فهرس المكتبة التخصصية
 كتاب مختار:
 البحث في المكتبة:
 الصفحة الرئيسية » المكتبة التخصصية المهدوية » كتب أخرى » الصحيفة المباركة المهديّة
 كتب أخرى

الكتب الصحيفة المباركة المهديّة

القسم القسم: كتب أخرى الشخص المؤلف: السيد مرتضى المجتهدي السيستاني تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٦/٠٨/٠١ المشاهدات المشاهدات: ٥٠٤٣٤ التعليقات التعليقات: ٠

الصحيفة المباركة المهديّة
مجموعة مهمّة من الصلوات والأدعية والزيارات و...
الصادرة عن الناحية المقدّسة أو الواردة عن سائر المعصومين (عليهم السلام) حول الإمام القائم المنتظر (عجّل الله فرجه)

المؤلّف: السيّد مرتضى المجتهدي السيستاني
الناشر: منشورات الماس
المطبعة: نينوا
الطبعة: الاُولى شعبان المعظّم ١٤٣٣ هـ ق

فهرس موضوعات الكتاب

قصيدة تفضّل بها الشاعر العبقريّ محمّد باقر الإيرواني النجفي
المقدّمة
نكتة مهمّة
طلب معرفة الإمام أرواحنا فداه من الله (عزَّ وجلَّ)
الحياة المعنويّة للإنسان
في ضرورة الدعاء، عقلاً ونقلاً
تأثير الدعاء
آداب الدعاء
١ - الإقبال والتوجّه في الدعاء
٢ - اليقين
اليقين وتأثيره في إجابة الدعاء
اليقين وآثاره العجيبة
٣ - الاشتغال بالدعاء من جهته
أهميّة المداومة على الدعاء
لزوم الدعاء لصاحب العصر والزمان أرواحنا فداه
أوّل مظلوم في العالم
نصيحة من الحاج الشيخ رجبعلي الخيّاط (رحمه الله)
التجربة المهمّة للحاج الشيخ حسنعلي الأصفهاني
في كيفيّة الدعاء بتعجيل فرجه وظهوره صلوات الله عليه تصريحاً وتلويحاً
في المكارم الّتي تحصل بالدعاء له أرواحنا فداه
تفصيل الكلام في بعض آثار الدعاء لصاحب العصر والزمان أرواحنا فداه
١ - وقوع الفرج له صلوات الله عليه وللداعي
٢ - دعاء مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه في حقّ الداعي له بالفرج والنصر
في المواضع الّتي ندبت فيها الإحياء وقلّة المنام مخصوصاً
في الأزمنة المخصوصة به أرواحنا فداه
في الأمكنة الّتي يتأكّد الدعاء لتعجيل الفرج فيها
إقامة مجالس الدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)
إهداء ثواب الصلاة وسائر الأعمال إليه أرواحنا فداه
في الأماكن المخصوصة به أرواحنا فداه
١ - مسجد الكوفة
٢ - مسجد السهلة
٣ - المسجد المقدّس في جمكران
التوجّه إلى وظائف عصر الغيبة
الاعتياد بعصر الغيبة!
غيّروا أساليبكم الفكريّة!
إلى أمير عالم الوجود
لزوم التوجّه إلى الإمام المنتظر أرواحنا فداه
الانتظار
انتظار الفرج أو الاعتقاد به؟!
المعرفة، أو طريق الانتظار
درك الحضور علامة المعرفة
ما هو معنى الحضور؟
المكانة العظيمة للإمام المنتظر أرواحنا فداه في كلمات أهل البيت (عليهم السلام)
(١) - في الصلوات
١ - صلاة الإمام القائم أرواحنا فداه
٢ - صلاة أخرى للحجّة القائم أرواحنا فداه
٣ - صلاة المسجد المقدّس في جمكران
٤ - كيفيّة الصلاة في مقامه صلوات الله عليه بالحلّة والنعمانيّة
٥ - الصلاة المنسوبة إلى مولانا صاحب الأمر أرواحنا فداه لقضاء الحوائج
٦ - صلاة التوجّه إلى مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
٧ - صلاة الفرج ودعائه، لدفع الشدائد
٨ - في صلاة الاستغاثة به أرواحنا فداه
٩ - صلاة الهديّة إليه صلوات الله عليه
١٠ - صلاة الهديّة إليه صلوات الله عليه في يوم الخميس
١١ - صلاة الاستغاثة بمولانا صاحب الزّمان صلوات الله عليه في ليلتي الخميس والجمعة
١٢ - هذه الصلاة بكيفيّة اُخرى
١٣ - صلاة الحاجة في ليلة الجمعة
١٤ - صلاة اُخرى
١٥ - الصلاة في اليوم السابع والعشرين من شهر رجب
١٦ - صلاة ليلة النصف من شعبان
١٧ - صلاة اُخرى في هذه الليلة
(٢) - في تعقيبات الصلوات
١٨ - دعاء يقرأ بعد صلاة الصبح
١٩ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في تعقيب صلاة الصبح
٢٠ - دعاء آخر لظهوره صلوات الله عليه بعد صلاة الصبح
٢١ - دعاء آخر له صلوات الله عليه بعد صلاة الصبح
٢٢ - ٢٤ - أدعية علّمها مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه رجلاً لدفع الشدائد
٢٥ - الدعاء للفرج بعد صلاة الفجر وصلاة الظهر في الجمعة وغيرها
٢٦ - الدعاء لتعجيل فرجه أرواحنا فداه في تعقيب صلاة الظهر
٢٧ - الدعاء له صلوات الله عليه بعد صلاة العصر
٢٨ - الدّعاء للقائم أرواحنا فداه بعد كلّ صلاة
٢٩ - الدعاء له أرواحنا فداه بعد كلّ فريضة
٣٠ - الدعاء له أرواحنا فداه بعد الصلاة المكتوبة
٣١ - دعاء يقرأ بعد الصلاة
٣٢ - دعاء منقول عنه صلوات الله عليه في رفع الحوائج
٣٣ - دعاءٌ يقرأ في تعقيب الفرائض يوجب التشرّف
٣٤ - دعاء الرؤية
٣٥ - الدعاء لظهوره أرواحنا فداه في عقيب الركعتين الاُوليين من صلاة الليل
٣٦ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه بعد الركعة الرابعة من صلاة الليل
(٣) - في أدعية الاُسبوع
٣٧ - الدعاء لظهوره أرواحنا فداه في يوم الخميس
٣٨ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في عصر يوم الخميس إلى آخر نهار يوم الجمعة
٣٩ - الدعاء لظهوره أرواحنا فداه في ليلة الجمعة
حكاية دعاء العلويّ المصريّ
٤٠ - دعاء العلويّ المصريّ للإمام المهديّ أرواحنا فداه يقرأ في الشدائد
يوم الجمعة يوم صاحب الزمان أرواحنا فداه
الأمر بالدعاء في خطبة صلاة الجمعة
فضيلة دعاء الندبة
٤١ - دعاء الندبة في يوم الجمعة و...
٤٢ - دعاء الإمام الصادق (عليه السلام) بعد قراءة دعاء الندبة
٤٣ - الدعاء لتعجيل الفرج في عقيب صلاة الفجر في يوم الجمعة
٤٤ - الدعاء لظهوره (عليه السلام) في يوم الجمعة
٤٥ - دعاءٌ آخر لظهوره أرواحنا فداه في يوم الجمعة
٤٦ - دعاءٌ من قرأه عقيب الجمعة يكون من أصحاب القائم صلوات الله عليه
٤٧ - ذكر الصلوات في ظهر يوم الجمعة لمن أراد أن يدرك صاحب الأمر صلوات الله عليه
٤٨ - الدعاء لظهوره أرواحنا فداه في يوم الجمعة والعيدين
حكاية صلوات ضرّاب الأصفهاني
٤٩ - صلوات ضرّاب الأصفهاني المرويّة عن مولانا المهديّ صلوات الله عليه
ذكر دعاء الفرج لحسن بن وجناء
٥٠ - الدعاء لظهورهم (عليهم السلام) في عصر الجمعة
٥١ - دعاء لظهوره صلوات الله عليه في قنوت صلاة الجمعة
٥٢ - فضيلة قراءة سورة الإسراء في ليلة الجمعة
(٤) - في أدعية الشهور
٥٣ - الدعاء في ظهر يوم عاشوراء لظهور مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
٥٤ - دعاء آخر في يوم عاشوراء لطلب الثأر مع الإمام المهديّ صلوات الله عليه
٥٥ - دعاء آخر لطلب ثار أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء
٥٦ - الدعاء المرويّ عن مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه يقرأ في كلّ يوم من شهر رجب
٥٧ - دعاء آخر مرويّ عنه أرواحنا فداه يقرأ في كلّ يوم من شهر رجب
٥٨ - الدعاء الثالث يقرأ في أيّام شهر رجب قرئه مولانا صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)
٥٩ - دعاء يوم الثالث من شعبان
فضيلة ليلة النصف من شعبان
٦٠ - دعاء ليلة النصف من شعبان
٦١ - دعاء آخر يقرأ في ليلة النصف من شعبان
فضيلة دعاء كميل في هذه الليلة
٦٢ - دعاء الافتتاح

٦٣ - الدعاء لظهوره أرواحنا فداه بعد كلّ صلاة في شهر رمضان
٦٤ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في اليوم الثالث عشر من شهر رمضان
٦٥ - دعاء آخر في اليوم الثالث عشر من شهر رمضان
٦٦ - الدعاء لظهوره أرواحنا فداه في اليوم الثامن عشر من شهر رمضان
٦٧ - الدعاء له صلوات الله عليه في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان
٦٨ - دعاء آخر لظهوره أرواحنا فداه في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان
٦٩ - الدعاء الثالث لظهوره أرواحنا فداه في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان وفي غيرها
من أدب الشيعة بالنسبة إلى الإمام صلوات الله عليه في يوم عيد الفطر
٧٠ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة
٧١ - دعاء يوم عيد الغدير من قرئه كان كمن يكون تحت راية القائم صلوات الله عليه وفي فسطاطه من النجباء والنقباء
٧٢ - تسبيح مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه من يوم الثامن عشر إلى آخر كلّ شهر
(٥) - في أدعية المطلقة الّتي لا تختصّ قراءتها بيوم خاصّ
٧٣ - دعاء العهد
في بيان معنى البيعة معه صلوات الله عليه
٧٤ - دعاء العهد الثاني من قرئه يرفع إسمه في ديوان القائم أرواحنا فداه
٧٥ - دعاء أيّام الغيبة
٧٦ - دعاء أيّام الغيبة برواية اُخرى
٧٧ - دعاء المعرفة يقرأ في أيّام الغيبة
٧٨ - دعاء آخر يقرأ في الغيبة
٧٩ - دعاء آخر أيضاً يقرأ في الغيبة
٨٠ - دعاء الغريق
٨١ - دعاء يصلح لأيّام الغيبة
٨٢ - دعاء آخر يصلح لأيّام الغيبة علّمه في المنام
٨٣ - الدعاء للنجاة من الفتن
٨٤ - دعاء الإمام الجواد (عليه السلام) لرفع الظلم عن العالم
٨٥ - دعاء من قرئه يحفظ من شرّ الدجّال
٨٦ - دعاء الفرج (إلهي عظُم البلاء)
٨٧ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في حرم الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)
٨٨ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في قنوت الصلوات
٨٩ - هذا الدعاء برواية اُخرى
٩٠ - دعاء سيّد الشهداء (عليه السلام) للطلب بدمه
٩١ - دعاء سيد الشهداء (عليه السلام) للانتقام عن ظالميهم بعد شهادة ولده الصغير عبد الله
٩٢ - دعاء سيد الشهداء (عليه السلام) للانتقام عن الأعداء
٩٣ - الدعاء لأن يجعل الله الدّاعي من أصحاب القائم صلوات الله عليه
٩٤ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في سجدة الشكر
٩٥ - الدعاء لظهوره أرواحنا فداه في الساعة المخصوصة به
٩٦ - الدعاء الثاني في الساعة المخصوصة به صلوات الله عليه
٩٧ - دعاء السفر في الساعة المخصوصة به أرواحنا فداه
٩٨ - الصلاة على مولانا صاحب الأمر أرواحنا فداه
٩٩ - الدعاء عند وقوع الصيحة
١٠٠ - الدعاء للفرج في يوم الظهور
١٠١ - دعاء الشيعة عند خروج مولانا القائم أرواحنا فداه
١٠٢ - دعاء لمن أراد التشرّف بخدمته صلوات الله عليه
١٠٣ - الطريق إلى مشاهدته أرواحنا فداه بقراءة السور المباركة الكوثر والتوحيد وآل عمران
١٠٤ - الصلاة على سيّدتنا النساء فاطمة الزهراء صلوات الله عليه
١٠٥ - من خواصّ سورة يس
١٠٦ - فضيلة سور المسبّحات
١٠٧ - فضيلة قراءة سورة الكهف
١٠٨ - قراءة سورة القارعة توجب الأمن من فتنة الدجّال
(٦) - في أدعية مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه
١٠٩ - قراءته صلوات الله عليه سورة القدر قبل ولادته (عليه السلام)
١١٠ - قراءته أرواحنا فداه القرآن قبل ولادته (عليه السلام) برواية اُخرى
١١١ - في ما قرئه أرواحنا فداه بعد ولادته وقراءته القرآن
١١٢ - دعائه صلوات الله عليه عند ولادته برواية اُخرى
١١٣ - دعاءٌ آخر عنه أرواحنا فداه عند ولادته وقراءته (عليه السلام) كتب السماويّة
١١٤ - دعاءٌ آخر عنه أرواحنا فداه عند ولادته
١١٥ - دعاءٌ آخر عنه أرواحنا فداه عند ولادته
١١٦ - الدعاء عند العطاس
١١٧ - دعائه أرواحنا فداه عند البيت
١١٨ - دعاءٌ آخر عند البيت
١١٩ - تحميده صلوات الله عليه لله عند ملاقاته إبراهيم بن مهزيار
١٢٠ - الدعاء المرويّ عنه صلوات الله عليه عند شروع الصلاة
١٢١ - دعاء الإمام العالم الحجّة أرواحنا فداه
١٢٢ - دعاء سهم الليل
١٢٣ - دعاءٌ آخر مرويّ عنه أرواحنا فداه
١٢٤ - دعاء آخر عن الإمام الحجّة أرواحنا فداه
١٢٥ - دعاء آخر عنه صلوات الله عليه
١٢٦ - دعاء عظيم الشأن لقضاء الحوائج
١٢٧ - دعاء أمر بكتابته وغسله وشربه مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه للشفاء عن الأمراض
١٢٨ - الدعاء للنجاة من الشدائد والحفظ من اللصوص
١٢٩ - دعاء مرويّ عنه صلوات الله عليه للنجاة من الضيق والشدّة
١٣٠ - حرز لمولانا القائم أرواحنا فداه
١٣١ - دعاء الحجاب لمولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
١٣٢ - دعائه أرواحنا فداه في أوّل ظهوره
١٣٣ - دعائه صلوات الله عليه عند العبور عن وادي السلام
١٣٤ - نقش خاتم مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه
(٧) - في الأدعية الّتي دعا بها مولانا الحجّة (عليه السلام) للناس أو على الناس وفيه فصلان:
الفصل الأوّل: في الأدعية الّتي دعا بها مولانا صاحب الزّمان أرواحنا فداه للنّاس
١٣٥ - دعائه أرواحنا فداه في السرداب للشيعة
١٣٦ - دعائه أرواحنا فداه لشيعته
١٣٧ - دعاء آخر عنه أرواحنا فداه لشيعته
١٣٨ - دعائه أرواحنا فداه لنسيم الخادمة
١٣٩ - دعائه صلوات الله عليه للعمري وابنه (رضوان الله عليهما)
١٤٠ - دعائه صلوات الله عليه لمحمّد بن عثمان وأبيه (رضوان الله عليهما)
١٤١ - دعائه أرواحنا فداه لمحمّد بن عثمان وفيه دعاء لعثمان بن سعيد (رضوان الله عليهما)
١٤٢ - الدعاء للشيخ أبي القاسم حسين بن روح (قدّس سرّه)
١٤٣ - دعائه أرواحنا فداه لإبراهيم بن مهزيار
١٤٤ - دعائه أرواحنا فداه في التوقيع إلى محمّد بن إبراهيم
١٤٥ - دعائه أرواحنا فداه في التوقيع إلى عليّ بن محمّد السمري (رضوان الله عليه)
١٤٦ - دعائه أرواحنا فداه للحميري
١٤٧ - دعاء آخر للحميري
١٤٨ - دعائه أرواحنا فداه لأبي العبّاس محمّد بن جعفر القمي الحميري
١٤٩ - دعائه أرواحنا فداه لإسحاق بن يعقوب في التوقيع إليه
١٥٠ - دعاء آخر لأحمد بن إسحاق في التوقيع إليه
١٥١ - دعائه أرواحنا فداه لأبي الحسن الخضر
١٥٢ - دعائه أرواحنا فداه لعليّ بن الحسين
١٥٣ - دعائه أرواحنا فداه لقاسم بن علاء
١٥٤ - دعائه صلوات الله عليه لحسن بن القاسم بن العلاء
١٥٥ - دعائه صلوات الله عليه للصقريّ
١٥٦ - دعائه صلوات الله عليه للرجلين من أهل مصر
١٥٧ - دعائه صلوات الله عليه لوالدي محمّد بن يزداذ
١٥٨ - دعائه أرواحنا فداه لبعض المؤمنين
١٥٩ - دعائه صلوات الله عليه لمحمّد بن شاذان بن نعيم
١٦٠ - دعائه أرواحنا فداه للشيخ المفيد في التوقيع إليه
١٦١ - دعائه أرواحنا فداه للشيخ المفيد (قدّس سرّه) في توقيع آخر
١٦٢ - دعاء آخر للشيخ المفيد (قدّس سرّه)
١٦٣ - دعائه أرواحنا فداه للسيّد حمّود ابن السيّد حسّون
الفصل الثاني: في الأدعية الّتي دعا بها مولانا صاحب الزّمان أرواحنا فداه على الناس
١٦٤ - دعائه أرواحنا فداه على معاوية
١٦٥ - دعائه صلوات الله عليه على الشلمغاني وأمثاله
١٦٦ - دعائه صلوات الله عليه على أحمد بن هلال العبرتائي
١٦٧ - دعائه أرواحنا فداه على مدّعي البابيّة
١٦٨ - دعائه أرواحنا فداه على أهل الغلوّ
١٦٩ - دعائه أرواحنا فداه على بني شيصبان على ما رواه عليّ بن إبراهيم بن مهزيار
١٧٠ - دعائه أرواحنا فداه على من أكل من أموالهم في جواب سؤالات الأسدي
١٧١ - دعائه أرواحنا فداه على من أكل من أموالهم حراماً في التوقيع إلى الشيخ أبي جعفر محمّد (قدّس سرّه)...
١٧٢ - دعائه صلوات الله عليه على من سمّاه في محفل من الناس
(٨) - في الأدعية الّتي نقلها مولانا بقيّة الله أرواحنا فداه عن آبائه الطاهرين (عليهم السلام)
١٧٣ - دعاء أمير المؤمنين (عليه السلام) في الشدائد المنقول عن مولانا بقيّة الله أرواحنا فداه
حكاية حرز اليماني
١٧٤ - حرز اليماني (النسخة الاُولى)
١٧٥ - الحرز اليماني (النسخة الثانية)
١٧٦ - الحرز اليماني (النسخة الثالثة)
١٧٧ - الحرز اليماني (النسخة الرابعة) وهي النسخة المخطوطة للسيّد بحر العلوم أعلى الله مقامه
اختتام دعاء السيفي
اختتامٌ آخر
١٧٨ - الحرز اليماني (النسخة الخامسة) وهي النسخة الثانية المنسوبة إلى السيّد بحر العلوم (قدّس سرّه)
١٧٩ - دعاء الحريق يقرأ في الصباح
١٨٠ - دعاء الإلحاح للإمام الصادق (عليه السلام) المرويّ عن مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
١٨١ - دعاء أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد الفريضة المرويّ عن مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
١٨٢ - دعاء أمير المؤمنين (عليه السلام) في سجدة الشكر المرويّ عن مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
١٨٣ - دعاء الإمام السجّاد (عليه السلام) في المسجد الحرام المرويّ عن مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
١٨٤ - دعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام) في عقيب الصلاة المرويّ عن مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
حكاية دعاء العبرات
١٨٥ - دعاء العبرات يقرأ في المهمّات
١٨٦ - النسخة الثانية لدعاء العبرات
ونختم هذا الباب بدعاء زكريّاء النبيّ (عليه السلام) المنقول عن مولانا صاحب الزّمان صلوات الله عليه
(٩) - في الاستخارات المرويّة عن مولانا صاحب الأمر أرواحنا فداه
الاستخارات
هل للاستخارة وقت خاصّ أم لا؟
لزوم الاستخارة
دعاء الاستخارة آخر مرسوم خرج عن الناحية المقدّسة
١٨٧ - الدعاء المرويّ عن مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه في الاستخارات
نكتةٌ مهمّة
ما قاله أرواحنا فداه في جواز الاستخارة بالصلاة والرقاع وعدم جوازها بالخواتيم
١٨٨ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في دعاء الاستخارة بالقرآن
١٨٩ - ذكر ظهوره صلوات الله عليه في دعاء الاستخارة بالقرآن
١٩٠ - ذكر ظهوره صلوات الله عليه في دعاء آخر للاستخارة بالقرآن
١٩١ - كيفيّة الاستخارة بالقرآن المنقول عن الآخوند الهمداني (رحمه الله)
١٩٢ - الاستخارة بالرقاع المرويّة عن مولانا الحجّة صلوات الله عليه
انواع الاستخارة بالتسبيح المرويّة عن مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
١٩٣ - الاستخارة الاُولى بالسبحة
١٩٤ - الاستخارة الثانية بالسبحة
١٩٥ - الاستخارة الثالثة بالسبحة
١٩٦ - الاستخارة الرابعة بالسبحة
١٩٧ - الاستخارة الخامسة بالسبحة
(١٠) - في إرسال الرقعة إلى مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه
الرقعة
قضيّة للرقعة إلى مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
قضيّة اُخرى لكتابة الرقعة إليه صلوات الله عليه
١٩٨ - كيفيّة كتابة الرقعة إلى مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه
١٩٩ - كتابة الرقعة إلى الله تعالى وإلى الإمام الحجّة أرواحنا فداه
٢٠٠ - الرقعة الكشمرديّة تجعل في طيّ رقعة الإمام أرواحنا فداه
٢٠١ - النسخة الثانية للرقعة الكشمرديّة
٢٠٢ - الرقعة الاستغاثة الاُخرى إلى الإمام الحجّة صلوات الله عليه
(١١) - في التوسّل بمولانا بقيّة الله صلوات الله عليه
التوسّل
حكاية دعاء التوسّل للخواجة نصير (رحمه الله) الّذي علّمه إيّاه مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
دعاء الاعتصام للخواجة نصير الدين الطوسي (رحمه الله)
٢٠٣ - دعاء التوسّل المعروف بدعاء التوسّل للخواجة نصير (رحمه الله)
٢٠٤ - التوسّل بمولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه
٢٠٥ - التوسّل بمولانا القائم أرواحنا فداه في الشدائد
٢٠٦ - توسّلٌ آخر بمولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
٢٠٧ - التوسّل به صلوات الله عليه في كلّ أمر صعب (يا فارس الحجاز)
٢٠٨ - التوسّل به أرواحنا فداه أيضاً في كلّ أمر صعب (يا محمّد يا عليّ)
٢٠٩ - توسّل آخر به أرواحنا فداه (يا صاحب الزّمان)
٢١٠ - توسّل آخر به صلوات الله عليه
٢١١ - التوسّل به أرواحنا فداه في الشدائد (يا حجّة القائم)
٢١٢ - التوسّل لدفع المرض
٢١٣ - التوسّل بمولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه في يوم الاثنين والخميس
(١٢) - في الزيارات
في استحباب زيارة مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه في كلّ زمان ومكان
في بيان إهداء ثواب الزيارات إلى مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
آداب الزيارة
٢١٤ - الزيارة الرجبيّة يزار بها كلّ المشاهد في شهر رجب
٢١٥ - زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) في يوم الأحَد المنقول عن مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه
٢١٦ - زيارة الناحية المقدّسة
٢١٧ - زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) والشهداء
٢١٨ - زيارة الشهداء
٢١٩ - دعاء يقرأ للإستيذان قبل الورود في حرم الأئمّة (عليهم السلام) والسرداب المقدّس
٢٢٠ - زيارة الإمامين العسكريّين (عليهما السلام)
٢٢١ - زيارة الإمام الهادي (عليه السلام)
٢٢٢ - زيارة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
٢٢٣ - زيارة اُمّ القائم (عليهما السلام)
٢٢٤ - زيارة عمّة القائم في حرم العسكريّين (عليهم السلام)
٢٢٥ - زيارة مولانا القائم أرواحنا فداه في السرداب المقدّس
٢٢٦ - زيارة ثانية لمولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
٢٢٧ - زيارة ثالثة لمولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
٢٢٨ - زيارة رابعة في السرداب المقدّس
٢٢٩ - زيارة خامسة لمولانا صاحب الزّمان صلوات الله عليه
٢٣٠ - زيارة سادسة يُزار بها مولانا صاحب الأمر أرواحنا فداه
٢٣١ - زيارة آل يس
٢٣٢ - زيارة الندبة
٢٣٣ - زيارة مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه في يوم الجمعة
٢٣٤ - زيارة صاحب الأمر أرواحنا فداه يزار بها في المضائق والمخاوف
٢٣٥ - زيارة مختصرة لمولانا صاحب الأمر صلوات الله عليه
٢٣٦ - زيارة مولانا صاحب الزّمان أرواحنا فداه في الحرم المطهّر الرضوي
٢٣٧ - زيارة للخلف القائم أرواحنا فداه
٢٣٨ - كيفيّة التسليم عليه أرواحنا فداه
٢٣٩ - كيفيّة التسليم عليه أرواحنا فداه بنحو آخر
(١٣) - في زيارة نوّاب مولانا القائم (عليه السلام) وما نقلوه من الأدعية والزيارات غير ما نقلوه في الأبواب السابقة
٢٤٠ - زيارة أبواب الإمام الحجّة أرواحنا فداه
٢٤١ - زيارة النائب الأوّل عثمان بن سعيد (قدّس سرّه)
٢٤٢ - صلاة الحاجة، عن مولانا محمّد بن عثمان (قدّس سرّه)
٢٤٣ - دعاء عظيم الشأن، عظّمه النائب الثاني محمّد بن عثمان (قدّس سرّه)
٢٤٤ - دعاء السمات المرويّ عن النائب الثاني محمّد بن عثمان (قدّس سرّه)
٢٤٥ - دعاء يوم عيد الفطر المرويّ عن محمّد بن عثمان (قدّس سرّه)
٢٤٦ - زيارة مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) في يوم الغدير المنقولة عن عثمان بن سعيد وحسين بن روح
٢٤٧ - زيارة مولانا الصادق (عليه السلام) المنقولة عن عثمان بن سعيد وحسين بن روح (قدّس سرّه)ما
٢٤٨ - دعاء الخضر (عليه السلام) المعروف بدعاء كميل
قنوتات الأئمّة (عليهم السلام)، رواها النائب الثالث حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٤٩ - قنوت الإمام الحسن (عليه السلام) برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٥٠ - دعاء الإمام الحسن (عليه السلام) في القنوت برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٥١ - قنوت الإمام الحسين (عليه السلام) برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٥٢ - دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) في القنوت برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٥٣ - قنوت الإمام السجّاد (عليه السلام) برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٥٤ - دعاء الإمام السجّاد (عليه السلام) في القنوت برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٥٥ - قنوت الإمام الباقر (عليه السلام) برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٥٦ - دعاء الإمام الباقر (عليه السلام) في القنوت برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٥٧ - قنوت الإمام الصادق (عليه السلام) برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٥٨ - دعاء الإمام الصادق (عليه السلام) في القنوت برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٥٩ - قنوت الإمام الكاظم (عليه السلام) برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٦٠ - دعاء الإمام الكاظم (عليه السلام) في القنوت برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٦١ - قنوت الإمام الرضا (عليه السلام) برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٦٢ - قنوت الإمام الجواد (عليه السلام) برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٦٣ - دعاء الإمام الجواد (عليه السلام) في القنوت برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٦٤ - قنوت الإمام الهادي (عليه السلام) برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٦٥ - دعاء الإمام الهادي (عليه السلام) في القنوت برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٦٦ - قنوت الإمام العسكري (عليه السلام) برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٦٧ - دعاء الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في القنوت برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٦٨ - قنوت مولانا الحجّة صلوات الله عليه برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٦٩ - دعاء مولانا الحجّة أرواحنا فداه في القنوت برواية مولانا حسين بن روح (قدّس سرّه)
٢٧٠ - نقش خاتم مولانا أبي جعفر السمّان (قدّس سرّه)
(١٤) - في الأدعية الواردة لظهوره صلوات الله عليه في سائر الدعوات
٢٧١ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في الصلاة على النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)
٢٧٢ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه لمولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)
٢٧٣ - الدعاء للفتح والظفر في دعاء أمير المؤمنين (عليه السلام)
٢٧٤ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في دعاء السجدة بعد زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام)
٢٧٥ - في دعاء فاطمة الزهراء (عليها السلام) لطلب الفرج ودفع الهمّ
٢٧٦ - الدعاء للفرج في التسليم على فاطمة الزهراء (عليها السلام)
٢٧٧ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في الصلاة على السيّدة النّساء فاطمة الزهراء (عليها السلام)
٢٧٨ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في الدعاء بعد صلاة زيارتها (عليها السلام)
٢٧٩ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في دعاء الإمام السجّاد (عليه السلام)
٢٨٠ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في دعاءٍ آخر للإمام زين العابدين (عليه السلام)
٢٨١ - دعاء آخر لظهوره صلوات الله عليه للإمام السجّاد (عليه السلام)
٢٨٢ - دعاءٌ آخر لظهوره صلوات الله عليه للإمام السجّاد (عليه السلام) في الدعاء على أهل الشام
٢٨٣ - الدعاء لظهوره ورؤيته أرواحنا فداه في حرز الإمام زين العابدين (عليه السلام)
٢٨٤ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في حرز آخر للإمام زين العابدين (عليه السلام)
٢٨٥ - دعاء آخر لظهوره صلوات الله عليه للإمام السجّاد (عليه السلام)
٢٨٦ - دعاء مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) لظهوره أرواحنا فداه
٢٨٧ - دعاء مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) لإحياء الشيعة في عصر الظهور
٢٨٨ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في دعاء عظيم لمولانا الصادق (عليه السلام)
٢٨٩ - الدعاء له أرواحنا فداه في دعاء الإمام الصادق (عليه السلام)
٢٩٠ - الشهادة بظهوره صلوات الله عليه في دعاء الإمام الهادي (عليه السلام)
٢٩١ - ذكره صلوات الله عليه في دعاء الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بعد ولادة مولانا القائم (عليه السلام)
٢٩٢ - ما ورد فيه صلوات الله عليه في دعاء العديلة الكبيرة
٢٩٣ - ذكره صلوات الله عليه في دعاء العديلة الصغيرة
٢٩٤ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في دعاء الاحتراز
٢٩٥ - ذكر الأولياء والأبدال في دعاء كنز العرش
٢٩٦ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في دعاء كنز العرش
٢٩٧ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في دعاء الفرج
٢٩٨ - إظهار الإيمان به صلوات الله عليه في الدعاء للأمن والأمان
٢٩٩ - ذكره صلوات الله عليه في دعاء المرويّ في الاستغاثة
٣٠٠ - ذكره صلوات الله عليه في الدعاء لسعة الرزق
٣٠١ - الدعاء للخدمة للأبدال وأوليائه صلوات الله عليه في دعاء المناجاة
٣٠٢ - ذكره صلوات الله عليه في دعاء الاستخارة بالمصحف
٣٠٣ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في دعاء الثناء والمسألة
٣٠٤ - الدعاء لتعجيل الفرج في دعاء الساراي
٣٠٥ - الدعاء له صلوات الله عليه في دعاء المستجاب
٣٠٦ - ذكره صلوات الله عليه في دعاء عشرات
٣٠٧ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في دعاء التوسّل بهم (عليهم السلام)
٣٠٨ - ذكر ظهوره صلوات الله عليه في بعض الصلوات
٣٠٩ - ذكره صلوات الله عليه في دعاء معاشر أهل البيت (عليهم السلام)
٣١٠ - دعاء آخر لظهوره صلوات الله عليه في دعاء معاشر أهل البيت (عليهم السلام)
٣١١ - الدعاء للفرج في قنوت الأئمّة (عليهم السلام)
٣١٢ - دعاءٌ آخر للفرج في قنوت الأئمّة (عليهم السلام)
٣١٣ - الدعاء للفرج في قنوت صلاة الفجر
٣١٤ - الدعاء لتعجيل الفرج في الدعاء في قنوت صلاة الفجر
٣١٥ - الدعاء لتعجيل الفرج في قنوت صلاة الصبح
٣١٦ - الدعاء للفرج في قنوت ظهر الجمعة
٣١٧ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في الدعاء بعد كلّ صلاة
٣١٨ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في تعقيب الصلوات
٣١٩ - الدعاء له صلوات الله عليه في الدعاء بعد الفرائض
٣٢٠ - ذكر ظهوره صلوات الله عليه في الدعاء بعد الصلاة الّتي يصلّيها المظلوم
٣٢١ - ذكر ظهوره صلوات الله عليه في الدعاء بعد الصلاة للانتقام الظالم
٣٢٢ - الدعاء لظهوره أرواحنا فداه في الدعاء بعد صلاة جعفر (عليه السلام)
٣٢٣ - الاستعاذة من فتنة الدجّال في الدعاء بعد صلاة الحاجة
٣٢٤ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه بعد صلاة تصلّيها فاطمة الزهراء (عليها السلام)
٣٢٥ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في الدعاء بعد صلاة عيد الفطر
٣٢٦ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في دعاء يقرأ بعد صلاة الصبح
٣٢٧ - التعوّذ من غلبة الدجّال في تعقيب صلاة الصبح
٣٢٨ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه بعد الصلاة في الليلة الجمعة
٣٢٩ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في الصلوات عقيب صلاة الظهر من يوم الجمعة
٣٣٠ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في دعاء طويل يقرأ في يوم الجمعة
٣٣١ - دعاء آخر لظهوره صلوات الله عليه في الدعاء الطويل، يقرأ في يوم الجمعة
٣٣٢ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه بعد الظهر من يوم الجمعة
٣٣٣ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في يوم الجمعة
٣٣٤ - ذكره صلوات الله عليه في دعاء يقرأ في ليلة السبت
٣٣٥ - الرجاء للظهور في دعاء ليلة الأحد
٣٣٦ - الدعاء له صلوات الله عليه في الصباح والمساء
٣٣٧ - الإقرار به أرواحنا فداه في دعاء يقرأ في كلّ صباح
٣٣٨ - ذكره صلوات الله عليه في الدعاء في أوّل الصبح
٣٣٩ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في الدعاء ما بين زوال الشمس إلى الغروب
٣٤٠ - الدعاء لهلاك الأعداء كلّهم في دعاء اليوم الخامس والعشرين من كلّ شهر
٣٤١ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه عند دخول شهر رمضان
٣٤٢ - الدعاء للفرج في دعاء كلّ يوم من شهر رمضان وأوّل ليلة منه
٣٤٣ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في الدعاء الّذي يقرأ في كلّ يوم من شهر رمضان
٣٤٤ - الدعاء له صلوات الله عليه في دعاء يقرأ في كلّ يوم من شهر رمضان
٣٤٥ - الدعاء لإيجاد حالة الانتظار في دعاء الليلة الثانية من شهر رمضان
٣٤٦ - الدعاء للفرج في دعاء الليلة السادسة من شهر رمضان
٣٤٧ - الدعاء للفرج في دعاء اليوم الثامن من شهر رمضان
٣٤٨ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في دعاء الليلة الثانية عشر من شهر رمضان
٣٤٩ - الدعاء لتعجيل الفرج في دعاء الليلة التاسعة عشر من شهر رمضان
٣٥٠ - الدعاء للفرج في دعاء اليوم التاسع عشر من شهر رمضان
٣٥١ - الدعاء للفرج في دعاء اليوم العشرين من شهر رمضان
٣٥٢ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في دعاء آخر في اليوم العشرين من شهر رمضان
٣٥٣ - الدعاء للفرج في دعاء اليوم الحادي والعشرين من شهر رمضان
٣٥٤ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في الدعاء في ليلة القدر
٣٥٥ - الدعاء للفرج في الدعاء بعد الصلاة في ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان
٣٥٦ - الدعاء للفرج عند الذهاب إلى صلاة عيد الفطر
٣٥٧ - الدعاء لنصرته صلوات الله عليه في يوم عيد الفطر
٣٥٨ - ذكره صلوات الله عليه في الدعاء في يوم عرفة
٣٥٩ - ذكره صلوات الله عليه في الدعاء بعد زيارة سيّد الشهداء (عليه السلام) في يوم عرفة
٣٦٠ - الدعاء للأمن من شرّ الدجّال في دعاء عيد الأضحى
٣٦١ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في الدعاء الوارد في يوم عيد الغدير
٣٦٢ - دعاء آخر لظهوره صلوات الله عليه في الدعاء في يوم عيد الغدير
٣٦٣ - الدعاء للفرج في الدعاء في يوم عيد الغدير
٣٦٤ - ذكره صلوات الله عليه في الدعاء في يوم عيد الغدير
٣٦٥ - الدعاء للفرج في دعاء آخر في يوم عيد الغدير
٣٦٦ - دعاء آخر لظهوره صلوات الله عليه في دعاء يوم المباهلة
٣٦٧ - ذكر ظهوره صلوات الله عليه في الدعاء بعد الزيارة في يوم عاشوراء
٣٦٨ - الدعاء للفرج في دعاء يوم مولد النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)
٣٦٩ - الإقرار بالرجعة في الدعاء بعد زيارة سيّد الشهداء (عليه السلام) في ليلة النصف من شعبان
٣٧٠ - الدعاء لإيجاد حالة الانتظار في الدعاء عقيب صلاة اللّيل في ليلة النصف من شعبان
٣٧١ - الدعاء لأن يكون الدّاعي من أنصاره صلوات الله عليه
٣٧٢ - التعوّذ من غلبة الدجّال
٣٧٣ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في الدعاء لدفع العقارب
٣٧٤ - ذكره صلوات الله عليه في بعض الرقاع
٣٧٥ - ذكره صلوات الله عليه في رقعة اُخرى
٣٧٦ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في زيارة الوداع بالنيابة
٣٧٧ - ذكر ظهوره أرواحنا فداه في الدعاء عند أخذ التربة
٣٧٨ - التوسّل به صلوات الله عليه في دعاء كنز العرش
٣٧٩ - التوسّل به صلوات الله عليه في دعاء الفرج
٣٨٠ - التوسّل به صلوات الله عليه في دعاء الاعتقاد
٣٨١ - التوسّل به صلوات الله عليه في دعاء قاف
٣٨٢ - التوسّل به صلوات الله عليه في دعاء توسّل آخر
٣٨٣ - التوسّل به صلوات الله عليه في الدعاء الوارد بعد صلاة الحاجة في يوم الجمعة
٣٨٤ - التوسّل به صلوات الله عليه في دعاء رقعة الحاجة
٣٨٥ - التوسّل به صلوات الله عليه في الدعاء في رقعة اُخرى للحاجة
٣٨٦ - التوسّل به صلوات الله عليه في دعاء ليلة السبت
٣٨٧ - التوسّل به صلوات الله عليه في دعاء السفر
٣٨٨ - التوسّل به صلوات الله عليه في دعاء التوسّل
٣٨٩ - التوسّل به صلوات الله عليه في دعاء التوسّل بهم (عليهم السلام)
٣٩٠ - توسّل آخر به صلوات الله عليه في دعاء التوسّل بهم (عليهم السلام)
٣٩١ - التوسّل به صلوات الله عليه في دعاء التوسّل بالقرآن
٣٩٢ - التوسّل به صلوات الله عليه في الدعاء في ليالي شهر رمضان
(١٥) - في الأدعية الواردة حول ظهوره صلوات الله عليه في الزيارات
٣٩٣ - الإقرار بالظهور والرجعة في زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام)
٣٩٤ - الإقرار بالظهور في زيارة اُخرى لأمير المؤمنين (عليه السلام)
٣٩٥ - الإقرار بالرجعة في زيارة اُخرى لأمير المؤمنين (عليه السلام)
٣٩٦ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام)
٣٩٧ - ذكره صلوات الله عليه في إحدى زيارات أمير المؤمنين (عليه السلام)
٣٩٨ - ذكر ظهوره صلوات الله عليه في وداع أمير المؤمنين (عليه السلام)
٣٩٩ - التوسّل به صلوات الله عليه في زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام)
٤٠٠ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في زيارة سيّدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام)
٤٠١ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في زيارة فاطمة الزهراء (عليها السلام) في الروضة
٤٠٢ - الشهادة بظهوره صلوات الله عليه في التسليم على سيّد الشهداء (عليه السلام)
٤٠٣ - التوسّل به صلوات الله عليه في زيارة سيّد الشهداء (عليه السلام)
٤٠٤ - ذكر انتقامه صلوات الله عليه في زيارة اُخرى لسيّد الشهداء (عليه السلام)
٤٠٥ - ذكر الوعد بالنصر والفتح في إحدى زيارات سيّد الشهداء (عليه السلام)
٤٠٦ - البشارة بالظهور في زيارة اُخرى لسيّد الشهداء (عليه السلام)
٤٠٧ - دعاء آخر لظهوره أرواحنا فداه في زيارة سيّد الشهداء (عليه السلام)
٤٠٨ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في إحدى زيارات سيّد الشهداء (عليه السلام)
٤٠٩ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في إحدى زيارات سيّد الشهداء (عليه السلام)
٤١٠ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في إحدى زيارات سيّد الشهداء (عليه السلام)
٤١١ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في زيارة اُخرى لسيّد الشهداء (عليه السلام)
٤١٢ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في إحدى زيارات لسيّد الشهداء (عليه السلام)
٤١٣ - الدعاء للرجعة في إحدى زيارات سيّد الشهداء (عليه السلام)
٤١٤ - الشهادة بالرجعة والانتقام في زيارة اُخرى لسيّد الشهداء (عليه السلام)
٤١٥ - ذكر ظهوره صلوات الله عليه في إحدى زيارات سيّد الشهداء (عليه السلام)
٤١٦ - ذكر ظهوره صلوات الله عليه في زيارة اُخرى لسيّد الشهداء (عليه السلام)
٤١٧ - الدعاء للفرج في إحدى زيارات سيّد الشهداء (عليه السلام)
٤١٨ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في إحدى زيارات سيّد الشهداء (عليه السلام)
٤١٩ - الإقرار بالرجعة في إحدى زيارات سيّد الشهداء (عليه السلام)
٤٢٠ - الدعاء للرجعة في زيارة سيّد الشهداء (عليه السلام)
٤٢١ - ذكره صلوات الله عليه في زيارة يوم عرفة
٤٢٢ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في إحدى زيارات يوم عاشوراء
٤٢٣ - ذكره صلوات الله عليه في إحدى الزيارات في يوم عاشوراء
٤٢٤ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في إحدى الزيارات في يوم عاشوراء
٤٢٥ - الدعاء للانتقام من الأعداء في إحدى زيارات سيّد الشهداء (عليه السلام) في يوم عاشوراء
٤٢٦ - الشهادة بالظهور والرجعة في زيارة الأربعين
٤٢٧ - الدعاء لأوليائه صلوات الله عليه في زيارة أربعين
٤٢٨ - الدعاء لفرجه صلوات الله عليه في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في شهر جمادي الاُولى
٤٢٩ - الشهادة بالظهور والرجعة في زيارة مولانا أبي الفضل العبّاس (عليه السلام)
٤٣٠ - البشارة بانتقامه صلوات الله عليه في زيارة الشهداء
٤٣١ - ذكر ظهوره صلوات الله عليه في زيارة الشهداء
٤٣٢ - ذكر ظهوره صلوات الله عليه في زيارة اُخرى للشهداء
٤٣٣ - الشهادة بالرجعة والظهور في زيارة الشهداء
٤٣٤ - الشهادة بالقيام والانتقام في زيارة الشهداء
٤٣٥ - إظهار التهيّؤ لنصرته صلوات الله عليه في زيارة الشهداء
٤٣٦ - الدعاء للفرج في زيارة مسلم (عليه السلام)
٤٣٧ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في زيارة الإمامين الكاظمين (عليهما السلام)
٤٣٨ - الدعاء للفرج في زيارة مولانا عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام)
٤٣٩ - ما ورد له صلوات الله عليه في زيارة سيّدتنا فاطمة المعصومة (عليها السلام)
٤٤٠ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في زيارة سيّدتنا فاطمة المعصومة (عليها السلام)
٤٤١ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في زيارة الإمام الجواد (عليه السلام)
٤٤٢ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في زيارة الإمام الهادي (عليه السلام)
٤٤٣ - الدعاء للانتقام من ظالمي اُمّه فاطمة الزهراء (عليها السلام) في زيارة الإمام عليّ الهادي (عليه السلام)
٤٤٤ - ذكره صلوات الله عليه في زيارة الإمام عليّ الهادي (عليه السلام)
٤٤٥ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في زيارة اُخرى للإمام الهادي (عليه السلام)
٤٤٦ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في زيارة العسكريّين (عليهما السلام)
٤٤٧ - ذكره أرواحنا فداه في زيارة اُمّه (عليها السلام)
٤٤٨ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في زيارة اُمّه (عليها السلام)
٤٤٩ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في زيارة سائر الأئمّة (عليهم السلام)
٤٥٠ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في وداع مشاهد أهل البيت (عليهم السلام)
٤٥١ - ذكره وزيارته صلوات الله عليه في زيارة الأئمّة (عليهم السلام)
٤٥٢ - الدعاء لدرك عصر الظهور في الوداع الجامع
٤٥٣ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في إحدى الزيارات الجامعة
٤٥٤ - ذكر السلام عليه صلوات الله عليه في زيارة جامعة
٤٥٥ - الإقرار بالظهور والرجعة في نسخة ثانية للزيارة الجامعة
٤٥٦ - الإقرار بالظهور والرجعة في هذه الزيارة ثانياً
٤٥٧ - دعاء آخر للظهور والرجعة في هذه الزيارة
٤٥٨ - ذكره صلوات الله عليه في الزيارة الجامعة السابعة
٤٥٩ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في الزيارة الجامعة السابعة
٤٦٠ - التوسّل به صلوات الله عليه في الزيارة الجامعة الثانية عشرة
٤٦١ - ذكر السلام عليه صلوات الله عليه في الزيارة الجامعة الرابعة عشرة
٤٦٢ - الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في زيارة جامعة اُخرى
٤٦٣ - الإقرار بالظهور والرجعة في زيارة جامعة اُخرى
٤٦٤ - الدعاء له أرواحنا فداه في إحدى زيارات الجامعة
٤٦٥ - الإقرار بالرجعة في زيارة مولانا أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) في ليلة الفطر
٤٦٦ - الإقرار بالرجعة في زيارة ليلة عرفة
٤٦٧ - الإقرار بالرجعة في زيارة مولانا أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) في يوم عرفة
(١٦) - في بيان ما أمر بإتيانه مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه وفيه فصلان:
الفصل الأوّل: في بعض التوقيعات الصادرة عن الناحية المقدّسة
١ - التوقيع في فضيلة سورتي القدر والإخلاص في الصلاة
٢ - التوقيع في فضيلة سجدة الشكر بعد الفريضة
٣ - التوقيع في فضيلة السجدة على اللوح وبيان اُمور اُخرى
٤ - التوقيع في أفضل أوقات صلاة جعفر الطيّار (عليه السلام) و...
٥ - التوقيع في وجوب التكبير وعدمه عند القيام للركعة الثانية
٦ - توقيع آخر في الاقتداء في الصلاة
٧ - التوقيع فيمن يصلّى صلاة العصر فاستيقن أنّه لم يصلّ الظهر إلاّ ركعتين
٨ - التوقيع فيما يقرأ في الركعتين الأخيرتين
٩ - التوقيع في الصلاة في الخزّ
١٠ - التوقيع في الصلاة مع ثوب القزّ والأبريسم
١١ - التوقيع في الصلاة حين طلوع الشمس وغروبها
١٢ - التوقيع في جواز الصلاة وأمام المصلّي النار والصورة
١٣ - التوقيع في الصلاة مع الحديد
١٤ - التوقيع في جواز الصلاة في المحمل...
١٥ - التوقيع في ردّ اليدين في القنوت
١٦ - التوقيع في حكم السجدة على غير ما تصحّ السجدة عليه
١٧ - التوقيع في الصلاة وفي رجليه بطيط
١٨ - التوقيع في الرجوع إلى رواة الأحاديث في الحوادث الواقعة
١٩ - التوقيع في المسح على الرجلين
٢٠ - التوقيع في جواب سؤال أحمد بن إسحاق
٢١ - التوقيع في حرمة ثمن المغنّية
٢٢ - التوقيع في نحر الهدي و...
٢٣ - التوقيع في الاكتفاء بهديٍ واحد في الحجّ
٢٤ - التوقيع في جواز الإحرام في كساء خزّ
٢٥ - التوقيع في بيان بعض المسائل للمحرم
٢٦ - التوقيع في المحرم إذا ترك رفع خشب العمارية و...
٢٧ - التوقيع في استظلال المحرم من المطر
٢٨ - التوقيع في التسبيح بطين القبر
٢٩ - التوقيع في وداع شهر رمضان
٣٠ - التوقيع في الجارية المشروطة
٣١ - كلامه صلوات الله عليه في تأخير صلاة العشاء والصبح
الفصل الثاني: في ذكر بعض العبادات الّتي إلتفت إليها مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
٣٢ - لقاء السيّد أحمد الرشتي بالإمام أرواحنا فداه
٣٣ - صلاة الليل
٣٤ - مدح مولانا بقيّة الله صلوات الله عليه لزيارة الجامعة الكبيرة
٣٥ - الزيارة الجامعة الكبيرة
٣٦ - زيارة عاشوراء
٣٧ - الدعاء بعد زيارة عاشوراء
٣٨ - زيارة أمين الله وفضيلتها
٣٩ - الوداع بعد زيارة أمين الله
٤٠ - زيارة وارث
٤١ - تشرّف الصالح الصفيّ الحاج عليّ البغدادي
٤٢ - أدعية الصحيفة الكاملة السجّاديّة
خاتمة الكتاب أو الملحقات في بيان أعمال وفضيلة بعض الأماكن وغيرها
١ - فضل مسجد الكوفة، وأنّه مصلّى صاحب الزمان (عليه السلام) في عصر الظهور
الرواح إلى مسجد الكوفة أربعين ليلة الأربعاء
التشرّف إلى مسجد الكوفة في أربعين ليلة من ليالي الجمعة
المداومة على العبادة أربعين يوم أو ليلة
أعمال مسجد الكوفة
ذكر الصلاة والدعاء على دكّة القضاء
ذكر الصلاة والدعاء في بيت الطشت المتّصل بدكّة القضاء
ذكر الصلاة والدعاء في وسط المسجد
صفة صلاة اُخرى عند الباب المذكور
صفة صلاة للحاجة عند الباب المذكور
مناجاة مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)
ذكر صلاة الحاجة هناك خاصّة
ذكر الصلاة والدعاء على دكّة الصادق (عليه السلام)
٢ - فضل مسجد السهلة، وفيه مقام صاحب الزمان أرواحنا فداه
أعمال مسجد السهلة
ما يدلّ على أنّ عمل الاستجارة في مسجد السهلة يوجب التشرّف
٣ - المسجد المقدّس في جمكران وما يعمل فيه بأمره (عليه السلام)
في فضيلة الدفن في كربلاء
في فضيلة البكاء على سيّد الشهداء (عليه السلام)
في فضيلة الصيام لقيام قائم آل محمّد (عليهم السلام)
في فضيلة الانتظار
قصيدة ابن عرندس الحلّي (رحمه الله) وبيان فضيلتها
فهرس المنابع والمصادر

قصيدة تفضّل بها الشاعر العبقريّ محمّد باقر الإيرواني النجفي في تاريخ كتاب «الصحيفة المباركة المهدية»
باسم النبيّ وآله الأطهار * * * اُبدي الثناء والمدح بالأشعار
هم خير خلق الله سادات الملا * * * والإفتخار بعترة المختار
حجج الإله على العباد وحبّهم * * * فرض بأمر الواحد القهّار
الله فضّلهم بكلّ كرامةٍ * * * وهم الهداة وخيرة الأخيار
هم أولياء الله من والاهم * * * نال النعيم وخصمهم في النار
فوجودهم سرّ الوجود وجودهم * * * عمّ الوجود على مدى الأدوار
والعالمون العاملون بعلمهم * * * والكلّ منهم قدوة الأبرار
فمحمّد هو جدّهم وأبوهمُ * * * أعني عليّاً رمز كلّ فخّار
والاُمّ فاطمة وسيّدة النسا * * * في العالمين وزهرة الأزهار
وأئمّة الإسلام إثني عشرةً * * * والابتداء بحيدر الكرّار
وختامهم مهديّ آل محمّد * * * والربّ غيّبه عن الأنظار
وبيمنه رزق الورى وبه النجا * * * وهو الملاذ لنا من الأخطار
هذا معزّ الأولياء وهادمٌ * * * بنيان أهل الشرك والأشرار
هذا مبيد الظالمين بسطوةٍ * * * جبّارة وبصارم بتّار
ويعيد للإيمان أعظم دولة * * * حقّاً ويقطع دابر الكفّار
هذا هو البدر المنير إذا بدا * * * ويشعّ هذا الكون بالأنوار
وسيملاُ الدنيا بعدل شامل * * * والعدل يشمل سائر الأقطار
ويطهّر الأرض الوسيعة كلّها * * * من جور أهل الجور والفجّار
لظهوره نصبو بشوق بالغ * * * ومن الأعادي آخذ بالثار
وبحبّه نشدو ونلهج باسمه * * * طول النهار وفي دجى الأسحار
طوبى لمن قد عدّ من أعوانه * * * والفوز للأعوان والأنصار
وكلامه المأثور سلوان لنا * * * ونشيدنا بكلامه المعطار
وإلى المؤلّف مدحنا وثناؤنا * * * وتحيّة الإجلال والأكبار
قد فاز مجتهديّ سيّد مرتضى * * * بالجدّ في التحقيق باستمرار
فكتابه المختار مصداق له * * * وبمحتواه منوّر الأفكار
وصحيفة مهديّة أرّختها: * * * معنىً مباركةً بنصر الباري ١٧٠/ ٦٦٣/ ٣٤٢/ ٢٤٤
وناظمُ الشعر والتاريخ غير خفيّ * * * محمّد الباقر بن الصادق النجفي
جمع المجموع:١٤١٩ هجري
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدّمة

الحمد لله الّذي خلقنا وأرسل إلينا رسوله خاتم النبيّين، وأظهر لنا ولاية أوليائه الأئمّة المهديّين لكمال الدين(١) وإقبال الأعمال(٢)، وهدانا إلى مكارم الأخلاق(٣) واكتساب ثواب الأعمال(٤)، لندخل في دار السلام(٥)، ونخلّد في جنّات الخلود(٦)، ونصل إلى المقام الأسنى(٧) في جنّة المأوى(٨) حتّى نرى الملك يقول لنا: «سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحيمٍ»(٩).
ثمّ الصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمّد (صلّى الله عليه وآله) الطيّبين الطاهرين الّذين جاؤوا لبيان تكاليف الأنام(١٠)، بـ الكلم الطيّب(١١)، وإرشاد العباد إلى بحار الأنوار(١٢) من المصباح(١٣)، الّذي كأنّه «كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ»(١٤)، المضيء ل منهاج العارفين(١٥) الّذين أرادوا مدينة العلم والحكمة فأتوها من باب السعادة(١٦).
سيّما على خاتمهم وقائمهم، صاحب الدعوة النبويّة، والصولة الحيدريّة، والعصمة الفاطميّة، والحلم الحسنيّة، والشجاعة الحسينيّة، والعبادة السجّاديّة، والمآثر الباقريّة، والآثار الجعفريّة، والعلوم الكاظميّة، والحجج الرضويّة، والجود التقويّة، والنقاوة النقويّة، والهيبة العسكريّة، والغيبة الإلهيّة، القائم بالحقّ، والدّاعي إلى الصدق المطلق، كلمة الله وأمان الله وحجّة الله، الغالب بأمر الله والذّابّ عن حرم الله، إمام السرّ والعَلَن، رافع الكرب والمِحَن، صاحب الجود والمنن، الإمام بالحقّ أبي القاسم محمّد بن الحسن صاحب العصر والزّمان، خليفة الله وإمام الإنس والجانّ، الّذي هو النجم الثاقب(١٧) في الليل الديجور، والأمان من أخطار الأسفار والأزمان(١٨)، والجُنّة الواقية(١٩) في البأساء والضرّاء.
وهذا الكتاب بضاعة مزجاة من العبد الضعيف الفاني، وهديّة إليك أيّها المولى الرؤوف العالي، فإن تقبّلته منّي فمن منن الله الملك المنّان الّذي مَنّ عليَّ بوجودك وجودك يا صاحب الزمان، وبقبولك يكون الكتاب الباقيات الصالحات(٢٠) وزاد المعاد(٢١) في يوم «لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونٌ»(٢٢)، ويكون فلاح السائل(٢٣) ومصباح المتهجّد(٢٤) لمن قرئه وطلب مفتاح الفلاح(٢٥) ل فتح الأبواب(٢٦).
فبقبولك الحسن يا صاحب الجود والمنن، يصير هذا الكتاب تبصرة الوليّ(٢٧) في كشف مفاتح الغيب(٢٨) لمن قرئه مع التأمّل والترتيل، ويدخل إن شاء الله في زمرة أوليائك المقرّبين، الّذين هم العدد القويّة(٢٩)، أعدّهم الله تعالى لنصرك وعونك.
ف «يا أَيُّهَا الْعَزيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ الله يَجْزِي الْمُتَصَدِّقينَ»(٣٠).
وهذه مجموعة من الصلوات والأدعية والزيارات و... الصادرة عن الناحية المقدّسة العليا، أو المنقولة حول صاحب الولاية الكبرى في العالمين وبقيّة الله في الأرضين الحجّة بن الحسن العسكري، عليه وعلى آبائه الطيّبين الطاهرين وأولاده المكرّمين أفضل التحيّة والسلام.
والمؤلّف قد سعى في تأليف ما وصل إليه من الأدعية والزيارات و... المذكورة في الكتب المعتبرة(٣١)، وإن لم يدّع أنّ الكتاب مجموعة جامعة كاملة.
لأنّ عصر الغيبة وافتراقنا عن إمامنا الحجّة صلوات الله عليه، قد أخذ عنّا كثيراً من الأدعية الصادرة عن الناحية المقدّسة، وكذلك كثيراً من الصلوات والزيارات والأذكار، لأنّنا مع الأسف في عصر الغيبة في البُعد والغفلة عن ساحته الشريفة، فلم ندر ما صدرت عن ناحيته المقدّسة؟
فقد وصل عنه صلوات الله عليه إلى أوليائه ما كتموه عنّا ولم يسطروه، ونستدلّ لما ذكرنا بما جرى للعالم الربّاني والفقيه الصمداني آية الله المرحوم الشيخ مرتضى الحائري عليه رضوان الله تعالى وهو ما قاله:
كان صديق لي يرتبط مع الإمام الحجّة صلوات الله عليه، ويجيء عندي في بعض الأيّام وكانت مرابطتي معه متداومة إلى أوّل الثورة في ايران، فبعدها لم يجئ عندي ولم أره منذ سنين!
وكانت لي مشكلة قلتها له في أيّام مرابطتي معه وسئلت عنه حلّها وهي: أنّ بعض الطلّاب وغيرهم يراجعونني لأخذ المساعدات وأنا لم أعرف بعضهم ولذلك كنت في شكّ من جواز مساعدتي لهم وعدمه.
لأنّي إن ساعدت من لم أعرفه يحتمل أن يكون غير مستحقّ للمساعدة، وفي صورة عدم مساعدتي له يحتمل أن يكون محتاجاً، فأظهرت هذه المشكلة للرجل المرتبط مع مولاي الحجّة صلوات الله عليه.
فقال لي: أنا آتيك بجوابها عن الإمام (عليه السلام) إن شاء الله. فذهب من عندي وراجعني بعد أيّام وأعطاني دعاءً عن الإمام الحجّة صلوات الله عليه وقال: إن سألك من لم تعرفه فاقرأ هذا الدعاء أوّلاً ثمّ أعطه شيئاً، فإنّ الحجّة (عليه السلام) قال: إذا قرء الدعاء لم يمكن للسائل أن يصرف المال في ما هو غير مرضيّ عندنا.
وكان الدعاء مختصراً وكنت كراراً عند الشيخ الاُستاذ شاهداً لقراءته الدعاء عند رجوع من لم يعرفه إليه.
والغرض من ذكر هذه القضيّة المهمّة الّتي قد لا يتحمّله بعض، أن تعلم أنّه لم يصل إلينا كلّ ما صدر عن الناحية المقدّسة، وكثيراً من الأدعية والزيارات والصلوات كانت في القلوب السليمة من أوليائه، ولم يظهروها للنّاس حتّى دخلوا في القبور.
وقال المحدّث النوري: أخبرني جماعة من ثقات الأصحاب أنّهم رأوا صاحب الأمر (عليه السلام) في اليقظة، وشاهدوا منه معجزات متعدّدات، وأخبرهم بعدّة مغيّبات، ودعا لهم بدعوات مستجابات، وأنجاهم من أخطار مهلكات تضيق عن تفاصيلها الكلمات(٣٢).
وما جمعناه في هذا الكتاب هو الموجود في الكتب المعتبرة. وما حصل لي فهو من ألطاف المولى الكريم، فما رأيت فيه من الحسن والبهاء فهو من تأييدات القائم بالحقّ والدّاعي إلى الصدق المطلق، وما رأيت فيه من النقص والخطاء فمن مؤلّف هذه السطور، المؤمِّل من الله تبارك وتعالى إعطاء الصدق والإخلاص، وأن يجعل الكتاب تذكرةً وطريقاً للتقرّب إليه وإلى وليّه صاحب العصر والزمان صلوات الله عليه.
ويشتمل الكتاب مضافاً إلى مقدّمته وخاتمته، على أبواب متعدّدة، تشتمل على معارف إلهيّة، واعلموا: «إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبيلاً»(٣٣)، «فَاقْرَؤُوا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا الله قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوُهُ عِنْدَ الله هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا الله إِنَّ الله غَفُورٌ رَحيمٌ»(٣٤).
نكتة مهمّة
إنّ أئمّتنا عليهم الصلاة والسلام لمّا كانوا في جوّ سياسيّ أسّسته الحكومة الملعونة الحبتريّة(٣٥) لأن لا تنعقد الدولة العادلة العلويّة، لم يكن لهم مجال لبيان الأسرار الإلهيّة، لوجود الطغاة الأمويّة والعبّاسيّة، ولذا قال أوّل من غصب حقّه، أمير امرة المحقّة، عليّ بن أبي طالب (عليهما السلام):
كان لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سرّ لا يعلمه إلّا قليل،... ولولا طغاة هذه الاُمّة لبثثت هذا السرّ(٣٦).
فلم يبيّنوا الأسرار للناس، ولم يبثّوها إلّا إلى قليل منهم من نقبائهم وأفاضل أوليائهم. ولم يمكن لهم إفشاء الأسرار والحقائق المعنويّة لعدم قدرة الناس على التحمّل - لكونهم في الدولة الحبتريّة الّتي تدوم إلى الحكومة الإلهيّة القائميّة، لأنّ الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ»(٣٧) هي دولة حبتر، فهي تسري إلى قيام القائم (عليه السلام)(٣٨) -، فأوردوا كثيراً منها تحت عنوان الأدعية والمناجاة، فتحسّسْ عن الأسرار والحقائق فيها.
ثمّ إنّ أهل البيت (عليهم السلام) لم يكن بيانهم للأسرار في الأدعية والزيارات للجوّ السياسي في عصرهم منحصراً بها، بل ذكروا مسائل مهمّة من الاعتقادات والمعارف العالية في الدعوات والمناجاة والزيارات، وتظهر هذه الحقيقة بالرجوع إليها.
ومضافاً إلى ما بيّنوه فيها من الأسرار والاعتقادات، بيّنوا فيها كثيراً من المسائل الّتي لها تأثير أساسي في حياة الإنسان وعلّموا المجتمع البشري أحسن درس من دروس الحياة.
عليك بالدقّة في الصحيفة الكاملة السجّاديّة الّتي أيّد صحّتها الإمام المنتظر أرواحنا فداه حتّى ترى أنّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) كم بيّن من الحقائق العظيمة في ألفاظ قصيرة بعنوان الدعاء والمناجاة. وبالدقّة في أدعية أخرى من الإمام السجّاد (عليه السلام) ومن سائر أهل البيت (عليهم السلام) تظهر هذه الحقيقة.
فالآن نذكر مثالاً من الدروس الحياتيّة الّتي علّمونا إيّاها في الأدعية:
في المناجاة الإنجيليّة للإمام السجّاد (عليه السلام) ندعو الله تعالى:
أسألك من الهمم أعلاها.
هذا الكلام تنبيهٌ من الإمام زين العابدين (عليه السلام) لكلّ من يدعو الله؛ بمعني أنّ الداعي كائناً من كان وإن كان يعدّ نفسه حقيراً جدّاً، لابدّ له أن يطلب من الله تعالى أن يعطيه أعلى الهمم حتّى يقدر أن يتحوّل في حياته تحوّلاً عظيماً حتّى يكون لوجوده تأثير أساسيّ في المجتمع. هذه حقيقة تتحقّق في الخارج مع لمعان نور الإمام (عليه السلام) في قلب الإنسان.
وما ورد عنهم (عليهم السلام) من الدعوات و...، هو طور سيناء الولاية؛ فمن شاء أن يذهب إلى الوادي الأيمن، ويصعد إلى طور سيناء الهداية، فعليه بخلع نعليه وتطهير ثيابه، وتعلّم آداب الدعاء والاستجابة حتّى يرى العناية والإجابة.
هذا ما وصل إلينا من الكتاب والرواية، فخذه واغتنم ولا تيأس من رَوْح الله «إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ»(٣٩)، فكن على ذلك من يقين حتّى ترى النور وتعرف السرّ، لأنّ الأئمّة (عليهم السلام) يهدون الناس إلى الأسرار والحقائق بما قالوا في دعواتهم ومناجاتهم.
قال في العدد القويّة: إنّ نور الإمامة يهدي القلوب والعقول إلى سلوك طريق الحقّ، ويوضح لها المقاصد في سلوك سبيل النجاة، كما يهدي نور الشمس والقمر أبصار الخلائق إلى سلوك الطرق، ويوضح لها المناهج السهلة ليسلكوها، والمسالك الوغرة ليتركوها، فهما نوران هاديان، أحدهما: يهدي البصائر وهو نور الإمامة، والآخر: يهدي الأبصار وهو نور الشمس والقمر.
ولكلّ واحد من هذين النورين محالٌّ يتحمّلها، فمحلّ ذلك النور الهادي للأبصار البروج الاثنا عشر الّتي أوّلها الحمل وآخرها الحوت، فينقل من واحد إلى آخر، فيكون محالّ النور الثاني الهادي للبصائر وهو نور الإمامة منحصراً في إثنا عشر(٤٠).
طلب معرفة الإمام أرواحنا فداه من الله (عزَّ وجلَّ)
ولهداية البصائر وحياة القلب يجب على الإنسان معرفة الإمام (عليه السلام)، لئلّا يموت ميتة الجاهليّة، ويلزم عليه طلب معرفته من الله (عزَّ وجلَّ)، فإنّه ليس العلم بكثرة التعليم والتعلّم بل هو نور يقذفه الله في قلب من يريد أن يهديه، «وَمَنْ يَهْدِ الله فَهُوَ الْمُهْتَدِ»(٤١).
وفي الكافي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله (عزَّ وجلَّ): «وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ اُوتِيَ خَيْراً كَثيراً»(٤٢)، فقال:
طاعة الله ومعرفة الإمام(٤٣).
وفيه: عن أبي بصير قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام):
هل عرفت إمامك؟
قال: قلت: إي والله؛ قبل أن أخرج من الكوفة.
فقال (عليه السلام): حسبك إذاً(٤٤).
وفيه: في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمان تبارك وتعالى، الطاعة للإمام بعد معرفته(٤٥).
وفيه: عن أبي خالد الكابلي قال:
سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله (عزَّ وجلَّ) «آمِنُوا بِالله وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذي أَنْزَلْنا»(٤٦)، فقال:
يا أبا خالد؛ النور والله الأئمّة من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى يوم القيامة، وهم والله نور الله الّذي أنزل، وهم والله نور الله في السماوات وفي الأرض.
والله يا أبا خالد؛ لَنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار، وهم والله ينوّرون قلوب المؤمنين، ويحجب الله (عزَّ وجلَّ) نورهم عمّن يشاء فتظلم قلوبهم.
والله يا أبا خالد؛ لا يحبّنا عبد ويتولّانا حتّى يُطهّر الله قلبه، ولا يُطهّر الله قلب عبد حتّى يُسلّم لنا، ويكون سلماً لنا، فإذا كان سلماً لنا سلّمه الله من شديد الحساب، وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر(٤٧).
وقد أمر الله عباده بتحصيل معرفة الإمام، والدعاء من الأبواب الّتي أمر الله تعالى أن يؤتى منها فقال: «اُدْعُوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ»(٤٨)، «وَاسْأَلُوا الله مِنْ فَضْلِهِ»(٤٩)، وقال تعالى أيضاً: «إِنَّكَ لا تَهْدي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ الله يَهْدي مَنْ يَشاءُ»(٥٠).
وفي الكافي: بإسناده عن محمّد بن حكيم قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
المعرفة من صنع من هي؟
قال: من صنع الله، ليس للعباد فيها صنع(٥١).
والآيات والروايات الدالّة على هذا المطلب كثيرة، فاللازم على العبد أن يسأل الله تعالى أن يرزقه ويكمل له معرفة إمام زمانه، ويؤيّد ما ذكرنا ويدلّ عليه أيضاً ورود الدعاء لذلك بالخصوص.
وهذا لا ينافي كون العبد مختاراً ومأموراً بالطلب والنظر في وسائل المعرفة، لأنّه نظير الرزق الّذي اُمر العباد بطلبه، والدعاء له أيضاً، والله هو الرازق جلّ شأنه، فإنّ المجاهدة والسعي وظيفة العبد، والإيصال وظيفة الخالق المتعال، قال تبارك وتعالى: «وَالَّذينَ جاهَدُوا فينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا»(٥٢).
كما أنّ الزرع والسقي ونحوهما وظيفة العباد لكونها تحت قدرتهم، والإنبات والإنماء والحفظ عن الآفات إلى حصول النتيجة وبلوغ المراد وظيفة الله، لخروجها عن قدرة العباد، لكن عليهم الدعاء والمسألة لحصول النتيجة المقصودة.
وكذلك معرفة الإمام لها وسائل وأسباب، رتّبها الله تعالى لعباده، وهي مقدورة لهم، مثل النظر في معجزاته، وأخلاقه، وإخبار الأئمّة السابقين به وبخصائصه، وبطول غيبته، وما يرد على المؤمنين في زمان غيبته، وبالشؤون الّتي خصّه الله تعالى بها، والدلائل الّتي دلّ عليها وغير ذلك، فعليهم السعي في تحصيل معرفته بالأسباب المذكورة ونحوها(٥٣).
ولمّا كانت المعرفة من صنع الله يلزم بحكم العقل الدعاء والاستغاثة لطلب المعرفة، وللنجاة عن المهالك، كما أنّ من وظائف الناس الاستمداد والاستعانة والاستنجاد والاستغاثة به (عليه السلام) حين الشدائد والأهوال والبلايا والأمراض، وعند تقادم الشبهات والفتن من الجهات والجوانب، ومن الأقارب والأجانب، وعند عدم مشاهدة طريق الخلاص، وانتهاء الطرق في مضائق ضيقة.
فحينها يطلب منه (عليه السلام) حلّ الشبهات ورفع الكربات ودفع البليّات وسدّ الخلّات والإرشاد على الطريق إلى المقصود بما يراه صلاحاً، ويوصل المتوسّل المستغيث إليه بحسب القدرة الإلهيّة والعلوم اللدنيّة الربّانيّة الّتي لديه، وكلٌّ حسب حاله وبمقدار ما يعلم، وقادر على إجابة مسؤوله، بل إنّ فضله وصل ويصل دائماً إلى كلّ أحد بمقدار أهليّته واستعداده، وبملاحظة مصلحة نظام العباد والبلاد، ولم يغفل ولن يغفل عن النظر بأمور رعاياه، المطيع منهم والعاصي، والعالم والجاهل، والشريف والدنيّ، والقويّ والضعيف، وقد قرّر نفسه (عليه السلام) ذلك في التوقيع الّذي بعثه إلى الشيخ المفيد:
نحن وإن كنّا ناوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين، حسب الّذي أراناه الله تعالى لنا من الصلاح، ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين، فإنّا نحيط علماً بأنبائكم، ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم، ومعرفتنا بالذلّ الّذي أصابكم(٥٤).
وروى الشيخ الكليني والنعماني وغيرهما بأسانيدهم عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال في خطبة طويلة خطبها بالكوفة:
اللّهم لابدّ لك من حجج في أرضك حجّة بعد حجّة على خلقك، يهدونهم إلى دينك، ويعلّمونهم علمك، لكيلا يتفرّق أتباع أوليائك، ظاهر غير مطاع، أو مكتتم خائف يترقّب، إن غاب عن النّاس شخصهم في حال هدنتهم في دولة الباطل، فلن يغيب عنهم مبثوث علمهم، وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة، وهم بها عاملون، يأنسون بما يستوحش منه المكذّبون، ويأباه المسرفون، بالله كلام يكال بلا ثمن لو كان من يسمعه بعقله فيعرفه، ويؤمن به ويتّبعه، وينهج نهجه فيفلح به...(٥٥).
وروى الشيخ الجليل عليّ بن الحسين المسعودي في كتاب إثبات الوصيّة عن الإمام أبي محمّد الحسن العسكري (عليه السلام) أنّه قال:
لما ولد الصاحب (عليه السلام) بعث الله (عزَّ وجلَّ) ملكين، فحملاه إلى سرادق العرش حتّى وقف بين يدي الله، فقال له: مرحباً بك، وبك أعطي، وبك أعفو، وبك أعذب(٥٦).
وروى الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة بسند معتبر عن أبي القاسم الحسين بن روح النائب الثالث أنّه قال: اختلف أصحابنا في التفويض وغيره، فمضيت إلى أبي طاهر بن بلال في أيّام استقامته، فعرّفته الخلاف، فقال: أخرني، فأخرته أيّاماً فعدت إليه، فأخرج إليّ حديثاً بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
إذا أراد الله أمراً عرضه على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ثمّ أمير المؤمنين (عليه السلام) وسائر الأئمّة واحداً بعد واحد إلى أن ينتهي إلى صاحب الزمان (عليه السلام)، ثمّ يخرج إلى الدنيا، وإذا أراد الملائكة أن يرفعوا إلى الله (عزَّ وجلَّ) عملاً عرض على صاحب الزّمان (عليه السلام)، ثمّ على واحد بعد واحد إلى أن يعرض على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ثمّ يعرض على الله (عزَّ وجلَّ)، فما نزل من الله فعلى أيديهم، وما عرض إلى الله فعلى أيديهم، وما استغنوا عن الله (عزَّ وجلَّ) طرفة عين.
ونقل السيّد حسين المفتي الكركي سبط المحقّق الثاني في كتاب دفع المناوات عن كتاب البراهين أنّه روى عن أبي حمزة عن الإمام الكاظم (عليه السلام) قال: سمعته (عليه السلام) يقول:
لا يرسل الله (عزَّ وجلَّ) ملكاً إلى الأرض بأمر إلاّ ابتدأ بالإمام (عليه السلام) فيعرضه عليه، وأن تنزل الملائكة من الله (عزَّ وجلَّ) على صاحب هذا الأمر.
وفي حديث أبي الوفاء الشيرازي أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال له:
وأما الحجّة؛ فإذا بلغ منك السيف المذبح - وأومأ بيده إلى الحلق - فاستغث به، فإنّه يغيثك، وهو غياث وكهف لمن استغاث به(٥٧).
وروى الشيخ الكشّي والشيخ الصفّار في البصائر عن رميلة قال:
وعكت وعكاً شديداً في زمان أمير المؤمنين (عليه السلام) فوجدت من نفسي خفّة يوم الجمعة، فقلت: لا أصيب شيئاً أفضل من أن أفيض عليّ من الماء، واُصلّي خلف أمير المؤمنين (عليه السلام) ففعلت، ثمّ جئت المسجد، فلمّا صعد أمير المؤمنين (عليه السلام) عاد عليّ ذلك الوعك، فلمّا انصرف أمير المؤمنين (عليه السلام) دخل القصر ودخلت معه.
فقال: يا رميلة؛ [ما لي] رأيتك وأنت متشبك بعضك في بعض؟!
[فقلت: نعم]، وقصصت عليه القصّة الّتي كنت فيها، والّذي حملني على الرغبة في الصلاة خلفه.
فقال [لي]: يا رميلة؛ ليس من مؤمن يمرض إلّا مرضنا لمرضه، ولا يحزن إلّا حزنّا لحزنه، ولا يدعو إلّا آمنّا له، ولا يسكت إلّا دعونا له، فقلت [له]: يا أمير المؤمنين، جعلت فداك هذا لمن معك في المصر، أرأيت من كان في أطراف الأرض؟
قال: يا رميلة؛ ليس يغيب عنّا مؤمن في شرق الأرض ولا في غربها(٥٨).
الحياة المعنويّة للإنسان
فإذا حصل لك هذا القدر من الإيمان والمعرفة يوجد تحوّلاً في وجودك.
قال ذو الفيض القدسي العلّامة المجلسي في ثالث بحاره: كما أنّ جسد الإنسان له حياة ظاهريّة من جهة الروح الحيوانيّة المنبعثة عن القلب الظاهري، وبها يسمع ويبصر ويمشي وينطق ويحسّ؛ فكذا له حياة معنويّة من جهة العلم والإيمان والطاعات، فالإيمان ينبعث من القلب المعنوي فيسري في ساير الأعضاء، فينوّر العين بنور آخر، كما قال (عليه السلام):
المؤمن ينظر بنور الله، ويسمع بسمع آخر(٥٩).
وبالجملة يتصرّف الإيمان في بدنه وعقله ونفسه، ويملكه بأسره...(٦٠).
في ضرورة الدعاء، عقلاً ونقلاً
قبل الورود في بيان آداب الدعاء وشرائطه، نذكر أنّ العقل والنقل يدلّان على الحثّ عليه:
«أمّا العقل: فلأنّ دفع الضرر عن النفس مع القدرة عليه والتمكّن منه واجب، وحصول الضرر ضروري الوقوع لكلّ إنسان في دار الدنيا، إذ كلّ إنسان لا ينفكّ عمّا يشوّش نفسه ويشغل عقله ويضرّ به، إمّا من داخل كحصول عارض يغشى مزاجه، أو من خارج كأذيّة ظالم، أو مكروه يناله من خليط أو جار، ولو خلا من الكل بالفعل فالعقل يجوز وقوعه فيها واعتلاقه بها.
 كيف لا؟ وهو في دار الحوادث الّتي لا تستقرّ على حال ففجايعها لا ينفكّ عنها آدميّ إمّا بالفعل أو بالقوّة، فضررها إمّا حاصل واقع أو متوقّع الحصول، وكلاهما يجب إزالته مع القدرة عليه والدعاء محصِّل لذلك وهو مقدور فيجب المصير إليه.
وقد نبّه أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين صلوات الله عليه وآله على هذا المعنى حيث قال:
ما من أحد ابتلي وإن عظمت بلواه بأحق بالدعاء من المعافي الّذي لا يأمن من البلاء(٦١).
وقد ظهر من «النقل»: احتياج كلّ أحد إلى الدعاء معافاً ومبتلى، وفايدته رفع البلاء الحاصل ودفع السوء النازل، أو جلب نفع مقصود أو تقرير خير موجود ودوامه ومنعه من الزوال، لأنّهم (عليهم السلام) وصفوه بكونه سلاحاً، والسلاح ممّا يستجلب (يجلب) به النفع ويستدفع به الضرر وسمّوه أيضاً ترساً، والترس: جنّة يتوقّى بها من المكاره.
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
ألا أدلّكم على سلاح ينجيكم من أعدائكم ويدرّ أرزاقكم؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: تدعون ربّكم بالليل والنّهار، فإنّ سلاح المؤمن الدعاء(٦٢).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام):
الدعاء ترس المؤمن، ومتى تكثر قرع الباب يفتح لك(٦٣).
وقال الإمام الصادق (عليه السلام):
الدعاء أنفذ من السنان الحديد(٦٤).
وقال الإمام الكاظم (عليه السلام):
إنّ الدعاء يردّ ما قدّر وما لم يقدّر.
قال: قلت: وما قد قدّر فقد عرفته، فما لم يقدّر؟
قال: حتّى لا يكون(٦٥).
وقال (عليه السلام):
عليكم بالدعاء، فإنّ الدعاء والطلب إلى الله تعالى يردّ البلاء، وقد قدّر وقضى فلم يبق إلّا إمضائه فإذا دعا الله وسئل صرْفه صرَفه(٦٦).
وروى زرارة عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال:
ألا أدلّكم على شيء لم يستثن فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟ قلت: بلى.
قال: الدعاء يردّ القضاء وقد أبرم إبراماً، وضمّ أصابعه(٦٧).
وعن الإمام سيّد العابدين (عليه السلام):
إنّ الدعاء والبلاء ليتوافقان إلى يوم القيامة، إنّ الدعاء ليردّ البلاء وقد اُبرم إبراماً(٦٨).
وعنه (عليه السلام):
الدعاء يردّ البلاء النازل وما لم ينزل»(٦٩).
تأثير الدعاء
وما ورد في الحثّ على الدعاء عقلاً ونقلاً فهو لتأثيره، في إيجاد آثاره العجيبة بشرط أن يكون دعاء الداعي مع رعاية آدابه وشرائطه، فإذا كان كذلك فلا ريب في تأثيره.
قال في المختار من كلمات الإمام المهدي (عليه السلام): لا ريب أنّ الدعاء مؤثّر فيما يدعى له، فقد دلّ عليه الكتاب العزيز وأحاديث أهل البيت (عليهم السلام)، والعيان الّذي هو من أكبر البرهان على تصديق كلام الله (عزَّ وجلَّ) وما جاء به المعصوم (عليه السلام)، وما اهتمّ الإسلام بذلك، فهنا ينبغي الإشارة إلى هذه النواحي:
الدعاء في الكتاب العزيز: وهو المذكور في آي منه تخصّ بعض الأنبياء (عليهم السلام)، وفي آي اُخرى تعمّ عامّة الناس كائناً من كان.
فمن الاُولى: قوله تعالى: «هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَميعُ الدُّعاءِ * فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ الله يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى...»(٧٠)، و«اَلْحَمْدُ لله الَّذي وَهَبَ لي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمعيلَ وَإِسْحقَ إِنَّ رَبّي لَسَميعُ الدُّعاءِ»(٧١)، دلّ على أنّ إبراهيم (عليه السلام) بقرينة آخر الآية قد دعا الله (عزَّ وجلَّ) وطلب منه الولد فوهبه له.
ومن الثانية: آية «وَإِذا سَأَلَكَ عِبادي عَنّي فَإِنّي قَريبٌ اُجيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجيبُوا لي وَلْيُؤْمِنُوا بي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ»(٧٢)، «وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ»(٧٣)، وغيرهما من آيات لا يسع ذكره المقام، ولولم تكن في القرآن الكريم إلّا هذه الآية وقبلها لكفى ترغيباً في الدعاء.
وأيّ ضمان كضمان الله (عزَّ وجلَّ) في الإجابة لدعوة الداعي، وأيّ شيء آثر في التأثير منها، أو هل بعد ضمان الله ضمان، وبعد قول الله قول؟
الدعاء في الأحاديث: واعلم أنّ عرض الدعاء في الأحاديث على وجوه وتصاريف يجمعها الترغيب البالغ غير الموصوف فيه، ونحن نذكر نبذة منها:
ما رواه الشيخ الكليني في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
إنّ الله (عزَّ وجلَّ) يقول: «إِنَّ الَّذينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرينَ»(٧٤)، قال: هو الدعاء، وأفضل العبادة الدعاء.
قلت: «إِنَّ إِبْراهيمَ لَأَوَّاهٌ حَليمٌ»(٧٥).
قال: الأوّاه هو الدعّاء(٧٦).
الإمام الباقر (عليه السلام):
أيّ العبادة أفضل؟
فقال: ما من شيء أفضل عند الله (عزَّ وجلَّ) من أن يسأل ويطلب ممّا عنده، وما أحد أبغض إلى الله (عزَّ وجلَّ) ممّن يستكبر عن عبادته ولا يسأل ما عنده(٧٧).
الإمام الصادق (عليه السلام):
يا ميسر؛ ادع ولا تقل إنّ الأمر قد فرغ منه، إنّ عند الله (عزَّ وجلَّ) منزلة لا تنال إلّا بمسألة، ولو أنّ عبداً سدّ فاه ولم يسأل لم يعط شيئاً، فسَلْ تُعط، يا ميسر، إنّه ليس من باب يقرع إلّا يوشك أن يفتح لصاحبه(٧٨).
الإمام الصادق (عليه السلام):
عليكم بالدعاء؛ فإنّكم لا تقربون بمثله، ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها، إنّ صاحب الصغار هو صاحب الكبار(٧٩).
أمير المؤمنين (عليه السلام):
أحبّ الأعمال إلى الله (عزَّ وجلَّ) في الأرض الدعاء(٨٠).
الإمام الصادق (عليه السلام):
... وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) رجلاً دعّاء(٨١).
رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
الدعاء سلاح المؤمن، وعمود الدين، ونور السماوات والأرض(٨٢).
أمير المؤمنين (عليه السلام):
الدعاء مفاتيح الجنان ومقاليد الفلاح، وخير الدعاء ما صدر عن صدر نقيّ وقلب تقيّ، وفي المناجاة سبب النجاة، وبالإخلاص يكون الخلاص، فإذا اشتدّ الفزع فإلى الله المفزع(٨٣).
الإمام الرضا (عليه السلام):
عليكم بسلاح الأنبياء، فقيل: وما سلاح الأنبياء؟
قال: الدّعاء(٨٤).
الإمام الصادق (عليه السلام):
إنّ الدعاء يردّ القضاء وقد نزل من السماء وقد اُبرم إبراماً(٨٥).
الإمام الصادق (عليه السلام):
... فأكثر من الدعاء، فإنّه مفتاح كلّ رحمة، ونجاح كلّ حاجة، ولا ينال ما عند الله (عزَّ وجلَّ) إلّا بالدعاء، وإنّه ليس بابٌ يكثر قرعه إلّا يوشك أن يفتح لصاحبه(٨٦).
الإمام الصادق (عليه السلام):
عليك بالدعاء؛ فإنّه شفاء من كلّ داء(٨٧).
الإمام الصادق (عليه السلام):
الدعاء كهف الإجابة كما أنّ السحاب كهف المطر(٨٨).
الإمام الصادق (عليه السلام):
هل تعرفون طول البلاء من قصره؟
قلنا: لا.
قال: إذا اُلهم أحد(٨٩) الدعاء عند البلاء فاعلموا أنّ البلاء قصير(٩٠).
الإمام الصادق (عليه السلام):
من تقدّم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: صوت معروف، ولم يحجب عن السماء، ومن لم يتقدّم في الدعاء لم يستجب له إذا نزل به البلاء، وقالت الملائكة: إنّ ذا الصوت لا نعرفه(٩١).
الإمام الصادق (عليه السلام):
إذا رقّ أحدكم فليدع، فإنّ القلب لا يرقّ حتّى يخلص(٩٢).
الإمام الصادق (عليه السلام):
إذا اقشعّر جلدك ودمعت عيناك، فدونك دونك فقد قصد قصدك(٩٣).
العيان المصدّق لهما: والكلّ يعلم أنّ في أدوار الحياة أزمّات تحدث أو حدثت لكلّ منّا لا يجد إلى الخلاص منها سبيلاً، ونرى بعين العيان أنّها لا ترتفع الأزمنة الحادثة مهما كانت المحاولات والتدابير المتّخذة من أجل ذلك، حتّى وصول الشفرة إلى العظم يندفع المؤمن منّا إلى مفتّح الأبواب، ويقرع الباب فينفتح له وتذهب الأزمة، ولا سيّما إذا كثر قرعه، فإنّه كما تقدّم الحديث العلوي: ومتى تكثر قرع الباب يفتح لك ولا اُريد بالمثل: وصول الشفرة إلى العظم قصر الدعاء على هذه الحالة المشدّدة، بل لاُبدّ أن يدعو العبد في الرخاء والبلاء، وقد قال الصادق (عليه السلام):
إنّ الدعاء في الرخاء يستخرج الحوائج في البلاء(٩٤).
ومن سرّه أن يستجاب له في الشدّة فليكثر الدعاء في الرخاء(٩٥).
وكذا لا اُريد بالأزمة أن لا يُدعى لما دونها مع أنّه من أدب العبوديّة أن لا يمتنع العبد من الطلب من المولى، حتّى كملح الطعام، أو قطع الشراك، أو غير ذلك ممّا قلّ أو كثر(٩٦).
آداب الدعاء
إذا اتضّح ما ذكرنا من أهميّة الدعاء وآثاره العجيبة في وصول الداعي إلى حاجته إذا كان راعياً لآداب الدعاء فلنذكر آدابه:
نقل في «المختار من كلمات الإمام المهديّ (عليه السلام)»:
احفظ آداب الدعاء، وانظر من تدعو، وكيف تدعو، ولماذا تدعو؟ وتفكّر ماذا تسأل، وكم تسأل، ولماذا تسأل؟ والدعاء استجابة الكلّ منك للحقّ، وتذويب المهجة في مشاهدة الربّ، وترك الاختيار جميعاً، وتسليم الاُمور كلّها ظاهراً وباطناً إلى الله، فإن لم تأت بشرط الدعاء، فلا تنتظر الإجابة، فإنّه يعلم السرّ وأخفى، فلعلّك تدعوه بشيء قد علم من سرّك خلاف ذلك.
واعلم أنّه لو لم يكن الله قد أمرنا بالدعاء لكنّا إذا أخلصنا الدعاء، تفضّل علينا بالإجابة، فكيف وقد ضمن ذلك لمن أتى بشرائط الدعاء(٩٧).
ثمّ قال: «والآداب اُمور:
الأوّل: الابتداء بالبسملة.
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لا يردّ دعاء أوّله «بسم الله الرّحمن الرّحيم»(٩٨).
الثاني: التحميد. قال مولانا الصادق (عليه السلام): كلّ دعاء لا يكون قبله تحميد فهو أبتر(٩٩).
وآخر:
إنّ في كتاب أمير المؤمنين (عليه السلام) إنّ المدحة قبل المسألة فإذا دعوت الله (عزَّ وجلَّ) فمجّده.
قال: قلت: كيف اُمجّده؟
قال: تقول: يا مَنْ أَقْرَبُ إِلَيَّ مِنْ حَبْلِ الْوَريدِ، يا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ، يا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلى، يا مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيء(١٠٠).
الثالث: الصلاة على محمّد وآله.
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
صلاتكم عليّ إجابة لدعائكم، وزكاة لأعمالكم(١٠١).
وقال مولانا الصادق (عليه السلام):
لا يزال الدعاء محجوباً حتّى يصلّي على محمّد وآل محمّد(١٠٢).
وآخر:
من كانت له إلى الله (عزَّ وجلَّ) حاجة فليبدأ بالصلاة على محمّد وآله، ثمّ يسأله حاجته، ثمّ يختم بالصلاة على محمّد وآل محمّد، فإنّ الله أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط، إذا كانت الصلاة على محمّد وآل محمّد لا تحجب عنه(١٠٣).
الرابع: الاستشفاع. قال مولانا الكاظم (عليه السلام):
إذا كانت لك حاجة إلى الله فقل:
اللّهم إِنّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ، فَإِنَّ لَهُما عِنْدَكَ شَأْناً مِنَ الشَّأْنِ، وَقَدْراً مِنَ الْقَدْرِ، فَبِحَقِّ ذلِكَ الشَّأْنِ وَبِحَقِّ ذلِكَ الْقَدْرِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَفْعَلَ بي كَذا وَكَذا....
فإنّه إذا كان يوم القيامة لم يبق ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ولا مؤمن ممتحن إلّا وهو يحتاج إليهما في ذلك اليوم(١٠٤).
ولابدّ من تقديم الوسيلة إلى الله (عزَّ وجلَّ) لنجح الحاجات، وقد أمرنا تعالى بذلك بقوله جلّ جلاله: «وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسيلَةَ»(١٠٥)، ولا وسيلة أقرب من محمّد وآل محمّد صلىّ الله عليهم وسلّم وهي الشفاعة، وقد جاء في زيارة الجامعة الكبيرة:
اللّهم إِنّي لَوْ وَجَدْتُ شُفَعاءَ أَقْرَبَ إِلَيْكَ مِنْ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ الْأَخْيارِ، اَلْأَئِمَّةِ الْأَبْرارِ لَجَعَلْتُهُمْ شُفَعائي....
ودلّ النصّ على أنّ الأئمّة (عليهم السلام) هم الوسيلة، ولا ينافي تفسيرها بالمرقاة أو غيرها، ففي الرواية عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): هم العروة الوثقى والوسيلة إلى الله.
ثمّ الآية هكذا: «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسيلَةَ»(١٠٦).(١٠٧)
ولعلّ صفة الإيمان والتقوى شرط لابتغاء الوسيلة إليه تعالى، كما أنّ الابتغاء بدونهما غير نافع، فإذا اجتمعت نفعت، إذ لا ولاية إلّا مع الإيمان والتقوى.
الخامس: الاعتراف بالذنب. ففي ما قاله مولانا الصادق (عليه السلام):
إنّما هي المدحة، ثمّ الإقرار بالذنب ثمّ المسألة، والله ما خرج عبد من ذنب إلّا بالإقرار(١٠٨).
السادس: أن لا يكون الدعاء عن قلب لاه ساه، بل بالإقبال والتوجّه، كما قال الإمام الصادق (عليه السلام):
إنّ الله لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه، فإذا دعوت فأقبل بقلبك، ثمّ استيقن الإجابة(١٠٩).
لأنّ الساهي غير داع، ولا دعاء إلّا بإقبال القلب إلى المدعوّ.
السابع: طيب المطعم والمشرب والملبس، لأنّ الدعاء الصالح من العمل الصالح، وكيف يجتمع الصلاح مع الحرام والخبيث، وفي قوله تعالى: «يا أَيَّهُا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً»(١١٠)، دلالة على الملازمة بين العمل الصالح وأكل الطيّب.
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
من أحبّ أن يستجاب دعاؤه فليطيّب مطعمه ومكسبه(١١١).
وآخر:
طهّر مأكلك، ولا تدخل في بطنك الحرام(١١٢).
وآخر:
أطب كسبك تستجاب دعوتك، فإنّ الرجل يرفع اللقمة إلى فيه حراماً فما تستجاب له أربعين يوماً(١١٣).
وفي الحديث القدسيّ:
فمنك الدعاء وعليّ الإجابة، فلا تحجب عنّي دعوة إلّا دعوة آكل الحرام(١١٤).
وقال مولانا الصادق (عليه السلام):
من سرّه أن يستجاب دعاؤه فليطيّب كسبه(١١٥).
وآخر:
إذا أراد أحدكم أن يستجاب له فليطيّب كسبه، وليخرج من مظالم الناس، وإنّ الله لا يرفع دعاء عبد وفي بطنه حرام، أو عنده مظلمة لأحد من خلقه(١١٦).
الثامن: مظلمة العباد. قال مولانا الصادق (عليه السلام):
إنّ الله (عزَّ وجلَّ) يقول: وعزّتي وجلالي لا اُجيب دعوة مظلوم دعاني في مظلمة ظلمها، ولأحد عنده مثل تلك المظلمة(١١٧).
وقال مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام):
إنّ الله أوحى إلى عيسى بن مريم: قل للملإ من بني اسرائيل:... إنّي غير مستجيب لأحد منكم دعوة ولأحد من خلقي قبله مظلمة(١١٨).
التاسع: الذنب يمنع قضاء الحاجة. قال الإمام الباقر (عليه السلام):
إنّ العبد يسأل الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلى أجل قريب، أو إلى وقت بطيء فيذنب العبد ذنباً، فيقول الله تبارك وتعالى للملك: لا تقض حاجته وأحرمه إيّاها، فإنّه تعرّض لسخطي واستوجب الحرمان منّي(١١٩).
العاشر: حسن الظنّ بالإجابة المعبّر به عن الاستيقان، لعدم تخلّف الوعد منه تعالى، لأنّه أمر بالدعاء وضمن الاستجابة بقوله عزّ من قائل: «اُدْعُوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ»(١٢٠)، فلا يخلف وعده، كما نصّ (عزَّ وجلَّ) بذلك في آي من القرآن الكريم، منها: «وَعْدَ الله لا يُخْلِفُ الله وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ»(١٢١).
وكيف يخلف الوعد وهو الغنيّ القادر الحنّان الرحيم الكريم.
وفي حديث:
فإذا دعوت فأقبل بقلبك ثمّ استيقن الإجابة(١٢٢).(١٢٣)
الحادي عشر: الإلحاح في الدعاء.
عدّه العلّامة المجلسي (رحمه الله) من آداب الدعاء وقال: في الوحي القديم:
لا تملّ من الدّعاء، فإنّي لا أملّ من الإجابة(١٢٤).
وروى عبد العزيز الطويل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
إنّ العبد إذا دعا لم يزل الله في حاجته ما لم يستعجل(١٢٥).
وعنه (عليه السلام):
إنّ العبد إذا عجّل فقام لحاجته، يقول الله تعالى: استعجل عبدي أتراه يظنّ أنّ حوائجه بيد غيري(١٢٦).
وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
إنّ الله يحبّ السائل اللحوح(١٢٧).
وروى الوليد بن عقبة الهجري قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول:
والله لا يلحّ عبد مؤمن على الله في حاجة إلّا قضاها له(١٢٨).
وروي أبو الصباح، عن أبي عبد الله (عليه السلام):
إنّ الله كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة، وأحبّ ذلك لنفسه، إنّ الله يحبّ أن يسأل ويطلب ما عنده(١٢٩).
وعن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام):
جعلت فداك إنّي قد سألت الله تعالى حاجة منذ كذا وكذا سنة، وقد دخل قلبي من إبطائها شيء.
فقال له: يا أحمد؛ إيّاك والشيطان أن يكون له عليك سبيل، حتّى يقنّطك، إنّ أبا جعفر (عليه السلام) كان يقول: إنّ المؤمن ليسأل الله حاجة فيؤخّر عنه تعجيل إجابته حبّاً لصوته واستماع نحيبه.
ثمّ قال: والله ما أخّر الله عن المؤمنين ما يطلبون في هذه الدّنيا خير لهم ممّا عجّل لهم فيها، وأيّ شيء الدنيا(١٣٠).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام):
إنّ العبد الوليّ لله يدعو الله في الأمر ينوبه، فيقال للملك الموكّل به: إقض لعبدي حاجته ولا تعجّلها، فإنّي أشتهي أن أسمع نداءه وصوته.
وإنّ العبد العدوّ لله ليدعو الله في الأمر ينوبه، فيقال للملك الموكّل به: إقض لعبدي حاجته وعجّلها، فإنّي أكره أن أسمع نداءه وصوته.
قال: فيقول الناس: ما اُعطي هذا إلّا لكرامته، وما منع هذا إلّا لهوانه(١٣١).
وعنه (عليه السلام):
لا يزال المؤمن بخير ورخاء ورحمة من الله ما لم يستعجل فيقنط فيترك الدعاء. قلت له: كيف يستعجل؟
قال: يقول: قد دعوت منذ كذا وكذا، ولا أرى الإجابة(١٣٢).
وعنه (عليه السلام):
إنّ المؤمن ليدعو الله في حاجته فيقول (عزَّ وجلَّ): أخّروا إجابته، شوقاً إلى صوته ودعائه، فإذا كان يوم القيامة قال الله: عبدي دعوتني وأخّرت إجابتك وثوابك كذا وكذا، ودعوتني في كذا وكذا فأخّرت إجابتك وثوابك كذا.
قال: فيتمنّى المؤمن أنّه لم يستجب له دعوة في الدّنيا ممّا يرى من حسن الثواب(١٣٣).
وعنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
رحم الله عبداً طلب من الله حاجة فألحّ في الدّعاء، اُستجيب له أو لم يستجب له.
وتلا هذه الآية: «وَأَدْعُو رَبّي عَسى أَنْ لا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبّي شَقِيّاً»(١٣٤).(١٣٥)
وفي التوراة:
يا موسى؛ من أحبّني لم ينسني، ومن رجا معروفي ألحّ في مسألتي.
يا موسى؛ إنّي لست بغافل عن خلقي ولكن اُحبّ أن تسمع ملائكتي ضجيج الدّعاء من عبادي، وترى حفظتي تقرّب بني آدم إليَّ بما أنا مقوّيهم عليه ومسبّبه لهم.
يا موسى؛ قل لبني إسرائيل: لا تبطرنّكم النعمة فيعاجلكم السلب، ولا تغفلوا عن الشكر فيقارعكم الذلّ، وألحّوا في الدّعاء تشملكم الرحمة بالإجابة، وتهنئكم العافية(١٣٦).
وعن منصور الصيقل قال:
قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ربّما دعا الرجل فاستجيب له ثمّ اُخّر ذلك إلى حين؟ قال: فقال: نعم.
قلت: ولِمَ ذلك ليزداد من الدعاء؟
قال: نعم(١٣٧).
وللكفعمي (رحمه الله) كلام لطيف في آداب الدعاء:
إنّ للدّعاء أركاناً وأسباباً وأوقاتاً وأجنحة، فأركانه ستّةٌ: حضور القلب والرّقّة والاستكانة والخشوع وتعلّق القلب بالله وقطعه عن الأسباب، وأسبابه: الصلاة على محمّد وآله، وأوقاته: الأسحار، وأجنحته: الصدق، فإذا وافق أركانه قوي، وإن وافق أسبابه أنجح، وإن وافق أوقاته فاز، وإن وافق أجنحته طار(١٣٨).
إعلم إنّ ما ذكرناه هو من الاُمور المهمّة في آداب الدعاء وشرائطه، ونتأكّد هنا على بعض الاُمور:
١ - الإقبال والتوجّه في الدعاء
قال السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس (رحمه الله): يلزم أن يكون قلب الداعي عند الدعوات موصوفاً بالإقبال على الله جلّ جلاله في طلب الحاجات، كما إنّك تقدر أن تقبل على شهوة من الشهوات الّتي أكثرها ضرر في الحياة وبعد الممات، وأن يكون امتداد يدك إلى الله جلّ جلاله أرجح من امتداد يدك إلى طعام أو شراب.
فإنّك إذا مددتها إلى ربّ الأرباب وإلى ما عرض عليك من دوام نعيم دار الثواب، فإنّه أهمّ من كلّ ما تمدّها إليه، فأحضر عقلك وقلبك لمدّها بقدر تعظيم من تعرّض عليه، ومتى نقصت الله جلّ جلاله عن هذا الحال في التعظيم والإجلال، فبالله عليك كيف ترجو وأنت مستخف في الفعال والمقال أن تظفر بإجابة الابتهال؟ فهل رأيت عاصياً يتقرّب إلى سلطانه بعصيانه أو طالباً يتقرّب إلى من يطلب منه بهوانه(١٣٩)؟
٢ - اليقين
إنّ لليقين تأثير مهمّ في استجابة الدعاء، لأنّه يدفع ويرفع الموانع، ويطهّر القلب من آثار الآثام، فمن أراد أن يخلص نفسه عن جملة الصفات الذميمة، وتزيينها بمحمود الخصال المرضيّة من غير تعب في تحصيل معرفة جزئيات الأمراض وعلاجها، ومنافع أضدادها وثمراتها، فعليه بتحصيل نور اليقين الّذي إذا تحلى به القلب يطهّره من جميع الأدناس قهراً، ويشرق عليه نور تلك الخصال طراً، وبدونه لا ينفع رفع مرض، ولا يمكن جلب خصلة، ولذا ترى الأخبار متواترة في جعلها جميعاً من ثمراته، ويشاهدها الوجدان الصحيح والعقل الصريح، وليس الغرض سهولة تحصيل هذه المرتبة العالية وصعوبة كسب غيرها، كيف؟ واليقين أقلّ ما قسم بين العباد، فدون الوصول إليه خرط القتاد، بل لأنّ كسب غيرها بدونه مستعار لا دوام له، وصورة عمل لا حقيقة له، ويحتاج صاحبه في أعمالها إلى تحمّل مشاقته وتكلّف مؤنته، بخلاف من وقف على حقيقة الحال وعلم المبدأ والمآل.
وفي حديث معاذ قال:
قلت: يا رسول الله؛ ما أعمل؟
قال: إقتد بنبيّك يا معاذ؛ في اليقين.
قال: قلت: أنت رسول الله وأنا معاذ.
قال: وإن كان في عملك تقصير، الخبر(١٤٠).
وفي وصيّة لقمان لابنه: يا بنيّ لا يستطاع العمل إلّا باليقين، ولا يعمل العبد إلّا بقدر يقينه، ولا تقصر عامل حتّى ينقص يقينه(١٤١).
اليقين وتأثيره في إجابة الدعاء
نذكر أمران لهما تأثير مهمّ في إجابة الدعاء:
١ - رفع الموانع والحجب عن القلب وتطهيره من الظلمات الباطنيّة.
٢ - ايجاد المقتضي، وتحصيل صفاء الباطن وتنوير القلب.
يحتاج الإنسان لإجابة دعائه إلى هذين الأمرين ويلزم عليه إتيانهما حتّى لا يشتدّ عليه الأمر ولا يضطرّ.
فعليه: ١ - أن يزيح الغشاوة عن قلبه، ٢ - ويستبدلها بالأنوار الإلهيّة، واليقين يحقّق هذا الأمرين، لأنّه يزيل الشكّ والظلمة من جهة، ويوجد الصفاء والنورانيّة في القلب من جهة اُخرى.
وكلّ من وصل إلى مرتبة اليقين في المعارف والاعتقادات العالية الصحيحة باطنه نورانيّ، لأنّ وجود اليقين في القلب ملازم لوجود النور، ولا يوجد نور كنور اليقين.
قال مولانا الباقر (عليه السلام):
لا نور كنور اليقين(١٤٢).
وبديهيّ أنّ اليقين إذا وقع في الفؤاد وصار القلب نورانيّاً فلا يبقى محلّ للظلمة؛ لأنّ النور والظلمة لا يجتمعان في موضع واحد.
فمع تحصيل اليقين تنقشع الظلمة عن القلب الّتي هي المانعة من إجابة الدعاء وتتحقّق فيه النورانيّة المقتضية لإجابته.
ونذكر لمزيد الاطّلاع في مجال تأثير اليقين في إجابة الدعاء قضيّة مهمّة ذكرناها في المجلّد الأوّل من كتاب أسرار النجاح وهي:
نقل المرحوم آية الله العظمى الخوئي في تأثير قراءة بسم الله الرحمن الرحيم - إذا صدرت عن جزم ويقين - قضيّة عن الشيخ أحمد خادم استاد الفقهاء الميرزا الشيرازي الكبير أنّه قال: كان للسيّد خادم آخر يسمّى بالشيخ محمّد، اعتزل الناس بعد رحيل الميرزا الشيرازي.
وجاء رجل في يوم من الأيّام إلى الشيخ محمّد وعند غروب الشمس رأى الشيخ محمّد قد ملأ مصباحه بالماء وأضاءه! فتعجّب الرجل جدّاً وسأل الشيخ محمّد عن علّته!
أجابه الشيخ محمّد: منذ أن مات السيّد الشيرازي اعتزلت عن الناس لكثرة الهموم الواردة عليّ ولزمت البيت وقد استولى على قلبي حزن شديد، وفي آخر ساعة من أحد الأيّام ورد عليّ شابّ عليه زيّ طلّاب العرب وآنس بي ومكث عندي إلى غروب الشمس ومن لذّة بياناته وكلماته زال عنّي الحزن تماماً، وتكرّر مجيئه إليّ حتّى آنست به.
وفي أحد الأيّام حين كان يتحدّث معي تذكرت أنّ مصباحي لا زيت فيه، لأنّ الدكاكين كانت تُغلق عند غروب الشمس. ولهذا فكرت بأنّني لو خرجت لشراء الزيت فأحرم من بياناته، وفي صورة عدم شراء الزيت سأبقى في الظلمة حتّى الصباح.
فلمّا وجدني متحيّراً إلتفت إليّ وقال: ما لك لا تصغي إليّ؟
قلت: أنا ملتفت لما تقول.
قال: كلّا، إنّك غير منتبه كاملاً لما أقول.
فقلت: الواقع أنّ مصباحي في هذه الليلة لا زيت فيه.
فقال: عجيب!! إنّني ذكرت لك أحاديثاً كثيرة في فضيلة بسم الله الرحمن الرحيم وفوائدها، فلم تستفد منها حتّى تستغني عن شراء الزيت؟!
قلت: لا أتذكّر أنّك حدّثتني حديثاً في هذا الصدد؟!
فقال: هل نسيت ما قلت لك إنّ من خواصّ بسم الله الرحمن الرحيم وفوائدها أنّك إذا قرأتها قاصداً لشيء يحصل لك ما قصدته، املأ مصباحك بالماء وقل قاصداً أنّ الماء له فائدة الزيت: بسم الله الرحمن الرحيم.
فقبلت ذلك وقمت وملأت مصباحي بالماء وقلت بالنيّة المذكورة: بسم الله الرحمن الرحيم فلمّا أسرجته أنار.
منذ ذلك اليوم أنا أملأ مصباحي بالماء وأقول بالنيّة المذكورة: بسم الله الرحمن الرحيم فيضيء مصباحي.
قال آية الله العظمى الخوئي بعد نقل القضيّة: العجيب أنّ ما يعمله الشيخ محمّد من إنارة مصباحه بالماء لم يفقد أثره مع انتشار خبره بين الناس.
وكما ترى أنّ قراءة بسم الله الرحمن الرحيم مرّة واحدة عن يقين لها أثر خارق العادة.
وكذا الأوحديّ من الناس الّذي هو عالم بالإسم الأعظم، يستفاد من الأسماء الشايعة ذكرها في ألسنة الناس، ولكنّه يمتاز عن غيره بيقينه، لأنّ ليقينه في ما يتلفّظه تأثيراً تامّاً.
اليقين وآثاره العجيبة
لمّا كان اليقين من المسائل الأساسيّة المهمّة، لذلك نستمرّ في البحث عنه ونذكر لهذه المسألة مقدّمة مختصرة:
إنّ كثيراً من الّذين يسعون في السير والسلوك ويجتهدون في الطرق المعنويّة، يتفحّصون عن الاُمور الموجودة في أنفسهم الّتي هي الموانع لترقّيهم ويسعون لفهم العوامل الباعثة لتوقّفهم، بل الموجبة لحالة التسافل الروحي.
ما هي العوامل الّتي توجب التوقّف أو التسافل؟ وكيف يعرفها الإنسان؟ وأهمّ من ذلك: كيف يمكن له رفعها؟
هذه أسئلة مهمّة قد يتّفق لكثير من الّذين يجتهدون في الاُمور المعنويّة ولا يعلمون كيف يمكن لهم حلّ مشكلهم، وكيف يمكن تحصيل الجواب لأسئلتهم؟ وفي عقيب الأسئلة المذكورة قد يبرز للإنسان سؤال أهمّ منها بحيث يحلّ العلم بجوابه الكثير من المشكلات السابقة وهو:
هل يلزم للسير والسلوك في طريق عالم المعنى أن يعرف السالك موانع طريقه؟ هل لابدّ له أن يعرف الاُمور الّتي توجب توقّفه بل تنزّله في بعض الأزمنة حتّى يجتهد في رفعها؟ أم يوجد طريق يوجب السير فيه رفع الموانع وإن لم يعرفها؟ هل يوجد شيء يهدم أثر السموم - من أيّ نوع كان السمّ -؟
إن وجد هذا الشيء الّذي هو علاج لجميع الأمراض ورافع أثر كلّ السموم فلابدّ للإنسان بذل الجهد في تحصيله. فلا يحتاج بعد ذلك إلى معرفة نوع السمّ الّذي قد ابتلى به.
من الأعاظم مَن يعتقد بوجود طرق قد يتمكّن للإنسان بمعرفتها أن يسير في ليلة واحدة مسيرة مائة عام! ويعتقد بوجود عوامل تمكّن السالك من إزالة الموانع - وإن لم يعرفها - حتّى يصل إلى المقصود.
لقد عدّ المحدّث النوري اليقين من هذا القبيل واعتقد أنّ اليقين لشدّة تأثيره، يرفع الموانع وآثارها بدون لزوم معرفة جزئيّات الموانع ويسبّب المقتضي لتعالى الإنسان.
قال: من أراد أن يخلص نفسه عن جملة الصفات الذميمة وتزيينها بمحمود الخصال المرضيّة من غير تعب في تحصيل معرفة جزئيّات الأمراض وعلاجها ومنافع أضدادها وثمراتها؛ فعليه بتحصيل نور اليقين الّذي إذا تحلّى به القلب يطهّره من جميع الأدناس قهراً، ويشرق عليه نور تلك الخصال طرّاً، وبدونه لا ينفع رفع مرض ولا يمكن جلب خصلة؛ ولذا ترى الأخبار متواترة في جعلها جميعاً من ثمراته(١٤٣).
ولكنّه قال المحدّث النوري بعد كلامه هذا: بأنّ امتداد اليد على شوك المغيلان أسهل من الوصول إلى اليقين ولكن من وصل إلى اليقين يتنوّر قلبه وترتفع الموانع أو يرتفع أثرها.
ونحن نكتفي بهذا المقدار من الكلام، ومن شاء أن يعلم حول اليقين زيادة على ما قلنا فليرجع إلى باب اليقين من المجلّد الأوّل من كتابنا أسرار النجاح.
٣ - الاشتغال بالدعاء من جهته
قال مولانا الإمام الصادق (عليه السلام):
ولو دعوتموه من جهة الدعاء لأجابكم وإن كنتم عاصين.
قال: قلت: وما جهة الدعاء؟
قال: إذا أدّيت الفريضة مجّدت الله وعظمته وتمدحه بكلّ ما تقدر عليه، وتصلّي على النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وتجتهد في الصلاة عليه، وتشهد له (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بتبليغ الرسالة، وتصلّي على أئمّة الهدى (عليهم السلام)، ثمّ تذكر بعد التحميد لله والثناء عليه والصلاة على النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما أبلاك وأولاك، وتذكر نعمه عندك وعليك وما صنع بك فتحمده، وتشكره على ذلك.
ثمّ تعترف بذنوبك ذنب ذنب، وتقرّ بها أو بما ذكرت منها، وتجمل ما خفى عليك منها، فتتوب إلى الله من معاصيك وأنت تنوي ألّا تعود، وتستغفر منها بندامة وصدق نيّة وخوف ورجاء، ويكون من قولك:
اللّهم إِنّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبي، وَأَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، فَأَعِنّي عَلى طاعَتِكَ، وَوَفِّقْني لِما أَوْجَبْتَ عَلَيَّ مِنْ كُلِّ ما يُرْضيكَ، فَإِنّي لَمْ أَرَ أَحَداً بَلَغَ شَيْئاً مِنْ طاعَتِكَ إِلّا بِنِعْمَتِكَ عَلَيْهِ قَبْلَ طاعَتِكَ، فَأَنْعِمْ عَلَيَّ بِنِعْمَةٍ أَنالُ بِها رِضْوانَكَ وَالْجَنَّةَ.
ثمّ تسأل بعد ذلك حاجاتك، فإنّي أرجو ألّا يخيبك إن شاء الله تعالى(١٤٤).
أهميّة المداومة على الدعاء
إنّ للمداومة على الأدعية أثراً مهمّاً في إجابة الدعاء ونيل الداعي مبتغاه، وهذه نكتة مهمّة يلزم التوجّه إليها على كلّ من يمارس الدعاء؛ لأنّ أغلب الناس لا يستطيعون تحصيل مرامهم من خلال قراءة الدعاء أو الذكر أو الزيارة مرّة واحدة.
وعلى سبيل المثال أنّ الأمراض الجسميّة سواءً كانت سطحيّة أو بدايتها يقدر الإنسان على علاجها بنسخة واحدة، وأمّا إذا صارت مزمنة وطالت مدّة الابتلاء بها احتاج علاجها إلى استعمال الأدوية مرّات عديدة، وكذا في الأمراض النفسانيّة، فمن ابتلى بمرض نفسيّ شديد، أو لم يكن شديداً، ولكن توغّل في النفس وطالت مدّة الابتلاء به فإنّه لا يمكن رفعه بقراءة الدعاء مرّة واحدة بل يلزم تكرار الدعاء حتّى يبرأ من المرض، كما هو الحال في الأمراض الجسميّة أيضاً.
فعلى هذا كما أنّ الأمراض الجسديّة تحتاج إلى تعاطي العلاج بصورة متكرّرة كيما يؤثّر الدواء أثره فكذلك في الاُمور الّتي تقع في دائرة الدعاء لابدّ من تكرار الدعاء حتّى نرى أثر إجابته.
نعم؛ قد يتمكّن بعض الناس من تحصيل مبتغاهم بقراءة دعاء واحد أو ذكر إسم من أسماء الله تعالى ولكن أمثال هؤلاء نوادر في الواقع البشري، ولا يصحّ لسائر الناس أن يتوقّع إجابة دعائه بقراءته مرّة واحدة.
هذه إحدى جهاتِ التأكيد في الروايات على الإلحاح والإصرار في الأدعية.
لزوم الدعاء لصاحب العصر والزمان أرواحنا فداه
بعد ما ذكرناه من آداب الدعاء وشرائطه نقول: إنّ ألزم الدعاء في عصر الغيبة الدعاء لظهور مولانا بقيّة الله في العالمين، لأنّه صاحبنا وصاحب العصر والزّمان بل صاحب الأمر ووليّ العوالم، وكيف تجوز الغفلة عنه وهو إمامنا، والغفلة عن الإمام هي الغفلة من أصل من اُصول الدين، فعليك بالدعاء له عليه الصلاة والسلام قبل الدعاء لنفسك وأهلك وإخوانك.
قال السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس في كتاب جمال الاُسبوع: وقد قدّمنا في جملة عمل اليوم والليلة من اهتمام أهل القدوة بالدّعاء للمهديّ صلوات الله عليه فيما مضى من الأزمان، ما ينبّه على أنّ الدّعاء له من مهمّات أهل الإسلام والإيمان، حتّى روينا في تعقيب الظّهر من عمل اليوم واللّيلة دعاء الصّادق جعفر بن محمّد صلوات الله عليه قد دعا به للمهدي صلوات الله عليه أبلغ من الدّعاء لنفسه سلام الله عليه.
وقد ذكرنا فيما رويناه في تعقيب صلاة العصر من عمل اليوم والليلة أيضاً فصلاً جميلاً قد دعا به الكاظم موسى بن جعفر للمهديّ (عليهم السلام) أبلغ من الدّعاء لنفسه صلوات الله عليهما، وفي الاقتداء بالصّادق والكاظم (عليهما السلام) عذر لمن عرف محلّهما في الإسلام(١٤٥).
وقال السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس بعد ذكر فضائل الدعاء للإخوان: إذا كان هذا كلّه فضل الدعاء لإخوانك، فكيف فضل الدعاء لسلطانك الّذي كان سبب إمكانك، وأنت تعتقد أنّه لولاه ما خلق الله نفسك، ولا أحداً من المكلّفين في زمانه وزمانك، وإنّ اللطف بوجوده صلوات الله عليه سبب لكلّ ما أنت وغيرك فيه، وسبب لكلّ خير تبلغون إليه، فإيّاك ثمّ إيّاك أن تقدّم نفسك أو أحداً من الخلائق في الولاء والدعاء له بأبلغ الإمكان.
واحضر قلبك ولسانك في الدعاء لذلك المولى العظيم الشأن، وإيّاك أن تعتقد إنّني قلت هذا لأنّه محتاج إلى دعائك، هيهات هيهات إن اعتقدت هذا فأنت مريض في اعتقادك وولائك، بل إنّما قلت هذا لمّا عرّفتك من حقّه العظيم عليك، وإحسانه الجسيم إليك، ولأنّك إذا دعوت له قبل الدعاء لنفسك ولمن يعزّ عليك كان أقرب إلى أن يفتح الله جلّ جلاله أبواب الإجابة بين يديك.
لأنّ أبواب قبول الدعوات قد غلقتها - أيّها العبد - بأغلاق الجنايات، فإذا دعوت لهذا المولى الخاصّ عند مالك الأحياء والأموات، يوشك أن يفتح أبواب الإجابة لأجله، فتدخل أنت في الدعاء لنفسك ولمن تدعو له في زمرة فضله وتتّسع رحمة الله جلّ جلاله لك وكرمه وعنايته بك لتعلّقك في الدعاء بحبله.
ولا تقل: فما رأيت فلاناً وفلاناً من الّذين تقتدي بهم من شيوخك بما أقول يعملون، وما وجدتهم إلّا وهم عن مولانا الّذي أشرت إليه صلوات الله عليه غافلون وله مهملون، فأقول لك: إعمل بما قلت لك، فهو الحقّ الواضح، ومن أهمل مولانا وغفل عمّا ذكرت عنه فهو والله الغلط الفاضح.
أقول: فكيف ترى هذا الأمر منهم عليهم أفضل السلام؟ هل هو كما أنت عليه من التهوين بشرف هذا المقام؟ ولا تتوقّف عن الإكثار من الدعاء له صلوات الله عليه؟ ولمن يجوز الدعاء له في المفروضات؟
ففي ما رويناه بإسنادنا من صحّة الروايات عن محمّد بن عليّ بن محبوب شيخ القميين في زمانه في كتاب المصنّف عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
كلّما كلّمت الله تعالى في صلاة الفريضة فليس بكلام.
أقول: فلا عذر لك إذن في ترك الاهتمام(١٤٦).
قال في مكيال المكارم: أنّ الدعاء كما دلّت عليه الآيات والروايات من أعظم أقسام العبادات، ولا شكّ أنّ أجلّ أنواع الدعاء وأعظمها الدعاء لمن أوجب الله تعالى حقّه، والدعاء له على كافّة البريّات، وببركة وجوده يفيض نعمه على قاطبة المخلوقات، كما أنّه لا ريب في أنّ المراد من الاشتغال بالله هو الاشتغال بعبادة الله، فهو الّذي يكون المداومة به سبباً لأن يؤيّده الله في العبادة، ويجعله من أوليائه.
فينتج أنّ المواظبة في الدعاء لمولانا الحجّة صلوات الله عليه ومسألة التعجيل في فرجه وظهوره، وكشف غمّه، وتحصيل سروره، يوجب حصول تلك الفائدة العظيمة، كما لا يخفى.
فاللازم على كافّة أهل الإيمان أن يهتمّوا ويواظبوا بذلك في كلّ مكان وزمان.
وممّا يناسب ما ذكرناه، ويؤيّده ما ذكره الأخ الأعزّ الإيماني الفاضل المؤيّد بالتأييد السبحاني، الآغا ميرزا محمّد باقر الأصفهاني أدام الله تعالى علاه، وآتاه ما يتمنّاه في هذه الأيّام، فإنّه قال:
رأيت ليلة من هذه الليالي في المنام، أو بين اليقظة والمنام، الإمام الهمام مولى الأنام والبدر التمام، وحجّة الله على ما فوق الثرى، وما تحت الثرى، مولانا الحسن المجتبى عليه الصلاة والسلام فقال ما معناه:
قولوا على المنابر للناس وأمروهم أن يتوبوا، ويدعوا في فرج الحجّة (عليه السلام) وتعجيل ظهوره، ليس هذا الدعاء كصلاة الميّت واجباً كفائيّاً يسقط بقيام بعض الناس به عن سائرهم بل هو كالصلوات اليوميّة الّتي يجب على كلّ فرد من المكلّفين الإتيان بها، إلى آخر ما قال، والله المستعان في كلّ حال(١٤٧).
اتّضح بما ذكرناه لزوم الدعاء لظهور الإمام المنتظر أرواحنا فداه.
أوّل مظلوم في العالم
بعد ما ذكرناه من لزوم الدعاء لمولانا صاحب الزمان (عجّل الله فرجه) نقول:
مع الأسف أنّ في أكثر المجالس الدينيّة قد يغفل الناس عن الدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه. ولو علمنا كثرة غفلتنا عن ساحته الشريفة، ندرك جيّداً أنّه صلوات الله عليه أوّل مظلوم في العالم.
نذكر بعض القضايا الدالّة على مظلوميّته صلوات الله عليه:
١ - قال حجّة الإسلام والمسلمين الحاج السيّد إسماعيل الشرفي رحمة الله عليه: سرت إلى العتبات المقدّسة وكنت مشتغلاً بالزيارة في الحرم المطهّر لسيّد الشهداء (عليه السلام) ولمّا كان دعاء الزائر مستجاباً إذا دعا الله عند الرأس الشريف فدعوت الله فيه أن يشرّفني برؤية مولاي صاحب الزمان صلوات الله عليه وأن يقرّ عيني بالنظر إلى وجهه الشريف.
وبينما كنت مشغولاً بالزيارة فإذاً شمس جماله قد أشرقت، وإنّي وإن لم أعرفه صلوات الله عليه حين التشرّف بخدمته ولكنّه قد مال قلبي إليه ميلاً شديداً. فسلّمت عليه وسألت عنه من أنتم؟
فقال: أنا أوّل مظلوم في العالم! ولكنّي لم أفهم ما هو المقصود من كلامه الشريف وقلت في نفسي: لعلّه من العلماء الأعلام في النجف ولم يتوجّه الناس إليه ولذلك يعتقد أنّه أوّل مظلوم في العالم! ثمّ غاب عنّي فعلمت أنّ الله قد أجاب دعائي وأنّه مولاي صاحب الزمان ونعمة لقائه قد زالت عنّي سريعاً.
٢ - نقل حجّة الإسلام والمسلمين السيّد احمد الموسوي - وهو من الشائقين لدرك مولانا صاحب الزمان (عجّل الله فرجه) عن حجّة الإسلام والمسلمين العالم الربّاني الشيخ محمّد جعفر الجوادي أنّه فاز بلقاء الإمام المنتظر أرواحنا فداه في - الكشف أو الشهود - فرآه صلوات الله عليه في شدّة الحزن فسأله عن حاله صلوات الله عليه. فقال له الإمام أرواحنا فداه: دلم خون است، دلم خون است.
وهو كناية عن غاية حزنه صلوات الله عليه.
٣ - قال الإمام الحسين (عليه السلام) في عالم الكشف لعالم من علماء قم:
«مهديّنا في عصره مظلوم، كلّموا واكتبوا في شؤون المهديّ (عليه السلام) إلى نهاية استطاعتكم. التكلّم في شخصيّة هذا المعصوم هو التكلّم في شخصيّة جميع المعصومين (عليهم السلام)، لأنّ المعصومين مساوون في العصمة والولاية والإمامة ولكنّه لما كان العصر عصر مهديّنا ينبغي التكلّم حول شخصيّته.
وقال (عليه السلام) في خاتمة كلامه:
واؤكّد ثانياً: كلّموا واكتبوا كثيراً حول مهديّنا. إنّ مهديّنا مظلوم يلزم أن يكتب ويقال حوله أكثر ممّا قيل وكتب حوله فيما مضى»(١٤٨).
نصيحة من الحاج الشيخ رجبعلي الخيّاط (رحمه الله)
بعد وضوح مظلوميّة مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه نقول: لابدّ لنا من التوجّه بأن لا يكون قصدنا في الدعوات الوصول إلى المقامات، بل ندعو الله طالبين رضاه والتقرّب إليه وإلى الإمام المنتظر صلوات الله عليه.
وعليكم بالالتفات إلى هذه القضيّة:
قال السيّد الشرفي المذكور رحمة الله عليه وهو من المنتظرين لظهور الإمام الحجّة أرواحنا فداه: كنّا نسافر في أيّام التبليغ إلى البلاد المختلفة، ففي بعض أسفارنا قبيل شهر رمضان تشرّفت مع صديق من أصدقائي بخدمة الحاج الشيخ رجبعلي الخيّاط - وهو من السابقين والثابتين في صراط الانتظار وكان يشوّق النّاس إلى هذا الصراط - وطلبنا منه أن يعظنا ويعلّمنا أمراً. فعلّمنا طريقة ختم الآية الشريفة: «وَمَنْ يَتَّقِ الله...»(١٤٩) وقال: تصدّقا أوّلاً، وصوما أربعين يوماً واقرءا الختم صائمين.
وما هو المهمّ في بياناته أعلى الله مقامه هو: لابدّ أن يكون الغرض من هذا العمل، التقرّب إلى ثامن الحجج صلوات الله عليه ولا تعملاه بنيّة الوصول إلى الماديّات.
قال السيّد الشرفي رحمة الله عليه: شرعت في العمل ولم أقدر على إكماله وتركته ولكن صديقي أتمّ العمل وبعد ذهابه إلى المشهد المقدّس تشرّف في الحرم المطهّر وزار مولانا ثامن الحجج (عليه السلام) فرآه صلوات الله عليه بصورة النور. فكملت له هذه الحالة بمرور الأيّام حتّى قدر على مشاهدته والتكلّم معه صلوات الله عليه.
وغرضنا من نقل هذه القضيّة، بيان النكتة المهمّة اللازمة رعايتها في قراءة الأدعية والتوسّلات، وهي أنّه لابدّ للإنسان مضافاً إلى رعاية الإخلاص في الصلوات والأدعية والتوسّلات، أن يجعل غرضه من إتيان هذه الأعمال التقرّب إلى الله فيقرّب عند الرسول وأهل بيته (عليهم السلام)، بمعنى أن يأتي بالأعمال بنيّة العبوديّة لا الوصول إلى المقامات.
قال أحد المشاهير في هذه الاُمور الّذي كان لأدعيته أثر مهمّ في حلّ مشكلات الناس لرجل يعتقد أنّه صاحب بصيرة: ما هو شأني عند الله بنظرتكم؟!
فقال له بعد التأمّل: قد أكثرت المداخلة في اُمور الله!
فلابدّ للداعي أن لا يسيء الاستفادة من الأدعية بل عليه أن يدعو الله للعبوديّة لا للمداخلة في اُمور الله وجذب العباد إلى نفسه.
التجربة المهمّة للحاج الشيخ حسنعلي الأصفهاني
نذكر قضيّة مهمّة للحاج الشيخ حسنعلي الأصفهاني تدلّ على أهميّة مسألة الانتظار:
أنّه اشتغل منذ الطفولة بالعبادات والرياضات الشرعيّة وتحمّل زحماتٍ كثيرة للوصول إلى المقامات المعنويّة، وكتب ما عمل به من الأذكار والأوراد والختومات وكذا الصلوات والآيات في مدّة عمره ولاشتمال ما كتبه على الأسرار والنكات المهمّة لم يجعله في أيدى الناس واختفى ما كتبه.
قال لي المرحوم والدي المعظّم أعلى الله مقامه حول ما كتبه الشيخ:
لقد أعطى الحاج الشيخ حسنعلي الأصفهاني في أواخر أيّام حياته كتابه هذا، لآية الله المرحوم الحاج السيّد علي الرضوي(١٥٠).
وغرضنا من نقل هذه القضيّة نكتة مهمّة ذكرها الشيخ رحمة الله عليه في آخر كتابه ينبغي أن يستفاد منها كلّ من يسلك طريق المعنويّات ويسعى في السير والسلوك، وهو هذا:
يا ليت ما عملته من قراءة الأوراد والأذكار والختومات للوصول إلى المقامات المعنويّة كانت في سبيل التقرّب إلى مولانا صاحب الزمان (عجّل الله فرجه).
فانظروا إلى ما قاله الرجل الإلهي المعروف عند الخاصّ والعامّ وإلى إظهار تأسّفه في آخر عمره وتمنّيه في آخر حياته أنّه عمل ما عمل للتقرّب إلى مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه.
لا شكّ في أنّ للحاج الشيخ حسنعلي الأصفهاني قدرة مهمّة روحيّة وقلّ مثله في الشخصيّات البارزة، ومع ذلك كلّه كانت امنيّته أنّ ما فعله طول حياته كان بقصد التقرّب إلى أمير عالم الوجود. ولم يسع في تحصيل القدرة من أجل شفاء المرضى ولم يجعل ما يشابه ذلك مقصداً لأعماله.
أعظم عبرة للإنسان - في أيّ طريق يسعى - أن يعتبر من تجارب أعاظم الرجال في ذلك الطريق، وأن يستفيد من جهادهم طول حياتهم وما كسبوه من معارف بعد سنين وسنين. وأن يتوجّه إلى آخر تجاربهم طيلة حياتهم.
عليكم بالدقّة في هذه النكتة:
الاستفادة من التجارب المهمّة لأعاظم الرجال يزيد في القيمة المعنويّة لحياة الإنسان مئات مرّات.
فاسعوا في العمل بما جرّبه المرحوم الحاج الشيخ حسنعلي الأصفهاني وكتبه في كتابه، واقرؤا الأدعية والزيارات وساير العبادات للتقرّب إلى الله حتّى تكونوا مقرّبين عند وليّه مولانا صاحب العصر والزمان عجّل الله تعالى له الفرج، واطرحوا المقاصد الصغيرة. وهذه الحقيقة لو عملتم بها لانتفعتم من حياتكم أكمل الانتفاع.
في كيفيّة الدعاء بتعجيل فرجه وظهوره صلوات الله عليه تصريحاً وتلويحاً
إذا عرفت لزوم الدعاء لصاحب العصر والزمان (عليه السلام) ممّا نقلناه عن السيّد الأجلّ ابن طاووس (رحمه الله) نذكر ما قاله صاحب مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم (عليه السلام) في كيفيّة الدعاء بتعجيل فرجه وآثاره المرتّبة عليه، أنّه قال:
إعلم أنّ هذا المقصد الأسنى والمطلب الأعلى يحصل بأنحاء نشير إليها ليكون الناظر فيها على بصيرة، ويقدر على استخراج أمثالها بلطيف النظر وحسن السريرة:
الأوّل: أن يسأل الله تعالى ذلك مصرّحاً بالفارسيّة أو العربيّة أو غيرهما، مثل أن يقول: اللّهم عَجِّلْ فَرَجَ مَوْلانا صاحِبِ الزَّمانِ، وَعَجَّلَ الله تَعالى فَرَجَهُ وَظُهُورَهُ.
الثاني: أن يسأل من الله عزّ إسمه تعجيل فرج آل محمّد (عليهم السلام)، لأنّ فرجه فرجهم كما ورد في الدعوات والروايات.
الثالث: أن يسأل تعجيل الفرج لجميع المؤمنين والمؤمنات، أو لأولياء الله تعالى، فإنّ بفرجه فرج أولياء الله، كما في الرواية.
الرابع: أن يؤمّن على دعاء من دعا لذلك، لأنّ آمين بمعنى استجب، وهو دعاء أيضاً، ولأنّ الدّاعي والمؤمّن شريكان في الدعاء، كما ورد في الرواية.
الخامس: أن يسأل من الله (عزَّ وجلَّ) استجابة دعاء من يدعو بتعجيل فرج مولانا (عليه السلام)، والفرق بين هذا وسابقه، أنّ التأمين لا يكون إلّا بمحضر من يدعو، وهذا ليس من شرطه الحضور.
السادس: أن يسأل تهيئة أسباب توجب تعجيل فرجه.
السابع: أن يسأل رفع ما يمنع من ظهوره (عليه السلام).
الثامن: أن يسأل مغفرة الذنوب الباعثة لتأخير فرجه، الصادرة من الداعي وغيره من أهل الإيمان.
التاسع: أن يسأل الله تعالى العصمة والحفظ من أمثال تلك الذنوب فيما يأتي من الزمان.
العاشر: أن يطلب هلاك أعدائه الّذين يمنع وجودهم عن التعجيل في فرج أوليائه.
الحادي عشر: أن يسأل من الله رفع الظالمين عن جميع المؤمنين، فإنّ ذلك يحصل ببركة ظهور إمامهم المنتظر.
الثاني عشر: أن يسأل بسط العدل في مشارق الأرض ومغاربها، فإنّه لا يحصل إلّا بظهوره (عليه السلام)، على حسب وعد الله (عزَّ وجلَّ) وأنبيائه وأوليائه (عليهم السلام).
الثالث عشر: أن يقول: اللّهم أَرِنَا الرَّخاءَ وَالسُّرُورَ، ناوياً حصوله بذاك الظهور، فإنّ الرخاء والسرور الكامل التامّ لا يحصل للمؤمن إلّا بظهور الإمام الغائب عن أبصار الأنام.
الرابع عشر: أن يسأل من الله (عزَّ وجلَّ) أن يجعل أجر عباداته وأعماله التعجيل في أمر فرج مولاه وظهوره (عليه السلام) على نحو يرضاه.
الخامس عشر: أن يطلب توفيق هذا الدعاء أي الدعاء لمولانا (عليه السلام) ومسألة التعجيل في أمر فرجه لجميع المؤمنين والمؤمنات، لأنّا قد بيّنّا سابقاً أنّ في اتّفاق المؤمنين في ذلك تأثيراً خاصّاً، كما ورد في الرواية فإذا سأل المؤمن تسهيل مقدّمات مطلوبه فقد سعى في تحصيل المطلوب بنحو مرغوب.
السادس عشر: أن يسأل من الله (عزَّ وجلَّ) أن يظهر دين الحقّ وأهل الإيمان على جميع الملل والأديان، فإنّ ذلك لا يحصل بحسب وعده إلّا بظهور مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) كما وردت به الروايات في كتاب البرهان.
السابع عشر: أن يسأل الله عزّ إسمه الانتقام من أعداء الدين وظالمي أهل بيت سيّد المرسلين، لما ورد في الأخبار أنّه يحصل بظهور الإمام الغائب عن الأبصار وخاتم الأئمّة الأطهار (عليهم السلام).
الثامن عشر: أن يصلّي عليه، ويريد بذلك طلب رحمة خاصّة إلهيّة يتيسّر بها استباق فرجه وظهوره.
ويستفاد هذا من العبارة المرويّة في الصلوات عليه وعلى آبائه (عليهم السلام)، المذكورة في كامل الزيارات وغيره في باب زيارة مولانا الرضا (عليه السلام).
ففيها بعد الصلاة على كلّ واحد منهم:
اللّهم صَلِّ عَلى حُجَّتِكَ وَوَلِيِّكَ، وَالْقائِمِ في خَلْقِكَ، صَلاةً نامِيَةً باقِيَةً تُعَجِّلُ بِها فَرَجَهُ، وَتَنْصُرُهُ بِها....
التاسع عشر: أن يسأل التعجيل في كشف الكرب عن وجهه، وتفريج الهمّ والغمّ عن قلبه (عليه السلام)، لأنّ هذا من لوازم استيلائه وهلاك أعدائه.
المكمّل للعشرين: أن يسأل الله تعالى التعجيل في طلب ثار مولانا الشهيد المظلوم أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، فإنّ هذا في الحقيقة دعاء بتعجيل ظهور ولده الحجّة (عليه السلام)، لأنّه الطالب بثأره، والمنتقم من قتلته(١٥١).
في المكارم الّتي تحصل بالدعاء له أرواحنا فداه
قال صاحب المكيال أعلى الله مقامه: فلنذكر المكارم والفوائد العظام الّتي تترتّب على الدعاء بتعجيل فرجه (عليه السلام) بنحو الاختصار والإجمال، ثمّ نذكرها مع أدلّتها بحسب ما يقتضيه الحال:
١ - قوله (عليه السلام): وأكثروا الدّعاء بتعجيل الفرج، فإنّ ذلك فرجكم.
٢ - يوجب ازدياد النعم.
٣ - إظهار المحبّة الباطنيّة.
٤ - أنّه علامة الانتظار.
٥ - إحياء أمر الأئمّة الطاهرين سلام الله عليهم أجمعين.
٦ - سبب فزع الشيطان اللعين.
٧ - النجاة من فتن آخر الزمان ومهالكه.
٨ - أنّه أداء لبعض حقوقه في الجملة، وأداء حقّ ذي الحقّ من أوجب الاُمور.
٩ - أنّه تعظيم لله ولدين الله.
١٠ - دعاء صاحب الزمان (عليه السلام) في حقّه.
١١ - شفاعته له في يوم القيامة.
١٢ - شفاعة النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) له إن شاء الله تعالى.
١٣ - أنّه امتثال لأمر الله تعالى وابتغاء من فضل الله تعالى.
١٤ - يوجب إجابة الدعاء.
١٥ - أنّه أداء أجر الرسالة.
١٦ - يوجب دفع البلاء.
١٧ - يوجب سعة الرزق إن شاء الله تعالى.
١٨ - غفران الذنوب.
١٩ - التشرف بلقائه في اليقظة أو المنام.
٢٠ - الرجعة إلى الدنيا في زمان ظهوره (عليه السلام).
٢١ - يصير من إخوان النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
٢٢ - استباق وقوع الفرج لمولانا صاحب الزمان (عليه السلام).
٢٣ - اُسوة بالنبيّ والأئمّة الأطهار (عليهم السلام).
٢٤ - أنّه وفاء بعهد الله وميثاقه.
٢٥ - ما يترتّب على برّ الوالدين من الفوائد والمكارم.
٢٦ - درك فضل رعاية الأمانة.
٢٧ - زيادة إشراق نور الإمام في القلب.
٢٨ - طول العمر إن شاء الله تعالى.
٢٩ - التعاون على البرّ والتقوى.
٣٠ - الفوز بنصر الله والغلبة على الأعداء بعون الله تعالى.
٣١ - الاهتداء بنور القرآن المجيد.
٣٢ - صيرورته معروفاً عند أصحاب الأعراف.
٣٣ - الفوز بثواب طلب العلم إن شاء الله تعالى.
٣٤ - الأمن من المخاوف والعقوبات الاُخرويّة إن شاء الله تعالى.
٣٥ - البشارة والرفق عند الموت.
٣٦ - إجابة دعوة الله ودعوة رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
٣٧ - كونه مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في درجته.
٣٨ - يصير أحبّ الخلق إلى الله تعالى.
٣٩ - يصير أعزّ الخلق وأكرمهم عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
٤٠ - أنّه يصير من أهل الجنّة إن شاء الله تعالى.
٤١ - يشمله دعاء النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
٤٢ - غفران الذنوب وتبدّل السيّئات بحسنات.
٤٣ - يؤيّده الله تعالى في العبادة.
٤٤ - يدفع به العقوبة عن أهل الأرض إن شاء الله تعالى.
٤٥ - فيه ثواب إعانة المظلوم.
٤٦ - فيه ثواب إجلال الكبير والتواضع له.
٤٧ - فيه ثواب طلب ثار مولانا المظلوم الشهيد أبي عبد الله الحسين (عليه السلام).
٤٨ - تحمّل أحاديث الأئمّة الطاهرين (عليهم السلام).
٤٩ - إضاءة نوره لغيره في مشهد القيامة.
٥٠ - شفاعة لسبعين ألفاً من المذنبين.
٥١ - دعاء أمير المؤمنين (عليه السلام) في حقّه يوم القيامة.
٥٢ - دخول الجنّة بغير حساب.
٥٣ - السلامة من عطش يوم القيامة.
٥٤ - الخلود في الجنّة.
٥٥ - يوجب خمش وجه إبليس وقرح قلبه.
٥٦ - يتحف يوم القيامة بتحفة مخصوصة.
٥٧ - أنّ الله (عزَّ وجلَّ) يخدمه من خدم الجنّة.
٥٨ - يكون في ظلّ الله الممدود، وتنزل عليه الرحمة مادام مشتغلاً بذلك الدعاء.
٥٩ - فيه ثواب نصيحة المؤمن.
٦٠ - أنّ المجلس الّذي يدعى فيه للقائم (عجّل الله فرجه) يكون محضراً للملائكة المكرمين.
٦١ - أنّ الداعي لهذا الأمر الجليل ممّن يباهي به الإله الجليل.
٦٢ - يستغفر له الملائكة.
٦٣ - يكون من خيار الناس بعد الأئمّة الطاهرين (عليهم السلام).
٦٤ - أنّه إطاعة لأُولي الأمر الّذين فرض الله تعالى طاعتهم.
٦٥ - يوجب سرور الله (عزَّ وجلَّ).
٦٦ - يوجب سرور رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
٦٧ - أنّه أحبّ الأعمال إلى الله تعالى شأنه.
٦٨ - أنّ الداعي بهذا الأمر الشريف يكون ممّن يحكّمهم الله تعالى في الجنان إن شاء الله تعالى.
٦٩ - أنّه يحاسب حساباً يسيراً.
٧٠ - الأنيس الشفيق له في البرزخ والقيامة.
٧١ - أنّه أفضل الأعمال.
٧٢ - يوجب زوال الغمّ.
٧٣ - أنّه أفضل من الدعاء في حقّ الإمام زمان ظهوره.
٧٤ - دعاء الملائكة في حقّه.
٧٥ - يشمله دعاء سيّد الساجدين عليه الصلاة والسلام، وهو يشتمل على فنون من الفوائد وصنوف من العوائد.
٧٦ - أنّه تمسّك بالثقلين.
٧٧ - أنّه اعتصام بحبل الله تعالى.
٧٨ - يوجب كمال الإيمان.
٧٩ - درك مثل ثواب جميع العباد.
٨٠ - أنّه تعظيم شعائر الله (عزَّ وجلَّ).
٨١ - فيه ثواب من استشهد مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
٨٢ - فيه ثواب من استشهد تحت راية القائم (عليه السلام).
٨٣ - فيه ثواب الإحسان إلى مولانا صاحب الزمان (عليه السلام).
٨٤ - فيه ثواب إكرام العالم.
٨٥ - فيه ثواب إكرام الكريم.
٨٦ - الحشر في زمرة الأئمّة الطاهرين (عليهم السلام).
٨٧ - ارتفاع الدرجات في روضات الجنّات.
٨٨ - الأمن من سوء الحساب في يوم الحساب.
٨٩ - الفوز بأفضل درجات الشهداء يوم القيامة.
٩٠ - الفوز بالشفاعة الفاطميّة(١٥٢).
وينبغي التنبيه على اُمور:
الأوّل: أنّ الفوائد المذكورة والمكارم المزبورة تحصل بذلك الدعاء بأيّ نحو كان وبأيّ لسان، لعموم ما دلّ عليها، أو إطلاقها، وعدم مخصّص يخصّها.
الثاني: أنّ أكثر تلك المكارم يحصل بإكثار الدعاء بتعجيل فرج مولانا القائم (عليه السلام) لقوله: وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج.
الثالث: أنّ كمال تلك المكارم إنّما يكون بتحصيل ملكة التقوى، وتهذيب النفس عمّا يغويها، وردعها عمّا يرديها، وبسط الكلام في هذا المقام ينافي ما أردنا من الاختصار، فالأولى الاقتصار بهذا المقدار والإشارة كافية لأولى الأبصار وأهل النظر والاعتبار، ونسأل الله تعالى أن يعجّل في فرج مولانا الغائب عن الأبصار ويجعلنا بمنّه في زمرة الأنصار(١٥٣).
تفصيل الكلام في بعض آثار الدعاء لصاحب العصر والزمان أرواحنا فداه
١ - وقوع الفرج له صلوات الله عليه وللداعي:
قال في المكيال: قوله عليه الصلاة والسلام في التوقيع المرويّ في كمال الدين وكتاب الاحتجاج على أهل اللّجاج:
وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإنّ ذلك فرجكم.
أقول: لاريب بملاحظة ما ذكر قبل هذا الكلام، في أنّ المراد بالفرج ظهوره (عليه السلام)، لا دعاء الناس بتعجيل فرج نفوسهم فانظر في كلامه قبل ذلك، لشرح صدرك وإصلاح حالك، حيث قال (عليه السلام):
وأمّا علّة ما وقع من الغيبة، فإنّ الله (عزَّ وجلَّ) يقول: «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَلَكُمْ تَسُؤْكُمْ»(١٥٤)، إنّه لم يكن لأحد من آبائي إلّا وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه، وإنّي أخرج حين أخرج، ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي، وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي، فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحاب، وإنّي لأمان لأهل الأرض، كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء، فأغلقوا أبواب السؤال عمّا لا يعنيكم، ولا تتكلّفوا علم ما قد كفيتم، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإنّ ذلك فرجكم، والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب، وعلى من اتّبع الهدى إنتهى كلامه صلوات الله وسلامه عليه.
وأمّا إسحاق بن يعقوب المخاطب بهذا التوقيع الشريف، فلم يتعرّض له الأصحاب بشيء، إلّا أنّ اعتماد الكليني وسائر المشائخ على روايته، يدلّ على حسن حاله وجلالته، وسلام مولانا عليه في التوقيع حسبه في الدلالة على الشأن الرفيع والمقام المنيع.
وأمّا المشار إليه بقوله (عليه السلام): فإنّ ذلك فرجكم، فأحد اُمور:
أحدها: أن يكون المراد بذلك فرجه صلوات الله عليه، ويكون الكلام تعليلاً للأمر بدعاء الفرج، يعني أنّ فرجكم يترتّب على ظهوري وفرج أمري، ويقرّب هذا الاحتمال قرب إسم الإشارة منه.
ويؤيّده أيضاً جميع ما ورد في الروايات، من أنّ بفرجه فرج أولياء الله.
الثاني: أن يكون المراد بذلك فرجه أيضاً، ويكون الكلام تعليلاً للأمر بالإكثار من الدعاء.
الثالث: أن يكون المراد بذلك نفس هذا الدعاء، يعني أن يحصل الفرج لكم بالدعاء لتعجيل فرجي وظهوري.
الرابع: أن يكون المراد بذلك الإكثار، يعني أنّه يحصل الفرج في أمركم بإكثاركم من الدعاء بتعجيل فرجي.
هذا ما اختلج بالبال من وجوه الاحتمال في هذا المقال، والله تعالى هو العالم بخفيّات الاُمور وحقايق الأحوال، ويقرّب الاحتمالين الأخيرين أنّ ذلك تستعمل في الإشارة إلى البعيد غالباً، كما تبيّن في علم النحو، فتدبّر.
ويؤيّدهما أيضاً ما في بعض الروايات: أنّ الملائكة يدعون للداعي لأخيه المؤمن في غيبته بما يدعو به لأخيه أضعافاً مضاعفة، وبعض آخر فيه أيضاً دلالة على المقصود، ونيل الفرج بالدعاء لفرجه المسعود.
فإن قلت: فما معنى حصول الفرج للداعي بهذا الدعاء؟
قلت: حصول الفرج بسبب هذا الدعاء يقع للداعي بأحد أنحاء:
منها: أن يبلغ بمأموله وما يهتمّ بحصوله من الاُمور الدنيويّة أو غيرها ببركة دعائه لمولاه، فإنّه الوسيلة لكلّ خير وصلاح، والداعي لمن يدعو له بالفرج والفلاح.
ومنها: أن يعطيه الله بدل ما يرجوه عند ما يسأله ويدعوه، بحيث يدفع عنه الحاجة والهموم، ويكشف عنه الشدّة والغموم، ببركة دعائه لفرج مولاه المظلوم، فإنّ إعانة المظلوم يصير سبباً لإعانة الله تعالى، كما يأتي تفصيله إن شاء الله تعالى.
ومنها: أن يمنحه الله تعالى الصبر على النوائب والسرور في كلّ ما يصيبه من الشدائد والمصائب، ويلين له الصبر في البعد على المقصود، كما ألان الحديد لداود (عليه السلام).
هذا كلّه إذا لم تقتض الحكمة الإلهية وقوع الفرج بالكلّية بظهور صاحب الدعوة النبويّة، والصولة الحيدريّة، والشجاعة الحسينيّة، وأمّا إن وقع الفرج المأمول فهو نهاية المسؤول(١٥٥).
٢ - دعاء مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه في حقّ الداعي له بالفرج والنصر
قال في مكيال المكارم: من آثار الدعاء لمولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه شمول دعائه صلوات الله عليه لمن يدعو له.
ويدلّ على ذلك، مضافاً إلى أنّه مقتضى شكر الإحسان الّذى هو أولى به من كلّ إنسان، قوله صلوات الله عليه في حجابه المرويّ في مهج الدعوات بعد الدعاء لتعجيل فرجه ما لفظه:
وَاجْعَلْ مَنْ يَتْبَعُني لِنُصْرَةِ دينِكَ مُؤَيَّدينَ، وَفي سَبيلِكَ مُجاهِدينَ، وَعَلى مَنْ أَرادَني وَأَرادَهُمْ بِسُوءٍ مَنْصُورينَ....
إذ لا ريب في أنّ الدعاء له، وبتعجيل فرجه، اتّباع ونصرة له، فإنّ من أقسام النصرة للإيمان ولمولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه النصرة باللسان، والدعاء له من أقسام النصرة اللسانيّة، كما لا يخفى.
ويدلّ على المطلوب أيضاً ما ذكره عليّ بن إبراهيم القمي في تفسير قوله تعالى: «وَإِذا حُيّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها»(١٥٦)، قال:
السلام وغيره من البرّ، إذ لا يخفى أنّ الدعاء من أفضل أنواع البرّ، فإذا دعا المؤمن لمولاه صلوات الله عليه بخالص الدعاء كافاه مولاه أيضاً بخالص الدعاء، ودعاؤه مفتاح كلّ خير ومقلاع كلّ ضير.
ويشهد لذلك ويؤيّده ما رواه القطب الراوندي (رحمه الله) في الخرائج قال:
حدّث جماعة من أهل أصفهان، منهم أبو العبّاس أحمد بن النصر، وأبو جعفر محمّد بن علويّة قالوا: كان بأصفهان رجل يقال له: عبد الرحمان، وكان شيعيّاً، قيل له: ما السبب الّذي أوجب عليك القول بإمامة عليّ النقيّ (عليه السلام) دون غيره من أهل الزمان؟
 قال: شاهدت ما أوجب ذلك عليّ، وهو أنّي كنت رجلاً فقيراً، وكان لي لسان وجرأة، فأخرجني أهل أصفهان سنة من السنين، فخرجت مع قوم آخرين إلى باب المتوكّل متظلّمين، فبينا نحن بالباب إذ خرج الأمر بإحضار عليّ بن محمّد بن الرضا (عليهم السلام)، فقلت لبعض من حضر: من هذا الرجل الّذي قد اُمر بإحضاره؟ فقيل: هو رجل علويّ، تقول الرافضة بإمامته.
ثمّ قال: وقدّرت أنّ المتوكّل يحضره للقتل، فقلت: لا أبرح من هيهنا حتّى أنظر إلى هذا الرجل، أيّ رجل هو؟
قال: فأقبل على فرس، وقد قام الناس يمنة الطريق ويسرتها صفّين، ينظرون إليه، فلمّا رأيته وقع حبّه في قلبي، فصرت أدعو له في نفسي بأن يدفع الله عنه شرّ المتوكّل، فأقبل يسير بين الناس وهو ينظر إلى عرف دابّته، لا ينظر يمنة ولا يسرة، وأنا اُكرّر في نفسي الدعاء له، فلمّا صار بإزائي أقبل بوجهه عليّ، ثمّ قال:
استجاب الله دعاك، وطوّل عمرك وكثّر مالك وولدك.
فارتعدت من هيبته ووقعت بين أصحابي فسألوني: ما شأنك؟ فقلت: خيراً، ولم اُخبر بذلك مخلوقاً.
ثمّ انصرفنا بعد ذلك إلى أصفهان، ففتح الله عليّ بدعائه وجوهاً من المال، حتّى أنا اليوم اُغلق بابي على ما قيمته ألف ألف درهم سوى مالي خارج داري، ورزقت عشرة من الأولاد، وقد مضى لي من العمر نيّفاً وسبعين سنة، وأنا أقول بإمامة ذلك الرجل، الّذي علم ما كان في نفسي، واستجاب الله دعاءه في أمري.
أقول: فانظر أيّها العاقل كيف كافأ مولانا الهادي (عليه السلام) دعاء ذلك الرجل بسبب الإحسان ذلك بأن دعا له بما عرفت مع كونه خارجاً حينئذ عن زمرة أهل الإيمان أفترى من نفسك في حقّ مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه أن لا يذكرك بدعاء الخير إذا دعوت له، مع كونك من أهل الإيمان؟! لا والّذى خلق الإنس والجانّ، بل هو يدعو لأهل الإيمان وإن كانوا غافلين عن هذا الشأن، لأنّه وليّ الإحسان.
وممّا يؤيّد ما ذكرناه في هذا المقام، ما ذكره بعض إخواني الصالحين الكرام، أنّه رأى الإمام صلوات الله عليه في المنام، فقال (عليه السلام) له:
إنّي أدعو لكلّ مؤمن يدعو لي بعد ذكر مصائب سيّد الشهداء (عليه السلام) في مجالس العزاء.
نسأل الله التوفيق لذلك إنّه سميع الدعاء(١٥٧).
أقول: فإن شاهدت بعد الدعاء له صلوات الله عليه وقوع حالة لك، فاعلم أنّه من دعائه (عليه السلام) لك ومن نظره (عليه السلام) إليك.
في المواضع الّتي ندبت فيها الإحياء وقلّة المنام مخصوصاً
قال المحدّث النوري في دار السلام: نذكر هاهنا الأوقات الّتي يستحبّ فيها الإحياء وقلّة المنام مخصوصاً ليدعو الداعي فيها لصاحب العصر والزّمان (عليه السلام) أكثر ممّا يدعو في غير هذه الأوقات.
منها: شهر رمضان وخصوصاً ليالي القدر، ففي دعاء هلاله الّذي رواه السيّد بن طاووس عن أمالي أبي المفضّل الشيباني:
اللّهم أَهِلَّهُ عَلَيْنا بِالْأَمْنِ وَالْايمانِ، وَالسَّلامَةِ وَالْإِسْلامِ، وَصِحَّةٍ مِنَ السُّقْمِ، وَفَراغٍ لِطاعَتِكَ مِنَ الشُّغْلِ، وَاكْفِنا بِالْقَليلِ مِنَ النَّوْمِ يا رَحيمُ.
وفي فضائل الأشهر للصدوق (رحمه الله) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته في أوّل يوم منه في الكوفة:
اُنظر أن لا تكون بالليل نائماً، وبالنهار غافلاً، فينقضي شهرك وقد بقي عليك وزرك، فتكون عند استيفاء الصائمين اُجورهم من الخاسرين وعند فوزهم بكرامة مليكهم من المحرومين، وعند سعادتهم بمجاورة ربّهم من المطرودين.
وفي التهذيب عن الصادق (عليه السلام) - في حديث طويل -:
وفي ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين يصلّي في كلّ واحدة منهما إذا قوى مائة ركعة، سوى هذه الثلاث عشرة ركعة، وليسهر فيهما حتّى يصبح، الخبر.
وفي الكافي عن أبي حمزة، عنه (عليه السلام):
فاطلبها أي ليلة القدر في ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين، وصلّ في كلّ واحدة منها مائة ركعة، وأحيهما إن استطعت إلى النور.
وفي كتاب عمل شهر رمضان للسيّد بن طاووس (رحمه الله)، عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
قال موسى (عليه السلام): إلهى اُريد قربك، قال: قربي لمن استيقظ ليلة القدر.
وفيه عن الباقر (عليه السلام):
من أحيا ليلة القدر غفرت له ذنوبه، ولو كانت ذنوبه عدد نجوم السّماء ومثاقيل الجبال ومكائيل البحار.
وفيه عنه (عليه السلام):
من أحيا ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، وصلّى فيه مائة ركعة، وسّع الله عليه معيشته في الدّنيا، الخبر.
ومنها: ليلة عيد الفطر، وفيه عنه (عليه السلام) قال:
كان عليّ بن الحسين (عليهما السلام) يحيي ليلة عيد الفطر بصلاة حتّى يصبح، ويبيت ليلة الفطر في المسجد ويقول: يا بنيّ ما هي بدون ليلة يعني ليلة القدر.
ومنها: الليالي الأربع الّتي رواها الشيخ عن الإمام الصادق (عليه السلام)، عن أبيه، عن جدّه، عن أمير المؤمنين عليّ (عليهم السلام) قال:
كان يعجبه أن يفرغ نفسه أربع ليال في السنة، وهي أوّل ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة الفطر وليلة الأضحى.
وفي البحار عن نوادر الراوندي، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في خبر:
ألا؛ وإنّ في رجب ليلة من حرم النوم على نفسه وقام فيها حرّم الله جسده على النّار، وصافحه سبعون ألف ملك، ويستغفرون له إلى يوم مثله، فإن عاد عادت الملائكة.
وفي الإقبال عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
كنت نائماً ليلة النصف من شعبان، فأتاني جبرئيل فقال: يا محمّد؛ أتنام في هذه الليلة؟
قلت: يا جبرئيل؛ وما هذه الليلة؟
قال: هي ليله النصف من شعبان، قم يا محمّد؛ فأقامني، الخبر.
وفي ثواب الأعمال عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
من أحيا ليلة العيد وليله النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم يموت القلوب.
ومنها: ليلة عاشورا، وفيه عن كتاب دستور المذكرين بإسناده عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال:
من أحيى ليلة عاشورا، فكأنّما عبد الله عبادة جميع الملائكة وأجر العامل فيها يعدل سبعين سنة.
ومنها: ليلة الأضحى لمن كان في المشعر، ففي الكافي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث له:
ولا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة إلى أن قال: وإن استطعت أن تحيي تلك الليلة فافعل، فإنّه بلغنا أنّ أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لأصوات المؤمنين، لهم دويّ كدويّ النحل، الخبر.
ومنها: ليلة الجمعة، ففي الكافي عن الصادق (عليه السلام):
إنّ ليلة الجمعة مثل يومها فإن استطعت أن تحييها بالصلاة والدعاء فافعل.
ومنها: ليالي شعبان، ففي دعاء أيّامه:
اَلَّذي كانَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله) يَدْأَبُ في صِيامِهِ وَقِيامِهِ في لَياليهِ وَأَيَّامِهِ بُخُوعاً لَكَ في إِكْرامِهِ وَإِعْظامِهِ إِلى مَحَلِّ حِمامِهِ(١٥٨).
في الأزمنة المخصوصة به أرواحنا فداه
قال المحدّث النوري (رحمه الله): ذكر بعض الأزمنة والأوقات المختصّة بإمام العصر صلوات الله عليه، وتكليف الرعايا فيها بالنسبة إليه (عليه السلام)، وعددها ثمانية:
الأوّل: ليلة القدر، بل الليالي الثلاثة المردّدة بينها.
الثاني: يوم الجمعة.
الثالث: يوم عاشوراء.
الرابع: حين اصفرار الشمس إلى غروبها في كلّ يوم.
الخامس: عصر الاثنين.
السادس: عصر الخميس.
السابع: ليلة ويوم النصف من شعبان.
الثامن: يوم النوروز(١٥٩).
قال صاحب المكيال أعلى الله مقامه: إعلم أنّ ليوم الجمعة اختصاصاً وانتساباً إلى مولانا الحجّة (عليه السلام) من وجوه عديدة، تقتضي الاهتمام فيه بالدعاء له (عليه السلام)، قد ذكرناها في كتاب أبواب الجنّات في آداب الجمعات، نشير إليها تذكرة لأُولي الألباب:
الأوّل: وقوع ولادته فيه.
الثاني: انتقال الإمامة إليه.
الثالث: وقوع ظهوره فيه.
الرابع: استيلاؤه فيه على أعدائه.
الخامس: أنّه يوم أخذ العهد والميثاق له ولآبائه الأطهار (عليهم السلام).
السادس: أنّه يوم خصّه الله تعالى بلقب القائم (عليه السلام).
السابع: أنّه من جملة ألقابه الشريفة، وقد ذكرنا هناك وجوهاً اُخرى، من أرادها فليرجع إلى ذلك الكتاب(١٦٠).
في الأمكنة الّتي يتأكّد الدعاء لتعجيل الفرج فيها
إعلم أنّه كما يتأكّد الدعاء بتعجيل فرج مولانا الحجّة (عليه السلام) في أزمنة مخصوصة كذلك يتأكّد في أمكنة مخصوصة، إمّا للتأسّي به (عليه السلام)، أو لرواية ذلك عن الأئمّة الكرام، أو لاعتبارات عقليّة مقبولة عند اُولي الأفهام.
فمنها المسجد الحرام: ويشهد لذلك مضافاً إلى أنّه من مظانّ الإجابة فينبغي الاهتمام فيه بما علم أهمّيته عند الله (عزَّ وجلَّ) وعند أوليائه، وعرف أعمّيّة نفعه لأحبّائه دعاؤه لذلك في ذاك المقام.
فقد روى الشيخ الصدوق في كمال الدين قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميريّ (رحمه الله) قال: سألت محمّد بن عثمان العمريّ (رحمه الله) فقلت له: أرأيت صاحب هذا الأمر؟ فقال: نعم، وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام، وهو يقول:
اللّهم أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَني.
وقال الصدوق أيضاً: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميريّ قال: سمعت محمّد بن عثمان العمريّ (رحمه الله) يقول: رأيته صلوات الله عليه متعلّقاً بأستار الكعبة في المستجار، وهو يقول:
اللّهم انْتَقِمْ لي مِنْ أَعْدائي.
ومنها العرفات في محلّ الوقوف: ويدلّ على ذلك وروده في الدعاء المرويّ عن الصادق (عليه السلام) في ذلك المقام، والدعاء مذكور في زاد المعاد، فليرجع إليه أخيار العباد.
ومنها السرداب: يعني سرداب الغيبة في سامراء، ويشهد للاهتمام بالدعاء هناك ما ورد في كتب الزيارات.
ومنها المقامات المنسوبة إليه، ومشاهده، ومواقفه المباركة بيمن وقوفه (عليه السلام) فيها: كمسجد الكوفة، ومسجد السهلة، ومسجد صعصعة، ومسجد جمكران وغيرها، لأنّ عادة أهل المودّة جارية على أنّهم إذا شهدوا موقفاً من مواقف محبوبهم تذكّروا لأخلاقه، وتألّموا لفراقه، ودعوا في حقّه، بل يأنسون بمواقفه ومنزله حبّاً له، كما قيل:

