هذه الرواية تبيّن: أنَّ المنكر سوف يظهر، أي أنَّه سوف يكون بشكل علني غير مستور ولا محجوب عن الانظار.
وأن المسلمين - الذين يفترض بهم أنهم يمتنعون عن المنكر لاتباعهم الشارع الأقدس - أو بعضهم سوف يأمرون بالمنكر، بل وأكثر من ذلك سوف يقومون بالنهي عن المعروف، وهو رجوع عن الحق وارتداد خفي، لأنَّ فيه إنكاراً للدين وتمرّداً على وأهله.
وأن من أبرز المنكرات التي سوف تبرز في آخر الزمان هي: اكتفاء الرجال بالرجال، بمعنى إشاعة اللواط بينهم - أجارنا الله تعالى - ولا أحد ينكر عليهم، بل الحال بالعكس أنهم يأمرون به، وأنَّ من ينكر ذلك يجدونه خارجاً عن الملتهم، وأيضا تكتفي النساء بالنساء، بمعنى إشاعة السحاق بينهن.
٢ - وما ورد عن حمران عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل ذكر فيه ما يقع من الفساد في آخر الزمان، فقال فيه: «ورأيت الفسق قد ظهر، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء»، «ورأيت الغلام يعطي ما تعطي المرأة، ورأيت النساء يتزوجن النساء، ورأيت الثناء قد كثر، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله»، «ورأيت الرجال يتسمنون للرجال، والنساء للنساء، ورأيت الرجل معيشته من دبره، ومعيشة المرأة من فرجها، ورأيت النساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال، ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر، وأظهروا الخضاب، وامتشطوا كما تمتشط المرأة لزوجها، وأعطوا الرجال الأموال على فروجهم، وتنوفس في الرجل وتغاير عليه الرجال، وكان صاحب المال أعز من المؤمن، وكان الربا ظاهراً لا يعير، وكان الزنا تمتدح به النساء، ورأيت المرأة تصانع زوجها على نكاح الرجال، ورأيت أكثر الناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهن، ورأيت المؤمن محزوناً محتقراً ذليلاً، ورأيت البدع والزنا قد ظهر»، «ورأيت الحرام يحلل ورأيت الحلال يحرم»، «ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله (عزَّ وجلَّ)»، «ويتغاير على الرجل الذكر فيبذل له نفسه وماله، ورأيت الرجل يعير على إتيان النساء، ورأيت الرجل يأكل من كسب أمرأته من الفجور يعلم ذلك ويقيم عليه، ورأيت المرأة تقهر زوجها وتعمل ما لا يشتهي، وتنفق على زوجها، ورأيت الرجل يكري أمرأته وجاريته ويرضى بالدني من الطعام والشراب»، «ورأيت النساء يبذلن أنفسهن لاهل الكفر»، «ورأيت البغي قد فشا»، «ورأيت البهائم تنكح»، «ورأيت الناس يتسافدون كما يتسافد البهائم، لا ينكر أحد منكراً تخوفاً من الناس، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله، ويمنع اليسير في طاعة الله»، «ورأيت الناس همهم بطونهم وفروجهم، لا يبالون بما أكلوا وما نكحوا»(٥٨).
وهذه الرواية تبيّنُ لنا أموراً متعددة:
أ - أنها تبيّن ظهور الفساد والفسوق باكتفاء أحد الجنسين بمثله، كما تقدم بيانه في الطائفة الأولى آنفاً.
ب - وأنها تبيّن أنَّ هناك طبقات مترفة متنعمة تملك رؤوس الأموال ولا تنفقها في طاعة الله، وإنما تنفقها على اللهو والفجور، بل على جذب من يفعل بهم المنكر القبيح، وهناك طبقات معدومة، أجبر بعضها العوز للتكسب بأدبارهم وفروجهم أو فروج أزواجهم.
ج - وأنها تبيّن أنَّ من الرجال من يدعو الناس ويتحبب إليهم من أجل أن يفعلوا به القبيح، بل وصل بعضهم إلى أبعد من هذا أنَّه يدفع الأموال في سبيل جذب الرجال إليه، ومن هنا صار بعض من يلهث خلف الشهوات يتقاتلون في سبيل النيل من هؤلاء.
د - وأنها تبيّن كيفية جذب المخنثين من الرجال والمخنثات من النساء الرجال والنساء إلى أنفسهم، فتجدهم يتظاهرون بالسمنة ليتمتع بهم الشيطان وجنوده، ويدهنون شعورهم ويسرحونها كالنساء، بحيث يجذبون أنظار الفجار إليهم، وكذا النساء يتظاهرن بمظاهر الرجولة ليجلبن إليهن النساء.
هـ - وأنها تبيّن الحالة التي يكون بها الرجال الذين يأتون النساء ولا يفعلون ما يفعله قوم لوط ويتنزهون عنه، فإنهم ينتابهم من المجتمع حالة من الاستهزاء والسخرية بل الاستهجان، لأنهم يرون ذلك من المنكرات، لمخالفتهم وعدم مشاركتهم في ارتكاب الرذيلة.
وهذه من أهم الروايات في هذه الطائفة؛ لأنها تبين تفاصيل كثير في هذا المضمار، قد لم نجدها في رواية أخرى.
٣ - عن الأصبغ بن نباتة، عن علي (عليه السلام) أنَّه قال: «يأتيكم بعد الخمسين والمائة أمراء كفرة، وأمناء خونة، وعرفاء فسقة، فتكثر التجار، وتقل الأرباح، ويفشو الربا، ويكثر أوّلاد الزنا، وتغمر السفاح، وتتناكر المعارف، وتعظم الأهلة، وتكتفي النساء بالنساء، والرجال بالرجال»(٥٩).
وهذه الرواية تدل على ما دلت عليه الروايات السابقة من انتشار الفساد، واكتفاء الرجال والنساء بأمثالهم، وأنكار المعروف وترويج المنكر، ولكن فيها إشارة إلى بعض الأمور لم ترد فيما سبق:
أ - أنَّ أغلب من يترأسون على الناس هم كفر.
ب - أنَّ من يعتقد به الناس أنَّه أمين ليس كذلك بل هو خائن.
ج - ارتفاع البركة، فإنهم تجدهم يعملون ويتاجرون، ولكن أرباحهم قليلة؛ لعدم البركة فيها.
د - وتبين أيضاً أمراً في غاية الأهمية، وهو: أنَّ نتيجة انتشار الفساد، وكثرة الحرام والسفاح هي: كثرة أولاد الزنا، وهؤلاء إذا كثروا كان لهم انعكاسات سلبية على المجتمع، وأوّل نقطة فيهم هي بغض الحق وأهله، وبغض أهل البيت (عليهم السلام)، وهذا الحقد والبغض الذي يفور في داخلهم هو الذي يحملهم على حرب الدين، وإشاعة الفحشاء، وقتال الامام (عجَّل الله فرجه)، والتهديم للحق ودولة العدل.
٤ - عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّه قال في خطبة طويلة يذكر فيها الزوراء: «وتكتفي الرجال منهم بالرجال، والنساء بالنساء، فعند ذلك الغم الغميم، والبكاء الطويل، والويل والعويل لاهل الزوراء من سطوات الترك»(٦٠).
٥ - عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر طويل قال فيه: «وتتزوج الامرأة بالامرأة، وتزف كما تزف العروس إلى زوجها، وتظهر دولة الصبيان في كل مكان، ويستحل الفتيان المغاني وشرب الخمر، وتكتفي الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وتركب السروج الفروج، فتكون الامرأة مستولية على زوجها في جميع الأشياء»(٦١).
وهذه الطائفة صريحة وكافية في إثبات المطلوب وهو: أنَّ الجندر من علامات الظهور؛ حيث صرّحت باكتفاء الرجل بمثله، والمرأة بمثلها، وهو من الفساد العظيم الذي يهلك الحرث والنسل، أعاذنا الله تعالى منه.
ويعضد هذه الطائفة الروايات الآتية في الطوائف الأخرى، الدالة على ما يقرب من هذا المعنى، أو هي شاملة له بإطلاقها، وعليه تكون النتيجة في إثبات هذه العلامة قطعية، أو قريبة من القطع؛ لتواتر الروايات عليها معنى، وهذا كاف في إثباتها، ومنه يتضح عدم الحاجة إلى النقاش في أسانيد روايات هذه العلامة، لتعاضدها واحتفافها بالقرينة.
الطائفة الثانية: تشبه الرجال بالنساء:
والروايات في هذه الطائفة وردت بثلاثة ألسن:
الأوّل: هو الإخبار عن وقوعها في آخر الزمان حيث يتشبه الرجال بالنساء، وتتشبه النساء بالرجال، ومن ذلك ما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّه قال: «وتشبه النساء بالرجال، والرجال بالنساء»(٦٢).
ومنها: ما ورد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «... قال الراوي: فقلت: يا ابن رسول الله ومتى يظهر قائمكم؟ قال: إذا تشبّه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وتركب ذوات الفروج السروج، وقبلت شهادات الزور، وردّت شهادات العدل، واستخف الناس بالدماء، وارتكاب الزنا وأكل الربا»(٦٣).
الثاني: هو نفي كون المتشبهين من أمة الاسلام، وهو ما يعني خروجهم عن إطار الدين والتدين والإسلام، وإذا كان فعلهم لذلك هو إنكاراً للتشريع والتحريم الوارد في المقام دخلوا في دائرة الكفر، ومن ذلك ما ورد عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه قال: «ليس منا من تشبه بالرجال من النساء، ولا من تشبه بالنساء من الرجال»(٦٤).
الثالث: هو اللعن الصادر من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حق المتشبهين بالنساء، والمتشبهات بالرجال، وفي هذا المورد روايات عديدة، إن لم نقل بتواترها فهي على أقل التقادير مستفيضة عند الخاصة والعامة، ونحن نذكر بعض من روايات الخاصة، وبعض من روايات العمة، فنقول:
أما روايات الخاصة فهي:
١ - روى الكليني بأسناده عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، قال: وهم المخنثون، واللاتي ينكحن بعضهن بعضاً»(٦٥).
ورواها البرقي مع زيادة بعد قوله: «بعضاً»، فقال: «وإنما أهلك الله قوم لوط حين عمل النساء مثل ما عمل الرجال، يأتي بعضهم بعضاً»(٦٦).
٢ - وروى الكليني بأسناده عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن رسول الله، في خبر طويل قال فيه: «لعن الله المحلل والمحلل له، ومن يوالي غير مواليه، ومن ادعى نسباً لا يعرف، والمتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال»(٦٧).
٣ - روى الشيخ الصدوق بأسناده عن زيد بن علي، عن آبائه (عليهم السلام)، عن علي (عليه السلام): «أنه رأي رجلاً به تأنيث في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال له: أخرج من مسجد رسول الله يا من لعنه رسول الله، ثم قال علي (عليه السلام): سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال»(٦٨).
٤ - روى الكليني عن يعقوب بن جعفر قال: «سأل رجل أبا عبد الله أو أبا إبراهيم (عليهما السلام) عن المرأة تساحق المرأة، وكان متكئاً فجلس فقال: ملعونة الراكبة والمركوبة، وملعونة حتى تخرج من أثوابها الراكبة والمركوبة، فإن الله (تبارك وتعالى) والملائكة وأولياءه يلعنونهما، وأنا ومن بقي في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فهو والله الزنا الأكبر، ولا والله مالهن توبة، قاتل الله لأقيس بنت إبليس ماذا جاءت به. فقال الرجل: هذا ما جاء به أهل العراق، فقال: والله لقد كان على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قبل أن يكون العراق، وفيهن قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لعن الله المتشبهات بالرجال من النساء، ولعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء»(٦٩).
وأما روايات العامة فهي:
١ - عن عكرمة عن ابن عباس: «إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعن الواصلة والموصولة، والمتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال»(٧٠).
٢ - عن عكرمة عن ابن عباس قال: «لعن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء، وقال: أخرجوهم من بيوتكم»(٧١).
٣ - عن أبى هريرة قال: «لعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل»(٧٢).
٤ - عن ابن أبي ملكية قال: «قيل لعائشة: إنَّ امرأة تلبس النعل، فقالت: لعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الرجلة من النساء»(٧٣).
بيان وتتميم:
بعد الوقوف على هذه الطائفة برواياتها المتعددة المختلفة، يلزمنا بيان أموراً توضح لنا ارتباط الطوائف هذه الروايات في نقطة محددة والتي هي مثار البحث في المقام، ألا وهي كون الجندر من العلامات بلا تردد ولا مبالغة في البحث، وعليه فنحن نبين بعض الأمور في المقام فنقول:
الأمر الأوّل: بيان معنى لعن الرجال المتشبهين بالنساء:
اللعن في اللغة: الطرد والابعاد من الخير(٧٤)، وقيل: هو التعذيب، والمُلعَن: المعذب، واللعنة في القرآن: العذاب، واللعنة: الدعاء عليه(٧٥).
واللعن مطلب نطق به الكتاب العزيز في آيات كثيرة، وبالسنة مختلفة، قال تعالى: ﴿إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أوّلئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين * خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون﴾(٧٦).
وقال: ﴿أولئك جزاؤهم أنّ عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين * خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون * إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم﴾(٧٧).
قال الشيخ الطوسي - في ذيل قوله تعالى: ﴿أن لعنة الله على الظالمين﴾(٧٨) -: (ولعنة الله غضبه وسخطه وعقوبته على من كفر به فيسر بذلك أهل الجنة ويغتم أهل النار)(٧٩).
إلى هنا اتضح لنا: أنَّ اللعن هو الطرد والابعاد عن رحمة الله تعالى، بل وحلول الغضب والعذاب على من لعنه الله (عزَّ وجلَّ)، وأنَّ اللعن من قبل الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أو الناس لشخص شذّ عن الصراط المستقيم، هو الدعاء عليه بأن يطرده الله من رحمته ويحل عليه عذاب منه.
وهذا يعني أنَّ التشبه بالنساء أو بالرجال أمر مبغوض لله تعالى ولرسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأنَّ فاعله مطرود من رحمة الله وداخل في ضمن من حق عليهم العذاب، إلا أن يتوب من ذلك ويرجع إلى الصواب.
ومن هذا البيان يتضح وجه الاشكال في قول المناوي حيث قال في ذيل روايات لعن المتشبهين بالنساء: (قال جمع: ليس المراد هنا حقيقة اللعن، بل التنفير فقط؛ ليرتدع من سمعه عن مثل فعله، ويحتمل كونه دعاء بالإبعاد، وقد قيل: أنَّ لعن المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأهل المعاصي كان تحذيراً لهم عنها قبل وقوعها)(٨٠).
الأمر الثاني: بيان معنى التشبه بالنساء أو بالرجال:
من أخطر المفاهيم على المجتمع هو: تشبه أحد الجنسين بالآخر، أي: تشبه الرجال بالنساء، وتشبه النساء بالرجال، وذلك لتمييعها للبنى التحتية المجتمعية، حتى يؤول أمر المجتمع البشري إلى التفكك والانفلات والاندثار، وحلول غضب الله تعالى عليه، فمن هنا لزمنا أن نقف على المراد من التشبه الذي لُعنَ أهله على لسان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فهنا توجد عدة احتمالات لتفسير التشبه، وهي:
١ - المراد منه مجرد لبس الرجال ما تلبسه النساء أو لبس النساء ما يلبسه الرجال، فقط.
٢ - المراد منه اللبس والظهور بمظهر نسوي مع التميع والتغنج، أو الظهور بمظهر رجالي مع الشدة وتغليظ الصوت، فقط.
٣ - المراد منه الظهور بمظهر نسوي مع التميع ودعوة الرجال إلى نفسه، وهو التخنث، وبالنسبة إلى المرأة فلسها ملابس الرجال، وتغليظها لصوتها، وممارستها أفعال الرجال دون النساء حتى تصل إلى مرحلة تكون هي بنفسها تطلب النساء كما يطلبهن الرجال.
والثالث هو الصحيح الذي يفهم من الروايات، وإن كان الأوّل والثاني هما من مقدمات الوصول إلى مرحلة التميع والتخنث واكتفاء الرجال بالرجال، وهو ما فهمه بعض العامة من التشبه فقال: (وتشبه الرجال بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء، مثل لبس المقانع، والقلائد، والمخانق، والأسورة، والخلاخل، والقرط، ونحو ذلك مما ليس للرجال لبسه، وتشبه النساء بالرجال مثل لبس النعال الرقاق، والمشي بها في محافل الرجال، ولبس الأردية، والطيالسة، والعمائم، ونحو ذلك مما ليس لهن استعماله.
وكذلك لا يحل للرجال التشبه بهن في الأفعال التي هي مخصوصة بهن كالانخناث في الأجسام، والتأنيث في الكلام والمشي.
وصنفان من الرجال والنساء في هذا الباب يستحقان من الذم والعقوبة أشد مما استحق هؤلاء المذكورون: أما من الرجال فهو الذي يؤتي من دبره، وأما من النساء فهي التي تتعاطى السحق بغيرها من النساء)(٨١).