أمرّ على الديار ديار ليلى * * * اُقبّل ذا الجدار وذا الجدارا
فما حبّ الديار شغفن قلبي * * * ولكن حبّ من سكن الديارا

وقيل أيضاً في هذا المعنى:

ومِن مذهبي حبّ الديار لأهلها * * * وللناس فيما يعشقون مذاهب

فينبغي المؤمن المخلص إذا دخل السرداب المباركة، أو شهد موقفاً من مواقفه الكريمة المشرّفة، أن يتذكّر صفات مولاه، من صفات الجمال والجلال والكمال وما هو فيه من بغي أهل العناد والضلال، ويتفجّع غاية التفجّع من تصوّر تلك الأحوال، ويسأل من القادر المتعال أن يسهّل فرج مولاه، ويعطيه ما يتمنّاه من دفع الأعداء ونصر الأولياء.
هذا، مضافاً إلى أنّ المقامات المذكورة مواقف عبادته ودعائه (عليه السلام)، فينبغي للمؤمن المحبّ التأسّي به في ذلك، فإنّ الدعاء بتعجيل فرجه، وكشف الكرب عن وجهه، من أفضل العبادات وأهمّ الدعوات.
ومنها حرم مولانا الشهيد المظلوم أبي عبد الله الحسين (عليه السلام): لأنّ المؤمن إذا تصوّر في حرمه الشريف ما وقع عليه وعلى أهله، من أنواع الظلم والمصائب، وعلم أنّ الطالب بدمه، والمنتقم من أعدائه وظالميه، مولانا الصاحب (عليه السلام)، بعثه عقله وحبّه إلى الدعاء بتعجيل فرجه وظهوره، دعاء المحبّ الراغب.
ويشهد لذلك ما في رواية أبي حمزة الثماليّ، المرويّة في كامل الزيارات، في الباب التاسع والسبعين عن الصادق (عليه السلام) حيث قال في موضع من تلك الزيارة بعد الصلاة على الحسين صلوات الله عليه:
وتصلّي على الأئمّة (عليهم السلام) كلّهم، كما صلّيت على الحسن والحسين (عليهما السلام) وتقول: اللّهم أَتْمِمْ بِهِمْ كَلِماتِك، وأَنْجِزْ بِهِمْ وَعْدَكَ....
وفي موضع آخر منها قال (عليه السلام):
ثمّ ضع خدّك عليه وتقول:
اللّهم رَبَّ الْحُسَيْنِ، إِشْفِ صَدْرَ الْحُسَيْنِ.
اللّهم رَبَّ الْحُسَيْنِ، اُطْلُبْ بِدَمِ الْحُسَيْنِ....
ووجه الدلالة واضح، لأنّ مولانا الحجّة (عليه السلام) هو الّذي يطلب بدم الحسين (عليه السلام) ويشفي صدره بالانتقام من أعدائه.
ومنها حرم مولانا الرضا (عليه السلام): لورود ذلك في الزيارة المرويّة في كامل الزيارات ففيها بعد الصلاة على كلّ واحد من الأئمّة (عليهم السلام):
اللّهم صَلِّ عَلى حُجَّتِكَ وَوَلِيِّكَ، وَالْقائِمِ في خَلْقِكَ، صَلاةً نامِيَةً باقِيَةً تُعَجِّلُ بِها فَرَجَهُ، وَتَنْصُرُهُ بِها....
ومنها حرم العسكريّين (عليهما السلام) بسرّ من رأى: ويشهد له ما ورد في زيارة مذكورة لهما في الكتاب المذكور:
اللّهم عَجِّلْ فَرَجَ وَلِيِّكَ وَابْنِ وَلِيِّكَ، وَاجْعَلْ فَرَجَنا مَعَ فَرَجِهِمْ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.
ومنها مشهد كلّ واحد من الأئمّة (عليهم السلام): لأنّه من أفضل ما يتقرّب به إليهم ويسرّهم ويزلف لديهم، ويشهد لذلك ما ورد في كامل الزيارات، في باب الزيارة لجميع الأئمّة (عليهم السلام) فراجع.
بل يمكن أن يقال: إنّ هذا الدعاء من أهمّ وظائف الأنام في كلّ مكان له خصوصيّة واحترام، قال الله تعالى شأنه: «في بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فيهَا اسْمُهُ»(١٦١)، فإنّ ذلك الدعاء من أفضل الأذكار، وأحبّها عند اُولي الأبصار وأهمّها عند أهل الاعتبار، فينبغي الاهتمام به في آناء اللّيل وأطراف النّهار(١٦٢).
إقامة مجالس الدعاء لتعجيل فرج مولانا صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)
بعد علمك بالأوقات المؤكّدة للدعاء لصاحب العصر والزمان، والأزمنة والأمكنة الّتي يتأكّد الدعاء له (عليه السلام) نقول:
كما يمكن أن يدعو الداعي منفرداً يمكن له الدعاء مجتمعاً بإقامة المجالس لذكره عليه الصلاة والسلام، فإنّه يترتّب عليها مضافاً على الدعاء له (عليه السلام) اُمور حسنة اُخرى، مثل: احياء أمر الأئمّة (عليهم السلام) وذكر أحاديث أهل البيت و....
عدّ صاحب المكيال أعلى الله مقامه من تكاليف الأنام في غيبة الإمام إقامة المجالس الّتي يذكر فيها مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه، وينشر فيها مناقبه وفضائله، ويدعى له فيها، وبذل النفس والمال في ذلك، لأنّه ترويج لدين الله وإعلاء كلمة الله وإعانة على البرّ والتقوى، وتعظيم شعائر الله ونصرة وليّ الله.
ويدلّ على ذلك مضافاً إلى اجتماع العناوين المذكورة وغيرها فيه، قول الصادق (عليه السلام) في حديث مرويّ في الوسائل وغيره:
تزاوروا، فإنّ في زيارتكم إحياء لقلوبكم وذكراً لأحاديثنا، وأحاديثنا تعطّف بعضكم على بعض، فإن أخذتم بها رشدتم ونجوتم، وإن تركتموها ضللتم وهلكتم فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم(١٦٣).
وجه الدلالة: تعليله الأمر بالتزاور بكونه سبباً ووسيلة لإحياء أمرهم وذكر أحاديثهم، فإقامة مجالس التزاور الّتي يذكر فيها الإمام صلوات الله عليه ومناقبه وما يتعلّق بأمره ممّا لا ريب في رجحانها واستحبابها عندهم.
ويدلّ على المقصود أيضاً قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث الأربعمائة:
إنّ الله تبارك وتعالى إطّلع إلى الأرض فاختارنا، واختار لنا شيعة ينصروننا، ويفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا، اُولئك منّا وإلينا، الخبر(١٦٤).
مسألة فقهيّة: الظاهر من الأدلّة، جواز صرف الزكاة الواجبة في هذه الجهة الراجحة، فإنّها من سبيل الله الّذي جعله الله تعالى أحد مصارف الزكاة في آية «إِنَّمَا الصَّدَقات...»(١٦٥) وبسط الكلام موكول إلى الفقه.
إيقاظ وتنبيه: يمكن القول بوجوب إقامة تلك المجالس في بعض الأحيان، كأن يكون الناس في معرض الانحراف والضلال، وتكون إقامة تلك المجالس سبباً لردعهم عن الردى وإرشاداً لهم إلى سبيل الهدى، نظراً إلى أدلّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإرشاد الضالّ، وردع أهل البدعة والضلال، والله تعالى هو العاصم في كلّ حال(١٦٦).
إهداء ثواب الصلاة وسائر الأعمال إليه أرواحنا فداه
كما تدري أنّ الاُمور المهمّة اللازمة ذكرها كثيرة جدّاً، ولكن لا يمكن جمعها في مقدّمة الكتاب أسئل الله تبارك وتعالى أن يعجّل سريعاً في ظهور نقطة العلم ومعدنه حتّى يبثّه بثّاً بثَّا، فإنّ في صدره الشريف علماً جمّاً. جعلنا الله من خدّام أصحابه وأعوانه والمستشهدين بين يديه.
حدّث أبو محمّد الصيمري قال: حدّثنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الله البجلي بإسناد، رفعه إليهم صلوات الله عليهم قال:
من جعل ثواب صلوته لرسول الله وأمير المؤمنين والأوصياء من بعده صلوات الله عليهم أجمعين وسلّم، أضعف الله له ثواب صلوته أضعافاً مضاعفة، حتّى ينقطع النفس، ويقال له قبل أن يخرج روحه من جسده:
يا فلان؛ هديّتك إلينا وألطافك لنا، فهذا يوم مجازاتك ومكافاتك، فطب نفساً وقرِّ عيناً بما أعدّ الله لك، وهنيئاً لك بما صرت إليه(١٦٧).
في الأماكن المخصوصة به أرواحنا فداه
نذكر هنا بعض الأماكن المخصوصة بمولانا صاحب الزّمان صلوات الله عليه لمزيد الاطّلاع.
قال المحدّث النوري: وليس خفيّاً أنّ من جملة الأماكن المختصّة المعروفة بمقامه صلوات الله عليه مثل: وادي السلام ومسجد السهلة، والحلّة، ومسجد جمكران في خارج قم، وغيرها.
والظاهر أنّه تشرّف في تلك المواضع بعضُ من رآه أرواحنا فداه أو ظهرت هناك معجزة ولهذا دخلت في الأماكن الشريفة المباركة، وأنّ هناك محلّ اُنس وهبوط الملائكة وقلّة الشياطين، وهي أحد الأسباب المقرّبة لإجابة الدعاء وقبول العبادة.
وجاء في بعض الأخبار: إنّ الله (عزَّ وجلَّ) يحبّ أن يعبد في الأماكن الّتي هي أمثال هذه الأماكن مثل المساجد ومشاهد الأئمّة (عليهم السلام) ومقابر أولاد الأئمّة والصالحين والأبرار في أطراف البلاد، وهي من الألطاف العينيّة (الغيبية) الإلهية للعباد الضالّين والمضطرّين والمرضى والمستدينين والمظلومين والخائفين والمحتاجين ونظائرهم من أصحاب الهموم وموزّعي القلوب ومشتّتي الظاهر ومختلّي الحواسّ.
فإنّهم يلجئون إلى هناك ويتضرّعون ويتوسّلون إلى الله (عزَّ وجلَّ) بصاحب ذلك المقام، ويطلبون علاج أوجاعهم وشفاءَهم، ودفع شرّ الأشرار وكثيراً ما يُجابون فيعود الّذي ذهب إلى هنا مريضاً مشافاً مشافياً، ويذهب المظلوم فيرجع بظلامته، ويذهب المضطرب فيرجع هادئ البال. وبالطبع فكلّما يسعى أن يكون هناك أكثر أدباً واحتراماً فيرى خيراً أكثر.
ويحتمل أنّ جميع تلك المواضع داخلة في جملة بيوت الله تعالى الّتي أمر أن ترفع ويذكر فيها اسم الله (عزَّ وجلَّ)، ومدح من سبّح الحقّ تعالى بكرةً وأصيلاً ولا يسع المقام تفصيلاً أكثر من هذا(١٦٨).
١ - مسجد الكوفة
اعلم أنّ مسجد الكوفة أحد المساجد الأربعة الّتي ورد الأمر بشدّ الرحال إليها وهي المسجد الحرام بمكّة، ومسجد النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالمدينة، والمسجد الأقصى ببيت المقدّس، ومسجد الكوفة(١٦٩).
٢ - مسجد السهلة
إعلم أنّه ليس بعد مسجد الكوفة الأعظم، مسجد أفضل من مسجد السهلة في تلك البقعة، وهو بيت إدريس وإبراهيم (عليهم السلام)، ومحل ورود الخضر ومسكنه، وورد أنّه مقام الصالحين والأنبياء والمرسلين(١٧٠).
٣ - المسجد المقدّس في جمكران
سبب بناء المسجد المقدّس في جمكران بأمر الإمام صلوات الله عليه في اليقظة على ما أخبر به الشيخ العفيف الصالح حسن بن مثلة الجمكراني قال:
كنت ليلة الثلاثاء السابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة نائماً في بيتي، فلمّا مضى نصف من الليل فإذا بجماعة من الناس على باب بيتي فأيقظوني، وقالوا: قم وأجب الإمام المهديّ صاحب الزمان صلوات الله عليه فإنّه يدعوك.
قال: فقمت وتعبّأت وتهيّأت، فقلت: دعوني حتّى ألبس قميصي، فإذا بنداء من جانب الباب: هو ما كان قميصك، فتركته وأخذت سراويلي، فنودي: «ليس ذلك منك، فخذ سراويلك»، فألقيته وأخذت سراويلي ولبسته، فقمت إلى مفتاح الباب أطلبه فنودي: الباب مفتوح.
فلمّا جئت إلى الباب، رأيت قوماً من الأكابر، فسلّمت عليهم، فردّوا ورحّبوا بي وذهبوا بي إلى موضع هو المسجد الآن، فلمّا أمعنت النظر رأيت أريكة فرشت عليها فراش حسان، وعليها وسائد حسان، ورأيت فتى في زيّ ابن ثلاثين متّكئاً عليها وبين يديه شيخ، وبيده كتاب يقرؤه عليه، وحوله أكثر من ستّين رجلاً يصلّون في تلك البقعة، وعلى بعضهم ثياب بيض، وعلى بعضهم ثياب خضر.
وكان ذلك الشيخ هو الخضر (عليه السلام)، فأجلسني ذلك الشيخ (عليه السلام)، ودعاني الإمام صلوات الله عليه باسمي، وقال:
اذهب إلى حسن بن مسلم، وقل له: إنّك تعمر هذه الأرض منذ سنين وتزرعها، ونحن نخرّبها، زرعت خمس سنين والعام أيضاً أنت على حالك من الزراعة والعمارة؟ ولا رخصة لك في العود إليها، وعليك ردّ ما انتفعت به من غلّات هذه الأرض ليبنى فيها مسجد وقل لحسن بن مسلم:
إنّ هذه أرض شريفة قد اختارها الله تعالى من غيرها من الأراضي وشرّفها وأنت قد أضفتها إلى أرضك، وقد جزاك الله بموت ولدين لك شابّين، فلم تنتبه عن غفلتك، فإن لم تفعل ذلك لأصابك من نقمة الله من حيث لا تشعر.
قال حسن بن مثلة: [قلت:] يا سيّدي لابدّ لي في ذلك من علامة، فإنّ القوم لا يقبلون ما لا علامة ولا حجّة عليه، ولا يصدّقون قولي، قال:
إنّا سنعمل هناك فاذهب وبلّغ رسالتنا، واذهب إلى السيّد أبي الحسن(١٧١) وقل له: يجيء ويحصره ويطالبه بما أخذ من منافع تلك السنين، ويعطيه الناس حتّى يبنوا المسجد، ويتمّ ما نقص منه من غلّة رهق ملكنا بناحية أردهال ويتمّ المسجد، وقد وقفنا نصف رهق على هذا المسجد، ليجلب غلّته كلّ عام، ويصرف إلى عمارته.
وقل للناس: ليرغبوا إلى هذا الموضع ويعزّزوه، ويصلّوا هنا أربع ركعات(١٧٢).
قال حسن بن مثلة: قلت في نفسي: كأنّ هذا موضع أنت تزعم أنّما هذا المسجد للإمام صاحب الزّمان مشيراً إلى ذلك الفتى المتّكئ على الوسائد، فأشار ذلك الفتى إليّ أن أذهب...(١٧٣).
المسجد الشريف في جمكران من الأمكنة المهمّة المعنويّة في العالم ويلزم للّذين يتشرّفون في هذا المكان المقدّس أن يراعوا أدب المكان وأن يدركوا ما فيه من المعنويّة المهمّة؛ حتّى يملؤوا وجودهم عند تشرّفهم في ذلك المكان من الوجد المعنوي والصفاء والنورانيّة.
نذكر هنا عدّة ملاحظات لمن يتشرّف في هذا المكان المقدّس:
١ - أمر مولانا صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه في اليقظة - بتوسّط حسن بن مثلة الجمكراني - العلويّ العظيم الشأن السيّد أبي الحسن الرضا أن يبنى المسجد؛ وجميع المدارك والمنابع الّتي نقلت القضيّة ذكرت القضيّة بعنوان اليقظة لا النوم.
٢ - لقد أخبر أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ذلك قبل أمر مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه ببناء المسجد في المكان الموجود بمئات الأعوام.
وفي رواية نقلها صاحب كتاب «أنوار المشعشعين: ٤٥٤/١» أخبر عنه مفصّلاً امير دائرة الوجود ووليّ عوالم الإمكان عليّ بن أبي طالب (عليهما السلام). وبيّن في الرواية في أهميّة المسجد المقدّس سرّاً لا يتحمّله الناس.
٣ - المسجد المقدّس في جمكران في عصر ظهور مولانا بقيّة الله أرواحنا فداه أكبر مقام لقدرته صلوات الله عليه بعد الكوفة؛ وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في الرواية إنّ راية جند صاحب الأمر (أرواحنا فداه) تهتزّ في عصر الظهور على الجبل الأبيض وهو جبل الخضر قرب المسجد.
٤ - نكتة مهمّة يلزم التوجّه إليها وهي أنّ المكانة العظيمة للمسجد المقدّس ومركزيّته للتحوّلات الروحيّة والمعنويّة لا تختصّ بعصر الظهور بل تشمل عصر الغيبة أيضاً.
ونستفاد ذلك من بيان مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه حيث قال: «فمن صلّيها فكأنّما صلّى في البيت العتيق». والكعبة هي مركز مغناطيسيّة للأرض وتؤثّر في الإنسان روحاً وجسماً وهي مقابلة للبيت المعمور والأمكنة الجوّيّة والفضائيّة المعنويّة.
فعلى هذا فالإنسان مع وجوده في بيت الله وإقامة الصلاة فيها يفتح له طريق الارتباط ويجعل نفسه تحت اختيار الجذبات الأرضية والسماويّة ويتعرّض لوجود الأشعّة الغير المرئيّة الّتي تحدث فيه تحوّلاً عظيماً.
وللمكان الأصلي في المسجد المقدّس في جمكران هذا الأثر العظيم، ويدلّ على هذا كلام مولانا صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه من أنّ الصلاة فيها كالصلاة في البيت العتيق.
إنّ للمكان الأصلي للمسجد المقدّس أسراراً مخفيّة لا علم للناس بها. وكما قال مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام):
ما من علم إلّا وأنا أفتحه وما من سرٍّ إلّا والقائم يختمه(١٧٤).
أخبر أوّلاً مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) عن بناء المسجد المقدّس في جمكران وأنّ فيه سرّاً، وستتّضح تمام أسراره في عصر ظهور صاحب الأمر أرواحنا فداه إن شاء الله.
نحن نجدّد خاطرة عصر ظهوره الجليل في الأذهان ونرجو من الله تعالى أن يعجّل ظهوره الأنور حتّى يبثّ أسرار العالم ويبسط العلم والعدل في الأرض.
٥ - لابدّ لمن يتشرّف بهذا المكان المقدّس أن يعلم أنّه يضع قدمه في مكان له عظمة كثيرة ومحلّ نظر صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه فالزائر يرى نفسه في محضره بل كأنّه ورد في بيته وحضر في خدمته صلوات الله عليه.
فعلى الّذين يتشرّفون بهذا المكان المقدّس أن يرعوا شرائط الحضور أكثر من الأماكن الاُخرى، ويعلموا أنّ علم مولانا بقيّة الله أرواحنا فداه محيط بهم كاملاً وعلمه لا يشمل فقط أعمالهم وأفعالهم وأقوالهم بل يشمل أفكارهم ونيّاتهم، وبل يشمل أيضاً الأفكار والنيّات المختفية في أنفسهم، فلذا لابدّ لهم أن يواظبوا على أعمالهم وأقوالهم وأفكارهم، لأنّهم ضيف الإمام أرواحنا فداه فيه، فعليهم رعاية شرائط الأدب أكثر ممّا يراعون قبل التشرّف.
٦ - ومن شرائط الأدب للمتشرّف في المسجد المقدّس في جمكران أن يعيّن هدفه، وينتخب أحسن المقاصد وأهمّها وأعلاها ولا يقيّد نفسه بالمقاصد الصغيرة والمسائل الماديّة النفسيّة ويعلم أنّ أكبر المسائل في هذا الزمان هو تعجيل ظهور مولانا صاحب الأمر أرواحنا فداه.
لأنّ في عصر ظهوره صلوات الله عليه ترتفع جميع المشكلات الماديّة والمعنويّة عن الناس ولا يدخل الحزن في بيت أحد.
فالأحسن أن يدعو في هذا المكان المقدّس لنجاة الناس جميعاً من المشكلات ويجعل غرضه الأصلي من تشرّفه في المسجد المقدّس في جمكران الاستغاثة والدعاء لإمام العصر أرواحنا فداه وتعجيل ظهوره الشريف.
التوجّه إلى وظائف عصر الغيبة
نحن وإن ألّفنا هذا الكتاب بتوفيق الله ولطف وليّه صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه للتعرّف على إحدى التكاليف في عصر الغيبة وهو الدعاء لتعجيل ظهور الإمام أرواحنا فداه ولكنّه ينبغي أن نكتب في مقدّمته بعض الوظائف الاُخرى في عصر الظلمة والغيبة، ونرجو درك الفرج إن شاء الله وكوننا في آخر عصر الغيبة، لأنّه بناءً على الروايات الواردة عن الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) يلزم علينا أن نتوقّع ظهوره صلوات الله عليه صباحاً ومساءاً.
ومع الأسف لم يطّلع مجتمعنا إلى الآن على جميع التكاليف في عصر الغيبة، وما كتب في هذا الموضوع من الكتب الجيّدة قد ذكر فيها بعض وظائف هذا العصر لا كلّها، ولو عرف الناس من أوّل أيّام الظلمة أحوالهم الضائعة لم يطل عصر الغيبة هكذا.
وعلى أيّ حال، لابدّ لكلّ الناس وبالأخصّ الّذين من شأنهم بيان وظائف الناس في عصر الغيبة وقد غفلوا أو تغافلوا، الحزن والخجل من عملهم.
هل ينبغي لنا الغفلة عن أمير عالَم الوجود والعالِم بجميع الحوائج في هذه المنظومة وغيرها من المجَرّات السماويّة وهو يعيش في أوساطنا؟
هل ينبغي أن تكون أدمغة ميليارات من الناس في حجاب الظلمة لخفاء نور الله؟ هل ينبغي أن يكون لجميع الناس مرآة تعكس ما في العالم وهي القلب ولكنّهم غافلون عن عظمته؟
متى ترجع القلوب إلى حياتها الأصليّة وتعرف الحياة الواقعيّة العالية الإنسانيّة؟ متى يعرف الناس عظمة قلبهم ومرآة الّتي يشاهدون بها العالم؟ متى تتحرّك عقول الناس لتصل إلى المقامات العالية العلميّة؟ متى يترك الناس الظلمة والظلم والتزوير ويصل الناس إلى الحكومة الإلهيّة العادلة العالميّة؟ متى... ومتى...
هل يمكن وقوع كلّ ذلك إلّا في حكومة مولانا صاحب العصر والزمان صلوات الله عليه؟ فلِمَ لا نحسّ عظمة عصر ظهوره ولِمَ لا نشكو من ظلمة هذا الزمان، ولِمَ لا نطّلع على مستقبل العالم(١٧٥)، ولِمَ لا نعمل بتكاليفنا في أيّام الغيبة؟!
الاعتياد بعصر الغيبة!
وجواب كلّ هذه الأسئلة هو أنّنا قد اعتدنا بعصر الغيبة وظلمتها والظلم فيها! فصرنا مجذوبين إلى الظلم والظلمة ومعتادين به، لأنّ للعادة قدرة قويّة تجذب الإنسان من غير قصد إلى المحاسن أو المساوي.
اعتياد الإنسان بأيّ شيء كان يجرّه إليه كفطرته وطبيعته بحيث كأنّه لا إرادة له على خلافه وقد جعل الله تعالى هذه القدرة في العادة حتّى تجرّ الإنسان إلى المحاسن بغير قصد ومشقّة ويجتنب عن أعمال السوء، ولهذه الجهة عدّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) العادة طبيعة ثانية للإنسان وقال:
العادة طبع ثانٍ(١٧٦).
هذه الجملة مع اختصارها تشتمل على حقائق مهمّة؛ وبناءً على ما قاله (عليه السلام) كما أنّ الإنسان يتحرّك لمقتضياته الفطريّة الطبيعيّة كذلك يتحرّك على ما اعتاد عليه.
فعلى الإنسان أن يستفيد من هذه القدرة العظيمة في الأهداف الصحيحة العالية ويجتنب أن يلوّث نفسه بالعادات السيّئة.
مع الأسف إنّ مجتمع العالميّة لعدم وجود القيادة الصحيحة وعدم القدرة على سوق المجتمع نحو الفضائل الأخلاقيّة والخصال العالية الإنسانيّة، قد صار معتاداً بعادات غير صحيحة شخصيّة واجتماعيّة.
وللعادات الاجتماعيّة قدرة أكثر من العادات الشخصيّة بحيث تقدر أن تجرّ الإنسان بسهولة إلى ما اعتاد المجتمع عليه.
ومن العادات السيّئة الاجتماعيّة الّتي قد ابتلى المجتمع بها وصار أسيراً في قيودها، هي الاعتياد بما يجري على الناس والصبر عليه بحيث لا يتفكّر في المستقبل ولا يتأمّل في المنجى الجائي!
مع أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكذا أهل بيته (عليهم السلام) ببياناتهم حول مسألة «الانتظار» وتشويق الناس إليها قد أعلنوا أنّه لا يصحّ التحرّق والصبر عليها وببياناتهم ساقوا الناس إلى المستقبل المشرق.
ومع الأسف إنّ الّذين كانت وظيفتهم أن يبيّنوا هذه المسألة للناس قد قصّروا في وظيفتهم ولم يسعوا في الوصول إلى المستقبل المشرق، فدام عصر الغيبة هكذا!
وإلى الآن نجد أنّ أكثريّة أفراد المجتمع معتادون على الغفلة عن ظهور وليّ الله الأعظم أرواحنا فداه وورثوها - بدليل قانون الوراثة - عن أعقابهم وفي النتيجة فمجتمعنا متوقّف عن الحركة إلى الدرجات العالية؛ مع أنّ الإنسان إذا ترك عاداته الغير الصحيحة وتحلّى بالخصال الإنسانيّة يرتقى إلى الدرجات العالية.
قال مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام):
بغلبة العادات الوصول إلى أشرف المقامات(١٧٧).
فلابدّ لمجتمعنا أن يعيش في حالة الانتظار والدعاء لظهور منجى العالم مولانا صاحب الأمر (عجّل الله فرجه) ويترك عادته القديمة وهي الغفلة عن وجود ظلمة عصر الغيبة! ويدعو - من أعماق وجوده - الله تعالى أن يعجّل في ظهور الحكومة العادلة المهدويّة.
غيّروا أساليبكم الفكريّة!
مع رفرفة روحيّة وتغيير أساليبكم الفكريّة أوجدوا تحوّلاً مهمّاً في أنفسكم وابتعدوا عن الّذين لا تفاوت عندهم بين ظهور صاحب العصر والزمان صلوات الله عليه وغيبته واعلموا يقيناً كما أنّ الغفلة عن الأب الظاهري ذنب عظيم؛ كذلك الغفلة عن الأب المعنوي ذنب أعظم ولها عاقبة مظلمة.
فإن لم تشعروا إلى الآن بتفاوت بين ظهور الإمام المنتظر (عجّل الله فرجه) وغيبته ولم تتفكّروا في ظهوره الّذي هو واهب الحياة، وإن كنتم إلى الآن لم تدعو لتعجيل ظهوره القيّم، ولم تعلموا أنّ في ذمّتكم وظيفة مخصوصة بالنسبة إلى صاحبكم وإمام زمانكم؛ فالآن إذ علمتم الحقيقة في أنّ على ذمّة الناس في عصر الغيبة وظائف ثقيلة، فأنجوا أنفسكم وتلافوا مع همّة عالية جدّيّة أوقاتكم الماضية، ووضعوا أقدامكم في صراط الانتظار.
فعلينا أن نعلم أنّ محبّته ورأفته الشديدة لمحبّي مقام الولاية توجب العفو والغفران عن الغفلة الماضية، وقلبه الرحيم يجري قلم العفو عن غفلاتنا.
ألم يقل يوسف النبيّ على نبيّنا وآله و(عليه السلام) لإخوانه - مع كمال ظلمهم له -:
«لا تَثْريبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ الله لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ»(١٧٨).
واعلموا يقيناً أنّ الروح العظيم الإنساني لم يخلق لأن يتعلّق بالمادّيات والمسائل الرخيصة بل خلق لأن ينجذب إلى المسائل الإلهيّة بمعرفته الله تعالى وخلفائه والاُمور المعنويّة.
هل ينبغي للّذي يمكن له الارتباط مع إمام العصر أرواحنا فداه كالسيّد بحر العلوم والشيخ الأنصاري أعلى الله مقامهما أن يملأ روحه من الأفكار الماديّة ويقيّد وجوده بقيود الغفلات؟ هل ينبغي للّذي يقدر أن يطير على فضاء المعرفة بأهل البيت (عليهم السلام) أن يكسر جناحه ويجعل نفسه في سجن الدنيا وسيلة للعب الشياطين.
هل ينبغي أن يعرف مفاسد عصر الغيبة افراد قليل فقط من ميليارات نفوس في سطح العالم؟
لِمَ لا يعلم كلّ الناس قيمة نفسه ولِمَ لا يعلم أنّه لا قيمة له إلّا مع توجّهه إلى الله وإلى وليّه؟
إن كان لم يمكن للناس النيل إلى تك المرتبة وهي تختصّ بأشخاص مخصوصة، فلِمَ لم نكن من هذه العدّة. قال الشاعر بالفارسيّة:

كاروان رفت وتو در خواب وبيابان در پيش * * * كى روى؟ ره ز كه پرسى؟ چه كنى؟ چون باشى؟

إلى أمير عالم الوجود
إعلموا يقيناً أنّ من طلب الإمام المنتظر أرواحنا فداه صادقاً وخدم في صراطه صلوات الله عليه ودعا لتعجيل ظهوره وسعى فيه، ففي النهاية يهدى إلى الطريق وتفتح له الكوّة. فعلى هذا لا ترفعوا أيديكم عن الخدمة في الغيبة الّتي هي كحبل وضعه الأعداء على عنق أوّل مظلومٍ في العالم علىّ أمير المؤمنين (عليه السلام) وربطوا به يداه والغيبة قيّدت يدا الإمام المنتظر صلوات الله عليه.
فمع سعيكم لمقدّمات ظهوره أرواحنا فداه ينقطع خيط من حبل غيبته. واطمئنّوا أنّ من ضحّى بحياته في طريق إمامه صلوات الله عليه ولم يكن في شكّ من الأمر؛ يقع منظوراً لمولاه ويسرّ الإمام أرواحنا فداه خاطره بكلام أو خبر أو نظر ويرضى قلبه. إذ لا يمكن أن يطلب الإنسان الحقيقة ويقدم في طريقها ولا ينال في العاقبة كلّها أو بعضها.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
من طلب شيئاً ناله أو بعضه(١٧٩).
اعتقدوا يقيناً وإن كان الآن عصر الغيبة ولم يصل زمان إظهار ولاية الإمام المنتظر وقدرته صلوات الله عليه أنّ مولانا صاحب الأمر هو قطب دائرة الإمكان وأمير عالم الوجود وولايته المطلقة تشمل كلّ العالم.
نقرأ في زيارته:
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا قُطْبَ الْعالَمِ(١٨٠).
كلّ من في عالم الوجود في عصر الغيبة الظلمانيّة وكذا في عصر ظهوره اللامع يعيش في ظلّ وجوده المقدّس، وكلّ العالَم مديون لإمامته وولايته وليست فقط الذرّات الماديّة في العالم بل أكابر العالمين الّذين لهم نفخة عيسويّة هم تابعون له ويتبعون أوامره بل أنّ عيسى روح الله وصل إلى مقام كريم ببركته وبركات آبائه الطاهرين وليس هو فقط في عصر الظهور تحت لواء إمامته وولايته بل الآن أيضاً هو تابع له. نقرأ في زيارته أرواحنا فداه:
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا إِمامَ الْمَسيحِ(١٨١).
فهذا المقام أي مقام الولاية ليس مخصوصاً بعصر ظهوره اللامع، بل الآن أيضاً في مكانته العظيمة يفتخر الأتباع بانضوائهم تحت لواء إمامته صلوات الله عليه.
كلّ النجباء والنقباء وسائر أولياء الله، الّذين تركوا أنفسهم واخلصوا نيّاتهم، على قدر قيمتهم عند الله، قد حصل لهم طريق أو كمّة إلى مقام نورانيّته أي نور عالم الوجود في هذا العصر والزمان، وأنّ صاحب الأمر صلوات الله عليه يدفع غربته بهؤلاء الأشخاص الّذين ارتقوا إلى المقامات العالية. ورد في رواية:
وما بثلاثين من وحشة(١٨٢).
وغرضنا من بيان هذه المطالب هو أنّ الغيبة ليست بمعنى قطع إمداداته الغيبيّة عن الموجودات، وأنّه أرواحنا فداه في هذا الزمان لا يساعد أحداً ولا يوجد طريق أو كمّة إلى النور، بل كما قلنا: إنّ الّذين يسعون للوصول إليه مع الصداقة؛ وفي ظلّ حظّهم عن بحار معارفه صلوات الله عليه يتوقّعون ظهوره في طول حياتهم، يضيفون على استحكام قلوبهم المحكمة بخبر عنه أو نظر منه إليهم.
وهكذا نسمع خطاب هذه الشخصيّات المخلصة: «فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِي الْمُقَدَّسِ طُوى»(١٨٣).
فاخلعوا نعلكم حتّى تروا كيف أوقعوا الجراح على أرجلكم لتتوقّفوا عن السير إلى أمير عالم الوجود.
ومع الأسف أنّ بعض الأفراد مضافاً إلى أنّهم لا يخلصون نيّاتهم، يلقون الحصى في نعل غيرهم ويتعبونهم. هؤلاء مع لسانهم الحادّ يلدغون قلوب أحبّائه صلوات الله عليه - لأنّهم للإلقاءات الشيطانيّة - يميلون أن يتوقّف الكلّ عن السير في طريقه أرواحنا فداه. كأنّهم لا يدرون أنّ العداوة مع صراطه ومع أحبّائه، عداوة مع شخصه الشريف أرواحنا فداه.
ألم يقل مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام):
أصدقاؤك ثلاثة وأعداؤك ثلاثة، فأصدقاؤك صديقك، وصديق صديقك، وعدوّ عدوّك، وأعداؤك عدوّك، وعدوّ صديقك، وصديق عدوّك(١٨٤).
بناءً على هذا؛ ألا تكون العداوة مع أحبّاء الإمام المنتظر صلوات الله عليه مخالفة مع شخصه صلوات الله عليه؟
نترك هذا الكلام لأنّه لا يناسب مذاق الكلّ! لأنّ الحصاة والأرض الحصباء في الحال كثيرة وكذا الرمال في الصحاري السخونة والقحط أظهر وجهه الكريه إلى الناس واشتغل فكرهم بالمطر وصلّى بعضهم صلاة الاستسقاء ولكنّه قد مضى عن غيبة الماء المعين مئات السنين وانفصلت أيدى الناس عن ماء الحياة الماديّة والمعنويّة ومع ذلك لا يسعون للوصول إليه وهم في فكر المطر مع أنّه ببركته ينزل عليهم.
ألم نقرأ في الزيارة الجامعة الكبيرة:
وبكم ينزّل الغيث.
ولكنّه كنّا هكذا ونكون هكذا، نسينا الأصل ونتفحّص عن الفرع كما أنّنا نغفل عن مسبّب الأسباب ونذهب إلى تحصيل الأسباب!
لزوم التوجّه إلى الإمام المنتظر أرواحنا فداه
لابدّ لنا أن نعلم أنّ التوجّه إلى الإمام المنتظر صلوات الله عليه هو التوجّه إلى الله تعالى؛ كما أنّ التوجّه إلى سائر الأئمّة الطاهرين (عليهم السلام) هو التوجّه إليه (عزَّ وجلَّ).
فزيارة الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) والتوسّل بهم، يوجب التوجّه إلى الله الكريم، لأنّ من قصد التقرّب إلى الله يتوجّه إليهم. نقرأ في الزيارة الجامعة الكبيرة:
وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ بِكُمْ.
إنّ الإنسان مع توجّهه إلى ساحة الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) يجذب إلى نفسه عوامل الارتقاء بل يرفع موانع الوصول إلى المقامات العالية أيضاً. حيث أنّ الإنسان بالتوجّه إلى مولانا صاحب الأمر أرواحنا فداه وكذلك سائر الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) يفتح أبواب رحمة الله ومغفرته إليه وترتفع عن باطنه الظلمات.
قال الإمام باقر العلوم (عليه السلام) في شرح كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) «أنا باب الله»:
يعني مَن تَوَجَّهَ بي إِلَى الله غفر له(١٨٥).
فعلى هذا مع التوجّه إلى باب الله يغفر الله ذنوبه ويرفع موانعه.
وكلّ المعصومين (عليهم السلام) هم أصحاب «مقام النورانيّة» وبهذه الجهة كلّهم محيط على كلّ عصر وزمان ويلزم التوجّه في كلّ عصر وزمان إليهم أجمعين، ولكنّه بناء على المقامات التنزّلية الزمانيّة يلزم على كّل إنسان أن يتوجّه إلى إمام عصره أكثر من سائر الأئمّة (عليهم السلام). عليكم بالتوجّه إلى رواية عبد الله بن قدامة الترمدي، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال:
من شكّ في أربعة فقد كفر بجميع ما أنزل الله (عزَّ وجلَّ)؛ أحدها معرفة الإمام في كلّ زمان وأوان بشخصه ونعته(١٨٦).
ففي كلّ عصر يجب معرفة إمام هذا العصر وكيف يمكن أن يعرف الإنسان إمامه ويطّلع عن عظمته صلوات الله عليه ولكنّه لا يتوجّه إليه؟!
بناء على هذا، لا يصحّ للإنسان عدم التوجّه إلى الإمام المنتظر أرواحنا فداه وعدم معرفة أوصافه وخصوصيّات مقامه الرفيع وإن كان يتوجّه إلى سائر الأئمّة (عليهم السلام).
فما هو وظيفتنا في هذا العصر أن نتوجّه توجّهاً خاصّاً إلى مولانا بقيّة الله أرواحنا فداه الّذي نحن في عصر إمامته.
نقرأ في الدعاء الّذي علّمه بعض أصحابه صلوات الله عليه إلى أحد المعاريف الماضية من العلماء وهو المرحوم الملّا قاسم الرشتي وقال: علّمه المؤمنين حتّى يدعوا به في مشكلاتهم لأنّه مجرّب:
يا محمّد يا عليّ يا فاطمة، يا صاحب الزّمان أدركني ولا تهلكني.
فلمّا علّمه الدعاء هكذا، قال: فتأمّلت؛ فقال: هل تعلم العبارة غلطاً؟ قلت له: نعم. لأنّ الخطاب فيها إلى الأربعة ويلزم أن يذكر الفعل بعدها جمعاً.
قال: أخطأت، لأنّ الناظم في كلّ العالم في هذا العصر هو صاحب الأمر أرواحنا فداه ونحن في هذا الدعاء نجعل محمّداً وعليّاً وفاطمة (عليهم السلام) شفعاءً عنده ونستمدّ منه لوحده(١٨٧).
ويلزم التوجّه إلى هذه النكتة:
كما أنّ في عصر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وفي زمن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان سلمان وأبو ذر ومقداد وساير أولياء الله يتوجّهون إليهما، وكذا الأولياء في عصر الإمام المجتبى (عليه السلام) وأيضاً في عصر سيّد الشهداء (عليه السلام) يتوجّهون إليهما، كذلك في هذا العصر من ارتقى إلى الدرجات العالية المعنويّة لا ينسى ذكر مولاه بقيّة الله أرواحنا فداه ويتوجّه إليه.
نقرأ في دعاء الندبة:
أين وجه الله الّذي إليه يتوجّه الأولياء.
فأولياء الله في هذا الزمان يتوجّهون إلى إمام عصرهم وأنّهم وإن يكونوا غير معروفين بين الناس ولكنّهم يرتبطون مع إمامهم ويستفيدون من كلامه.
نقرأ في زيارة آل يس:
السّلام عليك حين تقرأ وتبيّن.
بناءً على هذا يلزم على الإنسان في كلّ عصر يعيش أن يتوجّه إلى إمام عصره توجّهاً خاصّاً.
نذكر رواية عن مولانا ثامن الحجج (عليه السلام) عليكم بالتوجّه إليها: عن مولانا الرضا عن آبائه (عليهم السلام) قال:
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في قول الله تبارك وتعالى: «يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ اُناسٍ بِإِمامِهِمْ»(١٨٨) قال: يدعى كلّ قوم بإمام زمانهم، وكتاب الله وسنّة نبيّهم(١٨٩).
ومعنى الرواية أنّ في يوم القيامة يسئل عن كلّ إنسان عن ثلاث مسائل حياتيّة: هل عمل: ١ - بما هي وظيفة المأموم بالنسبة إلى إمام عصره ٢ - وكتاب الله ٣ - وسنّة نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أم لا؟
فيسأل في يوم القيامة عن مسألة الإمامة ومعرفة الإنسان إمام عصره أو عدم معرفته؟
من الطرق المهمّة للتوجّه إلى صاحب الزمان أرواحنا فداه هو الإتيان بالصلوات وقراءة الأدعية والزيارات الّتي وردت عن الأئمّة الأطهار له (عليهم السلام) أو صدرت عن ناحيته المقدّسة.
هذه توصية مولانا محمّد بن عثمان - وهو النائب الثاني لصاحب الأمر أرواحنا فداه - إلى أحمد بن إبراهيم في جواب استدعائه عنه:
توجّه إليه بالزيارة(١٩٠).(١٩١)
يمكن الاستفادة من هذا الكلام: أنّه يمكن بقراءة الزيارات والأدعية المتعلّقة به صلوات الله عليه أن يتوجّه الإنسان إليه ويجذب قلبه بوجوده الشريف.
ومسألة الالتفات إلى شخصيّة الإمام الحجّة أرواحنا فداه والتألّم والتأسّف لهجرانه وفراقه لا يختصّ بعصر الغيبة بل كان موجوداً أيضاً في عصر حضور الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)، وأهل البيت (عليهم السلام) بيّنوا عظمة مقامه ومكانة شخصيّته أرواحنا فداه وأظهروا تأسّفهم لغيبته وفراقه.
وفي الواقع أنّهم (عليهم السلام) لم يظهروا فقط ببياناتهم وظيفة الناس بالنسبة إلى سيّد عالم الوجود بأنّ عليهم ذكره والتأسّف والتحسّر لغيبته وفراقه، بل إنّ أهل بيت الوحي (عليهم السلام) أظهروا ذلك عملاً أيضاً بالبكاء والتأوّه من القلب الحزين لغيبته الطويلة، فعلّموا الناس بذلك الانتظار والتأسّف للغيبة.
ولكنّه مع الأسف أنّ الشيعة قد أغفلوا هذه المسألة الأساسيّة الّتي لها تأثير عظيم في حياتهم الدنيويّة والاُخرويّة.
الأعاظم الّذين كانت وتكون وظيفتهم إرشاد الناس إلى هذا الموضوع المهمّ الّذي أثره يظهر في عالم الوجود قد أهملوه؛ ومع غفلة الشيعة وعدم التفاتهم إلى هذه المسألة في المضيّ والحال، فالعالم محروم عن نعمة ظهور مولانا بقيّة الله الأعظم أرواحنا فداه وهكذا يحكم على العالم الظلم والثروة والتزوير وإدامة الحكومة الملعونة الحبتريّة قد ابتلى ميليارات من المسلمين وغيرهم بأيديها الملوّثة بالدماء.
وقد صار المجتمع غريقاً في المسائل الدنيويّة واهتمّ بالأسباب حتّى نسي مسبّب الأسباب، نعم إنّ الدنيا دار الأسباب ولابدّ لنا من السعي فيها ولكنّه لا بحدّ الغفلة عن مسبّب الأسباب. إنّ المجتمع قليل الالتفات إلى مسبّب الأسباب وغافل أيضاً عن وليّه وخليفته.
من العلل المهمّة للغفلة أو قلّة التوجّه لكثير من الناس إلى الإمام العصر أرواحنا فداه هي عدم معرفتهم بشخصيّته صلوات الله عليه، الّتي قد صرّحت بعظمتها الروايات الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام).
ومع الأسف إنّ الّذين كانت وظيفتهم إبلاغ هذه الحقيقة إلى الناس وإرشادهم إلى سيّد عالم الوجود وزعيمه، لم يوفّقوا إلى إتيان هذه الوظيفة المهمّة الشرعيّة.
والآن نقول لصاحب العصر والزمان صلوات الله عليه ما قاله إخوة يوسف لأبيهم وبذلك نعتذر من الإمام الرؤوف ونطلب منه العفو والغفران: «يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئينَ»(١٩٢).
مع عفوه عنّا وغفرانه لما سلفنا، نرجو التلافي في المستقبل ونتذكّره إن شاء الله ونوجّه الناس إلى ساحته المقدّسة بحسب قدرتنا.
الانتظار
ترك العادات الاجتماعيّة والانطلاق عن قيد الغفلة عن الآثار العظيمة لظهور مولانا بقيّة الله أرواحنا فداه يصل الإنسان إلى أعلى وأفضل المقامات وفي ظلّ انتظار الإنسان لظهوره صلوات الله عليه ليس فقط نجاته عن الغفلة عن صاحب الأمر بل تصير الغيبة له بمنزلة المشاهدة. فعليكم بالدقّة إلى هذه الرواية العجيبة:
قال الإمام السجّاد (عليه السلام) لأبي خالد الكابلي:
تمتدّ الغيبة بوليّ الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمّة بعده.
يا أبا خالد؛ إنّ أهل زمان غيبته، القائلون بإمامته، المنتظرين لظهوره أفضل أهل كلّ زمان، لأنّ الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالسيف، أولئك المخلصون حقّاً وشيعتنا صدقاً والدعاة إلى دين الله سرّاً وجهراً.
وقال (عليه السلام): انتظار الفرج من أعظم الفرج(١٩٣).
لقد عدّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) في هذه الرواية، الّذين يعيشون في عصر الغيبة ولم يحبسوا أنفسهم في قيد الغفلة وينتظرون ظهور الإمام المنتظر أرواحنا فداه أفضل الناس في كلّ زمان. لأنّهم قد قدروا بالعقل والمعرفة الّتي أعطاهم الله، على عدم ابتلائهم بالعادة الاجتماعيّة وهي الغفلة عن ظهور إمام العصر أرواحنا فداه بل قدروا على ايجاد التحوّل الروحي في أنفسهم بحيث صارت الغيبة عندهم كالمشاهدة.
على ما قاله الإمام السجّاد (عليه السلام) في هذه الرواية: هم الصادقون من الشيعة والتابعون لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) واقعاً.
نحن إذا أردنا أن نصل إلى مقامات شيعتهم حقّاً لابدّ لنا أن نسلك طريقتهم ونضع أقدامنا على ما وضعوا أقدامهم ونزيل الاعتياد بالغفلة ونتزيّن أنفسنا بالتوجّه وانتظار الظهور. إذ أنّ الانتظار يبدع الفكر ويوجب القدرة ويوجد العمل! وعلى هذا الأساس قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
أفضل جهاد اُمّتي انتظار الفرج(١٩٤).
والانتظار مقدّمة لاستيلاء الحكومة العالميّة لمولانا صاحب الأمر صلوات الله عليه، وعلّة توصية الكثير من الروايات حول هذا الموضوع هي أهميّته.
وقد عدّ الإمام الصادق (عليه السلام) من شرائط قبول العبادة، الانتظار لحكومة الإمام المنتظر صلوات الله عليه؛ وبعد بيانه لما قلنا قال (عليه السلام):
إنّ لنا دولة يجيء الله بها إذا شاء، ثمّ قال: من سرّ أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدّوا وانتظروا هنيئاً لكم أيّتها العصابة المرحومة(١٩٥).
وقال (عليه السلام) في رواية اُخرى حول وظيفة الناس في عصر غيبة الإمام المنتظر أرواحنا فداه:
وانتظر الفرج صباحاً ومساءاً(١٩٦).
وأمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: إنّ الاتّصاف بصفة الانتظار من صفات المحبّين لأهل البيت (عليهم السلام) ويصف المحبّين لهم باتّصافهم بالانتظار في كلّ يوم وليلة.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
إنّ محبّينا ينتظر الرَّوْح والفرج كلّ يوم وليلة(١٩٧).
... سئل أحد أصحاب الإمام الهادي (عليه السلام) عن تكليف الشيعة في عصر الغيبة:
كيف تصنع شيعتك؟
قال (عليه السلام): عليكم بالدّعاء وانتظار الفرج(١٩٨).
فعلى هذا كما ورد في الرواية، انتظار ظهور المصلح من شرائط قبول أعمال المكلّفين ومن وظائف محبّي أهل البيت (عليهم السلام).
فمن يرى نفسه صالحاً لابدّ له أن ينتظر ظهور المصلح كما أنّ الخلق الّذي ينتظر ظهور المصلح لابدّ له أن يكون صالحاً.
والآن نزيد على قيمة الكلام من درر ما قاله الإمام الجواد (عليه السلام) في وجوب انتظار الحكومة العالميّة للإمام المنتظر أرواحنا فداه.
قال السيّد عبد العظيم الحسني (عليه السلام):
دخلت على سيّدي محمّد بن عليّ (عليهما السلام) وأنا اريد أن أسأله عن القائم، أهو المهديّ أو غيره؟ فبداني، فقال (عليه السلام):
يا أبا القاسم؛ إنّ القائم منّا هو المهديّ الّذي يجب أن ينتظر في غيبته ويطاع في ظهوره وهو الثالث من ولْدي.
والّذي بَعَث محمّداً بالنّبوّة وخصّنا بالإمامة أنّه لو لم يبق من الدّنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً وإنّ الله تبارك وتعالى يصلح أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسى (عليه السلام) ليقتبس لأهله ناراً فرجع وهو رسول نبيّ.
ثمّ قال (عليه السلام): أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج(١٩٩).
نحن في انتظار يوم يعلو صوته العالم ويشفى القلوب المؤلمة ويذهب إليه رجال الله الّذين وصفهم في كتابه: «أَيْنَما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ الله جَميعاً»(٢٠٠).
ويدلّ على تأثير الدعاء في تعجيل الفرج ما رواه العيّاشي في تفسيره عن الفضل بن أبي قرّة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
أوحى الله إلى إبراهيم (عليه السلام) أنّه سيولد لك فقال لسارة، فقالت أألد وأنّا عجوز فأوحى الله إليه أنّها ستلد ويعذّب أولادها أربعمئة سنة بردّها الكلام عليّ.
قال: فلمّا طال على بني اسرائيل العذاب ضجّوا وبكوا إلى الله تعالى أربعين صباحاً فأوحى الله إلى موسى وهارون يخلّصهم من فرعون فحطّ عنهم سبعين ومئة سنة.
قال: وقال أبو عبد الله (عليه السلام): هكذا أنتم لو فعلتم لفرّج الله عنّا فأمّا إذا لم تكونوا فإنّ الأمر ينتهي إلى منتهاه(٢٠١).
ويناسب المقام ما رواه المسعودي في كتاب إثبات الوصيّة:
أنّه تعالى إنّما عنى بقوله «فَاخْلَعْ نَعْلَيْك» اردد صفور(٢٠٢) إلى شعيب فرجع فردّها وخرج إلى مصر بعد غيبته بضع عشر سنة وقد كان طال على الشيعة الانتظار بعد أن رأوا موسى (عليه السلام) فاجتمعوا إلى فقيههم وعالمهم فسألوه الخروج معهم إلى موضع يحدّثهم فيه، فخرج بهم إلى الصحراء وقعد يحدّثهم وقال لهم:
إنّ الله جلّ وعلا أوحى إليّ أن يفرّج عنكم بعد أربعة أشهر.
فقالوا: ما شاء الله.
فقال لهم: إنّ الله أوحى إليّ أن يفرجّ عنكم بقولكم ما شاء الله ثلاثة أشهر.
فقالوا: كلّ نعمة من الله.
فقال لهم: إنّ الله أوحى إليّ أن يفرّج عنكم بقولكم كلّ نعمة من الله شهرين.
فقالوا: لا يأتي بالخير إلا الله.
فقال لهم: إنّ الله جلّ جلاله أوحى إليّ أن يفرّج بما قلتم بعد شهر.
فقالوا: لا يصرف السّوء إلاّ الله.
فقال لهم: إنّ الله قد أوحى إليّ بأنّه يفرّج عنكم إلى جمعة بما قلتم.
فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.
فقال لهم: إنّ الله أوحى إليّ أن يفرّج عنكم في هذا اليوم فانتظروا الفرج.
فقالوا: الحمد لله ربّ العالمين، فجلسوا ينتظرون إذ أقبل موسى (عليه السلام) بيده العصا وعليه مدرعة صوف - إلى أن قال: -
اشتدّت المحنة على بني اسرائيل بعد ظهور موسى (عليه السلام) وكانوا يضربون ويحمل عليهم الحجارة والماء والحَطَب فصاروا إلى موسى فقالوا له: كنّا نتوقّع الفرج فلمّا فرّج عنّا بك غلظت المحنة علينا، فناجى موسى ربّه في ذلك، فأوحى الله إليه: عرّف بني اسرائيل أنّي مهلك فرعون بعد أربعين سنة، فأخبرهم بذلك، فقالوا: ما شاء الله كان.
فأوحى الله إليه: عرّفْهُم أنّي نقّصت من مدّة فرعون بقولهم: ما شاء الله كان عشر سنين وأني مهلكه بعد ثلاثين سنة.
فقالوا: كلّ نعمة من الله، فأوحى الله إلى موسى أنّي نقصت من أيّامه لقولهم(٢٠٣) كلّ نعمة من الله عشر سنين وإنّي مهلكه بعد عشرين سنة.
فقالوا: لا يأتي بالخير إلاّ الله، فأوحى الله إليه قد نقّصت من أيّامه بقولهم لا يأتي بالخير إلاّ الله عشر سنين وأنّي مهلكه بعد عشر سنين.
فقالوا: لا يصرف السوء إلاّ الله، فأوحى الله: قد بترت عمره ومحقت أيّامه بقولهم لا يصرف السّوء إلاّ الله، فأخرج بني اسرائيل من مصر فعذّب موسى (عليه السلام) فرعون قبل أن يخرج من مصر الخ(٢٠٤).
انتظار الفرج أو الاعتقاد به؟!
الانتظار ليس بمعنى التهيّؤ لدرك الظهور فقط، بل مضافاً إلى ذلك لابدّ أن يكون الإنسان يفكّر به مع الأمل لدركه.
يمكن أن يكون الكثير من الناس متهيّئين لاستقبال الضيف ولكنّهم لم يدعو أحداً ولم يكونوا منتظرين للضيف. فمن كان كذلك لا يقال له: أنّه منتظر للضيف وإن كان له التمكّن من الضيافة، لأنّه لا ينتظر مجيء الضيف ولا يتأسّف عن عدم مجيئه.
يتّضح ممّا قلنا أنّ في التهذيب والتطهير الروحي هناك نقص إذا كان مع عدم الالتفات إلى مجيء يوم لا يوجد الظلم في العالم. لأنّ الّذي لا يلتفت إلى ذلك قد نسي تكليفاً مهمّاً من تكاليفه وهو الانتظار لتطهير العالم والحركة إلى هذا المقصد الأعلى.
وبعبارة اُخرى: أنّ إصلاح النفس يصل إلى تكامله بشرط أن يكون الإنسان في فكرة تطهير كلّ العالم ولا يفكر في إصلاح نفسه فقط. فمن يسعى لإصلاح نفسه لابدّ له أن يكون منتظراً لظهور مصلح العالم ولا يكتفي بالاعتقاد بهذا الأمر.
فعلى هذا لابدّ أن يتوجّه الإنسان إلى هذه النكتة وهي أنّ بين حالة الانتظار وبين الاعتقاد به تفاوت كثير. لأنّ كلّ الشيعة بل كثير من الملل الاُخرى أيضاً يعتقدون بظهور مصلح في العالم يملؤه قسطاً وعدلاً ولكنّه ليس كلّ من يعتقد بذلك ينتظر ذلك الزمان.
الإنسان المنتظر هو - مضافاً إلى عقيدته - من ينتظر درك عصر الظهور ويعمل على أساس الانتظار والرجاء.
وفي الروايات الّتي وردت في مدح الانتظار دلالة على لزوم الرجاء والأمل وإمكان وقوع الفرج ودرك ظهور الإمام المنتظر أرواحنا فداه، لأنّه إن لم يوجد الأمل والانتظار وكان الإنسان مأيوساً عن درك عصر الظهور فكيف يعمل بالروايات الّتي تعلّم الناس درس الرجاء والأمل والانتظار؟
فمضافاً على الاعتقاد بمسألة الظهور والتهيّؤ لدرك ذلك الزمان - بدليل الروايات الّتي تعلّمنا الانتظار - فإنّ وظيفة كلّ إنسان أن يفكر بالظهور ويكون راجياً لدركه ومعتقداً بإمكان وقوع الظهور في عصره وأن يدعو لدركه مع العافية ويعلم أنّ الله يفعل ما يشاء.
ويناسب المقام ما رواه عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن عبد الله، وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن العباس بن معروف، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن المغيرة قال: قال محمّد بن عبد الله للرّضا (عليه السلام) وأنا أسمع: حدّثني أبي عن أهل بيته، عن آبائه (عليهم السلام) أنّه قال له بعضهم: إنّ في بلادنا موضع رباط يقال له: قزوين، وعدوّاً يقال له: الديلم فهل من جهاد أو هل من رباط؟ فقال: عليكم بهذا البيت فحجوه، فأعاد عليه الحديث فقال:
عليكم بهذا البيت فحجوه. أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته ينفق على عياله من طوله ينتظر أمرنا، فإن أدركه كان كمن شهد مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بدراً، فإن مات ينتظر أمرنا كان كمن كان مع قائمنا صلوات الله عليه هكذا في فسطاطه - وجمع بين السبّابتين - ولا أقول: هكذا - وجمع بين السبّابة والوسطى - فإنّ هذه أطول من هذه.
فقال: أبو الحسن (عليه السلام) صدق(٢٠٥).
وما رواه معاوية بن وهب قال:
كنت جالساً عند جعفر بن محمّد (عليهما السلام) إذ جاء شيخ قد انحنى من الكبر فقال: السّلام عليك ورحمة الله.
فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): وعليك السّلام ورحمة الله؛ يا شيخ؛ اُدن منّي.
فدنا منه، وقبّل يده وبكى، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): وما يبكيك يا شيخ؟
قال له: يا بن رسول الله؛ أنا مقيم على رجاء منكم منذ نحو من مائة سنة أقول: هذه السنة وهذا الشهر وهذا اليوم ولا أراه فيكم فتلومني أن أبكي.
قال: فبكى أبو عبد الله (عليه السلام)، ثمّ قال:
يا شيخ؛ إن اُخّرت منيّتك كنت معنا، وإن عجّلت كنت يوم القيامة مع ثقل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
فقال الشيخ: ما اُبالي ما فاتني بعد هذا يا بن رسول الله.
فقال له أبو عبد الله (عليه السلام):
يا شيخ؛ إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا: كتاب الله المنزل، وعترتي أهل بيتي تجيء وأنت معنا يوم القيامة(٢٠٦).
المعرفة، أو طريق الانتظار
من الاُمور الّتي تعلّمنا مسألة الانتظار ويلزم أن نتوجّه إليها، هي مسألة المعرفة بالله وخلفائه وعظمة شأنهم.
من كان يسلك واقعاً في طريق معرفة الله ومعرفة الصحيحة للأئمّة الأطهار (عليهم السلام) وينوّر قلبه بسبب ألطافهم بأنوار المعارف الإلهيّة، يعرف بذلك وظائفه الاُخرى ويعلم أنّ الغفلة عن الإمام الغائب (عليه السلام) قبيحة.
وهذه النورانيّة توجد بإشراق نور الإمام (عليه السلام) لأنّ الإمام (عليه السلام) في كلّ زمان ينوّر قلوب أحبّائه. عليكم بالدقّة في هذه الرواية العجيبة الّتي نقلناها سابقاً:
عن أبي خالد الكابلي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله (عزَّ وجلَّ) «فَآمِنُوا بِالله وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذي أَنْزَلْنا»(٢٠٧).
فقال: يا أبا خالد؛ النور والله الأئمّة من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى يوم القيامة، وهم والله نور الله الّذي أنزل، وهم والله نور الله في السماوات وفي الأرض.
والله يا أبا خالد؛ لَنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار، وهم والله ينوّرون قلوب المؤمنين، ويحجب الله (عزَّ وجلَّ) نورهم عمّن يشاء فتظلم قلوبهم.
والله يا أبا خالد؛ لا يحبّنا عبد ويتولّانا حتّى يُطهّر الله قلبه، ولا يُطهّر الله قلب عبد حتّى يُسلّم لنا، ويكون سلماً لنا، فإذا كان سلماً لنا سلّمه الله من شديد الحساب، وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر(٢٠٨).
فهل يصحّ لمن كان قلبه منوّراً بنور الإمام أرواحنا فداه أن يكون غافلاً عن إمامه؟
درك الحضور علامة المعرفة
تنقسم تكاليف الناس في عصر الغيبة إلى قسمين:
١ - ما يختصّ بعصر الغيبة.
٢ - ما لا يختصّ بعصر الغيبة بل يلزم الإتيان بها فيها وفي عصر الحضور والظهور.
من القسم الثاني من الوظائف الّتي لها تأثير مهمّ في كيفيّة حياة الإنسان ورعايته مستلزمة لتحوّل عظيم في حياته، هو الاعتقاد والعمل بمسألة الحضور.
بمعنى أنّ الإنسان إن كان يعتقد أنّ الخلق في محضر الله تعالى وخلفائه وهو في عصر حضورهم أو غيبتهم أو ظهورهم في محضرهم - لأنّ الزمان والمكان يحدّدنا ولا يؤثّر في المقامات النورانيّة لهم -، لا يمكن له أن يقيّد حضورهم بزمان أو مكان خاصّ.
لأنّ الزمان والمكان من قيودات المادّة ومقام نورانيّة أهل البيت (عليهم السلام) - الّذي فسّره الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في الرواية النورانيّة - هو محيط بها. فعلى هذا أنّ الزمان والمكان لا يقيّد مقامهم النورانيّ ولا يحدّده.
ولتوضيح ذلك إرجعوا إلى حديث «النورانيّة» الّذي بيّنه أمير المؤمنين (عليه السلام) لسلمان وأبو ذرّ. ونصرف النظر عن ذكره لطوله ونذكر رواية مهمّة اُخرى تناسب المقام لاختصارها وهي المرويّة عن الإمام الباقر (عليه السلام): قال أبو بصير:
دخلت المسجد مع أبي جعفر (عليه السلام) والناس يدخلون ويخرجون.
فقال لي: سل الناس هل يرونني؟ فكلّ من لقيته قلت له: أرأيت أبا جعفر (عليه السلام) فيقول: لا وهو واقف حتّى دخل أبو هارون المكفوف.
قال: سَلْ هذا؟ فقلت: هل رأيت أبا جعفر؟
فقال: أليس هو بقائم؟ قال: وما علمك؟
قال: وكيف لا أعلم وهو نور ساطع؟
قال: وسمعته يقول لرجل من أهل الإفريقيّة: ما حال راشدٍ؟
قال: خلّفته حيّاً صالحاً يقرؤك السلام.
قال: (رحمه الله)، قال: مات؟ قال: نعم، قال: متى؟ قال: بعد خروجك بيومين. قال: والله ما مرض ولا كان به علّة، قال: وإنّما يموت مَن يموت من مرض أو علّة. قلت: من الرجل؟
قال: رجل لنا موالٍ ولنا محبّ.
ثمّ قال: أترون أنّه ليس لنا معكم أعينٌ ناظرة، أو اسماع سامعة، لبئس ما رأيتم، والله لا يخفى علينا شيء من أعمالكم فاحضرونا جميعاً وعوّدوا أنفسكم الخير، وكونوا من أهله تعرفوا فإنّي بهذا آمر ولدي وشيعتي(٢٠٩).
هذه الرواية مشتملة على مطالب مهمّة ودرك معانيها مستلزم للدقّة الكاملة.
نكتة مهمّة نستفيدها من هذه الرواية وهي صحّة الاعتقاد بحضور أهل بيت الوحي (عليهم السلام). وفهم هذه الحقيقة ممكن بشرط أن يعمل بالشرائط الّتي بيّنها الإمام الباقر (عليه السلام). والموضوع المهمّ الّذي قاله صلوات الله عليه في آخر الرواية هو أمره وتوصيته لولده وشيعته بمعرفة ما ذكره (عليه السلام)، وهذا دليل على أنّه يلزم أن يسعى لمعرفة ما قاله (عليه السلام).
ويستفاد من هذه الرواية على أنّ كلّ من الأئمّة (عليهم السلام) عين الله، فيرى أعمالنا وأفعالنا، وكلّ منهم اُذن الله، فيسمع جميع أقوالنا، وأنّ الإمام (عليه السلام) في هذه الرواية يلوم من لم يقبل هذه الحقائق ويقول لهم: بئس ما تعتقدون والله لا يخفى من أعمالكم شيء.
الإمام الباقر (عليه السلام) بعد أن ذكر هذه المطالب يستنتج عدّة امور في آخر كلامه ويصرّح على نكات:
١ - احضرونا عند أنفسكم. هذا الكلام إشارة إلى مقام النورانيّة، فإنّهم بمقامهم النوراني محيطين بالزمان ولا فرق بين الأئمّة (عليهم السلام) في ذلك ولابدّ لكلّ شيعة يعيش في كلّ عصر أن يرى نفسه في حضورهم.
وكما أنّ على الإنسان أن يرى نفسه حاضراً عند الله تعالى، لابدّ له أيضاً أن يرى نفسه حاضراً عند الأئمّة (عليهم السلام). ومن البديهي أنّ من عرف هذه الحقيقة وعمل بها فيوجد تحوّلاً عظيماً في أفعاله وأعماله.
٢ - عوّدوا أنفسكم الخير وكونوا من أهله. بناء على هذا الكلام فوظيفة الإنسان ليست منحصرة بعدم اعتياده بالأعمال القبيحة بل عليه أن يعوّد نفسه بالأعمال الحسنة. بمعنى أنّه يلزم عليه أن يهذّب نفسه ويسعى في إصلاحها حتّى لا تستنفر من الأعمال الحسنة بل تكون معتادة بها.
والمهمّ في الرواية هو أنّ للاعتياد بالأعمال الحسنة قيمة بشرط أن تكون ذات الإنسان معتادة بهذه الأعمال، أي الاعتياد أثّر في ذاته فلا أهميّة بالاعتياد بالأعمال الحسنة إذا كان لم يؤثّر في ذاته. لأنّه يمكن للإنسان أن يعتاد بشيء من الأعمال المرضيّة للجوّ الّذي يعيش فيه ولم يترسخ في ذاته فلم توجد سنخيّة له مع ما يعمله ولم يكن من أهله، وهذه نكتة لابدّ من الدقّة فيها ولتوضيحها نقول: الاعتياد بالأعمال الحسنة يتصوّر على وجهين:
١ - الجهة الاُولى، الإنسان لمخالفته مع نفسه ولتهذيبها واصلاحها يصير معتاداً بالأعمال الحسنة، ففي هذه الصورة قد اعتادت ذات الإنسان بهذه الأعمال ولهذا النوع من الاعتياد تأثير أساسي في ارتقاء الإنسان إلى المعالي.
٢ - الجهة الثانية، يمكن للإنسان أن يعتاد بالأعمال الحسنة ولكنّه ليس بمخالفته لنفسه وتهذيبها واصلاحها وتهيّؤ الذات لهذه الأعمال، بل لتأثير الاجتماع فيه أثراً ظاهريّاً، فيوجد له الاُنس بهذه الأعمال ظاهراً ولا يعتاد بها ذاتاً، مثلاً لكونه في بيتٍ أهله مقيّد بالإتيان بالصلاة في أوّل وقتها أو بإقامتها جماعةً فاعتاد عليها، ولكنّه إذا تغيّر محيطه تغيّر عمله، لأنّ ذاته لم تعتد على ذلك فيترك عمله.
فلا أهميّة لهذه الاعتيادات الغير مؤثّرة في ذات الإنسان بل هي مؤثّرة لتأثير المحيط عليه ظاهراً، فلا يعمل بهذه الأعمال إذا تغيّر محيطه.
ولهذا السبب مضافاً إلى أنّ الإنسان ينبغي أن يعوّد نفسه على أعمال الخير لابدّ له أن يكون من أهله كما قاله الإمام الباقر (عليه السلام)، لا أن يصطبغ بصبغة الأخيار.
إذ وجود صبغة الأخيار في الإنسان بدون رسوخها في ذاته لا تؤثّر في الإنسان ولا توجد التحوّل، ولا تأثير لها في درك الحقائق ومع رسوخها في ذات الإنسان يعرف هذه الحقائق العظيمة.
ما هو معنى الحضور؟
هنا نكتة يمكن أن يبحث عنها وهي: ما هو معنى الحضور؟ أهو حضورٌ علمي أو شخصي؟
قال العلّامة المجلسي (رحمه الله) في بيان الرواية: إن كان فاحضرونا من باب الافعال فمعنى الرواية هكذا: أي إعلموا أنّنا حاضرون عندكم بعلمنا، مقصود العلّامة من كلامه هو الحضور العلمي(٢١٠).
وفي رواية عن الإمام الرضا (عليه السلام) حول خضر النبيّ:
إنّه ليحضر حيث ما ذكر، فمن ذكره منكم فليسلّم عليه(٢١١).
قال آية الله المستنبط (رحمه الله): هذه مكانة العالم - أي الخضر (عليه السلام) - وأنّه من أتباع الإمام المنتظر - صلوات الله عليه - ورعاياه، فكيف يكون أيّها الموالون مقام متبوعه وإمامه(٢١٢)؟!
ويستفاد من هذه الرواية الحضور الشخصي - في بعض الأزمان - لا العلمي.
مسألة الحضور من المسائل المهمّة في معارف أهل البيت (عليهم السلام) وتحتاج إلى التفصيل. ولذا نختم البحث بكلام يؤثّر في القلب لمولانا أمير المؤمنين (عليه السلام):
أحضروا آذان قلوبكم تفهموا(٢١٣)!
المكانة العظيمة للإمام المنتظر أرواحنا فداه في كلمات أهل البيت (عليهم السلام)
المعرفة بالمكانة العظيمة لمولانا صاحب الأمر صلوات الله عليه طريقة مؤثّرة لورود الناس في صراط الانتظار.
أقول في توضيح الكلام: الروايات الصادرة عن أهل البيت (عليهم السلام) حول عظمة الإمام صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه وشخصيّته الممتازة، لها كيفيّة مهيّجة مؤثّرة بحيث توجب التعجّب في الإنسان!
مع هذه الروايات الّتي تؤثّر في أعماق الوجود كيف لم يتعلّق قلب المجتمع به صلوات الله عليه كما هو حقّه، واختارت الغراب والحدئة عوضاً عن «طاووس أهل الجنّة»(٢١٤)؟ لِمَ هذه الغفلات؟! ولأيّ شيء هذه العشوات؟!
هل عمل العلماء وأعاظم الدين لهذا المسير عملاً لائقاً به؟ هل خدم الزعماء وأهل القدرة الّذين ينسبون أنفسهم إلى الإمام صلوات الله عليه خدمةً؟ هل الأغنياء سعوا في التعاون من أجل هذه المسألة الأساسيّة الحياتيّة؟ هل غيّر سائر الناس مقدّراتهم المحزنة بالالتفات إلى صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه؟
والحقّ أنّ لكلّ أقشار الملّة سهم في هذه الغفلة مع اختلافهم في هذا السهم، ومع ذلك هناك من العلماء وغيرهم انطبعت على قلوبهم علامة الحزن كالشقايق! وعاشوا ويعيشون مع الأسف والحسرة وخدموا ويخدمون لهذا المسير. نمضي من ذلك، لأنّ الحقّ مُرّ ويألم قلب المتكبّرين.
أذكر هنا روايات من أهل بيت الوحي حتّى تروا أنّهم (عليهم السلام) كيف عبّروا عن صاحب الأمر صلوات الله عليه عند ذكره؟ وكيف سعوا في إلفات الناس إليه؟ وكيف علّمونا التعظيم والتجليل له أرواحنا فداه؟
١ - قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): بأبي واُمّي، سميّي وشبيهي.
قال هذا الكلام النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأمير المؤمنين (عليه السلام) بعد ما أخبره عمّا يقع في الأيّام المثيرة للغم في غيبة الإمام المنتظر صلوات الله عليه.
والآن عليكم بالتوجّه إلى ما قاله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
... سيكون بعدي فتنة صمّاء صيلم يسقط فيها كلّ وليجة وبطانة، وذلك عند فقدان شيعتك الخامس من السابع من ولدك، يحزن لفقده أهل الأرض والسماء، فكم مؤمن ومؤمنة متأسّف متلهّف حيران عند فقده.
ثمّ أطرق مليّاً ثمّ رفع رأسه وقال: بأبي واُمّي سميّي وشبيهي وشبيه موسى بن عمران عليه جلابيب النور يتوقّد من شعاع القدس(٢١٥).
٢ - قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في الإمام الغائب صلوات الله عليه: نفسي فداؤه...
هذا كلام نقله العلّامة المجلسي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: في الديوان المنسوب إليه صلوات الله عليه نقل عنه أنّه (عليه السلام) قال:

فثمّ يقوم القائم الحقّ منكم * * * وبالحقّ يأتيكم وبالحقّ يعمل
سميّ نبيّ الله نفسي فداؤه * * * فلا تخذلوه يا بنيّ وعجّلوا(٢١٦)

يعني في ذلك الزمان (أي بعد الحكومات الفاسدة) يقوم منكم من يحيى الحقّ ويجيء الحقّ لكم وبه يعمل.
هو سميّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نفسي له الفداء، فيا بنيّ لا تتركوا عونه واسعوا في نصرته.
٣ - الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): بأبي ابن خيرة الإماء(٢١٧).
إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد بيانه لأوصافه الجسمانيّة لمولانا صاحب الأمر أرواحنا فداه أظهر بهذا الكلام شوقه العظيم إليه.
نقل هذه الرواية جابر الجعفي وهو من النقباء ومن أصحاب السرّ للإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام).
وقد اكتفى أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الرواية ببيان صفاته الجميلة الجسميّة للإمام الغائب صلوات الله عليه ولم يبيّن خصاله المعنويّة الملكوتيّة، لأنّه (عليه السلام) كان يتكلّم مع من هو السبب لكلّ باطل وفساد في عالم الخلقة.
فالآن عليكم بالالتفات إلى هذه الرواية:
قال جابر الجعفي (قدّس سرّه): سمعت عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال:
ساير عمر بن الخطّاب أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: أخبرني عن المهديّ ما اسمه؟
فقال: أمّا اسمه فإنّ حبيبي عهد إليّ أن لا احدّث باسمه حتّى يبعثه الله، قال: فأخبرني عن صفته.
قال: هو شابٌّ مربوع حسن الوجه حسن الشعر، يسيل شعره على منكبيه، ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه، بأبي ابن خيرة الإماء(٢١٨).
٤ - الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): بأبي ابن خيرة الإماء.
كرّر هذا الكلام من أمير المؤمنين (عليه السلام) ونقله عنه الحارث الهمداني.
وبيّن في هذه الرواية أنّ ختام ظلم الظالمين بسيف الانتقام الّذي هو في اليد المقتدرة لصاحب الأمر أرواحنا فداه. وقال أنّه يسقى الظالمين في العالم بالكأس المصبرة.
فالآن عليكم بالتوجّه إلى كلامه هذا الّذي يسرّ قلب المحزونين:
بأبي ابن خيرة الإماء - يعني القائم من ولده (عليه السلام) - يسومهم خسفاً، ويسقيهم بكأس مصبرة، ولا يعطيهم إلّا السيف هرجاً(٢١٩).
نعم في ذلك اليوم يختم حكومة أهل السقيفة ووارثيهم، ويسقي جميعهم بكأسٍ مصبرة!
٥ - الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): بأبي ابن خيرة الإماء.
هذا كلام كرّره أمير المؤمنين (عليه السلام) مرّة اُخرى في إحدى خطبه:
فانظروا أهل بيت نبيّكم فإن لبدوا فالبدوا وإن استنصروكم فانصروهم، ليخرجنّ الله برجل منّا أهل البيت، بأبي ابن خيرة الإماء لا يعطيهم إلّا السيف هرجاً هرجاً موضوعاً على عاتقه ثمانية(٢٢٠).
بشّر أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذه الخطبة بإصلاح العالَم وتطهيره من الملعونين وادامة الحرب ضدّ الظالمين في سطح العالم ثمانية أشهر. ثمّ يحكم عليه الصلح والمودّة.
٦ - الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): هاه، شوقاً إلى رؤيته!
قال هذا الكلام أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد بيانه للفتن الآتية وبعد ما ذكر عن خصال صاحب الأمر أرواحنا فداه:
هاه - وأومأ بيده إلى صدره - شوقاً إلى رؤيته(٢٢١).
لأنّه (عليه السلام) مع علمه المحيط بالأشياء يعلم أنّ الفتن الّتي زرع بذرها أهل السقيفة في السقيفة يستمرّ حريقها ويجري في جميع العالم حتّى الأزمنة البعيدة، ويُظلم العالم وتدوم هذه الجرائم حتّى يظهر من عند البيت قائم آل محمّد صلوات الله عليه مع ثلاث مائة عشر وثلاثة عشر رجلاً من المهذّبين الّذين رسخ في قلوبهم أمر الولاية مع عدّة من المؤمنين، ويأخذوا انتقام المظلومين من الظالمين.
إذا كان في يوم السقيفة رجالٌ يفدون أنفسهم لأمير المؤمنين (عليه السلام) لم يقدروا الأعداء على إحراق بيت الوحي ولم يقدروا أن يضعوا الحبل في عنق أمير عالم الوجود ولا يسودّون وجه القمر!
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في إحدى خطبه:
فنظرت فإذا ليس لي معين إلّا أهل بيتي فظننت بهم عن الموت، وأغضيت على القذى، وشربت على الشّجى، وصبرت على أخذ الكظم، وعلى أمرّ من طعم العلقم(٢٢٢).
نعم، اوّل مظلومٍ في عالم الوجود يعني أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد بيانه للمظالم الّتي وردت عليه وبعد التنبيه على الفتن التّي تجري في المستقبل وبعد ذكر إسم رافع هذه المظالم قال: هاه، شوقاً إلى رؤيته!
٧ - الإمام الباقر (عليه السلام): لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر.
هذا الكلام صدر ممّن هو الباقر لجميع العلوم في عالم الوجود ومن هو مطّلع على أسرار الخلقة، الّذي الناس عنده، من المستقبلين والماضين كمن هو موجود في حضرته.
قال (عليه السلام) بعد بيانه للمستقبل والمستقبلين وذكر إحدى الحوادث الّتي تقع قبل قيام القائم أرواحنا فداه:
... أما إنّي لو أدركت ذلك لاستبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر(٢٢٣).
قال آية الله الشيخ محمّد جواد الخراساني في كتابه: مقصود الإمام من ذلك الزمان حينما يخرج اُناس من «شيلا» لأخذ الحقّ.
٨ - الإمام الباقر (عليه السلام): بأبي واُمّي، المسمّى باسمي والمكنّى بكنيتي. بأبي من يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
روى هذه الرواية أبو حمزة الثمالي وهو من كبار أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) قال:
كنت يوماً عند الإمام (عليه السلام) فبعد ذهاب من كان في حضرته قال لي: يا أبا حمزة؛ من المحتوم الّذي حتمه الله قيام قائمنا، فمن شكّ فيما أقول لقى الله وهو به كافر، ثمّ قال:
بأبي واُمّي المسمّى باسمي والمكنّى بكنيتي، السابع من ولدي، بأبي من يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
يا أبا حمزة؛ من أدركه فيسلّم له ما سلّم لمحمّد وعليّ فقد وجبت له الجنّة، ومن لم يسلّم فقد حرّم الله عليه الجنّة ومأواه النار وبئس مثوى الظالمين(٢٢٤).
٩ - الإمام الصادق (عليه السلام): لو أدركته لخدمته أيّام حياتي.
هذا الكلام قاله الإمام الصادق (عليه السلام) حين ما سُئل عن ولادة صاحب الأمر أرواحنا فداه:
هل ولد القائم؟
قال: لا، ولو أدركته لخدمته أيّام حياتي(٢٢٥).
١٠ - الإمام الصادق (عليه السلام): دعوت لنور آل محمّد (عليهم السلام).
قال عباد بن محمّد المدايني:
إنّ الإمام الصادق (عليه السلام) رفع يداه بعد صلاة الظهر ودعا. فقلت له: جعلت فداك؛ هل دعيت لنفسك؟
فقال: دعوت لنور آل محمّد (عليهم السلام) وسائقهم والمنتقم بأمر الله من أعدائهم(٢٢٦).
أنّ الأئمّة (عليهم السلام) كلّهم أنوار ومعرفتهم بالنورانيّة معرفة الله ولكنّه على قاله الإمام الصادق (عليه السلام) في هذه الرواية أنّ مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه هو نور الأنوار.
١١ - الإمام الكاظم (عليه السلام): بأبي من لا يأخذه في الله لومة لائم، بأبي القائم بأمر الله.
قال يحيى بن فضل النوفلي: أنّ موسى بن جعفر (عليهما السلام) رفع يداه بعد صلاة العصر وقرء دعاءً، فسألته لمن دعيت؟
قال: ذلك المهديّ من آل محمّد (عليهم السلام)، قال: بأبي المنبدح البطن، المقرون الحاجبين، أحمش الساقين، بعيد ما بين المنكبين، أسمر اللون، يعتاده مع سمرته صفرة من سهر الليل، بأبي من ليله يرعى النجوم ساجداً وراكعاً، بأبي من لا يأخذه في الله لومة لائم، مصباح الدجى، بأبي القائم بأمر الله(٢٢٧).
١٢ - الإمام الرضا (عليه السلام): بأبي واُمّي، سميّ جدّي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وشبيهي وشبيه موسى بن عمران.
قال الإمام (عليه السلام) هذا الكلام بعد بيانه الفتن الصعبة الّتي وقعت من ابتداء غيبة الإمام المنتظر أرواحنا فداه وهذه الفتن لشدّة صعوبتها توقّع الأذكياء والأكياس في مصيدتها مع إظهارهم التديّن والإيمان وضلالتهم توجب إحاطة الغربة بالإمام المنتظر أرواحنا فداه بحيث يبكي عليه أهل السماء والأرض وكلّ إنسان حرّ.
عليكم بالتوجّه إلى الرواية الواردة عن ثامن الحجج (عليهم السلام):
لابدّ من فتنة صمّاء صيلم يسقط فيها كلّ بطانة ووليجة وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي، يبكي عليه أهل السماء وأهل الأرض وكلّ حريّ وحرّان وكلّ حزين ولهفان.
ثمّ قال (عليه السلام): بأبي واُمّي سميّ جدّي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وشبيهي وشبيه موسى بن عمران (عليه السلام)، عليه جيوب النور، يتوقّد من شعاع ضياء القدس(٢٢٨).
نقل نحو هذه الرواية عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
«روي عن مولانا الرضا (عليه السلام) في مجلسه بخراسان أنّه قام عند ذكر لفظة «القائم» ووضع يديه على رأسه الشريف وقال: اللّهم عجّل فرجه وسهّل مخرجه، وذكر من خصائص دولته.
ذكر المحدّث النوري طاب ثراه في كتابه «النجم الثاقب» ما ترجمته بالعربيّة: هذا القيام والتعظيم خصوصاً عند ذكر ذلك اللقب المخصوص سيرة تمام أبناء الشيعة في كلّ البلاد من العرب والعجم والترك والهند والديلم وغيرها بل وعند أبناء أهل السنّة والجماعة أيضاً»(٢٢٩).
قال العلّامة الأميني في «الغدير»: روي أنّه لمّا قرأ دعبل قصيدته على الرضا (عليه السلام) وذكر الحجّة (عجّل الله فرجه) بقوله:

فلولا الّذي أرجوه في اليوم أو غدٍ * * * تقطّع نفسي إثرهم حسراتي
خروج إمام لا محالة خارج * * * يقوم على اسم الله والبركاتِ

وضع الرضا (عليه السلام) يده على رأسه وتواضع قائماً ودعا له بالفرج(٢٣٠).

* * *

نختم الكلام في المقدّمة بما رواه في «تنزيه الخاطر»: سئل الصادق (عليه السلام) عن سبب القيام عند ذكر لفظ «القائم» من ألقاب الحجّة صلوات الله عليه، قال:
لأنّ له غيبة طولانيّة ومن شدّة الرأفة إلى أحبّته ينظر إلى كلّ من يذكره بهذا اللقب المشعر بدولته والحسرة بغربته ومن تعظيمه أن يقوم العبد الخاضع لصاحبه عند نظر المولى الجليل إليه بعينه الشريفة فليقم وليطلب من الله جلّ ذكره تعجيل فرجه(٢٣١).

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المنتظرين لظهوره صلوات الله عليه والحمد لله ربّ العالمين. وما توفيقي إلّا بالله

مرتضى المجتهدي السيستاني

(١) – في الصلوات

نذكر في هذا الباب الصلوات الواردة عن مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه، أو المنقولة له صلوات الله عليه:
١) صلاة الإمام القائم أرواحنا فداه
قال الراوندي (رحمه الله): هي ركعتان، وفي كلّ ركعة الحمد مرّة، ومائة مرّة: «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعينُ»، ويصلّي على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مائة مرّة بعد الصلاة، ثمّ يسأل الله حاجته(٢٣٢).
لا تختصّ هذه الصلاة بزمان خاصّ ولا بمكان معيّن ولم تشترط فيها قراءة السورة ولم تذكر قراءة دعاء خاصّ بعدها.
٢) صلاة اُخرى للحجّة القائم أرواحنا فداه
قال السيّد بن طاووس (رحمه الله): صلاة الحجّة القائم أرواحنا فداه ركعتين: تقرأ في كلّ ركعة الفاتحة إلى «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعينُ»، ثمّ تقول مائة مرّة: «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعينُ»، ثمّ تتمّ قراءة الفاتحة وتقرأ بعدها الإخلاص مرّة واحدة، وتدعو عقيبها فتقول:
اللّهم عَظُمَ الْبَلاءُ، وَبَرِحَ الْخِفاءُ(٢٣٣)، وَانْكَشَفَ الْغِطاءُ، وَضاقَتِ الْأَرْضُ بِما وَسِعَتِ السَّماءُ، وَإِلَيْكَ يا رَبِّ الْمُشْتَكى، وَعَلَيْكَ الْمُعَوَّلُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ. اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، اَلَّذينَ أَمَرْتَنا بِطاعَتِهِمْ.
وَعَجِّلِ اللّهم فَرَجَهُمْ بِقائِمِهِمْ، وَأَظْهِرْ إِعْزازَهُ، يا مُحَمَّدُ يا عَلِيُّ، يا عَلِىُّ يا مُحَمَّدُ، إِكْفِياني فَإِنَّكُما كافِيايَ، يا مُحَمَّدُ يا عَلِيُّ، يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ، اُنْصُراني فَإِنَّكُما ناصِرايَ، يا مُحَمَّدُ يا عَلِيُّ، يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ، إِحْفَظاني فَإِنَّكُما حافِظايَ، يا مَوْلايَ يا صاحِبَ الزَّمانِ ثلاث مرّة، اَلْغَوْثَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ، أَدْرِكْني أَدْرِكْني أَدْرِكْني، اَلْأَمانَ الْأَمانَ الْأَمانَ(٢٣٤).
لا تختصّ هذه الصلاة أيضاً بيوم خاصّ أو مكان معيّن ولكنّها مشروطة بقراءة سورة الإخلاص فيها وقراءة الدعاء المذكورة بعدها.
٣) صلاة المسجد المقدّس في جمكران
قال حسن بن مثلة: قال مولانا صاحب الزّمان صلوات الله عليه:
قل للناس: ليرغبوا إلى هذا الموضع ويعزّزوه، ويصلّوا هنا أربع ركعات؛ ركعتان للتحيّة في كلّ ركعة يقرأ سورة الحمد مرّة وسورة الإخلاص سبع مرّات، ويسبّح في الركوع والسجود سبع مرّات، وركعتان للإمام صاحب الزّمان صلوات الله عليه هكذا:
يقرأ الفاتحة فإذا وصل إلى «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعينُ» كرّره مائة مرّة، ثمّ يقرؤها إلى آخرها وهكذا يصنع في الركعة الثانية، ويسبّح في الركوع والسجود سبع مرّات، فإذا أتمّ الصلاة يهلّل ويسبّح تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام)، فإذا فرغ من التسبيح يسجد ويصلّي على النبيّ وآله مائة مرّة.
ثمّ قال صلوات الله عليه - ما هذه حكاية لفظه -:
فمن صلّاها فكأنّما صلّى في البيت العتيق(٢٣٥).
٤) كيفيّة الصلاة في مقامه صلوات الله عليه بالحلّة والنعمانيّة (٢٣٦)
قال المحدّث النوري: قال الفاضل الجليل النحرير الآميرزا عبد الله الأصفهاني الشهير بالأفندي في المجلّد الخامس من كتاب رياض العلماء في ترجمة الشيخ بن [أبي] الجواد النعماني أنّه ممّن رأى القائم صلوات الله عليه في زمن الغيبة الكبرى، وروى عنه صلوات الله عليه ورأيت في بعض المواضع نقلاً عن خطّ الشيخ زين الدين عليّ بن الحسن بن محمّد الخازن الحائريّ تلميذ الشهيد أنّه قد رأى ابن أبي جواد النعمانيّ مولانا المهديّ أرواحنا فداه.
فقال له: يا مولاي لك مقام بالنعمانيّة ومقام بالحلّة، فأين تكون فيهما؟
فقال له:
أكون بالنعمانيّة ليلة الثلاثاء ويوم الثلاثاء، ويوم الجمعة وليلة الجمعة أكون بالحلّة، ولكن أهل الحلّة ما يتأدّبون في مقامي، وما من رجل دخل مقامي بالأدب يتأدّب ويسلّم عليّ وعلى الأئمّة وصلّى عليّ وعليهم اثني عشر مرّة، ثمّ صلّى ركعتين بسورتين، وناجى الله بهما المناجاة إلّا أعطاه الله تعالى ما يسأله، أحدها المغفرة. فقلت: يا مولاي علّمني ذلك، فقال: قل:
اللّهم قَدْ أَخَذَ التَّأْديبُ مِنّي، حَتَّى مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ، وإِنْ كانَ مَا اقْتَرَفْتُهُ مِنَ الذُّنُوبِ أَسْتَحِقُّ بِهِ أَضْعافَ أَضْعافَ ما أَدَّبْتَني بِهِ وَأَنْتَ حَليمٌ ذُو أَناةٍ، تَعْفُو عَنْ كَثيرٍ حَتَّى يَسْبِقَ عَفْوُكَ وَرَحْمَتُكَ عَذابَكَ.
وكرّرها عليَّ ثلاثاً حتّى فهمتها(٢٣٧).
٥) الصلاة المنسوبة إلى مولانا صاحب الأمر أرواحنا فداه لقضاء الحوائج
نسبها في جنّات الخلود إلى مولانا صاحب الأمر أرواحنا فداه وهي:
إذا هممت بالنوم في الليل فضع عند رأسك إناءً نظيفاً فيه ماء طاهر، وغطّه بخرقة نظيفة، فإذا انتبهت لصلاتك في الليل فاشرب من الماء ثلاث جُرع، ثمّ توضّأ بباقيه، وتوجّه إلى القبلة، وأذن وأقم وصلّ ركعتين تقرأ فيهما ما شئت من سور القرآن، فإذا فرغت فاركع وقل في ركوعك خمساً وعشرين مرّة يا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ، ثمّ ترفع رأسك فتقولها خمساً وعشرين مرّة، وتؤدّى مثل ذلك في السجدة الاُولى، وإذا رفعت رأسك منها، وفي السجدة الثانية وبعد رفع رأسك منها ثمّ تنهض إلى الثانية وتفعل كفعلك في الاُولى وتسلم وقد أكملت ثلاثمائة مرّة، ثمّ تتشهّد وتسلّم، ثمّ ترفع رأسك إلى السّماء وتقول ثلاثين مرّة: مِنَ الْعَبْدِ الذَّليلِ إِلَى الْمَوْلَى الْجَليلِ وتذكر حاجتك، فإنّ الإجابة تسرع بإذن الله تعالى(٢٣٨).
أقول: قد نقل المحدّث القمي في كتابه الباقيات الصالحات هذه الصلاة تحت عنوان صلاة الاستغاثة، ولم ينسبها إلى مولانا صاحب الأمر صلوات الله عليه.
٦) صلاة التوجّه إلى مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
قال أحمد بن إبراهيم: شكوت إلى أبي جعفر محمّد بن عثمان شوقي إلى رؤية مولانا صلوات الله عليه، فقال لي: مع الشوق تشتهي أن تراه؟ فقلت له: نعم.
فقال لي: شكّر الله لك شوقك، وأراك وجهه في يسر وعافية، لا تلتمس يا أبا عبد الله أن تراه، فإنّ أيّام الغيبة يشتاق إليه، ولا يسأل الاجتماع(٢٣٩)، إنّه عزائم الله، والتسليم لها أولى، ولكن توجّه إليه بالزيارة.
فأمّا كيف يعمل وما أملاه عند محمّد بن عليّ فانسخوه من عنده، وهو التوجّه إلى الصاحب بالزيارة بعد صلاة اثنتي عشرة ركعة تقرأ قل هو الله أحد في جميعها ركعتين ركعتين، ثمّ تصلّي على محمّد وآله، وتقول قول الله جلّ إسمه:
«سَلامٌ عَلى آلِ ياسينَ»، ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْمُبين مِنْ عِنْدِ الله، وَالله ذُو الْفَضْلِ الْعَظيم، إِمامُهُ مَنْ يَهديهِ صِراطَهُ الْمُسْتَقيم، قَدْ آتاكُمُ الله خِلافَتَهُ يا آلَ ياسين...(٢٤٠).
٧) صلاة الفرج ودعائه، لدفع الشدائد
أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري في مسند فاطمة (عليها السلام) قال: حدّثني أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى التلعكبري قال: حدّثني أبو الحسين بن أبي العلاء(٢٤١) الكاتب، قال: تقلّدت عملاً من(٢٤٢) أبي منصور بن الصالحان(٢٤٣)، وجرى بيني وبينه ما أوجب استتاري فطلبني وأخافني.
فمكثت مستتراً خائفاً، ثمّ قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة، واعتمدت البيت(٢٤٤) هناك للدعاء والمسألة، وكانت ليلة ريح ومطر، فسألت ابن(٢٤٥) جعفر القيّم أن يغلّق الأبواب، وأن يجتهد في خلوة الموضع لأخلو [بما اُريده(٢٤٦)] من الدعاء والمسألة، وأمن من دخول إنسان ممّا لم آمنه، وخفت من لقائي له، ففعل وقفل الأبواب، وانتصف الليل وورد من الريح والمطر ما قطع الناس عن الموضع.
ومكثت أدعو وأزور واُصلّي فبينما(٢٤٧) أنا كذلك إذ [سمعت(٢٤٨)] وطأة عند مولانا موسى (عليه السلام) وإذا رجل يزور، فسلّم على آدم واُولى العزم (عليهم السلام)، ثمّ الأئمّة (عليهم السلام) واحداً واحداً إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان صلوات الله عليه [فلم يذكره]، فعجبت من ذلك وقلت [له(٢٤٩)]: لعلّه نسي أو لم يعرف أو هذا المذهب لهذا الرجل.
فلمّا فرغ من زيارته صلّى ركعتين، وأقبل إلى عند مولانا أبي جعفر (عليه السلام) فزار مثل [تلك(٢٥٠)] الزيارة وذلك السلام وصلّى ركعتين وأنا خائف منه إذ لم أعرفه، ورأيته شابّاً تامّاً من الرجال [و(٢٥١)] عليه ثياب بيض(٢٥٢)، وعمامة متحنّك بها بذوابه(٢٥٣)، ورداء على كتفه مسبل فقال [لي(٢٥٤)]:
يا أبا الحسين بن أبي العلاء(٢٥٥) أين أنت عن دعاء الفرج؟
فقلت: وما هو يا سيّدي؟ فقال:
تصلّي ركعتين وتقول:
يا مَنْ أَظْهَرَ الْجَميلَ وَسَتَرَ الْقَبيحَ، يا مَنْ لَمْ يُؤاخِذْ بِالْجَريرَةِ وَلَمْ يَهْتِكِ السِّتْرَ، يا عَظيمَ الْمَنِّ، يا كَريمَ الصَّفْحِ، [يا مُبْتَدِئَ النِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقاقِها]، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ، يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ، يا باسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، يا مُنْتَهى كُلِّ نَجْوى، وَيا غايَةَ كُلِّ شَكْوى، [وَ(٢٥٦)] يا عَوْنَ كُلِّ مُسْتَعينٍ، يا مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقاقِها، يا رَبَّاهُ عشر مرّات، يا سَيِّداهُ عشر مرّات، يا مَوْلاهُ (يا مَوْلَياهُ خ) عشر مرّات، [يا غايَتاهُ عشر مرّات،(٢٥٧)] يا مُنْتَهى [غايَةِ(٢٥٨)] رَغْبَتاهُ عشر مرّات.
أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذِهِ الْأَسْماءِ، وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ إِلّا ما كَشَفْتَ كَرْبي، وَنَفَّسْتَ هَمّي، وَفَرَّجْتَ عَنّي(٢٥٩)، وَأَصْلَحْتَ حالي.
وتدعو بعد ذلك بما شئت(٢٦٠)، وتسأل حاجتك، ثمّ تضع خدّك الأيمن على الأرض وتقول مائة مرّة في سجودك:
يا مُحَمَّدُ يا عَلِيُّ، يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ، إِكْفِياني [فَإِنَّكُما كافِياني]، وَانْصُراني فَإِنَّكُما ناصِراني.
وتضع(٢٦١) خدّك الأيسر على الأرض وتقول مائة مرّة: أَدْرِكْني وتكرّرها كثيراً وتقول: اَلْغَوْثَ [الْغَوْثَ(٢٦٢)] الْغَوْثَ حتّى ينقطع نفسك، وترفع رأسك، فإنّ الله بكرمه يقضي حاجتك إن شاء الله تعالى.
فلمّا اشتغلت(٢٦٣) بالصلاة والدعاء خرج، فلمّا فرغت خرجت لابن جعفر(٢٦٤) لأسأله عن الرجل وكيف [قد] دخل فرأيت الأبواب على حالها [مغلّقة(٢٦٥)] مقفّلة، فعجبت من ذلك، وقلت: لعلّه بات ههنا(٢٦٦) ولم أعلم فأنبهت ابن جعفر القيّم، فخرج إليّ(٢٦٧) من بيت الزيت(٢٦٨) فسألته عن الرجل ودخوله فقال: الأبواب مقفّلة كما ترى ما فتحتها(٢٦٩)، فحدّثته بالحديث فقال:
[هذا(٢٧٠)] مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه، وقد شاهدته دفعات(٢٧١) في مثل هذه الليلة عند خلوّها من الناس، فتأسّفت على ما فاتني منه.
وخرجت عند قرب الفجر وقصدت الكرخ(٢٧٢) إلى الموضع الّذي كنت مستتراً فيه فما أضحى النّهار إلّا وأصحاب ابن الصالحان يلتمسون لقائي [فيه(٢٧٣)]، ويسألون عنّي أصدقائي ومعهم أمان من الوزير، ورقعة بخطّه فيها كلّ جميل، فحضرت مع ثقة من أصدقائي عنده، فقام والتزمني وعاملني بما لم أعهده منه، وقال: انتهت بك الحال إلى أن تشكوني إلى صاحب الزمان صلوات الله عليه؟
فقلت: قد كان منّي دعاء ومسألة، فقال: ويحك رأيت البارحة مولاي صاحب الزّمان صلوات الله عليه في النوم - يعني ليلة الجمعة - وهو يأمرني بكلّ جميل، ويجفو عليّ في ذلك جفوة خفتها، فقلت: لا إله إلاّ الله، أشهد أنّهم الحقّ ومنتهى الحقّ(٢٧٤) رأيت البارحة مولانا في اليقظة وقال لي: كذا وكذا، وشرحت ما رأيته في المشهد فعجب من ذلك وجرت منه اُمور عظام حسان في هذا المعنى، وبلغت منه غاية ما لم أظنّه ببركة مولانا صاحب الأمر أرواحنا فداه(٢٧٥)،(٢٧٦).
قال العلّامة الشيخ على اكبر النهاوندي في العبقري الحسان: أنا قد جرّبت هذا الدعاء كراراً ورأيته مؤثّراً في إنجاح المطلوب ثمّ نقل ما قاله آية الله العراقي في دار السلام وهو:
إنّي رأيت من هذا الدعاء آثاراً غريبة وأوّل ما نلت بهذه النعمة هو في بلدة طهران سنة ١٢٦٦ وكنت ضيفاً لإمام الجمعة الحاج ميرزا باقر بن ميرزا أحمد التبريزي في بيت ملك التجّار، وكان العالم المذكور مبعّداً عن وطنه ولم يكن مأذوناً في الرجوع إلى التبريز من قبل السلطان، وإنّي وإن كنت ضيفاً له ولم يجب عليّ تهيّأ المأكول والمشروب، ولكنّه لمّا كنت غريباً في البلد ولم أكن مأنوساً بأهله وللمصارف الاُخرى الّتي كنت محتاجاً بها وقعت في مضيقة ولم يمكن لي الاستقراض.
واتّفق يوماً أنّي كنت جالساً مع إمام الجمعة في صحن البيت، فقمت وذهبت إلى الغرفة العالية في البيت للاستراحة وأداء الفريضة، وبعد أداء فريضة الظهرين رأيت كتاباً في الغرفة وأخذتها وهو كتاب بحار الأنوار ج ١٣في أحوالات الحجّة عجّل الله تعالى له الفرج المترجم بالفارسيّة، فلمّا فتحتها رأيت هذا الدعاء في باب معجزاته صلوات الله عليه، فقلت في نفسي: أنا اُجرّب هذا العمل، فقمت وصلّيت ودعوت وسجدت ثمّ ذهبت إلى الشيخ وجلست عنده، فإذاً ورد رجل وفي يده رقعة وأدّاها إليه ووضع عنده خرقة بيضاء.
فلمّا قرء الرقعة ردّها مع الخرقة إليّ وقال: هذه لك، فلمّا لاحظتها رأيت أنّ التاجر على أصغر التبريزي وضع في الخرقة عشرين توماناً وكتب إليه في الرقعة أن يوصلها إليّ.
فتأمّلت في زمان كتابة الرقعة إلى أن وصلت إليّ فرأيت أنّه مطابق لزمان فراغي عن الدعاء، فتعجّبت من ذلك وضحكت مسبّحاً للَّه، فسألني عن ذلك، فنقلت له ما عملته.
فقال: سبحان الله أنا أفعل أيضاً ذلك لوقوع الفرج لي.
فقلت له: قم وعجّل في ذلك فقام وذهب إلى الحجرة وأدّى الظهرين وعمل ما عملته ولم يمض زماناً إلّا أن صار الأمير الّذي كان سبباً لإحضاره بطهران معزولاً واعتذر عنه السلطان وردّه إلى تبريز محترماً، وبعد ذلك كان العمل المذكور ذخيرةً لي في مظانّ الشدّة والحاجة وقد رأيت منه آثاراً غريبة.
وفي بعض السنين قد كثر واشتدّ الوباء في النجف ومات به خلق كثير واضطرب الناس، فلمّا رأيت ذلك خرجت من البلد وعملت هذا العمل ودعوت الله تعالى في رفع الوباء، ثمّ دخلت البلد ولم أطّلع على ما عملته وأخبرت الأقرباء برفع الوباء.
فقالوا لي: من أين تقول ذلك؟ قلت: لهم، لا أقول لكم ما هو مستندي في ذلك القول؟ فقالوا: صار فلان وفلان في الليل مبتلياً بالوباء. قلت لهم: ليس الأمر كذلك، بل كان ابتلائهم قبل الليل. وبعد التحقيق ثبتت صحّة قولي.
وقد اتّفق كراراً ابتلاء الأخوان بالشدائد فعلّمتهم العمل وحصل لهم الفرج سريعاً. وقد كنت يوماً من الأيّام في بيت بعض الأخوان واطّلعت على شدّة حاله فعلّمته العمل ورجعت إلى بيتي وبعد زمان قليل سمعت دقّ الباب، فاذاً جاء الرجل إلى بيتي وقال: قد فرّج عنّي ببركة دعاء الفرج. ووصل إليّ مالاً فما هو مقدار حاجتك حتّى أعطيك؟
قلت له: لا احتياج لي ببركة هذا الدعاء، ولكنّه قل لي ما جرى لك.
قال: بعد ذهابك عن بيتي تشرّفت بحرم أمير المؤمنين (عليه السلام) وعملت هذا العمل، فلمّا خرجت من الحرم الشريف لقيت رجلاً وأعطاني مقدار حاجتي.
وبالجملة، إنّي رأيت من العمل آثاراً سريعة، ولكنّي لم أعلّمه أحداً إلّا في مقام الحاجة والاضطرار ولم أعمله إلّا في هذه الحالة، إذ تسميته صلوات الله عليه هذا العمل بدعاء الفرج يشعر بأنّه يؤثر في وقت الضيق والشدّة(٢٧٧).
٨) في صلاة الاستغاثة به أرواحنا فداه
قال السيّد عليخان في الكلم الطيّب: هذه استغاثة إلى صاحب الزمان صلوات الله عليه، من حيث تكون تصلّي ركعتين بالحمد وسورة وقم مستقبل القبلة تحت السّماء وقل:
سَلامُ الله الْكامِلُ التَّامُّ الشَّامِلُ الْعامُّ، وَصَلَواتُهُ الدَّائِمَةُ وَبَرَكاتُهُ الْقائِمَةُ التَّامَّةُ، عَلى حُجَّةِ الله وَوَلِيِّهِ في أَرْضِهِ وَبِلادِهِ، وَخَليفَتِهِ عَلى خَلْقِهِ وَعِبادِهِ، وَسُلالَةِ النُّبُوَّةِ، وَبَقِيَّةِ الْعِتْرَةِ وَالصَّفْوَةِ، صاحِبِ الزَّمانِ، وَمُظْهِرِ الْإيمانِ، وَمُلَقِّنِ أَحْكامِ الْقُرْآنِ، وَمُطَهِّرِ الْأَرْضِ، وَناشِرِ الْعَدْلِ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ، وَالْحُجَّةِ الْقائِمِ الْمَهْدِيِّ، اَلْإِمامِ الْمُنْتَظَرِ الْمَرْضِيِّ، وَابْنِ الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرينَ، اَلْوَصِيِّ بْنِ الْأَوْصِياءِ الْمَرْضِيّينَ، اَلْهادِي الْمَعْصُومِ بْنِ الْأَئِمَّةِ الْهُداةِ الْمَعْصُومينَ.
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مُعِزَّ الْمُؤْمِنينَ الْمُسْتَضْعَفينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مُذِلَّ الْكافِرينَ المُتَكَبِّرينَ الظَّالِمينَ.
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ يا صاحِبَ الزَّمانِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا بن رَسُولِ الله، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا بن أمير المؤمنين، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا بن فاطِمَةَ الزَّهْراءِ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا بن الْأَئِمَّةِ الْحُجَجِ الْمَعْصُومينَ وَالْإِمامِ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مَوْلايَ سَلامَ مُخْلِصٍ لَكَ فِي الْوِلايَةِ.
أَشْهَدُ أَنَّكَ الْإِمامُ الْمَهْدِيُّ قَوْلًا وَفِعْلًا، وَأَنْتَ الَّذي تَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً، بَعْدَ ما مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، فَعَجَّلَ الله فَرَجَكَ، وَسَهَّلَ مَخْرَجَكَ، وَقَرَّبَ زَمانَكَ، وَكَثَّرَ أَنْصارَكَ وَأَعْوانَكَ، وَأَنْجَزَ لَكَ ما وَعَدَكَ، فَهُوَ أَصْدَقُ الْقائِلينَ «وَنُريدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثينَ»(٢٧٨).
يا مَوْلايَ يا صاحِبَ الزَّمانِ، يا بن رَسُولِ الله، حاجَتي كَذا وَكَذا، ثمّ اذكر حاجتك وقل:
فَاشْفَعْ لي في نَجاحِها، فَقَدْ تَوَجَّهْتُ إِلَيْكَ بِحاجَتي، لِعِلْمي أَنَّ لَكَ عِنْدَ الله شَفاعَةً مَقْبُولَةً، وَمَقاماً مَحْمُوداً، فَبِحَقِّ مَنِ اخْتَصَّكُمْ بِأَمْرِهِ، وَارْتَضاكُمْ لِسِرِّهِ، وَبِالشَّأْنِ الَّذي لَكُمْ عِنْدَ الله بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ، سَلِ الله تَعالى في نُجْحِ طَلِبَتي، وإِجابَةِ دَعْوَتي، وَكَشْفِ كُرْبَتي. وادع بما أحببت، فإنّه تقضي إن شاء الله(٢٧٩).
قال العلّامة الشيخ محمود الميثمي (رحمه الله) في كتابه دار السلام المشتمل على ذكر من فاز بسلام الإمام: هذا العمل من مجرّباتي، وشاهدت منه آثاراً غريبة، وقال أنّ بعض العلماء كان يمتنع من تعليمه غير أهله، وكان من مجرّباته في المهمّات الكلّيّة(٢٨٠).
قال في دار السلام: وظاهره تعيين سورة الفتح والنصر، وقد تعيّن ذلك الفاضل المعاصر، ولا يبعد تعيين العمل بإتيانه في النصف الآخر من الليل، لأنّ الراوي صار مأموراً به في ذلك الوقت، ولا إطلاق في الكلام حتّى يشمل غير هذا الوقت وقدر المتيقّن منه هو هذا الوقت.
ونقل الفاضل المعاصر عن الكفعمي زيادة الغسل قبل الصلاة والزيارة مع تعيين السورتين، وإن نقل أيضاً عن مصباح الزائر عدم تعيين السورة...
فالأظهر تعيين السورة، وتعيين الوقت إن لم يكن أقوى فهو أحوط، والأظهر عدم اعتبار الغسل وإن كان هو الأحوط...(٢٨١).
٩) صلاة الهديّة إليه صلوات الله عليه
قال السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس (رحمه الله): حدّث ابو محمّد الصيمري قال: حدّثنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الله البجلي بأسناد رفعه إليهم صلوات الله عليهم قال:
... لو أمكنه أن يزيد على صلاة الخمسين شيئاً ولو ركعتين في كلّ يوم ويهديها إلى واحد منهم، يفتتح الصلاة في الركعة الاُولى مثل افتتاح صلاة الفريضة بسبع تكبيرات أو ثلاث مرّات أو مرّة في كلّ ركعة، ويقول بعد تسبيح الركوع والسجود ثلاث مرّات: صَلَّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ في كلّ ركعة، فإذا شهد وسلّم (بعد الصلاة الّتي يهديها إلى صاحب الأمر أرواحنا فداه) يقول:
اللّهم أَنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ، يا ذَا الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ الْأَخْيارِ، وَأَبْلِغْهُمْ مِنّي أَفْضَلَ التَّحِيَّةِ وَالسَّلامِ. اللّهم إِنَّ هاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ هَدِيَّةٌ مِنّي إِلى عَبْدِكَ وَابْنِ عَبْدِكَ وَوَلِيِّكَ وَابْنِ وَلِيِّكَ سِبْطِ نَبِيِّكَ في أَرْضِكَ وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنينَ، يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنينَ، يا وَلِيَّ الْمُؤْمِنينَ(٢٨٢).
١٠) صلاة الهديّة إليه صلوات الله عليه في يوم الخميس
قال السيّد الأجلّ في جمال الاُسبوع: أخبرني الشّيخ حسن بن أحمد(٢٨٣) السّوراوي (رحمه الله) في شهر جمادى الآخرة سنة تسع وستّمئة، قال: أخبرني محمّد بن أبي القاسم الطّبري، عن الشيخ المفيد أبي عليّ، عن والده جدّي السّعيد أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي رضى الله عنه.
وأخبرني الشيخ عليّ بن يحيى الحنّاط (رحمه الله) إجازة تاريخها شهر ربيع الأوّل سنة تسع وستّمئة، قال: أخبرنا الشيخ عربيّ بن مسافر العبادي، عن محمّد بن أبي القاسم الطبري، عن الشيخ المفيد أبي علي، عن والده جدّي السّعيد أبي جعفر الطّوسي قال: حدّثني السّعيد أبو جعفر الطوسي في مصباحه الكبير ما هذا لفظه:
صلاة الهديّة ثماني ركعات، روى عنهم (عليهم السلام) أنّه يصلّي العبد في يوم الجمعة ثماني ركعات: أربعاً يهدي إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأربعاً يهدي إلى فاطمة (عليها السلام) ويوم السّبت أربع ركعات يهدي إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، ثمّ كذلك كلّ يوم إلى واحد من الأئمّة (عليهم السلام) إلى يوم الخميس أربع ركعات يهدي إلى جعفر بن محمّد الصّادق (عليهما السلام).
ثمّ يوم الجمعة أيضاً ثماني ركعات: أربعاً يهدي إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأربع ركعات يهدي إلى فاطمة (عليها السلام)، ثمّ يوم السّبت أربع ركعات يهدي إلى موسى بن جعفر (عليهما السلام)، ثمّ كذلك إلى يوم الخميس أربع ركعات يهدي إلى صاحب الزّمان أرواحنا فداه.
الدّعاء بين الركعتين منها:
اللّهم أَنْتَ السَّلامُ، وَمِنْكَ السَّلامُ، وَإِلَيْكَ يَعُودُ السَّلامُ، حَيِّنا رَبَّنا مِنْكَ بِالسَّلامِ. اللّهم إِنَّ هذِهِ الرَّكَعاتِ هَدِيَّةٌ مِنّي إِلَى الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ(٢٨٤)، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَبَلِّغْهُ إِيَّاها، وَأَعْطِني أَفْضَلَ أَمَلي وَرَجائي فيكَ، وَفي رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ [وَفيهِ]، وتدعو بما أحببت إن شاء الله تعالى(٢٨٥)،(٢٨٦).
١١) صلاة الاستغاثة بمولانا صاحب الزّمان صلوات الله عليه في ليلتي الخميس والجمعة
في التحفة الرضويّة: حدّثني العالم الجليل السيّد حسين الهمداني النجفي (رحمه الله) قال: يصلّي صاحب الحاجة ليلتي الخميس والجمعة ركعتين تحت السّماء حاسر الرأس، حافّ القدمين وبعد الفراغ يرفع يديه إلى السماء ويقول: يا حُجَّةَ الْقائِمَ خمسمئة وخمساً وتسعين مرّة.
ثمّ يسجد وفيه يقول سبعين مرّة: يا صاحِبَ الزَّمانِ أَغِثْني، ويطلب حاجته، فإنّها مجرّبة لكلّ حاجة مهمّة، فإن لم تنجح في هاتين الليلتين أعادها في الاُسبوع الثاني، فإن لم تنجح فيه أعادها في الاُسبوع الثالث، فإنّها تقضي لا محالة.
حدّثني السيّد محمّد على الجواهري الحائري أنّه صلّاها لحاجة له، فرأى الإمام المهدي أرواحنا فداه في ليلته في المنام، فعرض عليه حاجته، فسهّل الله تعالى له قضائها ببركته صلوات الله عليه.
قال: وقد جرّبتها(٢٨٧).
١٢) هذه الصلاة بكيفيّة اُخرى
نقلها العالم الجليل صدر الإسلام الهمداني (رحمه الله) في كتابه القيّم تكاليف الأنام في غيبة الإمام بكيفيّة اُخرى:
عن السيّد السند الاُستاذ العالم الربّاني والحكيم الصمداني الفقيه المجتهد البارع السيّد محمّد الهندي النجفي دام ظلّه، عن العالم السيّد حسن القزويني، عن السيّد حسين شوشتري من أئمّة الجماعة بأسناده عن السيّد عليخان - شارح الصحيفة السجّادية -:
تصلّي ركعتين تحت السماء في السطح مكشوف الرأس ليلة الخميس أو الجمعة وتقول بعدهما: يا حُجَّةَ الْقائِمَ بعدده وأنت مكشوفة الرّأس، فإنّه مجرّب.
قلت: وعددها (٤٠ + ١ + ١ + ١٠٠ + ٣٠ + ١ + ٤٠٠ + ٣ + ٨ + ١ + ١٠) جمعه ٥٩٥، فاكتمها لأنّها من المكنونات، وإنّي جرّبتها مراراً(٢٨٨).
١٣) صلاة الحاجة في ليلة الجمعة
قال السيّد بن طاووس (رحمه الله): رأيت في كتاب كنوز النّجاح تأليف الفقيه أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي رضى الله عنه، عن مولانا الحجّة صلوات الله عليه ما هذا لفظه:
روى أحمد بن الدّربي عن خزامة، عن أبي عبد الله الحسين بن محمّد البزوفري قال: خرج عن النّاحية المقدّسة:
من كان له إلى الله حاجة فلْيغسل ليلة الجمعة بعد نصف اللّيل، ويأتي مصلّاه، ويصلّي ركعتين يقرأ في الركعة الاُولى الحمد، فإذا بلغ «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعينُ» يكرّرها مائة مرّة، ويتمّم في المائة إلى آخرها، ويقرأ سورة التوحيد مرّة واحده، ثمّ يركع ويسجد، ويسبّح فيها سبعة سبعة، ويصلّي الرّكعة الثّانية على هيئته ويدعو بهذا الدّعاء، فإنّ الله تعالى يقضي حاجته البتّة كائناً ما كان إلّا أن يكون في قطيعة الرحم.
والدّعاء:
اللّهم إِنْ أَطَعْتُكَ فَالْمَحْمَدَةُ لَكَ، وإِنْ عَصَيْتُكَ فَالْحُجَّةُ لَكَ، مِنْكَ الرَّوْحُ وَمِنْكَ الْفَرَجُ، سُبْحانَ مَنْ أَنْعَمَ وَشَكَرَ، سُبْحانَ مَنْ قَدَرَ وغَفَرَ.
اللّهم إِنْ كُنْتُ قَدْ عَصَيْتُكَ، فَإِنّي قَدْ أَطَعْتُكَ في أَحَبِّ الْأَشْياءِ إِلَيْكَ وَهُوَ الْإيمانُ بِكَ، لَمْ أَتَّخِذْ لَكَ وَلَداً، وَلَمْ أَدْعُ لَكَ شَريكاً، مَنّاً مِنْكَ بِهِ عَلَيَّ لا مَنّاً مِنّي بِهِ عَلَيْكَ.
وَقَدْ عَصَيْتُكَ يا إِلهي عَلى غَيْرِ وَجْهِ الْمُكابَرَةِ، وَلَا الْخُرُوجِ عَنْ عُبُودِيَّتِكَ، وَلَا الْجُحُودِ لِرُبُوبِيَّتِكَ، وَلكِنْ أَطَعْتُ هَوايَ، وَأَزَلَّنِي الشَّيْطانُ، فَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ وَالْبَيانُ، فَإِنْ تُعَذِّبْني فَبِذُنُوبي غَيْرَ ظالِمٍ، وإِنْ تَغْفِرْ لي وَتَرْحَمْني، فَإِنَّكَ جَوادٌ كَريمٌ، يا كَريمُ يا كَريمُ حتّى يقطع النفس، ثمّ يقول:
يا آمِناً مِنْ كُلِّ شيء، وَكُلُّ شيء مِنْكَ خائِفٌ حَذِرٌ، أَسْأَلُكَ بِأَمْنِكَ مِنْ كُلِّ شيء، وَخَوْفِ كُلِّ شيء مِنْكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُعْطِيَني أَماناً لِنَفْسي وَأَهْلي وَوَلَدي، وَسائِرُ ما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ، حَتَّى لا أَخافَ أَحَداً، وَلا أَحْذَرَ مِنْ شيء أَبَداً، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَديرٌ، وَحَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الْوَكيلُ.
يا كافِيَ إِبْراهيمَ نُمْرُودَ، يا كافِيَ مُوسى فِرْعَوْنَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَكْفِيَني شَرَّ فُلانِ بْنِ فُلانٍ. فيستكفي شرّ من يخاف شرّه إن شاء الله تعالى.
ثمّ يسجد ويسأل حاجته ويتضرّع إلى الله تعالى، فإنّه ما من مؤمن ولا مؤمنة صلّى هذه الصلاة، ودعا بهذا الدعاء خالصاً، إلّا فتحت له أبواب السّماء للإجابة ويجاب في وقته وليلته كائناً ما كان، وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس(٢٨٩).
قال صاحب المكيال (رحمه الله): قد وقع لي مكرّراً مهمّات، فصلّيت هذه الصلاة بهذه الكيفيّة فكفاها الله تعالى بمنّه وكرمه وببركة مولانا صلوات الله عليه(٢٩٠).
١٤) صلاة اُخرى
نقل هذه الصلاة في النجم الثاقب عن كتاب السيّد فضل الله الراونديّ بعنوان صلاة مولانا المهديّ (عجّل الله فرجه)، وذكر بعد الفراغ، الصلوات على محمّد وآل محمّد مائة مرّة، ولم يذكر بعدها قراءة دعاء آخر، ولم يذكر لها وقتاً مخصوصاً(٢٩١).
١٥) الصلاة في اليوم السابع والعشرين من شهر رجب
قال السيّد الأجلّ في إقبال الأعمال: أبو العبّاس أحمد بن عليّ بن نوح رضى الله عنه قال: حدّثني أبو أحمد المحسن بن عبد الحكم السجريّ وكتبته من أصل كتابه قال:
نسخت من كتاب أبي نصر جعفر بن محمّد بن الحسن بن الهيثم(٢٩٢) وذكر أنّه خرج من جهة أبي القاسم الحسين بن روح قدّس الله روحه أنّ الصلاة يوم سبعة وعشرين من رجب إثنتا عشرة ركعة يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب وما تيسّر من السور ويسلّم ويجلس ويقول بين كلّ ركعتين:
اَلْحَمْدُ لله الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فِي الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبيراً، يا عُدَّتي في مُدَّتي، وَيا صاحِبي في شِدَّتي، وَيا وَلِيّي في نِعْمَتي، يا غِياثي في رَغْبَتي، يا مُجيبي في حاجَتي، يا حافِظي في غَيْبَتي، يا كالِئي في وَحْدَتي، يا اُنْسي في وَحْشَتي.
أَنْتَ السَّاتِرُ عَوْرَتي، فَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنْتَ الْمُقيلُ عَثْرَتي، فَلَكَ الْحَمْدُ وَأَنْتَ الْمُنَفِّسُ صَرْعَتي، فَلَكَ الْحَمْدُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاسْتُرْ عَوْرَتي، وَآمِنْ رَوْعَتي، وَأَقِلْني عَثْرَتي، وَاصْفَحْ عَنْ جُرْمي، وَتَجاوَزْ عَنْ سَيِّئاتي في أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذي كانُوا يُوعَدُونَ.
فإذا فرغت من الصلاة والدعاء قرأت الحمد و«قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ» و«قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ» والمعوّذتين، و«إِنَّا أَنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ»، وآية الكرسي سبعاً سبعاً.
ثمّ تقول: لا إِلهَ إِلَّا الله، وَالله أَكْبَرُ، وَسُبْحانَ الله، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِالله سبع مرّات، وتقول: الله الله رَبّي، لا اُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً سبع مرّات، ثمّ ادع بما أحببت(٢٩٣).
١٦) صلاة ليلة النصف من شعبان
قال في مصباح المتهجّد: روى أبو يحيى الصنعانيّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، ورواه عنهما ثلاثون رجلاً ممّن توثق به قالا:
إذا كان ليلة النصف من شعبان، فصلّ أربع ركعات تقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة، و«قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ» مائة مرّة، فإذا فرغت فقل:
اللّهم إِنّي فَقيرٌ وَمِنْ عَذابِكَ خائِفٌ مُسْتَجيرٌ. اللّهم لا تُبَدِّلِ اسْمي، وَلا تُغَيِّرْ جِسْمي، وَلا تُجْهِدْ بَلائي، وَلا تُشْمِتْ بي أَعْدائي، أَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عِقابِكَ، وَأَعُوذُ بِرَحْمَتِكَ مِنْ عَذابِكَ، وَأَعُوذُ بِرِضاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، جَلَّ ثَناؤُكَ، أَنْتَ كَما أَثْنَيْتَ عَلى نَفْسِكَ وَفَوْقَ ما يَقُولُ الْقائِلُونَ(٢٩٤).
١٧) صلاة اُخرى في هذه الليلة
قال الشيخ الطوسي (رحمه الله) في مصباح المتهجّد: روى أبو يحيى عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) قال: سئل الباقر (عليه السلام) عن فضل ليلة النصف من شعبان فقال:
هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله العباد فضله ويغفر لهم بمنّه، فاجتهدوا في القربة إلى الله تعالى فيها، فإنّها ليلة آلى الله (عزَّ وجلَّ) على نفسه لا يردّ سائلاً فيها ما لم يسأل الله معصية، وإنّها الليلة الّتي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبيّنا (عليه السلام).
فاجتهدوا في الدعاء والثناء على الله، فإنّه من سبّح الله تعالى فيها مائة مرّة، وحمده مائة مرّة، وكبّره مائة مرّة، غفر الله له ما سلف من معاصيه وقضى له حوائج الدنيا والآخرة ما التمسه وما علم حاجته إليه وإن لم يلتمسه منّةً وتفضّلاً على عباده.
قال أبو يحيى: فقلت لسيّدنا الصادق (عليه السلام): وأيّ شيء أفضل الأدعية؟ فقال:
إذا أنت صلّيت عشاء الآخرة فصلّ ركعتين تقرأ في الاُولى الحمد مرّة، وسورة الجحد وهي: «قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ»، واقرأ في الركعة الثانية الحمد، وسورة التوحيد وهي: «قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ»، فإذا سلّمت قلت: سُبْحان الله ثلاثاً وثلاثين مرّة، وَاَلْحَمْدُ للهِ ثلاثاً وثلاثين مرّة، وَالله أَكْبَرُ أربعاً وثلاثين مرّة، ثمّ قل:
يا مَنْ إِلَيْهِ مَلْجَأُ الْعِبادِ فِي الْمُهِمَّاتِ، وإِلَيْهِ يَفْزَعُ الْخَلْقُ فِي الْمُلِمَّاتِ، يا عالِمَ الْجَهْرِ وَالْخَفِيَّاتِ، وَيا مَنْ لا تَخْفى عَلَيْهِ خَواطِرُ الْأَوْهامِ وَتَصَرُّفُ الْخَطَراتِ، يا رَبَّ الْخَلائِقِ وَالْبَرِيَّاتِ، يا مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ الْأَرَضينَ وَالسَّماواتِ.
أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، أَمُتُّ إِلَيْكَ بِلا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، فَبِلا(٢٩٥) إِلهَ إِلّا أَنْتَ، اِجْعَلْني في هذِهِ اللَّيْلَةِ مِمَّنْ نَظَرْتَ إِلَيْهِ فَرَحِمْتَهُ، وَسَمِعْتَ دُعائَهُ فَأَجَبْتَهُ، وَعَلِمْتَ اسْتِقالَتَهُ فَأَقَلْتَهُ، وَتَجاوَزْتَ عَنْ سالِفِ خَطيئَتِهِ، وَعَظيمِ جَريرَتِهِ، فَقَدِ اسْتَجَرْتُ بِكَ مِنْ ذُنُوبي، وَلَجَأْتُ إِلَيْكَ في سَتْرِ عُيُوبي.
اللّهم فَجُدْ عَلَيَّ بِكَرَمِكَ وَفَضْلِكَ، وَاحْطُطْ خَطايايَ بِحِلْمِكَ وَعَفْوِكَ، وَتَغَمَّدْني في هذِهِ اللَّيْلَةِ بِسابِغِ كَرامَتِكَ(٢٩٦)، وَاجْعَلْني فيها مِنْ أَوْلِيائِكَ الَّذينَ اجْتَبَيْتَهُمْ لِطاعَتِكَ، وَاخْتَرْتَهُمْ لِعِبادَتِكَ، وَجَعَلْتَهُمْ خالِصَتَكَ وَصِفْوَتَكَ.
اللّهم اجْعَلْني مِمَّنْ سَعَدَ جَدُّهُ، وَتَوَفَّرَ مِنَ الْخَيْراتِ حَظُّهُ، وَاجْعَلْني مِمَّنْ سَلِمَ فَنَعِمَ وَفازَ فَغَنِمَ، وَاكْفِني شَرَّ ما أَسْلَفْتُ، وَاعْصِمْني مِنَ الاِزْدِيادِ في مَعْصِيَتِكَ، وَحَبِّبْ إِلَيَّ طاعَتَكَ وَما يُقَرِّبُني مِنْكَ وَيُزْلِفُني عِنْدَكَ.
سَيِّدي إِلَيْكَ يَلْجَأُ الْهارِبُ، وَمِنْكَ يَلْتَمِسُ الطَّالِبُ، وَعَلى كَرَمِكَ يُعَوِّلُ الْمُسْتَقيلُ التَّائِبُ، أَدَّبْتَ بِالتَّكَرُّمِ وَأَنْتَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمينَ، وَأَمَرْتَ بِالْعَفْوِ عِبادَكَ وَأَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحيمُ.
اللّهم فَلا تَحْرِمْني ما رَجَوْتُ مِنْ كَرَمِكَ، وَلا تُؤْيِسْني مِنْ سابِغِ نِعَمِكَ، وَلا تُخَيِّبْني مِنْ جَزيلِ قِسَمِكَ في هذِهِ اللَّيْلَةِ لِأَهْلِ طاعَتِكَ، وَاجْعَلْني في جُنَّةٍ مِنْ شِرارِ بَرِيَّتِكَ.
رَبِّ، إِنْ لَمْ أَكُنْ مِنْ أَهْلِ ذلِكَ فَأَنْتَ أَهْلُ الْكَرَمِ وَالْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ، وَجُدْ عَلَيَّ بِما أَنْتَ أَهْلُهُ لا بِما أَسْتَحِقُّهُ فَقَدْ حَسُنَ ظَنّي بِكَ، وَتَحَقَّقَ رَجائي لَكَ، وَعَلِقَتْ نَفْسي بِكَرَمِكَ، فَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ وَأَكْرَمُ الْأَكْرَمينَ.
اللّهم وَاخْصُصْني مِنْ كَرَمِكَ بِجَزيلِ قِسَمِكَ، وَأَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَاغْفِرْ لِيَ الذَّنْبَ الَّذي يَحْبِسُ عَلَيَّ الْخُلُقَ، وَيُضَيِّقُ عَلَيَّ الرِّزْقَ حَتَّى أَقُومَ بِصالِحِ رِضاكَ، وَأَنْعَمَ بِجَزيلِ عَطائِكَ، وَأَسْعَدَ بِسابِغِ نَعْمائِكَ، فَقَدْ لُذْتُ بِحَرَمِكَ، وَتَعَرَّضْتُ لِكَرَمِكَ، وَاسْتَعَذْتُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِحِلْمِكَ مِنْ غَضَبِكَ، فَجُدْ بِما سَأَلْتُكَ، وَأَنِلْ مَا الْتَمَسْتُ مِنْكَ، أَسْأَلُكَ لا بِشيء هُوَ أَعْظَمُ مِنْكَ.
ثمّ تسجد وتقول عشرين مرّة: يا رَبُّ، يا الله سبع مرّات، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِالله سبع مرّات، ما شاءَ الله عشر مرّات، لا قُوَّةَ إِلّا بِالله عشر مرّات، ثمّ تصلّي على النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، وتسأل الله حاجتك، فوالله لو سألت بها بعدد القطر لبلّغك الله (عزَّ وجلَّ) إيّاها بكرمه وفضله(٢٩٧).
أقول: ورد أربع ركعات تقرأ في ظهر يوم عاشوراء وبعد الصلاة يقرأ دعاء نذكرهما في باب أدعية الشهور.