إذن: معنى تشبه الرجال بالنساء هو: تميعهم، وتخنثهم، ودعوتهم الرجال إلى أنفسهم، كما تفعله النساء عندما تثور شهوتها فتطلب الرجال، فيكتفي الرجال بالرجال، وأيضاً معنى تشبه النساء بالرجال، من حيث التنمر، والتخشّن، واستغلاظ الصوت، وطلب النساء كما يطلبهن الرجل المغليم، حتى تواقع النساء بالسحاق وغيره، فتكتفي النساء بالنساء.
وهذا ما يفهم مما ورد عن الامام الصادق (عليه السلام) بعد أنَّ ذكر الخبر عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأنه لعن المتشبهين والمتشبهات قال (عليه السلام): «وهم المخنثون واللاتي ينكحن بعضهن بعضا»(٨٢).
فهذه الطائفة ليست غريبة عن الطائفة الأولى، فإن لم نقل هي نفسها ولكن اللسان والبيان مختلف، نقول: إنَّ هذه الطائفة تحقق صغرى الطائفة المتقدمة، حيث توفر المخنثين والمترجلات من النساء، وهما النواة الأولى لدخول باب الفساد العظيم بحيث يتكثرون ويتكرر الفعل حتى تصل النوبة إلى اكتفاء الرجال بالرجال والنساء بالنساء.
الأمر الثالث: شمول اللعن للمتشبهين في هذا الزمان:
بقي أمر مهم في المقام وهو: لعل قائل يقول: إنَّ اللعن الصادر من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حادثة في واقعة، فليس من شأنه أن يعم كل الوقائع، بمعنى أنَّ اللعن الصادر منه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في ذلك الزمان غير شامل لزماننا هذا، فيسقط الاستدلال بهذه الطائفة من الروايات؟
فنقول في جواب ذلك:
١ - أنَّ لسان الروايات والأحاديث الواردة في المقام مطلقة، ولا يخرج عن المطلق إلا بنص شرعي يقيد هذا الاطلاق، وهو مفقود، فيبقى الاطلاق على حاله، ويكون اللعن شاملاً لكل واقعة تشبّه فيها الرجال بالنساء، أو تشبهت النساء بالرجال، فهم ملعونون مطرودون من رحمة الله، وسوف يحل بهم عذاب الله جل شأنه.
٢ - عندنا نصوص تؤكد سريان اللعن في كل زمان، كما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّه طرد مخنثاً دخل مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، واستدل بحديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه لعنهم(٨٣).
وقريب منه ورد عن الامام الصادق (عليه السلام) في رواية قال: «فقال الرجل: هذا ما جاء به أهل العراق، فقال: والله لقد كان على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قبل أن يكون العراق، وفيهن قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لعن الله المتشبهات بالرجال من النساء، ولعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء»(٨٤).
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: «فإنَّ الله (تبارك وتعالى) والملائكة وأولياءه يلعنونهما، وأنا ومن بقي في أصلاب الرجال وأرحام النساء»(٨٥).
إذن: أنَّ المتشبهين من الرجال بالنساء أو المتشبهات من النساء بالرجال، ملعونون على لسان النبي الأمي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أينما حلوا، وفي أي زمان كانوا، وبأي شكل ظهروا، وبأي لون تلونوا فهم ملعونون، مطرودون من رحمة الله (عزَّ وجلَّ)، ﴿وان جهنم لمحيطة بالكافرين﴾(٨٦).
الطائفة الثالثة: انتشار الفساد وشيوعه بين الناس:
ومن الروايات الوارد في بيان هذه العلامة هي ما دلت على انتشار الفساد وشيوعه بين الناس في آخر الزمان، وذلك بفساد النساء وفسق الشباب، وقد ورد في هذا المعنى عدّةُ روايات:
١ - عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّه قال في خطبة طويلة يذكر فيها الزوراء: «ثم كثرة الجور والفجور فيه»(٨٧).
هذه الرواية تقرر ظهور الفساد والفجور - الذي يعني ارتكاب المحرمات، ومنها الزنا واللواط - بصورة علنية وبكثرة، غير مكترثين بدين، أو عرف أو أخلاق، أو آداب المجتمع البشري، بمعنى طغيان الغريزة الحيوانية على المجتمع البشري بشدة.
٢ - وعن النزال بن سبرة عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) في حديث طويل قال فيه: «وظهرت شهادة الزور، واستعلن الفجور»(٨٨).
وهذه الرواية تذكر عين ما ذكرته الرواية الأولى من ظهور الفجور، وتحول المجتمع إلى مجتمع حيواني لا يبالي أين يضع شهوته، فيصيرون كالتيوس تتوالى بعضها على البعض أمام أعين الناس، وليس لهم ساتر من الحياء يسترهم.
٣ - عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، وفسق شبابكم، ولم تأمروا بالمعروف، ولم تنهوا عن المنكر، فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟ فقال: نعم، وشر من ذلك، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف، فقيل له: يا رسول الله ويكون ذلك؟ قال: نعم، وشر من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً»(٨٩).
هذه الرواية تذكر تفاصيل ظهور الفساد وشيوعه بين الناس؛ وذلك إنما يكون بفساد النساء، وظهورهن بمظاهر مخزية من التبرج؛ لجذب أنظار الفجّار، لأنَّ ذلك غايتهن من تلك الأفعال، فيفسد الشباب الملتهب بشهوته، فيقع في شباك الفسق والفساد، فعندما يجد اللذة الشيطانية بذلك يعاود ويعاود حتى يشيع الفساد ويظهر للعن، وكل ذلك مع عدم الناهي عن المنكر، بل ينقلب المجتمع رأساً على عقب، فيرى المنكر معروفاً ويأمر به، والمعروف منكراً فينهى عنه.
وأيضا فإن فساد النساء وفسق الشباب ينطبق على الكتفاء النساء بالنساء أو الرجال بالرجال، فليس أمر الفساد متوقف على نحو واحد منه، بل هو شامل لكل أنحاء الفساد والفجور التي منها اكتفاء أحد الجنسين بمثله.
٤ - عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «سمعته يقول: يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة - وهو شر الأزمنة - نسوة كاشفات عاريات، متبرجات من الدين، داخلات في الفتن، مائلات إلى الشهوات، مسرعات إلى اللذات، مستحلات للمحرمات، في جهنم خالدات»(٩٠).
وهذه الرواية تذكر تفصيل حال مفردة من مفردات إعلان الفجور وهي: تعري النساء، وسفورهن بنحو علني بين الناس، طلباً منهن للذة وشهوات الحياة الفانية، لا يمنعهن دون الحرام وحدود الشرع مانع أبداً، أي: أنهن يخرجن بصورة ثورة غريزية حيوانية بحتة، لا ترضى إلا بما هاجت من أجله ومالت إليه، فهي لا تفق عند حد أو نوع خاص من الممارسات الجنسية الشائنة القبيحة، بل يرتكبن كل ما يخطر بالبال وما لا يخطر.
٥ - عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «ألا أخبركم بشر نسائكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله فأخبرنا، قال: من شر نسائكم الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود، التي لا تتورع عن قبيح، المتبرجة إذا غاب عنها زوجها، الحصان معه إذا حضر، التي لا تسمع قوله، ولا تطيع أمره، فإذا خلا بها تمنعت تمنع الصعبة عند ركوبها، ولا تقبل له عذراً، ولا تغفر له ذنباً»(٩١).
والشاهد في هذه الرواية هو قوله: «المتبرجة إذا غاب عنها زوجها»، فإن هذه العبارة تبيًن أنَّ هذه المرأة داخلة تحت دائرة الثورة النسوية، والانقلاب الحيواني الذي تقوده النساء في المجتمع، فلا تكتفي بزوجها ولا تقنع به، بل تتبرج في غيابه طلباً للحرام.
 ٦ - ابن طاووس بأسناده عن جابر بن عبد الله عن أنس عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خبر طويل ذكر فيه رجوعه (عليه السلام) من النهروان، ومروره بالراهب حيث قال للراهب: «ستبنى إلى جنب مسجدك هذا مدينة، وتكثر الجبابرة فيها، ويعظم البلاء، حتى أنَّه ليركب فيها كل ليلة جمعة سبعون ألف فرج حرام»(٩٢).
وهذه الرواية تبين وصول الحال من الفساد والانحلال إلى أقصى غاية له، بحيث يكثر الواطئ والموطوء في الزوراء إلى حد أنَّه في ليلة واحدة يوطأ فيها سبعين ألف فرج، وهو رقم كبير ينبئ عن حالة لا توصف من الفجور.
وممكن أن يراد من (سبعين ألف فرج) ليس فروج النساء فحسب، بل أدبار المخنثين كذلك، وتعبيره بالفرج للتغليب وكثرة رواج الزنا، بل ورد التعبير في بعض الروايات: «في أدبارهم أرحاماً منكوسة»(٩٣) فيصدق الحديث على المخنثين أيضاً.
وهذه الطائفة ليست مخالفة للطائفتين المتقدمتين؛ حيث أنها أخذت حالة المجتمع من زاوية مفهومية أخرى، وإلا فإن شيوع الفساد وانتشاره بين النساء والرجال - أو بين النساء أنفسهن والرجال كذلك - هو بعينه اكتفاء الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وعلى أقل التقادير تكون الطائفتين المتقدمتين من صغريات هذه الطائفة وهو ظهور الفساد بشكل علني وسافر، أعاذنا الله منه.
وهذا يعني أنَّ الروايات متعاضدة متظاهرة، بعضها يكمّل الآخر، فيقوى جانب اليقين والقطع بالصدور من دون أي حاجة إلى علاجها سندياً ورجالياً، بل هي بمجموعها تكوّن لنا تواتراً معنوياً على علامية الجندر في آخر الزمان، وهذا كافٍ في القطع بذلك.
الطائفة الرابعة: عموم روايات (ملئت ظلماً وجوراً):
قد دلت روايات كثيرة على أنَّ ظهور الإمام (عجَّل الله فرجه) لا يتحقق إلا بعد أن تمتلئ الأرض ظلماً وجوراً، وجاء في بعض الروايات أنَّ العامل بعمل قوم لوط ظالم(٩٤)، فيكون اكتفاء أحد الجنسين بمثله من الظلم الذي تمتلئ به الأرض، فتكون الطوائف المتقدمة من الروايات من صغريات هذه الطائفة، وإليك نزر منها:
١ - عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المهدي من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً، تكون له غيبة وحيرة، حتى تضل الخلق عن أديانهم، فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب، فيملأها قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً»(٩٥).
٢ - عن عبد الرحمن بن سمرة، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حديث طويل قال فيه: «تاسعهم قائم أمتي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً»(٩٦).
٣ - عن جابر عن أبى جعفر (عليه السلام) قال: وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «وهو رجل مني، اسمه كاسمي، يحفظني الله فيه، ويعمل بسنتي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ونوراً، بعد ما تمتلئ ظلماً وجوراً وسوءاً»(٩٧).
٤ - عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث طويل ذكر فيه مجيء العبد الصالح الخضر (عليه السلام) عنده، ونطقه بالشهادة بإمامة الأئمة (عليهم السلام)، حتى وصل إلى الإمام الحجة (عجَّل الله فرجه) فقال: «وأشهد على الحسن أنَّه القائم بأمر علي، وأشهد على رجل من ولد الحسين لا يسمى، ولا يكنى حتى يظهر الله أمره، ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما مُلئت ظلماً وجوراً»(٩٨).
٥ - عن جابر عن أبي جعفر، عن علي بن الحسين (عليهم السلام): «من عمل يوم الجمعة الدعاء بعد الظهر: اللهم اشتر مني نفسي الموقوفة عليك، المحبوسة لأمرك بالجنة، مع معصوم من عترة نبيك (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، مخزون لظلامته، منسوب بولادته، تملأ به الأرض عدلاً وقسطاً كما مُلئت ظلماً وجوراً»(٩٩).
٦ - عن أبي حمزة قال: «دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له: أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال: لا، فقلت: فولدك؟ فقال: لا، فقلت: فولد ولدك هو؟ قال: لا، فقلت: فولد ولد ولدك؟ فقال: لا، قلت: من هو؟ قال: الذي يملأها عدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، على فترة من الأئمة، كما أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بُعث على فترة من الرسل»(١٠٠).
٧ - عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن الإمام علي الهادي (عليه السلام) في حديث طويل قال فيه: «ومن بعدي الحسن ابني، فكيف للناس بالخلف من بعده؟ قال فقلت: وكيف ذاك، يا مولاي؟ قال: لأنَّه لا يرى شخصه، ولا يحل ذكره باسمه، حتى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً»(١٠١).
وهذه الروايات وغيرها الكثير مما يثبت هذه العلامة في آخر الزمان وهي: امتلاء الأرض ظلماً، متواترة لفظاً على ذلك، أو على أقل التقادير هي مستفيضة، فيدخل تحت عمومها العديد من علامات الظهور، من قتلٍ، وقتالٍ، وتشريد، وموت أحمر، وبطش الظالمين والطغاة، وتكالب الناس على الدنيا، وفعلهم المنكرات أيضاً من الظلم، بل ورد في النص الشريف كما أشرنا إليه سابقاً بأن اكتفاء الرجال بالرجال وظهور الجندر هو من أوضح مصاديق الظلم، كما ورد عن أبي جعفر (عليه السلام) عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن الله تعالى أنَّه قال للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «﴿وما هي من الظالمين ببعيد﴾(١٠٢) من ظالمي أمتك إن عملوا ما عمل قوم لوط»(١٠٣).
ويؤيد هذه الرواية ما قاله تعالى عن لسان الملائكة في وصف قوم لوط: ﴿قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين﴾(١٠٤)، فإن الإجرام ملازم للظلم لا ينفك عنه، وممكن ان تكون هذه الآية هي وجهاً آخر لدخول قوم لوط تحت دائرة امتلاء الأرض ظلماً وجوراً.
وهذا يعني: أنَّ المراد من امتلاء الأرض بالظلم هو أعم من ظلم الإنسان لنفسه، أو ظلمه لغيره، فهي شاملة للجميع، فيدخل فيها التشبه بكل صورة بالنساء، وانتشار الفساد، وعدم النهي عن المنكر أو أنكاره، وغير ذلك.
طائفة الخامسة: عموم روايات فتن آخر الزمان:
وردت بهذا المعنى مجموعة كبيرة من الروايات تحذّر من فتن آخر الزمان، التي تعم الناس وتظلهم، فلا يجدون مهرباً منها، فهي بعمومها شاملة لظهور فتنة الجندر في هذا الزمان، ومن تلك الروايات ما ورد عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه قال: «أربع فتن تكون بعدي: الأولى: تسفك فيها الدماء، والثانية: تستحل فيها الدماء والأموال، والثالثة: تستحل فيها الدماء والأموال والفروج، والرابعة: صماء عمياء مطبقة، تمور مور الموج في البحر، حتى لا يجد أحد من الناس منها ملجأ...»(١٠٥).
فالإشارة في هذه الرواية واضحة إلى أنَّ هناك فتناً مقبلةً علينا تستباح فيها الأموال والدماء والفروج، وهذه العبارة مطلقة، حيث لم تفصل الرواية المراد من استحلال الفروج، فهي تشمل الاستباحة الغصبية الاجبارية التي يقوم بها الظلمة وأعوانهم الخونة، وتشمل الاستباحة الطوعية التي تكلمنا عنها في الطوائف الأربع المتقدمة، التي خلاصتها تميع الشباب وتشبههم بالنساء وطلبهم للرجال حتى يكتفي الرجال بالرجال، وكذلك ترجل النساء وتشبههن بالرجال وطلبهن النساء كما يطلبهن المغاليم من الرجال، ومن ذلك أيضاً ظهور الزنا.
الخلاصة:
إنَّ مفهوم الجندر الذي تتكلم عنه الأمم المتحدة وتتبناه وتدافع عنه، هو عبارة عن إشاعة للفساد بصورة قانونية ملزمة، فبدل أن يقف القانون بوجه الفساد، صار القانون يحمي الفساد وبصورة علنية عالمية.
وفتحوا باب الجندر من خلال تذرّعهم بقضية المساواة بين الجنسين، الذي سينتهي إلى اطلاق العنان للنساء في كل شيء، وهو ما أخبر به أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: «فتكون الامرأة مستولية على زوجها في جميع الأشياء»(١٠٦)، لدعم القانون لها بقوة، وهذه هي البوابة الكبرى لظهور الجندر ورواجه في آخر الزمان، وهو ما أشارت إليه الروايات المتقدمة الذكر بكل طوائفها.
ومن هنا يتضح لنا كيف يرى الناسُ المنكرَ معروفاً والمعروف منكراً، حيث إنَّ الفساد بعد أن يسن بقانون، وتعمل الناس وفق مراد الدولة والقانون، فيصير عملهم بالفساد قانوني وصحيح، ولا يعاب عليه، بل الذي يعاب هو من خالف القانون وعارضه، وهو عين ما تذكره الروايات من إنكارهم للمعروف ونهيهم عنه، واستساغتهم للمنكر وأمرهم به.