(٢) - في تعقيبات الصلوات

١٨) دعاء يقرأ بعد صلاة الصبح
رواه السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس في مصباح الزائر والعلّامة المجلسي في زاد المعاد:
اللّهم بَلِّغْ مَوْلايَ صاحِبَ الزَّمانِ صَلَواتُ الله عَلَيْهِ عَنْ جَميعِ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ، في مَشارِقِ الْأَرْضِ وَمَغارِبِها، وَبَرِّها وَبَحْرِها، وَسَهْلِها وَجَبَلِها، حَيِّهِمْ وَمَيِّتِهِمْ، وَعَنْ والِدَيَّ وَوُلْدي، وَعَنّي مِنَ الصَّلَواتِ وَالتَّحِيَّاتِ، زِنَةَ عَرْشِ الله، وَمِدادَ كَلِماتِهِ، وَمُنْتَهى رِضاهُ، وَعَدَدَ ما أَحْصاهُ كِتابُهُ، وَأَحاطَ بِهِ عِلْمُهُ. اللّهم إِنّي اُجَدِّدُ لَهُ في هذَا الْيَوْمِ، وَفي كُلِّ يَوْمٍ، عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً [لَهُ] في رَقَبَتي.
اللّهم كَما شَرَّفْتَني بِهذَا التَّشْريفِ، وَفَضَّلْتَني بِهذِهِ الْفَضيلَةِ، وَخَصَصْتَني بِهذِهِ النِّعْمَةِ، فَصَلِّ عَلى مَوْلايَ وَسَيِّدي صاحِبِ الزَّمانِ، وَاجْعَلْني مِنْ أَنْصارِهِ وَأَشْياعِهِ، وَالذَّابّينَ عَنْهُ، وَاجْعَلْني مِنَ الْمُسْتَشْهَدينَ بَيْنَ يَدَيْهِ، طائِعاً غَيْرَ مُكْرَهٍ، فِي الصَّفِّ الَّذي نَعَتَّ أَهْلَهُ في كِتابِكَ، فَقُلْتَ «صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ»(٢٩٨) عَلى طاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ وَآلِهِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ. اللّهم هذِهِ بَيْعَةٌ لَهُ في عُنُقي إِلى يَوْمِ القِيامَةِ(٢٩٩).
١٩) الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في تعقيب صلاة الصبح
قال الشيخ البهائي (رحمه الله) في تعقيبات صلاة الصبح: تقول سبع مرّات وأنت قابض لحيتك بيدك اليمنى، باسط(٣٠٠) باطن يدك اليسرى إلى السماء:
يا رَبَّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ فَرَجَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ(٣٠١).(٣٠٢)
٢٠) دعاء آخر لظهوره صلوات الله عليه بعد صلاة الصبح
قال في منهاج العارفين: ويستحبّ أن يقول مئة مرّة بعد فريضة الصبح:
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ(٣٠٣).
قال الشيخ البهائي (رحمه الله) في مفتاح الفلاح: يقول في تعقيب صلاة الصبح مئة مرّة: اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ.
قال العلاّمة محمّد اسماعيل الخواجوئي: قوله: وعجّل فرجهم: كلّ فرج مسبوق بالشدّة، فيدلّ على أنّهم (عليهم السلام) كانوا في شدّة، كما أنّه (عليه السلام) الآن يكون في شدّة بما يرى من حقّه وحقوق شيعته ومواليه في أيدي الظّلمة، وبما حرّفوه من كتاب الله وسنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حدوداً وإن نقلوه حروفاً.
ويستفاد منه أنّ آل محمّد (عليهم السلام) يرجعون إلى الدّنيا بعد ظهور دولتهم بخروج قائمهم صاحب العصر والزمان عليهم سلام الله الملك المنّان، ليكونوا فيها في فرج كما كانوا في شدّة، وإلاّ فهم بعد رحلتهم من الدنيا إلى الآخرة في فرج أيّ فرج(٣٠٤).
٢١) دعاء آخر له صلوات الله عليه بعد صلاة الصبح
رواه المجلسي (رحمه الله) في المقباس في تعقيب صلاة الصبح، أن يقول مائة مرّة قبل أن يتكلّم:
يا رَبِّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ فَرَجَ آلِ مُحَمَّدٍ، وَأَعْتِقْ رَقَبَتي مِنَ النَّارِ(٣٠٥).
٢٤ - ٢٢) أدعية علّمها مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه رجلاً لدفع الشدائد
قال المحدّث النوري في دار السلام: حدّثني العالم العامل المولى فتحعلي السلطان آبادي كان المولى الفاضل المقدّس التقيّ المولى محمّد صادق العراقي في غاية من الضيق والعسرة، وجهد البلاء، وتتابع اللأواء(٣٠٦) والضرّاء، ومضى عليه كذلك زمان فلم يجد من كربه فرجاً، ولا من ضيقه مخرجاً إلى أن رأى ليلة في المنام كأنّه في واد يترءا فيه خيمة عظيمة عليها قبّة، فسئل عن صاحبها؟
فقيل: فيه الكهف الحصين، وغياث المضطرّ المستكين الحجّة القائم المهديّ والإمام المنتظر المرضيّ (عجّل الله فرجه) وسهّل مخرجه، فأسرع الذهاب إليها، ووجد كشف ضرّه فيها، فلمّا وافى إليه صلوات الله عليه، شكى عنده سوء حاله، وضيق زمانه وعسر عياله، وسئل عنه دعاء يفرج به همّه ويدفع به غمّه.
فأحاله (عليه السلام) إلى سيّد من ولده، أشار إليه وإلى خيمته، فخرج من حضرته ودخل في تلك الخيمة، فرأى السيّد السند والحبر المعتمد العالم الأمجد المؤيّد جناب السيّد محمّد السلطان آبادي - والد سيّدنا الآتي ذكره - قاعداً على سجّادته، مشغولاً بدعائه وقراءته.
فذكر له بعد السلام ما أحال عليه حجّة الملك العلّام، فعلّمه دعاء يستكفي به ضيقه، ويستجلب به رزقه، فأنتبه من نومه، والدعاء محفوظ في خاطره، فقصد بيت جناب السيّد الأيّد المذكور، وكان قبل تلك الرؤيا نافراً عنه لوجه لا يذكر.
فلمّا أتى إليه ودخل عليه، رآه كما في النوم على مصلّاه، ذاكراً ربّه، مستغفراً ذنبه، فلمّا سلّم عليه أجابه وتبسّم في وجهه كأنّه عرف القضيّة، ووقف على الأسرار المخفيّة، فسئل عنه ما سئل عنه في الرؤيا، فعلمه من حينه عين ذاك الدعاء، فدعا به في قليل من الزمان، فصبت عليه الدنيا من كلّ ناحية ومكان، وكان شيخنا دام ظلّه يثنى على السيّد السند ثناءً بليغاً، وقد أدركه في أواخر عمره، وتلمّذ عليه شطراً من الزمان، وأمّا ما علّمه السيّد (قدّس سرّه) في اليقظة والمنام فثلاثة أوراد:
الأوّل: أن يذكر عقيب الفجر سبعين مرّة يا فَتَّاحُ، واضعاً يده على صدره، قلت: قال الكفعمي (رحمه الله) في مصباحه: من ذكره كذلك أذهب الله تعالى عن قلبه الحجاب.
الثاني: ما رواه الكليني عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن عبد الخالق، قال: أبطأ رجل من أصحاب النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عنه، ثمّ أتاه فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
ما أبطأ بك عنّا؟ فقال: السقم والفقر.
فقال: أفلا اُعلّمك دعاء يذهب الله عنك بالفقر والسقم؟
قال: بلى؛ يا رسول الله. فقال: قل:
لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِالله [الْعَلِيِّ الْعَظيمِ]، تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذي لا يَمُوتُ، وَالْحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ [صاحِبَةً وَلا] وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فِي الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ، وَكَبِّرْهُ تَكْبيراً.
قال: فما لبث أن عاد إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال: يا رسول الله، قد أذهب الله عنّي السقم والفقر.
الثالث: ما رواه ابن فهد في عدّة الداعي عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
من قال دبر صلاة الغداة هذا الكلام كلّ يوم، لم يلتمس من الله تعالى حاجة إلّا تيّسرت له، وكفاه الله ما أهمّه:
بِسْمِ الله وَصَلَّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَاُفَوِّضُ أَمْري إِلَى الله، إِنَّ الله بَصيرٌ بِالْعِبادِ، فَوَقيهُ الله سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا، لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ، فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِى الْمُؤْمِنينَ، وَحَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الْوَكيلُ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ الله، وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ، ما شاءَ الله لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِالله، ما شاءَ الله لا ما شاءَ النَّاسُ، ما شاءَ الله وإِنْ كَرِهَ النَّاسُ.
حَسبِيَ الرَّبُّ مِنَ الْمَرْبُوبينَ، حَسْبِيَ الْخالِقُ مِنَ الْمَخْلُوقينَ، حَسْبِيَ الرَّازِقُ مِنَ الْمَرْزُوقينَ، حَسْبِيَ الله رَبُّ الْعالَمينَ، حَسْبي مَنْ هُوَ حَسْبي، حَسْبي مَنْ لَمْ يَزَلْ حَسْبي، حَسْبي مَنْ كانَ مُذْ كُنْتُ [لَمْ يَزَلْ]حَسْبي، حَسْبِيَ الله لا إِلهَ إِلّا هُوَ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظيمِ.
وهذه الأوراد ممّا ينبغي المواظبة عليها، فقد صدّقتها الدراية والرواية والخبر(٣٠٧).
٢٥) الدعاء للفرج بعد صلاة الفجر وصلاة الظهر في الجمعة وغيرها
قال الإمام الصادق (عليه السلام):
من قال بعد صلاة الفجر وصلاة الظهر في الجمعة (وغيرها): اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ، لم يمت حتّى يدرك القائم المهديّ (عليه السلام)(٣٠٨).
٢٦) الدعاء لتعجيل فرجه أرواحنا فداه في تعقيب صلاة الظهر
قال في فلاح السائل: ومن المهمّات عقيب صلاة الظهر، الاقتداء بالصادق (عليه السلام) في الدعاء للمهديّ (عليه السلام) الّذي بشّر به محمّد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اُمّته في صحيح الروايات، ووعدهم أنّه يظهر في آخر الأوقات كما رواه محمّد بن رهبان الدبيلي قال: حدّثنا أبو علي محمّد بن الحسن بن محمّد بن جمهور القمي قال:
حدّثنا أبي عن أبيه محمّد بن جمهور، عن أحمد بن الحسين السكّري، عن عباد بن محمّد المدايني قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) بالمدينة حين فرغ من مكتوبة الظهر وقد رفع يديه إلى السماء ويقول:
أَيْ(٣٠٩) سامِعَ كُلِّ صَوْتٍ، أَيْ جامِعَ كُلِّ فَوْتٍ(٣١٠)، أَيْ بارِئَ كُلِّ نَفْسٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَيْ باعِثُ، أَيْ وارِثُ، أَيْ سَيِّدَ السَّادَةِ(٣١١)، أَيْ إِلهَ الْآلِهَةِ، أَيْ جَبَّارَ الْجَبابِرَةِ، أَيْ مَلِكَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، أَيْ رَبَّ الْأَرْبابِ، أَيْ مَلِكَ الْمُلُوكِ، أَيْ بَطَّاشُ، أَيْ ذَا الْبَطْشِ الشَّديدِ، أَيْ فَعَّالاً لِما يُريدُ، أَيْ مُحْصِيَ عَدَدِ الْأَنْفاسِ وَنَقْلِ الْأَقْدامِ، أَيْ مَنِ السِّرُّ عِنْدَهُ عَلانِيَةٌ، أَيْ مُبْدِئُ، أَيْ مُعيدُ.
أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ عَلى خِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَبِحَقِّهِمُ الَّذي أَوْجَبْتَ لَهُمْ عَلى نَفْسِكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَأَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ السَّاعَةَ بِفِكاكِ(٣١٢) رَقَبَتي مِنَ النَّارِ، وَأَنْجِزْ لِوَلِيِّكَ وَابْنِ نَبِيِّكَ(٣١٣) الدَّاعي إِلَيْكَ بِإِذْنِكَ، وَأَمينِكَ في خَلْقِكَ، وَعَيْنِكَ في عِبادِكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، عَلَيْهِ صَلَواتُكَ وَبَرَكاتُكَ وَعْدَهُ.
اللّهم أَيِّدْهُ بِنَصْرِكَ، وَانْصُرْ عَبْدَكَ، وَقَوِّ أَصْحابَهُ وَصَبِّرْهُمْ(٣١٤)، وَافْتَحْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصيراً، وَعَجِّلْ فَرَجَهُ، وَأَمْكِنْهُ مِنْ أَعْدائِكَ وَأَعْداءِ رَسُولِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ(٣١٥).
قلت: أليس قد دعوت لنفسك جعلت فداك؟ قال:
دعوت لنور آل محمّد (عليهم السلام) وسائقهم والمنتقم بأمر الله من أعدائهم.
قلت: متى يكون خروجه جعلني الله فداك؟
قال: إذا شاء من له الخلق والأمر.
قلت: فله علامة قبل ذلك؟
قال: نعم علامات شتّى.
قلت: مثل ماذا؟
قال (عليه السلام): خروج راية(٣١٦) من المشرق، وراية من المغرب، وفتنة تظلّ أهل الزوراء وخروج رجل من ولد عمّى زيد باليمن، وانتهاب ستارة البيت(٣١٧)، ويفعل الله ما يشاء(٣١٨).
قال في مكيال المكارم: يستفاد من الدعاء المذكور اُمور:
الأوّل: استحباب الدعاء في حقّ الحجّة (عليه السلام)، ومسألة تعجيل فرجه بعد صلاة الظهر.
الثاني: استحباب رفع اليدين حال الدعاء له (عليه السلام).
الثالث: استحباب الاستشفاع بهم، والمسألة بحقّهم، قبل طلب الحاجة.
الرابع: استحباب تقديم التحميد والثناء على الله (عزَّ وجلَّ).
الخامس: استحباب تقديم الصلاة على محمّد وآله (عليهم السلام) على طلب الحاجة.
السادس: تطهير النفس من الذنوب بالاستغفار ونحوه، ليكون نقيّاً مستعدّاً للإجابة، يدلّ على ذلك طلبه المغفرة، وفكاك الرقبة من النار.
السابع: أنّ المراد بالوليّ المطلق في ألسنتهم ودعواتهم هو مولانا صاحب الزمان (عليه السلام).
الثامن: استحباب الدعاء في حقّ أصحابه وأنصاره.
التاسع: كون الإمام شاهداً على أعمال العباد، مبصراً لهم ولأفعالهم في كلّ حال، يدلّ عليه قوله: وعينك في عبادك.
العاشر: أنّ من ألقاب مولانا الحجّة (عليه السلام): نور آل محمّد، وقد ورد في الروايات ما يشهد لذلك، وقد ذكر المحقّق النوريّ (رحمه الله) بعضها في كتابه المسمّى بالنجم الثاقب.
الحادي عشر: كونه (عليه السلام) أفضل من سائر الأئمّة (عليهم السلام) بعد أمير المؤمنين والحسنين صلوات الله عليهم أجمعين، ويؤيّده بعض الروايات أيضاً.
الثاني عشر: أنّ الله عزّ اسمه قد ادّخره وأخّره للانتقام من أعدائه وأعداء رسوله والروايات بذلك متواترة.
الثالث عشر: أنّ زمان ظهوره من الاُمور الخفيّة الّتي اقتضت المصلحة الإلهيّة إخفائها، وقد تواترت الروايات في ذلك أيضاً.
الرابع عشر: أنّ تلك العلامات المذكورة ليست من العلائم المحتمومة لقوله (عليه السلام) في آخر الكلام: ويفعل الله ما يشاء(٣١٩).
٢٧) الدعاء له صلوات الله عليه بعد صلاة العصر
قال في فلاح السائل: ومن المهمّات بعد صلاة العصر الاقتداء بمولانا موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) في الدعاء لمولانا المهديّ صلوات الله وسلامه وبركاته على محمّد جدّه، وبلّغ ذلك إليه، كما رواه محمّد بن بشير الأزدي قال: حدّثنا أحمد بن عمر بن موسى الكاتب قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن جمهور القمي، عن أبيه محمّد بن جمهور، عن يحيى بن الفضل النوفلي قال:
دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) ببغداد حين فرغ من صلاة العصر فرفع يديه إلى السماء وسمعته يقول:
أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، اَلْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ، وَأَنْتَ الله لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، إِلَيْكَ(٣٢٠) زِيادَةُ الْأَشْياءِ وَنُقْصانُها، وَأَنْتَ الله لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، خَلَقْتَ الْخَلْقَ بِغَيْرِ مَعُونَةٍ مِنْ غَيْرِكَ، وَلا حاجَةٍ إِلَيْهِمْ، أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، مِنْكَ الْمَشِيَّةُ وإِلَيْكَ الْبَدْءُ.
أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، قَبْلَ الْقَبْلِ وَخالِقُ الْقَبْلِ، أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، بَعْدَ الْبَعْدِ وَخالِقُ الْبَعْدِ، أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، تَمْحُو ما تَشاءُ وَتُثْبِتُ وَعِنْدَكَ اُمُّ الْكِتابِ، أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، غايَةُ كُلِّ شيء وَوارِثُهُ، أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، لا يَعْزُبُ(٣٢١) عَنْكَ الدَّقيقُ وَلَا الْجَليلُ، أَنْتَ الله لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، لا يَخْفى عَلَيْكَ اللُّغاتُ، وَلا تَتَشابَهُ عَلَيْكَ الْأَصْواتُ.
كُلَّ يَوْمٍ أَنْتَ في شَأْنٍ، لا يَشْغَلُكَ شَأْنٌ عَنْ شَأْنٍ، عالِمُ الْغَيْبِ وَأَخْفى، دَيَّانُ الدّينِ، مُدَبِّرُ الْاُمُورِ، باعِثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، مُحْيِ الْعِظامِ وَهِيَ رَميمٌ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْمَكْنُونِ الْمَخْزُونِ، اَلْحَيِّ الْقَيُّومِ، اَلَّذي لا يَخيبُ مَنْ سَأَلَكَ بِهِ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَنْ تُعَجِّلَ فَرَجَ الْمُنْتَقِمِ لَكَ مِنْ أَعْدائِكَ، وَأَنْجِزْ لَهُ ما وَعَدْتَهُ، يا ذَا الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ.
قال: قلت: مَن المدعوّ له؟ قال:
ذلك المهديّ من آل محمّد (عليهم السلام).
قال: بأبي المنبدح (المنفدح) البطن، المقرون الحاجبين، أحمش الساقين، بعيد ما بين المنكبين، أسمر اللّون، يعتاده مع سمرته صفرة من سهر اللّيل، بأبي من ليله يرعى النجوم ساجداً وراكعاً، بأبي من لا يأخذه في الله لومة لائم مصباح الدجى، بأبي القائم بأمر الله.
قلت: متى خروجه؟
قال: إذا رأيت العساكر بالأنبار على شاطئ الفرات والصراة ودجلة، وهدم قنطرة الكوفة، وإحراق بعض بيوتات الكوفة، فإذا رأيت ذلك فإنّ الله يفعل ما يشاء لا غالب لأمر الله ولا معقّب لحكمه(٣٢٢).
قال في البحار: بيان: غاية كلّ شيء أي نهايته، إمّا لانتهاء علل الأشياء إليه تعالى، أو لأنّه لمّا كان موجوداً بعد فناء كلّ شيء فكأنّه غايته، فانتهى امتداد وجوده إليه.
ووارثه أي الباقي بعده، قال في النهاية في أسماء الله تعالى: الوارث هو الّذي يرث الخلائق ويبقى بعد فنائهم، وفي القاموس: العزوب الغيبة يعزب ويعزب والذهاب، وقال البيضاوي في قوله سبحانه وتعالى: «كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ»(٣٢٣) كلّ وقت يحدث أشخاصاً، ويجدّد أحوالاً على ما سبق به قضاؤه، وفي الحديث من شأنه أن يغفر ذنباً ويفرّج كرباً، ويرفع قوماً ويضع آخرين، وهو ردّ لقول اليهود: إنّ الله لا يقضي يوم السبت.
عالم الغيب أي ما غاب عن الحواسّ، وأخفى أي ما غاب عن العقول أيضاً وقال الفيروز آبادي: الدين بالكسر: الجزاء والإسلام والعادة، والعبادة والطاعة والذلّ والحساب والقهر والغلبة والاستعلاء والسلطان والملك، وإسم لجميع ما يتعبّد الله به، والديان القهّار، والقاضي والحاكم والمحاسب والمجازي لا يضيع عملاً.
قوله (عليه السلام): الحيّ القيّوم يحتمل أن يكون الإسم مقحماً هنا فتجري الأوصاف كلّها على الذات الأقدس، أو يكون توصيف الإسم بهما على المجاز، لاتّصاف مسمّاه بهما، وكون الحيّ القيّوم عطف بيان للإسم بعيد، والمنتدح: المتّسع، وفي القاموس: الصراة نهر بالعراق(٣٢٤).
٢٨) الدّعاء للقائم أرواحنا فداه بعد كلّ صلاة
عن الصادق (عليه السلام) أنّه اُمر المؤمنون بأن يدعوا للقائم (عليه السلام) بعد كلّ صلاة بهذه العبارة:
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَامْدُدْ لِلْقائِمَ في عُمْرِهِ، وَزِدْ لَهُ في أَجَلِهِ، وَانْشُرْ عَلَيْهِ رَحْمَتَكَ، وَانْتَصِرْ بِهِ لِدينِكَ، وَلا تَسْتَبْدِلْ بِهِ مَنْ سَواهُ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ(٣٢٥).
٢٩) الدعاء له أرواحنا فداه بعد كلّ فريضة
في كتاب جمال الصالحين عن مولانا الصادق (عليه السلام) أنّه قال:
إنّ من حقوقنا على شيعتنا أن يضعوا بعد كلّ فريضة أيديهم على أذقانهم ويقولوا ثلاث مرّات:
يا رَبَّ مُحَمَّدٍ عَجِّلْ فَرَجَ آلِ مُحَمَّدٍ، يا رَبَّ مُحَمَّدٍ إِحْفَظْ غَيْبَةَ مُحَمَّدٍ، يا رَبَّ مُحَمَّدٍ إِنْتَقِمْ لِابْنَةِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام)(٣٢٦).
٣٠) الدعاء له أرواحنا فداه بعد الصلاة المكتوبة
قال أبو جعفر الثاني (عليه السلام):
إذا انصرفت من صلاة مكتوبة فقل:
رَضيتُ بِالله رَبّاً، وَبِالْإِسْلامِ ديناً، وَبِالْقُرْآنِ كِتاباً(٣٢٧)، وَبِمُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نَبِيّاً، وَبِعَلِيٍّ وَلِيّاً، وَبِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمُوْسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَالْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَئِمَّةً.
اللّهم وَلِيُّكَ الْحُجَّةُ فَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ، وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ، وَامْدُدْ لَهُ في عُمْرِهِ، وَاجْعَلْهُ الْقائِمَ بِأَمْرِكَ، اَلْمُنْتَصِرَ لِدينِكَ، وَأَرِهِ ما يُحِبُّ وَتَقِرُّ بِهِ عَيْنُهُ في نَفْسِهِ وَفي ذُرِّيَّتِهِ، وَأَهْلِهِ وَمالِهِ، وَفي شيعَتِهِ وَفي عَدُوِّهِ، وَأَرِهِمْ مِنْهُ ما يَحْذَرُونَ، وَأَرِهِ فيهِمْ ما يُحِبُّ(٣٢٨) وَتَقِرُّ بِهِ عَيْنُهُ، وَاشْفِ بِهِ صُدُورَنا وَصُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنينَ(٣٢٩).
وهذا الحديث يدلّ على تأكّد الدعاء لفرج مولانا الحجّة صلوات الله عليه، بعد كلّ صلاة مكتوبة(٣٣٠).
٣١) دعاء يقرأ بعد الصلاة لا يتحقّق مضمونها إلاّ في عصر الظهور
عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه قال:
إنّ من حقّنا على أوليائنا وأشياعنا، أن لا ينصرف الرجل منهم من صلاته، حتّى يدعو بهذا الدّعاء، وهو:
اللّهم إِنّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ(٣٣١) الْعَظيمِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ صَلاةً تامَّةً دائِمَةً، وَأَنْ تَدْخُلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمُحِبّيهِمْ وَأَوْلِيائِهِمْ، حَيْثُ كانُوا في سَهْلٍ أَوْ جَبَلٍ، أَوْ بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ، مِنْ بَرَكَةِ دُعائي ما تُقِرُّ بِهِ عُيُونَهُمْ.
إِحْفَظْ يا مَوْلايَ الْغائِبينَ مِنْهُمْ، وَارْدُدْهُمْ إِلى أَهاليهِمْ سالِمينَ، وَنَفِّسْ عَنِ الْمَهْمُومينَ، وَفَرِّجْ عَنِ الْمَكْرُوبينَ، وَاكْسُ الْعارينَ، وَأَشْبِعِ الْجائِعينَ، وَارْوِ الظَّامِئينَ، وَاقْضِ دَيْنَ الْغارِمينَ(٣٣٢)، وَزَوِّجِ الْعازِبينَ، وَاشْفِ [مَرْضَى الْمُسْلِمينَ(٣٣٣)]، وَأَدْخِلْ عَلَى الْأَمْواتِ ما تُقِرُّ بِهِ عُيُونَهُمْ، وَانْصُرِ الْمَظْلُومينَ مِنْ أَوْلِياءِ آلِ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِمُ السَّلامُ)، وَاطْفِ نائِرَةَ(٣٣٤) الْمُخالِفينَ.
اللّهم وَضاعِفْ لَعْنَتَكَ(٣٣٥) وَبَأْسَكَ وَنَكالَكَ وَعَذابَكَ عَلَى اللَّذَيْنِ كَفَرا نِعْمَتَكَ، وَخَوَّفا(٣٣٦) رَسُولَكَ، وَاتَّهَما نَبِيَّكَ وَبايَناهُ(٣٣٧)، وَحَلّا عَقْدَهُ في وَصْيِّهِ، وَنَبَذا عَهْدَهُ في خَليفَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَادَّعَيا مَقامَهُ، وَغَيَّرا أَحْكامَهُ، وَبدَّلا سُنَّتَهُ، وَقَلَّبا دينَهُ، وَصَغَّرا قَدْرَ حُجَجِكَ(٣٣٨)، وَبَدَءا بِظُلْمِهِمْ، وَطَرَّقا طَريقَ الْغَدَرِ عَلَيْهِمْ، وَالْخِلافِ عَنْ أَمْرِهِمْ، وَالْقَتْلِ لَهُمْ، وَإِرْهاجِ(٣٣٩) الْحُرُوبِ عَلَيْهِمْ، وَمَنَعا خَليفَتَكَ مِنْ سَدِّ الثُّلَّمِ، وَتَقْويمِ الْعِوَجِ، وَتَثْقيفِ الْأَوَدِ(٣٤٠)، وَإِمْضاءِ الْأَحْكامِ، وَإِظْهارِ دينِ الْإِسْلامِ، وَإِقامَةِ حُدُودِ الْقُرْآنِ.
اللّهم الْعَنْهُما وَابْنَتَيْهِما، وَكُلَّ مَنْ مالَ مِيْلَهُمْ، وَحَذا حَذْوَهُمْ، وَسَلَكَ طَريقَتَهُمْ، وَتَصْدُرَ(٣٤١) بِبِدْعَتِهِمْ، لَعْناً لا يَخْطُرُ عَلى بالٍ، وَيَسْتَعيذَ مِنْهُ أَهْلُ النَّارِ. إِلْعَنِ اللّهم مَنْ دانَ بِقَوْلِهِمْ، وَاتَّبَعَ أَمْرَهُمْ، وَدَعا إِلى وِلايَتِهِمْ، وَشَكَّ في كُفْرِهِمْ، مِنَ الْأَوَّلينَ وَالْآخِرينَ. ثمّ ادع بما شئت(٣٤٢).
٣٢) دعاء منقول عنه صلوات الله عليه في رفع الحوائج
قال السيّد الأجلّ الميرداماد (رحمه الله): مرويّ عن صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه؛ من كانت له حاجة عظيمة، فعليه قراءة هذا الدعاء بعد صلواته اليوميّة اُسبوعاً كاملة، فيستجاب دعائه يقيناً.
إِلهي بِحَقِّ الْخَمْسَةِ رَسُولِكَ، وَعَلِيٍّ وَصِيِّ رَسُولِكَ، وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سِبْطَيْ رَسُولِكَ، وَبِعِزَّةِ جَلالِ وَجْهِكَ الْكَريمِ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَجْعَلَ لي مِمَّا أَنَا فيهِ فَرَجاً وَمَخْرَجاً، بِرَحْمَتِكَ الَّتي لا تَضيقُ مِنْ شيء، وَبِقُدْرَتِكَ الَّتي لا يَتَلَكَّأُ مِنْ إِجابَتِها شيء فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ تَضايُقي تَنْفَرجي، حين قوله تضايقي ينضمّ أصابعه، وحين قوله تنفرجي يفتحها ثلاث مرّات ويقول:
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِالله الْعَلِيِّ الْعَظيمِ. اللّهم إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعينُ. اللّهم كُفَّ عَنّي بَأْسَ الَّذينَ كَفَرُوا، فَإِنَّكَ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكيلاً.
للمداومة على هذا الدعاء لكلّ أمر صعب بعد الصلاة أو أيّ وقت شاء الداعي أثر كلّي، ويصل إلى حاجته بسهولة(٣٤٣).
٣٣) دعاءٌ يقرأ في تعقيب الفرائض يوجب التشرّف
روي أنّ من دعا بهذا الدعاء عقيب كلّ فريضة، وواظب على ذلك، عاش حتّى يملّ الحياة، ويتشرّف بلقاء صاحب الأمر (عجّل الله فرجه)، وهو:
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، اللّهم إنَّ رَسُولَكَ الصَّادِقَ الْمُصَدَّقَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ قالَ إِنَّكَ قُلْتَ ما تَرَدَّدْتُ في شيء أَنَا فاعِلُهُ كَتَرَدُّدي في قَبْضِ رُوحِ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَساءَتَهُ.
اللّهم فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ لِوَلِيِّكَ الْفَرَجَ، وَالنَّصْرَ وَالْعافِيَةَ، وَلا تَسُؤْني في نَفْسي(٣٤٤)، وَلا في فُلانٍ.
قال: وتذكر من شئت(٣٤٥).
قال في مكيال المكارم: بيان: قوله: ما تردّدت في شيء أنا فاعله... إلخ، فقد ورد مثله في روايات عديدة مرويّة في اُصول الكافي وغيره.
قال الشيخ البهائيّ (رحمه الله) في شرح الأربعين: ما تضمّنه هذا الحديث من نسبة التردّد إليه سبحانه يحتاج إلى التأويل، وفيه وجوه:
الأوّل: أنّ في الكلام إضماراً، والتقدير: لو جاز عليّ التردّد ما تردّدت في شيء كتردّدي في وفاة المؤمن.
الثاني: أنّه لمّا جرت العادة بأن يتردّد الشخص في مساءة من يحترمه، ويوقّره كالصديق الوفيّ، والخلّ الصفّي، وأن لا يتردّد في مساءة من ليس له عنده قدر ولا حرمة، كالعدوّ والحيّة والعقرب، بل إذا خطر بالبال مساءته، أوقعها من غير تردّد ولا تأمّل، صحّ أن يعبّر بالتردّد والتأمّل في مساءة الشخص عن توقيره واحترامه وبعدمهما عن إذلاله واحتقاره.
قوله سبحانه: ما تردّدت في شيء أنا فاعله كتردّدي في وفاة المؤمن، المراد به - والله أعلم - ليس لشيء من مخلوقاتي عندي قدر وحرمة كقدر عبدي المؤمن وحرمته، فالكلام من قبيل الاستعارة التمثيليّة.
الثالث: أنّه قد ورد في الحديث من طرق الخاصّة والعامّة: أنّ الله سبحانه يظهر للعبد المؤمن عند الاحتضار من اللّطف والكرامة والبشارة بالجنّة ما يزيل عنه كراهة الموت، ويوجب رغبته في الانتقال إلى دار القرار، فيقلّ تأذّيه به، ويصير راضياً بنزوله، راغباً في حصوله، فاشتبهت هذه المعاملة، معاملة من يريد أن يؤلم حبيبه لما يتعقّبه نفع عظيم، فهو يتردّد في أنّه كيف يوصل ذلك الألم إليه على وجه يقلّ تأذّيه به، فلايزال يظهر له ما يرغّبه فيما يتعقّبه من الله من اللذّة الجسميّة، والراحة العظيمة إلى أن يتلقّاه بالقبول، ويعده من الغنائم المؤدّية إلى إدراك المأمول، إنتهى كلامه، رفع مقامه(٣٤٦).
٣٤) دعاء الرؤية
عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال:
من قرأ بعد كلّ فريضة هذا الدعاء، فإنّه يرى الإمام م ح م د بن الحسن عليه وعلى آبائه السلام في اليقظة أو في المنام.
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
اللّهم بَلِّغْ مَوْلانا(٣٤٧) صاحِبَ الزَّمانِ، أَيْنَما كانَ وَحَيْثُما كانَ، مِنْ مَشارِقِ الْأَرْضِ وَمَغارِبِها، سَهْلِها وَجَبَلِها، عَنّي وَعَنْ والِدَيَّ، وَعَنْ وُلْدي وإِخْوانِي التَّحِيَّةَ وَالسَّلامَ عَدَدَ خَلْقِ الله، وَزِنَةَ عَرْشِ الله، وَما أَحْصاهُ كِتابُهُ، وَأَحاطَ عِلْمُهُ.
اللّهم إِنّي اُجَدِّدُ لَهُ في صَبْيحَةِ هذَا الْيَوْمِ، وَما عِشْتُ فيهِ مِنْ أَيَّامِ حَياتي، عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً لَهُ في عُنُقي، لا أَحُولُ عَنْها وَلا أَزُولُ. اللّهم اجْعَلْني مِنْ أَنْصارِهِ(٣٤٨) وَنُصَّارِهِ الذَّابّينَ عَنْهُ، وَالْمُمْتَثِلينَ لِأَوامِرِهِ وَنَواهيهِ في أَيَّامِهِ، وَالْمُسْتَشْهَدينَ بَيْنَ يَدَيْهِ.
اللّهم فَإِنْ حالَ بَيْني وَبَيْنَهُ الْمَوْتُ، اَلَّذي جَعَلْتَهُ عَلى عِبادِكَ حَتْماً مَقْضِيّاً فَأَخْرِجْني مِنْ قَبْري مُؤْتَزِراً كَفَني، شاهِراً سَيْفي، مُجَرِّداً قَناتي، مُلَبِّياً دَعْوَةَ الدَّاعي فِي الْحاضِرِ وَالْبادي.
اللّهم أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشيدَةَ وَالْغُرَّةَ(٣٤٩) الْحَميدَةَ، وَاكْحُلْ بَصَري بِنَظْرَةٍ مِنّي إِلَيْهِ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُ، وَسَهِّلْ مَخْرَجَهُ. اللّهم اشْدُدْ أَزْرَهُ، وَقَوِّ ظَهْرَهُ، وَطَوِّلْ عُمْرَهُ، وَاعْمُرِ اللّهم بِهِ بِلادَكَ، وَأَحْيِ بِهِ عِبادَكَ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ «ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ»(٣٥٠)، فَأَظْهِرِ اللّهم لَنا وَلِيَّكَ وَابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكَ، اَلْمُسَمَّى بِاسْمِ رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، حَتَّى لا يَظْفَرَ بِشيء مِنَ الْباطِلِ إِلّا مَزَّقَهُ، وَيُحِقَّ الله الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيُحَقِّقَهُ.
اللّهم اكْشِفْ هذِهِ الْغُمَّةَ عَنْ هذِهِ(٣٥١) الْاُمَّةِ بِظُهُورِهِ، إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعيداً، وَنَراهُ قَريباً، وَصَلَّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ(٣٥٢).
٣٥) الدعاء لظهوره أرواحنا فداه في عقيب الركعتين الاُوليين من صلاة الليل
قال الشيخ الطوسي (رحمه الله): يستحبّ أن يدعو(٣٥٣) عقيب هاتين الرّكعتين بهذا الدعاء:
اللّهم إِنّي أَسْأَلُكَ وَلَمْ يُسْأَلْ مِثْلُكَ، أَنْتَ مَوْضِعُ مَسْأَلَةِ السَّائِلينَ وَمُنْتَهى رَغْبَةِ الرَّاغِبينَ، أَدْعُوكَ وَلَمْ يُدْعَ مِثْلُكَ، وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ وَلَمْ يُرْغَبْ إِلى مِثْلِكَ، أَنْتَ مُجيبُ دَعْوَةِ الْمُضْطَرّينَ وَأَرْحَمُ الرَّاحِمينَ.
أَسْأَلُكَ بِأَفْضَلِ الْمَسائِلِ وَأَنْجَحِها وَأَعْظَمِها، يا الله يا رَحْمانُ يا رَحيمُ وَبِأَسْمائِكَ الْحُسْنى، وَأَمْثالِكَ الْعُلْيا، وَنِعَمِكَ الَّتي لا تُحْصى. وَبِأَكْرَمِ أَسْمائِكَ عَلَيْكَ، وَأَحَبِّها إِلَيْكَ، وَأَقْرَبِها مِنْكَ وَسيلَةً، وَأَشْرَفِها عِنْدَكَ مَنْزِلَةً، وأَجْزَلِها لَدَيْكَ ثَواباً، وَأَسْرَعِها فِي الْاُمُورِ إِجابَةً، وَبِاسْمِكَ الْمَكْنُونِ الْأَكْبَرِ الْأَعَزِّ الْأَجَلِّ الْأَعْظَمِ الْأَكْرَمِ، اَلَّذي تُحِبُّهُ وَتَهْواهُ، وَتَرْضى بِهِ عَمَّنْ دَعاكَ، فَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعاءَهُ، وَحَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ لا تَحْرِمَ سائِلَكَ وَلا تَرُدَّهُ.
وَبِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجيلِ وَالزَّبُورِ وَالْقُرْآنِ الْعَظيمِ، وَبِكُلِّ اسْمٍ دَعاكَ بِهِ حَمَلَةُ عَرْشِكَ وَمَلائِكَتُكَ، وَأَنْبِياؤُكَ وَرُسُلُكَ، وَأَهْلُ طاعَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُعَجِّلَ فَرَجَ وَلِيِّكَ وَابْنِ وَلِيِّكَ، وَتُعَجِّلَ خِزْيَ أَعْدائِهِ، وتدعو بما تحبّ(٣٥٤).
قال في مكيال المكارم: وجدت في كتاب جمال الصالحين زيادة في هذا الدعاء، وهي هذه: وَتَجْعَلَنا مِنْ أَصْحابِهِ وَأَنْصارِهِ، وَتَرْزُقَنا بِهِ رَجاءَنا، وَتَسْتَجيبَ بِهِ دُعاءَنا(٣٥٥).
قال الكفعمي (رحمه الله): ويستحبّ أن يدعو بهذا الدعاء بعد كلّ ركعتين من صلاة اللّيل(٣٥٦)، كما قاله الشيخ البهائي في مفتاح الفلاح(٣٥٧).
٣٦) الدعاء لظهوره صلوات الله عليه بعد الركعة الرابعة من صلاة الليل
قال الشيخ الطوسي (رحمه الله) في مصباح المتهجّد: تسجد سجدتي(٣٥٨) الشّكر بعد الركعة الرابعة من صلاة الليل، فتقول فيهما(٣٥٩) مائة مرّة: ما شاءَ الله، ما شاءَ الله، ثمّ تقول عقيب ذلك:
يا رَبِّ، أَنْتَ الله، ما شِئْتَ مِنْ أَمْرٍ يَكُونُ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ(٣٦٠) مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْ لي فيما تَشاءُ أَنْ تُعَجِّلَ فَرَجَ آلِ مُحَمَّدٍ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَتَجْعَلَ فَرَجي وَفَرَجَ إِخْواني مَقْرُوناً بِفَرَجِهِمْ، وَتَفْعَلَ بي كَذا وَكَذا، وتدعو بما تحبّ(٣٦١).
أقول: ونذكر بعض تعقيبات الصلوات في يوم الجمعة في الباب الثالث في أدعية الاُسبوع.