المبحث الثالث: موقف الشريعة من الجندر

الشرائع السماوية إنما جعلها الله تعالى لهداية للناس والأخذ بأيديهم؛ لإخراجهم من الظلمات إلى النور، ومن الضلالة إلى الهداية، فالعاقل من اغتنم حياته، وعبّد بها طريق آخرته ودار منقلبه، وذلك لقوله تعالى: ﴿وتزودوا فإنَّ خير الزاد التقوى﴾(١٠٧)، وهذا هو الصراط المستقيم، وأما الجندر فهو - بحسب ما تقدم وما سياتي من البيان - من صراط الجحيم الذي لا يسلكه إلا من غرته الحياة الدنيا التي هي متاع الغرور.
وفي هذا المبحث نود أن نقف على دراسة لرأي الشارع المقدس في الجندر، فما هو موقف الشارع من هذه الفكرة الخطيرة، التي يراد من خلالها هدم كل قيم الصلاح، وإشاعة الرذيلة بين الناس؟ فهل موقفه إيجابي ومؤيد لها، أم موقفه سلبي ورافض لها؟
فكل هذه الأسئلة وغيرها سوف تتم الإجابة عنها من خلال عرضها في المطالب التالية:
المطلب الأوّل: موقف الكتاب العزيز من الجندر:
قبل أن نشرع في بيان النصوص الشرعية في المقام التي تعرب عن موقف الشارع من الجندر، علينا أن نلتفت إلى أنّه قد تقدم في المبحث الأوّل عنوان شبيه بعنوان هذا المطلب، فليس هذا تكراراً لما مضى، حيث إننا في المبحث الأوّل بيّنا أنَّ كلمات الخالق خالية من مفهوم الجندر وهو النوع الاجتماعي، وأثبتنا هناك - من خلال النصوص القرآنية - أنَّ الشارع خلق الناس على صنفين (ذكرٍ وأنثى) فلا شيء سواهما، وأما في هذا المقام فنحن نريد أن نبيّنَ هل أنَّ الشارع يقبل هذه الفكرة الجندرية - بغض النظر عن البحث السابق المتعلق في نفس الخلقة - أم يرفضها؟ والفرق بين البحثين واضح.
والكلام في هذا المقام يحتم علينا أن نفتش في كلمات الشارع المتمثلة بالكتاب العزيز وآياته؛ لنقف على رأيه في هذه المسألة بنحوٍ جلي، ونذكر ذلك في النقاط التالية:
النقطة الأولى: وصف قوم لوط وعملهم:
الله تعالى كرر ذكر لوط (عليه السلام) في عدّة موارد من الكتاب العزيز، وبيّنَ أوصاف قومه، ووصف فعلهم بعدة أوصاف:
أما وصف قوم لوط:
١ - فقد وصفهم الله بأنّهم سفهاء لا يفقهون ما يفعلون، فهم بعيدون عن الرشد والتعقل، كما قال تعالى عن لسان لوط (عليه السلام): ﴿أليس منكم رجل رشيد﴾(١٠٨).
٢ - ووصفهم بأنّهم جاهلون، لأنه من الطبيعي أنَّ لازم عدم الرشد والتعقل والفهم هو الجهل والانحطاط، قال تعالى عن لسان لوط (عليه السلام): ﴿بل أنتم قوم تجهلون﴾(١٠٩).
٣ - ووصفهم أيضاً بأنّهم مجرمون، حيث أفشوا الفساد، وقطعوا الطريق على المارة، فمن يمر بقريتهم يقطعون عليه الطريق فيأخذونه ويوقعون به الرذيلة، كما ورد في بعض الروايات(١١٠)، وإي إجرام أشد من الاعتداء على الناس الابرياء بجرائم يندى لها الجبين، قال تعالى: ﴿قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين﴾(١١١).
٤ - ووصفهم أيضاً بأنّهم قوم معادون ومعتدون وبعيدون عن الحق(١١٢)، قال تعالى: ﴿بل أنتم قوم عادون﴾(١١٣).
٥ - ووصفهم الله تعالى ناقلاً عنهم كلامهم بأنّهم بعيدون عن الطهارة والنزاهة، أي أنّهم بفعلهم القبيح الذي داوموا عليه يعترفون بقذارة ذواتهم وأنفسهم، فلذا نجدهم يصفون لوطاً (عليه السلام) ومن آمن معه بأنّهم طاهرون متطهرون، يتنزهون عن فعل القبائح، فلذا أمروا بإخراجهم من القرية التي كانوا فيها، قال الله تعالى: ﴿فما كان جواب قومه إلا أنَّ قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم أنّهم أناس يتطهرون﴾(١١٤)، وقد ورد عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأنَّه قال في حق من عمل عمل قوم لوط: «اخرجوهم من بيوتكم فإنهم أقذر شيء»(١١٥) فوصفهم بأنّهم (قذرون).
ووردت الإشارة إلى هذا المعنى في كلام لوط (عليه السلام) عندما عرض على قومه أن يتزوجوا بناته الطاهرات، فإنَّ الزواج طاهر مطهر، في قبال اللواط القذر المستقذر، فقال: ﴿قال يا قوم هؤلاء بناتي هُنّ أطهر لكم﴾(١١٦)، وقال: ﴿هؤلاء بناتي أنَّ كنتم فاعلين﴾(١١٧).
٦ - ووصفهم الله تعالى بالكفر والخيانة لله ورسوله، قال تعالى: ﴿ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما﴾(١١٨)، وخيانة زوجة لوط أنها كانت تشي بلوط عند قومه، فكانت منهم، ومصيرها مصيرهم، قال تعالى: ﴿ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك أنّه مصيبها ما أصابهم﴾(١١٩).
٧ - ووصفهم بأنّهم ﴿أصحاب الرس﴾(١٢٠)، كما فسره الأئمة (عليهم السلام)، فقد روى ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «دخلت امرأة مع مولاة لها على أبي عبد الله (عليه السلام) فقالت: ما تقول في اللواتي مع اللواتي؟ قال: هن في النار، إذا كان يوم القيامة يؤتى بهن فألبسن جلباباً من نار، وخفين من نار، وقناعاً من نار، وأدخل في أجوافهن وفروجهن أعمدة من النار، وقذف بهن في النار، فقالت: أليس هذا في كتاب الله؟ قال: بلى، قالت: أين هو؟ قال قوله: ﴿وعاداً وثمود وأصحاب الرس﴾، فهن الرسيات»(١٢١).
إلى هنا اتضح لنا أنَّ الله تعالى وصف قوم لوط (عليه السلام) بعدة أوصاف سيئة قبيحة، (كالجهل، والسفاهة، وكونهم مجرمين، ومعتدين، وقذرين، وخائنين، وكافرين)، وعندما ننظر في الكتاب العزيز نجد الجميع منصوصاً عليه بأنَّه مبغوض لله ومكروه عنده، بمعنى أنّه لا يريد صدوره من عباده ومن صدر منه فهو معاقب عليه، فقال تعالى: ﴿إن الله لا يحب المعتدين﴾(١٢٢)، وقال: ﴿وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد﴾(١٢٣)، وقال: ﴿والله لا يحب المفسدين﴾(١٢٤)، وقال: ﴿والله لا يحب كل كفار أثيم﴾(١٢٥)، وقال: ﴿فإن الله لا يحب الكافرين﴾(١٢٦)، وقال: ﴿والله لا يحب الظالمين﴾(١٢٧)، وقال: ﴿إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما﴾(١٢٨)، وقال: ﴿إن الله لا يحب الخائنين﴾(١٢٩).
وعندما ننظر إلى ما وصف قوم لوط نبيهم والذين آمنوا معه بأنّهم ﴿أناس يتطهرون﴾(١٣٠)، ثم نرجع إلى القرآن الكريم نجد أنَّ الله تعالى يصرح بأنَّه يحب الطهارة والمتطهرين، حيث قال: ﴿إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين﴾(١٣١)، وقال: ﴿فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين﴾(١٣٢).
ثم أن نتيجة بغض الله للجندرية وكرهه لهم هي: أنَّ غضبه تعالى سوف يحل بهم، وينزل عليهم العذاب، كما ورد في عدة آيات من القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين﴾(١٣٣)، وقال: ﴿ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم * ذلك بأنّهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين﴾(١٣٤)، وقال: ﴿أنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ * فَلَمَّا جَاءَ أمرنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾(١٣٥).
وهذا ما صرحت به الروايات الشريفة بأنَّ الله إذا أبغض قوماً وغضب عليهم أنزل عذابه فيهم، ومن ذلك ما ورد عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل قال فيه: «... وما اجتمع ثلاثة من الجاحدين إلا حضرهم عشرة أضعافهم من الشياطين، فإنَّ تكلموا تكلم الشيطان بنحو كلامهم، وإذا ضحكوا ضحكوا معهم، وإذا نالوا من أولياء الله نالوا معهم، فمن ابتلي من المؤمنين بهم فإذا خاضوا في ذلك فليقم، ولا يكن شرك شيطان ولا جليسه، فإنَّ غضب الله (عزَّ وجلَّ) لا يقوم له شيء، ولعنته لا يردها شيء»(١٣٦).
وورد عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث طويل يذكر فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا ترك النهي عن المنكر عمهم العذاب، قال (عليه السلام): «هنالك يتم غضب الله (عزَّ وجلَّ) عليهم فيعمهم بعقابه»(١٣٧).
وأما وصف فعلهم القبيح فهو:
١ - أنَّ فعلهم من السيئات والمعاصي المخزية التي أوجب الله عليها العقاب، قال تعالى: ﴿وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات﴾(١٣٨).
٢ - وأن فعلهم كان فاحشة، والفاحشة في اللغة: الزنا، وما يشتد قبحه من الذنوب، وكل ما نهى الله (عزَّ وجلَّ) عنه(١٣٩)، فقال تعالى: ﴿ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين﴾(١٤٠)، وقال: ﴿ولا تقربوا الزنى أنّه كان فاحشة وساء سبيلا﴾(١٤١).
٣ - أنَّ فعلهم من المنكرات التي ورد النهي عنها، قال: ﴿وتأتون في ناديكم المنكر﴾(١٤٢).
فإن فعل قوم لوط سيئة منكرة فاحشة - ولا يخفى أنَّ كل فاحشة هي سيئة ومنكر، والعكس ليس صحيحاً، فإنَّ هناك من السيئات ليست فواحش، كما هو الحال في الكذب أو الغيبة، أو السرقة وغيرها، نعم كل سيئة هي منكر، وكل منكر هو سيئة - وقد نهى الله تعالى عن الفحشاء وحرّمها فقال: ﴿قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والأثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون﴾(١٤٣).
النقطة الثانية: الفاحشة من الشيطان بل هي طاعة له:

في هذه النقطة نحاول بيان ثلاثة أمور مهمة متعلقة بالشيطان والجندر وهي:
الأمر الأوّل: الشيطان هو العدو الأزلي للإنسان:
فمن قبل أن ينزل مع آدم (عليه السلام) إلى الأرض أبدى عداوته وحسده لآدم وزوجته (عليهما السلام)، فأوّل انطلاقة للعداء ابتدأت من الأمر بالسجود لآم (عليه السلام)، ثم بطرده من الجنة وإبعاده إلى الأرض، قال الله تعالى: ﴿فقلنا يا آدم هذا عدو لك ولزجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى﴾(١٤٤)، وقال: ﴿ولا تتبعوا خطوات الشيطان أنّه لكم عدو مبين﴾(١٤٥).
ومما لا يشك فيه عاقل لبيب أنَّ كل عدو لا يريد الخير والصلاح لعدوه، بل يحاول بكل الوسائل - وبمختلف الحيل - أن يوصل عدوه إلى الهلاك والدمار وسوء العاقبة، لأنَّه عدوه وهو في حرب دائم معه، وإلا لو كان يريد الخير له ما كان عدواً، بل يصبح صديقاً حميماً، والحال أنّه منذ الأزل قد أخبر عنه الحق جل ثناؤه بأنَّه عدو للإنسان، قال تعالى: ﴿إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير﴾(١٤٦)، بل أكثر من ذلك فإنَّ الشيطان قد صرح بأنَّه سوف يضل البشر ويوصلهم إلى الجحيم؛ كي لا يسعدوا بالنعيم الأبدي، كما ورد في الآية الشريفة حكاية لقوله: ﴿قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين * قال اخرج منها مذءوما مدحوراً لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين﴾(١٤٧).
وهذه الآية الاخيرة تبيّن: أنَّ الله تعالى يخبر إبليس بمصيره ومصير أتباعه، وهو العذاب الأليم في طبقات الجحيم.
الأمر الثاني: أنّ الشيطان يأمر أتباعه بالسوء والفحشاء:
إننا بعد أن عرفنا أنَّ الشيطان عدو للإنسان، وتوعد بإضلال البشر كي يحرفهم عن الصراط المستقيم، فلذا اقتضى شأنه أن يأمر البشر بالسوء والفحشاء، بل وكل ما يخالف ﴿صراط الحميد﴾(١٤٨)، قال تعالى: ﴿إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون﴾(١٤٩)، وقال: ﴿الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء﴾(١٥٠)، وقال: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنَّه يأمر بالفحشاء والمنكر﴾(١٥١)، وقد تقدم أنَّ الجندر فحشاء لا ريب فيها، فهو إذن: مما أمر به الشيطان ودعا له أولياءه.
وهذه الجريمة العظمى التي يرتكبها إبليس بحق البشرية تكون بمعونة شياطين الجن والأنس له، فهو لم يقم بهذه المهمة لوحده، وأن دعوتهم إلى الضلال عن طريق الإيحاء بالوسوسة وحرف الأفكار عن جادة الصواب، وبنقل الأقوال والآراء الباطلة التي يراد منها اطفاء نور الله، كما ورد في قوله تعالى: ﴿وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون * ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون﴾(١٥٢).
ثم بعد أن يوصلهم الشيطان إلى دركات الهاوية وينتصر عليهم، يعاتبونه: لماذا تبرأت منا حتى أوصلتنا إلى سوء الحال والمنقلب؟ فيعتذر إليهم وبكل برود: إني لم يكن لي عليكم سلطان فأنا لم أسوقكم بالعصى حتى أوصلتكم إلى هذه الدركات، وإنما أنتم وصلتم إليها بأنفسكم، كما ورد في الآية الشريفة: ﴿وقال الشيطان لما قضي الأمر أنَّ الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إنَّ الظالمين لهم عذاب أليم﴾(١٥٣).
الأمر الثالث: أن اتباع أمر الشيطان عبادة له:
إنَّ من يتبع أمر الشيطان فقد عبده من حيث يشعر أو لا يشعر، كما دلت عليه الآيات الشريفة: قال تعالى: ﴿وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون﴾(١٥٤)، ثم بيّن الله كيفية اشراكهم بالله مع أنّهم مؤمنين، وذلك من خلال اتّباع غواية إبليس ولو في بعض الموارد، كما ورد في حكاية قول الشيطان: ﴿وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل﴾(١٥٥).
فلذا نهى الله تعالى عباده عن طاعة الشيطان وعبادته، وأمرهم بالرجوع إلى الحق وطاعة الله تعالى وملازمة أهل الحق والسير على الصراط المستقيم، قال تعالى: ﴿ألم أعهد إليكم يا بني آدم أنَّ لا تعبدوا الشيطان أنّه لكم عدو مبين * وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم * ولقد أضل منكم جبلاً كثيراً أفلم تكونوا تعقلون﴾(١٥٦).
اتضح لنا مما تقدم: أنَّ الجندر هو صنيعة إبليس، فهو الذي شرع به، ودعا الرجال إلى نفسه، كما تقدمت الإشارة إليه في تاريخ الجندر، ثم روّج له بين الناس في الزمان السابق، وأما في هذا الزمان فصارت رؤوس الشر كثيرة، والشياطين متسلطة على مقدرات البشر، فصار إبليس يقنن لنفسه وأعوانه القوانين؛ كي يكون الجندر ملزماً للناس في كل الميادين، وبرواجه تروج عبادة الشيطان، وتهجر عبادة الرحمن.
النقطة الثالثة: أن الله ينهى عن الفحشاء:
الله تعالى الخالق لهذه الخليقة، والذي أنعم على خلقه نعماً لا تعد ولا تحصى، كما قال جل شأنه: ﴿وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها﴾(١٥٧)، ومما أنعم الله تعالى به على عبادة أن أرسل إليهم الرسل ليبينوا لهم الحق والصواب، ويزجرونهم عن اتباع الباطل، فمن المحال أن يأمرهم الله تعالى أو يرخص لهم بالباطل، أو يُرخصهم بفعل الفحشاء والمنكر، لأنَّ ذلك خلاف الحكمة من إرسال الرسل للهداية واخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومع هذا كله صرح (جل وعلا) في كتابه الكريم بأنَّه لا يأمر ولا يرخّص بذلك، بل لا يرضاه لعباده، فقال تعالى: ﴿وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إنَّ الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون * قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد﴾(١٥٨)، وقال: ﴿إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون﴾(١٥٩).