(٣) - في أدعية الاُسبوع

٣٧) الدعاء لظهوره أرواحنا فداه في يوم الخميس
قال السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس (رحمه الله) في جمال الاُسبوع: من وظائف يوم الخميس أنّه يستحبّ أن يصلّي فيه الإنسان على النّبيّ صلوات الله عليه وعلى آله ألف مرّة، ويستحبّ أن يقول:
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ(٣٦٢).
٣٨) الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في عصر يوم الخميس إلى آخر نهار يوم الجمعة
قال الشيخ الطوسي (رحمه الله) في مصباح المتهجّد: يستحبّ الاستكثار فيه من بعد صلاة العصر يوم الخميس إلى آخر نهار يوم الجمعة، من الصّلاة على النّبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فيقول:
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ، وَأَهْلِكْ عَدُوَّهُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، مِنَ الْأَوَّلينَ وَالْآخِرينَ.
وإن قال ذلك مائة مرّة كان له فضل كثير(٣٦٣).(٣٦٤)
قال الكفعمي (رحمه الله): يستحبّ أن يقرأ في يوم الخميس القدر ألفاً ويصلّي على النّبي وآله كذلك فيقول ما ذكرناه(٣٦٥).
٣٩) الدعاء لظهوره أرواحنا فداه في ليلة الجمعة
قال الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمة الله عليه في كتاب مختصر المصباح عند ذكر وظائف ليلة الجمعة: وتقول في الصلاة على النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ، وَأَهْلِكْ عَدُوَّهُمْ، مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، مِنَ الْأَوَّلينَ وَالْآخِرينَ، إمّا مائة مرّة، أو ما تمكّن منه(٣٦٦).
حكاية دعاء العلويّ المصريّ
قال السيّد الجليل رضيّ الدين عليّ بن طاووس في مهج الدعوات: وجدت في مجلّد عتيق ذكر كاتبه أنّ اسمه الحسين بن عليّ بن هند، وأنّه كتب في شوّال سنة ستّ وتسعين وثلاث مائة دعاء العلويّ المصريّ ممّا هذا لفظه وإسناده:
دعاء علّمه سيّدنا المؤمّل صلوات الله عليه رجلاً من شيعته وأهله في المنام، وكان مظلوماً ففرّج الله عنه، وقتل عدوّه.
حدّثني أبو علي أحمد بن محمّد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر بن محمّد العلويّ العريضيّ بحرّان، قال: حدّثني محمّد بن عليّ العلويّ الحسينيّ، وكان يسكن بمصر قال:
دهمني أمر عظيم، وهمّ شديد، من قبل صاحب مصر، فخشيته على نفسي وكان قد سعى بي إلى أحمد بن طولون، فخرجت من مصر حاجّاً، وصرت من الحجاز إلى العراق، فقصدت مشهد مولاي أبي عبد الله الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما عائذاً به، ولائذاً بقبره ومستجيراً به، من سطوة من كنت أخافه، فأقمت بالحائر خمسة عشر يوماً أدعو وأتضرّع ليلي ونهاري.
فتراءى(٣٦٧) لي قيّم الزمان ووليّ الرحمان (عليه السلام)، وأنا بين النائم واليقظان، فقال لي: يقول لك الحسين: يا بنيّ خفت فلاناً؟ فقلت: نعم أراد هلاكي، فلجأت إلى سيّدي (عليه السلام) أشكو إليه عظيم ما أراد بي.
فقال (عليه السلام): هلّا دعوت الله ربّك وربّ آبائك بالأدعية الّتي دعا بها ما سلف من الأنبياء (عليهم السلام) فقد كانوا في شدّة فكشف الله عنهم ذلك؟ قلت: وما ذا أدعوه؟
فقال (عليه السلام): إذا كان ليلة الجمعة، فاغتسل وصلّ صلاة الليل، فإذا سجدت سجدة الشكر، دعوت بهذا الدعاء، وأنت بارك على ركبتيك، فذكر لي دعاء، قال: ورأيته في مثل ذلك الوقت يأتيني وأنا بين النائم واليقظان، قال: وكان يأتيني خمس ليال متواليات يكرّر عليّ هذا القول والدعاء حتّى حفظته، وانقطع عنّي مجيئه ليلة الجمعة.
فاغتسلت وغيّرت ثيابي، وتطيّبت وصلّيت صلاة الليل، وسجدت سجدة الشكر، وجثوت على ركبتي، ودعوت الله جلّ وتعالى بهذا الدعاء، فأتاني ليلة السبت فقال لي: قد اُجيبت دعوتك يا محمّد، وقتل عدوّك عند فراغك من الدعاء عند(٣٦٨) من وشى بك إليه.
قال: فلمّا أصبحت ودّعت سيّدي، وخرجت متوجّهاً إلى مصر، فلمّا بلغت الاُردن وأنا متوجّه إلى مصر، رأيت رجلاً من جيراني بمصر وكان مؤمناً، فحدّثني أنّ خصمك قبض عليه أحمد بن طولون، فأمر به فأصبح مذبوحاً من قفاه.
قال: وذلك في ليلة الجمعة، وأمر به فطرح في النيل، وكان ذلك فيما أخبرني جماعة من أهلنا وإخواننا الشيعة أنّ ذلك كان فيما بلغهم عند فراغي من الدعاء كما أخبرني مولاي صلوات الله عليه(٣٦٩).
ثمّ ذكر له طريقاً آخر عن أبي الحسن عليّ بن حمّاد المصري قال: أخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمّد العلويّ قال: حدّثني محمّد بن عليّ العلويّ الحسينيّ المصريّ قال: أصابني غمّ شديد، ودهمني أمر عظيم، من قبل رجل من أهل بلدي من ملوكه، فخشيته خشية لم أر لنفسي منها مخلصاً.
فقصدت مشهد ساداتي وآبائي صلوات الله عليهم بالحائر لائذاً بهم، وعائذاً بقبورهم، ومستجيراً من عظيم سطوة من كنت أخافه، وأقمت بها خمسة عشر يوماً أدعو وأتضرّع ليلاً ونهاراً، فتراءى لي قائم الزمان ووليّ الرحمان عليه وعلى آبائه أفضل التحيّة والسّلام، فأتاني بين النائم واليقظان، فقال: يا بنيّ، خفت فلاناً؟
فقلت: نعم، أرادني بكَيْت وكيت، فالتجأت إلى ساداتي (عليهم السلام) أشكو إليهم ليخلّصوني منه.
فقال لي: هلّا دعوت الله ربّك وربّ آبائك بالأدعية الّتي دعا بها أجدادي الأنبياء صلوات الله عليهم، حيث كانوا في الشدّة فكشف الله (عزَّ وجلَّ) عنهم ذلك؟ قلت: وبما ذا دعوه به لأدعوه به؟
قال (عليه السلام): إذا كان ليلة الجمعة فقم فاغتسل، وصلّ صلاتك، فإذا فرغت من سجدة الشكر فقل وأنت بارك على ركبتيك، وادع بهذا الدعاء مبتهلاً.
قال: وكان يأتيني خمس ليال متواليات، يكرّر عليَّ القول وهذا الدعاء حتّى حفظته، وانقطع مجيئه ليلة الجمعة، فقمت واغتسلت وغيّرت ثيابي وتطيّبت وصلّيت ما وجب عليّ من صلاة الليل، وجثوت على ركبتي، فدعوت الله تعالى بهذا الدعاء، فأتاني (عليه السلام) ليلة السبت، كهيئته الّتي يأتيني.
فقال لي: قد اُجيبت دعوتك يا محمّد، وقتل عدوّك، وأهلكه الله (عزَّ وجلَّ) عند فراغك من الدعاء.
قال: فلمّا أصبحت لم يكن لي همة غير وداع ساداتي صلوات الله عليهم والرحلة نحو المنزل الّذي هربت منه، فلمّا بلغت بعض الطريق إذا رسول أولادي وكتبهم بأنّ الرجل الّذي هربت منه، جمع قوماً واتّخذ لهم دعوة، فأكلوا وشربوا وتفرّق القوم ونام هو وغلمانه في المكان، فأصبح الناس ولم يسمع له حسٌّ، فكشف عنه الغطاء، فإذا به مذبوحاً من قفاه، ودماؤه تسيل، وذلك في ليلة الجمعة، ولا يدرون من فعل به ذلك؟ ويأمرونني بالمبادرة نحو المنزل.
فلمّا وافيت إلى المنزل، وسألت عنه وفي أيِّ وقت كان قتله، فإذا هو عند فراغي من الدعاء(٣٧٠). وهذا الدّعاء:
٤٠) دعاء العلويّ المصريّ للإمام المهديّ أرواحنا فداه يقرأ في الشدائد
رَبِّ مَنْ ذَا الَّذي دَعاكَ فَلَمْ تُجِبْهُ، وَمَنْ ذَا الَّذي سَأَلَكَ فَلَمْ تُعْطِهِ، وَمَنْ ذَا الَّذي ناجاكَ فَخَيَّبْتَهُ، أَوْ تَقَرَّبَ إِلَيْكَ فَأَبْعَدْتَهُ.
وَرَبِّ هذا فِرْعَوْنُ ذُوا الْأَوْتادِ، مَعَ عِنادِهِ وَكُفْرِهِ وَعُتُوِّهِ وَإِذْعانِهِ الرُّبُوبِيَّةَ لِنَفْسِهِ، وَعِلْمِكَ بِأَنَّهُ لا يَتُوبُ، وَلا يَرْجِعُ وَلا يَئُوبُ، وَلا يُؤْمِنُ وَلا يَخْشَعُ، اِسْتَجَبْتَ لَهُ دُعاءَهُ، وَأَعْطَيْتَهُ سُؤْلَهُ، كَرَماً مِنْكَ وَجُوداً، وَقِلَّةَ مِقْدارٍ لِما سَأَلَكَ عِنْدَكَ، مَعَ عِظَمِهِ عِنْدَهُ، أَخْذاً بِحُجَّتِكَ عَلَيْهِ، وَتَأْكيداً لَها حينَ فَجَرَ وَكَفَرَ، وَاسْتَطالَ عَلى قَوْمِهِ وَتَجَبَّرَ، وَبِكُفْرِهِ عَلَيْهِمُ افْتَخَرَ، وَبِظُلْمِهِ لِنَفْسِهِ تَكَبَّرَ، وَبِحِلْمِكَ عَنْهُ اسْتَكْبَرَ، فَكَتَبَ وَحَكَمَ عَلى نَفْسِهِ جُرْأَةً مِنْهُ، أَنَّ جَزاءَ مِثْلِهِ أَنْ يُغْرَقَ فِي الْبَحْرِ، فَجَزَيْتَهُ بِما حَكَمَ بِهِ عَلى نَفْسِهِ.
إِلهي وَأَنَا عَبْدُكَ، اِبْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، مُعْتَرِفٌ لَكَ بِالْعُبُودِيَّةِ، مُقِرٌّ بِأَنَّكَ أَنْتَ الله خالِقي، لا إِلهَ لي غَيْرُكَ، وَلا رَبَّ لي سِواكَ، مُوقِنٌ بِأَنَّكَ أَنْتَ الله رَبّي، وَإِلَيْكَ مَرَدّي وَإِيابي، عالِمٌ بِأَنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَديرٌ، تَفْعَلُ ما تَشاءُ وَتَحْكُمُ ما تُريدُ، لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِكَ، وَلا رادَّ لِقَضائِكَ، وَأَنَّكَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ، لَمْ تَكُنْ مِنْ شيء، وَلَمْ تَبِنْ عَنْ شيء، كُنْتَ قَبْلَ كُلِّ شيء، وَأَنْتَ الكائِنُ بَعْدَ كُلِّ شيء، وَالْمُكَوِّنُ لِكُلِّ شيء، خَلَقْتَ كُلَّ شيء بِتَقْديرٍ، وَأَنْتَ السَّميعُ الْبَصيرُ.
وَأَشْهَدُ أَنَّكَ كَذلِكَ كُنْتَ وَتَكُونُ، وَأَنْتَ حَيٌّ قَيُّومٌ، لا تَأْخُذُكَ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ، وَلا تُوصَفُ بِالْأَوْهامِ، وَلا تُدْرَكُ بِالْحَواسِّ، وَلا تُقاسُ بِالْمِقْياسِ، وَلا تُشَبَّهُ بِالنَّاسِ، وَأَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ عَبيدُكَ وَإِماؤُكَ، أَنْتَ الرَّبُّ وَنَحْنُ الْمَرْبُوبُونَ، وَأَنْتَ الْخالِقُ وَنَحْنُ الْمَخْلُوقُونَ، وَأَنْتَ الرَّازِقُ وَنَحْنُ الْمَرْزُوقُونَ.
فَلَكَ الْحَمْدُ يا إِلهي، إِذْ خَلَقْتَني بَشَراً سَوِيّاً، وَجَعَلْتَني غَنِيّاً مَكْفِيّاً، بَعْدَ ما كُنْتُ طِفْلاً صَبِيّاً، تَقُوتُني مِنَ الثَّدْيِ لَبَناً مَريئاً، وَغَذَّيْتَني غَذاءً طَيِّباً هَنيئاً، وَجَعَلْتَني ذَكَراً مِثالاً سَوِيّاً.
فَلَكَ الْحَمْدُ حَمْداً إِنْ عُدَّ لَمْ يُحْصَ، وإِنْ وُضِعَ لَمْ يَتَّسِعْ لَهُ شيء، حَمْداً يَفُوقُ عَلى جَميعِ حَمْدِ الْحامِدينَ، وَيَعْلُو عَلى حَمْدِ كُلِّ شيء، وَيَفْخُمُ وَيَعْظُمُ عَلى ذلِكَ كُلِّهِ، وَكُلَّما حَمِدَ الله شيء.
وَالْحَمْدُ للهِ كَما يُحِبُّ الله أَنْ يُحْمَدَ، وَالْحَمْدُ للهِ عَدَدَ ما خَلَقَ، وزِنَةَ ما خَلَقَ، وزِنَةَ أَجَلِّ ما خَلَقَ، وَبِوَزْنِ أَخَفِّ ما خَلَقَ، وَبِعَدَدِ أَصْغَرِ ما خَلَقَ.
وَالْحَمْدُ للهِ حَتَّى يَرْضى رَبُّنا وَبَعْدَ الرِّضا، وَأَسْأَلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ يَغْفِرَ لي ذَنْبي، وَأَنْ يَحْمَدَ لي أَمْري، وَيَتُوبَ عَلَيَّ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ.
إِلهي وإِنّي أَنَا أَدْعُوكَ وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ صَفْوَتُكَ أَبُونا آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَهُوَ مُسيء ظالِمٌ حينَ أَصابَ الْخَطيئَةَ، فَغَفَرْتَ لَهُ خَطيئَتَهُ، وَتُبْتَ عَلَيْهِ، وَاسْتَجَبْتَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَغْفِرَ لي خَطيئَتي وَتَرْضى عَنّي، فَإِنْ لَمْ تَرْضَ عَنّي فَاعْفُ عَنّي، فَإِنّي مُسيء ظالِمٌ خاطِئٌ عاصٍ، وَقَدْ يَعْفُو السَّيِّدُ عَنْ عَبْدِهِ، وَلَيْسَ بِراضٍ عَنْهُ، وَأَنْ تُرْضِيَ عَنّي خَلْقَكَ، وَتُميطَ عَنّي حَقَّكَ.
إِلهي وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ إِدْريسُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَجَعَلْتَهُ صِدّيقاً نَبِيّاً، وَرَفَعْتَهُ مَكاناً عَلِيّاً، وَاسْتَجَبْتَ دُعاءَهُ، وَكُنْتَ مِنهُ قَريباً يا قَريبُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَجْعَلَ مَآبي إِلى جَنَّتِكَ، وَمَحَلّي في رَحْمَتِكَ، وَتُسْكِنَني فيها بِعَفْوِكَ، وَتُزَوِّجَني مِنْ حُورِها، بِقُدْرَتِكَ يا قَديرُ.
إِلهي وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ نُوحٌ، إِذْ نادى رَبَّهُ «أَنّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ»(٣٧١)، وَنَجَّيْتَهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ، فَاسْتَجَبْتَ دُعاءَهُ وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُنْجِيَني مِنْ ظُلْمِ مَنْ يُريدُ ظُلْمي، وَتَكُفَّ عَنّي بَأْسَ مَنْ يُريدُ هَضْمي، وَتَكْفِيَني شَرَّ كُلِّ سُلْطانٍ جائِرٍ، وَعَدُوٍّ قاهِرٍ، وَمُستَخِفٍّ قادِرٍ، وَجَبَّارٍ عَنيدٍ، وَكُلِّ شَيْطانٍ مَريدٍ، وإِنْسِيٍّ شَديدٍ، وَكَيْدِ كُلِّ مَكيدٍ، يا حَليمُ يا وَدُودُ.
إِلهي وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ صالِحٌ عَلَيْهِ السَّلامُ فَنَجَّيْتَهُ مِنَ الْخَسْفِ، وَأَعْلَيْتَهُ عَلى عَدُوِّهِ، وَاسْتَجَبْتَ دُعاءَهُ، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُخَلِّصَني مِنْ شَرِّ ما يُريدُني أَعْدائي بِهِ، وَسَعى بي حُسَّادي، وَتَكْفِيَنيهِمْ بِكِفايَتِكَ، وَتَتَوَلّاني بِوِلايَتِكَ، وَتَهْدِيَ قَلْبي بِهُداكَ، وَتُؤَيِّدَني بِتَقْواكَ، وَتُبَصِّرَني(٣٧٢) بِما فيهِ رِضاكَ، وَتُغْنِيَني بِغِناكَ يا حَليمُ.
إِلهي وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ وَخَليلُكَ إِبْراهيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ، حينَ أَرادَ نُمْرُودُ إِلْقائَهُ فِي النَّارِ، فَجَعَلْتَ لَهُ النَّارَ بَرْداً وَسَلاماً، وَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعاءَهُ، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُبَرِّدَ عَنّي حَرَّ نارِكَ، وَتُطْفِئَ عَنّي لَهيبَها، وَتَكْفِيَني حَرَّها، وَتَجْعَلَ نائِرَةَ أَعْدائي في شِعارِهِمْ وَدِثارِهِمْ، وَتَرُدَّ كَيْدَهُمْ في نُحوُرِهِمْ، وَتُبارِكَ لي فيما أَعْطَيْتَنيهِ، كَما بارَكْتَ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ الْحَميدُ الْمَجيدُ.
إِلهي وَأَسأَلُكَ بِالْاِسْمِ الَّذي دَعاكَ بِهِ إِسْماعيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَجَعَلْتَهُ نَبِيّاً وَرَسُولاً، وَجَعَلْتَ لَهُ حَرَمَكَ مَنْسَكاً وَمَسْكَناً وَمَأْوىً، وَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعاءَهُ، وَنَجَّيْتَهُ مِنَ الذَّبْحِ(٣٧٣)، وَقَرَّبْتَهُ رَحْمَةً مِنْكَ، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَفْسَحَ لي في قَبْري، وَتَحُطَّ عَنّي وِزْري، وَتَشُدَّ لي أَزْري، وَتَغْفِرَ لي ذَنْبي، وَتَرْزُقَنِي التَّوْبَةَ بِحَطِّ السَّيِّئاتِ، وَتَضاعُفِ الْحَسَناتِ، وَكَشْفِ الْبَلِيَّاتِ، وَرِبْحِ التِّجاراتِ، وَدَفْعِ مَعَرَّةِ السِّعاياتِ، إِنَّكَ مُجيبُ الدَّعَواتِ، وَمُنْزِلُ الْبَرَكاتِ، وَقاضِى الْحاجاتِ، وَمُعْطِى الْخَيْراتِ، وَجَبَّارُ السَّماواتِ.
إِلهي وَأَسأَلُكَ بِما سَأَلَكَ بِهِ ابْنُ خَليلِكَ إِسْماعيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ، اَلَّذي نَجَّيْتَهُ مِنَ الذَّبْحِ، وَفَدَيْتَهُ بِذِبْحٍ عَظيمٍ، وَقَلَّبْتَ لَهُ الْمِشْقَصَ حينَ(٣٧٤) ناجاكَ مُوقِناً بِذَبْحِهِ، راضِياً بِأَمْرِ والِدِهِ، فَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعاءَهُ، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُنْجِيَني مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَبَلِيَّةٍ، وَتَصْرِفَ عَنّي كُلَّ ظُلْمَةٍ وَخيمَةٍ، وَتَكْفِيَني ما أَهَمَّني مِنْ اُمُورِ دُنْيايَ وَآخِرَتي، وَما اُحاذِرُهُ وَأَخْشاهُ، وَمِنْ شَرِّ خَلْقِكَ أَجْمَعينَ، بِحَقِّ آلِ يس.
إِلهي وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَنَجَّيْتَهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْخَسْفِ وَالْهَدْمِ وَالْمَثُلاتِ وَالشِّدَّةِ وَالْجُهْدِ، وَأَخْرَجْتَهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظيمِ، وَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعاءَهُ، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَأْذَنَ لي بِجَميعِ ما شُتِّتَ مِنْ شَمْلي، وَتُقِرَّ عَيْني بِوَلَدي وَأَهْلي وَمالي، وَتُصْلِحَ لي اُمُوري، وَتُبارِكَ لي في جَميعِ أَحْوالي، وَتُبَلِّغَني في نَفْسي آمالي، وَأَنْ تُجيرَني مِنَ النَّارِ، وَتَكْفِيَني شَرَّ الْأَشْرارِ بِالْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ، اَلْأَئِمَّةِ الْأَبْرارِ، وَنُورِ الْأَنْوارِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهِرينَ الْأَخْيارِ، اَلْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيّينَ، وَالصَّفْوَةِ الْمُنْتَجَبينَ صَلَواتُ الله عَلَيْهِمْ أَجْمَعينَ، وَتَرْزُقَني مُجالَسَتَهُمْ، وَتَمُنَّ عَلَيَّ بِمُرافَقَتِهِمْ، وَتُوَفِّقَ لي صُحْبَتَهُمْ، مَعَ أَنْبِيائِكَ الْمُرْسَلينَ، وَمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ، وَعِبادِكَ الصَّالِحينَ، وَأَهْلِ طاعَتِكَ أَجْمَعينَ، وَحَمَلَةِ عَرْشِكَ وَالْكَرُّوبيّينَ.
إِلهي وَأَسْاَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي سَأَلَكَ بِهِ يَعْقُوبُ، وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ، وَشُتِّتَ شَمْلُهُ (جَمْعُهُ)، وَفُقِدَ قُرَّةُ عَيْنِهِ ابْنُهُ، فَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعاءَهُ، وَجَمَعْتَ شَمْلَهُ، وَأَقْرَرْتَ عَيْنَهُ، وَكَشَفْتَ ضُرَّهُ، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَأْذَنَ لي بِجَميعِ ما تَبَدَّدَ مِنْ أَمْري، وَتُقِرَّ عَيْني بِوَلَدي وَأَهْلي وَمالي، وَتُصْلِحَ شَأْني كُلَّهُ، وَتُبارِكَ لي في جَميعِ أَحْوالي، وَتُبَلِّغَني في نَفْسي آمالي، وَتُصْلِحَ لي أَفْعالي، وَتَمُنَّ عَلَيَّ يا كَريمُ، يا ذَا الْمَعالي بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.
إِلهي وَأَسأَلُكَ باِسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ، وَنَجَّيْتَهُ مِنْ غَيابَتِ الْجُبِّ، وَكَشَفْتَ ضُرَّهُ، وَكَفَيْتَهُ كَيْدَ إِخْوَتِهِ، وَجَعَلْتَهُ بَعْدَ الْعُبُودِيَّةِ مَلِكاً، وَاسْتَجَبْتَ دُعاءَهُ، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَدْفَعَ عَنّي كَيْدَ كُلِّ كائِدٍ، وَشَرَّ كُلِّ حاسِدٍ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَديرٌ.
إِلهي وَأَسأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُوسَى بْنُ عِمْرانَ إِذْ قُلْتَ تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ «وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيّاً»(٣٧٥)، وَضَرَبْتَ لَهُ طَريقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً، وَنَجَّيْتَهُ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ بَني إِسْرائيلَ، وَأَغْرَقْتَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما، وَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعاءَهُ، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ، أَسأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُعيذَني مِنْ شَرِّ خَلْقِكَ، وَتُقَرِّبَني مِنْ عَفْوِكَ، وَتَنْشُرَ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ ما تُغْنيني بِهِ عَنْ جَميعِ خَلْقِكَ، وَيَكُونُ لي بَلاغاً أَنالُ بِهِ مَغْفِرَتَكَ وَرِضْوانَكَ، يا وَلِيّي وَوَلِيَّ الْمُؤْمِنينَ.
إِلهي وَأَسْأَلُكَ بِالْإِسْمِ الَّذي دَعاكَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ داوُودُ، فَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعاءَهُ، وَسَخَّرْتَ لَهُ الْجِبالَ، يُسَبِّحْنَ مَعَهُ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ، وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةٌ كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ، وَشَدَدْتَ مُلْكَهُ، وَآتَيْتَهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ، وَأَلَنْتَ لَهُ الْحَديدَ، وَعَلَّمْتَهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَهُمْ، وَغَفَرْتَ ذَنْبَهُ، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ.
أَسْاَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُسَخِّرَ لي جَميعَ اُمُوري، وَتُسَهِّلَ لي تَقْديري، وَتَرْزُقَني مَغْفِرَتَكَ وَعِبادَتَكَ، وَتَدْفَعَ عَنّي ظُلْمَ الظَّالِمينَ، وَكَيْدَ الْكائِدينَ، وَمَكْرَ الْماكِرينَ، وَسَطَواتِ الْفَراعِنَةِ الْجَبَّارينَ، وَحَسَدَ الْحاسِدينَ، يا أَمانَ الْخائِفينَ، وَجارَ الْمُسْتَجيرينَ، وَثِقَةَ الْواثِقينَ، وَذَريعَةَ الْمُؤْمِنينَ، وَرَجاءَ الْمُتَوَكِّلينَ، وَمُعْتَمَدَ الصَّالِحينَ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.
إِلهي وَأَسْاَلُكَ اللّهم بِالْإِسْمِ الَّذي سَأَلَكَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ سُلَيْمانُ بْنُ داوُودَ (عليهما السلام)، إِذْ قالَ «رَبِّ اغْفِرْ لي وَهَبْ لي مُلْكاً لا يَنْبَغي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ»(٣٧٦)، فَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعاءَهُ، وَأَطَعْتَ لَهُ الْخَلْقَ، وَحَمَلْتَهُ عَلَى الرّيحِ، وَعَلَّمْتَهُ مَنْطِقَ الطَّيْرِ، وَسَخَّرْتَ لَهُ الشَّياطينَ مِنْ كُلِّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ، وآخَرينَ مُقَرَّنينَ فِي الْأَصْفادِ، هذا عَطاؤُكَ لا عَطاءُ غَيْرِكَ، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ.
أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَهْدِيَ لي قَلْبي، وَتَجْمَعَ لي لُبّي، وَتَكْفِيَني هَمّي، وَتُؤْمِنَ خَوْفي، وَتَفُكَّ أَسْري، وَتَشُدَّ أَزْري، وَتُمْهِلَني وَتُنَفِّسَني، وَتَسْتَجيبَ دُعائي، وَتَسْمَعَ نِدائي، وَلا تَجْعَلَ فِي النَّارِ مَأْوايَ، وَلَا الدُّنْيا أَكْبَرَ هَمّي، وَأَنْ تُوَسِّعَ عَلَىَّ رِزْقي، وَتُحَسِّنَ خُلْقي، وَتُعْتِقَ رَقَبَتي مِنَ النَّارِ، فَإِنَّكَ سَيِّدي وَمَوْلايَ وَمُؤَمَّلي.
إِلهي وَأَسْأَلُكَ اللّهم بِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ أَيُّوبُ، لَمَّا حَلَّ بِهِ الْبَلاءُ بَعْدَ الصِّحَّةِ، وَنَزَلَ السَّقَمُ مِنْهُ مَنْزِلَ الْعافِيَةِ، وَالضّيقُ بَعْدَ السَّعَةِ وَالْقُدْرَةِ، فَكَشَفْتَ ضُرَّهُ، وَرَدَدْتَ عَلَيْهِ أَهْلَهُ، وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ، حينَ ناداكَ، داعِياً لَكَ، راغِباً إِلَيْكَ، راجِياً لِفَضْلِكَ، شاكِياً إِلَيْكَ رَبِّ «إِنّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ»(٣٧٧) فَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعاءَهُ، وَكَشَفْتَ ضُرَّهُ، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ.
أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَكْشِفَ ضُرّي، وَتُعافِيَني في نَفْسي وَأَهْلي وَمالي وَوَلَدي وَإِخْواني فيكَ، عافِيَةً باقِيَةً شافِيَةً كافِيَةً، وافِرَةً هادِيَةً نامِيَةً، مُسْتَغْنِيَةً عَنِ الْأَطِبَّاءِ وَالْأَدْوِيَةِ، وَتَجْعَلَها شِعاري وَدِثاري، وَتُمَتِّعَني بِسَمْعي وَبَصَري، وَتَجْعَلَهُمَا الْوارِثَيْنِ مِنّي، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَديرٌ.
إِلهي وَأَسأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ يُونُسُ بْنُ مَتَّى في بَطْنِ الْحُوتِ حينَ ناداكَ في ظُلُماتٍ ثَلاثٍ «أَنْ لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ»(٣٧٨) وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ، فَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعاءَهُ، وَأَنْبَتَّ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطينٍ، وَأَرْسَلْتَهُ إِلى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزيدُونَ، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَسْتَجيبَ دُعائي، وَتُدارِكَني بِعَفْوِكَ، فَقَدْ غَرِقْتُ في بَحْرِ الظُّلْمِ لِنَفْسي، وَرَكِبَتْني مَظالِمُ كَثيرَةٌ لِخَلْقِكَ عَلَيَّ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاسْتُرْني مِنْهُمْ، وَأَعْتِقْني مِنَ النَّارِ، وَاجْعَلْني مِنْ عُتَقاءِكَ وَطُلَقائِكَ مِنَ النَّارِ، في مَقامي هذا، بِمَنِّكَ يا مَنَّانُ.
إِلهي وَأَسأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ عيسَى بْنُ مَرْيَمَ (عليهما السلام) إِذْ أَيَّدْتَهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ، وَأَنْطَقْتَهُ فِي الْمَهْدِ، فَأَحْيى بِهِ الْمَوْتى، وَأَبْرَأَ بِهِ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِكَ، وَخَلَقَ مِنَ الطّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَصارَ طائِراً بِإِذْنِكَ، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ.
أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُفَرِّغَني لِما خُلِقْتُ لَهُ، وَلا تَشْغَلَني بِما قَدْ تَكَلَّفْتَهُ لي، وَتَجْعَلَني مِنْ عُبَّادِكَ وَزُهَّادِكَ فِي الدُّنْيا، وَمِمَّنْ خَلَقْتَهُ لِلْعافِيَةِ، وَهَنَّأْتَهُ بِها مَعَ كَرامَتِكَ يا كَريمُ يا عَلِيُّ يا عَظيمُ.
إِلهي وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي دَعاكَ بِهِ آصَفُ بْنُ بَرْخِيا عَلى عَرْشِ مَلِكَةِ سَبا، فَكانَ أَقَلَّ مِنْ لَحْظَةِ الطَّرْفِ، حَتَّى كانَ مُصَوَّراً بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ «قيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ»(٣٧٩) فَاسْتَجَبْتَ دُعاءَهُ، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتُكَفِّرَ عَنّي سَيِّئاتي، وَتَقْبَلَ مِنّي حَسَناتي، وَتَقْبَلَ تَوْبَتي، وَتَتُوبَ عَلَيَّ، وَتُغْنِيَ فَقْري، وَتَجْبُرَ كَسْري، وَتُحْيِيَ فُؤادي بِذِكْرِكَ، وَتُحْيِيَني في عافِيَةٍ، وَتُميتَني في عافِيَةٍ.
إِلهي وَأَسْأَلُكَ بِالْإِسْمِ الَّذي دَعاكَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلامُ حينَ سَأَلَكَ، داعِياً لَكَ، راغِباً إِلَيْكَ، راجِياً لِفَضْلِكَ، فَقامَ فِي الْمِحْرابِ يُنادي نِداءً خَفِيّاً، فَقالَ رَبِّ «هَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُني وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً»(٣٨٠) فَوَهَبْتَ لَهُ يَحْيى، وَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعاءَهُ، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُبْقِيَ لي أَوْلادي، وَأَنْ تُمَتِّعَني بِهِمْ، وَتَجْعَلَني وَإِيَّاهُمْ مُؤْمِنينَ لَكَ، راغِبينَ في ثَوابِكَ، خائِفينَ مِنْ عِقابِكَ، راجينَ لِما عِنْدَكَ، آيِسينَ مِمَّا عِنْدَ غَيْرِكَ حَتَّى تُحْيِيَنا حَيوةً طَيِّبَةً، وَتُميتَنا ميتَةً طَيِّبَةً، إِنَّكَ فَعَّالٌ لِما تُريدُ.
إِلهي وَأَسْأَلُكَ باِلْإِسْمِ الَّذي سَأَلَتْكَ بِهِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، «إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّني مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّني مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمينَ»(٣٨١)، فَاسْتَجَبْتَ لَها دُعائَها، وَكُنْتَ مِنْها قَريباً يا قَريبُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُقِرَّ عَيْني بِالنَّظَرِ إِلى جَنَّتِكَ، وَوَجْهِكَ الْكَريمِ وَأَوْلِيائِكَ، وَتُفَرِّجَني بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَتُؤْنِسَني بِهِ وَبِآلِهِ، وَبِمُصاحَبَتِهِمْ وَمُرافَقَتِهِمْ، وَتُمَكِّنَ لي فيها، وَتُنْجِيَني مِنَ النَّارِ، وَما اُعِدَّ لِأَهْلِها مِنَ السَّلاسِلِ وَالْأَغلالِ، وَالشَّدائِدِ وَالْأَنْكالِ، وَأَنْواعِ الْعَذابِ، بِعَفْوِكَ يا كَريمُ.
إِلهي وَأَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي دَعَتْكَ بِهِ عَبْدَتُكَ وَصِدّيقَتُكَ مَرْيَمُ الْبَتُولُ وَاُمُّ الْمَسيحِ الرَّسُولِ (عليهما السلام)، إِذْ قُلْتَ «وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتينَ»(٣٨٢) فَاسْتَجَبْتَ لَها دُعائَها، وَكُنْتَ مِنْها قَريباً يا قَريبُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُحْصِنَني بِحِصْنِكَ الْحَصينِ، وَتَحْجُبَني بِحِجابِكَ الْمَنيعِ، وَتُحْرِزَني بِحِرْزِكَ الْوَثيقِ، وَتَكْفِيَني بِكِفايَتِكَ الْكافِيَةِ، مِنْ شَرِّ كُلِّ طاغٍ، وَظُلْمِ كُلِّ باغٍ، وَمَكْرِ كُلِّ ماكِرٍ، وَغَدْرِ كُلِّ غادِرٍ، وَسِحْرِ كُلِّ ساحِرٍ، وَجَوْرِ كُلِّ سُلْطانٍ جائِرٍ، بِمَنْعِكَ يا مَنيعُ.
إِلهي وَأَسْأَلُكَ بِالْإِسْمِ الَّذي دَعاكَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَصَفِيُّكَ وَخِيَرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَمينُكَ عَلى وَحْيِكَ، وَبَعيثُكَ إِلى بَرِيَّتِكَ، وَرَسُولُكَ إِلى خَلْقِكَ مُحَمَّدٌ خاصَّتُكَ وَخالِصَتُكَ، (صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ)، فَاسْتَجَبْتَ دُعاءَهُ، وَأَيَّدْتَهُ بِجُنُودٍ لَمْ يَرَوْها، وَجَعَلْتَ كَلِمَتَكَ الْعُلْيا، وَكَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفْلى، وَكُنْتَ مِنْهُ قَريباً يا قَريبُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، صلاة زاكِيَةً طَيِّبَةً، نامِيَةً باقِيَةً مُبارَكَةً، كَما صَلَّيْتَ عَلى أَبيهِمْ إِبْراهيمَ وَآلِ إِبْراهيمَ، وَبارِكْ عَلَيْهِمْ كَما بارَكْتَ عَلَيْهِمْ، وَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ كَما سَلَّمْتَ عَلَيْهِمْ، وَزِدْهُمْ فَوْقَ ذلِكَ كُلِّهِ زِيادَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَاخْلُطْني بِهِمْ، وَاجْعَلْني مِنْهُمْ، وَاحْشُرْني مَعَهُمْ، وَفي زُمْرَتِهِمْ حَتَّى تَسْقِيَني مِنْ حَوْضِهِمْ، وَتُدْخِلَني في جُمْلَتِهِمْ، وَتَجْمَعَني وَإِيَّاهُمْ، وَتُقِرَّ عَيْني بِهِمْ، وَتُعْطِيَني سُؤْلي، وَتُبَلِّغَني آمالي في ديني وَدُنْيايَ وَآخِرَتي، وَمَحْيايَ وَمَماتي، وَتُبَلِّغَهُمْ سَلامي، وَتَرُدَّ عَلَيَّ مِنْهُمُ السَّلامَ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ.
إِلهي وَأَنْتَ الَّذي تُنادي في أَنْصافِ كُلِّ لَيْلَةٍ هَلْ مِنْ سائِلٍ فَاُعْطِيَهُ، أَمْ هَلْ مِنْ داعٍ فَاُجيبَهُ، أَمْ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ، أَمْ هَلْ مِنْ راجٍ فَاُبَلِّغَهُ رَجاهُ، أَمْ هَلْ مِنْ مُؤَمِّلٍ فَاُبَلِّغَهُ أَمَلَهُ، ها أَنَا سائِلُكَ بِفِنائِكَ، وَمِسْكينُكَ بِبابِكَ، وَضَعيفُكَ بِبابِكَ، وَفَقيرُكَ بِبابِكَ، وَمُؤَمِّلُكَ بِفِنائِكَ، أَسْأَلُكَ نائِلَكَ، وَأَرْجُو رَحْمَتَكَ، وَاُؤَمِّلُ عَفْوَكَ، وَأَلْتَمِسُ غُفْرانَكَ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.
وَأَعْطِني سُؤْلي، وَبَلِّغْني أَمَلي، وَاجْبُرْ فَقْري، وَارْحَمْ عِصْياني، وَاعْفُ عَنْ ذُنُوبي، وَفُكَّ رَقَبَتي مِنَ الْمَظالِمِ لِعِبادِكَ رَكِبَتْني، وَقَوِّ ضَعْفي، وَأَعِزَّ مَسْكَنَتي، وَثَبِّتْ وَطْأَتي، وَاغْفِرْ جُرْمي، وَأَنْعِمْ بالي، وَأَكْثِرْ مِنَ الْحَلالِ مالي، وَخِرْ لي في جَميعِ اُمُوري وَأَفْعالي، وَرَضِّني بِها، وَارْحَمْني وَوالِدَيَّ وَما وَلَدا مِنَ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ، وَالْمُسْلِمينَ وَالْمُسْلِماتِ، اَلْأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْواتِ، إِنَّكَ سَميعُ الدَّعَواتِ، وَأَلْهِمْني مِنْ بِرِّهِما ما أَسْتَحِقُّ بِهِ ثَوابَكَ وَالْجَنَّةَ، وَتَقَبَّلْ حَسَناتِهِما، وَاغْفِرْ سَيِّئاتِهِما، وَاجْزِهِما بِأَحْسَنِ ما فَعَلا بي ثَوابَكَ وَالْجَنَّةَ.
إِلهي وَقَدْ عَلِمْتُ يَقيناً أَنَّكَ لا تَأْمُرُ بِالظُّلْمِ وَلا تَرْضاهُ، وَلا تَميلُ إِلَيْهِ وَلا تَهْواهُ وَلا تُحِبُّهُ وَلا تَغْشاهُ، وَتَعْلَمُ ما فيهِ هؤُلاءِ الْقَوْمُ مِنْ ظُلْمِ عِبادِكَ وَبَغْيِهِمْ عَلَيْنا، وَتَعَدّيهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلا مَعْرُوفٍ، بَلْ ظُلْماً وَعُدْواناً وَزُوراً وَبُهْتاناً، فَإِنْ كُنْتَ جَعَلْتَ لَهُمْ مُدَّةً لابُدَّ مِنْ بُلُوغِها، أَوْ كَتَبْتَ لَهُمْ آجالاً يَنالُونَها، فَقَدْ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الصِّدْقُ «يَمْحُو الله ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ اُمُّ الْكِتابِ»(٣٨٣).
فَأَنَا أَسأَلُكَ بِكُلِّ ما سَأَلَكَ بِهِ أَنْبِياءُكَ الْمُرْسَلوُنَ وَرُسُلُكَ، وَأَسأَلُكَ بِما سَأَلَكَ بِهِ عِبادُكَ الصَّالِحُونَ، وَمَلائِكَتُكَ الْمُقَرَّبُونَ، أَنْ تَمْحُوَ مِنْ اُمِّ الْكِتابِ ذلِكَ، وَتَكْتُبَ لَهُمُ الْاِضْمِحْلالَ وَالْمَحْقَ، حَتَّى تُقَرِّبَ آجالَهُمْ، وَتَقْضِيَ مُدَّتَهُمْ، وَتُذْهِبَ أَيَّامَهُمْ، وَتُبَتِّرَ أَعْمارَهُمْ، وَتُهْلِكَ فُجَّارَهُمْ، وَتُسَلِّطَ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ، حَتَّى لا تُبْقِيَ مِنْهُمْ أَحَداً، وَلا تُنَجِّيَ مِنْهُمْ أَحَداً، وَتُفَرِّقَ جُمُوعَهُمْ، وَتَكِلَّ سِلاحَهُمْ، وَتُبَدِّدَ شَمْلَهُمْ، وَتُقَطِّعَ آجالَهُمْ، وَتُقَصِّرَ أَعْمارَهُمْ، وَتُزَلْزِلَ أَقْدامَهُمْ، وَتُطَهِّرَ بِلادَكَ مِنْهُمْ، وَتُظْهِرَ عِبادَكَ عَلَيْهِمْ، فَقَدْ غَيَّروُا سُنَّتَكَ، وَنَقَضُوا عَهْدَكَ، وَهَتَكُوا حَريمَكَ، وَأَتَوْا عَلى ما نَهَيْتَهُمْ عَنْهُ، وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبيراً كَبيراً، وَضَلُّوا ضَلالاً بَعيداً.
فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأْذَنْ لِجَمْعِهِمْ بِالشَّتاتِ، وَلِحَيِّهِمْ بِالْمَماتِ، وَلِأَزْواجِهِمْ بِالنَّهَباتِ، وَخَلِّصْ عِبادَكَ مِنْ ظُلْمِهِمْ، وَاقْبِضْ أَيْدِيَهُمْ عَنْ هَضْمِهِمْ، وَطَهِّرْ أَرْضَكَ مِنْهُمْ، وَأْذَنْ بِحَصَدِ نَباتِهِمْ، وَاسْتيصالِ شافَتِهِمْ، وَشَتاتِ شَمْلِهِمْ، وَهَدْمِ بُنْيانِهِمْ، يا ذَا الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ.
وَأَسأَلُكَ يا إِلهي وإِلهَ كُلِّ شيء، وَرَبّي وَرَبَّ كُلِّ شيء، وَأَدْعُوكَ بِما دَعاكَ بِهِ عَبْداكَ وَرَسُولاكَ، وَنَبِيَّاكَ وَصَفِيَّاكَ مُوسى وَهارُونَ (عليهما السلام)، حينَ قالا، داعِيَيْنِ لَكَ، راجِيَيْنِ لِفَضْلِكَ، «رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَيوةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَليمَ»(٣٨٤)، فَمَنَنْتَ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِما بِالْإِجابَةِ لَهُما إِلى أَنْ قَرَعْتَ سَمْعَهُما بَأَمْرِكَ، فَقُلْتَ اللّهم رَبِّ «قَدْ اُجيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبيلَ الَّذينَ لا يَعْلَمُونَ»(٣٨٥).
أَنْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَطْمِسَ عَلى أَمْوالِ هؤُلاءِ الظَّلَمَةِ، وَأَنْ تَشْدُدَ عَلى قُلُوبِهِمْ، وَأَنْ تَخْسِفَ بِهِمْ بَرَّكَ، وَأَنْ تُغْرِقَهُمْ في بَحْرِكَ، فَإِنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما فيهِما لَكَ، وَأَرِ الْخَلْقَ قُدْرَتَكَ فيهِمْ، وَبَطْشَتَكَ عَلَيْهِمْ، فَافْعَلْ ذلِكَ بِهِمْ، وَعَجِّلْ لَهُمْ ذلِكَ، يا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَخَيْرَ مَنْ دُعِيَ، وَخَيْرَ مَنْ تَذَلَّلَتْ لَهُ الْوُجُوهُ، وَرُفِعَتْ إِلَيْهِ الْأَيْدي، وَدُعِيَ بِالْأَلْسُنِ، وَشَخَصَتْ إِلَيْهِ الْأَبْصارُ، وَأَمَّتْ إِلَيْهِ الْقُلُوبُ، وَنُقِلَتْ إِلَيْهِ الْأَقْدامُ، وَتُحُوكِمَ إِلَيْهِ فِي الْأَعْمالِ.
إِلهي وَأَنَا عَبْدُكَ أَسْأَلُكَ مِنْ أَسْمائِكَ بِأَبْهاها، وَكُلُّ أَسْمائِكَ بَهِيٌّ، بَلْ أَسأَلُكَ بِأَسْمائِكَ كُلِّها، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُرْكِسَهُمْ عَلى اُمِّ رُؤُوسِهِمْ في زُبْيَتِهِمْ، وَتُرْدِيَهُمْ في مَهْوى حُفْرَتِهِمْ، وَارْمِهِمْ بِحَجَرِهِمْ، وَذَكِّهِمْ بِمَشاقِصِهِمْ، وَاكْبُبْهُمْ عَلى مَناخِرِهِمْ، وَاخْنُقْهُمْ بِوَتَرِهِمْ، وَارْدُدْ كَيْدَهُمْ في نُحُورِهِمْ، وَأَوْبِقْهُمْ بِنَدامَتِهِمْ، حَتَّى يَسْتَخْذِلُوا وَيَتَضاءَلُوا بَعْدَ نِخْوَتِهِمْ، وَيَنْقَمِعُوا بَعْدَ اسْتِطالَتِهِمْ، أَذِلّاءَ مَأْسُورينَ في رِبَقِ حَبائِلِهِمْ، اَلَّتي كانُوا يُؤَمِّلُونَ أَنْ يَرَوْنا فيها، وَتُرِيَنا قُدْرَتَكَ فيهِمْ، وَسُلْطانَكَ عَلَيْهِمْ، وَتَأْخُذَهُمْ أَخْذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ، إِنَّ أَخْذَكَ الْأَليمُ الشَّديدُ، وَتَأْخُذَهُمْ يا رَبِّ أَخْذَ عَزيزٍ مُقْتَدِرٍ، فَإِنَّكَ عَزيزٌ مُقْتَدِرٌ، شَديدُ الْعِقابِ، شَديدُ المِحالِ.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ ايرادَهُمْ عَذابَكَ الَّذي أَعْدَدْتَهُ لِلظَّالِمينَ مِنْ أَمْثالِهِمْ، وَالطَّاغينَ مِنْ نُظَرائِهِمْ، وَارْفَعْ حِلْمَكَ عَنْهُمْ، وَاحْلُلْ عَلَيْهِمْ غَضَبَكَ الَّذي لا يَقُومُ لَهُ شيء، وَأْمُرْ في تَعْجيلِ ذلِكَ عَلَيْهِمْ بِأَمْرِكَ الَّذي لا يُرَدُّ وَلا يُؤَخَّرُ، فَإِنَّكَ شاهِدُ كُلِّ نَجْوى، وَعالِمُ كُلِّ فَحْوى، وَلا تَخْفى عَلَيْكَ مِنْ أَعْمالِهِمْ خافِيَةٌ، وَلا تَذْهَبُ عَنْكَ مِنْ أَعْمالِهِمْ خائِنَةٌ، وَأَنْتَ عَلّامُ الْغُيُوبِ، عالِمٌ بِما فِي الضَّمائِرِ وَالْقُلُوبِ.
وَأَسْأَلُكَ اللّهم وَاُناديكَ بِما ناداكَ بِهِ سَيِّدي، وَسَأَلَكَ بِهِ نُوحٌ، إِذْ قُلْتَ تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ «وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجيبُونَ»(٣٨٦)، أَجَلِ اللّهم يا رَبِّ أَنْتَ نِعْمَ الْمُجيبُ، وَنِعْمَ الْمَدْعُوُّ، وَنِعْمَ الْمَسْئُولُ، وَنِعْمَ الْمُعْطي، أَنْتَ الَّذي لا تُخَيِّبُ سائِلَكَ، وَلا تَرُدُّ راجِيَكَ، وَلا تَطْرُدُ الْمُلِحَّ عَنْ بابِكَ، وَلا تَرُدُّ دُعاءَ سائِلِكَ، وَلا تَمُلُّ دُعاءَ مَنْ أَمَّلَكَ، وَلا تَتَبَرَّمُ بِكَثْرَةِ حَوائِجِهِمْ إِلَيْكَ، وَلا بِقَضائِها لَهُمْ، فَإِنَّ قَضاءَ حَوائِجِ جَميعِ خَلْقِكَ إِلَيْكَ في أَسْرَعِ لَحْظٍ مِنْ لَمْحِ الطَّرْفِ، وَأَخَفُّ عَلَيْكَ، وَأَهوَنُ عِنْدَكَ مِنْ جَناحِ بَعُوضَةٍ.
وَحاجَتي يا سَيِّدي وَمَوْلايَ، وَمُعْتَمَدي وَرَجائي، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَغْفِرَ لي ذَنْبي، فَقَدْ جِئْتُكَ ثَقيلَ الظَّهْرِ بِعَظيمِ ما بارَزْتُكَ بِهِ مِنْ سَيِّئاتي، وَرَكِبَني مِنْ مَظالِمِ عِبادِكَ ما لا يَكْفيني، وَلا يُخَلِّصُني مِنْها غَيْرُكَ، وَلا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلا يَمْلِكُهُ سِواكَ، فَامْحُ يا سَيِّدي كَثْرَةَ سَيِّئاتي بِيَسيرِ عَبَراتي، بَلْ بِقَساوَةِ قَلْبي، وَجُمُودِ عَيْني، لا بَلْ بِرَحْمَتِكَ الَّتي وَسِعَتْ كُلَّ شيء، وَأَنَا شيء، فَلْتَسَعْني رَحْمَتُكَ، يا رَحْمانُ يا رَحيمُ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.
لا تَمْتَحِنّي في هذِهِ الدُّنْيا بِشيء مِنَ الْمِحَنِ، وَلا تُسَلِّطْ عَلَيَّ مَنْ لا يَرْحَمُني، وَلا تُهْلِكْني بِذُنُوبي، وَعَجِّلْ خَلاصي مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَادْفَعْ عَنّي كُلَّ ظُلْمٍ، وَلا تَهْتِكْ سَتْري، وَلا تَفْضَحْني يَوْمَ جَمْعِكَ الْخَلائِقَ لِلْحِسابِ، يا جَزيلَ الْعَطاءِ وَالثَّوابِ.
أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُحْيِيَني حَيوةَ السُّعَداءِ، وَتُميتَني ميتَةَ الشُّهَداءِ، وَتَقْبَلَني قَبُولَ الْأَوِدَّاءِ، وَتَحْفَظَني في هذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ، مِنْ شَرِّ سَلاطينِها وَفُجَّارِها، وَشِرارِها وَمُحِبّيها، وَالْعامِلينَ لَها وَما فيها، وَقِني شَرَّ طُغاتِها وَحُسَّادِها، وَباغي الشِّرْكِ فيها.
حَتَّى تَكْفِيَني مَكْرَ الْمَكَرَةِ، وَتَفْقَأَ عَنّي أَعْيُنَ الْكَفَرَةِ، وَتُفْحِمَ عَنّي أَلْسُنَ الْفَجَرَةِ، وَتَقْبِضَ لي عَلى أَيْدِي الظَّلَمَةِ، وَتُوهِنَ عَنّي كَيْدَهُمْ، وَتُميتَهُمْ بِغَيْظِهِمْ، وَتَشْغَلَهُمْ بِأَسْماعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأَفْئِدَتِهِمْ، وَتَجْعَلَني مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ في أَمْنِكَ وَأَمانِكَ، وَحِرْزِكَ وَسُلْطانِكَ، وَحِجابِكَ وَكَنَفِكَ، وَعِياذِكَ وَجارِكَ، وَمِنْ جارِ السُّوءِ وَجَليسِ السُّوءِ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَديرٌ، «إِنَّ وَلِيِّيَ الله الَّذي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحينَ»(٣٨٧).
اللّهم بِكَ أَعُوذُ، وَبِكَ أَلُوذُ، وَلَكَ أَعْبُدُ، وَإِيَّاكَ أَرْجُو، وَبِكَ أَسْتَعينُ، وَبِكَ أَسْتَكْفي، وَبِكَ أَسْتَغيثُ، وَبِكَ أَسْتَنْقِذُ، وَمِنْكَ أَسْئَلُ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَلا تَرُدَّني إِلّا بِذَنْبٍ مَغْفُورٍ، وَسَعْيٍ مَشْكُورٍ، وَتِجارَةٍ لَنْ تَبُورَ، وَأَنْ تَفْعَلَ بي ما أَنْتَ أَهْلُهُ، وَلا تَفْعَلَ بي ما أَنَا أَهْلُهُ، فَإِنَّكَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ، وَأَهْلُ الْفَضْلِ وَالرَّحْمَةِ.
إِلهي وَقَدْ أَطَلْتُ دُعائي، وَأَكْثَرْتُ خِطابي، وَضيقُ صَدْري حَداني عَلى ذلِكَ كُلِّهِ، وَحَمَلَني عَلَيْهِ، عِلْماً مِنّي بِأَنَّهُ يُجْزيكَ مِنْهُ قَدْرُ الْمِلْحِ فِي الْعَجينِ، بَلْ يَكْفيكَ عَزْمُ إِرادَةٍ وَأَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ بِنِيَّةٍ صادِقَةٍ وَلِسانٍ صادِقٍ يا رَبِّ، فَتَكُونَ عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِكَ بِكَ، وَقَدْ ناجاكَ بِعَزْمِ الْإِرادَةِ قَلْبي، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تُقْرِنَ دُعائي بِالْإِجابَةِ مِنْكَ، وَتُبَلِّغَني ما أَمَّلْتُهُ فيكَ، مِنَّةً مِنْكَ وَطَوْلاً، وَقُوَّةً وَحَوْلاً، لا تُقيمُني مِنْ مَقامي هذا إِلّا بِقَضاءِ جَميعِ ما سَأَلْتُكَ، فَإِنَّهُ عَلَيْكَ يَسيرٌ، وَخَطَرَهُ عِنْدي جَليلٌ كَثيرٌ، وَأَنْتَ عَلَيْهِ قَديرٌ، يا سَميعُ يا بَصيرُ.
إِلهي وَهذا مَقامُ الْعائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَالْهارِبِ مِنْكَ إِلَيْكَ، مِنْ ذُنُوبٍ تَهَجَّمَتْهُ، وَعُيُوبٍ فَضَحَتْهُ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَانْظُرْ إِلَيَّ نَظْرَةً رَحيمَةً أَفُوزُ بِها إِلى جَنَّتِكَ، وَاعْطِفْ عَلَيَّ عَطْفَةً أَنْجُو بِها مِنْ عِقابِكَ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ لَكَ وَبِيَدِكَ، وَمَفاتيحَهُما وَمَغاليقَهُما إِلَيْكَ، وَأَنْتَ عَلى ذلِكَ قادِرٌ، وَهُوَ عَلَيْكَ هَيِّنٌ يَسيرٌ، فَافْعَلْ بي ما سَأَلْتُكَ يا قَديرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِالله الْعَلِيِّ الْعَظيم، وَحَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الْوَكيلُ، نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصيرُ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلَّى الله عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ.
قال عليّ بن حماد: أخذت هذا الدعاء من أبي الحسن عليّ العلويّ العريضي واشترط عليَّ أن لا أبذله لمخالف، ولا اُعطيه إلّا لمن أعلم مذهبه، وإنّه من أولياء آل محمّد (عليهم السلام)، وكان عندي أدعو به وإخوتي، ثمّ قدم علي إلى البصرة بعض قضاة الأهواز، وكان مخالفاً، وله علي أياد، وكنت أحتاج إليه في بلده وأنزل عليه، فقبض عليه السلطان فصادره وأخذ خطّه بعشرين ألف درهم، فرققت له ورحمته ودفعت إليه هذا الدعاء، فدعا به، فما استتم اسبوعاً حتّى أطلقه السلطان ابتداء ولم يلزمه شيئاً ممّا أخذ خطّه، وردّه إلى بلده مكرماً، وشيّعته إلى الأبله، وعدت إلى البصرة.
فلمّا كان بعد أيّام طلبت الدعاء فلم أجده، وفتشت كتبي كلّها، فلم أر له أثراً، فطلبته من أبي المختار الحسيني، وكانت عنده نسخة بها، فلم نجده في كتبه، فلم نزل نطلبه في كتبنا فلا نجده عشرين سنة، فعلمت أنّ ذلك عقوبة من الله (عزَّ وجلَّ) لما بذلته لمخالف، فلمّا كان بعد العشرين سنة، وجدناه في كتبنا وقد فتشناها مراراً لا تحصي، فآليت على نفسي ألّا اُعطيه إلّا لمن أثق بدينه ممّن يعتقد ولاية آل الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعد أن آخذ عليه العهد ألّا يبذله إلّا لمن يستحقّه، وبالله نستعين وعليه نتوكّل(٣٨٨).
وفي كتاب جواهر المنثورة للسيّد عبد الحسيب العلوي جملات زيادة على ما في مهج الدعوات وهذه هي:
وَصَلِّ اللّهم عَلى سَيِّدِ الْأَنْبِياءِ، وَخَيْرِ الْأَوْلِياءِ، وَأَفْضَلِ الْأَصْفِياءِ، وَأَعْلَى الْأَزْكِياءِ، وَأَكْمَلِ الْأَتْقِياءِ، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشيراً وَنَذيراً، وَداعِياً إِلَى الله بِإِذْنِهِ، وَسِراجاً مُنيراً، مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفى وَآلِهِ مَفاتيحِ أَسْرارِ الْعُلى، وَمَصابيحِ أَنْوارِ التُّقى.
وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى، وَصَلِّ عَلى جَميعِ الْأَنْبِياءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَعَلى أَهْلِ طاعَتِكَ أَجْمَعينَ، مِنْ أَهْلِ السَّماواتِ وَالْأَرَضينَ، وَاخْصُصْ مُحَمَّداً بِأَفْضَلِ الصَّلاةِ وَالتَّسْليمِ. اللّهم ارْحَمْنا فيهِمْ، وَاغْفِرْ لَنا مَعَهُمْ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.
قال مؤلّف كتاب جواهر المنثورة: وجدت دعاء الّذي يذكر بعد هذا بخطّ جدّي محقّق الداماد قدّس الله تعالى روحه القدّوسيّ في آخر دعاء العلويّ المصريّ والدعاء هذا:
اللّهم بِكَ يَصُولُ الصَّائِلُ، وَبِقُدْرَتِكَ يَطُولُ الطَّائِلُ، وَلا حَوْلَ لِكُلِّ ذي حَوْلٍ إِلّا بِكَ، وَلا قُوَّةَ يَمْتازُها ذُوالْقُوَّةِ إِلّا مِنْكَ، بِصَفْوَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَعِتْرَتِهِ وَسُلالَتِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ، صَلِّ عَلَيْهِمْ وَاكْفِني شَرَّ هذَا الْيَوْمِ وَضُرَّهُ، وَارْزُقْني خَيْرَهُ وَيُمْنَهُ.
وَاقْضِ لي في مُتَصَرَّفاتي بِحُسْنِ الْعافِيَةِ، وَبُلُوغِ الْمَحَبَّةِ، وَالظَّفَرِ بِالْاُمْنِيَّةِ، وَكِفايَةِ الطَّاغِيَةِ الْمُغْوِيَةِ، وَكُلِّ ذي قُدْرَةٍ لي عَلى أَذِيَّةٍ، حَتَّى أَكُونَ في جُنَّةٍ وَعِصْمَةٍ مِنْ كُلِّ بَلاءٍ وَنِقْمَةٍ، وَأَبْدِلْني فيهِ مِنَ الْمَخاوِفِ أَمْناً، وَمِنَ الْعَوائِقِ فيهِ يُسْراً، حَتَّى لا يَصُدَّني صادٌّ عَنِ الْمُرادِ، وَلا يَحِلَّ بي طارِقٌ مِنْ أَذَى الْبِلادِ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَديرٌ، وَالْاُمُورُ إِلَيْكَ تَصيرُ، يا مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيء، وَهُوَ السَّميعُ الْبَصيرُ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ(٣٨٩).
يوم الجمعة يوم صاحب الزمان أرواحنا فداه
روى أبو سليمان بن اُورمة قال: خرجت أيّام المتوكّل إلى سرّ من رأى، فدخلت على سعيد الحاجب، ودفع المتوكّل أبا الحسن إليه ليقتله.
فلمّا دخلت عليه قال: [أ(٣٩٠)] تحبّ أن تنظر إلى إلهك؟ فقلت: سبحان الله! إلهي لا تدركه الأبصار، قال: هذا الّذي تزعمون أنّه إمامكم، قلت: ما أكره ذلك، قال: قد اُمرت بقتله وأنا فاعله غداً وعنده صاحب البريد، فإذا خرج فادخل إليه، فلم ألبث أن خرج، قال: اُدخل، فدخلت الدّار الّتي كان فيها محبوساً وإذا هو بحياله قبر محفور(٣٩١)، فدخلت وسلّمت وبكيت بكاءً شديداً.
فقال (عليه السلام):
ما يبكيك؟ قلت: لما أرى.
قال: لا تبك لذلك، لا يتمّ لهم ذلك، فسكن ما كان بي.
فقال: إنّه لا يلبث أكثر من يومين حتّى يسفك الله دمه ودم صاحبه الّذي رأيته.
قال: فوالله ما مضى غير يومين حتّى قتل. فقلت لأبي الحسن: حديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لا تعادوا الأيّام فتعاديكم؟
قال (عليه السلام): نعم، إنّ لحديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) تأويلاً؛
أمّا السّبت: فرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
والأحد: أمير المؤمنين (عليه السلام).
والإثنين: الحسن والحسين (عليهما السلام).
والثلاثاء: عليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد:.
والأربعاء: موسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وأنا عليّ بن محمّد.
والخميس: إبني الحسن.
والجمعة: القائم منّا أهل البيت(٣٩٢).
الأمر بالدعاء في خطبة صلاة الجمعة
في الوسائل: محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن بريد بن معاوية، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) في خطبة يوم الجمعة وذكر خطبة مشتملة على حمد الله والثّناء عليه والوصيّة بتقوى الله والوعظ، إلى أن قال:
واقرأ سورة من القرآن، وادع ربّك وصلّ على النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وادع للمؤمنين والمؤمنات، ثمّ تجلس قدر ما يمكن هنيئة ثمّ تقوم وتقول وذكر الخطبة الثانية، وهي مشتملة على حمد الله والثناء عليه، والوصيّة بتقوى الله، والصّلاة على محمّد وآله، والأمر بتسمية الأئمّة (عليهم السلام) إلى آخرهم والدّعاء بتعجيل الفرج - إلى أن قال: - ويكون آخر كلامه «إِنَّ الله يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسان...»(٣٩٣).
أقول: وأكثر الخطب المأثورة مشتملة على المعاني المذكورة(٣٩٤).
فضيلة دعاء الندبة
قال صدر الإسلام الهمداني أعلى الله مقامه في تكاليف الأنام: من جملة خواصّ دعاء الندبة أنّه إذا قرء في أيّ مكان مع حضور القلب والإخلاص التامّ والتوجّه إلى مضامينه العالية، يوجب جلب عناية صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه إلى ذلك الموضع بل يوجب حضوره أرواحنا فداه فيه، كما اتّفق في بعض المواضع(٣٩٥).
قال آية الله الشيخ علي أكبر النهاوندي (رحمه الله) في كتاب العبقريّ الحسان:
رأيت في ما كتبه حجّة الإسلام الحاج الشيخ مهدي من كتاب ألّفه السيّد جواد وهو من أوثق أئمّة الجماعة في أصفهان، وله مقامات عالية، وما أظلّت الخضراء على أصدق لهجة منه، أنّه كتب في كتابه: كانت قرية صالح آباد لي ولبعض شركائي، فهمَّ بعض الأفراد بغصبها، وأرسل لتصرّفها بعض الناس، ولم تنفعنا مذاكرتنا معه.
فكتبت عريضة إلى الإمام أرواحنا فداه، وألقيتها في نهر، فذهبت إلى تخت فولاد، وقرأت دعاء الندبة مع التضرّع والبكاء، وقلت كراراً: هل إليك يا بن أحمد سبيل فتلقى، فسمعت دفعة صوت رجل فرسٍ، فرأيت عرباً فارساً فنظر إليّ وغاب، فراح قلبي بتلك المشاهدة، وحصل لي الاطمئنان بإصلاح الأمر، وقد صلح أمري في ليلته الآتية بأحسن وجه، وقد رأيته صلوات الله عليه كراراً في المنام وهو بهذه الأوصاف(٣٩٦).
وقال السيّد رضا - وهو من الموثّقين من علماء أصفهان -: لكثرة القروض والفقر توسّلت إلى الأموات، وطلبت المغفرة من الله للمئتين من الأموات المؤمنين وسميّتهم بأسمائهم، ثمّ توسّلت إلى إمام العصر صلوات الله عليه، وقرأت بعض الفقرات من دعاء الندبة مثل هل إليك يا بن أحمد سبيل فتلقى، فحين قراءتي أضاء نور خاصّ حجرتي، وكان ضيائه أكثر من ضوء الشمس، وفي يومه وصل إليّ الفرج الكلّي(٣٩٧).
قال المحدّث النوري: حدّثني الثقة العدل الأمين آغا محمّد المجاور لمشهد العسكريّين (عليهما السلام) عن اُمّه وهي من الصالحات العابدات قالت:
كنت يوماً في السرداب الشريف مع أهل بيت المولى المذكور في يوم الجمعة وهو (رحمه الله) يدعو دعاء الندبة، ونتبعه في دعائه، وكان يبكي بكاء الواله الحزين، ويضجّ ضجيج المستصرخين، وكنّا نبكي ببكائه ولم يكن معنا غيرنا، فبينا نحن في هذه الحالة وإذا بشذو مسك(٣٩٨) انتشر في السرداب وملأ فضائه وهوائه، واشتدّ نفاحه بحيث ذهبت عن جميعنا تلك الحالة، فسكتنا كان على رؤوسنا الطير، ولم نقدر على حركة أو كلام، فبقينا متحيّرين إلى أن مضى زمان قليل، فذهب ما كنّا نستشمه من تلك الرائحة الطيّبة، ورجعنا إلى ما عكفنا عليه من الدعاء، فلمّا رجعنا إلى البيت وسئلت المولى (رحمه الله) عن سبب ذاك الطيب؟ فقال: ما لك والسؤال عن هذا؟ وأعرض عن جوابي.
وحدّثني الأخ الصفي والعالم الوفي مصباح السالكين الآغا علي رضا الأصفهاني أنجح الله له الأماني، قال: سئلت المولى المعظّم المتقدّم يوماً عن لقائه الحجّة (عجّل الله فرجه)، وكنت أظنّ في حقّه ذلك كشيخه الأعظم العلّامة الطباطبائي (رحمه الله) على ما تقدّم، فأجابني بتلك الواقعة حرفاً بحرف، والحمد لله أوّلاً وآخراً(٣٩٩).
٤١) دعاء الندبة في يوم الجمعة و...
قال العلّامة المجلسي (رحمه الله) في زاد المعاد: بسند معتبر عن الإمام الصادق (عليه السلام):
يستحبّ أن يقرأ دعاء الندبة في الأعياد الأربعة، يوم الجمعة، يوم عيد الفطر، يوم عيد الأضحى ويوم عيد الغدير(٤٠٠).
رواه العلّامة المجلسي (رحمه الله) في مزار البحار نقلاً عن السيّد بن طاووس (رحمه الله)، عن بعض أصحابنا قال: قال محمّد بن عليّ بن أبي قرّة: نقلت من كتاب محمّد بن الحسين بن سفيان البزوفريّ رضى الله عنه دعاء الندبة، وذكر أنّه الدعاء لصاحب الزمان صلوات الله عليه ويستحبّ أن يدعى به في الأعياد الأربعة.
وروى هذا الدعاء العالم الأجلّ المحدّث النوريّ (رحمه الله) في تحيّة الزائر عن مصباح الزائر للسيّد بن طاووس، ومزار محمّد بن المشهديّ، بالسند المذكور، ونقل أيضاً عن المزار القديم، وزاد استحبابه في ليلة الجمعة، كاستحبابه في الأعياد الأربعة(٤٠١). والدعاء:
اَلْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلَّى الله عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَآلِهِ، وَسَلَّمَ تَسْليماً.
اللّهم لَكَ الْحَمْدُ عَلى ما جَرى بِهِ قَضاؤُكَ في أَوْلِيائِكَ، اَلَّذينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَدينِكَ، إِذِ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزيلَ ما عِنْدَكَ، مِنَ النَّعيمِ الْمُقيمِ، اَلَّذي لا زَوالَ لَهُ وَلَا اضْمِحْلالَ، بَعْدَ أَنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِمُ الزُّهْدَ في دَرَجاتِ هذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ، وَزُخْرُفِها وَزِبْرِجِها، فَشَرَطُوا لَكَ ذلِكَ، وَعَلِمْتَ مِنْهُمُ الْوَفاءَ بِهِ.
فَقَبِلْتَهُمْ وَقَرَّبْتَهُمْ، وَقَدَّمْتَ لَهُمُ الذِّكْرَ الْعَلِيَّ، وَالثَّناءَ الْجَلِيَّ، وَأَهْبَطْتَ عَلَيْهِمْ مَلائِكَتَكَ، وَكَرَّمْتَهُمْ بِوَحْيِكَ، وَرَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِكَ، وَجَعَلْتَهُمُ الذَّريعَةَ إِلَيْكَ، وَالْوَسيلَةَ إِلى رِضْوانِكَ.
فَبَعْضٌ أَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ، إِلى أَنْ أَخْرَجْتَهُ مِنْها، وَبَعْضٌ حَمَلْتَهُ في فُلْكِكَ وَنَجَّيْتَهُ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ مِنَ الْهَلَكَةِ بِرَحْمَتِكَ، وَبَعْضُ نِ اتَّخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ خَليلاً، وَسَأَلَكَ لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرينَ فَأَجَبْتَهُ، وَجَعَلْتَ ذلِكَ عَلِيّاً، وَبَعْضٌ كَلَّمْتَهُ مِنْ شَجَرَةٍ تَكْليماً، وَجَعَلْتَ لَهُ مِنْ أَخيهِ رِدْءاً وَوَزيراً، وَبَعْضٌ أَوْلَدْتَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَآتَيْتَهُ الْبَيِّناتِ، وَأَيَّدْتَهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ.
وَكُلٌّ شَرَعْتَ لَهُ شَريعَةً، وَنَهَجْتَ لَهُ مِنْهاجاً(٤٠٢)، وَتَخَيَّرْتَ لَهُ أَوْصِياءَ(٤٠٣) مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظٍ، مِنْ مُدَّةٍ إِلى مُدَّةٍ، إِقامَةً لِدينِكَ، وَحُجَّةً عَلى عِبادِكَ، وَلِئَلا يَزُولَ الْحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ، وَيَغْلِبَ الْباطِلُ عَلى أَهْلِهِ، وَلا يَقُولَ أَحَدٌ لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً مُنْذِراً، وَأَقَمْتَ لَنا عَلَماً هادِياً، فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى.
إِلى أَنِ انْتَهَيْتَ بِالْأَمْرِ إِلى حَبيبِكَ وَنَجيبِكَ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله) فَكانَ كَمَا انْتَجَبْتَهُ سَيِّدَ مَنْ خَلَقْتَهُ، وَصَفْوَةَ مَنِ اصْطَفَيْتَهُ، وَأَفْضَلَ مَنِ اجْتَبَيْتَهُ، وَأَكْرَمَ مَنِ اعْتَمَدْتَهُ، قَدَّمْتَهُ عَلى أَنْبِيائِكَ، وَبَعَثْتَهُ إِلَى الثَّقَلَيْنِ مِنْ عِبادِكَ، وَأَوْطَأتَهُ مَشارِقَكَ وَمَغارِبَكَ، وَسَخَّرْتَ لَهُ الْبُراقَ، وَعَرَجْتَ بِهِ(٤٠٤) إِلى سَمائِكَ، وَأَوْدَعْتَهُ عِلْمَ ما كانَ وَما يَكُونُ، إِلَى انْقِضاءِ خَلْقِكَ، ثُمَّ نَصَرْتَهُ بِالرُّعْبِ، وَحَفَفْتَهُ بِجَبْرَئيلَ وَميكائيلَ وَالْمُسَوِّمينَ مِنْ مَلائِكَتِكَ، وَوَعَدْتَهُ أَنْ تُظْهِرَ دينَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.
وَذلِكَ بَعْدَ أَنْ بَوَّأْتَهُ مُبَوَّأَ صِدْقٍ مِنْ أَهْلِهِ، وَجَعَلْتَ لَهُ وَلَهُمْ «أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدًى لِلْعالَمينَ * فيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً»(٤٠٥)، وَقُلْتَ «إِنَّما يُريدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً»(٤٠٦).
ثُمَّ جَعَلْتَ أَجْرَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَوَدَّتَهُمْ في كِتابِكَ فَقُلْتَ «قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى»(٤٠٧)، وَقُلْتَ «ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ»(٤٠٨)، وَقُلْتَ «ما أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبيلاً»(٤٠٩)، فَكانُوا هُمُ السَّبيلَ إِلَيْكَ، وَالْمَسْلَكَ إِلى رِضْوانِكَ.
فَلَمَّا انْقَضَتْ أَيَّامُهُ أَقامَ وَلِيَّهُ عَلِيَّ بْنَ أَبي طالِبٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِما وَآلِهِما هادِياً، إِذْ كانَ هُوَ الْمُنْذِرَ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ، فَقالَ وَالْمَلَأُ أَمامَهُ مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ، اللّهم والِ مَنْ والاهُ، وَعادِ مَنْ عاداهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ.
وَقالَ مَنْ كُنْتُ أَنَا نَبِيَّهُ فَعَلِيٌّ أَميرُهُ. وَقالَ أَنَا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَةٍ واحِدَةٍ وَسائِرُ النَّاسِ مِنْ شَجَرٍ شَتَّى، وَأَحَلَّهُ مَحَلَّ هارُونَ مِنْ مُوسى، فَقالَ لَهُ أَنْتَ مِنّي بِمَنْزِلَةِ هارُونَ مِنْ مُوسى إِلّا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدي، وَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ سَيِّدَةَ نِساءِ الْعالَمينَ، وَأَحَلَّ لَهُ مِنْ مَسْجِدِهِ ما حَلَّ لَهُ، وَسَدَّ الْأَبْوابَ إِلّا بابَهُ.
ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِلْمَهُ وَحِكْمَتَهُ فَقالَ أَنَا مَدينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بابُها، فَمَنْ أَرادَ الْمَدينَةَ وَالْحِكْمَةَ فَلْيَأْتِها مِنْ بابِها، ثُمَّ قالَ أَنْتَ أَخي وَوَصِيّي وَوارِثي، لَحْمُكَ مِنْ لَحْمي، وَدَمُكَ مِنْ دَمي، وَسِلْمُكَ سِلْمي، وَحَرْبُكَ حَرْبي، وَالْإيمانُ مُخالِطٌ لَحْمَكَ وَدَمَكَ، كَما خالَطَ لَحْمي وَدَمي، وَأَنْتَ غَداً عَلَى الْحَوْضِ خَليفَتي، وَأَنْتَ تَقْضي دَيْني، وَتُنْجِزُ عِداتي، وَشيعَتُكَ عَلى مَنابِرَ مِنْ نُورٍ مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ حَوْلي فِي الْجَنَّةِ وَهُمْ جيراني.
وَلَوْلا أَنْتَ يا عَلِيُّ لَمْ يُعْرَفِ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدي، وَكانَ بَعْدَهُ هُدًى مِنَ الضَّلالِ، وَنُوراً مِنَ الْعَمى، وَحَبْلَ الله الْمَتينَ، وَصِراطَهُ الْمُسْتَقيمَ، لا يُسْبَقُ بِقَرابَةٍ في رَحِمٍ، وَلا بِسابِقَةٍ في دينٍ، وَلا يُلْحَقُ في مَنْقَبَةٍ مِنْ مَناقِبِهِ يَحْذُو حَذْوَ الرَّسُولِ صَلَّى الله عَلَيْهِما وَآلِهِما.
وَيُقاتِلُ عَلَى التَّأْويلِ، وَلا تَأْخُذُهُ فِي الله لَوْمَةُ لائِمٍ، قَدْ وَتَرَ فيهِ صَناديدَ الْعَرَبِ، وَقَتَلَ أَبْطالَهُمْ، وَناوَشَ ذُؤْبانَهُمْ، فَأَوْدَعَ قُلُوبَهُمْ أَحْقاداً بَدْرِيَّةً وَخَيْبَرِيَّةً وَحُنَيْنِيَّةً وَغَيْرَهُنَّ، فَأَضَبَّتْ عَلى عَداوَتِهِ، وَأَكَبَّتْ عَلى مُنابَذَتِهِ حَتَّى قَتَلَ النَّاكِثينَ وَالْقاسِطينَ وَالْمارِقينَ.
وَلَمَّا قَضى نَحْبَهُ وَقَتَلَهُ أَشْقَى الْآخِرينَ، يَتْبَعُ أَشْقَى الْأَوَّلينَ، لَمْ يُمْتَثَلْ أَمْرُ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله) فِي الْهادينَ بَعْدَ الْهادينَ، وَالْاُمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلى مَقْتِهِ، مُجْتَمِعَةٌ عَلى قَطيعَةِ رَحِمِهِ، وإِقْصاءِ وُلْدِهِ إِلَّا الْقَليلَ مِمَّنْ وَفى لِرِعايَةِ الْحَقِّ فيهِمْ.
فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ، وَسُبِيَ مَنْ سُبِيَ، وَاُقْصِيَ مَنْ اُقْصِيَ، وَجَرَى الْقَضاءُ لَهُمْ بِما يُرْجى لَهُ حُسْنُ الْمَثُوبَةِ، إِذْ كانَتِ الْأَرْضُ للهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ، وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقينَ، وَسُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً، وَلَنْ يُخْلِفَ الله وَعْدَهُ، وَهُوَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ.
فَعَلَى الْأَطائِبِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ صَلَّى الله عَلَيْهِما وَآلِهِما فَلْيَبْكِ الْباكُونَ، وإِيَّاهُمْ فَلْيَنْدُبِ النَّادِبُونَ، وَلِمِثْلِهِمْ فَلْتُذْرَفِ الدُّمُوعُ، وَلْيَصْرُخِ الصَّارِخُونَ، وَيَضِجَّ الضَّاجُّونَ، وَيَعِجَّ الْعاجُّونَ.
أَيْنَ الْحَسَنُ أَيْنَ الْحُسَيْنُ، أَيْنَ أَبْناءُ الْحُسَيْنِ، صالِحٌ بَعْدَ صالِحٍ، وَصادِقٌ بَعْدَ صادِقٍ، أَيْنَ السَّبيلُ بَعْدَ السَّبيلِ، أَيْنَ الْخِيَرَةُ بَعْدَ الْخِيَرَةِ، أَيْنَ الشُّمُوسُ الطَّالِعَةُ، أَيْنَ الْأَقْمارُ الْمُنيرَةُ، أَيْنَ الْأَنْجُمُ الزَّاهِرَةُ، أَيْنَ أَعْلامُ الدّينِ وَقَواعِدُ الْعِلْمِ.
أَيْنَ بَقِيَّةُ الله الَّتي لا تَخْلُو مِنَ الْعِتْرَةِ الْهادِيَةِ، أَيْنَ الْمُعَدُّ لِقَطْعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ، أَيْنَ الْمُنْتَظَرُ لِإِقامَةِ الْأَمْتِ وَالْعِوَجِ، أَيْنَ الْمُرْتَجى لِإِزالَةِ الْجَوْرِ وَالْعُدْوانِ، أَيْنَ الْمُدَّخَرُ لِتَجْديدِ الْفَرائِضِ وَالسُّنَنِ، أَيْنَ الْمُتَخَيَّرُ لِإِعادَةِ الْمِلَّةِ وَالشَّريعَةِ، أَيْنَ الْمُؤَمَّلُ لِإِحْياءِ الْكِتابِ وَحُدُودِهِ، أَيْنَ مُحْيي مَعالِمِ الدّينِ وَأَهْلِهِ.
أَيْنَ قاصِمُ شَوْكَةِ الْمُعْتَدينَ، أَيْنَ هادِمُ أَبْنِيَةِ الشِّرْكِ وَالنِّفاقِ، أَيْنَ مُبيدُ أَهْلِ الْفُسُوقِ وَالْعِصْيانِ وَالطُّغْيانِ، أَيْنَ حاصِدُ فُرُوعِ الْغَيِّ وَالشِّقاقِ، أَيْنَ طامِسُ آثارِ الزَّيْغِ وَالْأَهْواءِ. أَيْنَ قاطِعُ حَبائِلِ الْكِذْبِ وَالْاِفْتِراءِ، أَيْنَ مُبيدُ الْعُتاةِ وَالْمَرَدَةِ، أَيْنَ مُسْتَأْصِلُ أَهْلِ الْعِنادِ وَالتَّضْليلِ وَالْإِلْحادِ، أَيْنَ مُعِزُّ الْأَوْلِياءِ وَمُذِلُّ الْأَعْداءِ، أَيْنَ جامِعُ الْكَلِمَةِ عَلَى التَّقْوى.
أَيْنَ بابُ الله الَّذي مِنْهُ يُؤْتى، أَيْنَ وَجْهُ الله الَّذي إِلَيْهِ يَتَوَجَّهُ الْأَوْلِياءُ، أَيْنَ السَّبَبُ الْمُتَّصِلُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّماءِ، أَيْنَ صاحِبُ يَوْمِ الْفَتْحِ وَناشِرُ رايَةِ الْهُدى، أَيْنَ مُؤَلِّفُ شَمْلِ الصَّلاحِ وَالرِّضا.
أَيْنَ الطَّالِبُ بِذُحُولِ(٤١٠) الْأَنْبِياءِ وَأَبْناءِ الْأَنْبِياءِ، أَيْنَ الطَّالِبُ بِدَمِ الْمَقْتُولِ بِكَرْبَلاءَ أَيْنَ الْمَنْصُورُ عَلى مَنِ اعْتَدى عَلَيْهِ وَافْتَرى، أَيْنَ الْمُضْطَرُّ الَّذي يُجابُ إِذا دَعا، أَيْنَ صَدْرُ الْخَلائِقِ ذُو الْبِرِّ وَالتَّقْوى، أَيْنَ ابْنُ النَّبِيِّ الْمُصْطَفى وَابْنُ عَلِيٍّ الْمُرْتَضى وَابْنُ خَديجَةَ الْغَرَّاءِ وَابْنُ فاطِمَةَ الْكُبْرى.
بِأَبي أَنْتَ وَاُمّي وَنَفْسي لَكَ الْوِقاءُ وَالْحِمى، يا بن السَّادَةِ الْمُقَرَّبينَ، يا بن النُّجَباءِ الْأَكْرَمين، يا بن الْهُداةِ الْمَهْدِيّينَ(٤١١)، يا بن الْخِيَرَةِ الْمُهَذَّبينَ، يا بن الْغَطارِفَةِ الْأَنْجَبينَ، يا بن الْأَطائِبِ الْمُطَهَّرينَ(٤١٢)، يا بن الْخَضارِمَةِ الْمُنْتَجَبينَ، يا بن الْقَماقِمَةِ الْأَكْرَمينَ.
يا بن الْبُدُورِ الْمُنيرَةِ، يا بن السُّرُجِ الْمُضيئَةِ، يا بن الشُّهُبِ الثَّاقِبَةِ، يا بن الْأَنْجُمِ الزَّاهِرَةِ، يا بن السُّبُلِ الْواضِحَةِ، يا بن الْأَعْلامِ اللّائِحَةِ، يا بن الْعُلُومِ الْكامِلَةِ، يا بن السُّنَنِ الْمَشْهُورَةِ، يا بن الْمَعالِمِ الْمَأْثُورَةِ، يا بن الْمُعْجِزاتِ الْمَوْجُودَةِ، يا بن الدَّلائِلِ الْمَشْهُودَةِ، يا بن الصِّراطِ الْمُسْتَقيمِ، يا بن النَّبَإِ الْعَظيمِ، يا بن مَنْ هُوَ في اُمِّ الْكِتابِ لَدَى الله عَلِيٌّ حَكيمٌ.
يا بن الْآياتِ وَالْبَيِّناتِ، يا بن الدَّلائِلِ الظَّاهِراتِ، يا بن الْبَراهينِ الْواضِحاتِ الْباهِراتِ، يا بن الْحُجَجِ الْبالِغاتِ، يا بن النِّعَمِ السَّابِغاتِ، يا بن طه وَالْمُحْكَماتِ، يا بن يس وَالذَّارِياتِ، يا بن الطُّورِ وَالْعادِياتِ، يا بن مَنْ دَنى فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى دُنُوّاً وَاقْتِراباً مِنَ الْعَلِيِّ الْأَعْلى.
لَيْتَ شِعْري أَيْنَ اسْتَقَرَّتْ بِكَ النَّوى، بَلْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّكَ أَوْ ثَرى، أَبِرَضْوى أَوْ غَيْرِها أَمْ ذي طُوى، عَزيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَرَى الْخَلْقَ وَلا تُرى، وَلا أَسْمَعَ لَكَ حَسيساً وَلا نَجْوى، عَزيزٌ عَلَيَّ أَنْ تُحيطَ بِكَ دُونِيَ الْبَلْوى وَلا يَنالَكَ مِنّي ضَجيجٌ وَلا شَكْوى.
بِنَفْسي أَنْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنَّا، بِنَفْسي أَنْتَ مِنْ نازِحٍ ما نَزَحَ عَنَّا، بِنَفْسي أَنْتَ اُمْنِيَّةُ شائِقٍ يَتَمَنَّى، مِنْ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ ذَكَرا فَحَنَّا، بِنَفْسي أَنْتَ مِنْ عَقيدِ عِزٍّ لا يُسامى، بِنَفْسي أَنْتَ مِنْ أَثيلِ مَجْدٍ لا يُجارى، بِنَفْسي أَنْتَ مِنْ تِلادِ نِعَمٍ لا تُضاهى، بِنَفْسي أَنْتَ مِنْ نَصيفِ شَرَفٍ لا يُساوى.
إِلى مَتى أَحارُ فيكَ يا مَوْلايَ، وإِلى مَتى وَأَيَّ خِطابٍ أَصِفُ فيكَ وَأَيَّ نَجْوى، عَزيزٌ عَلَيَّ أَنْ اُجابَ دُونَكَ وَاُناغى، عَزيزٌ عَلَيَّ أَنْ أَبْكِيَكَ وَيَخْذُلَكَ الْوَرى، عَزيزٌ عَلَيَّ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْكَ دُونَهُمْ ما جَرى.
هَلْ مِنْ مُعينٍ فَاُطيلَ مَعَهُ الْعَويلَ وَالْبُكاءَ، هَلْ مِنْ جَزُوعٍ فَاُساعِدَ جَزَعَهُ إِذا خَلا، هَلْ قَذِيَتْ عَيْنٌ فَساعَدَتْها عَيْني عَلَى الْقَذى، هَلْ إِلَيْكَ يا بن أَحْمَدَ سَبيلٌ فَتُلْقى، هَلْ يَتَّصِلُ يَوْمُنا مِنْكَ بِغَدِهِ بِعِدَةٍ فَنَحْظى.
مَتى نَرِدُ مَناهِلَكَ الرَّوِيَّةَ فَنَرْوى، مَتى نَنْتَقِعُ مِنْ عَذْبِ مائِكَ فَقَدْ طالَ الصَّدى، مَتى نُغاديكَ وَنُراوِحُكَ فَنُقِرَّ عَيْناً، مَتى تَرانا وَنَراكَ وَقدْ نَشَرْتَ لِواءَ النَّصْرِ تُرى.
أَتَرانا نَحُفُّ بِكَ وَأَنْتَ تَاُمُّ الْمَلَأَ وَقَدْ مَلَأْتَ الْأَرْضَ عَدْلاً، وَأَذَقْتَ أَعْدائَكَ هَواناً وَعِقاباً، وَأَبَرْتَ الْعُتاةَ وَجَحَدَةَ الْحَقِّ، وَقَطَعْتَ دابِرَ الْمُتَكَبِّرينَ، وَاجْتَثَثْتَ اُصُولَ الظَّالِمينَ، وَنَحْنُ نَقُولُ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ.
اللّهم أَنْتَ كَشَّافُ الْكُرَبِ وَالْبَلْوى، وإِلَيْكَ أَسْتَعْدي فَعِنْدَكَ الْعَدْوى، وَأَنْتَ رَبُّ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيا، فَأَغِثْ يا غِياثَ الْمُسْتَغيثينَ عُبَيْدَكَ الْمُبْتَلى، وَأَرِهِ سَيِّدَهُ يا شَديدَ الْقُوى، وَأَزِلْ عَنْهُ بِهِ الْأَسى وَالْجَوى، وَبَرِّدْ غَليلَهُ يا مَنْ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى، وَمَنْ إِلَيْهِ الرُّجْعى وَالْمُنْتَهى.
اللّهم وَنَحْنُ عَبيدُكُ التَّائِقُونَ(٤١٣) إِلى وَلِيِّكَ الْمُذَكِّرِ بِكَ وَبِنَبِيِّكَ، خَلَقْتَهُ لَنا عِصْمَةً وَمَلاذاً، وَأَقَمْتَهُ لَنا قِواماً وَمَعاذاً، وَجَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنينَ مِنَّا إِماماً، فَبَلِّغْهُ مِنَّا تَحِيَّةً وَسَلاماً، وَزِدْنا بِذلِكَ يا رَبِّ إِكْراماً، وَاجْعَلْ مُسْتَقَرَّهُ لَنا مُسْتَقَرّاً وَمُقاماً، وَأَتْمِمْ نِعْمَتَكَ بِتَقْديمِكَ إِيَّاهُ أَمامَنا، حَتَّى تُورِدَنا جِنانَكَ وَمُرافَقَةَ الشُّهَداءِ مِنْ خُلَصائِكَ.
اللّهم صَلِّ عَلى حُجَّتِكَ وَوَلِيِّ أَمْرِكَ، وَصَلِّ عَلى جَدِّهِ مُحَمَّدٍ رَسُولِكَ السَّيِّدِ الْأَكْبَرِ، وَصَلِّ عَلى أَبيهِ السَّيِّدِ الْقَسْوَرِ، وَحامِلِ اللِّواءِ فِي الْمَحْشَرِ، وَساقي أَوْلِيائِهِ مِنْ نَهْرِ الْكَوْثَرِ، وَالْأَميرِ عَلى سائِرِ الْبَشَرِ، اَلَّذي مَنْ آمَنَ بِهِ فَقَدْ ظَفَرَ وَشَكَرَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ فَقَدْ خَطَرَ وَكَفَرَ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلى أَخيهِ وَعَلى نَجْلِهِمَا الْمَيامينِ الْغُرَرِ، ما طَلَعَتْ شَمْسٌ وَما أَضاءَ قَمَرٌ(٤١٤).
وَعَلى جَدَّتِهِ الصِّدّيقَةِ الْكُبْرى، فاطِمَةَ الزَّهْراءِ بِنْتِ مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفى، وَعَلى مَنِ اصْطَفَيْتَ مِنْ آبائِهِ الْبَرَرَةِ، وَعَليْهِ أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ وَأَتَمَّ وَأَدْوَمَ وَأَكْثَرَ(٤١٥) وَأَوْفَرَ ما صَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ أَصْفِيائِكَ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً لا غايَةَ لِعَدَدِها، وَلا نِهايَةَ لِمَدَدِها، وَلا نَفادَ لِأَمَدِها.
اللّهم وَأَقِمْ بِهِ الْحَقَّ، وَأَدْحِضْ بِهِ الْباطِلَ، وأَدِلْ بِهِ أَوْلِيائَكَ، وَأَذْلِلْ بِهِ أَعْداءَكَ، وَصِلِ اللّهم بَيْنَنا وَبَيْنَهُ وُصْلَةً تُؤَدّي إِلى مُرافَقَةِ سَلَفِهِ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يَأْخُذُ بِحُجْزَتِهِمْ، وَيَمْكُثُ في ظِلِّهِمْ، وَأَعِنَّا عَلى تَأْدِيَةِ حُقُوقِهِ إِلَيْهِ، وَالْاجْتِهادِ في طاعَتِهِ، وَاجْتِنابِ مَعْصِيَتِهِ.
وَامْنُنْ عَلَيْنا بِرِضاهُ، وَهَبْ لَنا رَأْفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ، وَدُعاءَهُ وَخَيْرَهُ، ما نَنالُ بِهِ سَعَةً مِنْ رَحْمَتِكَ، وَفَوْزاً عِنْدَكَ، وَاجْعَلْ صَلاتَنا بِهِ مَقْبُولَةً، وَذُنُوبَنا بِهِ مَغْفُورَةً، وَدُعاءَنا بِهِ مُسْتَجاباً، وَاجْعَلْ أَرْزاقَنا بِهِ مَبْسُوطَةً، وَهُمُومَنا بِهِ مَكْفِيَّةً، وَحَوائِجَنا بِهِ مَقْضِيَّةً، وَأَقْبِلْ إِلَيْنا بِوَجْهِكَ الْكَريمِ.
وَاقْبَلْ تَقَرُّبَنا إِلَيْكَ، وَانْظُرْ إِلَيْنا نَظْرَةً رَحيمَةً نَسْتَكْمِلُ بِهَا الْكَرامَةَ عِنْدَكَ، ثُمَّ لا تَصْرِفْها عَنَّا بِجُودِكَ، وَاسْقِنا مِنْ حَوْضِ جَدِّهِ (صلّى الله عليه وآله)، بِكَأْسِهِ وَبِيَدِهِ رَيّاً رَوِيّاً، هَنيئاً سائِغاً، لا ظَمَأَ بَعْدَهُ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ(٤١٦).
٤٢) دعاء الإمام الصادق (عليه السلام) بعد قراءة دعاء الندبة
يقرأ الإمام الصادق (عليه السلام) هذا الدعاء بعد الفراغ من دعاء الندبة، واضعاً خدّه الأيمن على الأرض:
سَيِّدي سَيِّدي، كَمْ مِنْ عَتيقٍ لَكَ، فَاجْعَلْني مِمَّنْ أَعْتَقْتَ. سَيِّدي سَيِّدي، وَكَمْ مِنْ ذَنْبٍ قَدْ غَفَرْتَ، فَاجْعَلْ ذَنْبي في مَنْ غَفَرْتَ.
سَيِّدي سَيِّدي، وَكَمْ مِنْ حاجَةٍ قَدْ قَضَيْتَ، فَاجْعَلْ حاجَتي في مَنْ(٤١٧) قَضَيْتَ. سَيِّدي سَيِّدي، وَكَمْ مِنْ كُرْبَةٍ قَدْ كَشَفْتَ، فَاجْعَلْ كُرْبَتي في ما كَشَفْتَ.
سَيِّدي سَيِّدي، وَكَمْ مِنْ مُسْتَغيثٍ قَدْ أَغَثْتَ، فَاجْعَلْني في مَنْ أَغَثْتَ. سَيِّدي سَيِّدي، وَكَمْ مِنْ دَعْوَةٍ قَدْ أَجَبْتَ، فَاجْعَلْ دَعْوَتي في ما أَجَبْتَ.
سَيِّدي سَيِّدي، إِرْحَمْ سُجُودي فِي السَّاجِدينَ، وَارْحَمْ عَبْرَتي فِي الْمُسْتَعْبِرينَ، وَارْحَمْ تَضَرُّعي في مَنْ تَضَرَّعَ مِنَ الْمُتَضَرِّعينَ.
سَيِّدي سَيِّدي، كَمْ مِنْ فَقيرٍ أَغْنَيْتَ، فَاجْعَلْ فَقْري في ما أَغْنَيْتَ. سَيِّدي سَيِّدي، إِرْحَمْ دَعْوَتي فِي الدَّاعينَ.
سَيِّدي وَإِلهي، أَسَأْتُ وَظَلَمْتُ وَعَمِلْتُ سُوءً وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبي وَبِئْسَ ما عَمِلْتُ، فَاغْفِرْ لي مَوْلايَ، أَيْ كَريمُ، أَيْ عَزيزُ، أَيْ جَميلُ، وَصَلَّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ(٤١٨).
أقول: هذا الدعاء يدلّ على أنّ دعاء الندبة، مأثور عن الإمام الصادق (عليه السلام) وإن كان وصل إلينا عن الناحية المقدّسة.
٤٣) الدعاء لتعجيل الفرج في عقيب صلاة الفجر في يوم الجمعة
قال الشيخ الكفعمي (رحمه الله) في البلد الأمين:
ويستحبّ أن يقرأ عقيب الفجر يوم الجمعة التوحيد مائة مرّة، وأن يستغفر الله مائةً، ويصلّي على النّبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مائةً فيقول:
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ(٤١٩).
٤٤) الدعاء لظهوره (عليه السلام) في يوم الجمعة
قال الشيخ الطوسي في مصباح المتهجّد: يقول إذا أراد الصّلاة على النّبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في يوم الجمعة:
اللّهم اجْعَلْ صَلاتَكَ(٤٢٠)، وَصَلَواتِ مَلائِكَتِكَ وَرُسُلِكَ، عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ.
أو يقول: اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ(٤٢١).
وقال: روي أنّه يقول مئة مرّة:
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ(٤٢٢).
٤٥) دعاءٌ آخر لظهوره أرواحنا فداه في يوم الجمعة
قال الشيخ الكفعمي (رحمه الله) في البلد الأمين: ويستحبّ أن يقرأ يوم الجمعة القدر مائة مرّة، وأن يقول:
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ ألفاً، فمائة، فعشراً، فما امكن(٤٢٣).
٤٦) دعاءٌ من قرأه عقيب الجمعة يكون من أصحاب القائم صلوات الله عليه
نقل العلاّمة المجلسي (رحمه الله) في البحار: عن مولانا جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، عن آبائه (عليهم السلام):
من قال عقيب الجمعة سبع مرّات: اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ فَرَجَ آلِ مُحَمَّدٍ، كان من أصحاب القائم (عليه السلام)(٤٢٤).
٤٧) ذكر الصلوات في ظهر يوم الجمعة لمن أراد أن يدرك صاحب الأمر صلوات الله عليه
قال السيّد الأجل عليّ بن طاووس في جمال الاُسبوع: حدّث أبو الحسين محمّد بن هارون التّلعكبري، قال: حدّثني أبي هارون بن موسى (رحمه الله) قال: حدّثنا حيدر بن محمّد بن النّعيم السمرقندي قال: حدّثنا أبو النضر محمّد بن مسعود العيّاشي، قال: حدّثنا الحسين بن إشكيب، عن الحسن بن يزيد النّوفلي، عن إسماعيل بن أبي الزيّاد السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):
من قرء في عقيب صلاة الجمعة فاتحة الكتاب مرّة و«قُل هُوَ الله أَحَدٌ» سبع مرّات، [وفاتحة الكتاب مرّة(٤٢٥)]، و«قُل أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ» سبع مرّاتٍ، [وفاتحة الكتاب مرّة(٤٢٦)]، و«قُل أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ» سبع مرّات، لم ينزل به بليّة، ولم تصبه فتنة إلى الجمعة الاُخرى.
قال: وزادنا بعض أصحابنا أنّه يقرأ بعد الّذي ذكر آية الكرسي، ويقول:
«إِنَّ رَبَّكُمُ الله الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ في سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِى اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ الله رَبُّ الْعالَمينَ * اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدينَ * وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ الله قَريبٌ مِنَ الْمُحْسِنينَ»(٤٢٧).
وآخر التّوبة:
«لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَريصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنينَ رَؤُفٌ رَحيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ الله لا إِلهَ إِلّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظيمِ»(٤٢٨).
فإن قال:
اللّهم إِنّي تَعَمَّدْتُ إِلَيْكَ بِحاجَتي، وَأَنْزَلْتُ بِكَ الْيَوْمَ فَقْري وَفاقَتي وَمَسْكَنَتي، وَأَنَا لِرَحْمَتِكَ أَرْجى مِنّي لِعَمَلي، وَلَمَغْفِرَتُكَ [وَرَحْمَتُكَ(٤٢٩)] أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبي، فَتَوَلَّ يا رَبِّ قَضاءَ كُلِّ حاجَةٍ هِيَ لي، بِقُدْرَتِكَ عَلَيْها وَتَيَسُّرِ ذلِكَ عَلَيْكَ، فَإِنّي لَمْ اُصِبْ خَيْراً قَطُّ إِلّا مِنْكَ، وَلَمْ يَصْرِفْ عَنّي أحَدٌ سُوءاً غَيْرُكَ، وَلَيْسَ أَرْجُو لِآخِرَتي وَدُنْيايَ سِواكَ، وَلا لِيَوْمِ فَقْري وَتَفَرُّدي في حُفْرَتي إِلّا أَنْتَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَعْطِني خَيْرَ الدُّنْيا وَخَيْرَ الْآخِرَةِ، وَاصْرِفْ عَنّي شَرَّ الدُّنْيا وَشَرَّ الْآخِرَةِ.
اللّهم اجْعَلْني مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ الَّتي حَشْوُها بَرَكَةٌ، وَعُمَّارُهَا الْمَلائِكَةُ، مَعَ نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ وَإِبْراهيمَ (عليهما السلام)، [جمع الله بين محمّد وإبراهيم (عليهما السلام)(٤٣٠)] في دار السلام.
قال:
ويستحبّ أن يصلّي على النّبيّ وآله فيقول: اللّهم اجْعَلْ صَلَواتِكَ وَصَلَواتِ مَلائِكَتِكَ وَصَلَواتِ أَنْبِيائِكَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، فمن قال ذلك لم يكتب عليه ذنب سنة.
قال: برواية اُخرى قال:
يقول: اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ، فمن قال ذلك لم يمت حتّى يدرك صاحب الأمر (عليه السلام)(٤٣١).
أقول: أوردنا كلام السيّد الأجلّ (رحمه الله) من أولّه؛ لأنّ قراءة دعاء المذكور توجب الحفظ من فتن آخر الزمان.
٤٨) الدعاء لظهوره أرواحنا فداه في يوم الجمعة والعيدين
قال السيّد الأجل عليّ بن طاووس في إقبال الأعمال: عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
اُدع في الجمعة والعيدين إذا تهيّأت للخروج فقل:
اللّهم مَنْ تَهَيَّأَ في هذَا الْيَوْمِ، أَوْ تَعَبَّأَ أَوْ أَعَدَّ وَاسْتَعَدَّ لِوِفادَةٍ إِلى مَخْلُوقٍ، رَجاءَ رِفْدِهِ وَجائِزَتِهِ وَنَوافِلِهِ، فَإِلَيْكَ يا سَيِّدي كانَتْ وِفادَتي وَتَهْيِئَتي وَإِعْدادي وَاسْتِعْدادي رَجاءَ رِفْدِكَ، وَجَوائِزِكَ وَنَوافِلِكَ.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَعَلِيٍّ أمير المؤمنين وَوَصِيِّ رَسُولِكَ، وَصَلِّ يا رَبِّ عَلى أَئِمَّةِ الْمُؤْمِنينَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَعَلِيٍّ وَمُحَمَّدٍ، وتسمّيهم إلى آخرهم حتّى تنتهي إلى صاحبك (عليهم السلام) وقل:
اللّهم افْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسيراً، وَانْصُرْهُ نَصْراً عَزيزاً. اللّهم أَظْهِرْ بِهِ دينَكَ وَسُنَّةَ رَسُولِكَ، حَتَّى لا يَسْتَخْفِيَ بِشيء مِنَ الْحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ.
اللّهم إِنَّا نَرْغَبُ إِلَيْكَ في دَوْلَةٍ كَريمَةٍ تُعِزُّ بِهَا الْإِسْلامَ وَأَهْلَهُ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَأَهْلَهُ، وَتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إِلى طاعَتِكَ وَالْقادَةِ إِلى سَبيلِكَ وَتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ.
اللّهم ما أَنْكَرْنا مِنْ حَقٍّ فَعَرِّفْناهُ، وَما قَصُرْنا عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ، وتدعو الله له وعلى عدوّه، وتسأل حاجتك، ويكون آخر كلامك:
اللّهم اسْتَجِبْ لَنا. اللّهم اجْعَلْنا مِمَّنْ تَذَكَّرَ فيهِ فَيَذَّكَّرَ(٤٣٢).
حكاية صلوات ضرّاب الأصفهاني
قال السيّد الأجل عليّ بن طاووس: في ذكر صلوات على النّبيّ وآله صلوات الله عليه وعليهم مرويّة عن مولانا المهديّ صلوات الله عليه، وهي ما إذا تركت تعقيب عصر يوم الجمعة لعذر، فلا تتركها أبداً، لأمر اطّلعنا الله جلّ جلاله عليه:
أخبرني الجماعة الّذين قدّمت ذكرهم في عدّة مواضع، بإسنادهم إلى جدّي أبي جعفر الطّوسي (رضوان الله عليه) قال: أخبرني الحسين بن عبيد الله، عن محمّد بن أحمد بن داود وهارون بن موسى التّلعكبري، قالا: أخبرنا أبو العبّاس أحمد بن عليّ الرازي الخضيب الأيادي فيما رواه في كتابه كتاب الشفاء والجلاء، عن أبي الحسين محمّد بن جعفر الأسدي رضى الله عنه، قال: حدّثني الحسين بن محمّد بن عامر الأشعري القمي، قال: حدّثني يعقوب بن يوسف الضرّاب الغسّاني في منصرفه من أصفهان.
قال: حججت في سنة إحدى وثمانين ومئتين، وكنت مع قوم مخالفين من أهل بلادنا، فلمّا أن قدمنا مكّة تقدّم بعضهم، فاكترى لنا داراً في زقاق بين سوق الليل، وهي دار خديجة تسمّى دار الرضا (عليه السلام)، وفيها عجوز سمراء، فسألتها لمّا وقفتُ على أنّها دار الرضا (عليه السلام) ما تكونين من أصحاب هذه الدار؟ ولِم سمّيت دار الرضا (عليه السلام)؟
فقالت: أنا من مواليهم، وهذه دار الرضا عليّ بن موسى (عليهما السلام) اسكنّيها(٤٣٣) الحسن بن عليّ (عليهما السلام)، فإنّي كنت في خدمته، فلمّا سمعت ذلك منها آنست بها، وأسررت الأمر عن رفقائي المخالفين، فكنت إذا انصرفت من الطواف بالليل، أنام معهم في [رواق(٤٣٤)] الدار، ونغلق الباب ونلقى خلف الباب حجراً كبيراً كنّا نديره خلف الباب.
فرأيت غير ليلة ضوء السراج في الرواق الّذي كنّا فيه شبيهاً بضوء المشعل، ورأيت الباب قد انفتح ولا أرى أحداً فتحه من أهل الدار، ورأيت رجلاً ربعةً أسمر إلى الصُّفرة، ما هو قليل اللَّحم، في وجه سجّادة، عليه قميصان وإزار رقيق قد تقنّع به، وفي رجليه نعل طاق، فصعد إلى غرفة في الدار حيث كانت العجوز تسكن وكانت تقول لنا: إنّ في الغرفة ابنته(٤٣٥) لا تدع أحداً يصعد إليها.
فكنت أرى الضوء الّذي رأيته يُضيء في الرواق على الدرجة عند صعود الرجل إلى الغرفة الّتي يصعدها، ثمّ أراه في الغرفة من غير أن أرى السراج بعينه، وكان الّذين معي يرون مثل ما أرى، فتوهّموا أن يكون هذا الرجل يختلف إلى ابنة العجوز وأن تكون قد تمتّع بها.
فقالوا: هؤلاء العلويّة يرون المتعة، وهذا حرام لا يحلّ فيما زعموا، وكنّا نراه يدخل ويخرج ويجيء إلى الباب وإذاً الحجر على حاله الّذي تركناه، وكنّا نغلق هذا الباب خوفاً على متاعنا، وكنّا لا نرى أحداً يفتحه ولا يغلقه، والرجل يدخل ويخرج والحجر خلف الباب إلى وقت ننحّيه إذا خرجنا.
فلمّا رأيت هذه الأسباب ضرب على قلبي، ووقعت في نفسي هيبة، فتلطّفت العجوز، وأحببت أن أقف على خبر الرجل، فقلت لها: يا فلانة، إنّي اُحبّ أن أسئلك واُفاوضك من غير حضور من معي فلا أقدر عليه، فأنا اُحبّ إذا رأيتني في الدار وحدي أن تنزلي إليّ لأسألك عن أمر.
فقالت لي مسرعة: وأنا اُريد أن اُسرّ إليك شيئاً فلم يتهيّأ لي ذلك من أجل أصحابك، فقلت: ما أردت أن تقول؟ فقالت: يقول لك - ولم تذكر أحداً -: لا تخاشنّ(٤٣٦) أصحابك وشركائك ولا تلاحهم، فإنّهم أعداؤك ودارهم، فقلت لها: من يقول؟ فقالت: أنا أقول، فلم اجترأ(٤٣٧) لما دخل قلبي من الهيبة أن اُراجعها، فقلت: أيّ أصحابي تعنين؟ وظننت أنّها تعني رفقائي الّذين كانوا حجّاجاً معي.
فقالت: شركائك الّذين في بلدك وفي الدار معك، وكان جرى بيني وبين الّذين معي في الدار عتب في الدين، فسعوا بي حتّى هربت واستترت بذلك السبب، فوقفت على أنّها عنت اُولئك، فقلت لها: ما تكونين أنت من الرضا؟ فقالت: أنا كنت خادمة للحسن بن عليّ صلوات الله عليهما، فلمّا استيقنت ذلك قلت: لأسألنّها عن الغائب (عليه السلام)، فقلت: بالله عليك رأيته بعينك؟
فقالت: يا أخي، لم أره بعيني، فإنّي خرجت واُختي حبلي، وبشّرني الحسن بن عليّ (عليهما السلام) بأنّي سوف أراه في آخر عمري، وقال لي: تكونين له كما كنت لي، وأنا اليوم منذ كذا بمصر، وإنّما قدّمت الآن بكتابة ونفقة وجّه بها إليّ على يد رجل من أهل خراسان لا يفصح بالعربيّة، وهي ثلاثون ديناراً، وأمرني أن أحجّ سنتي هذه فخرجت رغبة منّي في أن أراه.
فوقع في قلبي أنّ الرجل الّذي كنت أراه يدخل ويخرج هو هو، فأخذت عشرة دراهم صحاح فيها سكّة رضويّة من ضرب الرضا (عليه السلام) قد كنت خبأتها لألقيها في مقام إبراهيم (عليه السلام)، وكنت نذرت ونويت ذلك، فدفعتها إليها وقلت في نفسي: أدفعها إلى قوم من ولد فاطمة (عليها السلام) أفضل من أن ألقيها في المقام وأعظم ثواباً.
فقلت لها: إدفعي هذه الدراهم إلى من يستحقّها من ولد فاطمة (عليها السلام)، وكان في نيّتي أنّ الّذي رأيته هو الرجل وأنّها تدفعها إليه، فأخذت الدراهم، وصعدت وبقيت ساعة ثمّ نزلت، فقالت: يقول لك: ليس لنا فيها حقّ، إجعلها في الموضع الّذي نويت، ولكن هذه الرضويّة خذ منّا بدلها، وألقها في الموضع الّذي نويت، ففعلت وقلت في نفسي: الّذي أمرت به من الرجل.
ثمّ كانت معي نسخة توقيع خرج إلى القاسم بن العلاء بآذربيجان، فقلت لها: تعرضين هذه النسخة على إنسان قد رأى توقيعات الغائب (عليه السلام)، فقالت: ناولني فإنّي أعرفه، فأريتها النسخة، وظننت أنّ المرأة تحسن أن تقرئها، فقالت: لا يمكنني أن أقرئها في هذا المكان، فصعدت الغرفة، ثمّ أنزلته فقالت: صحيح، وفي التوقيع: اُبشّركم ببشرى ما بشّرت به غيره.
ثمّ قالت: يقول لك: إذا صلّيت على نبيّك كيف تصلّى عليه؟ فقلت: أقول:
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَأَفْضَلِ ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلى إِبْراهيمَ وَآلِ إِبْراهيمَ، إِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ.
فقالت: لا، إذا صلّيت فصلّ عليهم كلّهم وسمّهم، فقلت: نعم، فلمّا كان من الغد نزلت ومعها دفتر صغير.
فقالت: يقول لك: إذا صلّيت على النّبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فصلّ عليه وعلى أوصيائه على هذه النسخة.
فأخذتها وكنت أعمل بها، ورأيت عدّة ليال قد نزل من الغرفة وضوء السراج قائم، وكنت أفتح الباب وأخرج على أثر الضوء، وأنا أراه - أعنى الضوء - ولا أرى أحداً حتّى يدخل المسجد، وأرى جماعة من الرجال من بلدان شتّى يأتون باب هذه الدار، فبعضهم يدفعون إلى العجوز رقاعاً معهم، ورأيت العجوز قد دفعت إليهم كذلك الرقاع، فيكلّمونها وتكلّمهم ولا أفهم عنهم، ورأيت منهم في منصرفنا جماعة في طريق إلى أن قدّمت بغداد(٤٣٨).
٤٩) صلوات ضرّاب الأصفهاني المرويّة عن مولانا المهديّ صلوات الله عليه
نسخة الدفتر الّذي خرج:
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْمُرْسَلينَ وَخاتَمِ النَّبِيّينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ، اَلْمُنْتَجَبِ فِي الْميثاقِ، اَلْمُصْطَفى فِي الظِّلالِ، اَلْمُطَهَّرِ مِنْ كُلِّ آفَةٍ، الْبَريء مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، اَلْمُؤَمَّلِ لِلنَّجاةِ، اَلْمُرْتَجى لِلشَّفاعَةِ، اَلْمُفَوَّضِ إِلَيْهِ دينُ الله.
اللّهم شَرِّفْ بُنْيانَهُ، وَعَظِّمْ بُرْهانَهُ، وَأَفْلِجْ حُجَّتَهُ(٤٣٩)، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ، وَأَضِئْ نُورَهُ، وَبَيِّضْ وَجْهَهُ، وَأَعْطِهِ الْفَضْلَ وَالْفَضيلَةَ، وَالدَّرَجَةَ وَالْوَسيلَةَ الرَّفيعَةَ، وَابْعَثْهُ مَقاماً مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ.
وَصَلِّ عَلى أمير المؤمنين، وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ، وَقائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلينَ، وَسَيِّدِ الْوَصِيّينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ.
وَصَلِّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، إِمامِ الْمُؤْمِنينَ، وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ.
وَصَلِّ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، إِمامِ الْمُؤْمِنينَ، وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ.
وَصَلِّ عَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، إِمامِ الْمُؤْمِنينَ، وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ.
وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، إِمامِ الْمُؤْمِنينَ، وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ.
وَصَلِّ عَلى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، إِمامِ الْمُؤْمِنينَ، وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ.
وَصَلِّ عَلى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، إِمامِ الْمُؤْمِنينَ، وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ.
وَصَلِّ عَلى عَلِيِّ بْنِ مُوسى، إِمامِ الْمُؤْمِنينَ، وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ.
وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، إِمامِ الْمُؤْمِنينَ، وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ.
وَصَلِّ عَلى عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، إِمامِ الْمُؤْمِنينَ، وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ.
وَصَلِّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، إِمامِ الْمُؤْمِنينَ، وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ.
وَصَلِّ عَلَى الْخَلَفِ الصَّالِحِ، اَلْهادِي الْمَهْدِيِّ، إِمامِ الْهُدى وَإِمامِ الْمُؤْمِنينَ، وَوارِثِ الْمُرْسَلينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ الْعالَمينَ.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الْأَئِمَّةِ الْهادينَ، اَلْعُلَماءِ الصَّادِقينَ، اَلْأَبْرارِ الْمُتَّقينَ، دَعائِمِ دينِكَ، وَأَرْكانِ تَوْحيدِكَ، وَتَراجِمَةِ وَحْيِكَ، وَحُجَجِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَخُلَفائِكَ في أَرْضِكَ.
اَلَّذينَ اخْتَرْتَهُمْ لِنَفْسِكَ، وَاصْطَفَيْتَهُمْ عَلى عِبادِكَ، وَارْتَضَيْتَهُمْ لِدينِكَ، وَخَصَصْتَهُمْ بِمَعْرِفَتِكَ، وَجَلَّلْتَهُمْ بِكَرامَتِكَ، وَغَشَّيْتَهُمْ بِرَحْمَتِكَ، وَرَبَّيْتَهُمْ بِنِعْمَتِكَ، وَغَذَّيْتَهُمْ بِحِكْمَتِكَ، وَأَلْبَسْتَهُمْ نُورِكَ(٤٤٠)، وَرَفَعْتَهُمْ في مَلَكُوتِكَ، وَحَفَفْتَهُمْ بِمَلائِكَتِكَ، وَشَرَّفْتَهُمْ بِنَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِمْ، صلاة كَثيرَةً دائِمَةً طَيِّبَةً لا يُحيطُ بِها إِلّا أَنْتَ، وَلا يَسَعُها إلّا عِلْمُكَ، وَلا يُحْصيها أَحَدٌ غَيْرُكَ.
اللّهم وَصَلِّ عَلى وَلِيِّكَ، اَلْمُحْيي سُنَّتَكَ، اَلْقائِمِ بِأَمْرِكَ، اَلدَّاعي إِلَيْكَ، اَلدَّليلِ عَلَيْكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ. اللّهم أَعِزَّ نَصْرَهُ، وَمُدَّ في عُمْرِهِ، وَزَيِّنِ الْأَرْضَ بِطُولِ بَقائِهِ. اللّهم اكْفِهِ بَغْيَ الْحاسِدينَ، وَأَعِذْهُ مِنْ شَرِّ الْكائِدينَ(٤٤١)، وَازْجُرْ عَنْهُ إِرادَةَ الظَّالِمينَ، وَخَلِّصْهُ مِنْ أَيْدِى الْجَبَّارينَ.
اللّهم أَعْطِهِ في نَفْسِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، وَشيعَتِهِ وَرَعِيَّتِهِ، وَخاصَّتِهِ وَعامَّتِهِ وَعَدُوِّهِ وَجَميعِ أَهْلِ الدُّنْيا، ما تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ، وَتَسُرُّ بِهِ نَفْسَهُ، وَبَلِّغْهُ أَفْضَلَ ما أَمَّلَهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَديرٌ.
اللّهم جَدِّدْ بِهِ مَا امْتَحى(٤٤٢) مِنْ دينِكَ، وَأَحْيِ بِهِ ما بُدِّلَ مِنْ كِتابِكَ، وَأَظْهِرْ بِهِ ما غُيِّرَ مِنْ حُكْمِكَ، حَتَّى يَعُودَ دينُكَ بِهِ [وَ(٤٤٣)] عَلى يَدَيْهِ غَضّاً جَديداً خالِصاً مُخْلَصاً لا شَكَّ فيهِ، وَلا شُبْهَةَ مَعَهُ، وَلا باطِلَ عِنْدَهُ، وَلا بِدْعَةَ لَدَيْهِ.
اللّهم نَوِّرْ بِنُورِهِ كُلَّ ظُلْمَةٍ، وَهُدَّ بِرُكْنِهِ كُلَّ بِدْعَةٍ، وَاهْدِمْ بِعِزَّتِهِ كُلَّ ضَلالَةٍ، وَاقْصِمْ بِهِ كُلَّ جَبَّارٍ، وَأَخْمِدْ بِسَيْفِهِ كُلَّ نارٍ، وَأَهْلِكْ بِعَدْلِهِ كُلَّ جائِرٍ(٤٤٤)، وَأَجْرِ حُكْمَهُ عَلى كُلِّ حُكْمٍ، وَأَذِلَّ بِسُلْطانِهِ كُلَّ سُلْطانٍ.
اللّهم أَذِلَّ كُلَّ مَنْ ناواهُ، وَأَهْلِكْ كُلَّ مَنْ عاداهُ، وَامْكُرْ بِمَنْ كادَهُ، وَاسْتَأْصِلْ مَنْ جَحَدَ حَقَّهُ، وَاسْتَهانَ بِأَمْرِهِ، وَسَعى في إِطْفاءِ نُورِهِ، وَأَرادَ إِخْمادَ ذِكْرِهِ.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفى، وَعَلِيٍّ الْمُرْتَضى، وَفاطِمَةَ الزَّهْراءِ، وَالْحَسَنِ الرِّضا، وَالْحُسَيْنِ الْمُصَفَّى، وَجَميعِ الْأَوْصِياءِ، مَصابيحِ الدُّجى، وَأَعْلامِ الْهُدى، وَمَنارِ التُّقى، وَالْعُرْوَةِ الْوُثْقى، وَالْحَبْلِ الْمَتينِ، وَالصِّراطِ الْمُسْتَقيمِ.
وَصَلِّ عَلى وَلِيِّكَ وَوُلاةِ عَهْدِهِ، وَالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، وَزِدْ في أَعْمارِهِمْ، وَزِدْ في آجالِهِمْ، وَبَلِّغْهُمْ أَفْضَلَ آمالِهِمْ، ديناً وَدُنْياً وَآخِرَةً، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَديرٌ(٤٤٥).
وقد روي هذا الخبر الشريف في عدّة كتب معتبرة للقدماء بأسانيد متعدّدة، قد ثبت في بعضها في جميع المواضع اللّهم صَلِّ عَلى...، ولم يعيّن وقت لقراءة هذه الصلوات والدعاء في خبر من الأخبار، إلّا ما قاله السيّد رضي الدين عليّ بن طاووس في جمال الاُسبوع بعد ذكره التعقيبات المأثورة لصلاة العصر من يوم الجمعة، قال:
... إذا تركت تعقيب عصر يوم الجمعة لعذر، فلا تتركها أبداً، لأمر إطّلعنا الله جلّ جلاله عليه.
ويستفاد من هذا الكلام الشريف أنّه حصل له من صاحب الأمر صلوات الله عليه شيء في هذا الباب، ولا يستبعد منه ذلك، كما صرّح هو أنّ الباب إليه (عليه السلام) مفتوح(٤٤٦).
قال صاحب المكيال: هذا الدعاء الشريف من الدعوات الجليلة الّتي ينبغي أن يداوم بها، ويواظب عليها في كلّ وقت من الأوقات، وكلّ حين من الأحيان، خصوصاً الأوقات الّتي لها مزيد اختصاص بمولانا صاحب الزمان عليه صلوات الله الملك المنّان، كليلة النصف من شعبان، ويومه، وليلة الجمعة، ويومها.
ولعلّه لهذا ذكره صاحب جمال الصالحين في أعمال تلك الليلة، مع أنّ الظاهر من الرواية الّتي نبّهنا عليها عدم اختصاصه بوقت من الأوقات، بل وروده لمطلق الأوقات، وذكره السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس (رحمه الله) في كتاب جمال الاُسبوع في أعمال يوم الجمعة عند ذكر ما يدعى به بعد صلاة العصر من ذلك اليوم فقال (رحمه الله):
ذكر صلاة على النبيّ وآله صلوات الله عليه وعليهم، مرويّة عن مولانا المهديّ صلوات الله عليه، وهي ما إذا تركت تعقيب عصر يوم الجمعة لعذر فلا تتركها أبداً، لأمر إطّلعنا الله جلّ جلاله عليه.
ثمّ ذكر إسناده بطوله مع ذكر الحكاية الّتي تركنا ذكرها حذراً عن الإطالة، ويستفاد من قوله (رحمه الله) فلا تتركها أبداً لأمر إطّلعنا الله جلّ جلاله عليه: صدور أمر إليه من مولانا صاحب الزمان (عجّل الله فرجه) في ذلك، فهو دليل لصحّة الرواية، والله وليّ النعمة والهداية(٤٤٧).
ذكر دعاء الفرج لحسن بن وجناء
ابن بابويه قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رحمه الله) قال: حدّثنا عليّ بن أحمد الكوفي(٤٤٨) المعروف بأبي القاسم الخديجي، قال: حدّثنا سليمان بن إبراهيم الرقيّ، قال: حدثّنا أبو محمّد الحسن بن وجناء النصيبي قال:
كنت ساجداً تحت الميزاب في رابع أربع وخمسين حجّة بعد الصمة(٤٤٩)، وأنا أتضرّع في الدعاء إذ حرّكني محرّك فقال: قم؛ يا حسن بن وجناء.
قال: فقمت، فإذا جارية صفراء، نحيفة البدن، أقول: إنّها من أبناء أربعين فما فوقها، فمشت بين يديّ وأنا لا أسألها عن شيء حتّى أتت بي [إلى] دار خديجة (عليها السلام)، وفيها بيت بابه في وسط الحائط، وله درجة(٤٥٠) ساج يرتقى (إليه)، فصعدت [الجارية وجاء النداء: إصعد يا حسن]؛ فوقفت بالباب، فقال لي صاحب الزمان صلوات الله عليه:
يا حسن؛ أتراك خفيت عليّ؟ والله؛ ما من وقت في حجّك إلّا وأنا معك فيه.
ثمّ جعل يعدّ عليّ أوقاتي، فوقعت مغشيّاً على وجهي، فحسست بيد(٤٥١) قد وقعت عليّ، فقمت فقال لي:
يا حسن؛ إلزم بالمدينة دار جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، ولا يهمّنّك طعامك ولا شرابك، ولا ما يستر عورتك.
ثمّ دفع إليّ دفتراً فيه دعاء الفرج وصلاة عليه، فقال:
بهذا(٤٥٢) فادع، وهكذا صلّ عليّ، ولا تعطه إلّا محقّي أوليائي، فإنّ الله جلّ جلاله موفّقك.
فقلت: يا مولاي؛ لا أراك بعدها؟
فقال: يا حسن؛ إذا شاء الله.
قال: فانصرفت من حجّتي ولزمت دار جعفر بن محمّد (عليهما السلام)، فأنا لا أخرج منها، ثمّ أعود(٤٥٣) إليها إلّا لثلاث خصال: لتجديد وضوء أو لنوم(٤٥٤) أو لوقت الإفطار، فأدخل بيتي وقت الإفطار، فاُصيب رباعياً مملوءً ماء ورغيفاً على رأسه، وعليه ما تشتهي نفسي بالنهار، فآكل ذلك فهو كفاية لي، وكسوة الشتاء في وقت الشتاء، وكسوة الصيف في وقت الصيف، وإنّي لأدخل الماء بالنهار وأرشّ البيت، وأدع الكوز فارغاً فاُوتي بالطعام ولا حاجة لي إليه، فأتصدّق(٤٥٥) به ليلاً لئلا(٤٥٦) يعلم بي من معي(٤٥٧).
أقول: والظاهر اتّحاده مع ما ذكرناه قبله.
٥٠) الدعاء لظهورهم (عليهم السلام) في عصر الجمعة
حدّث أبو المفضّل محمّد بن عبد الله، قال: حدّثنا عصمة بن نوح، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبد الله ابن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
إذا كان يوم القيامة بعث الله تعالى الأيّام، ويبعث الجمعة أمامها كالعروس ذات كمال وجمال، تهدي إلى ذي دين ومال، فتقف على باب الجنّة، والأيّام خلفها، فيشفع لكلّ من أكثر الصلاة فيها على محمّد وآل محمّد (عليهم السلام).
قال ابن سنان: فقلت: كم الكثير في هذا؟ وفي أيِّ زمان أوقات يوم الجمعة أفضل؟
قال: مئة مرّة، وليكن ذلك بعد العصر.
قال: وكيف أقولها؟
قال: تقول:
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ، مئة مرّة.
أقول: وقد سئل مولانا المهديّ صلوات الله عليه ما معناه: إنّ الكناية بيوم الجمعة عنه صلوات الله عليه، وقد قدّمت الرواية في أوائل هذا الكتاب أنّ يوم الجمعة إشارة به إليه(٤٥٨).
٥١) دعاء لظهوره صلوات الله عليه في قنوت صلاة الجمعة
روى ابن مقاتل قال: قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام):
أيّ شيء تقولون(٤٥٩) في قنوت صلاة الجمعة؟
قال: قلت: ما يقول الناس.
قال: لا تقل كما يقولون، ولكن قل:
اللّهم أَصْلِحْ عَبْدَكَ وَخَليفَتَكَ بِما أَصْلَحْتَ بِهِ أَنْبِياءَكَ وَرُسُلَكَ، وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ، وَأَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ مِنْ عِنْدِكَ، وَاسْلُكْهُ(٤٦٠) مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً يَحْفَظُونَهُ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَأَبْدِلْهُ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِ أَمْناً، يَعْبُدُكَ لا يُشْرِكُ بِكَ شَيْئاً، وَلا تَجْعَلْ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ عَلى وَلِيِّكَ سُلْطاناً، وَأْذَنْ لَهُ(٤٦١) في جِهادِ عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِ، وَاجْعَلْني مِنْ أَنْصارِهِ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَديرٌ(٤٦٢).
٥٢) فضيلة قراءة سورة الإسراء في ليلة الجمعة
ونذكر في هذا الباب ما رواه في تفسير البرهان عن العيّاشي والصدوق في كتابيهما، بإسنادهما عن الصادق (عليه السلام) قال:
من قرأ سورة بني إسرائيل في كلّ ليلة جمعة لم يمت حتّى يدرك القائم، ويكون من أصحابه(٤٦٣).

(٤) - في أدعية الشهور

٥٣) الدعاء في ظهر يوم عاشوراء لظهور مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه
قال عبد الله بن سنان: دخلت على سيّدي أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليهما السلام) في يوم عاشوراء، فألقيته كاسف اللون ظاهر الحزن، ودموعه تنحدر من عينيه كاللّؤلؤ المتساقط، فقلت: يا بن رسول الله، ممّ بكاؤك؟ لا أبكي الله عينيك.
فقال لي:
أَوَ في غفلة أنت؟ أما علمت أنّ الحسين بن عليّ اُصيب في مثل هذا اليوم؟
فقلت: يا سيّدي، فما قولك في صومه؟
فقال لي: صمه من غير تبييت، وأفطر من غير تشميت، ولا تجعله يوم صوم كملاً، وليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء، فإنّه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلّت الهيجاء عن آل رسول الله، وانكشفت الملحمة عنهم، وفي الأرض منهم ثلاثون صريعاً في مواليهم يعزّ على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مصرعهم، ولو كان في الدنيا يومئذ حيّاً لكان صلوات الله عليه هو المعزّى بهم.
قال: وبكى أبو عبد الله (عليه السلام) حتّى اخضلّت لحيته بدموعه، ثمّ قال:
إنّ الله جلّ ذكره لمّا خلق النور خلقه يوم الجمعة في تقديره في أوّل يوم من شهر رمضان، وخلق الظلمة في يوم الأربعاء يوم عاشوراء في مثل ذلك يعني يوم العاشر من شهر المحرّم في تقديره، وجعل لكلّ منهما شرعة ومنهاجاً.
يا عبد الله بن سنان، إنّ أفضل ما تأتي به في هذا اليوم أن تعمد إلى ثياب طاهرة فتلبسها وتتسلّب. قلت: وما التسلّب؟
قال: تحلّل أزرارك، وتكشف عن ذراعيك كهيئة أصحاب المصائب، ثمّ تخرج إلى أرض مقفرة أو مكان لا يراك به أحد أو تعمد إلى منزل لك خالٍ، أو في خلوة منذ حين يرتفع النّهار فتصلّي أربع ركعات تحسن ركوعها وسجودها وخشوعها، وتسلّم بين كلّ ركعتين تقرأ في الأولى(٤٦٤): سورة الحمد، و«قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ»، وفي الثانية: الحمد، و«قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ»(٤٦٥).
ثمّ تصلّي ركعتين اُخريين تقرأ في الأولى: الحمد وسورة الأحزاب، وفي الثانية: الحمد و«إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ»، أو ما تيسّر من القرآن، ثمّ تسلّم وتُحوّل وجهك نحو قبر الحسين (عليه السلام) ومضجعه، فتمثّل لنفسك مصرعه ومن كان معه من ولده وأهله، وتسلّم وتصلّي عليه، وتلعن قاتليه، وتبرأ من أفعالهم، يرفع الله (عزَّ وجلَّ) لك بذلك في الجنّة من الدرجات، ويحطّ عنك من السّيّئات، ثمّ تسعى من الموضع الّذي أنت فيه إن كان صحراء أو فضاء أو أيّ شيء كان خطوات، تقول في ذلك: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، رِضاً بِقَضاءِ الله وَتَسْليماً لِأَمْرِهِ، وليكن عليك في ذلك الكأبة والحزن، وأكثر من ذكر الله(٤٦٦) سبحانه والاسترجاع في ذلك اليوم، فإذا فرغت من سعيك وفعلك هذا، فقِف في موضعك الّذي صلّيت فيه، ثمّ قل:
اللّهم عَذِّبِ الْفَجَرَةَ، اَلَّذينَ شاقُّوا رَسُولَكَ، وَحارَبُوا أَوْلِيائَكَ، وَعَبَدُوا غَيْرَكَ، وَاسْتَحَلُّوا مَحارِمَكَ، وَالْعَنِ الْقادَةَ وَالْأَتْباعَ، وَمَنْ كانَ مِنْهُمْ(٤٦٧)، فَخَبَّ وَأَوْضَعَ مَعَهُمْ، أَوْ رَضِيَ بِفِعْلِهِمْ لَعْناً كَثيراً.
اللّهم وَعَجِّلْ فَرَجَ آلِ مُحَمَّدٍ(٤٦٨)، وَاجْعَلْ صَلَواتِكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَاسْتَنْقِذْهُمْ مِنْ أَيْدِي الْمُنافِقينَ الْمُضِلّينَ، وَالْكَفَرَةِ الْجاحِدينَ، وَافْتَحْ لَهُمْ فَتْحاً يَسيراً، وَأَتِحْ لَهُمْ رَوْحاً وَفَرَجاً قَريباً، وَاجْعَلْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ عَلى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ سُلْطاناً نَصيراً.
ثمّ ارفع يديك، واقنت بهذا الدعاء، وقل - وأنت تؤمئ إلى أعداء آل محمّد صلّى الله عليه وعليهم -:
اللّهم إِنَّ كَثيراً مِنَ الْاُمَّةِ ناصَبَتِ الْمُسْتَحْفَظينَ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَكَفَرَتْ بِالْكَلِمَةِ، وَعَكَفَتْ عَلَى الْقادَةِ الظَّلَمَةِ، وَهَجَرَتِ الْكِتابَ وَالسُّنَّةَ، وَعَدَلَتْ عَنِ الْحَبْلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَمَرْتَ بِطاعَتِهِما، وَالتَّمَسُّكِ بِهِما، فَأَماتَتِ الْحَقَّ، وَجارَتْ(٤٦٩) عَنِ الْقَصْدِ، وَمالَأَتِ الْأَحْزابَ، وَحَرَّفَتِ الْكِتابَ، وَكَفَرَتْ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَها، وَتَمَسَّكَتْ بِالْباطِلِ لَمَّا اعْتَرَضَها، وَضَيَّعَتْ حَقَّكَ، وَأَضَلَّتْ خَلْقَكَ، وَقَتَلَتْ أَوْلادَ نَبِيِّكَ، وَخِيَرَةَ عِبادِكَ، وَحَمَلَةَ عِلْمِكَ، وَوَرَثَةَ حِكْمَتِكَ وَوَحْيِكَ.
اللّهم فَزَلْزِلْ أَقْدامَ أَعْدائِكَ وَأَعْداءِ رَسُولِكَ وَأَهْلِ بَيْتِ رَسُولِكَ. اللّهم وَأَخْرِبْ دِيارَهُمْ، وَافْلُلْ(٤٧٠) سِلاحَهُمْ، وَخالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ، وَفُتَّ في أَعْضادِهِمْ وَأَوْهِنْ كَيْدَهُمْ، وَاضْرِبْهُمْ بِسَيْفِكَ الْقاطِعِ، وَارْمِهِمْ بَحَجَرِكَ الدَّامِغِ، وَطُمَّهُمْ بِالْبَلاءِ طَمّاً، وَقُمَّهُمْ بِالْعَذابِ قَمّاً، وَعَذِّبْهُمْ عَذاباً نُكْراً، وَخُذْهُمْ بِالسِّنينَ وَالْمَثُلاتِ الَّتي أَهْلَكْتَ بِها أَعْدائَكَ، إِنَّكَ ذُو نَقِمَةٍ مِنَ الْمُجْرِمينَ.
اللّهم إِنَّ سُنَّتَكَ ضائِعَةٌ، وَأَحْكامَكَ مُعَطَّلَةٌ، وَعِتْرَةَ نَبِيِّكَ فِي الْأَرْضِ هائِمَةٌ. اللّهم فَأَعِنِ الْحَقَّ وَأَهْلَهُ، وَاقْمَعِ الْباطِلَ وَأَهْلَهُ، وَمُنَّ عَلَيْنا بِالنَّجاةِ، وَاهْدِنا إِلَى الْإيمانِ، وَعَجِّلْ فَرَجَنا، وَانْظِمْهُ بِفَرَجِ أَوْلِيائِكَ، وَاجْعَلْهُمْ لَنا وُدّاً(٤٧١)، وَاجْعَلْنا لَهُمْ وَفْداً.
اللّهم وَأَهْلِكْ مَنْ جَعَلَ يَوْمَ قَتْلِ ابْنِ نَبِيِّكَ وَخِيَرَتِكَ عيداً، وَاسْتَهَلَّ بِهِ فَرَحاً وَمَرَحاً، وَخُذْ آخِرَهُمْ كَما أَخَذْتَ أَوَّلَهُمْ، وَأَضْعِفِ اللّهم الْعَذابَ وَالتَّنْكيلَ عَلى ظالِمي أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ، وَأَهْلِكْ أَشْياعَهُمْ وَقادَتَهُمْ، وَأَبِرْ(٤٧٢) حُماتَهُمْ وَجَماعَتَهُمْ.
اللّهم وَضاعِفْ صَلَواتِكَ وَرَحْمَتَكَ وَبَرَكاتِكَ عَلى عِتْرَةِ نَبِيِّكَ، اَلْعِتْرَةِ الضَّائِعَةِ الْخائِفَةِ الْمُسْتَذَلَّةِ، بَقِيَّةِ(٤٧٣) الشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ الزَّاكِيَةِ(٤٧٤) الْمُبارَكَةِ.
وَأَعْلِ اللّهم كَلِمَتَهُمْ، وَأَفْلِجْ حُجَّتَهُمْ، وَاكْشِفِ الْبَلاءَ وَاللَّأْواءَ، وَحَنادِسَ الْأَباطيلِ وَالْعَمى(٤٧٥) عَنْهُمْ، وَثَبِّتْ قُلُوبَ شيعَتِهِمْ وَحِزْبِكَ عَلى طاعَتِهِمْ(٤٧٦) وَوِلايَتِهِمْ وَنُصْرَتِهِمْ وَمُوالاتِهِمْ، وَأَعِنْهُمْ وَامْنَحْهُمُ الصَّبْرَ عَلَى الْأَذى فيكَ، وَاجْعَلْ لَهُمْ أَيَّاماً مَشْهُودَةً، وَأَوْقاتاً مَحْمُودَةً(٤٧٧) مَسْعُودَةً، تُوشِكُ فيها فَرَجَهُمْ، وَتُوجِبُ فيها تَمْكينَهُمْ وَنَصْرَهُمْ(٤٧٨)، كَما ضَمِنْتَ لِأَوْلِيائِكَ في كِتابِكَ الْمُنْزَلِ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ «وَعَدَ الله الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَني لا يُشْرِكُونَ بي شَيْئاً»(٤٧٩).
اللّهم فَاكْشِفْ غُمَّتَهُمْ، يا مَنْ لا يَمْلِكُ كَشْفَ الضُّرِّ إِلّا هُوَ، يا أَحَدُ يا حَيُّ يا قَيُّومُ، وَأَنَا يا إِلهي عَبْدُكَ الْخائِفُ مِنْكَ، وَالرَّاجِعُ إِلَيْكَ، اَلسَّائِلُ لَكَ، اَلْمُقْبِلُ عَلَيْكَ، اَللّاجِئُ إِلى فِنائِكَ، اَلْعالِمُ بِأَنَّهُ لا مَلْجَأَ مِنْكَ إِلّا إِلَيْكَ.
اللّهم فَتَقَبَّلْ دُعائي، وَاسْمَعْ يا إِلهي عَلانِيَتي وَنَجْوايَ، وَاجْعَلْني مِمَّنْ رَضيتَ عَمَلَهُ، وَقَبِلْتَ نُسُكَهُ، وَنَجَّيْتَهُ بِرَحْمَتِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزيزُ الْكَريمُ.
اللّهم وَصَلِّ أَوَّلاً وَآخِراً عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّدٍ، بِأَكْمَلِ(٤٨٠) وَأَفْضَلِ ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ عَلى أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ، وَمَلائِكَتِكَ وَحَمَلَةِ عَرْشِكَ بِلا إِلهَ إِلّا أَنْتَ.
اللّهم وَلا تُفَرِّقْ بَيْني وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَاجْعَلْني يا مَوْلايَ مِنْ شيعَةِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَذُرِّيَّتِهِمُ الطَّاهِرَةِ الْمُنْتَجَبَةِ، وَهَبْ لِيَ التَّمَسُّكَ بِحَبْلِهِمْ، وَالرِّضا بِسَبيلِهِمْ، وَالْأَخْذَ بِطَريقَتِهِمْ، إِنَّكَ جَوادٌ كَريمٌ.
ثمّ عفّر وجهك في الأرض وقل:
يا مَنْ يَحْكُمُ ما يَشاءُ وَيَفْعَلُ ما يُريدُ أَنْتَ حَكَمْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ مَحْمُوداً مَشْكُوراً، فَعَجِّلْ يا مَوْلايَ فَرَجَهُمْ، وَفَرَجَنا(٤٨١) بِهِمْ، فَإِنَّكَ ضَمِنْتَ إِعْزازَهُمْ بَعْدَ الذِّلَّةِ، وَتَكْثيرَهُمْ بَعْدَ الْقِلَّةِ، وإِظْهارَهُمْ بَعْدَ الْخُمُولِ، يا أَصْدَقَ الصَّادِقينَ، وَيا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.
فَأَسأَلُكَ يا إِلهي وَسَيِّدي، مُتَضَرِّعاً إِلَيْكَ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، بَسْطَ أَمَلي وَالتَّجاوُزَ عَنّي، وَقَبُولَ قَليلِ عَمَلي وَكَثيرِهِ، وَالزِّيادَةَ في أَيَّامي وَتَبْليغي ذلِكَ الْمَشْهَدَ، وَأَنْ تَجْعَلَني مِمَّنْ يُدْعى فَيُجيبُ إِلى طاعَتِهِمْ وَمُوالاتِهِمْ وَنَصْرِهِمْ(٤٨٢)، وَتُرِيَني ذلِكَ قَريباً سَريعاً في عافِيَةٍ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَديرٌ.
ثمّ ارفع رأسك إلى السماء وقل:
أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَكُونَ مِنَ الَّذينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَكَ، فَأَعِذْني يا إِلهي بِرَحْمَتِكَ مِنْ ذلِكَ.
فإنّ هذا أفضل يا بن سنان من كذا وكذا حجّة، وكذا وكذا عمرة تتطوّعها وتُنفق فيها مالك، وتنصب فيها بدنك، وتقارن فيها أهلك ولدك.
وأعلم أنّ الله تعالى يعطي من صلّى هذه الصّلاة في هذا اليوم، ودعا بهذا الدعاء مخلصاً، وعمل هذا العمل موقناً مصدّقاً عشر خصال منها:
أن يقيه الله ميتة السّوء، ويؤمنه من المكاره والفقر، ولا يظهر عليه عدوّاً إلى أن يموت، ويوقيه الله من الجنون والجذام والبرص في نفسه وولده إلى أربعة أعقاب له، ولا يجعل للشّيطان ولأوليائه عليه، ولا على نسله إلى أربعة أعقاب سبيلاً.
قال ابن سنان: فانصرفت وأنا أقول: الحمد لله الذي منّ عليّ بمعرفتكم وحبّكم، وأسأله المعونة على المفترض عليّ من طاعتكم بمنّه ورحمته(٤٨٣).
٥٤) دعاء آخر في يوم عاشوراء لطلب الثأر مع الإمام المهديّ صلوات الله عليه
روى محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
من زار الحسين بن عليّ (عليهما السلام) في يوم عاشوراء من المحرّم حتّى يظلّ عنده باكياً، لقى الله (عزَّ وجلَّ) يوم يلقاه بثواب ألفي حجّة وألفي عمرة وألفي غزوة، ثواب كلّ غزوة وحجّة وعمرة كثواب من حجّ واعتمر وغزى مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومع الأئمّة الرّاشدين (عليهم السلام).
قال: قلت: جعلت فداك، فما لمن كان في بعيد البلاد وأقاصيه ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم، قال:
إذا كان كذلك برز إلى الصحراء أو صعد سطحاً مرتفعاً في داره، وأومأ إليه بالسلام، واجتهد في الدعاء على قاتله(٤٨٤)، وصلّى من بعد ركعتين وليكن ذلك في صدر النهار قبل أن تزول الشّمس.
ثمّ ليندب الحسين (عليه السلام) ويبكيه، ويأمر من في داره ممّن لا يتّقيه بالبكاء عليه ويقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه، وليُعزّ بعضهم بعضاً بمصابهم بالحسين (عليه السلام)، وأنا الضامن لهم إذا فعلوا ذلك على الله تعالى جميع ذلك.
قلت: جعلت فداك، أنت الضامن ذلك لهم والزعيم؟
قال: أنا الضامن وأنا الزعيم لمن فعل ذلك.
قلت: فكيف يعزّي بعضنا بعضاً؟
قال: تقولون:
أَعْظَمَ الله(٤٨٥) اُجُورَنا بِمُصابِنا بِالْحُسَيْنِ، وَجَعَلَنا وإِيَّاكُمْ مِنَ الطَّالِبينَ بِثأرِهِ مَعَ وَلِيِّهِ الْإِمامِ الْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ(٤٨٦).
٥٥) دعاء آخر لطلب ثار أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء
أَحْسَنَ الله اُجُورَنا بِمُصابِنا بِأَبي عبد الله الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَجَعَلَنا مِنَ الطَّالِبينَ بِثأرِهِ مَعَ الْإِمامِ الْمَهْدِيِّ الْحَقِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ(٤٨٧).
٥٦) الدعاء المرويّ عن مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه يقرأ في كلّ يوم من شهر رجب
قال ابن عيّاش: وممّا خرج على يد الشيخ أبي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد من الناحية المقدّسة دعاء لكلّ يوم من رجب:
اللّهم إِنّي أَسْأَلُكَ بِمَعاني جَميعِ ما يَدْعُوكَ بِهِ وُلاةُ أَمْرِكَ، اَلْمَأْمُونُونَ عَلى سِرِّكَ، اَلْمُسْتَبْشِرُونَ بِأَمْرِكَ، اَلْواصِفُونَ لِقُدْرَتِكَ، اَلْمُعْلِنُونَ لِعَظَمَتِكَ، أَسْأَلُكَ بِما نَطَقَ فيهِمْ مِنْ مَشِيَّتِكَ، فَجَعَلْتَهُمْ مَعادِنَ لِكَلِماتِكَ، وَأَرْكاناً لِتَوْحِيدِكَ وَآياتِكَ وَمَقاماتِكَ الَّتي لا تَعْطيلَ لَها في كُلِّ مَكانٍ يَعْرِفُكَ بِها مَنْ عَرَفَكَ، لا فَرْقَ بَيْنَكَ وَبَيْنَها(٤٨٨) إِلّا أَنَّهُمْ عِبادُكَ وَخَلْقُكَ، فَتْقُها وَرَتْقُها بِيَدِكَ، بَدْؤُها مِنْكَ وَعَوْدُها إِلَيْكَ، أَعْضادٌ وَأَشْهادٌ وَمُناةٌ وَأَذْوادٌ وَحَفَظَةٌ وَرُوَّادٌ، فَبِهِمْ مَلَأْتَ سَماءَكَ وَأَرْضَكَ حَتَّى ظَهَرَ أَنْ لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ.
فَبِذلِكَ أَسْأَلُكَ وَبِمَواقِعِ الْعِزِّ مِنْ رَحْمَتِكَ، وَبِمَقاماتِكَ وَعَلاماتِكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَنْ تَزيدَني إيماناً وَتَثْبيتاً، يا باطِناً في ظُهُورِهِ وَظاهِراً في بُطُونِهِ وَمَكْنُونِهِ، يا مُفَرِّقاً(٤٨٩) بَيْنَ النُّورِ وَالدَّيْجُورِ، يا مَوْصُوفاً بِغَيْرِ كُنْهٍ، وَمَعْرُوفاً بِغَيْرِ شِبْهٍ، حادَّ كُلِّ مَحْدُودٍ، وَشاهِدَ كُلِّ مَشْهُودٍ، وَمُوجِدَ(٤٩٠) كُلِّ مَوْجُودٍ، وَمُحْصِيَ كُلِّ مَعْدُودٍ، وَفاقِدَ كُلِّ مَفْقُودٍ، لَيْسَ دُونَكَ مِنْ مَعْبُودٍ أَهْلَ الْكِبْرِياءِ وَالْجُودِ.
يا مَنْ لا يُكَيَّفُ بِكَيْفٍ، وَلا يُؤَيَّنُ بِأَيْنٍ، يا مُحْتَجِباً عَنْ كُلِّ عَيْنٍ، يا دَيْمُومُ يا قَيُّومُ، وَعالِمَ كُلِّ مَعْلُومٍ، صَلِّ عَلى عِبادِكَ الْمُنْتَجَبينَ، وَبَشَرِكَ(٤٩١) الْمُحْتَجِبينَ، وَمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ، وَالْبُهْمِ(٤٩٢) الصَّافّينَ الْحافّينَ.
وَبارِكْ لَنا في شَهْرِنا هذَا الْمُرَجَّبِ الْمُكَرَّمِ، وَما بَعْدَهُ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَأَسْبِغْ عَلَيْنا فيهِ النِّعَمَ، وَأَجْزِلْ لَنا فيهِ الْقِسَمَ، وَأَبْرِرْ لَنا فيهِ الْقَسَمَ، بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ الْأَجَلِّ الْأَكْرَمِ الَّذي وَضَعْتَهُ عَلَى النَّهارِ فَأَضاءَ، وَعَلَى اللَّيْلِ فَأَظْلَمَ، وَاغْفِرْ لَنا ما تَعْلَمُ مِنَّا وَما لا نَعْلَمُ، وَاعْصِمْنا مِنَ الذُّنُوبِ خَيْرَ الْعِصَمِ، وَاكْفِنا كَوافِيَ قَدَرِكَ(٤٩٣)، وَامْنُنْ عَلَيْنا بِحُسْنِ نَظَرِكَ، وَلا تَكِلْنا إِلى غَيْرِكَ، وَلا تَمْنَعْنا مِنْ خَيْرِكَ، وَبارِكْ لَنا فيما كَتَبْتَهُ لَنا مِنْ أَعْمارِنا، وَأَصْلِحْ لَنا خبيئَةَ أَسْرارِنا، وَأَعْطِنا مِنْكَ الْأَمانَ، وَاسْتَعْمِلْنا بِحُسْنِ الْإيمانِ، وَبَلِّغْنا شَهْرَ الصِّيامِ، وَما بَعْدَهُ مِنَ الْأَيَّامِ وَالْأَعْوامِ، يا ذَا الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ(٤٩٤).
قال في عمدة الزائر: بيان: ولاة الأمر محمّد وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين، وهم الموصوفون بهذه الصفات الجميلة، وهم المقامات الّتي لا تعطيل لها في كلّ مكان، لأنّهم (عليهم السلام) إذا دعوا الله تعالى بتلك المعاني المخزونة عندهم، أو دعا الدّاعي بهم، أو بما دعوا به في كلّ مكان على كلّ شيء استجاب الله لهم دعائهم من غير تعطيل.
لأنّ المبدأ فيّاض والمحلّ قابل، وببركتهم يفيض على الدّاعي، بل على جميع الخلق، وهذا هو السرّ في لزوم الصلوات عليهم والتوسّل لله (عزَّ وجلَّ) بهم في كلّ حاجة، لأنّ من صلّى عليهم لا يردّ(٤٩٥).
٥٧) دعاء آخر مرويّ عنه أرواحنا فداه يقرأ في كلّ يوم من شهر رجب
قال ابن عيّاش: وخرج أيضاً من النّاحية المقدّسة على يد الشّيخ أبي القاسم الحسين بن روح هذا الدّعاء في أيّام رجب:
اللّهم إِنّي أَسْأَلُكَ بِالْمَوْلُودَيْنِ في رَجَبٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الثَّاني، وَابْنِهِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُنْتَجَبِ، وَأَتَقَرَّبُ بِهِما إِلَيْكَ خَيْرَ الْقُرَبِ، يا مَنْ إِلَيْهِ الْمَعْرُوفُ طُلِبَ، وَفيما لَدَيْهِ رُغِبَ.
أَسْأَلُكَ سُؤالَ مُعْتَرِفٍ مُذْنِبٍ قَدْ أَوْبَقَتْهُ ذُنُوبُهُ، وَأَوْثَقَتْهُ عُيُوبُهُ، فَطالَ عَلَى الْخَطايا دُؤُوبُهُ، وَمِنَ الرَّزايا خُطُوبُهُ، يَسْأَلُكَ التَّوْبَةَ، وَحُسْنَ الْأَوْبَةِ، وَالنُّزُوعَ عَنِ الْحَوْبَةِ، وَمِنَ النَّارِ فَكاكَ رَقَبَتِهِ، وَالْعَفْوَ عَمَّا في رِبْقَتِهِ، فَأَنْتَ يا مَوْلايَ أَعْظَمُ أَمَلِهِ وَثِقَتِهِ.
اللّهم وَأَسْأَلُكَ بِمَسائِلِكَ الشَّريفَةِ، وَوَسائِلِكَ الْمُنيفَةِ، أَنْ تَتَغَمَّدَني في هذَا الشَّهْرِ بِرَحْمَةٍ مِنْكَ واسِعَةٍ، وَنِعْمَةٍ وازِعَةٍ، وَنَفْسٍ بِما رَزَقْتَها قانِعَةٍ إِلى نُزُولِ الْحافِرَةِ، وَمَحَلِّ الْآخِرَةِ، وَما هِيَ إِلَيْهِ صائِرَةٌ(٤٩٦).
٥٨) الدعاء الثالث يقرأ في أيّام شهر رجب قرئه مولانا صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)
روي عن محمّد بن عبد الرّحمان التستري أنّه قال: مررت ببني رواس، فقال لي بعض إخواني: لو مِلت بنا إلى مسجد صعصعة، فصلّينا فيه، فإنّ هذا رجب ويستحبّ فيه زيارة هذه المواضع المشرّفة الّتي وطئها الموالي بأقدامهم، وصلّوا فيها، ومسجد صعصعة منها.
قال: فملت معه إلى المسجد، وإذا ناقة معلّقة مرحلة قد اُنيخت بباب المسجد فدخلنا وإذا برجل عليه ثياب الحجاز، وعِمّة كَعِمَّتِهم، قاعد يدعو بهذا الدّعاء فحفظته أنا وصاحبي وهو:
(قال الشيخ الطوسي أعلى الله مقامه: يستحبّ أن يقرأ هذا الدعاء في كلّ يوم من شهر رجب):
اللّهم يا ذَا الْمِنَنِ السَّابِغَةِ، وَالْآلاءِ الْوازِعَةِ، وَالرَّحْمَةِ الْواسِعَةِ، وَالْقُدْرَةِ الْجامِعَةِ، وَالنِّعَمِ الْجَسيمَةِ، وَالْمَواهِبِ الْعَظيمَةِ، وَالْأَيادِي الْجَميلَةِ، وَالْعَطايَا الْجَزيلَةِ.
يا مَنْ لا يُنْعَتُ بِتَمْثيلٍ، وَلا يُمَثَّلُ بِنَظيرٍ، وَلا يُغْلَبُ بِظَهيرٍ، يا مَنْ خَلَقَ فَرَزَقَ، وَأَلْهَمَ فَأَنْطَقَ، وَابْتَدَعَ فَشَرَعَ، وَعَلا فَارْتَفَعَ، وَقَدَّرَ فَأَحْسَنَ، وَصَوَّرَ فَأَتْقَنَ، وَاحْتَجَّ فَأَبْلَغَ، وَأَنْعَمَ فَأَسْبَغَ، وَأَعْطى فَأَجْزَلَ، وَمَنَحَ فَأَفْضَلَ.
يا مَنْ سَما فِي الْعِزِّ فَفاتَ نَواظِرَ(٤٩٧) الْأَبْصارِ، وَدَنا فِي اللُّطْفِ فَجازَ هَواجِسَ الْأَفْكارِ، يَا مَنْ تَوَحَّدَ بِالْمُلْكِ فَلا نِدَّ لَهُ في مَلَكُوتِ سُلْطانِهِ، وَتَفَرَّدَ بِالْآلاءِ وَالْكِبْرِياءِ، فَلا ضِدَّ لَهُ في جَبَرُوتِ شَأْنِهِ، يا مَنْ حَارَتْ في كِبْرِياءِ هَيْبَتِهِ(٤٩٨) دَقائِقُ لَطائِفِ الْأَوْهامِ، وَانْحَسَرَتْ دُونَ إِدْراكِ عَظَمَتِهِ خَطائِفُ أَبْصارِ الْأَنامِ.
يا مَنْ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِهَيْبَتِهِ، وَخَضَعَتِ الرِّقابُ لِعَظَمَتِهِ، وَوَجِلَتِ الْقُلُوبُ مِنْ خيفَتِهِ، أَسْألُكَ بِهذِهِ الْمِدْحَةِ الَّتي لا تَنْبَغي إِلّا لَكَ، وَبِما وَأَيْتَ بِهِ عَلى نَفْسِكَ لِداعيكَ مِنَ الْمُؤْمِنينَ، وَبِما ضَمِنْتَ الْإِجابَةَ فيهِ عَلى نَفْسِكَ لِلدَّاعينَ.
يا أَسْمَعَ السَّامِعينَ، وَأَبْصَرَ النَّاظِرينَ، وَأَسْرَعَ الْحاسِبينَ، يا ذَا الْقُوَّةِ الْمَتينِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبيّينَ، وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ [الْأَئِمَّةِ الصَّادِقينَ]، وَاقْسِمْ لي في شَهْرِنا هذا خَيْرَ ما قَسَمْتَ، وَاحْتِمْ(٤٩٩) لي في قَضائِكَ خَيْرَ ما حَتَمْتَ(٥٠٠).
وَاخْتِمْ لي بِالسَّعادَةِ فيمَنْ خَتَمْتَ، وَأَحْيِني ما أَحْيَيْتَني مَوْفُوراً، وَأَمِتْني مَسْرُوراً وَمَغْفُوراً، وَتَوَلَّ أَنْتَ نَجاتي مِنْ مُسائَلَةِ الْبَرْزَخِ، وَادْرَأْ عَنّي مُنْكَراً وَنَكيراً، وَأَرِ عَيْني مُبَشِّراً وَبَشيراً، وَاجْعَلْ لي إِلى رِضْوانِكَ وَجِنانِكَ(٥٠١) مَصيراً وَعَيْشاً قَريراً، وَمُلْكاً كَبيراً، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كَثيراً.
ثمّ سجد طويلاً، وقام وركب الراحلة وذهب.
فقال لي صاحبي: نراه الخضر (عليه السلام) فما بالنا لا نكلّمه كأنّما أمسك على ألسنتنا، فخرجنا فلقينا ابن أبي رواد الرواسي فقال: من أين أقبلتما؟ قلنا: من مسجد صعصعة، وأخبرناه بالخبر.
فقال: هذا الراكب يأتي مسجد صعصعة في اليومين والثلاثة لا يتكلّم. قلنا: من هو؟ قال: فمن تريانه أنتما؟ قلنا: نظنّه الخضر (عليه السلام). فقال: فأنا والله ما أراه إلّا مَن الخضر (عليه السلام) محتاجٌ إلى رؤيته، فانصرفا راشدين.
فقال لي صاحبي: هو والله صاحب الزمان أرواحنا فداه(٥٠٢).
أقول: قال السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس: روي هذا الدعاء عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولكنّه لمّا كان الدعاء يقرأ في أيّام شهر رجب نقلناه في هذا الباب أي باب أدعية الشهور.
٥٩) دعاء يوم الثالث من شعبان
قال العلّامة المجلسي (رحمه الله) في البحار: خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمّد (عليهما السلام) أنّ مولانا الحسين (عليه السلام) ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان، فصمه وادع فيه بهذا الدعاء(٥٠٣).
وقال في زاد المعاد: صدر الأمر من صاحب الأمر صلوات الله عليه إنّ يوم الثالث من شهر شعبان يوم ولادة الإمام الحسين (عليه السلام) فصمه وادع بهذا الدعاء:
اللّهم إِنّي أَسأَلُكَ بِحَقِّ الْمَوْلُودِ في هذَا الْيَوْمِ، اَلْمَوْعُودِ بِشَهادَتِهِ قَبْلَ اسْتِهْلالِهِ وَوِلادَتِهِ، بَكَتْهُ السَّماءُ وَمَنْ فيها، وَالْأَرْضُ وَمَنْ عَلَيْها، وَلَمَّا يَطَأْ لابَتَيْها(٥٠٤) قَتيلِ الْعَبَرَةِ وَسَيِّدِ الْاُسْرَةِ، اَلْمَمْدُودِ بِالنُّصْرَةِ يَوْمَ الْكَرَّةِ، اَلْمُعَوَّضِ مِنْ قَتْلِهِ أَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ نَسْلِهِ، وَالشِّفاءَ في تُرْبَتِهِ، وَالْفَوْزَ مَعَهُ في أَوْبَتِهِ، وَالْأَوْصِياءَ مِنْ عِتْرَتِهِ، بَعْدَ قائِمِهِمْ وَغَيْبَتِهِ، حَتَّى يُدْرِكُوا الْأَوْتارَ، وَيَثْأَرُوا الثَّأرَ، وَيُرْضُوا الْجَبَّارَ، وَيَكُونُوا خَيْرَ أَنْصارٍ، صَلَّى الله عَلَيْهِمْ، مَعَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ.
اللّهم فَبِحَقِّهِمْ إِلَيْكَ أَتَوَسَّلُ، وَأَسْأَلُ سُؤالَ مُقْتَرِفٍ [وَ]مُعْتَرِفٍ، مُسيء إِلى نَفْسِهِ، مِمَّا فَرَّطَ في يَوْمِهِ وَأَمْسِهِ، يَسْئَلُكَ الْعِصْمَةَ إِلى مَحَلِّ رَمْسِهِ. اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعِتْرَتِهِ، وَاحْشُرْنا في زُمْرَتِهِ، وَبَوِّئْنا مَعَهُ دارَ الْكَرامَةِ، وَمَحَلَّ الْإِقامَةِ.
اللّهم وَكَما أَكْرَمْتَنا بِمَعْرِفَتِهِ، فَأَكْرِمْنا بِزُلْفَتِهِ، وَارْزُقْنا مُرافَقَتَهُ وَسابِقَتَهُ(٥٠٥)، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يُسَلِّمُ لِأَمْرِهِ، وَيُكْثِرُ الصَّلاةَ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ، وَعَلى جَميعِ أَوْصِيائِهِ وَأَهْلِ اصْطِفائِهِ، اَلْمَمْدُودينَ مِنْكَ بِالْعَدَدِ الاِثْنَيْ عَشَرَ، اَلنُّجُومِ الزُّهَرِ، وَالْحُجَجِ عَلى جَميعِ الْبَشَرِ.
اللّهم وَهَبْ لَنْا في هذَا الْيَوْمِ خَيْرَ مَوْهِبَةٍ، وَأَنْجِحْ لَنا فيهِ كُلَّ طَلِبَةٍ، كَما وَهَبْتَ الْحُسَيْنَ لِمُحَمَّدٍ جَدِّهِ (صلّى الله عليه وآله)، وَعاذَ فُطْرُسُ بِمَهْدِهِ، فَنَحْنُ عائِذُونَ بِقَبْرِهِ مِنْ بَعْدِهِ، نَشْهَدُ تُرْبَتَهُ، وَنَنْتَظِرُ أَوْبَتَهُ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ(٥٠٦).
فضيلة ليلة النصف من شعبان
قال السيّد الأجلّ رضي الدين عليّ بن طاووس (رحمه الله):
فصل: فيما نذكره من ولادة مولانا المهديّ (عليه السلام) في ليلة النصف من شعبان، وما يفتح الله جلّ جلاله علينا من تعظيمها بالقلب والقلم واللسان.
إعلم أنّنا ذكرنا في كتاب التعريف للمولد الشريف تفصيل هذه الولادة الشّريفة، وروينا ما يتعلّق بها في فصول لطيفة، فذكرنا فصلاً في كشف شراء والدته عليها أفضل التحيّات، وفصلاً في حديث الولادة والقابلة ومن ساعدها من نساء الجيران، ومرّ هاهنا من نساء بولدها العظيم الشّأن عليه أفضل الصلوات.
وفصلاً في حديث عرض مولانا الإمام الحسن العسكريّ لولده المهديّ صلوات الله عليهما بعد الولادة بثلاثة أيّام على من يثق به من خاصّته الصّالحين لحفظ أسرار الإسلام، وفصلاً فيمن يشير هاهنا صلوات الله عليه بولادة المهديّ (عليه السلام)، وفصلاً بذكر العقيقة الجسيمة عن تلك الولادة العظيمة خبزاً ولحماً.
وفصلاً فيمن أهدى إليه مولانا الحسن العسكريّ (عليه السلام) رأساً من جملة الغنم المتقرّب بذبحها، لأجل عقيقة الولادة الّتي شهد المعقول والمنقول بمدحها، وفصلاً في حديث إقامة الحسن العسكري (عليه السلام) وكيلاً في حياته يكون في خدمة مولانا المهديّ (عليه السلام) بعد انتقال والده إلى الله جلّ جلاله ووفاته، وأوضحنا تحقيق هذه الأحوال بما لم أعرف أنّ أحداً سبقنا إلى كشفها كما رتّبناه من صدق المقال.
فصل: فيما نذكره أنّ مولانا المهديّ (عليه السلام) ممّن أطبق أهل الصدق ممّن يعتمد على قوله بأنّ النبيّ جدّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بشّر الاُمّة بولادته، وعظيم انتفاع الإسلام برياسته ودولته، وذكر شرح كمالها، وما يبلغ إليه حال جلالها إلى ما لم يظفر به نبيّ سابق ولا وصيّ لاحق ولا بلغ إليه ملك سليمان (عليه السلام) الّذي حكم في ملكه على الإنس والجنّ، لأنّ سليمان (عليه السلام) لمّا قال: «هَبْ لي مُلْكاً لا يَنْبَغي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ»(٥٠٧) ما قيل له:
قد أجبنا سؤالك في أنّنا لا نعطي أحداً من بعدك أكثر منه في سبب من الأسباب إنّما قال الله جلّ جلاله: «فَسَخَّرْنا لَهُ الرّيحَ تَجْري بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ * وَالشَّياطينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرينَ مُقَرَّنينَ فِي الْأَصْفادِ»(٥٠٨).
والمسلمون مجمعون على أنّ محمّداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سيّد المرسلين وخاتم النّبيّين اُعطي من الفضل العظيم والمكان الجسيم ما لم يعط أحد من الأنبياء في الأزمان ولا سليمان، ومن البيان على تفصيل منطق اللسان والبيان أنّ المهديّ (عليه السلام) يأتي في أواخر الزّمان قد تهدّمت أركان أديان الأنبياء، ودرست معالم مراسم الأوصياء، وطمست آثار أنوار الأولياء، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً وحكماً كما ملئت جوراً وجهلاً وظلماً، فبعث الله جلّ جلاله رسوله محمّداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليجدّد سائر مراسم الأنبياء والمرسلين، ويحيي به معالم الصّادقين من الأوّلين والآخرين، ولم يبلغ أحد منهم صلوات الله عليهم وعليه إلى أنّه قام أحد منهم بجميع أمرهم بعدد رؤوسه، ويبلغ به ما يبلغ هو (عليه السلام) إليه.
وقد ذكره أبو نعيم الحافظ وغيره من رجال المحافظ وغيره من رجال المخالفين، وذكر ابن المنادي في كتاب الملاحم وهو عندهم ثقة أمين، وذكره أبو العليّ الهمداني وله المقام المكين، وذكرت شيعته من آيات ظهوره وانتظام اُموره عن سيّد المرسلين (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما لم يبلغ إليه أحد من العالمين، وذلك من جملة آيات خاتم النبيّين وتصديق ما خصّه الله جلّ جلاله إليه أنّه من فضله في قوله جلّ جلاله: «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ»(٥٠٩).
أقول: ينبغي أن يكون تعظيم هذه الليلة لأجل ولادته عند المسلمين والمعترفين بحقوق إقامته على قدر ما ذكره جدّه محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وبشّر به المسعودين من اُمّته، كما لو كان المسلمون قد أظلمت عليهم أيّام حياتهم، وأشرفت عليهم جيوش أهل عداوتهم، وأحاطت بهم نحوس خطيئاتهم، فأنشأ الله تعالى مولوداً يعتق رقابهم من رقّها، ويمكّن كلّ يد مغلولة من حقّها، ويعطي كلّ نفس ما تستحقّه من سبقها، ويبسط للخلائق في المشارق والمغارب بساطاً متساوي الأطراف، مكمّل الألطاف، مجمل الأوصاف، ويجلس الجميع عليه إجلاس الوالد الشفيق لأولاده العزيزين عليه أو إجلاس الملك الرّحيم الكريم لمن تحت يديه، ويريهم من مقدّمات آيات المسرّات، وبشارات المبرّات في دار السّعادات الباقيات، ما يشهد حاضرها لغائبها، وتقود القلوب والأعناق إلى طاعة واهبها.
أقول: وليقم كلّ إنسان لله جلّ جلاله في هذه الليلة بقدر شكر ما منّ الله (عزَّ وجلَّ) عليه بهذا السلطان، وأنّه جعله من رعاياه، والمذكورين في ديوان جنده، والمسمّين بالأعوان على تمهيد الإسلام والإيمان واستئصال الكفر والطغيان والعدوان، ومدّ سرادقات السعادات على سائر الجهات من حيث تطلع شموس السماوات وإلى حيث تغترب إلى أقصى الغايات والنّهايات، ويجعل من خدمته لله جلّ جلاله الّذي لا يقوم الأجساد بمعانيها خدمة لرسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الّذى كان سبب هذه الولادة والسّعادة وشرف رياستها وخدمة لآبائه الطاهرين الّذين كانوا أصلاً لها وأعواناً على إقامة حرمتها وخدمة له صلوات الله عليه، كما يجب على الرعيّة لمالك أزمّتها، والقيّم لها باستقامتها، وإدراك سعادتها، ولست أجد القوّة البشريّة قادرة على القيام بهذه الحقوق المعظّمة الرضيّة إلّا بقوّة من القدرة الربّانيّة، فليقم كلّ عبد مسعود من العباد بما يبلغ إليه ما أنعم به عليه الله جلّ جلاله من القوّة والاجتهاد.
فصل: فيما نذكره من الدعاء والقسم على الله جلّ جلاله بهذا المولود العظيم المكان ليلة النصف من شعبان وهو:
٦٠) دعاء ليلة النصف من شعبان
اللّهم بِحَقِّ لَيْلَتِنا هذِهِ وَمَوْلُودِها، وَحُجَّتِكَ وَمَوْعُودِها، اَلَّتي قَرَنْتَ إِلى فَضْلِها فَضْلاً فَتَمَّتْ كَلِمَتُكَ صِدْقاً وَعَدْلاً، لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِكَ، وَلا مُعَقِّبَ لِآياتِكَ، نُورُكَ الْمُتَأَلِّقُ، وَضِياؤُكَ الْمُشْرِقُ، وَالْعَلَمُ النُّورُ في طَخْياءِ(٥١٠) الدَّيْجُورِ، اَلْغائِبُ الْمَسْتُورُ.
جَلَّ مَوْلِدُهُ، وَكَرُمَ مَحْتِدُهُ، وَالْمَلائِكَةُ شُهَّدُهُ، وَالله ناصِرُهُ وَمُؤَيِّدُهُ، إِذا آنَ ميعادُهُ، وَالْمَلائِكَةُ أَمْدادُهُ، سَيْفُ الله الَّذي لا يَنْبُو، وَنُورُهُ الَّذي لا يَخْبُو، وَذُو الْحِلْمِ الَّذي لا يَصْبُو، مَدارُ الدَّهْرِ، وَنَواميسُ الْعَصْرِ، وَوُلاةُ الْأَمْرِ، وَالْمُنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الذِّكْرُ، وَما يَنْزِلُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَأَصْحابُ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ، تَراجِمَةُ وَحْيِهِ، وَوُلاةُ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ.
اللّهم فَصَلِّ عَلى خاتِمِهِمْ وَقائِمِهِمْ، اَلْمَسْتُورِ عَنْ عَوالِمِهِمْ(٥١١)، وَأَدْرِكْ بِنا أَيَّامَهُ وَظُهُورَهُ وَقِيامَهُ، وَاجْعَلْنا مِنْ أَنْصارِهِ، وَاقْرِنْ ثأرَنا بِثأرِهِ، وَاكْتُبْنا في أَعْوانِهِ وَخُلَصائِهِ، وَأَحْيِنا في دَوْلَتِهِ ناعِمينَ، وَبِصُحْبَتِهِ غانِمينَ، وَبِحَقِّهِ قائِمينَ، وَمِنَ السُّوءِ سالِمينَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلَّى الله عَلى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ وَالْمُرْسَلينَ، وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ الصَّادِقينَ وَعِتْرَتِهِ النَّاطِقينَ، وَالْعَنْ جَميعَ الظَّالِمينَ، وَاحْكُمْ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ يا أَحْكَمَ الْحاكِمينَ(٥١٢).
٦١) دعاء آخر يقرأ في ليلة النصف من شعبان
كان علىّ بن الحسين (عليهما السلام) يدعو عند كلّ زوال من أيّام شعبان، وفي ليلة النصف منه، فيقول:
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ والِ مُحَمَّدٍ، شَجَرَةِ النُّبُوَّةِ وَمَوْضِعِ الرِّسالَةِ، وَمُخْتَلِفِ الْمَلائِكَةِ، وَمَعْدِنِ الْعِلْمِ، وَأَهْلِ بَيْتِ الْوَحْيِ. اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ والِ مُحَمَّدٍ، اَلْفُلْكِ الْجارِيَةِ فِي اللُّجَجِ الْغامِرَةِ، يَأْمَنُ مَنْ رَكِبَها، وَيَغْرَقُ مَنْ تَرَكَها، اَلْمُقَدِّمُ لَهُمْ مارِقٌ، وَالْمُتَأَخِّرُ عَنْهُمْ زاهِقٌ، وَاللّازِمُ لَهُمْ لاحِقٌ. اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ والِ مُحَمَّدٍ، اَلْكَهْفِ الْحَصينِ، وَغِياثِ الْمُضْطَرِّ الْمُسْتَكينِ، وَمَلْجَأ الهارِبينَ، وَمَنْجَى الخائِفينَ، وَعِصْمَةِ الْمُعْتَصِمينَ.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ والِ مُحَمَّدٍ، صَلاةً كَثيرَةً تَكُونُ لَهُمْ رِضًى، وَلِحَقِّ مُحَمَّدٍ والِ مُحَمَّدٍ أَداءً وَقَضاءً بِحَوْلٍ مِنْكَ وَقُوَّةٍ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ. اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَالِ مُحَمَّدٍ، اَلطَّيِّبينَ الْأَبْرارِ، وَالطَّاهِرينَ الْأَخْيارِ، اَلَّذينَ أَوْجَبْتَ حُقُوقَهُمْ وَمَوَدَّتَهُمْ، وَفَرَضْتَ طاعَتَهُمْ وَوِلايَتَهُمْ.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ والِ مُحَمَّدٍ، وَاعْمُرْ قَلْبي بِطاعَتِكَ، وَلا تُخْزِني بِمَعْصِيَتِكَ، وَارْزُقْني مُواساةَ مَنْ قَتَّرْتَ عَلَيْهِ مِنْ رِزْقِكَ بِما وَسَّعْتَ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِكَ، وَنَشَرْتَ عَلَيَّ مِنْ عَدْلِكَ، وَأَحْيَيْتَني تَحْتَ ظِلِّكَ، وَهذا شَهْرُ نَبِيِّكَ وَسَيِّدِ رُسُلِكَ شَعْبانُ الَّذي حَفَفْتَهُ مِنْكَ بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوانِ، اَلَّذي كانَ رَسُولُ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وآلِهِ)، يُداوِمُ في صِيامِهِ وَقِيامِهِ في لَياليهِ وَأَيَّامِهِ، بُخُوعاً لَكَ في إِكْرامِهِ وَإِعْظامِهِ إِلى مَحَلِّ حِمامِهِ.
اللّهم فَأَعِنَّا عَلَى الاِسْتِنانِ بِسُنَّتِهِ فيهِ، وَنَيْلِ الشَّفاعَةِ لَدَيْهِ. اللّهم فَاجْعَلْهُ لي شَفيعاً مُشْفِعاً، وَطَريقاً إِلَيْكَ مَهْيِعاً، وَاجْعَلْني لَكَ مُتَّبِعاً حَتَّى أَلْقاكَ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَنّي راضِياً، وَعَنْ ذُنُوبي مُغْضِئًا، قَدْ أَوْجَبْتَ لي مِنْكَ الرَّحْمَةَ وَالرِّضْوانَ، وَأَنْزَلْتَني دارَ الْقَرارِ وَمَحَلَّ الْأَخْيارِ(٥١٣).
أقول: الأدعية الواردة في ليلة النصف من شعبان كثيرة، وفيما ذكرناها كفاية.
فضيلة دعاء كميل في هذه الليلة
قال كميل بن زياد: كنت جالساً مع مولاي أمير المؤمنين (عليه السلام) في مسجد البصرة ومعه جماعة من أصحابه فقال بعضهم ما معنى قول الله (عزَّ وجلَّ): «فيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكيمٍ»(٥١٤).
قال (عليه السلام):
ليلة النصف من شعبان، والّذي نفس عليّ بيده إنّه ما من عبد إلّا وجميع ما يجري عليه من خير وشرّ مقسوم له في ليلة النصف من شعبان إلى آخر السنة في مثل تلك الليلة المقبلة وما من عبد يحييها ويدعو بدعاء الخضر (عليه السلام) إلّا اُجيب.
فلمّا انصرف طرقته ليلاً، فقال (عليه السلام): ما جاء بك يا كميل؟
قلت: يا أمير المؤمنين؛ دعاء الخضر. فقال (عليه السلام):
إجلس يا كميل؛ إذا حفظت هذا الدعاء فادع به كلّ ليلة جمعة أو في الشهر مرّة أو في السنة مرّة أو في عمرك مرّة تكف وتنصر وترزق ولن تعدم المغفرة.
يا كميل؛ أوجب لك طول الصحبة لنا أن نجود لك بما سألت(٥١٥).
وعلّمه دعاء كميل. نذكره في الباب الثالث عشر من هذا الكتاب.
أقول: ينبغي أن يقرأ في ليلة النصف من شعبان وفي يومه صلوات ضرّاب الأصفهاني الّتي نقلناها في أدعية الاُسبوع من هذا الكتاب.
قال العلاّمة المجلسي (رحمه الله): وممّا يناسب ليلة النصف من شعبان زيارة مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه؛ فإنّها ليلة ولادته عليه وعلى آبائه السّلام(٥١٦).
٦٢) دعاء الافتتاح
قال العلّامة المجلسي (رحمه الله): روي بسند معتبر أنّ صاحب الأمر صلوات الله عليه كتب إلى الشيعة:
أن اقرؤوا هذا الدعاء في كلّ ليالي شهر رمضان؛ لأنّ الملائكة يسمعونه ويستغفرون لقارئه.
والدّعاء هذا:
اللّهم إِنّي أَفْتَتِحُ الثَّناءَ بِحَمْدِكَ، وَأَنْتَ مُسَدِّدٌ لِلصَّوابِ بِمَنِّكَ، وَأَيْقَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ في مَوْضِعِ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ، وَأَشَدُّ الْمُعاقِبينَ في مَوْضِعِ النَّكالِ وَالنَّقِمَةِ، وَأَعْظَمُ الْمُتَجَبِّرينَ في مَوْضِعِ الْكِبْرِياءِ وَالْعَظَمَةِ.
اللّهم أَذِنْتَ لي في دُعائِكَ وَمَسْأَلَتِكَ، فَاسْمَعْ يا سَميعُ مِدْحَتي، وَأَجِبْ يا رَحيمُ دَعْوَتي، وَأَقِلْ يا غَفُورُ عَثْرَتي، فَكَمْ يا إِلهي مِنْ كُرْبَةٍ قَدْ فَرَّجْتَها، وَهُمُومٍ قَدْ كَشَفْتَها، وَعَثْرَةٍ قَدْ أَقَلْتَها، وَرَحْمَةٍ قَدْ نَشَرْتَها، وَحَلْقَةِ بَلاءٍ قَدْ فَكَكْتَها.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةً وَلا وَلَداً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ فِي الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبيراً. اَلْحَمْدُ للهِ بِجَميعِ مَحامِدِهِ كُلِّها عَلى جَميعِ نِعَمِهِ كُلِّها. اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا مُضادَّ لَهُ في مُلْكِهِ، وَلا مُنازِعَ لَهُ في أَمْرِهِ.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا شَريكَ لَهُ في خَلْقِهِ، وَلا شَبيهَ(٥١٧) لَهُ في عَظَمَتِهِ. اَلْحَمْدُ للهِ الْفاشي فِي الْخَلْقِ أَمْرُهُ وَحَمْدُهُ، اَلظَّاهِرِ بِالْكَرَمِ مَجْدُهُ، وَالْباسِطِ بِالْجُودِ يَدَهُ، اَلَّذي لا تَنْقُصُ خَزائِنُهُ، وَلا تَزيدُهُ كَثْرَةُ الْعَطاءِ إِلّا جُوداً وَكَرَماً، إِنَّهُ هُوَ الْعَزيزُ الْوَهَّابُ.
اللّهم إِنّي أَسأَلُكَ قَليلاً مِنْ كَثيرٍ مَعَ حاجَةٍ بي إِلَيْهِ عَظيمَةٍ، وَغِناكَ عَنْهُ قَديمٌ، وَهُوَ عِنْدي كَثيرٌ، وَهُوَ عَلَيْكَ سَهْلٌ يَسيرٌ.
اللّهم إِنَّ عَفْوَكَ عَنْ ذَنْبي، وَتَجاوُزَكَ عَنْ خَطيئَتي، وَصَفْحَكَ عَنْ ظُلْمي، وَسَتْرَكَ عَلى(٥١٨) قَبيحِ عَمَلي، وَحِلْمَكَ عَنْ كَثيرِ(٥١٩) جُرْمي، عِنْدَ ما كانَ مِنْ خَطَئي وَعَمْدي، أَطْمَعَني في أَنْ أَسْئَلَكَ ما لا أَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ، اَلَّذي رَزَقْتَني مِنْ رَحْمَتِكَ، وَأَرَيْتَني مِنْ قُدْرَتِكَ، وَعَرَّفْتَني مِنْ إِجابَتِكَ، فَصِرْتُ أَدْعُوكَ آمِناً.
وَأَسأَلُكَ مُسْتَأْنِساً لا خائِفاً وَلا وَجِلاً، مُدِلًّا عَلَيْكَ فيما قَصَدْتُ فيهِ إِلَيْكَ، فَإِنْ أَبْطَأَ عَنّي(٥٢٠) عَتَبْتُ بِجَهْلي عَلَيْكَ، وَلَعَلَّ الَّذي أَبْطَأَ عَنّي هُوَ خَيْرٌ لي، لِعِلْمِكَ بِعاقِبَةِ الْاُمُورِ.
فَلَمْ أَرَ مَوْلىً(٥٢١) كَريماً أَصْبَرَ عَلى عَبْدٍ لَئيمٍ مِنْكَ عَلَيَّ يا رَبِّ، إِنَّكَ تَدْعُوني فَأُوَلّي عَنْكَ، وَتتَحَبَّبُ إِلَيَّ فَأَتَبَغَّضُ إِلَيْكَ، وَتَتَوَدَّدُ إِلَيَّ فَلا أَقْبَلُ مِنْكَ، كَأَنَّ لِيَ التَّطَوُّلَ عَلَيْكَ، فَلَمْ يَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الرَّحْمَةِ لي(٥٢٢)، وَالْإِحْسانِ إِلَيَّ، وَالتَّفَضُّلِ عَلَيَّ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، فَارْحَمْ عَبْدَكَ الْجاهِلَ، وَجُدْ عَلَيْهِ(٥٢٣) بِفَضْلِ إِحْسانِكَ، إِنَّكَ جَوادٌ كَريمٌ.
اَلْحَمْدُ للهِ مالِكِ الْمُلْكِ، مُجْرِى الْفُلْكِ، مُسَخِّرِ الرِّياحِ، فالِقِ الْإِصْباحِ، دَيَّانِ الدّينِ، رَبِّ الْعالَمينَ. اَلْحَمْدُ للهِ عَلى حِلْمِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ، وَالْحَمْدُ للهِ عَلى عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ.
وَالْحَمْدُ للهِ عَلى طُولِ أَناتِهِ في غَضَبِهِ، وَهُوَ قادِرٌ عَلى ما يُريدُ(٥٢٤). اَلْحَمْدُ للهِ خالِقِ الْخَلْقِ، باسِطِ الرِّزْقِ، فالِقِ الْإِصْباحِ، ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ، وَالْفَضْلِ وَالْإِنْعامِ، اَلَّذي بَعُدَ فَلا يُرى، وَقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوى، تَبارَكَ وَتَعالى.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لَيْسَ لَهُ مُنازِعٌ يُعادِلُهُ، وَلا شَبيهٌ(٥٢٥) يُشاكِلُهُ، وَلا ظَهيرٌ يُعاضِدُهُ(٥٢٦)، قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الْأَعِزَّاءَ، وَتَواضَعَ لِعَظَمَتِهِ الْعُظَماءُ، فَبَلَغَ بِقُدْرَتِهِ ما يَشاءُ.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يُجيبُني حينَ اُناديهِ، وَيَسْتُرُ عَلَيَّ كُلَّ عَوْرَةٍ وَأَنَا أَعْصيهِ، وَيُعَظِّمُ النِّعْمَةَ عَلَيَّ فَلا اُجازيهِ، فَكَمْ مِنْ مَوْهِبَةٍ هَنيئَةٍ قَدْ أَعْطاني، وَعَظيمَةٍ مَخُوفَةٍ قَدْ كَفاني، وَبَهْجَةٍ مُونِقَةٍ قَدْ أَراني، فَاُثْني عَلَيْهِ حامِداً، وَأَذْكُرُهُ مُسَبِّحاً.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي لا يُهْتَكُ حِجابُهُ، وَلا يُغْلَقُ بابُهُ، وَلا يُرَدُّ سائِلُهُ، وَلا يُخَيَّبُ(٥٢٧) آمِلُهُ(٥٢٨). اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يُؤْمِنُ الخائِفينَ، وَيُنَجِّى(٥٢٩) الصَّالِحينَ، وَيَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفينَ، وَيَضَعُ الْمُسْتَكْبِرينَ، وَيُهْلِكُ مُلُوكاً، وَيَسْتَخْلِفُ آخَرينَ.
وَالْحَمْدُ للهِ قاصِمِ الجَبَّارينَ، مُبيرِ الظَّالِمينَ(٥٣٠)، مُدْرِكِ الْهارِبينَ، نَكالِ(٥٣١) الظَّالِمينَ، صَريخِ الْمُسْتَصْرِخينَ، مَوْضِعِ حاجاتِ الطَّالِبينَ، مُعْتَمَدِ الْمُؤْمِنينَ.
اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي مِنْ خَشْيَتِهِ تَرْعَدُ السَّماءُ وَسُكَّانُها، وَتَرْجُفُ الْأَرْضُ وَعُمَّارُها، وَتَمُوجُ الْبِحارُ وَمَنْ يَسْبَحُ(٥٣٢) في غَمَراتِها. اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي هَدانا لِهذا، وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا الله. اَلْحَمْدُ للهِ الَّذي يَخْلُقُ وَلَمْ يُخْلَقْ، وَيَرْزُقُ وَلا(٥٣٣) يُرْزَقْ، وَيُطْعِمُ وَلا يُطْعَمْ، وَيُميتُ الْأَحْياءَ وَيُحْيِى الْمَوْتى، وَهُوَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شيء قَديرٌ.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَأَمينِكَ وَصَفِيِّكَ، وَحَبيبِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَحافِظِ سِرِّكَ، وَمُبَلِّغِ رِسالاتِكَ، أَفْضَلَ وَأَحْسَنَ وَأَجْمَلَ وَأَكْمَلَ وَأَزْكى وَأَنْمى وَأَطْيَبَ وَأَطْهَرَ وَأَسْنى وَأَكْثَرَ(٥٣٤) ما صَلَّيْتَ وَبارَكْتَ وَتَرَحَّمْتَ، وَتَحَنَّنْتَ وَسَلَّمْتَ، عَلى أَحَدٍ مِنْ عِبادِكَ وَأَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ وَصَفْوَتِكَ، وَأَهْلِ الْكَرامَةِ عَلَيْكَ مِنْ خَلْقِكَ.
اللّهم صَلِّ عَلى عَلِيٍّ أمير المؤمنين، وَوَصِيِّ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ، عَبْدِكَ وَوَلِيِّكَ، وَأَخي رَسُولِكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَآيَتِكَ الْكُبْرى، وَالنَّبَأ الْعَظيمِ، وَصَلِّ عَلَى الصِّدّيقَةِ الطَّاهِرَةِ، فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، وَصَلِّ عَلى سِبْطَيِ الرَّحْمَةِ، وإِمامَيِ الْهُدى، اَلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، سَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
وَصَلِّ عَلى أَئِمَّةِ الْمُسْلِمينَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَالْخَلَفِ الْهادِي الْمَهْدِيِّ، حُجَجِكَ عَلى عِبادِكَ، واُمَنائِكَ في بِلادِكَ، صلاة كَثيرَةً دائِمَةً.
اللّهم وَصَلِّ عَلى وَلِيِّ أَمْرِكَ، اَلْقائِمِ الْمُؤَمَّلِ، وَالْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ، وَحُفَّهُ(٥٣٥) بِمَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ، وَأَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ، يا رَبَّ الْعالَمينَ.
اللّهم اجْعَلْهُ الدَّاعِيَ إِلى كِتابِكَ، وَالْقائِمَ بِدينِكَ، إِسْتَخْلِفْهُ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفْتَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِ، مَكِّنْ لَهُ دينَهُ الَّذِي ارْتَضَيْتَهُ لَهُ، أَبْدِلْهُ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِ أَمْناً، يَعْبُدُكَ لا يُشْرِكُ بِكَ شَيْئاً.
اللّهم أَعِزَّهُ وَأَعْزِزْ بِهِ، وَانْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ، وَانْصُرْهُ نَصْراً عَزيزاً، وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسيراً، وَاجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصيراً. اللّهم أَظْهِرْ بِهِ دينَكَ(٥٣٦) وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ حَتَّى لا يَسْتَخْفِيَ(٥٣٧) بِشيء مِنَ الْحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ.
اللّهم إِنَّا نَرْغَبُ إِلَيْكَ في دَوْلَةٍ كَريمَةٍ، تُعِزُّ بِهَا الْإِسْلامَ وَأَهْلَهُ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَأَهْلَهُ، وَتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إِلى طاعَتِكَ، وَالْقادَةِ إِلى سَبيلِكَ، وَتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ. اللّهم ما عَرَّفْتَنا مِنَ الْحَقِّ فَحَمِّلْناهُ، وَما قَصُرْنا(٥٣٨) عَنْهُ فَبَلِّغْناهُ.
اللّهم الْمُمْ بِهِ شَعَثَنا، وَاشْعَبْ بِهِ صَدْعَنا، وَارْتُقْ بِهِ فَتْقَنا، وَكَثِّرْ بِهِ قِلَّتَنا، وَأَعْزِزْ(٥٣٩) بِهِ ذِلَّتَنا، وَأَغْنِ بِهِ عائِلَنا، وَاقْضِ بِهِ عَنْ مَغْرَمِنا، وَاجْبُرْ بِهِ فَقْرَنا، وَسُدَّ بِهِ خَلَّتَنا(٥٤٠)، وَيَسِّرْ بِهِ عُسْرَنا، وبَيِّضْ بِهِ وُجُوهَنا، وَفُكَّ بِهِ أَسْرَنا، وَأَنْجِحْ بِهِ طَلِبَتَنا، وَأَنْجِزْ بِهِ مَواعيدَنا، وَاسْتَجِبْ بِهِ دَعْوَتَنا، وَأَعْطِنا بِهِ سُؤْلَنا، وَبَلِّغْنا بِهِ مِنَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ آمالَنا، وَأَعْطِنا بِهِ فَوْقَ رَغْبَتِنا.
يا خَيْرَ الْمَسْئُولينَ وَأَوْسَعَ الْمُعْطينَ، إِشْفِ بِهِ صُدُورَنا، وَأَذْهِبْ بِهِ غَيْظَ قُلُوبِنا، وَاهْدِنا بِهِ لِمَا اخْتُلِفَ فيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدي مَنْ تَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقيمٍ، وَانْصُرْنا بِهِ عَلى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّنا، إِلهَ الْحَقِّ آمينَ.
اللّهم إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا(٥٤١)، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وَقِلَّةَ عَدَدِنا، وَشِدَّةَ الْفِتَنِ بِنا، وَتَظاهُرَ الزَّمانِ عَلَيْنا، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَعِنَّا عَلى ذلِكَ(٥٤٢) بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ، وَبِضُرٍّ(٥٤٣) تَكْشِفُهُ، وَنَصْرٍ تُعِزُّهُ، وَسُلْطانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ، وَرَحْمَةٍ مِنْكَ تُجَلِّلُناها، وَعافِيَةٍ مِنْكَ تُلْبِسُناها، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ(٥٤٤).
٦٣) الدعاء لظهوره أرواحنا فداه بعد كلّ صلاة في شهر رمضان
قد ورد هذا الدعاء عقيب كلّ صلاة:
اللّهم أَدْخِلْ عَلى أَهْلِ الْقُبُورِ السُّرُورَ. اللّهم أَغْنِ كُلَّ فَقيرٍ. اللّهم أَشْبِعْ كُلَّ جائِعٍ. اللّهم اكْسُ كُلَّ عُرْيانٍ. اللّهم اقْضِ دَيْنَ كُلِّ مَدينٍ. اللّهم فَرِّجْ عَنْ كُلِّ مَكْرُوبٍ. اللّهم رُدَّ كُلَّ غَريبٍ. اللّهم فُكَّ كُلَّ أَسيرٍ.
اللّهم أَصْلِحْ كُلَّ فاسِدٍ مِنْ اُمُورِ الْمُسْلِمينَ. اللّهم اشْفِ كُلَّ مَريضٍ. اللّهم سُدَّ فَقْرَنا بِغِناكَ. اللّهم غَيِّرْ سُوءَ حالِنا بِحُسْنِ حالِكَ. اللّهم اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنا مِنَ الْفَقْرِ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَديرٌ(٥٤٥).
ولا يخفى على القارئ الكريم إنّ مضمون الدعاء لا يتحقّق إلّا في الحكومة الإلهيّة والدولة المهدويّة، وللدعاء قصّة تدلّ على مناسبته لهذا الباب لا مجال لنا الآن لذكرها.
٦٤) الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في اليوم الثالث عشر من شهر رمضان
نقل السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس (رحمه الله) هذا الدعاء لهذا اليوم:
اللّهم إِنّي أَدينُكَ بِطاعَتِكَ وَوِلايَتِكَ، وَوِلايَةِ مُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ، وَوِلايَةِ أمير المؤمنين حَبيبِ نَبِيِّكَ، وَوِلايَةِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، سِبْطَيْ نَبِيِّكَ وَسَيِّدَيْ شَبابِ أَهْلِ جَنَّتِكَ.
وَأَدينُكَ يا رَبِّ بِوِلايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَسَيِّدي وَمَوْلايَ صاحِبِ الزَّمانِ.
أَدينُكَ يا رَبِّ بِطاعَتِهِمْ وَوِلايَتِهِمْ، وَبِالتَّسْليمِ بِما فَضَّلْتَهُمْ، راضِياً غَيْرَ مُنْكِرٍ وَلا مُسْتَكْبِرٍ، عَلى ما أَنْزَلْتَ في كِتابِكَ.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَادْفَعْ عَنْ وَلِيِّكَ وَخَليفَتِكَ وَلِسانِكَ وَالْقائِمِ بِقِسْطِكَ، وَالْمُعَظِّمِ لِحُرْمَتِكَ، وَالْمُعَبِّرِ عَنْكَ، وَالنَّاطِقِ بِحُكْمِكَ، وَعَيْنِكَ النَّاظِرَةِ، وَاُذُنِكَ السَّامِعَةِ، وَشاهِدِ عِبادِكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَالْمُجاهِدِ في سَبيلِكَ، وَالْمُجْتَهِدِ في طاعَتِكَ.
وَاجْعَلْهُ في وَديعَتِكَ الَّتي لا تَضيعُ، وَأَيِّدْهُ بِجُنْدِكَ الْغالِبِ، وَأَعِنْهُ وَأَعِنْ عَنْهُ، وَاجْعَلْني وَوالِدَيَّ وَما وَلَدا وَوُلْدي مِنَ الَّذينَ يَنْصُرُونَهُ، وَيَنْتَصِرُونَ بِهِ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، إِشْعَبْ بِهِ صَدْعَنا، وَارْتُقْ بِهِ فَتْقَنا.
اللّهم أَمِتْ بِهِ الْجَوْرَ، وَدَمْدِمْ بِمَنْ نَصَبَ لَهُ، وَاقْصِمْ رُؤُوسَ الضَّلالَةِ حَتَّى لاتَدَعَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْهُمْ دَيَّاراً(٥٤٦).
(٦٥) دعاء آخر في اليوم الثالث عشر من شهر رمضان
نقل السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس (رحمه الله) دعاء آخر لهذا اليوم:
اللّهم إِنَّ الظَّلَمَةَ جَحَدُوا آياتِكَ، وَكَفَرُوا بِكِتابِكَ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، وَاسْتَنْكَفُوا عَنْ عِبادَتِكَ، وَرَغِبُوا عَنْ مِلَّةِ خَليلِكَ، وَبَدَّلُوا ما جاءَ بِهِ رَسُولُكَ، وَشَرَّعُوا غَيْرَ دينِكَ، وَاقْتَدَوْا بِغَيْرِ هُداكَ، وَاسْتَنُّوا بِغَيْرِ سُنَّتِكَ، وَتَعَدَّوْا حُدُودَكَ، وَسَعَوْا مُعاجِزينَ في آياتِكَ.
وَتَعاوَنُوا عَلى إِطْفاءِ نُورِكَ، وَصَدُّوا عَنْ سَبيلِكَ، وَكَفَرُوا نَعْماءَكَ، وَشاقُّوا وُلاةَ أَمْرِكَ، وَوالَوْا أَعْداءَكَ، وَعادَوْا أَوْلِيائَكَ، وَعَرَفُوا ثُمَّ أَنْكَرُوا نِعْمَتَكَ، وَلَمْ يَذْكُرُوا آلاءَكَ، وَأَمِنُوا مَكْرَكَ، وَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ ذِكْرِكَ، وَاسْتَحَلُّوا حَرامَكَ وَحَرَّمُوا حَلالَكَ، وَاجْتَرَأُوا عَلى مَعْصِيَتِكَ، وَلَمْ يَخافُوا مَقْتَكَ، وَنَسُوا نِقْمَتَكَ وَلَمْ يَحْذَرُوا بَأْسَكَ، وَاغْتَرُّوا بِنِعْمَتِكَ.
اللّهم فَاصْبُبْ مِنْهُمْ، وَاصْبُبْ عَلَيْهِمْ عَذابَكَ، وَاسْتَأْصِلْ شافَتَهُمْ، وَاقْطَعْ دابِرَهُمْ، وضَعْ عِزَّهُمْ وَجَبَرُوتَهُمْ، وَانْزَعْ أَوْتارَهُمْ، وَزَلْزِلْ أَقْدامَهُمْ، وَأَرْعِبْ قُلُوبَهُمْ. اللّهم إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا دينَكَ دَغَلاً، وَمالَكَ دُوَلاً وَعِبادَكَ خَوَلاً.
اللّهم اكْفُفْهُمْ بَأْسَهُمْ، وَافْلُلْ حَدَّهُمْ، وَأَوْهِنْ كَيْدَهُمْ، وَأَشْمِتْ عَدُوَّهُمْ وَاشْفِ صُدُورَ الْمُؤْمِنينَ. اللّهم افْتُتْ أَعْضادَهُمْ، وَاقْهَرْ جَبابِرَتَهُمْ، وَاجْعَلِ الدَّائِرَةَ عَلَيْهِمْ، وَاقْضُضْ بُنْيانَهُمْ، وَخالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ، وَفَرِّقْ جَمْعَهُمْ، وَشَتِّتْ أَمْرَهُمْ، وَاجْعَلْ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ، وَابْعَثْ عَلَيْهِمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِهِمْ، وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ، وَاسْفِكْ بِأَيْدِي الْمُؤْمِنينَ دِمائَهُمْ، وَأَوْرِثِ الْمُؤْمِنينَ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ.
اللّهم أَضِلَّ أَعْمالَهُمْ، وَاقْطَعْ رَجاءَهُمْ، وَأَدْحِضْ حُجَّتَهُمْ، وَاسْتَدْرِجْهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ، وَائْتِهِمْ بِالْعَذابِ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ، وَأَنْزِلْ بِساحَتِهِمْ ما يَحْذَرُونَ، وَحاسِبْهُمْ حِساباً شَديداً، وَعَذِّبْهُمْ عَذاباً نُكْراً، وَاجْعَلْ عاقِبَةَ أَمْرِهِمْ خُسْراً.
اللّهم إِنَّهُمُ اشْتَرَوْا بِآياتِكَ ثَمَناً قَليلاً، وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبيراً. اللّهم فَخُذْهُمْ أَخْذاً وَبيلاً، وَدَمِّرْهُمْ تَدْميراً، وَتَبِّرْهُمْ تَتْبيراً، وَلا تَجْعَلْ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ناصِراً، وَلا فِي السَّماءِ عاذِراً، وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبيراً. اللّهم فَخُذْهُمْ أَخْذاً وَبيلاً.
اللّهم إِنَّهُمْ أَضاعُوا الصَّلاةَ، وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ، وعَمِلُوا السَّيِّئاتِ. اللّهم فَخُذْهُمْ بِالْبَلِيَّاتِ، وَاحْلُلْ بِهِمُ الْوَيْلاتِ، وَأَرِهِمُ الْحَسَراتِ، يا الله إِلهَ الْأَرَضينَ وَالسَّماواتِ. اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَارْحَمْنا بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.
اللّهم إِنّي أَدينُكَ يا رَبِّ بِطاعَتِكَ، وَلا نُنْكِرُ وِلايَةَ مُحَمَّدٍ رَسُولِكَ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَوِلايَةَ أمير المؤمنين عَلِيِّ بْنِ أَبي طالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَوِلايَةَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ (عليهما السلام)، سِبْطَيْ نَبِيِّكَ وَوَلَدَيْ رَسُولِكَ (عليهما السلام).
وَوِلايَةَ الطَّاهِرينَ الْمَعْصُومينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْحُسَيْنِ، عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ وَعَلِيِّ بْنِ مُوسى وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ سَلامُ الله وَبَرَكاتُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعينَ، وَوِلايَةَ الْقائِمِ، اَلسَّابِقِ مِنْهُمْ بِالْخَيْراتِ، اَلْمُفْتَرَضِ الطَّاعَةِ، صاحِبِ الزَّمانِ سَلامُ الله عَلَيْهِ.
أَدينُكَ يا رَبِّ بِطاعَتِهِمْ وَوِلايَتِهِمْ، وَالتَّسْليمِ لِفَرْضِهِمْ، راضِياً غَيْرَ مُنْكِرٍ وَلا مُسْتَكْبِرٍ وَلا مُسْتَنْكِفٍ، عَلى مَعْنى ما أَنْزَلْتَ في كِتابِكَ، عَلى مَوْجُودِ ما أَتانا فيهِ، راضِياً ما رَضيتَ بِهِ، مُسَلِّماً مُقِرّاً بِذلِكَ يا رَبِّ، راهِباً لَكَ، راغِباً فيما لَدَيْكَ.
اللّهم ادْفَعْ عَنْ وَلِيِّكَ وَابْنِ نَبِيِّكَ، وَخَليفَتِكَ وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَالشَّاهِدِ عَلى عِبادِكَ، اَلْمُجاهِدِ الْمُجْتَهِدِ في طاعَتِكَ، وَوَلِيِّكَ وَأَمينِكَ في أَرْضِكَ، فَأَعِذْهُ مِنْ شَرِّ ما خَلَقْتَ وَبَرَأْتَ، وَاجْعَلْهُ في وَدائِعِكَ الَّتي لا يَضيعُ مَنْ كانَ فيها، وَفي جِوارِكَ الَّذي لا يُقْهَرُ، وَآمِنْهُ بِأَمانِكَ، وَاجْعَلْهُ في كَنَفِكَ، وَانْصُرْهُ بِنَصْرِكَ الْعَزيزِ، يا إِلهَ الْعالَمينَ.
اللّهم اعْصِمْهُ بِالسَّكينَةِ، وَأَلْبِسْهُ دِرْعَكَ الْحَصينَةَ، وَأَعِنْهُ وَانْصُرْهُ بِنَصْرِكَ الْعَزيزِ نَصْراً عَزيزاً، وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسيراً، وَاجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصيراً. اللّهم والِ مَنْ والاهُ، وَعادِ مَنْ عاداهُ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ.
اللّهم اشْعَبْ بِهِ صَدْعَنا، وَارْتُقْ بِهِ فَتْقَنا، وَالْمُمْ بِهِ شَعَثَنا، وَكَثِّرْ بِهِ قِلَّتَنا، وَأَعْزِزْ بِهِ ذِلَّتَنا، وَاقْضِ بِهِ عَنْ مَغْرَمِنا، وَاجْبُرْ بِهِ فَقْرَنا، وَسُدَّ بِهِ خَلَّتَنا، وَأَغْنِ بِهِ فاقَتَنا، وَيَسِّرْ بِهِ عُسْرَتَنا، وَكُفَّ بِهِ وُجُوهَنا، وَأَنْجِحْ بِهِ طَلِبَتَنا، وَاسْتَجِبْ بِهِ دُعائَنا، وَأَعْطِنا بِهِ فَوْقَ رَغْبَتِنا، وَاشْفِ بِهِ صُدُورَنا، وَاهْدِنا لِمَا اخْتُلِفَ فيهِ مِنَ الْحَقِّ يا رَبِّ، إِنَّكَ تَهْدي مَنْ تَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقيمٍ.
اللّهم أَمِتْ بِهِ الْجَوْرَ، وَأَظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ، وَقَوِّ ناصِرَهُ، وَاخْذُلْ خاذِلَهُ، وَدَمِّرْ مَنْ نَصَبَ لَهُ، وَأَهْلِكْ مَنْ غَشَّهُ، وَاقْتُلْ بِهِ جَبابِرَةَ الْكُفْرِ، وَاقْصِمْ رُؤُوسَ الضَّلالَةِ، وَسائِرَ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَمُقَوِّيَةَ الْباطِلِ، وَذَلِّلْ بِهِ الْجَبابِرَةَ، وَأَبِرْ بِهِ الْكافِرينَ وَالْمُنافِقينَ وَجَميعَ الْمُلْحِدينَ، في مَشارِقِ الْأَرْضِ وَمَغارِبِها، بَرِّها وَبَحْرِها، وَسَهْلِها وَجَبَلِها، لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْهُمْ دَيَّاراً، وَلا تُبْقِ لَهُمْ آثاراً.
اللّهم أَظْهِرْهُ، وَافْتَحْ عَلى يَدَيْهِ الْخَيْراتِ، وَاجْعَلْ فَرَجَنا مَعَهُ وَبِهِ. اللّهم أَعِنَّا عَلى سُلُوكِ الْمَناهِجِ، مِنْهاجِ الْهُدى، وَالْمَحَجَّةِ الْعُظْمى، وَالطَّريقَةِ الْوُسْطى، اَلَّتي يَرْجِعُ إِلَيْهِ الْغالي، وَيَلْحَقُ بِهِ التَّالي، وَوَفِّقْنا لِمُتابَعَتِهِ، وَأَداءِ حَقِّهِ.
وَامْنُنْ عَلَيْنا بِمُتابَعَتِهِ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ، وَاجْعَلْنا مِنَ الطَّالِبينَ رِضاكَ بِمُناصَحَتِهِ، حَتَّى تَحْشُرَنا يَوْمَ الْقِيامَةِ في أَعْوانِهِ وَأَنْصارِهِ، وَمَعُونَةِ سُلْطانِهِ، وَاجْعَلْ ذلِكَ لَنا خالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ، وَرِياءٍ وَسُمْعَةٍ، لانَطْلُبُ بِهِ غَيْرَكَ، وَلا نُريدُ بِهِ سِواكَ، وَتُحِلَّنا مَحَلَّهُ، وَتَجْعَلَنا فِي الْخَيْرِ مَعَهُ.
وَاصْرِفْ عَنَّا في أَمْرِهِ السَّامَةَ وَالْكَسَلَ وَالْفَتْرَةَ، وَلا تَسْتَبْدِلْ بِنا غَيْرَنا، فَإِنَّ اسْتِبْدالَكَ بِنا غَيْرَنا عَلَيْكَ يَسيرٌ وَعَلَيْنا عَسيرٌ، وَقَدْ عَلِمْنا بِفَضْلِكَ وإِحْسانِكَ يا كَريمُ، وَصَلَّى الله عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ(٥٤٧).
(٦٦) الدعاء لظهوره أرواحنا فداه في اليوم الثامن عشر من شهر رمضان
نقل السيّد بن طاووس (رحمه الله) لليوم الثامن عشر من شهر رمضان هذا الدعاء:
اللّهم إِنَّ الظَّلَمَةَ كَفَرُوا بِكِتابِكَ، وَجَحَدُوا آياتِكَ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، وَبَدَّلُوا ما جاءَ بِهِ رَسُولُكَ، وَشَرَعُوا غَيْرَ دينِكَ، وَسَعَوْا بِالْفَسادِ في أَرْضِكَ، وَتَعاوَنُوا عَلى إِطْفاءِ نُورِكَ، وَشاقُّوا وُلاةَ أَمْرِكَ، وَوالَوْا أَعْداءَكَ، وَعادَوْا أَوْلِياءَكَ، وَظَلَمُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكَ.
اللّهم فَانْتَقِمْ مِنْهُمْ، وَاصْبُبْ عَلَيْهِمْ عَذابَكَ، وَاسْتَأْصِلْ شَأْفَتَهُمْ. اللّهم إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا دينَكَ دَغَلاً، وَمالَكَ دُوَلاً، وَعِبادَكَ خَوَلاً، فَاكْفُفْ بَأْسَهُمْ، وَأَوْهِنْ كَيْدَهُمْ، وَاشْفِ مِنْهُمْ صُدُورَ الْمُؤْمِنينَ، وَخالِفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَشَتِّتْ أَمْرَهُمْ، وَاجْعَلْ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ، وَاسْفِكْ بِأَيْدِي الْمُؤْمِنينَ دِمائَهُمْ، وَخُذْهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ. اللّهم إِنَّا نَشْهَدُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَيَوْمَ حُلُولِ الطَّامَّةِ، أَنَّهُمْ لَمْ يُذْنِبُوا لَكَ ذَنْباً، وَلَمْ يَرْتَكِبُوا لَكَ مَعْصِيَةً، وَلَمْ يُضَيِّعُوا لَكَ طاعَةً.
وَأَنَّ مَوْلانا وَسَيِّدَنا صاحِبَ الزَّمانِ، اَلْهادِي الْمُهْتَدي، اَلتَّقِيُّ النَّقِيُّ الزَّكِيُّ الرَّضِيُّ، فَاسْلُكْ بِنا عَلى يَدَيْهِ مِنْهاجَ الْهُدى، وَالْمَحَجَّةَ الْعُظْمى، وَقَوِّنا عَلى مُتابَعَتِهِ، وَأَداءِ حَقَّهِ، وَاحْشُرْنا في أَعْوانِهِ وَأَنْصارِهِ، إِنَّكَ سَميعُ الدُّعاءِ(٥٤٨).
(٦٧) الدعاء لظهوره أرواحنا فداه في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان
ورد هذا الدعاء في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان في بعض النسخ:
اللّهم يا ذَا الْمَجْدِ الشَّامِخِ وَالسُّلْطانِ الْباذِخِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَكُنْ لِوَلِيِّكَ وَابْنِ وَلِيِّكَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَهْدِيِّ، في هذِهِ السَّاعَةِ وَلِيّاً وَحافِظاً، وَقائِداً وَناصِراً، وَدَليلاً وَعَوْناً، وَعَيْناً وَمُعيناً، حَتَّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً، وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً.
يا مُدَبِّرَ الْاُمُورِ، يا باعِثَ مَنْ فِي الْقُبُورِ، يا مُجْرِيَ الْبُحُورِ، يا مُلَيِّنَ الْحَديدِ لِداوُودَ عَلَيْهِ السَّلامُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْعَلْ بي كَذا وَكَذا، أي اُطلب حاجتك(٥٤٩).
(٦٨) دعاء آخر لظهوره أرواحنا فداه في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان
قال العلّامة المجلسي: عن محمّد بن عيسى بن عبيد بإسناده عن الصالحين (عليهم السلام) قال:
وكرّر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان قائماً وقاعداً، وعلى كلّ حال، والشهر كلّه، وكيف أمكنك، ومتى حضرك في دهرك، تقول بعد تمجيد الله تعالى والصلاة على النبيّ وآله:
اللّهم كُنْ لِوَلِيِّكَ الْقائِمِ بِأَمْرِكَ، مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمَهْدِيِّ، عَلَيْهِ وَعَلى آبائِهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامِ، في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ ساعَةٍ، وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَمُؤَيِّداً، حَتَّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً، وَتُمَتِّعَهُ فيها طُولاً وَعَرْضاً، وَتَجْعَلَهُ وَذُرِّيَّتَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْوارِثينَ.
اللّهم انْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ، وَاجْعَلِ النَّصْرَ مِنْكَ عَلى يَدِهِ، وَاجْعَلِ النَّصْرَ لَهُ وَالْفَتْحَ عَلى وَجْهِهِ، وَلا تُوَجِّهِ الْأَمْرَ إِلى غَيْرِهِ. اللّهم أَظْهِرْ بِهِ دينَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ، حَتَّى لا يَسْتَخْفِيَ بِشيء مِنَ الْحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ.
اللّهم إِنّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ في دَوْلَةٍ كَريمَةٍ تُعِزُّ بِهَا الْإِسْلامَ وَأَهْلَهُ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَأَهْلَهُ، وَتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ إِلى طاعَتِكَ، وَالْقادَةِ إِلى سَبيلِكَ، وَآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنا عَذابَ النَّارِ، وَاجْمَعْ لَنا خَيْرَ الدَّارَيْنِ، وَاقْضِ عَنَّا جَميعَ ما تُحِبُّ فيهِما.
وَاجْعَلْ لَنا في ذلِكَ الْخِيَرَةَ بِرَحْمَتِكَ وَمَنِّكَ في عافِيَةٍ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ، وَزِدْنا مِنْ فَضْلِكَ وَيَدُكَ الْمَلَأُ، فَإِنَّ كُلَّ مُعْطٍ يَنْقُصُ مِنْ مُلْكِهِ، وَعَطاؤُكَ يَزيدُ في مُلْكِكَ(٥٥٠).
(٦٩) الدعاء الثالث لظهوره أرواحنا فداه في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان وفي غيرها
قال الشيخ الأجلّ الكفعمي (رحمه الله): وعنهم (عليهم السلام):
كرّر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، هذا الدعاء ساجداً وقائماً وقاعداً وعلى كلّ حال، وفي الشهر كلّه، وكيف أمكنك، ومتى حضرك من دهرك، تقول بعد تمجيده تعالى والصلاة على نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم)(٥٥١):
اللّهم كُنْ لِوَلِيِّكَ(٥٥٢) الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ، (صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِهِ)، في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ ساعَةٍ، وَلِيّاً وَحافِظاً، وَقائِداً وَناصِراً، وَدَليلاً وَعَيْناً، حَتَّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً، وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً(٥٥٣).
من أدب الشيعة بالنسبة إلى الإمام (عجّل الله فرجه) في يوم عيد فطر
قال السيّد الأجلّ رضي الدين عليّ بن طاووس: فصل فيما نذكره من أدب العبد يوم العيد مع من يعتقد أنّه إمامه وصاحب ذلك المقام المجيد فأقول:
إعلم أنّه إذا كان يوم عيد الفطر، فإن كان صاحب الحكم والأمر متصرّفاً في ملكه ورعاياه على الوجه الّذي أعطاه مولاه، فليكن مهنئاً له صلوات الله عليه بشرف إقبال الله جلّ جلاله عليه، وتمام تمكينه من إحسانه إليه.
ثمّ كن مهنّئاً لنفسك ولمن يعزّ عليك وللدّنيا وأهلها، ولكلّ مسعود بإمامته بوجوده (عليه السلام)، وسعوده وهدايته وفوائد دولته، وإن كان من يعتقد وجوب طاعته ممنوعاً من التصرّف في مقتضى رياسته، فليكن عليك أثر المساواة والمواساة في الغضب مع الله جلّ جلاله مولاك ومولاه، والغضب لأجله، والتأسّف على ما فات من فضله.
فقد روينا بإسنادنا إلى أبي جعفر بن بابويه من كتاب «من لا يحضره الفقيه» وغيره بإسناده إلى حنّان بن سدير، عن عبد الله بن دينار، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال:
يا عبد الله؛ ما من عيد للمسلمين أضحى ولا فطر إلّا وهو يتجدّد لآل محمّد فيه حزن.
قال: قلت: ولِمَ؟
قال: لأنّهم يرون حقّهم في يد غيرهم.
وأقول: لو أنّك استحضرت كيف كانت تكون أعلام الإسلام بالعدل منشورة وأحكام الأنام بالفضل مشهورة، والأموال في الله جلّ جلاله إلى سائر عباده مبذولة والآمال ضاحكة مستبشرة مقبولة، والأمن شامل للقريب والبعيد، والنّصر كامل للضعيف والذّليل والوحيد، والدنيا قد أشرقت بشموس سعودها، وانبسطت يد الإقبال في أغوارها ونجودها، وظهر من حكم الله جلّ جلاله الباهر، وسلطانه القاهر ما يبهج العقول والقلوب سروراً، ويملأ الآفاق ظهوراً ونوراً، لكنت والله يا أخي قد تنغّصت في عيدك الّذي أنت مسرور بإقباله، وعرفت ما فاتك من كرم الله جلّ جلاله، وإفضاله وكان البكاء والتلهف والتأسّف أغلب عليك وأليق بك وأبلغ في الوفاء لمن يعزّ عليك، وقد رفعت بك الآن ولم أشرح ما كان يمكن فيه إطلاق اللّسان، وهذا الّذي ذكرناه على سبيل التّنبيه والإشارة، لأنّ استيفاء شرح ما نريده يضيق عنه مبسوط العبارة.
واعلم أنّ الصّفاء والوفاء لأصحاب الحقوق عند التّفريق والبعاد، أحسن من الصّفا والوفاء مع الحضور واجتماع الأجساد، فليكن الصّفاء والوفاء شعار قلبك لمولاك وربّك القادر على تفريج كربك(٥٥٤).
(٧٠) الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة
قال الشيخ (رحمه الله) في (مصباح المتهجّد): ويستحبّ أن يدعى في هذا اليوم بهذا الدعاء:
اللّهم داحِيَ الْكَعْبَةِ، وَفالِقَ الْحَبَّةِ، وَصارِفَ اللَّزْبَةِ، وَكاشِفَ كُلِّ كُرْبَة، اَسْاَلُكَ في هذَا الْيَوْمِ مِنْ اَيّامِكَ الَّتي اَعْظَمْتَ حَقَّها، وَاَقْدَمْتَ سَبْقَها، وَجَعَلْتَها عِنْدَ الْمُؤْمِنينَ وَديعَةً، وَاِلَيْكَ ذَريعَةً، وَبِرَحْمَتِكَ الْوَسيعَةِ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ الْمُنْتَجَبِ(٥٥٥) في الْميثاقِ الْقَريبِ يَوْمَ التَّلاقِ، فاتِقِ كُلِّ رَتْق، وَداع اِلى كُلِّ حَقِّ، وَعَلى اَهْلِ بَيْتِهِ الْاَطْهارِ الْهُداةِ الْمَنارِ دَعائِمِ الْجَبّارِ، وَوُلاةِ الْجَنَّةِ وَالنّارِ، وَاَعْطِنا في يَوْمِنا هذا مِنْ عَطائِكَ الْمَخْزوُنِ غَيْرَ مَقْطوُع وَلا مَمْنوُع، تَجْمَعُ لَنا بِهِ التَّوْبَةَ وَحُسْنَ الْاَوْبَةِ.
يا خَيْرَ مَدْعُوٍّ، وَاَكْرَمُ مَرْجُوٍّ، يا كَفِيُّ(٥٥٦) يا وَفِيُّ يا مَنْ لُطْفُهُ خَفِيٌّ اُلْطُفْ لي بِلُطْفِكَ، وَاَسْعِدْني بِعَفْوِكَ، وَاَيِّدْني بِنَصْرِكَ، وَلا تُنْسِني كَريمَ ذِكْرِكَ بِوُلاةِ اَمْرِكَ، وَحَفَظَةِ سِرِّكَ، وَاحْفَظْني مِنْ شَوائِبِ الدَّهْرِ اِلى يَوْمِ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ، وَاَشْهِدْني اَوْلِياءِكَ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسي، وَحُلُولِ رَمْسي، وَانْقِطاعِ عَمَلي، وَانْقِضاءِ اَجَلي.
اللّهم وَاذْكُرْني عَلى طُولِ الْبِلى اِذا حَلَلْتُ بَيْنَ اَطْباقِ(٥٥٧) الثَّرى، وَنَسِيَني النّاسُونَ مِنَ الْوَرى، وَاحْلِلْني(٥٥٨) دارَ الْمُقامَةِ، وَبَوِّئْني مَنْزِلَ الْكَرامَةِ، وَاجْعَلْني مِنْ مُرافِقي اَوْلِيائِكَ وَاَهْلِ اجْتِبائِكَ وَاصْطَفائِكَ(٥٥٩)، وَباركْ لي في لِقائِكَ، وَارْزُقْني حُسْنَ الْعَمَلِ قَبْلَ حُلُولِ الْاَجَلِ، بَريئاً(٥٦٠) مِنَ الزَّلَلِ وَسوُءِ الْخَطَلِ.
اللّهم وَاَوْرِدْني حَوْضَ نَبِيِّكَ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِ بيتِهِ(٥٦١)، وَاسْقِني مِنْهُ مَشْرَباً رَوِيّاً سائِغاً هَنيئاً لا اَظْمَأُ بَعْدَهُ وَلا اُحَلاَّ وِرْدَهُ وَلا عَنْهُ اُذادُ، وَاجْعَلْهُ لي خَيْرَ زاد، وَاَوْفى ميعاد يَوْمَ يَقُومُ الْاَشْهادُ.
اللّهم وَالْعَنْ جَبابِرَةَ الْاَوَّلينَ وَالاْخِرينَ، وَبِحُقُوقِ(٥٦٢) اَوْلِيائِكَ الْمُسْتَأثِرِينَ اللّهم وَاقْصِمْ دَعائِمَهُمْ وَاَهْلِكْ اَشْياعَهُمْ وَعامِلَهُمْ، وَعَجِّلْ مَهالِكَهُمْ، وَاسْلُبْهُمْ مَمالِكَهُمْ، وَضَيِّقْ عَلَيْهِمْ مَسالِكَهُمْ، وَالْعَنْ مُساهِمَهُمْ وَمُشارِكَهُمْ.
اللّهم وَعَجِّلْ فَرَجَ اَوْلِيائِكَ، وَارْدُدْ عَلَيْهِمْ مَظالِمَهُمْ، وَاَظْهِرْ بِالْحَقِّ قائِمَهُمْ، وَاجْعَلْهُ لِدينِكَ مُنْتَصِراً، وَبِاَمْرِكَ في اَعْدائِكَ مُؤْتَمِراً.
اللّهم احْفُفْهُ بِمَلائِكَةِ النَّصْرِ وَبِما اَلْقَيْتَ اِلَيْهِ مِنَ الْاَمْرِ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ، مُنْتَقِماً لَكَ حَتّى تَرْضى وَيَعوُدَ دينُكَ بِهِ وَعَلى يَدَيْهِ جَديداً غَضّاً، وَيَمْحَضَ الْحَقَّ مَحْضاً، وَيَرْفُضَ الْباطِلَ رَفْضاً.
اللّهم صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى جَميعِ آبائِهِ(٥٦٣)، وَاجْعَلْنا مِنْ صَحْبِهِ وَاُسْرَتِهِ، وَابْعَثْنا في كَرَّتِهِ حَتّى نَكُونَ في زَمانِهِ مِنْ اَعْوانِهِ، اللّهم اَدْرِكْ بِنا قِيامَهُ، وَاَشْهِدْنا اَيّامَهُ، وَصَلِّ عَلَيْهِ وَارْدُدْ اِلَيْنا سَلامَهُ(٥٦٤)، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ(٥٦٥).
(٧١) دعاء يوم عيد الغدير من قرأه كان كمن يكون تحت راية القائم (عجّل الله فرجه) وفي فسطاطه من النجباء والنقباء
قال العلّامة المجلسي: روينا بالأسانيد المتّصلة ممّا ذكره ورواه محمّد بن عليّ الطرازي في كتابه عن محمّد بن سنان، عن داود بن كثير الرقي، عن عمارة بن جوين أبي هارون العبدي وروينا بأسانيدنا أيضاً إلى الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان فيما رواه عن عمارة بن جوين أبي هارون العبدي أيضاً قال:
دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) في اليوم الثّامن عشر من ذي الحجّة فوجدته صائماً فقال:
إنّ هذا اليوم يوم عظّم الله حرمته على المؤمنين إذ أكمل الله لهم فيه الدّين وتمّم عليهم النّعمة، وجدّد لهم ما أخذ عليهم من الميثاق والعهد في الخلق الأوّل إذ أنساهم الله ذلك الموقف، ووفّقهم للقبول منه، ولم يجعلهم من أهل الإنكار الّذين جحدوا.
فقلت له: جعلت فداك؛ فما ثواب صوم هذا اليوم؟ فقال:
إنّه يوم عيد وفرح وسرور وصوم شكراً لله (عزَّ وجلَّ)، فإنّ صومه يعدل ستّين شهراً من الأشهر الحرم ومن صلّى فيه ركعتين أيّ وقت شاء - وأفضل ذلك قرب الزّوال، وهي السّاعة الّتي اُقيم فيها أمير المؤمنين (عليه السلام) بغدير خم علماً للنّاس، وذلك أنّهم كانوا قربوا من المنزل في ذلك الوقت - فمن صلّى ركعتين ثمّ سجد وشكر الله (عزَّ وجلَّ) مائة مرّة، ودعا بهذا الدّعاء بعد رفع رأسه من السّجود.
الدّعاء:
اللّهم إِنّي أَسأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، وَحْدَكَ لا شَريكَ لَكَ، وَأَنَّكَ واحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ، لَمْ تَلِدْ وَلَمْ تُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَكَ كُفُواً أَحَدٌ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، يا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ في شَأْنٍ، كَما كانَ مِنْ شَأْنِكَ أَنْ تَفَضَّلْتَ عَلَيَّ، بِأَنْ جَعَلْتَني مِنْ أَهْلِ إِجابَتِكَ، وَأَهْلِ دينِكَ وَأَهْلِ دَعْوَتِكَ، وَوَفَّقْتَني لِذلِكَ في مُبْتَدَأِ خَلْقي، تَفَضُّلاً مِنْكَ وَكَرَماً وَجُوداً.
ثُمَّ أَرْدَفْتَ الْفَضْلَ فَضْلاً، وَالْجُودَ جُوداً، وَالْكَرَمَ كَرَماً، رَأْفَةً مِنْكَ وَرَحْمَةً إِلى أَنْ جَدَّدْتَ ذلِكَ الْعَهْدَ لي تَجْديداً بَعْدَ تَجْديدِكَ خَلْقي، وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً ناسِياً ساهِياً غافِلاً، فَأَتْمَمْتَ نِعْمَتَكَ بِأَنْ ذَكَّرْتَني ذلِكَ، وَمَنَنْتَ بِهِ عَلَيَّ، وَهَدَيْتَني لَهُ.
فَلْيَكُنْ مِنْ شَأْنِكَ يا إِلهي وَسَيِّدي وَمَوْلايَ، أَنْ تُتِمَّ لي ذلِكَ، وَلا تَسْلُبْنيهِ، حَتَّى تَتَوَفَّاني عَلى ذلِكَ وَأَنْتَ عَنّي راضٍ، فَإِنَّكَ أَحَقُّ الْمُنْعِمينَ أَنْ تُتِمَّ نِعْمَتَكَ عَلَيَّ.
اللّهم سَمِعْنا وَأَطَعْنا، وَأَجَبْنا داعِيَكَ بِمَنِّكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ، آمَنَّا بِالله، وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله)، وَصَدَّقْنا وَأَجَبْنا داعِيَ الله، وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ في مُوالاةِ مَوْلانا وَمَوْلَى الْمُؤْمِنينَ أمير المؤمنين عَلِيِّ بْنِ أَبي طالِبٍ، عَبْدِ الله وَأَخي رَسُولِهِ، وَالصِّدّيقِ الْأَكْبَرِ، وَالْحُجَّةِ عَلى بَرِيَّتِهِ، اَلْمُؤَيِّدِ بِهِ نَبِيَّهُ وَدينَهُ الْحَقَّ الْمُبينَ، عَلَماً لِدينِ الله، وَخازِناً لِعِلْمِهِ، وَعَيْبَةَ غَيْبِ الله، وَمَوْضِعَ سِرِّ الله، وَأَمينَ الله عَلى خَلْقِهِ، وَشاهِدَهُ في بَرِيَّتِهِ.
اللّهم «رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادي لِلْإيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ، فَآمَنَّا رَبَّنا، فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا، وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا، وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ * رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْميعادَ»(٥٦٦).
فَآمَنَّا رَبَّنا بِمَنِّكَ وَلُطْفِكَ، أَجَبْنا داعِيَكَ، وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ وَصدَّقْناهُ وَصدَّقْنا مَوْلَى الْمُؤْمِنينَ، وَكَفَرْنا بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ، فَوَلِّنا ما تَوَلَّيْنا، وَاحْشُرْنا مَعَ أَئِمَّتِنا، فَإِنَّا بِهِمْ مُؤْمِنُونَ مُوقِنُونَ، وَلَهُمْ مُسْلِمُونَ.
آمَنَّا بِسِرِّهِمْ وَعَلانِيَتِهِمْ، وَشاهِدِهِمْ وَغائِبِهِمْ، وَحَيِّهِمْ وَمَيِّتِهِمْ، وَرضينا بِهِمْ أَئِمَّةً، وَقادَةً وَسادَةً، وَحَسْبُنا بِهِمْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الله دُونَ خَلْقِهِ، لا نَبْتَغي بِهِمْ بَدَلاً، وَلا نَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِمْ وليجَةً. وَبَرِئْنا إِلَى الله مِنْ كُلِّ مَنْ نَصَبَ لَهُمْ حَرْباً، مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، مِنَ الْأَوَّلينَ وَالْآخِرينَ، وَكَفَرْنا بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ، وَالْأَوْثانِ الْأَرْبَعَةِ، وَأَشْياعِهِمْ وَأَتْباعِهِمْ، وَكُلِّ مَنْ والاهُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، مِنْ أَوَّلِ الدَّهْرِ إِلى آخِرِهِ.
اللّهم إِنَّا نُشْهِدُكَ أَنَّا نَدينُ بِما دانَ بِهِ مُحَمَّدٌ وَآلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَقَوْلُنا ما قالُوا، وَدينُنا ما دانُوا بِهِ، ما قالُوا بِهِ قُلْنا، وَما دانُوا بِهِ دِنَّا، وَما أَنْكَرُوا أَنْكَرْنا، وَمَنْ والَوْا والَيْنا، وَمَنْ عادَوْا عادَيْنا، وَمَنْ لَعَنُوا لَعَنَّا وَمَنْ تَبَرَّءُوا مِنْهُ تَبَرَّأْنا مِنْهُ، وَمَنْ تَرَحَّمُوا عَلَيْهِ تَرَحَّمْنا عَلَيْهِ، آمَنَّا وَسَلَّمْنا وَرضينا، وَاتَّبَعْنا مَوالينا صَلَواتُ الله عَلَيْهِمْ.
اللّهم فَتَمِّمْ لَنا ذلِكَ وَلا تَسْلُبْناهُ، وَاجْعَلْهُ مُسْتَقِرّاً ثابِتاً عِنْدَنا، وَلا تَجْعَلْهُ مُسْتَعاراً، وَأَحْيِنا ما أَحْيَيْتَنا عَلَيْهِ، وَأَمِتْنا إِذا أَمَتَّنا عَلَيْهِ، آلُ مُحَمَّدٍ أَئِمَّتُنا، فَبِهِمْ نَأْتَمُّ، وَإِيَّاهُمْ نُوالي، وَعَدُوَّهُمْ عَدُوَّ الله نُعادي، فَاجْعَلْنا مَعَهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبينَ، فَإِنَّا بِذلِكَ راضُونَ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.
ثمّ تسجد وتحمد الله مائة مرّة، وتشكر الله (عزَّ وجلَّ) مائة مرّة وأنت ساجد، فإنّه من فعل ذلك كان كمن حضر ذلك اليوم وبايع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على ذلك وكانت درجته مع درجة الصّادقين الّذين صدقوا الله ورسوله في موالاة مولاهم ذلك اليوم وكان كمن شهد مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) ومع الحسن والحسين (عليهما السلام)، وكمن يكون تحت راية القائم أرواحنا فداه وفي فسطاطه من النّجباء والنّقباء(٥٦٧).
(٧٢) تسبيح مولانا صاحب الزمان أرواحنا فداه من(٥٦٨) يوم الثامن عشر إلى آخر كلّ شهر
سُبْحانَ الله عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحانَ الله رِضى(٥٦٩) نَفْسِهِ، سُبْحانَ الله مِدادَ كَلِماتِهِ، سُبْحانَ [الله](٥٧٠) زِنَةَ عَرْشِهِ، وَالْحَمْدُ للهِ مِثْلَ ذلِكَ(٥٧١).
يقرأ من يوم الثامن عشر إلى آخر كلّ شهر.