فاتضح أنَّ الصراط المستقيم الذي يدعو إليه الله تعالى وهو طريق النجاة والرحمة والمغفرة، معاكس ومخالف تماماً لصراط الجحيم، الذي يدعو إليه إبليس أعوانه واتباعه الذين لبّوا دعوته، فكل أمر حسن شريف يؤدي إلى الصراط المستقيم فهو من الله، وكل أمر قبيح سيء يؤدي بالإنسان إلى الهلاك والى عذاب الحريق فهو من الشيطان، قال تعالى: ﴿الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم﴾(١٦٠)، وقال: ﴿وقال الشيطان لما قضي الأمر إنَّ الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم﴾(١٦١).
فلذا نجد الله تبارك وتعالى من ضمن ما نهى عنه البشر هو: أنّه تبارك وتعالى نهاهم عن اتباع الشيطان وخطواته، فقال: ﴿ولا تتبعوا خطوات الشيطان أنّه لكم عدو مبين﴾(١٦٢)، وقال: ﴿يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة﴾(١٦٣).
النقطة الرابعة: أنَّ الله تعالى أمر بالزواج ونهى عما عداه:
عندما نرجع إلى الكتاب العزيز نجد الله تعالى يأمر بالزواج وينهى عما عداه، فقد ورد ذلك في عدة من الآيات الشريفة، قال تعالى: ﴿فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع﴾(١٦٤)، قال: ﴿وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم﴾(١٦٥)، وبعد أن ذكر النساء اللاتي يحرم نكاحهن على الرجال قال (جل شأنه): ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة﴾(١٦٦)، وقال في الزواج المنقطع: ﴿والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان﴾(١٦٧)، وقال: ﴿والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون﴾(١٦٨).
ففي هذه الآيات المباركة نجد الله تعالى يأمر بالزواج الشرعي وينهى عما عداه، ووصف ما عدا الزواج الشرعي بأنَّه ﴿وراء ذلك﴾، وأنه سفاح، بل ونهى عن السفاح والزنا، وعن اللواط كما بينه في آيات قوم لوط، وعن السحاق كما وصفهم بأنّهم ﴿أصحاب الرس﴾(١٦٩)، فلم يُبقِ طريقاً للجندر إلا ووضع بصمته عليه، وبينه ونهى عنه.
وهذه النقطة هي عبارة عن بيان مصداق من مصاديق النهي عن الفحشاء الذي تقدم بيانه في النقطة السابقة.
خلاصة الموقف الالهي من الجندر:
إلى هنا تبيّن لنا الموقف الالهي من الجندر، من خلال استعراض النصوص الشرعية، وكانت خلاصتها ما يلي:
أولاً: أنَّ الله تعالى أرسل الرسل مبشرين ومنذرين ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، فهو لا يأمر إلا بالعدل والاحسان، وينهى عن الفحشاء والمنكر.
وثانياً: أنَّ الجندر هو فحشاء آخر الزمان بضميمة ما تقدم من الروايات إلى هذه الآيات آنفة الذكر.
وثالثاً: أنَّ الشيطان هو رائد وقائد الجندر قديماً وحديثاً.
ورابعاً: أن تصديق الشيطان واتباع وساوسه هو عبادة له كما نصت عليه الآيات، وعبادة الشيطان من دون الله تعالى شرك بلا ريب.
وخامساً: أنَّ من اعتقد بالجندر وروّج له أو عمل به، فهو عابد ومروج لعبادة إبليس من دون الله، والتي ستؤدي بهم إلى صراط جهنم فتنكفئ بهم في نارها وعذبها ﴿خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون﴾(١٧٠)، وذلك لأنَّ الشيطان عدوهم فيقودهم إلى الهلاك الأبدي.
وسادساً: ومن كل هذا اتضح موقف الله وشرعه ورسله من الجندر وأعلامه، وهو موقف رافض لفكرة الجندر من الأساس، بل موقف المحارب وبشدة وإصرار، حيث ندد بها وأوضح مساوئها، وبين عاقبتها، ونبز أهلها بأوصاف قبيحة، ثم تبرّأ منهم بأنّهم مرتكبوا الفحشاء والله لا يأمر بالفحشاء.
المطلب الثاني: موقف النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل بيته (عليهم السلام) من الجندر:
عندما نتكلم عن موقف النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل بيته (عليهم السلام) من الجندر بنحو عام كما يتبادر من العنوان، فقد لا يبالغ من يقول بأنَّ هذه القضية واسعة الأطراف، متعددة الأبواب، كثيرة الفروع، وفيرة النصوص، فإحصاء كل هذه الأمور وغيرها في بحث مختصر، وفي أسطر معدودة شبه المستحيل؛ لسعة البحث وفروعه، فهو كإدخال العَالَم الكبير الوسيع في بيضة صغيرة.
ولكننا مع هذا نود أن نتعرض لثلاثة مواقف لهم (عليهم السلام) وبنحو الاختصار:
موقف رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الجندرية:
عندما نريد أن نتكلم عن موقف رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إزاء الجندرية، نجد أوّل موقف هو ما تقدم من الآيات الشريفة التي فصلت في أوصافهم، وبيّنت أنّهم عبَدَة للشيطان والله ورسوله براء منهم، لأنَّ الله لا يأمر بالفحشاء والمنكر، بل الله تعالى ينهى عن الفحشاء.
ثم عندما نرجع إلى ما ورد عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نجد أنَّ موقفه يجسد النهي عن هذه الفاحشة بألسنةٍ مختلفة، فتارة نجده يلعن المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال(١٧١)، كما تقدمت الإشارة إليه مفصلاً.
وأخرى نجده (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يأمر بإخراجهم من بين الناس وفصلهم عن المجتمع، حيث قال: «اخرجوهم من بيوتكم فإنهم أقذر شيء»(١٧٢)، وورد أيضاً عن ابن عباس عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: «اخرجوهم من بيوتكم فاخرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلاناً»(١٧٣).
وثالثة نجده يعرض بوجهه - وهو صاحب الخلق العظيم - عن المخنثين، ثم توعدهم والأمة التي هم فيها بعذاب النار، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «كنت جالساً مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المسجد حتى أتاه رجل به تأنيث، فسلم عليه فرد عليه، ثم أكب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الأرض يسترجع، ثم قال: مثل هؤلاء في أمتي، أنّه لا يكون مثل هؤلاء في أمة إلا عُذِبَت قبل الساعة»(١٧٤).
موقف أمير المؤمنين (عليه السلام) من الجندرية:
والكلام عن موقف سيد المتقين (عليه السلام) هو عين الكلام عن موقف رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وذلك أنّه (عليه السلام) نفس الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بنص الكتاب العزيز(١٧٥)، بل هو (عليه السلام) صرح باتباعه للرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال: «ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالاقتداء به»(١٧٦)، فموقفه هو موقف القرآن وموقف النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فلذا نجد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) عندما رأى مخنثاً في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) طرده، وأبلغه قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فيهم ولعنه لهم، روى زيد بن علي، عن آبائه، عن علي (عليه السلام): «أنه رأى رجلاً به تأنيث في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقال له: اخرج من مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، يا من لعنه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ثم قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال»(١٧٧).
موقف الإمام الهادي (عليه السلام) من الجندرية:
إنَّ مما ابتلي به الأئمة (عليهم السلام) في زمانهم الجندرية والمثلية، الذين تسلطوا على رقاب المسلمين، ومثال ذلك قاضي القضاة في الدولة العباسية يحيى بن أكثم، فإنَّه من أعلام المثلية بامتياز، وهذا ما سجّله التاريخ عنه، حتى اشتهر وما عاد أمر يمكن ستره أو اخفاؤه، حيث نُقِلَ عن الاصفهاني في كتابه الأغاني أنّه قال: (لما تواتر النقل عند المأمون عن يحيى بن أكثم - بن محمد بن قطن بن سمعان التميمي الأسدي المروزي القاضي - بأنَّه يلوط، أراد امتحانه، استدعاه وأوصى مملوكاً له بأن يقف عندهما وحده، وإذا خرج المأمون يقف المملوك عند يحيى ولا ينصرف، وكان المملوك في غاية الحسن، فلما اجتمعا في المجلس وتحادثا ساعة قام المأمون كأنه يقضي حاجة، فوقف وتجسس المأمون عليهما، وكان أمره أن يعبث بيحيى، فلما عبث به المملوك سمعه المأمون وهو يقول: ﴿لولا أنتم لكنا مؤمنين﴾(١٧٨)، فدخل المأمون وهو ينشد:
وكنا نرجي أن نرى العدل ظاهراً * * * فأعقبنا بعد الرجاء قنوط
متى تصلح الدنيا ويصلح أهلها * * * وقاضي قضاة المسلمين يلوط(١٧٩)
وابن أكثم هذا يوجه سؤاله إلى الإمام الهادي (عليه السلام) بقوله(١٨٠): «... وعن قوله: ﴿أو يزوجهم ذكرانا وإناثا﴾(١٨١) يزوج الله عباده الذكران وقد عاقب قوماً فعلوا ذلك؟»(١٨٢)، ملتمساً الدليل والعذر الشرعي لفعله القبيح، فادعى على الله كذباً: بأنَّ الله تعالى هو الذي زوج الذكور بالذكور وزوج الإناث بالإناث فكيف يعاقبهم على ذلك؟
فأجابه الإمام الهادي (عليه السلام) قائلاً: «وأما قوله: ﴿أو يزوجهم ذكرانا وإناثا﴾(١٨٣)، أي يولد له ذكور ويولد له إناث، يقال لكل اثنين مقرنين: زوجان، كل واحد منهما زوج، ومعاذ الله أن يكون عنى الجليل ما لبّستَ به على نفسك؛ تطلب الرخص لارتكاب المآثم، ﴿ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا﴾(١٨٤)، إن لم يتب»(١٨٥).
وبيان جواب الإمام الهادي (عليه السلام) نذكره ضمن النقاط التالية:
النقطة الأولى: أنَّ ابن أكثم قصر نظره على الجزء الأوّل من الآية وهو: ﴿ويزوجكم ذكرانا﴾ وأهمل الجزء الآخر وهو: ﴿واناثا﴾، كي تتم مغالطته، مع أنَّ هناك قرائن سبقت هذه الآية تدل على أنَّ الزواج يكون بين الرجال والنساء، وهو ما كان منه الولد والأبناء، كقوله تعالى: ﴿يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور * أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنّه عليم قدير﴾(١٨٦)، فإنَّ هذه الآية الشريفة قرينة واضحة على أنَّ المراد من الزواج هو ما كان بين الذكور والإناث فقط، وهو ما يكون منه الولد، دون غيره الذي يهلك الحرث والنسل، ويمحو النوع الإنساني الفطري، وليس في الآية دلالة على كلام ابن أكثم، وإنما هو فهم ملتوي للآية.
النقطة الثانية: أنَّ واحدة من وجوه اعجاز القرآن الكريم هو كونه وحدة متكاملة يعضد بعضه بعضاً، ولا تناقض ولا تضارب بين آياته، لأنَّه صادر من لدن حكيم خبير، فإنَّ هذه الآية ﴿ويزوجكم ذكراناً﴾ لو سلمنا دلالتها على مقالة ابن أكثم، فإنها معَارَضَة بالآيات الناهية عن هذه الفاحشة القبيحة، لأنها من الآيات المحكمة، فلذا أجابه الإمام (عليه السلام) باستحالة إرادة ما فهمه ابن أكثم من الآية؛ لأنَّه فاحشة قبيحة وفيها هلاك النسل، وكلاهما قبيح فلا يصدران من الله تعالى؛ لأنَّه قال: ﴿إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون﴾(١٨٧)، وهذه الآية محكمة نرجع إليها ما تشابه من القرآن.
فعلى فرض كون قوله تعالى: ﴿ويزوجكم ذكراناً﴾ من المتشابه، نعرضها على هذه الآية المحكمة: ﴿إن الله لا يأمر بالفحشاء﴾، فنعرف أنَّ المراد منها هو ما اتصل بها من تتمة الآية وما سبقها، وهو الزواج الطبيعي الفطري المراد لله تعالى من هذه الخلقة، لذا قال له (عليه السلام): «ومعاذ الله أن يكون عنى الجليل ما لبّست به على نفسك»(١٨٨).
النقطة الثالثة: أنَّ الإمام الهادي (عليه السلام) أخبر ابن أكثم عما يضمره في قلبه، بما مضمونه: إنك كنت وما زلت مقيماً على هذا الفعل الشنيع، وتحاول أن تبرره بكلام الله، مع أنَّ الله أجل وأرفع من أن يبيح فعل القبيح، كما نص عليه في كتابه، وهو قوله (عليه السلام): «تطلب الرخص لارتكاب المآثم»(١٨٩).
النقطة الرابعة: ثم يبّن له الإمام الهادي (عليه السلام) جزاء وعقاب هذه الفاحشة في الآخرة، فقال له: ﴿ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا﴾(١٩٠).
خلاصة موقف الإمام الهادي (عليه السلام):
إنّ الإمام الهادي (عليه السلام) قال كلمة الحق أمام أحد طغاة الحكومة العباسية، وأنبأه بما يضمر من التماس العذر لفعله القبيح، ثم بيّنَ له زيف دليله ومدعاه؛ لصراحة القرآن بتكذيبه، بل وتوعد فاعليه والمروجين له بنار الحريق، لأنَّ الله لا يأمر بالفحشاء، بل هو جل ثناؤه ينهى عنها ويعاقب عليها.
فالإمام الهادي (عليه السلام) بوقفته هذه، وبجوابه المتين أزال القناع عما تخفيه صدور الجندرية، وما تكنّه قلوبهم من حب الشهوات نعوذ بالله، كل ذلك طاعة للهوى والشيطان.
المطلب الثالث: الآثار المترتبة على الجندر:
الله تعالى عندما شرّع الأحكام للبشر، حيث أمرهم بفعل الواجبات، ونهاهم عن فعل المحرمات، جعل لكل منها جزاءً معيناً، وآثاراً خاصة تلحقهم، وهي نتيجة وجزاء لما فعلوه في الحياة الدنيا، ولسنا بصدد بيان جزاء كل حسن أو سيء يفعله الإنسان، وإنما نود الوقوف على الآثار المترتبة على انتشار الجندر بين أفراد المجتمع، وهناك ثلاثة آثار له:
الأوّل: الأثر الأخروي:
إن الله تعالى توعد العاصين لأوامره بشكل عام بالعذاب الأليم، والآيات القرآنية كثيرة في هذا المجال، ومن العصاة لأمره تبارك وتعالى هم الجندرية، فلا ريب باستحقاقهم العذاب، هذا بنحو العموم.
وأما بنحو الخصوص، فقد ورد النص في زوجة لوط (عليه السلام) بأنَّه أمر بها إلى النار، كما في قوله تعالى: ﴿وقيل ادخلا النار مع الداخلين﴾(١٩١)، وقد أخبر الله تبارك وتعالى بأنَّ زوجته ﴿مصيبها ما أصابهم﴾(١٩٢).
وقال أيضا: ﴿ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا﴾(١٩٣)، كما سبق بيانه في كلام الإمام الهادي (عليه السلام).
وأيضا أنّه مما تقدم بيانه هو: أنَّ الجندرية هم حزب الشيطان وأعوانه بل وعبدته، وقد ورد أنّهم من أصحاب السعير، قال تعالى: ﴿قال اخرج منها مذءوماً مدحوراً لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين﴾(١٩٤)، وقال: ﴿كتب عليه أنّه من تولاه فإنَّه يضله ويهديه إلى عذاب السعير﴾(١٩٥)، وقال: ﴿إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحاب السعير﴾(١٩٦).
ومما تقدم أيضاً أنّهم ظالمون، وقد توعد الله الظالمين بالنار، فقال: ﴿ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين﴾(١٩٧)، وقال: ﴿إني أريد أن تبوأ بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين﴾(١٩٨).
وقد ورد في السنة الشريف بيان عقاب الجندرية في روايات كثيرة منها:
ما روي عن ابن عباس عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في خبر طويل ذكر فيه آخر خطبة للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المدينة قال فيها: «ومن نكح امرأة حراماً في دبرها أو رجلاً أو غلاماً حشره الله يوم القيامة أنتن من الجيفة يتأذى به الناس حتى يدخل جهنم»(١٩٩).
وما روي عن اسحاق بن جرير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في خبر طويل أنَّ امرأة سالته (عليه السلام) فقالت: «أخبرني عن اللواتي باللواتي ما حدهن فيه؟ قال: حد الزنا، أنّه إذا كان يوم القيامة أتي بهن والبسن مقطعات من نار، وقمعن بمقامع من نار، وسربلن من النار، وأدخل في أجوافهن إلى رؤوسهن أعمدة من نار، وقذف بهن في النار»(٢٠٠).
وما روي عن بشير النبال قال: «رأيت عند أبي عبد الله (عليه السلام) رجلاً فقال له: جعلت فداك ما تقول في اللواتي مع اللواتي؟ فقال له: لا أخبرك حتى تحلف لتخبرن بما أحدثك به النساء قال: فحلف له، قال فقال: هما في النار، وعليهما سبعون حلة من نار، فوق تلك الحلل جلد جاف غليظ من نار، عليهما نطاقان من نار، وتاجان من نار فوق تلك الحلل، وخفان من نار، وهما في النار»(٢٠١)
الثاني: الأثر الدنيوي:
ونعني بالأثر الدنيوي هو: الأثر الوضعي لهذا الفعل الشنيع بالنسبة للشخص ذاته، ثم انعكاساته على المجتمع بشكل عام، فلذا نذكر كلا الأثرين فنقول:
الآثار الوضعية الشخصية للجندر(٢٠٢):
١ - أنَّ اللعنة تنزل عليهم ولا تفارقهم، فيلعنهم الله وملائكته وأولياؤه، فعن يعقوب بن جعفر قال: «سأل رجل أبا عبد الله أو أبا إبراهيم (عليهما السلام) عن المرأة تساحق المرأة، وكان متكئاً فجلس، فقال: ملعونة الراكبة والمركوبة، وملعونة حتى تخرج من أثوابها الراكبة والمركوبة، فإنَّ الله تبارك وتعالى والملائكة وأولياءه يلعنونهما، وأنا ومن بقي في أصلاب الرجال وأرحام النساء»(٢٠٣).
٢ - أنَّ روح الإيمان يفارقهم، فعن عبد الله بن بكير قال: «قلت لأبي جعفر (عليه السلام) في قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إذا زنى الرجل فارقه روح الإيمان)، قال: قوله (عزَّ وجلَّ): ﴿وأيدهم بروح منه﴾(٢٠٤) ذلك الذي يفارقهم»(٢٠٥).
٣ - أنّه يذهب بنور الوجه.
٤ - أنّه يورث الفقر.
٥ - أنّه يعجل الفناء، فعن أبي عبد الله (عليه السلام)، عن أبيه (عليه السلام) قال: «للزاني ست خصال، ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة، أما التي في الدنيا: فإنَّه يذهب بنور الوجه، ويورث الفقر، ويعجل الفناء، وأما التي في الآخرة: فسخط الرب، وسوء الحساب، والخلود في النار»(٢٠٦).
٦ - أنَّ من يفعل الفاحشة فسوف يفعل بعرضه كذلك، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما أقام العالم الجدار أوحى الله إلى موسى (عليه السلام): إني مجازي الأبناء بسعي الآباء، إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً، لا تزنوا فتزني نسائكم، ومن وطئ فراش امرئ مسلم وطئ فراشه، كما تدين تدان»(٢٠٧).
٧ - أنَّ من أكثر من يفعل فاحشة قوم لوط لم يمت إلا ويدعو الرجال إلى نفسه، فعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: «من ألحّ في وطئ الرجال لم يمت حتى يدعو الرجال إلى نفسه»(٢٠٨).
٨ - أنَّ من فعل الفاحشة سوف يلقي الله عليه شهوة كشهوة النساء، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «من أمكن من نفسه طائعاً يلعب به، ألقى الله عليه شهوة النساء»(٢٠٩).
٩ - أنَّ من أقام على هذه الفاحشة ولم يتب منها حتى بلغ الأربعين فإنَّه لا يستطيع تركها ولا التوبة منها، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: «والعامل على هذا من الرجال إذا بلغ أربعين سنة لم يتركه، وهم بقية سدوم...»(٢١٠).
الآثار الوضعية العامة للجندر:
١ - ظهور الفساد والخراب في البر والبحر بنحو عام، بسبب كثرة الذنوب والمعاصي، كما قال الله تعالى: ﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس﴾(٢١١)، قال الإمام الصادق (عليه السلام): «حياة دواب البحر بالمطر، فإذا كف المطر ظهر الفساد في البر والبحر، وذلك إذا كثرت الذنوب والمعاصي»(٢١٢).
عن أبي جعفر (عليه السلام): «في قوله (عزَّ وجلَّ): ﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس﴾ قال: ذاك والله حين قالت: الأنصار منا أمير ومنكم أمير»(٢١٣).
عن ابن عباس عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: «إن الله (تبارك وتعالى) حبس قطر المطر عن بني اسرائيل بسوء رأيهم في أنبيائهم، وأنّه حابس قطر المطر عن هذه الأمة ببغضهم علي بن أبي طالب (عليه السلام)»(٢١٤).
عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال: «إن سليمان ابن داود (عليه السلام) خرج ذات يوم مع أصحابه ليستسقي فوجد نملة قد رفعت قائمة من قوائمها إلى السماء وهي تقول: (اللهم إنا خلق من خلقك، لا غنى بنا عن رزقك، فلا تهلكنا بذنوب بني آدم)، فقال سليمان (عليه السلام) لأصحابه: ارجعوا فقد سقيتم بغيركم»(٢١٥).
قال ابن أبي شيبة: حدثنا أبو داود الطياليسي، عن قرة قال: «سمعت الحسن يقول: ﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس﴾، قال: أفسدهم الله بذنوبهم في بر الأرض وبحرها بأعمالهم الخبيثة...»(٢١٦).
وعن ياسر، عن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: «إذا كذب الولاة حبس المطر، وإذا جار السلطان هانت الدولة، وإذا حبست الزكاة ماتت المواشي»(٢١٧).
فهذه الآية الشريفة والروايات تدل بكل وضوح على الأثر الوضعي الذي يعم الناس بسبب ارتكاب المعاصي والفواحش، وأن ما يأتي في موارد اللاحقة هي عبارة عن صغريات لهذه الآية.
وهذا يعني: أنَّ الروايات متعاضدة، وموافقة للكتاب العزيز، فهي بغض النظر عن كثرتها واستفاضتها، أنها معتبرة لموافقتها الكتاب.
٢ - كثرة الزلازل، فإنَّ الروايات أكدت على ارتباط كثرة الزلازل بشيوع الفاحشة في المجتمع وانتشارها فيه، كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «إذا فشت أربعة ظهرت أربعة: إذا فشى الزنا ظهرت الزلازل، وإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية، وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء، وإذا خفرت الذمة نصر المشركون على المسلمين»(٢١٨)، وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «عباد الله، احذروا يوماً تفحص فيه الأعمال، ويكثر فيه الزلزال، وتشيب فيه الأطفال»(٢١٩).
٣ - كثرة والأمراض، فإنَّ واحد من أخطر الأمور الناشرة للوباء هو ممارسة الفاحشة ورواجها بين الناس، ودونك أبسط شاهد على ذلك مرض (الايدز) أو العوز المناعي، الذي لا علاج له، فإنَّه ناجم عن الممارسات الجنسية غير المشروعة، فقد ورد عن الإمام أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «خمس إذا أدركتموهن فتعوذوا بالله (عزَّ وجلَّ) منهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوها إلا وظهر فيهم الطاعون، والاوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا...»(٢٢٠).
٤ - نزول العذاب الحتمي على سكان المنطقة التي تعمل الخبائث كخسف الأرض، أو قلبها راساً على عقب، فقد ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لما عمل قوم لوط ما عملوا بكت الأرض إلى ربها حتى بلغت دموعها إلى السماء، وبكت السماء حتى بلغت دموعها إلى العرش، فأوحى الله تعالى إلى السماء: أن احصبيهم، وأوحى إلى الأرض: أن أخسفي بهم»(٢٢١).
وعن الإمام أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل ذكر فيه أشباه قوم لوط (عليه السلام) قال فيه: «... وهم بقية سدوم، أما إني لست أعني بهم بقيتهم أنّه ولدهم، ولكنهم من طينتهم، قال: قلت: سدوم التي قُلبت؟ قال: هي أربع مدائن: سدوم، وصريم، ولدماء، وعميراء، قال: فأتاهن جبرئيل (عليه السلام) وهنَّ مقلوعات إلى تخوم الأرض السابعة، فوضع جناحه تحت السفلى منهن ورفعهن جميعاً حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم، ثم قلبها»(٢٢٢).
وعن أبي جعفر (عليه السلام): «قال الله لمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نبيه: ﴿وما هي من الظالمين ببعيد﴾، أي: من ظالمي أمتك إن عملوا ما عمل قوم لوط»(٢٢٣).
وهذه العاقبة مقيدة بصورة التجاهر والإشاعة للفحشاء بين الناس بصورة علنية، كما يستفاد من بعض الروايات، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أيها الناس، إنَّ الله لا يعذب العامة بذنب الخاصة، إذا عملت الخاصة بالمنكر سراً من غير أن تعلم العامة، فإذا عملت الخاصة المنكر جهاراً، فلم تغير ذلك العامة، استوجب الفريقان العقوبة من الله»(٢٢٤).
٥ - أنَّ من عَمَلَ عمل قوم لوط (عليه السلام) فسوف تناله حجارة العذاب، التي هي ﴿من سجيل منضود﴾ أعدها الله لكل فحّاش أثيم، كما ورد عن ميمون البان قال: «كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقرئ عنده آيات من هود، فلما بلغ ﴿وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود * مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد﴾(٢٢٥) قال: فقال: من مات مصرّاً على اللواط، لم يمت حتى يرميه الله بحجر من تلك الحجارة، تكون فيه منيته، ولا يراه أحد»(٢٢٦).
٦ - موت الفجأة، فعن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «وجدنا في كتاب علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إذا كثر الزنا كثر موت الفجأة»(٢٢٧).
الثالث: الأثر الشرعي:
ونعني بالأثر الشرعي هو: ما سَنّهُ الشارعُ المقدس من قانون مجازاة مرتكبي الفاحشة في المجتمع الاسلامي، بأي نحو كان من أنحائها، سراً أو علناً، بعد ثبوتها بالبينة الشرعية على صاحبها، أو بإقراره بها عند الحاكم الشرعي.
وعندما نرجع إلى الشرع نجد أنَّ الأحكام والعقوبات تختلف باختلاف مواردها، بالنسبة للفاعل والمفعول: كاختلاف جنسيهما أو اتحاده، وكون جنسهما حقيقياً أصلياً أم متحولاً، وكمال الفاعلين وبلوغهما أو عدمه، أو كمال أحدهما وبلوغه دون الآخر، وأنّ الفاعلين كانا محصنين أم غير محصنين، أم أحدهما محصن دون الآخر، ومضطرين كانا الفاعلان أم مختارين، أو كان أحدهما مضطراً دون الآخر، وخطأ وسهواً كان الوطئ أم عمداً وتجرّءً على حرمات الله؟
ومن الممكن أن نضيف إلى تلك الفروض فرضيات أخر، وهي ليست بعيدة عن الواقع، بل أكثرها متحققة في الواقع الخارجي، فتتسع دائرة استيعاب صور الشذوذ الجنسي إلى صور كثيرة جداً، ككون الفاعلان بشريين، وهو ما تقدم الكلام عنه وفروضه الكثيرة، أو كونهما حيوانيين، أحدهما بشري والآخر حيواني.
ثم الحيوان المفروض هنا فاعلاً كان أو مفعولاً به، فهو إما أن يكون حيواناً حقيقياً، وإما حيواناً متحولاً الذي وهو في الأصل من البشر ولكنه تحول إلى كلب وما شاكل، كما هو رائج الآن في بعض الدول الغربية.
ثم كل أنّ ثبوت الفعل كان بالبينة الشرعية المعتبرة بأربعة شهود أو أقل من ذلك حسب المورد، أم كان بالإقرار بالفعل، ثم أنَّ الإقرار كان من كليهما الفاعل والمفعول، أم كان من أحدهما.
وعليه فنقول: إنَّ ضرب هذه الاحتمالات المتعددة بعضها ببعض ينتج لنا كمّاً هائلاً من الصور التي يمكن تصورها في المقام، ولكننا نقتصر على الصور المتيقنة الوقوع في الغالب، دون الفرضية منها، أو موارد الأعذار وغيرها، ودون موارد الزواج الشرعي، فإنَّه خارج عن البحث تخصصاً، وكذا صورة كون الفاعلان حيوانان حقيقيان، لأن الكلام في حكم فعل الانسان، فإنَّ فعله تارة يفرض مع مثله في الانسانية وأخرى مع غيره من الحيوانات.
ونحن هنا نتعرّض لذكر المهم من تلك الصور - التي من خلال بيانها يعرف حكم الصورة الباقية، بالنسبة للاقتران البشري - وهي:
١ - أن يكون الفاعلان رجلاً وامرأة حقيقيين، محصنين، كاملين، مختارين، عامدين، قامت عليهما البينة الشرعية.
٢ - أن يكون الفاعلان رجلاً وامرأة حقيقيين، غير محصنين، كاملين، مختارين، عامدين، قامت عليهما البينة الشرعية.
٣ - أن يكون الفاعلان رجلاً وامرأة حقيقيين، أحدهما محصناً دون الآخر، كاملين، مختارين، عامدين، قامت عليهما البينة الشرعية.
ففي هذه الصور الثلاثة يرجم المحصن حتى الموت، ويجلد غير المحصن مئة جلدة، وهذا الحكم مما لا خلاف فيه بين الطوائف الإسلامية(٢٢٨)؛ لدلالة القرآن الكريم عليه، والسنة الشريفة.
٤ - أن يكون الفاعلان رجلاً مع رجل آخر حقيقيين، كاملين، مختارين، عامدين، قامت عليهما البينة الشرعية، فإنَّ هذا هو اللواط الذي أوجب الشارع عليه القتل إما بالسيف وإما بالرمي من فوق شاهق(٢٢٩).
٥ - أن يكون الفاعلان امرأة مع امرأة أخرى حقيقيتين، كاملتين، مختارتين، عامدتين، قامت عليهما البينة الشرعية، فإنَّ هذا هو السحاق الذي أوجب الشارع عليه الحد، وهو أن يجلد كل منهما مئة جلدة(٢٣٠).
٦ - أن يكون الفاعلان رجلاً وامرأة متحولين، محصنين أو غير محصنين، كاملين، مختارين، عامدين، قامت عليهما البينة الشرعية.
وفي المقام إذا بنينا على أنَّ المتحول جنسياً يأخذ أحكام غير المتحول في الشرع، فالمرأة التي تحولت رجلاً - مثلاً - تأخذ أحكام الرجل من كل الجهات، والرجل الذي تحول إلى امرأة يأخذ أحكام المرأة من كل الجهات، فهنا - بحسب الفرض - يكون اللقاء بينهما من دون عقد شرعي زنى، ويلزمهم الرجم إن كانا محصنين، وإلا فيجلد كل منهما مئة جلدة.
وإذا بنينا على - ما هو الصحيح من - أنَّ المتحولين جنسياً لا يأخذون حكم الجنس الذي تحولوا إليه، فالمرأة مهما لبست أو غيّرت في هيئتها الخارجية تبقى امرأة، والرجل كذلك يبقى على حاله، وعليه فهنا يشكل القول بأنَّ هذا من الزنا إذا وطأ الرجل المرأة إذا كانا متحولين، بل قد يقطع بعدم صدق الزنا هنا، لأن الرجل - في الحقيقة - هو الموطوء، والمرأة هي الواطئة بالة مصطنعة أو بغيرها، وفي فرج مصطنع.
نعم لو ثارت شهوة الرجل المتحول إلى امرأة، فقام ووطأ المرأة المتحولة رجلاً، كان هذا من الزنا، وكان عليهما إما الرجم، وإما الحد باختلاف الموارد.
٧ - أن يكون الفاعلان رجلاً مع رجل آخر متحولين، كاملين، مختارين، عامدين، قامت عليهما البينة الشرعية.
وهنا يأتي عين ما تقدم من الكلام، وهو: إن قلنا بصحة التحول إلى الجنس الآخر فهو يأخذ حكمه، فيكون هذا الفرض لواطاً ويجب فيه القتل.
وإن قلنا بعدم صحة التحول - كما هو الصحيح - فيكون المورد سحاقاً، وعليهما الحد مئة جلدة، كما بيناه.
٨ - أن يكون الفاعلان امرأة مع امرأة أخرى متحولتين، كاملتين، مختارتين، عامدتين، قامت عليهما البينة الشرعية.
وهنا أيضاً إذا قبلنا صحة التحول فالمقام من السحاق ويلزمهما الحد مئة جلدة، وإن قلنا بعدم صحة التحول كما هو الصحيح، وكانت الأعضاء الذكرية موجودة ولم تستأصل عند التحول، وأوقبت أحداهما الآخرى، كان ذلك من اللواط قطعاً، ويلزمهما القتل، وإن كانت الاعضاء مستأصلة فحكمهما كمن قبل غلاماً بشهوة وهو التعزير(٢٣١).
٩ - أن يكون الفاعلان رجلاً حقيقياً مع رجل آخر متحولٍ، كاملين، مختارين، عامدين، قامت عليهما البينة الشرعية.
وهذا المورد لا ريب في كونه لواطاً إن وطأه في دبره، وزناً إن وطأه في فرجه - إذا كان باقياً ولم يستأصل عند التحول - قطعاً.
١٠ - أن يكون الفاعلان رجلاً حقيقياً مع امرأة متحولة، كاملين، مختارين، عامدين، قامت عليهما البينة الشرعية.
وفي هذا الفرض إذا كان لهذه المرأة المتحولة فرج، وقلنا بصحة التحول وتماميته من الناحية الشرعية، وأتاها الرجل في فرجها، فهو من الزنا الموجب للحد أو الرجم.
وإن لم نقل بتمامية التحول - كما هو الصحيح - فإنَّه لا يجري عليه أحكام الزنا، وإن أتاها الرجل في تلك الثقبة المصطنعة، بل يجري عليه أحكام التعزير.
وإن أتاها الرجل في دبرها فهو من اللواط قطعاً، فيجري عليه حكمه وهو القتل بالسيف، أو الالقاء من فوق شاهق، أو الاحراق.
هذه أهم فروض المسألة، ومنها يُعلم حكم باقي الفروض والصور الأخرى التي يمكن أن تخرج منها.
وكل هذه الفرضيات التي يخرج منها عشرات الصور في المقام، لا يعدو حكمها عن ارتكاب الرذائل التي هي إما زنى، وإما لواط، وإما سحاق، وإما ممارسات أخرى غير تلك، لإفراغ الشهوة الحيوانية، التي أوجب عليها الشارع عذاب النار في الآخرة، وأجراء الرجم، أو القتل، أو الجلد حداً أو تعزيراً في الدنيا ليذوقوا ﴿وبال أمرهم ولهم عذاب اليم﴾(٢٣٢).

الخاتمة

بعد أنَّ اتضحت معالم فكرة الجندر من خلال ما تقدم، فإننا ننتهي إلى عدة نتائج مهمة جداً ومصيرية في حياة البشرية، ويمكن اجمالها في موردين:
المورد الأوّل: نتائج غربلة الجندر:
إنّ النتائج المتحصلة من غربلة فكرة الجندر، أمور عديدة وهي:
١ - أنَّ الجندر فكرة خاطئة لا دليل عليها، وما حاكه عنكبوت الشيطان - ونسج عليها من خيوطه ليظهرها بثوب أنيق - اتضح وهنه، بل وزيفه.
٢ - أنَّ العقل السليم والفطرة الصافية يدركان أنَّ الله تعالى لم يخلق شيئاً بعنوان النوع أو الجندر، وإنما خلق البشرية المتكونة من ذكر وأنثى، كما نصت عليها كل الكتب السماوية، فلا وجود للجندر ولا حقيقة، إنما هو وهم أرادوا به رضا الشيطان.
٣ - أنَّ في هذا الكون أموراً كثيرةً تكوينيةً لا دخل للإنسان فيها، بل ولا يستطيع أن يتدخل فيها أبداً، لأنها من شؤون الخالق لا المخلوق، مثل: أننا لم نكن موجودين وإنما وُجِدنا بعد زواج الآباء بالأمهات، ثم شاء الله أن نخرج إلى هذا العالم فخرجنا، فليس لنا أَيَةُ دخالة في تحديد موضع خروجنا في أي بقعة من الأرض، شرقاً أو غرباً، ولا دخل لنا في تحديد لوننا أبيض ناصع أو داكن أو مشوب بصفرة أو حمرة، أو أسود على اختلاف درجات سواده، فكذلك هو الحال في تحديد الذكر والأنثى، فليس لنا أن نحدد هويتنا الجنسية من حيث الذكورة والأنوثة، لأنَّ هذا أمر متعلق بالخالق وليس بالمخلوق.
وما صوّروه من الأوهام هي عبارة عن أمراض نفسية، وانحرافات خَلقية أو خُلقية طارئة على تكوين الإنسان إنساناً ذكرياً أو أنثوياً، ولو كان الأمر كما يصوّرونه لما احتاج المتحولون إلى مراجعة الطبيب المتخصص لإجراء بعض التعديلات والعمليات الجراحية؛ من أجل نحت الجسد البشري بصورة جديدة، وهي الصورة التي يرغبها المتحول.
وهذا كله دليل على أنّه لا وجود للجندر، وأن الإنسان - بما هو فرد أو بما هو في إطار المجتمع والمحيط - لا دخالة له في تحديد هويته؛ وذلك لأنَّ القضية متعلقة بالخالق، وهي من القضايا التكوينية البحتة.
٤ - وأيضاً من النتائج المهمة هي: أنَّ الجندر عبارة عن صراط جهنم قد وقف الشارع منه موقف الناهي والمعاقب على سلوكه؛ حيث بيّن ذلك بألوان الخطابات المختلفة: فتارة من طريق بيان عمل قوم لوط وكونه فاحشة، وأخرى بأنَّ الشيطان هو رائد هذا الخط القبيح، وسوف ينتهي بهم إلى جهنم، وثالثة بأنَّ الله تعالى ينهى ويبغض ويلعن أهل الفحشاء والمنكر، وتوعدهم بالعذاب والخسف، وأن آثاره بعد إشاعته سوف تعم الجميع كما قال الله تعالى: ﴿ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس﴾(٢٣٣)، وهو أمر وبلاء خطير جداً؛ لأنَّه لا يحل بقوم إلا وقد غضب الله عليهم.
المورد الثاني: نتائج علاميّة الجندر:
والنتائج المتحصلة من كون الجندر من علامات الظهور، هي عدة أمور أيضاً:
١ - أنّه مما لا يشك في ثبوته كون الجندر من علامات الظهور، كما ورد في روايات كثيرة متعاضدة متوافقة الدلالة عليه، كما بيناه مفصلاً في عدة طائف من الروايات.
٢ - وأنه مما يلزم من شيوع الجندر وانتشاره بين الناس أمران مهمان:
الأمر الأول: ظهور الزلازل.
الأمر الثاني: نتشار الوباء والمرض بين الناس.
وكلا هذان الأمران معلول للجندر وما ينجم عنه من مصائب، فإنهما لا يتخلفان عنه، فأينما راج الجندر وشاع بين الناس، فليترقبوا هاتين المصيبتين اللتين لا دافع لهما عنهم، فهما عذاب معجل من الله لهؤلاء الأرجاس.
وإذا كان الأمر كما بيناه فإننا نفهم أن تلك الروايات التي بيّنت أنَّ الجندر من العلامات تكون ساندة ومعاضدة للروايات التي ذكرت أنّ من العلامات في آخر الزمان الزلازل والأمراض القاتلة، فتكون روايات علامية الجندر بمثابة البيان لعلّة ما سيحدث في آخر الزمان، وتكون روايات علامية الزلازل والأمراض بمثابة بيان معلول تلك العلّة، وإليك نزر من تلك الروايات:
عن زرارة، عن أبي عبد الله(عليه السلام) في خبر طويل قال فيه: «ولولا من على الأرض من حجج الله لنقضت الأرض وأكفئت بما عليها، وما تكثر الزلازل إلا عند اقتراب الساعة»(٢٣٤).
عن سلمة السكوني قال: «كنا جلوسا عند النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو يوحى إليه، فقال: إني غير لابث فيكم، ولستم لابثين بعدي إلا قليلاً، وستأتوني أفناداً يفني بعضكم بضعاً، وبين يدي الساعة موتان(٢٣٥) شديد، وبعده سنوات الزلازل»(٢٣٦).
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «وجدنا في كتاب علي (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا كثر الزنى كثر موت الفجأة»(٢٣٧).
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: «بين يدي القائم موت أحمر، وموت أبيض، وجراد في حينه، وجراد في غير حينه أحمر كالدم، فأما الموت الأحمر: فبالسيف، وأما الموت الأبيض: فالطاعون»(٢٣٨).
عن سليمان بن خالد قال: «سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قدام القائم موتتان(٢٣٩): موت أحمر، وموت أبيض، حتى يذهب من كل سبعة خمسة، الموت الأحمر: السيف، والموت الأبيض: الطاعون»(٢٤٠).
عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «إذا فشت أربعة ظهرت أربعة: إذا فشى الزنا ظهرت الزلازل، وإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية، وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء، وإذا خفرت الذمة نصر المشركون على المسلمين»(٢٤١).
ومن هذا يُعلم: أنَّ انتشار الجندر - والترويج له، وعدم ظهور حالة استياء واستنكار له ونهي عنه - من العلامات المهمة، بحيث يكون وجوده وتحققه بمنزلة العلة لظهور بعض العلامات الأخرى كالزلازل وشيوع الأوباء والأمراض القاتلة، كما هو واضح من الروايات.
ومن هنا ينفتح باب البحث أمام قولهم (عليهم السلام) عن بعض العلامات وتتابعها واحدة تلو الأخرى: «نظام كنظام الخرز»(٢٤٢)، بمعنى أنّه إذا تحركت الخرزة الأوّلى من المسبحة سوف تتلوها الأخرى بالحركة وهكذا التي بعدها، وهذا ما يعني أنَّ هناك ترابطاً وثيقاً بين علامات الظهور، قد يصل إلى حد العلّية والمعلولية، فإذا لم توجد العلة لا يوجد المعلول، وهذا أمر لا غبار عليه، من خلال البيان المتقدم، مضافاً إلى هذا النص الشريف «نظام كنظام الخرز».
نعم، تعميم هذا الأمر على جميع علامات الظهور ممكن أن يواجه إشكال من حيث أننا لم نتحقق أمر الترابط بين كل علامات الظهور والعلاقة فيما بينها، فلذا يصعب البت بالحكم عليها بالترابط بشكل كلي، ولكن الذي يتأمل في المقام جيداً يجد القضية ممكنة لمن تتبع ذلك، بعد بيان الترابط بين الجندر والزلازل والأمراض، وربط الإمام (عليه السلام) بين السفياني والخراساني واليماني، حيث قال عنهم: «نظام كنظام الخرز»، فالقضية ممكنة في الجملة، ولكننا نجهل الكثير من حلقات الوصل بين هذه العلامات المذكورة، فلذا يصعب البتُّ بذلك.
ويتفرع على تمامية هذا الكلام - من حيث ارتباط العلامات بعضها ببعض ارتباطاً علّيّاً أو قريباً منه - التشكيك في صحة تقسيم العلامات إلى حتمية وغير حتمية، أو على الأقل يكون هذا التقسيم محل إشكال، بعد قبول قضية الترابط العلّي بين العلامات.
نعم، يمكن تصوير وجهاً لهذا التقسيم إذا التفتنا الى المشيئة الإلهية وحيلولتها دون تحقق بعض العلل فينتفي تحقق معاليلها، فقد لا يشاء الله تعالى لتحقق علامة مّا، وتكون هذه العلامة علة لظهور غيرها من العلامات، فتكون النتيجة هي ارتفاع عدة من العلامات وعدم ظهورها؛ لارتفاع علتها بالمشيئة الإلهية فترتفع تبعا لها.
وهناك نتيجة مهمة أيضاً ممكن أن تستفاد من المقام وهي: فهم الروايات التي تذكر أن من علامات آخر الزمان تعلق عدة من النساء برجل واحد، كما ورد عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال: «ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب ثم لا يجد أحداً يأخذها منه، ويرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يلذن به؛ من قلة الرجال وكثرة النساء»(٢٤٣).
وعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال: «إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويكثر الجهل، ويكثر الزنا، ويكثر شرب الخمر، ويقل الرجال، ويكثر النساء، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد»(٢٤٤).
فإن في ذلك احتمالين:
الاحتمال الأوّل: أن تكون هذه النسوة طواهر عفيفات لم يجدن من يعتمدن عليه من الرجال؛ لشدة الفساد، وتميع الرجال، فلذا يكون الرجل المؤمن الشريف كالكبريت الاحمر نادر الوجود، فلذا عندما تعثر عليه بعض العفيفات يتعلقن به.
وهذا الاحتمال وإن كان ممكناً ووجيهاً، إلا أنَّ فرض العفة والشرف يمنعان من هذه التصرفات، فيكون هذا الاحتمال مستبعداً.
الاحتمال الثاني: أن تكون هذه النسوة فاسقات فاجرات، فمن أجل استمالة الرجال - وترغيبهم بالفجور والخيانة - تجدهن يعرضن أنفسهن على الرجال، وهذا موافق لكثير من الروايات المتقدمة في المبحث الثاني، وهو احتمال قوي ووجيه.
عن حذيفة عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حديث طويل ذكر فيه فتنة الدجال فقال:«... ويتبعه من نساء اليهود ثلاثة عشر آلاف امرأة، فرحم الله رجلاً منع سفيهته أن تتبعه، والقوة عليه يومئذ القرآن، فإن شأنه بلاء شديد، يبعث الله الشياطين من مشارق الأرض ومغاربها فيقولون له: استعن بنا على ما شئت»(٢٤٥).
وهذا الحديث جمع الكثير من المباحث المتقدمة؛ حيث يقرر فساد النساء، واتباعهن للشيطان بصورة ملفتة للنظر، حيث الكم الكبير من نساء اليهود يتبعنه، ثم الشياطين تؤازره وتأتمر بأمره، كل ذلك من أجل تعبيد الناس للشيطان، ومقارعتهم للحق وأهله بالترغيب والترهيب.
ثبتنا الله وجميع المؤمنين ﴿بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة﴾(٢٤٦)، بمحمد وآله الطاهرين، أنّه حميد مجيد، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

الشيخ ماهر الحجاج
الجمعة ٤/ ربيع الثاني/ ١٤٤٥ هـ، المصادف ٢٠/ ١٠/ ٢٠٢٣م
النجف الأشرف

فهرس المصادر

١ - القرآن الكريم.
٢ - الأمالي، محمد بن محمد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد، تحقيق الحسين استاد ولي وعلي أكبر غفاري، المطبعة الأسمية، نشر مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين - قم.
٣ - الأمالي، الشيخ محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة، طبعة سنة ١٤١٤، طبع ونشر دار الثقافة.
٤ - الإمامة والتبصرة من الحيرة، علي بن الحسين بن بابويه القمي والد الشيخ الصدوق، الطبعة الأولى ١٤٠٤، تحقيق ونشر مدرسة الإمام المهدي - قم.
٥ - الأمالي، محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابوية القمي المعروف بالشيخ الصدوق، الطبعة الأولى ١٤١٧ هـ، تحقيق وطبع ونشر مؤسسة البعثة - قم.
٦ - الأغاني، علي بن الحسين المشهور بأبي الفرج الأصفهاني، نشر دار إحياء التراث العربي.
٧ - إلزام الناصب، الشيخ علي الحائري، تحقيق علي عاشور، طبعة بيروت، الطبعة الأولى.
٨ - إعلام الورى بأعلام الهدى، الفضل بن الحسن الطبرسي، مطبعة ستارة، الطبعة الاولى ١٤١٧، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث - قم.
٩ - بداية الحكمة، العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي، تصحيح وتدقيق الشيخ غلام رضا فياضي، نشر مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين - قم.
١٠ - بحار الأنوار الجامع لدرر أخبار الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، للعلامة محمد باقر بن محمد تقي المجلسي، الطبعة الثانية ١٩٨٣ م، نشر مؤسسة الوفاء - بيروت.
١١ - بشارة الإسلام في علامات المهدي عليه السلام، السيد مصطفى آل سيد حيدر الكاظمي، تحقيق نزار الحسن، المطبعة العلمية، مؤسسة عاشوراء للطباعة والنشر - قم.
١٢ - تاريخ بغداد أو مدينة السلام، للحافظ أحمد بن علي الخطيب البغدادي، تحقيق مصطفى عبد القادر، الطبعة الأولى ١٩٩٧ م، نشر دار الكتب العلمية - بيروت.
١٣ - تحف العقول عن آل الرسول، الشيخ أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين ابن شعبة الحراني، تعليق الشيخ حسين الأعلمي، مطبعة شريعت، الطبعة الأولى ١٤٢٦، نشر المكتبة الحيدرية - قم.
١٤ - تفسير القمي، علي بن إبراهيم القمي، تحقيق ونشر مؤسسة دار الحجة للثقافة، الطبعة الأولى ١٤٢٦، مطبعة كيميا - قم.
١٥ - تفسير الصافي، للفيض الكاشاني محمد محسن بن مرتضى بن محمود، الطبعة الثانية ١٤١٦، مطبعة مؤسسة الهادي، نشر مكتبة الصدر - طهران.
١٦ - تفسير نور الثقلين، الشيخ عبد علي الحويزي، تحقيق سيد هاشم المحلاتي، الطبعة الرابعة ١٤١٢، طبع ونشر مؤسسة إسماعيليان - قم.
١٧ - التبيان في تفسير القران، الشيخ محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق أحمد حبيب قصير العاملي، طبع ونشر مكتب الإعلام الإسلامي، الطبعة الأولى ١٤٠٩.
١٨ - ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، محمد بن علي بن الحسين المعروف بالشيخ الصدوق، مطبعة دار المتقين، الطبعة الأولى ٢٠١٢، نشر مؤسسة المراقد المقدسة - النجف الاشرف.
١٩ - الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، صدر الدين محمد الشيرازي المعروف بملا صدرا، الطبعة الثالثة ١٩٨١، نشر دار احياء التراث العربي - بيروت.
٢٠ - الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير، عبد الرحمن بن أبي بكر المعروف بجلال الدين السيوطي، الطبعة الأولى ١٩٨١، نشر دار الفكر - بيروت.
٢١ - الجندر سقوط الفطرة وإحياء الشيطنة، د. مصطفى شغيدل، الكتروني (بي دي أف).
٢٢ - رياض الصالحين من حديث سيد المرسلين، يحيى بن شرف النووي الدمشقي، الطبعة الثانية ١٩٩١، نشر دار الفكر - بيروت.
٢٣ - سنن الدارمي، عبد الله بن بهرام الدارمي، نشر مطبعة الاعتدال - دمشق.
٢٤ - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، محمد بن يوسف الصالحي، تحقيق عادل عبد الموجود وعلي محمد معوض، الطبعة الاولى ١٩٩٣، نشر دار الكتب العلمية - بيروت.
٢٥ - شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، الشيخ نجم الدين جعفر بن الحسن بن يحيى المعروف بالمحقق الحلي، تحقيق عبد الحسين البقال الطبعة الثالثة ١٣٧٣ ش، طبع ونشر مؤسسة اسماعيليان - قم.
٢٦ - شذرات الذهب في اخبار من ذهب، عبد الحي العكبري الدمشقي المعروف بابن العماد الحنبلي، نشر دار احياء التراث العربي - بيروت.
٢٧ - صحيح بن حبان بترتيب بن بلبان، محمد بن حبان بن أحمد - علاء الدين علي بن بلبان الفارسي، تحقيق شعيب الأرنؤوط، طبع ونشر مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية ١٤١٤.
 ٢٨ - صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، طبع ونشر دار الفكر، طبع بالاوفسيت عن طبعة دار الطباعة العامرة باستانبول ١٤٠١ هـ.
٢٩ - صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج النيسابوري، نشر دار الفكر - بيروت.
٣٠ - الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، إسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق أحمد بن عبد الغفور عطار، الطبعة الرابعة ١٤٠٧، طبع ونشر دار العلم للملايين - بيروت.
٣١ - العهد القديم، والعهد الجديد (ضمن كتاب الحياة)، طبعة عام ١٩٨٨.
٣٢ - علل الشرائع والأحكام والأسباب، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه المعروف بالشيخ الصدوق، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث، الطبعة الأولى ١٤٤٣، مطبعة الوفاء - قم.
٣٣ - عمدة القاري في شرح البخاري، العيني، طبع ونشر دار احياء التراث العربي - بيروت.
٣٤ - غنية النزوع الى عملي الاصول والفروع، ابن زهرة الحلبي، تحقيق شيخ ابراهيم البهادري، الطبعة الاولى ١٤١٧، مطبعة اعتماد نشر مؤسسة الإمام الصادق.
٣٥ - الغيبة، الشيخ محمد بن ابراهيم الكاتب المعروف بالنعماني، تحقيق فارس حسون، مطبعة النهضة، الطبعة الاولى ١٤٢٦، نشر مدين - قم.
٣٦ - فيض القدير في شرح الجامع الصغير، محمد بن عبد الرزاق المناوي، تحقيق أحمد عبد السلام،، الطبعة الاولى ١٤١٥، طبع ونشر دار الكتب العلمية - بيروت.
٣٧ - فتح الباري شرح صحيح البخاري، شهاب الدين ابن حجر العسقلاني، الطبعة الثانية، طبع ونشر دار المعرفة للطباعة والنشر - بيروت.
٣٨ - القاموس المحيط، الشيخ مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي، تصحيح الشيخ نصر الهوريني، نشر دار العلم للجميع - بيروت.
٣٩ - قرب الاسناد، الشيخ ابو العباس عبد الله الحميري، مطبعة مهر، الطبعة الاولى ١٤١٣ هـ، تحقيق ونشر مؤسسة ال البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث.
٤٠ - لسان العرب، جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الافريقي المصري، مطبعة دار إحياء التراث العربي، الطبعة الاولى ١٤٠٥، نشر أدب الحوزة.
٤١ - كتاب العين، لابي عبد الرحمن الخليل بن احمد الفراهيدي، تحقيق الدكتور مهدي المخزومي والدكتور ابراهيم السامرائي، الطبعة الثانية ١٤٠٩، مطبعة صدر، نشر مؤسسة دار الهجرة.
٤٢ - كامل الزيارات، الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه القمي، تحقيق جواد القيومي، الطبعة الاولى ١٤١٧، مطبعة مؤسسة النشر الإسلامي، نشر مؤسسة الفقاهة - قم.
٤٣ - الكافي في الفقه، تقي الدين بن نجم الدين بن عبيد الله المعروف بأبي الصلاح الحلبي، تحقيق رضا استادي، نشر مكتبة أمير المؤمنين (عليه السلام) - أصفهان ١٤٠٣.
٤٤ - كنز الفوائد، محمد بن علي المعروف بالكراجكي، مطبعة الغدير، الطبعة الثانية ١٣٦٩ ش، نشر مكتبة مصطفوي - قم.
٤٥ - كتاب الفتن، أبي نعيم بن حماد المروزي، تحقيق سهيل زكار، طبع ونشر دار الفكر - بيروت
٤٦ - الكافي، محمد بن يعقوب الكليني، تحقيق علي أكبر الغفاري، مطبعة حيدري، الطبعة الخامسة ١٣٦٣ هـ ش، نشر دار الكتب الاسلامية - طهران.
٤٧ - كمال الدين وتمام النعمة، الشيح محمد بن علي بن الحسين المعروف بالشيخ الصدوق، مطبعة الصدر، الطبعة الاولى ١٤٢٨، نشر ذوي القربى - قم.
٤٨ - كشف الغمة في معرفة الائمة، للعلامة ابي الحسن علي بن عيسى بن ابي الفتح الأربلي، الطبعة الثانية ١٤٠٥ هـ، طبع ونشر دار الاضواء - بيروت.
٤٩ - كنز العمال، علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين الهندي، تحقيق بكري الحياني وصفوة السقا، طبع ونشر مؤسسة الرسالة - بيروت.
٥٠ - من لا يحضره الفقيه، الشيخ محمد بن علي بن الحسين الصدوق، تحقيق علي أكبر غفاري، الطبعة الثانية، طبع ونشر مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين - قم.
٥١ - مصباح المتهجد، الشيخ محمد بن الحسن الطوسي، الطبعة الاولى ١٤١١، نشر مؤسسة فقه الشيعة.
٥٢ - معجم احاديث الامام المهدي، علي الكوراني، الطبعة الاولى ١٤١١، مطبعة بهمن، نشر مؤسسة المعارف الاسلامية.
٥٣ - المصنف، عبد الله بن محمد بن ابي شيبة ابراهيم الكوفي، تحقيق سعيد اللحام، الطبعة الاولى ١٤٠٩، طبع ونشر دار الفكر.
٥٤ - المهذب، الشيخ عبد العزيز بن البراج الطرابلسي المعروف بالقاضي بن البراج، طبعة عام ١٤٠٦، طبع ونشر مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين - قم.
٥٥ - المبسوط، الشيخ محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق محمد تقي الكشفي، مطبعة الحيدرية - طهران، نشر المكتبة المرتضوية ١٣٨٧.
٥٦ - المجموع في شرح المهذب، محيي الدين النووي، طبع ونشر دار الفكر.
٥٧ - مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، محمد الشربيني الخطيب، طبعة عام ١٣٧٧، طبع ونشر شركة مصطفى البابي الحلبي وأولاده - بمصر.
٥٨ - المراسم العلوية في الاحكام النبوية، للشيخ أبي يعلى حمزة بن عبد العزيز الديلمي، طبعة عام ١٤١٤، مطبعة أمير، نشر المعاونية الثقافية للمجمع العالمي لأهل البيت.
٥٩ - مروج الذهب ومعادن الجوهر، علي بن الحسين بن علي المسعودي، تدقيق وضبط يوسف أسعد داغر، الطبعة الثانية ١٩٨٤ م، نشر دار الجهرة - قم.
٦٠ - مختصر بصائر الدرجات، الشيخ حسن بن سليمان الحلي، الطبعة الأولى ١٩٥٠ م، نشر المطبعة الحيدرية - النجف الاشرف.
٦١ - المحتضر، للشيخ حسن بن سليمان الحلي، الطبعة الاولى ١٣٧٠ هـ، طبع ونشر المطبعة الحيدرية في النجف.
٦٢ - المحاسن، احمد بن محمد بن خالد البرقي، تحقيق مهدي الرجائي، الطبعة الثانية ١٤٣٢، نشر المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام).
٦٣ - المنطق، الشيخ العلامة محمد رضا المظفر، طبعة عام ١٩٨٠، منشورات الفيروزآبادي - قم.
٦٤ - مكيال المكارم، محمد تقي الاصفهاني، تحقيق علي عاشور، الطبعة الاولى ١٤٢١، نشر مؤسسة الاعلمي - بيروت.
٦٥ - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، نور الدين علي بن ابي بكر الهيثمي، طبعة عام ١٤٠٨، طبع ونشر دار الكتب العلمية - بيروت.
٦٦ - مسند احمد، أحمد بن حنبل، طبع ونشر دار صادر - بيروت.
٦٧ - مسند أبي داود الطيالسي، سليمان بن داود الطيالسي، نشر دار المعرفة - بيروت.
٦٨ - المحجة البيضاء في تهذيب الاحياء، المولى محمد بن مرتضى المعروف بالفيض الكاشاني، تعليق علي اكبر الغفاري، مطبعة مهر، الطبعة الثانية، نشر مؤسسة النشر الإسلامي التابع لجماعة المدرسين - قم.
٦٩ - نهج البلاغة(نسخة المعجم المفهرس)، السيد محمد بن الحسين بن موسى المعروف بـ(الشريف الرضي)، تصحيح محمد دشتي، الطبعة الرابعة ١٤١٥ هـ، طبع ونشر مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين - قم.
٧٠ - نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة، محمد باقر المحمودي، مطبعة دار التعارف، الطبعة الاولى ١٣٩٦ - بيروت.
٧١ - النهاية في غريب الحديث، المبارك بن محمد بن الاثير الاجزري، تحقيق أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي، الطبعة الرابعة ١٣٦٤ ش، طبع ونشر مؤسسة اسماعيليان - قم.
٧٢ - وسائل الشيعة الى تحصيل مسائل الشريعة، محمد بن الحسن المعروف بالحرّ العاملي، تحقيق الشيخ عبد الرحيم الرباني، المطبعة الإسلامية، الطبعة السابعة ١٣٧٢ ش، نشر المكتبة الإسلامية - طهران
٧٣ - اليقين في أمرة أمير المؤمنين (عليه السلام)، السيد علي بن موسى بن طاووس، تحقيق الأنصاري، مطبعة نمونة، الطبعة الأولى ١٤١٣، نشر مؤسسة دار الكتاب.


(١) سورة الانشقاق: ١٩.
(٢) كمال الدين: ٤٣٦ - ٤٣٧ / ٦.
(٣) نهج البلاغة: ٤٨ - ٤٩ خطبة (١٠٩).
(٤) سورة المطففين: ٢٦.
(٥) سورة البقرة: ٢٦٨.
(٦) سورة الكهف: ٢٩.
(٧) سورة ال عمران: ٩٧.
(٨) سورة البقرة: ١٢٩.
(٩) سورة البقرة: ٢٨٦.
(١٠) الجندر سقوط الفطرة: ٩.
(١١) منطق المظفر: ٧٣ - ٧٩.
(١٢) سورة النساء: ١١٩.
(١٣) الجندر سقوط الفطرة: ٩.
(١٤) الحكمة المتعالية ١: ٢١١ - ٢١٢.
(١٥) منطق المظفر: ٨٧.
(١٦) بداية الحكمة: ١٠٧.
(١٧) الجندر سقوط الفطرة: ٣٨ - ٤٣، باختصار لعبارة الكتاب.
(١٨) سورة هود: ٧٧ - ٨٣، وقد ورد ذكر قصة قوم لوط (عليه السلام) في عدة من سور القرآن الكريم منها: (الحجر: ٥٧ - ٧٨، الشعراء: ١٦٠ - ١٧٥، النمل: ٥٥ - ٥٩، القمر: ٣٣ - ٤٠، التحريم: ١٠).
(١٩) الكافي ٣: ٩١ - ٩٢ / ٣.
(٢٠) سورة العنكبوت: ٢٨.
(٢١) الكافي ٥: ٥٤٤ / ٤.
(٢٢) سورة الحجر: ٦٨.
(٢٣) سورة هود: ٨١.
(٢٤) سورة هود: ٨٠.
(٢٥) سورة هود: ٨٣.
(٢٦) الكافي ٥: ٥٤٤ - ٥٤٦ / ٥.
(٢٧) نحن وإن اعتقدنا أنَّ التوراة والانجيل قد حرفتا إلا أنَّ ذلك لا يمنع من الاستشهاد ببعض ما ورد فيهما، وذلك أنهما مع تحريفهم ما زال اليهود والنصارى متمسكين بهما ويعمل عليهما، وأنَّ اغلب الغربيين بين يهود ومسيح، وديانات أخرى، والذين أسسوا للجندر هم ليسوا بعيدين عن هاتين الديانتين أنَّ لم يكونوا من أحدهما، فهذه فرنسا التي تحتضن (سيمون دي) المذهب الغالب فيها المسيح الكاثوليكي، وإن كان يتواجد فيها بكثرة ايضا يهود ومسلمون وبوذيون ايضا، فنذكر النصوص التوراتية او الانجيلية هنا لمجرد الاستشهاد بهما، ولإلزام أصحابهما بما في كتبهم.
(٢٨) العهد القديم: ٢ سفر التكوين ١/ ٢٧.
(٢٩) العهد القديم: ٣ سفر التكوين ٢ / ٧.
(٣٠) العهد القديم: ٣ سفر التكوين ٢/ ٢٢.
(٣١) العهد القديم: ٣ سفر التكوين ٢ / ٢٤ - ٢٥، كذا ورد في كتبهم.
(٣٢) كذا ورد في الكتاب.
(٣٣) العهد القديم: ٥ سفر التكوين ٤ / ١ - ٢.
(٣٤) العهد القديم: ٦ سفر التكوين ٥ / ٤.
(٣٥) العهد القديم: ١٧ سفر التكوين ١٦ / ١ - ٢.
(٣٦) العهد القديم: ١٥٣ سفر اللاوبين ١٩ / ٢٩.
(٣٧) العهد الجديد: ١٣٨٨ الرسالة الأوّلى إلى كورنثوس ١٥/ ٤٥.
(٣٨) العهد الجديد: ١٤٣٨ الرسالة الأوّلى إلى تيموثاوس ٢/ ١٢ - ١٣.
(٣٩) العهد الجديد: ١١٤٢ متى / ٥ / ٢٨.
(٤٠) العهد الجديد: ١١٤٢ متى ٥ / ٣١.
(٤١) العهد الجديد: ١١٤٦ متى ٧ / ٢٤ - ٢٦.
(٤٢) العهد الجديد: ١١٣٧ متى ١ / ٦.
(٤٣) العهد الجديد: ١٢١٦ لوقا ١/ ٦٠ - ٦٧.
(٤٤) العهد الجديد: ١٢٢٨ لوقا ٨ / ١٩.
(٤٥) العهد الجديد: ١٢٣٠ لوقا ٨/ ٤١ - ٤٢.
(٤٦) سورة الحجرات: ١٣.
(٤٧) سورة البقرة: ٣٥ - ٣٦.
(٤٨) سورة النساء: ١.
(٤٩) سورة الاعراف: ١٨٩ - ١٩٠.
(٥٠) سورة لقمان: ١٣ - ١٤.
(٥١) سورة القصص: ٩ - ١٣.
(٥٢) سورة النساء: ٤.
(٥٣) سورة النساء: ٢٢ - ٢٤.
(٥٤) سورة الطلاق: ١.
(٥٥) سورة الاسراء: ٣٢.
(٥٦) لا يخفى على المتتبع البصير، أن تتبعنا للروايات هو بنحو الاستقراء الناقص وليس بنحو الاستقراء التام، فمن الممكن أن تفوتنا في المقام وما يتعلق به روايات لم نلتفت أو لم نقف عليها.
(٥٧) كمال الدين: ٢٥٠ - ٢٥١ /١، المحتضر: ٢٤٦ - ٢٤٩ /٣٣٧، بشارة الاسلام: ١٤.
(٥٨) الكافي ٨: ٣٦ - ٤٢ / ٧، اقول: هذه الرواية طويلة جداً، أخذنا منها موضع الحاجة، فلذا قطعناها بين الاقواس؛ لأنها لا يمكن اختصارها إلا بهذا الشكل.
(٥٩) الغيبة للنعماني: ٢٥٧ / ٣، البحار ٥٢: ٢٢٨ / ٩٢، بشارة الاسلام: ٧٠.
(٦٠) نهج السعادة ٣: ٤٣٣ - ٤٣٤.
(٦١) الزام الناصب ٢: ١٦١ - ١٦٢، بشارة الإسلام: ١٠٧.
(٦٢) كمال الدين وتمام النعمة: ٢٥٥ - ٢٥٦ / ١، مختصر بصائر الدرجات: ٣٠ - ٣١، مكيال المكارم ١: ١٤٣ - ١٤٤.
(٦٣) كشف الغمة ٣: ٣٤٢ - ٣٤٣، اعلام الورى ٢: ٢٩١ - ٢٩٢، المحجة البيضاء ٤: ٣٤١ - ٣٤٢.
(٦٤) كنز العمال ١٥: ٣٢٤ / ١٢٣٧، الجامع الصغير ٢: ٤٦٥ / ٧٦٧٨، مجمع الزوائد ٨: ١٠٢.
(٦٥) الكافي ٥: ٥٥٠ / ٤، ثواب الاعمال: ٢٩٠ - ٢٩١ / ١٠.
(٦٦) المحاسن ١: ٢٠٢ / ٣٤٧/ ١٣٠.
(٦٧) الكافي ٨: ٦٩ - ٧١ / ٢٧.
(٦٨) علل الشرائع ٣: ٣٦٨ / ١٤٣٩ / ٦٣.
(٦٩) الكافي ٥: ٥٥٢ / ٤.
(٧٠) مسند أحمد ١: ٣٣٠، صحيح البخاري ٧: ٥٥، مسند أبي داود ٢: ٢٦٩ / ٤٠٩٧.
(٧١) صحيح البخاري ٧: ٥٥، رياض الصالحين: ٦٤٣ / ١٦٣١، عمدة القاري ٢٢: ٤٢ / ٥٨٨٦.
(٧٢) مسند أبي داود ٢: ٢٦٩ / ٤٠٩٨، رياض الصالحين: ٦٤٣ / ١٦٣٢.
(٧٣) مسند أبي داود ٢: ٢٦٩ / ٤٠٩٩.
(٧٤) الصحاح ٦: ٢١٩٦ مادة [لعن]، النهاية في غريب الحديث ٤: ٢٥٥ مادة [لعن]، لسان العرب ١٣: ٣٨٧ - ٣٨٨ مادة [لعن].
(٧٥) كتاب العين ٢: ١٤١ - ١٤٢ مادة [لعن].
(٧٦) سورة البقرة: ١٦١ - ١٦٢.
(٧٧) سورة ال عمران: ٨٧ - ٨٩.
(٧٨) سورة الاعراف: ٤٤.
(٧٩) التبيان ٤: ٤٠٨.
(٨٠) فيض القدير ٥: ٣٤٣.
(٨١) عمدة القاري ٢٢: ٤١، وقريب منه عبارة ابن حجر في فتح الباري ١٠: ٢٧٩.
(٨٢) الكافي ٥: ٥٥٠ / ٤.
(٨٣) علل الشرائع ٣: ٣٦٨ / ١٤٣٩.
(٨٤) الكافي ٥: ٥٥٢ / ٤.
(٨٥) الكافي ٥: ٥٥٢ / ٤.
(٨٦) سورة التوبة: ٤٩.
(٨٧) نهج السعادة ٣: ٤٣٣ - ٤٣٤.
(٨٨) كمال الدين: ٥٢٥ - ٥٢٦ / ١، مختصر البصائر: ٣٠ - ٣١.
(٨٩) الكافي ٥: ٥٩ / ١٤.
(٩٠) من لا يحضره الفقيه ٣: ٣٩٠ / ٤٣٧٤.
(٩١) من لا يحضره الفقه ٣: ٣٩١ / ٤٣٧٦.
(٩٢) اليقين: ٤٢١ - ٤٢٢، بشارة الاسلام: ٢٣، البحار ٥٢: ٢١٧ - ٢١٨ / ٨٠.
(٩٣) الكافي ٥: ٥٤٩ /٢.
(٩٤) الكافي ٥: ٥٤٦ / ٥.
(٩٥) الامامة والتبصرة: ١١٩ - ١٢٠ / ١١٤.
(٩٦) أمالي الصدوق: ٧٧ - ٧٨ / ٤٥.
(٩٧) علل الشرائع ١: ٣١٢ /٢٩٩.
(٩٨) الغيبة للنعماني: ٦٦ - ٦٨ / ٢.
(٩٩) مصباح المتهجد: ٣٧٥ / ٥٠٢.
(١٠٠) الكافي ١: ٣٤٠ - ٣٤١ / ٢١.
(١٠١) أمالي الصدوق: ٤١٩ / ٥٥٧.
(١٠٢) سورة هود: ٨٣.
(١٠٣) الكافي ٥: ٥٤٤ - ٥٤٦ / ٥.
(١٠٤) سورة الحجر: ٥٨.
(١٠٥) سبل الهدى والرشاد ١٠: ١٦٥.
(١٠٦) الزام الناصب ٢: ١٦١ - ١٦٢، بشارة الاسلام: ١٠٧.
(١٠٧) سورة البقرة: ١٩٧.
(١٠٨) سورة هود: ٧٨.
(١٠٩) سورة النمل: ٥٥.
(١١٠) الكافي ٥: ٥٤٤ - ٥٤٥ / ٥.
(١١١) سورة الحجر: ٥٨.
(١١٢) التبيان ٨: ٥٤.
(١١٣) سورة الشعراء: ١٦٦.
(١١٤) سورة النمل: ٥٦.
(١١٥) علل الشرائع ٣: ٣٦٨ / ١٤٤٠، وسائل الشيعة ١٤: ٢٥٥ / ١٠.
(١١٦) سورة هود: ٧٨.
(١١٧) سورة الحجر: ٧١.
(١١٨) سورة التحريم: ١٠.
(١١٩) سورة هود: ٨١.
(١٢٠) سورة الفرقان: ٣٨، وسورة ق: ١٢.
(١٢١) تفسير القمي ٢: ٩٠.
(١٢٢) سورة البقرة: ١٩٠.
(١٢٣) سورة البقرة: ٢٠٥.
(١٢٤) سورة المائدة: ٦٤.
(١٢٥) سورة البقرة: ٢٧٦.
(١٢٦) سورة ال عمران: ٣٢.
(١٢٧) سورة ال عمران: ٥٧.
(١٢٨) سورة النساء: ١٠٧.
(١٢٩) سورة الانفال: ٥٨.
(١٣٠) سورة الاعراف: ٨٢.
(١٣١) سورة البقرة: ٢٢٢.
(١٣٢) سورة التوبة: ١٠٨.
(١٣٣) سورة الاعراف: ١٥٢.
(١٣٤) سورة النحل: ١٠٦ - ١٠٨.
(١٣٥) سورة هود: ٨١ - ٨٣.
(١٣٦) الكافي ٢: ١٨٧ / ٦.
(١٣٧) الكافي ٥: ٥٥ - ٥٦ / ١.
(١٣٨) سورة هود: ٧٨.
(١٣٩) الصحاح ٣: ١٠١٤ مادة [فحش]، القاموس المحيط ٢: ٢٨٢ مادة [فحش].
(١٤٠) سورة العنكبوت: ٢٨.
(١٤١) سورة الاسراء: ٣٢.
(١٤٢) سورة العنكبوت: ٢٩.
(١٤٣) سورة الاعراف: ٣٣.
(١٤٤) سورة طه: ١١٧.
(١٤٥) سورة البقرة: ٢٠٨.
(١٤٦) سورة فاطر: ٦.
(١٤٧) سورة الأعراف: ١٦ - ١٨.
(١٤٨) سورة الحج: ٢٤.
(١٤٩) سورة البقرة: ١٦٩.
(١٥٠) سورة البقرة: ٢٦٨.
(١٥١) سورة النور: ٢١.
(١٥٢) سورة الانعام: ١١٢ - ١١٣.
(١٥٣) سورة ابراهيم: ٢٢.
(١٥٤) سورة يوسف: ١٠٦.
(١٥٥) سورة ابراهيم: ٢٢.
(١٥٦) سورة يس: ٦٠ - ٦٢.
(١٥٧) سورة ابراهيم: ٣٤.
(١٥٨) سورة الاعراف: ٢٨ - ٢٩.
(١٥٩) سورة النحل: ٩٠.
(١٦٠) سورة البقرة: ٢٦٨.
(١٦١) سورة ابراهيم: ٢٢.
(١٦٢) سورة البقرة: ١٦٨.
(١٦٣) سورة الاعراف: ٢٧.
(١٦٤) سورة النساء: ٣.
(١٦٥) سورة النور: ٣٢.
(١٦٦) سورة النساء: ٢٤.
(١٦٧) سورة المائدة: ٥.
(١٦٨) سورة المؤمنون: ٥ - ٧،.
(١٦٩) سورة ق: ١٢.
(١٧٠) سورة البقرة: ١٦٢.
(١٧١) المحاسن ١: ٢٠٢ / ٣٤٧.
(١٧٢) علل الشرائع ٣: ٣٦٨ / ١٤٤٠، وسائل الشيعة ١٤: ٢٥٥ / ١٠.
(١٧٣) مسند احمد ١: ٢٢٥ - ٢٢٦.
(١٧٤) علل الشرائع ٣: ٣٦٨ / ١٤٤١، وسائل الشيعة ١٤: ٢٢٦ / ١١.
(١٧٥) سورة ال عمران: ٦١.       
(١٧٦) نهج البلاغة: ٩٤ خطبة (١٩٢).     
(١٧٧) علل الشرائع ٣: ٣٦٨ / ١٤٣٩، وسائل الشيعة ١٤: ٢٥٥ / ٩.       
(١٧٨) سورة سبأ: ٣١.
(١٧٩) شذرات الذهب في اخبار من ذهب ٢: ٤٠ - ٤١، الاغاني ٢٠: ٣٨٦ - ٣٨٧، وقريب منه في مروج الذهب ٣: ٤٣٥، وقد روى الخطيب البغدادي في تاريخه اخبارا متعددة في مثلية ابن اكثم وما قيل فيها، تاريخ بغداد ١٤: ١٩٨ - ١٩٩.
(١٨٠) هذه المسائل التي ذكرها ابن اكثم، لم يطرحها على الإمام الهادي (عليه السلام) مباشرة وإنما سألها من اخيه موسى المبرقع مشافهة ثم كتبها له تحريرا فأخذها المبرقع وهو متحير وذهب بها إلى أخيه الإمام الهادي (عليه السلام) فعرضها عليه ثم أجاب عنها الإمام (عليه السلام).
(١٨١) سورة الشورى: ٥٠.
(١٨٢) تحف العقول: ٣٥٢.
(١٨٣)) سورة الشورى: ٥٠.
(١٨٤)) سورة الفرقان: ٦٨ - ٦٩.
(١٨٥) تحف العقول: ٣٥٤.
(١٨٦) سورة الشورى: ٤٩ - ٥٠.
(١٨٧) سورة الأعراف: ٢٨.
(١٨٨) تحف العقول: ٣٥٤.
(١٨٩) تحف العقول: ٣٥٤.
(١٩٠) سورة الفرقان: ٦٨ - ٦٩.
(١٩١) سورة التحريم: ١٠.
(١٩٢) سورة هود: ٨١.
(١٩٣) سورة الفرقان: ٦٨ - ٦٩.
(١٩٤) سورة الاعراف: ١٨.
(١٩٥) سورة الحج: ٤.
(١٩٦) سورة فاطر: ٦.
(١٩٧) سورة آل عمران: ١٥١.
(١٩٨) سورة المائدة: ٢٩.
(١٩٩) ثواب الاعمال: ٣٠٣.
(٢٠٠) الكافي ٣: ٩١ / ٣.
(٢٠١) الكافي ٥: ٥٥٢ / ٣.
(٢٠٢) لابد من الالتفات إلى أن الكلام عن الجندر هو كلام عن الحرية الجنسية بتمام معناها الشاملة للزنا واللواط والسحاق، بل حتى ممارسة الجنس مع الحيوانات، فلذا نحن نذكر بعض الآثار الوضعية لاحد تلك ممارسات السيئة القبيحة لشمول الجندر لها بمفهومه العام، ولا نقتصر على صنف واحد معين منها، فإنَّ مناداة الجندرية بالمساواة بين الرجل والمرأة كما تنص عليه اتفاقية (سيداو) تفتح الباب أمام النساء فإنَّ لهن أن لا يقفن عند رجل واحد بل لها التنوع والتبديل وغير ذلك.
(٢٠٣) الكافي ٥: ٥٥٢ / ٤.
(٢٠٤) سورة المجادلة: ٢٢.
(٢٠٥) المحاسن ١: ١٩٢ / ٣٢٥، الكافي ٢: ٢٨٠ / ١١.
(٢٠٦) المحاسن ١: ١٩٢ - ١٩٣ / ٣٢٦.
(٢٠٧) المحاسن ١: ١٩٣ / ٣٣٠.
(٢٠٨) الكافي ٥: ٥٤٤ - ٥٤٦ / ٥، المحاسن ١: ١٩٧ - ٢٠٠ / ٣٤٢.
(٢٠٩) الكافي ٥: ٥٤٩ / ١.
(٢١٠) الكافي ٥: ٥٤٩ / ٢.
(٢١١) سورة الروم: ٤١.
(٢١٢) تفسير القمي ٢: ١٣٧، تفسير الصافي ٤: ١٣٥، تفسير نور الثقلين ٤: ١٩٠ / ٨١.
(٢١٣) الكافي ٨: ٥٨ / ١٩.
(٢١٤) كنز الفوائد: ٦٢.
(٢١٥) من لا يحضره الفقيه ١: ٥٢٤ / ١٤٩٢.
(٢١٦) المصنف لابن أبي شيبة ٨: ٢٥٦ / ١٩.
(٢١٧) أمالي المفيد: ٣١٠ - ٣١١ / ٢، أمالي الطوسي: ٧٩ / ١١٧.
(٢١٨) من لا يحضره الفقيه ١: ٥٢٤ / ١٤٨٨.
(٢١٩) نهج البلاغة: ٦٩ خطبة (١٥٧)، أقول: لعل المراد من هذه العبارة هي زلزلة يوم القيامة كما ورد في قوله تعالى: ﴿يا ايها الناس اتقوا ربكم أنَّ زلزلة الساعة شيء عظيم * يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما ارضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد﴾ سورة الحج: ١ - ٢، وأيضا ورد في سورة الزلزلة قريب من ذلك.
(٢٢٠) ثواب الاعمال: ٢٧٧ / ٢.
(٢٢١) ثواب الاعمال: ٢٨٨ / ١، المحاسن ١: ١٩٦ - ١٩٧ / ٣٤١.
(٢٢٢) الكافي ٥: ٥٤٩ / ٢، علل الشرائع ٣: ٢٧٤ - ٢٧٥ / ٧.
(٢٢٣) المحاسن ١: ١٩٧ - ٢٠٠ / ٣٤٢.
(٢٢٤) قرب الاسناد: ٥٥ / ١٨٠، أقول: لابد أن يلتفت إلى أنَّ الرواية ليست بصدد تجويز فعل القبيح سراً، بمعنى إن الإنسان يجوز له فعل المنكر سراً ولا حرمة ولا عقاب عليه، لا ليس الأمر كذلك؛ لأنَّ الامور المحرمة المنصوص عليها اياما كانت صورتها غير مقيدة بسر أو علن، فهي حرام كيف ما اتفق حصولها، وإنما المقيد في هذه الرواية هو حلول العقاب الالهي على فعل القبيح إذا كان بصورة علنية ولم تنكر ولم تغير العامة من الناس المنكر فيحل عليهم العذاب، كما ورد في قوله تعالى: ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة﴾، سورة الانفال: ٢٥.
(٢٢٥) سورة هود: ٨٢ - ٨٣.
(٢٢٦) الكافي ٥: ٥٤٨ / ٩.
(٢٢٧) المحاس ١: ١٩٣ / ٣٢٩.
(٢٢٨) الكافي في الفقه: ٤٠٤ - ٤٠٥، المبسوط ٥: ٢٠٣ - ٢٠٤، المجمع ٢٠: ٣ - ٤، مغني المحتاج ٤: ١٥٢.
(٢٢٩) المراسم: ٢٥٤، غنية النزوع: ٤٢٥، شرائع الاسلام ٤: ٩٤٢.
(٢٣٠) الانتصار: ٥١٣، الغنية: ٤٢٦.
(٢٣١) المبسوط ٨: ٦٦، المهذب ٢: ٥٣١، شرائع الاسلام ٤: ٩٤٢.
(٢٣٢) سورة التغابن: ٥.
(٢٣٣) سورة الروم: ٤١.
(٢٣٤) كامل الزيارات: ١٦٧ - ١٦٨ /٢١٩.
(٢٣٥) كذا في جميع المصادر، ولعله تصحيف عن (موتاً)، وان كان ورد في رواياتنا موت أحمر وموت أبيض.
(٢٣٦) صحيح بن حبان ١٥: ١٨٠، مسند أحمد ٤: ١٠٤، سنن الدارمي ١: ٢٩ - ٣٠.
(٢٣٧) المحاسن ١: ١٠٧.
(٢٣٨) الغيبة للنعماني: ٢٨٦ / ٦١.
(٢٣٩) كذا في المصدر، ونقله في البحار عن كمال الدين: (موتان) وهو الاصح.
(٢٤٠) كمال الدين: ٥٩٥ / ٢٧، البحار ٥٢: ٢٠٧ /٤٢.
(٢٤١) من لا يحضره الفقيه ١: ٥٢٤ /١٤٨٨.
(٢٤٢) الغيبة للنعماني: ٢٦٤.
(٢٤٣) معجم احاديث المهدي ١: ٢٤٤ / ٣٦، صحيح البخاري ٢: ١١٤، صحيح مسلم ٣: ٨٤.
(٢٤٤) صحيح البخاري ٦: ١٥٨.
(٢٤٥) معجم احاديث المهدي ١: ٣٢١ - ٣٢٢ / ٢٠٩، الفتن للمروزي: ٣٢٧، كنز العمال ١٤: ٥٩٩ - ٦٠٠ / ٣٩٦٨٧.
(٢٤٦) سورة ابراهيم: ٢٧.

التحميلات التحميلات:
التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016