(٥) - في أدعية المطلقة الّتي لا تختصّ قراءتها بيوم خاصّ

٧٣) دعاء العهد
نقل من خطّ الشيخ محمّد بن عليّ الجبعي نقلاً من خطّ الشيخ عليّ بن السكون قدّس الله روحهما أخبرني شيخنا وسيّدنا السيّد الأجلّ العالم الفقيه جلال الدّين أبو القاسم عبد الحميد بن فخار بن معدّ بن فخار العلويّ الحسيني الموسوي الحائري أطال الله بقاءه قراءة عليه، وهو يعارضني بأصل سماعه الّذي بخطّ والده (رحمه الله) المنقول من هذا الفرع في شهور سنة ستّ وسبعين وستّمائة.
قال: أخبرني والدي رضى الله عنه قال: أخبرني الأجلّ العالم تاج الدّين أبو محمّد الحسن بن عليّ بن الحسين بن الدربي أطال الله بقاءه سماعاً من لفظه وقراءة عليه في شهر ربيع الأوّل سنة ستّ وتسعين وخمسمائة، قال: أخبرني الشيخ الفقيه العالم قوام الدّين أبو عبد الله محمّد بن عبد الله البحراني الشيباني (رحمه الله) قراءة عليه سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة، قال: قرأت على الشيخ أبي محمّد الحسن بن عليّ قال: قرأت هذا العهد على الشيخ عليّ بن إسماعيل قال: قرأت على الشيخ أبي زكريّا يحيى بن كثير، قال: قرأت على السيّد الأجلّ محمّد بن عليّ القرشيّ قال: حدّثني أحمد بن سعيد بقراءته على الشيخ عليّ بن الحكم قال: قرأت على الربيع ابن محمّد المسليّ قال: قرأت على أبي عبد الله بن سليمان قال: سمعت سيّدنا الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) يقول:
من دعا إلى الله أربعين صباحاً بهذا العهد كان من أنصار قائمنا، وإن مات أخرجه الله إليه من قبره، وأعطاه الله بكلِّ كلمة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيّئة، وهذا هو العهد(٥٧٢):
اللّهم رَبَّ النُّورِ الْعَظيمِ، وَرَبَّ الْكُرْسِيِّ الرَّفيعِ، وَرَبَّ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ(٥٧٣)، وَمُنْزِلَ التَّوْريةِ وَالْإِنْجيلِ وَالزَّبُورِ، وَرَبَّ الظِّلِّ وَالْحَرُورِ، وَمُنْزِلَ الْقُرْآنِ الْعَظيمِ، وَرَبَّ الْمَلائِكَةِ الْمُقَرَّبينَ، وَالْأَنْبِياءِ وَالْمُرْسَلينَ.
اللّهم إِنّي أَسأَلُكَ بِوَجْهِكَ(٥٧٤) الْكَريمِ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ الْمُنيرِ، وَمُلْكِكَ الْقَديمِ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ، أَسأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذي أَشْرَقَتْ بِهِ السَّمواتُ وَالْأَرَضُونَ، وَبِاسْمِكَ الَّذي يَصْلُحُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، يا حَيّاً قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ، وَيا حَيّاً بَعْدَ كُلِّ حَيٍّ، وَيا حَيّاً حينَ لا حَيَّ، يا مُحْيِيَ الْمَوْتى وَمُميتَ الْأَحْياءِ، يا حَيُّ لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ.
اللّهم بَلِّغْ مَوْلانَا الْإِمامَ الْهادِيَ الْمَهْدِيَّ الْقائِمَ بِأَمْرِكَ، صَلَواتُ الله عَلَيْهِ وَعَلى آبائِهِ الطَّاهِرينَ، عَنْ جَميعِ الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ، في مَشارِقِ الْأَرْضِ وَمَغارِبِها، سَهْلِها وَجَبَلِها، وَبَرِّها وَبَحْرِها، وَعَنّي وَعَنْ والِدَيَّ، مِنَ الصَّلَواتِ زِنَةَ عَرْشِ الله، وَمِدادَ كَلِماتِهِ، وَما أَحْصاهُ عِلْمُهُ، وَأَحاطَ بِهِ كِتابُهُ.
اللّهم إِنّي اُجَدِّدُ لَهُ في صَبيحَةِ يَوْمي هذا، وَما عِشْتُ مِنْ أَيَّامي، عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً لَهُ في عُنُقي، لا أَحُولُ عَنْها، وَلا أَزُولُ أَبَداً.
اللّهم اجْعَلْني مِنْ أَنْصارِهِ وَأَعْوانِهِ، وَالذَّابّينَ عَنْهُ، وَالْمُسارِعينَ إِلَيْهِ في قَضاءِ حَوائِجِهِ، وَالْمُمْتَثِلينَ لِأَوامِرِهِ، وَالْمُحامينَ عَنْهُ، وَالسَّابِقينَ إِلى إِرادَتِهِ، وَالْمُسْتَشْهَدينَ بَيْنَ يَدَيْهِ.
اللّهم إِنْ حالَ بَيْني وَبَيْنَهُ الْمَوْتُ، اَلَّذي جَعَلْتَهُ عَلى عِبادِكَ حَتْماً مَقْضِيّاً، فَأَخْرِجْني مِنْ قَبْري، مُؤْتَزِراً كَفَني، شاهِراً سَيْفي، مُجَرِّداً قَناتي، مُلَبِّياً دَعْوَةَ الدَّاعي، فِي الْحاضِرِ وَالْبادي.
اللّهم أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَّشيدَةَ، وَالْغُرَّةَ(٥٧٥) الْحَميدَةَ، وَاكْحُلْ ناظِري بِنَظْرَةٍ مِنّي إِلَيْهِ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُ، وَسَهِّلْ مَخْرَجَهُ، وَأَوْسِعْ مَنْهَجَهُ، وَاسْلُكْ بي مَحَجَّتَهُ، وَأَنْفِذْ أَمْرَهُ، وَاشْدُدْ أَزْرَهُ.
وَاعْمُرِ اللّهم بِهِ بِلادَكَ، وَأَحْيِ بِهِ عِبادَكَ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ «ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدي النَّاسِ»(٥٧٦)، فَأَظْهِرِ اللّهم لَنا وَلِيَّكَ، وَابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكَ، اَلْمُسَمَّى بِاسْمِ رَسُولِكَ، حَتَّى لا يَظْفَرَ بِشيء مِنَ الْباطِلِ إِلّا مَزَّقَهُ، وَيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُحَقِّقَهُ.
وَاجْعَلْهُ اللّهم مَفْزَعاً لِمَظْلُومِ عِبادِكَ، وَناصِراً لِمَنْ لا يَجِدُ لَهُ ناصِراً غَيْرَكَ، وَمُجَدِّداً لِما عُطِّلَ مِنْ أَحْكامِ كِتابِكَ، وَمُشَيِّداً لِما وَرَدَ مِنْ أَعْلامِ دينِكَ، وَسُنَنِ نَبِيِّكَ (صلّى الله عليه وآله)، وَاجْعَلْهُ اللّهم مِمَّنْ حَصَّنْتَهُ مِنْ بَأْسِ الْمُعْتَدينَ.
اللّهم وَسُرَّ نَبِيَّكَ مُحَمَّداً (صلّى الله عليه وآله) بِرُؤْيَتِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُ عَلى دَعْوَتِهِ، وَارْحَمِ اسْتِكانَتَنا بَعْدَهُ. اللّهم اكْشِفْ هذِهِ الْغُمَّةَ عَنْ هذِهِ الْاُمَّةِ بِحُضُورِهِ(٥٧٧)، وَعَجِّلْ لَنا ظُهُورَهُ(٥٧٨)، إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعيداً، وَنَريهُ قَريباً، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.
ثمّ تضرب على فخذك الأيمن بيدك ثلاث مرّات، وتقول في كلّ مرّة:
اَلْعَجَلَ، اَلْعَجَلَ، يا مَوْلايَ يا صاحِبَ الزَّمانِ(٥٧٩).
في بيان معنى البيعة معه صلوات الله عليه
معنى المبايعة: هو التزام المبايع، وعهده المؤكّد، وميثاقه المسدّد بأن ينصر من يبايعه بنفسه وماله، ولا يبخل عنه بشيء من ذات يده، وما يتعلّق به في نصرته، ويجعل نفسه وماله فداء ووقاء له.
والبيعة بهذا المعنى مذكورة في دعاء العهد المرويّ لكلّ يوم، وفي دعاء العهد المرويّ لأربعين صباحاً.
وقد أمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جميع الاُمّة بمبايعة الأئمّة (عليهم السلام) بهذه البيعة الشاهد منهم والغائب في خطبة الغدير المرويّة في الاحتجاج، ولا شكّ أنّ المبايعة بهذا المعنى من لوازم الإيمان وعلائمه، بل لا يتحقّق الإيمان بدونه، فالمبايع هو المؤمن والمشتري هو الله (عزَّ وجلَّ)، ولذلك قال عزّ من قائل: «إِنَّ الله اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ» إلى آخر الآية(٩).
وقد بعث الله تعالى أنبيائه ورسله لتجديد تلك المبايعة، وتأكيدها فمن بايعهم فقد بايع الله، ومن تولّى عنهم فقد تولّى عن الله، ولهذا قال جلّ شأنه: «إِنَّ الَّذينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْديهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ الله فَسَيُؤْتيهِ أَجْراً عَظيماً»(٥٨٠).
وفي هذه الآية الشريفة أيضاً دلالة على كون المراد بالبيعة والمبايعة، هو العهد المؤكّد، والميثاق المسدّد مع الله ورسوله، ووعد الموفين بتلك المعاهدة الأجر العظيم وهذه البيعة إنّما تتمّ بأمرين:
أحدهما: العزم القلبيّ الثابت الراسخ على إطاعة أمر الإمام ونصرته ببذل النفس والمال، كما نبّه عليه في الآية الشريفة بقوله تعالى: «إِنَّ الله اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ...»، فإنّ الواجب على البائع تسليم ما يبيعه إلى المشتري إذا طلب منه من دون تأمّل وتأخير، وتصديق ما عقد عليه الضمير.
والثاني: إظهار ما قصده وعزم عليه قلباً بلسانه مقترناً لهما عند إرادة البيعة فإذا تمّت البيعة، كما إنّ عقد البيع لا يتحقّق في سائر الاُمور إلّا بشيئين:
أحدهما: قصد إنشاء البيع بمقتضى ما بنى عليه المتبايعان، والآخر: التلفّظ باللسان بما عقدا عليه ضميرهما، وبهما يتمّ البيع، وقد تطلق البيعة والمبايعة على المصافقة باليد، كما كان متداولاً بين العرب في بعض الأحيان عند تماميّة البيع أو المبايعة ويستفاد هذا الإطلاق من قوله تعالى: «إِنَّ الَّذينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْديهِمْ...»، لدلالة لفظة يد على ذلك، مضافاً إلى ما ورد من أنّهم كانوا يبايعون رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأيديهم(٥٨١).
٧٤) دعاء العهد الثاني من قرأه يرفع إسمه في ديوان القائم أرواحنا فداه
عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال أبو جعفر (عليه السلام):
من دعا بهذا الدّعاء مرّة واحدة في دهره كتب في رقّ العبوديّة، ورفع في ديوان القائم (عليه السلام)، فإذا قام قائمنا نادى باسمه وإسم أبيه، ثمّ يدفع إليه هذا الكتاب ويقال له: خذ، هذا كتاب العهد الّذي عاهدتنا في الدنيا، وذلك قوله (عزَّ وجلَّ): «إِلّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً»(٥٨٢). وادع به وأنت طاهر تقول:
اللّهم يا إِلهَ الْآلِهَةِ، يا واحِدُ، يا أَحَدُ، يا آخِرَ الْآخِرينَ، يا قاهِرَ الْقاهِرينَ، يا عَلِيُّ يا عَظيمُ، أَنْتَ الْعَلِيُّ الْأَعْلى، عَلَوْتَ فَوْقَ كُلِّ عُلُوٍّ، هذا يا سَيِّدي عَهْدي وَأَنْتَ مُنْجِزُ وَعْدي، فَصِلْ يا مَوْلايَ عَهْدي، وَأَنْجِزْ وَعْدي، آمَنْتُ بِكَ.
وَأَسْأَلُكَ بِحِجابِكَ الْعَرَبِيِّ، وَبِحِجابِكَ الْعَجَمِيِّ، وَبِحِجابِكَ الْعِبْرانِيِّ، وَبِحِجابِكَ السِّرْيانِيِّ، وَبِحِجابِكَ الرُّومِيِّ، وَبِحِجابِكَ الْهِنْدِيِّ، وَأَثْبِتْ مَعْرِفَتَكَ بِالْعِنايَةِ الْاُولى، فَإِنَّكَ أَنْتَ الله لا تُرى، وأَنْتَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلى.
وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِرَسُولِكَ الْمُنْذِرِ (صلّى الله عليه وآله)، وَبِعَلِيٍّ أمير المؤمنين صَلَواتُ الله عَلَيْهِ الْهادي، وَبِالْحَسَنِ السَّيِّدِ وَبِالْحُسَيْنِ الشَّهيدِ سِبْطَيْ نَبِيِّكَ، وَبِفاطِمَةَ الْبَتُولِ، وَبِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ زَيْنِ الْعابِدينَ ذي الثَّفَناتِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْباقِرِ عَنْ عِلْمِكَ، وَبِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ، اَلَّذي صَدَّقَ بِميثاقِكَ وَبِميعادِكَ، وَبِمُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْحَصُورِ الْقائِمِ بِعَهْدِكَ، وَبِعَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا الرَّاضي بِحُكْمِكَ، وَبِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحِبْرِ الْفاضِلِ، اَلْمُرْتَضى فِي الْمُؤْمِنينَ، وَبِعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَمينِ الْمُؤْتَمَنِ، هادِي الْمُسْتَرْشِدينَ، وَبِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الطَّاهِرِ الزَّكِيِّ، خَزانَةِ الْوَصِيّينَ.
وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِالْإِمامِ الْقائِمِ الْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ الْمَهْدِيِّ، إِمامِنا وَابْنِ إِمامِنا صَلَواتُ الله عَلَيْهِمْ أَجْمَعينِ.
يا مَنْ جَلَّ فَعَظُمَ و[هُوَ] أَهْلُ ذلِكَ فَعَفى وَرَحِمَ، يا مَنْ قَدَرَ فَلَطُفَ، أَشْكُو إِلَيْكَ ضَعْفي، وَما قَصُرَ عَنْهُ عَمَلي مِنْ تَوْحيدِكَ، وَكُنْهِ مَعْرِفَتِكَ، وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِالتَّسْمِيَةِ الْبَيْضاءِ، وَبِالْوَحْدانِيَّةِ الْكُبْرى، اَلَّتي قَصُرَ عَنْها مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى.
وَآمَنْتُ بِحِجابِكَ الْأَعْظَمِ، وَبِكَلِماتِكَ التَّامَّةِ الْعُلْيا، اَلَّتي خَلَقْتَ مِنْها دارَ الْبَلاءِ، وَأَحْلَلْتَ مَنْ أَحْبَبْتَ جَنَّةَ الْمَأْوى، وَآمَنْتُ بِالسَّابِقينَ وَالصِّدّيقينَ، أَصْحابِ الْيَمينِ مِنَ الْمُؤْمِنينَ، [وَ] الَّذينَ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً أَلّا تُوَلِّيَني غَيْرَهُمْ، وَلا تُفَرِّقَ بَيْني وَبَيْنَهُمْ غَداً إِذا قَدَّمْتَ الرِّضا بِفَصْلِ الْقَضاءِ.
آمَنْتُ بِسِرِّهِمْ وَعَلانِيَتِهِمْ وَخَواتيمِ أَعْمالِهِمْ، فَإِنَّكَ تَخْتِمُ عَلَيْها إِذا شِئْتَ، يا مَنْ أَتْحَفَني بِالْإِقْرارِ بِالْوَحْدانِيَّةِ، وَحَباني بِمَعْرِفَةِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَخَلَّصَني مِنَ الشَّكِّ وَالْعَمى، رَضيتُ بِكَ رَبّاً، وَبِالْأَصْفِياءِ حُجَجاً، وَبِالْمَحْجُوبينَ أَنْبِياءَ، وَبِالرُّسُلِ أَدِلّاءَ، وَبِالْمُتَّقينَ اُمَراءَ، وَسامِعاً لَكَ مُطيعاً(٥٨٣).
٧٥) دعاء أيّام الغيبة
دعاء أيّام الغيبة الّذي أمر بقراءته مولانا ثامن الأئمّة (عليه السلام).
قال السيّد الأجلّ رضيّ الدين عليّ بن طاووس في جمال الاُسبوع: قد قدّمنا في جملة عمل اليوم واللّيلة من اهتمام أهل القدوة بالدّعاء للمهديّ صلوات الله عليه فيما مضى من الأزمان ما ينبّه على أنّ الدّعاء له من مهمّات أهل الإسلام والايمان، حتّى روينا في تعقيب الظّهر من عمل اليوم واللّيلة دعاء الصّادق جعفر بن محمّد صلوات الله عليه قد دعاء به للمهديّ (عليه السلام) أبلغ من الدّعاء لنفسه سلام الله عليه.
وقد ذكرنا فيما رويناه في تعقيب صلاة العصر من عمل اليوم واللّيلة أيضاً فصلاً جميلاً قد دعا به الكاظم موسى بن جعفر للمهديّ (عليهم السلام) أبلغ من الدّعاء لنفسه صلوات الله عليهما، وفي الاقتداء بالصّادق والكاظم (عليهما السلام)، عذر لمن عرف محلّهما في الإسلام وسنذكر أيضاً أمر الرّضا عليّ بن موسى صلوات الله عليهما وأمر غيره بالدّعاء للمهديّ صلوات الله عليه ودعاء كان يدعو به صلوات الله عليه.
ذكر الدّعاء لصاحب الأمر المرويّ عن الرضا عليهما أفضل السّلام:
حدّثني الجماعة الّذين قدّمت ذكرهم في عدّة مواضع من هذا الكتاب بإسنادهم إلى جدّي أبي جعفر الطّوسي تلقاه الله جلّ جلاله بالأمان والرّضوان يوم الحساب، قال: أخبرنا ابن أبي الجيّد، عن محمّد بن الحسن بن سعيد بن عبد الله والحميري وعليّ بن إبراهيم، ومحمّد بن الحسن الصفّار، كلّهم عن إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مولد وصالح بن السنديّ، عن يونس بن عبد الرّحمن.
ورواه جدّي أبي جعفر الطوسي فيما يرويه عن يونس بن عبد الرّحمن بعدّة طرق تركت ذكرها كراهيّة للإطالة في هذا المكان، يروي عن يونس بن عبد الرّحمن: أنّ الرّضا (عليه السلام) كان يأمر بالدّعاء لصاحب الأمر (عليه السلام) بهذا:
اللّهم ادْفَعْ عَنْ وَلِيِّكَ وَخَليفَتِكَ، وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَلِسانِكَ الْمُعَبِّرِ عَنْكَ بِإِذْنِكَ، اَلنَّاطِقِ بِحِكْمَتِكَ(٥٨٤)، وَعَيْنِكَ النَّاظِرَةِ عَلى بَرِيَّتِكَ، وَشاهِدِكَ عَلى خَلْقِكَ(٥٨٥)، اَلْجَحْجاحِ(٥٨٦) الْمُجاهِدِ، اَلْعائِذِ بِكَ عِنْدَكَ.
وَأَعِذْهُ مِنْ شَرِّ جَميعِ ما خَلَقْتَ وَبَرَأْتَ، وَأَنْشَأْتَ وَصَوَّرْتَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ، وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ بِحِفْظِكَ الَّذي لا يَضيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ، وَاحْفَظْ فيهِ رَسُولَكَ وَآباءَهُ، أَئِمَّتَكَ(٥٨٧) وَدَعائِمَ دينِكَ.
وَاجْعَلْهُ في وَديعَتِكَ(٥٨٨) الَّتي لا تَضيعُ، وَفي جِوارِكَ الَّذي لا يُخْفَرُ(٥٨٩)، وَفي مَنْعِكَ وَعِزِّكَ الَّذي لا يُقْهَرُ، وَآمِنْهُ بِأَمانِكَ الْوَثيقِ، اَلَّذي لا يُخْذَلُ مَنْ آمَنْتَهُ بِهِ، وَاجْعَلْهُ في كَنَفِكَ الَّذي لا يُرامُ مَنْ كانَ فيهِ، وَأَيِّدْهُ(٥٩٠) بِنَصْرِكَ الْعَزيزِ، وَأَيِّدْهُ بِجُنْدِكَ الْغالِبِ، وَقَوِّهِ بِقُوَّتِكَ، وَأَرْدِفْهُ بِمَلائِكَتِكَ، وَوالِ مَنْ والاهُ، وَعادِ مَنْ عاداهُ، وَأَلْبِسْهُ دِرْعَكَ الْحَصينَةَ، وَحُفَّهُ بِالْمَلائِكَةِ حَفّاً.
اللّهم وَبَلِّغْهُ أَفْضَلَ ما بَلَّغْتَ الْقائِمينَ بِقِسْطِكَ مِنْ أَتْباعِ النَّبِيّينَ. اللّهم اشْعَبْ بِهِ الصَّدْعَ، وَارْتُقْ بِهِ الْفَتْقَ، وَأَمِتْ بِهِ الْجَوْرَ، وَأَظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ، وَزَيِّنْ بِطُولِ بَقائِهِ الْأَرْضَ، وَأَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ، وَانْصُرْهُ بِالرُّعْبِ، وَقَوِّ ناصِريهِ، وَاخْذُلْ خاذِليهِ، وَدَمْدِمْ عَلى مَنْ نَصَبَ لَهُ، وَدَمِّرْ مَنْ غَشَّهُ(٥٩١).
وَاقْتُلْ بِهِ جَبابِرَةَ الْكُفْرِ(٥٩٢)، وَعُمُدَهُ وَدَعائِمَهُ، وَاقْصِمْ بِهِ رُؤُوسَ الضَّلالَةِ وَشارِعَةَ الْبِدَعِ، وَمُميتَةَ السُّنَّةِ، وَمُقَوِّيَةَ الْباطِلِ، وَذَلِّلْ بِهِ الْجَبَّارينَ، وَأَبِرْ بِهِ الْكافِرينَ وَجَميعَ الْمُلْحِدينَ، في مَشارِقِ الْأَرْضِ وَمَغارِبِها، وَبَرِّها وَبَحْرِها، وَسَهْلِها وَجَبَلِها، حَتَّى لاتَدَعَ مِنْهُمْ دَيَّاراً، وَلا تُبْقِيَ لَهُمْ آثاراً.
اللّهم طَهِّرْ مِنْهُمْ بِلادَكَ، وَاشْفِ مِنْهُمْ عِبادَكَ، وَأَعِزَّ بِهِ الْمُؤْمِنينَ، وَأَحْيِ بِهِ سُنَنَ الْمُرْسَلينَ، وَدارِسَ حِكْمَةِ النَّبِيّينَ، وَجَدِّدْ بِهِ مَا امْتَحى مِنْ دينِكَ، وَبُدِّلَ مِنْ حُكْمِكَ، حَتَّى تُعيدَ دينَكَ بِهِ، وَعَلى يَدَيْهِ غَضّاً مَحْضاً صَحيحاً، لا عِوَجَ فيهِ، وَلا بِدْعَةَ مَعَهُ، وَحَتَّى تُنيرَ(٥٩٣) بِعَدْلِهِ ظُلَمَ الْجَوْرِ، وَتُطْفِئَ بِهِ نيرانَ الْكُفْرِ، وَتُوضِحَ بِهِ مَعاقِدَ الْحَقِّ وَمَجْهُولَ الْعَدْلِ.
فَإِنَّهُ عَبْدُكَ الَّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَاصْطَفَيْتَهُ مِنْ خَلْقِكَ، وَاصْطَفَيْتَهُ عَلى عِبادِكَ(٥٩٤)، وَائْتَمَنْتَهُ عَلى غَيْبِكَ، وَعَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَبَرَّأْتَهُ مِنَ الْعُيُوبِ، وَطَهَّرْتَهُ مِنَ الرِّجْسِ، وَسَلَّمْتَهُ مِنَ الدَّنَسِ.
اللّهم فَإِنَّا نَشْهَدُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَيَوْمَ حُلُولِ الطَّامَّةِ، أَنَّهُ لَمْ يُذْنِبْ ذَنْباً وَلا أَتى حَوْباً، وَلَمْ يَرْتَكِبْ مَعْصِيَةً، وَلَمْ يُضَيِّعْ(٥٩٥) لَكَ طاعَةً، وَلَمْ يَهْتِكْ لَكَ حُرْمَةً، وَلَمْ يُبَدِّلْ لَكَ فَريضَةً، وَلَمْ يُغَيِّرْ لَكَ شَريعَةً، وَأَنَّهُ الْهادي الْمَهْدِيُّ(٥٩٦) الطَّاهِرُ التَّقِيُّ النَّقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ.

اللّهم أَعْطِهِ في نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ، وَوُلْدِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، وَاُمَّتِهِ وَجَميعِ رَعِيَّتِهِ، ما تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ(٥٩٧)، وَتَسُرُّ بِهِ نَفْسَهُ، وَتَجْمَعُ لَهُ مُلْكَ الْمُمْلَكاتِ(٥٩٨) كُلِّها، قَريبِها وَبَعيدِها، وَعَزيزِها وَذَليلِها، حَتَّى يَجْرِيَ حُكْمُهُ(٥٩٩) عَلى كُلِّ حُكْمٍ، وَيَغْلِبَ(٦٠٠) بِحَقِّهِ كُلَّ باطِلٍ.
اللّهم اسْلُكْ بِنا عَلى يَدَيْهِ مِنْهاجَ الْهُدى، وَالْمَحَجَّةَ الْعُظْمى، وَالطَّريقَةَ الْوُسْطى، اَلَّتي يَرْجِعُ إِلَيْهَا الْغالي(٦٠١)، وَيَلْحَقُ بِهَا التَّالي، وَقَوِّنا(٦٠٢) عَلى طاعَتِهِ، وَثَبِّتْنا عَلى مُشايَعَتِهِ، وَامْنُنْ عَلَيْنا بِمُتابَعَتِهِ، وَاجْعَلْنا في حِزْبِهِ الْقَوَّامينَ بِأَمْرِهِ، اَلصَّابِرينَ مَعَهُ، اَلطَّالِبينَ رِضاكَ بِمُناصَحَتِهِ، حَتَّى تَحْشُرَنا يَوْمَ الْقِيامَةِ في أَنْصارِهِ وَأَعْوانِهِ وَمُقَوِّيَةِ سُلْطانِهِ.
اللّهم وَاجْعَلْ ذلِكَ لَنا خالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ وَرِياءٍ وَسُمْعَةٍ، حَتَّى لا نَعْتَمِدَ بِهِ غَيْرَكَ، وَلا نَطْلُبَ بِهِ إِلّا وَجْهَكَ، وَحَتَّى تُحِلَّنا مَحَلَّهُ، وَتَجْعَلَنا فِي الْجَنَّةِ مَعَهُ، وَأَعِذْنا مِنَ السَّآمَةِ وَالْكَسَلِ وَالْفَتْرَةِ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ تَنْتَصِرُ بِهِ لِدينِكَ، وَتُعِزُّ بِهِ نَصْرَ وَلِيِّكَ، وَلا تَسْتَبْدِلْ بِنا غَيْرَنا، فَإِنَّ اسْتِبْدالَكَ بِنا غَيْرَنا عَلَيْكَ يَسيرٌ، وَهُوَ عَلَيْنا عَسيرٌ(٦٠٣).
اللّهم صَلِّ عَلى وُلاةِ عَهْدِهِ، وَالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، وَبَلِّغْهُمْ آمالَهُمْ، وَزِدْ في آجالِهِمْ، وَأَعِزَّ نَصْرَهُمْ، وَتَمِّمْ لَهُمْ ما أَسْنَدْتَ إِلَيْهِمْ في أَمْرِكَ(٦٠٤) لَهُمْ، وَثَبِّتْ دَعائِمَهُمْ، وَاجْعَلْنا لَهُمْ أَعْواناً، وَعَلى دينِكَ أَنْصاراً، فَإِنَّهُمْ مَعادِنُ كَلِماتِكَ، وَأَرْكانُ تَوْحيدِكَ، وَدَعائِمُ دينِكَ، وَوُلاةُ أَمْرِكَ، وَخالِصَتُكَ مِنْ عِبادِكَ(٦٠٥)، وَصَفْوَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَوْلِيائُكَ وَسَلائِلُ أَوْلِيائِكَ، وَصَفْوَةُ أَوْلادِ رُسُلِكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ(٦٠٦).
قال السيّد الأجلّ رضيّ الدين عليّ بن طاووس (رحمه الله): قد تضمّن هذا الدّعاء قوله (عليه السلام): اللّهم صَلِّ عَلى وُلاةِ عَهْدِهِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ، ولعلّ المراد بذلك أنّ الصلاة على الأئمّة الّذين يرتّبهم في أيّامه للصلاة بالعباد في البلاد، والائمّة في الأحكام في تلك الأيّام، وإنّ الصلاة عليهم تكون بعد ذكر الصلاة عليه صلوات الله عليه، بدليل قوله: ولاة عهده، لأنّ ولاة العهود يكونون في الحيوة فكأنّ المراد: اللّهم صلّ بعد الصلاة عليه على ولاة عهده والأئمّة من بعده.
وقد تقدّم في الرّواية عن مولانا الرّضا (عليه السلام): وَالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ، ولعلّ هذه قد كانت: صلّ على ولاة عهده والأئمّة من ولده، فقد وجدت ذلك كما ذكرناه في نسخة غير ما رويناه، وقد روى أنّهم من أبرار العباد في حياته، ووجدت رواية متّصلة الأسناد بأنّ للمهديّ صلوات الله عليه أولاد جماعة، ولاة في أطراف بلاد البحار، على غاية عظيمة من صفات الأبرار(٦٠٧).
٧٦) دعاء أيّام الغيبة برواية اُخرى
وهي ما حدّث به الشّريف الجليل أبو الحسين زيد بن جعفر العلويّ المحمّديّ قال: حدّثنا أبو الحسين إسحاق بن الحسن العفراني(٦٠٨)، قال:
حدّثنا محمّد بن همّام بن سهيل الكاتب ومحمّد بن شعيب بن أحمد المالكي جميعاً(٦٠٩) عن شعيب بن أحمد المالكي، عن يونس بن عبد الرّحمن، عن مولانا أبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا (عليهما السلام) أنّه كان يأمر بالدّعاء للحجّة صاحب الزّمان (عليه السلام) فكان من دعائه له صلوات الله عليهما:
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَادْفَعْ عَنْ وَلِيِّكَ وَخَليفَتِكَ وَحُجَّتِكَ عَلى خَلْقِكَ، وَلِسانِكَ الْمُعَبِّرِ عَنْكَ بِإِذْنِكَ، اَلنَّاطِقِ بِحِكْمَتِكَ، وَعَيْنِكَ النَّاظِرَةِ في بَرِيَّتِكَ، اَلشَّاهِدِ(٦١٠) عَلى عِبادِكَ، اَلْجَحْجاجِ الْمُجاهِدِ الْمُجْتَهِدِ، عَبْدِكَ الْعائِذِ بِكَ.
اللّهم وَأَعِذْهُ مِنْ شَرِّ ما خَلَقْتَ وَذَرَأْتَ، وَبَرَأْتَ وَأَنْشَأْتَ وَصَوَّرْتَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ، وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ، بِحِفْظِكَ الَّذي لا يَضيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ، وَاحْفَظْ فيهِ رَسُولَكَ وَوَصِيَّ رَسُولِكَ وَآبائَهُ، أَئِمَّتَكَ وَدَعائِمَ دينِكَ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعينَ، وَاجْعَلْهُ في وَديعَتِكَ الَّتي لا تَضيعُ، وَفي جِوارِكَ الَّذي لا يُحْتَقَرُ(٦١١)، وَفي مَنْعِكَ وَعِزِّكَ الَّذي لا يُقْهَرُ.
اللّهم وَآمِنْهُ بِأَمانِكَ الْوَثيقِ الَّذي لا يُخْذَلُ مَنْ آمَنْتَهُ بِهِ، وَاجْعَلْهُ في كَنَفِكَ الَّذي لا يُضامُ مَنْ كانَ فيهِ، وَانْصُرْهُ بِنَصْرِكَ الْعَزيزِ، وَأَيِّدْهُ بِجُنْدِكَ الْغالِبِ، وَقَوِّهِ بِقُوَّتِكَ، وَأَرْدِفْهُ بِمَلائِكَتِكَ. اللّهم والِ مَنْ والاهُ، وَعادِ مَنْ عاداهُ، وَأَلْبِسْهُ دِرْعَكَ الْحَصينَةَ، وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ حَفّاً.
اللّهم وَبَلِّغْهُ أَفْضَلَ ما بَلَّغْتَ الْقائِمينَ بِقِسْطِكَ مِنْ أَتْباعِ النَّبِيّينَ. اللّهم اشْعَبْ بِهِ الصَّدْعَ، وَارْتُقْ بِهِ الْفَتْقَ، وَأَمِتْ بِهِ الْجَوْرَ، وَأَظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ، وَزَيِّنْ بِطُولِ بَقائِهِ الْأَرْضَ، وَأَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ، وَانْصُرْهُ بِالرُّعْبِ، وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسيراً، وَاجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ عَلى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِ سُلْطاناً نَصيراً.
اللّهم اجْعَلْهُ الْقائِمَ الْمُنْتَظَرَ، وَالْإِمامَ الَّذي بِهِ تَنْتَصِرُ، وَأَيِّدْهُ بِنَصْرٍ عَزيزٍ وَفَتْحٍ قَريبٍ، وَوَرِّثْهُ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا اللّاتي بارَكْتَ فيها، وَأَحْيِ بِهِ سُنَّةَ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، حَتَّى لا يَسْتَخْفِيَ بِشيء مِنَ الْحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ، وَقَوِّ ناصِرَهُ، وَاخْذُلْ خاذِلَهُ، وَدَمْدِمْ عَلى مَنْ نَصَبَ لَهُ، وَدَمِّرْ عَلى مَنْ غَشَّهُ.
اللّهم وَاقْتُلْ بِهِ جَبابِرَةَ الْكُفْرِ وَعُمُدَهُ، وَدَعائِمَهُ وَالقُوَّامَ بِهِ، وَاقْصِمْ بِهِ رُؤُوسَ الضَّلالَةِ، وَشارِعَةَ الْبِدْعَةِ، وَمُميتَةَ السُّنَّةِ، وَمُقَوِّيَةَ الْباطِلِ، وَأَذْلِلْ بِهِ الْجَبَّارينَ، وَأَبِرْ بِهِ الْكافِرينَ وَالْمُنافِقينَ، وَجَميعَ الْمُلْحِدينَ، حَيْثُ كانُوا وَأَيْنَ كانُوا مِنْ مَشارِقِ الْأَرْضِ وَمَغارِبِها، وَبَرِّها وَبَحْرِها، وَسَهْلِها وَجَبَلِها، حَتَّى لاتَدَعَ مِنْهُمْ دَيَّاراً، وَلا تُبْقِيَ لَهُمْ آثاراً.
اللّهم وَطَهِّرْ مِنْهُمْ بِلادَكَ، وَاشْفِ مِنْهُمْ عِبادَكَ، وَأَعِزَّ بِهِ الْمُؤْمِنينَ، وَأَحْيِ بِهِ سُنَنَ الْمُرْسَلينَ، وَدارِسَ حِكَمِ النَّبِيّينَ، وَجَدِّدْ بِهِ ما مُحِيَ مِنْ دينِكَ، وَبُدِّلَ مِنْ حُكْمِكَ، حَتَّى تُعيدَ دينَكَ بِهِ وَعَلى يَدَيْهِ غَضّاً جَديداً صَحيحاً مَحْضاً، لا عِوَجَ فيهِ، وَلا بِدْعَةَ مَعَهُ، حَتَّى تُنيرَ(٦١٢) بِعَدْلِهِ ظُلَمَ الْجَوْرِ، وَتُطْفِئَ بِهِ نيرانَ الْكُفْرِ، وَتُظْهِرَ بِهِ مَعاقِدَ الْحَقِّ، وَمَجْهُولَ الْعَدْلِ، وَتُوضِحَ بِهِ مُشْكِلاتِ الْحُكْمِ.
اللّهم وإِنَّهُ عَبْدُكَ الَّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَاصْطَفَيْتَهُ مِنْ خَلْقِكَ، وَاصْطَفَيْتَهُ عَلى عِبادِكَ، وَائْتَمَنْتَهُ عَلى غَيْبِكَ، وَعَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَبَرَّأْتَهُ مِنَ الْعُيُوبِ، وَطَهَّرْتَهُ [مِنَ الرِّجْسِ(٦١٣)]، وَصَرَّفْتَهُ عَنِ الدَّنَسِ، وَسَلَّمْتَهُ مِنَ الرَّيْبِ.
اللّهم فَإِنَّا نَشْهَدُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَيَوْمَ حُلُولِ الطَّامَّةِ، أَنَّهُ لَمْ يُذْنِبْ وَلَمْ يَأْتِ حَوْباً، وَلَمْ يَرْتَكِبْ لَكَ مَعْصِيَةً، وَلَمْ يُضَيِّعْ لَكَ طاعَةً، وَلَمْ يَهْتِكْ لَكَ حُرْمَةً، وَلَمْ يُبَدِّلْ لَكَ فَريضَةً، وَلَمْ يُغَيِّرْ لَكَ شَريعَةً، وَأَنَّهُ الْإِمامُ التَّقِيُّ الْهادي الْمَهْدِيُّ الطَّاهِرُ التَّقِيُّ الْوَفِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ.
اللّهم فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِهِ، وَأَعْطِهِ في نَفْسِهِ وَوُلْدِهِ، وَأَهْلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَاُمَّتِهِ وَجَميعِ رَعِيَّتِهِ، ما تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ، وَتَسُرُّ بِهِ نَفْسَهُ، وَتَجْمَعُ لَهُ مُلْكَ الْمُمْلَكاتِ كُلِّها، قَريبِها وَبَعيدِها، وَعَزيزِها وَذَليلِها، حَتَّى يَجْرِيَ حُكْمُهُ عَلى كُلِّ حُكْمٍ، وَيَغْلِبَ بِحَقِّهِ عَلى كُلِّ باطِلٍ.
اللّهم وَاسْلُكْ بِنا عَلى يَدَيْهِ مِنْهاجَ الْهُدى، وَالْمَحَجَّةَ الْعُظْمى، وَالطَّريقَةَ الْوُسْطى، اَلَّتي يَرْجِعُ إِلَيْهَا الْغالي، وَيَلْحَقُ بِهَا التَّالي. اللّهم وَقَوِّنا عَلى طاعَتِهِ، وَثَبِّتْنا عَلى مُشايَعَتِهِ، وَامْنُنْ عَلَيْنا بِمُتابَعَتِهِ، وَاجْعَلْنا في حِزْبِهِ الْقَوَّامينَ بِأَمْرِهِ، اَلصَّابِرينَ مَعَهُ، اَلطَّالِبينَ رِضاكَ بِمُناصَحَتِهِ، حَتَّى تَحْشُرَنا يَوْمَ الْقِيامَةِ في أَنْصارِهِ وَأَعْوانِهِ، وَمُقَوِّيَةِ سُلْطانِهِ.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْ ذلِكَ كُلَّهُ مِنَّا لَكَ خالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ وَرِياءٍ وَسُمْعَةٍ، حَتَّى لا نَعْتَمِدَ بِهِ غَيْرَكَ، وَلا نَطْلُبَ بِهِ إِلّا وَجْهَكَ، وَحَتَّى تُحِلَّنا مَحَلَّهُ، وَتَجْعَلَنا فِي الْجَنَّةِ مَعَهُ، وَلا تَبْتَلِنا(٦١٤) في أَمْرِهِ بِالسَّآمَةِ وَالْكَسَلِ وَالْفَتْرَةِ وَالْفَشَلِ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ تَنْتَصِرُ بِهِ لِدينِكَ، وَتُعِزُّ بِهِ نَصْرَ وَلِيِّكَ، وَلا تَسْتَبْدِلْ بِنا غَيْرَنا، فَإِنَّ اسْتِبْدالَكَ بِنا غَيْرَنا عَلَيْكَ يَسيرٌ، وَهُوَ عَلَيْنا كَبيرٌ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَديرٌ.
اللّهم وَصَلِّ عَلى وُلاةِ عُهُودِهِ، وَبَلِّغْهُمْ آمالَهُمْ، وَزِدْ في آجالِهِمْ وَانْصُرْهُمْ وَتَمِّمْ لَهُمْ(٦١٥) ما أَسْنَدْتَ إِلَيْهِمْ مِنْ أَمْرِ دينِكَ، وَاجْعَلْنا لَهُمْ أَعْواناً وَعَلى دينِكَ أَنْصاراً، وَصَلِّ عَلى آبائِهِ الطَّاهِرينَ الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدينَ. اللّهم فَإِنَّهُمْ مَعادِنُ كَلِماتِكَ، وَخُزَّانُ عِلْمِكَ، وَوُلاةُ أَمْرِكَ، وَخالِصَتُكَ مِنْ عِبادِكَ، وَخِيَرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَوْلِيائُكَ وَسَلائِلُ أَوْلِيائِكَ، وَصَفْوَتُكَ وَأَوْلادُ أَصْفِيائِكَ، صَلَواتُكَ وَرَحْمَتُكَ وَبَرَكاتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعينَ.
اللّهم وَشُرَكاؤُهُ في أَمْرِهِ، وَمُعاوِنُوهُ عَلى طاعَتِكَ، اَلَّذينَ جَعَلْتَهُمْ حِصْنَهُ وَسِلاحَهُ وَمَفْزَعَهُ وَاُنْسَهُ، اَلَّذينَ سَلَوْا عَنِ الْأَهْلِ وَالْأَوْلادِ، وَتَجافُوا الْوَطَنَ، وَعَطَّلُوا الْوَثيرَ(٦١٦) مِنَ الْمِهادِ، قَدْ رَفَضُوا تِجاراتِهِمْ، وَأَضَرُّوا بِمَعايِشِهِمْ، وَفُقِدُوا في أَنْدِيَتِهِمْ بِغَيْرِ غَيْبَةٍ عَنْ مِصْرِهِمْ، وَحالَفُوا(٦١٧) الْبَعيدَ مِمَّنْ عاضَدَهُمْ عَلى أَمْرِهِمْ، وَخالَفُوا الْقَريبَ مِمَّنْ صَدَّ عَنْ وِجْهَتِهِمْ، وَائْتَلَفُوا بَعْدَ التَّدابُرِ وَالتَّقاطُعِ في دَهْرِهِمْ، وَقَطَعُوا الْأَسْبابَ الْمُتَّصِلَةَ بِعاجِلِ حُطامٍ مِنَ الدُّنْيا.
فَاجْعَلْهُمُ اللّهم في حِرْزِكَ وَفي ظِلِّ كَنَفِكَ، وَرُدَّ عَنْهُمْ بَأْسَ مَنْ قَصَدَ إِلَيْهِمْ بِالْعَداوَةِ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَجْزِلْ لَهُمْ مِنْ دَعْوَتِكَ مِنْ كِفايَتِكَ وَمَعُونَتِكَ لَهُمْ، وَتَأْييدِكَ وَنَصْرِكَ إِيَّاهُمْ، ما تُعينُهُمْ بِهِ عَلى طاعَتِكَ، وَأَزْهِقْ بِحَقِّهِمْ باطِلَ مَنْ أَرادَ إِطْفاءَ نُورِكَ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ.
وَامْلَأْ بِهِمْ كُلَّ اُفُقٍ مِنَ الْآفاقِ، وَقُطْرٍ مِنَ الْأَقْطارِ قِسْطاً وَعَدْلاً وَرَحْمَةً(٦١٨) وَفَضْلاً، وَاشْكُرْ لَهُمْ عَلى حَسَبِ كَرَمِكَ وَجُودِكَ، وَما مَنَنْتَ بِهِ عَلَى الْقائِمينَ بِالْقِسْطِ مِنْ عِبادِكَ، وَاذْخَرْ لَهُمْ مِنْ ثَوابِكَ ما تَرْفَعُ لَهُمْ بِهِ الدَّرَجاتِ، إِنَّكَ تَفْعَلُ ما تَشاءُ وَتَحْكُمُ ما تُريدُ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ(٦١٩).
قال السيّد الأجلّ رضيّ الدين عليّ بن طاووس: فهذه الرواية قد اشتملت على ما لم تشتمل عليه الرواية الاُولى من الرواية، فادع بها إن شئت أن تكون من أهل السعود، واحفظ فيها جانب المعبود، وتأدّب بين يديه(٦٢٠).
وقال الكفعمي (رحمه الله) في مصباحه: روى يونس بن عبد الرّحمن عن الرضا (عليه السلام) أنّه كان يأمر بالدّعاء لصاحب الأمر (عليه السلام) بهذا الدّعاء اللّهم ادْفَعْ عَنْ وَلِيِّكَ وَخَليفَتِكَ وساق الدّعاء مثل ما مرّ إلى قوله: وهو علينا كبير، ثمّ أورد بعده هذه الزّيارة:
اللّهم صَلِّ عَلى وُلاةِ عَهْدِهِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ، وَبَلِّغْهُمْ آمالَهُمْ، وزِدْ في آجالِهِمْ، وَأَعِزَّ نَصْرَهُمْ، وَتَمِّمْ لَهُمْ ما أَسْنَدْتَ إِلَيْهِمْ مِنْ أَمْرِكَ لَهُمْ، وَثَبِّتْ دَعائِمَهُمْ، وَاجْعَلْنا لَهُمْ أَعْواناً، وَعَلى دينِكَ أَنْصاراً، فَإِنَّهُمْ مَعادِنُ كَلِماتِكَ، وَخُزَّانُ عِلْمِكَ، وَأَرْكانُ تَوْحيدِكَ، وَدَعائِمُ دينِكَ، وَوُلاةُ أَمْرِكَ، وَخالِصَتُكَ مِنْ عِبادِكَ، وَصَفْوَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَوْلِياؤُكَ وَسَلائِلُ أَوْلِيائِكَ، وَصَفْوَةُ أَوْلادِ نَبِيِّكَ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكاتُهُ(٦٢١).
٧٧) دعاء المعرفة يقرأ في أيّام الغيبة
قال السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس في جمال الاُسبوع: دعاء آخر يدعى له صلوات الله عليه، وأوّله يشبه الدّعاء المتقدّم عليه، وهو ممّا ينبغي إذا كان لك عذر عن جميع ما ذكرناه، من تعقيب العصر يوم الجمعة فإيّاك أن تُهمل الدّعاء به، فإنّنا عرفنا ذلك من فضل الله جلّ جلاله الّذي خصّنا به، فاعتمد عليه.
أخبرني الجماعة الّذين قدّمت الإشارة إليهم، بإسنادهم إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رضوان الله جلّ جلاله عليه، قال: أخبرنا جماعة عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري: أنّ أبا علي محمّد بن همّام أخبره بهذا الدّعاء، وذكر أنّ الشّيخ أبا عمرو العمرى قدّس الله روحه أملأه عليه، وأمره أن يدعو به، وهو الدّعاء في غيبة القائم من آل محمّد عليه و(عليهم السلام).
وحدّث أبو العبّاس أحمد بن عليّ بن محمّد بن العبّاس بن نوح رضى الله عنه قال: أخبرنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه رضى الله عنه قال: حدّثنا أبو محمّد الحسن بن أحمد المكتّب قال: حدّثني أبو علي محمّد بن همّام (رحمه الله) بهذا الدّعاء وذكر أنّ الشّيخ العمري (قدّس سرّه) أملأه عليه وأمره أن يدعو به:
اللّهم عَرِّفْني نَفْسَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْني نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْكَ، وَلَمْ أَعْرِفْ رَسُولَكَ. اللّهم عَرِّفْني رَسُولَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْني رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ. اللّهم عَرِّفْني حُجَّتَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْني حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ ديني.
اللّهم لا تُمِتْني ميتَةً جاهِلِيَّةً، وَلا تُزِ غْ قَلْبي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَني. اللّهم فَكَما هَدَيْتَني لِوِلايَةِ(٦٢٢) مَنْ فَرَضْتَ طاعَتَهُ عَلَيَّ مِنْ وُلاةِ أَمْرِكَ بَعْدَ رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، حَتَّى والَيْتُ وُلاةَ أَمْرِكَ أمير المؤمنين عَلِيَّ بْنَ أَبي طالِبٍ، وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَعَلِيّاً وَمُحَمَّداً وَجَعْفَراً وَمُوسى وَعَلِيّاً وَمُحَمَّداً وَعَلِيّاً وَالْحَسَنَ وَالْحُجَّةَ الْقائِمَ الْمَهْدِيَّ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعينَ.
اللّهم ثَبِّتْني عَلى دينِكَ، وَاسْتَعْمِلْني بِطاعَتِكَ، وَلَيِّنْ قَلْبي لِوَلِيِّ أَمْرِكَ، وَعافِني مِمَّا امْتَحَنْتَ بِهِ خَلْقَكَ، وَثَبِّتْني عَلى طاعَةِ وَلِيِّ أَمْرِكَ، اَلَّذي سَتَرْتَهُ عَنْ خَلْقِكَ، فَبِإِذْنِكَ غابَ عَنْ بَرِيَّتِكَ، وَأَمْرَكَ يَنْتَظِرُ، وَأَنْتَ الْعالِمُ غَيْرُ مُعَلَّمٍ بِالْوَقْتِ الَّذي فيهِ صَلاحُ أَمْرِ وَلِيِّكَ، فِي الْإِذْنِ لَهُ بِإِظْهارِ أَمْرِهِ وَكَشْفِ سِرِّهِ(٦٢٣).
وَصَبِّرْني(٦٢٤) عَلى ذلِكَ، حَتَّى لا اُحِبَّ تَعْجيلَ ما أَخَّرْتَ، وَلا تَأْخيرَ ما عَجَّلْتَ، وَلا أَكْشِفَ(٦٢٥) عَمَّا سَتَرْتَ(٦٢٦)، وَلا أَبْحَثَ عَمَّا كَتَمْتَ(٦٢٧)، وَلا اُنازِعَكَ في تَدْبيرِكَ، وَلا أَقُولَ لِمَ وَكَيْفَ وَما بالُ وَلِيِّ الْأَمْرِ(٦٢٨) لا يَظْهَرُ وَقَدِ امْتَلَأَتِ الْأَرْضُ مِنَ الْجَوْرِ، وَاُفَوِّضَ اُمُوري(٦٢٩) كُلَّها إِلَيْكَ.
اللّهم إِنّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُرِيَني وَلِيَّ أَمْرِكَ(٦٣٠) ظاهِراً نافِذَ الْأَمْرِ(٦٣١)، مَعَ عِلْمي بِأَنَّ لَكَ السُّلْطانَ وَالْقُدْرَةَ، وَالْبُرْهانَ وَالْحُجَّةَ، وَالْمَشِيَّةَ وَالْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ، فَافْعَلْ ذلِكَ بي وَبِجَميعِ الْمُؤْمِنينَ، حَتَّى نَنْظُرَ إِلى وَلِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ، ظاهِرَ الْمَقالَةِ، واضِحَ الدَّلالَةِ، هادِياً مِنَ الضَّلالَةِ، شافِياً مِنَ الْجَهالَةِ، وَأَبْرِزْ(٦٣٢) يا رَبِّ مُشاهَدَتَهُ(٦٣٣)، وَثَبِّتْ قَواعِدَهُ، وَاجْعَلْنا مِمَّنْ تَقَرُّ عَيْنُهُ بِرُؤْيَتِهِ، وَأَقِمْنا بِخِدْمَتِهِ، وَتَوَفَّنا عَلى مِلَّتِهِ، وَاحْشُرْنا في زُمْرَتِهِ.
اللّهم أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ جَميعِ ما خَلَقْتَ وَبَرَأْتَ، وَذَرَأْتَ وَأَنْشَأْتَ وَصَوَّرْتَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ، وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ، بِحِفْظِكَ الَّذي لا يَضيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ، وَاحْفَظْ فيهِ رَسُولَكَ وَوَصِيَّ رَسُولِكَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ.
اللّهم وَمُدَّ في عُمْرِهِ، وَزِدْ في أَجَلِهِ، وَأَعِنْهُ عَلى ما وَلَّيْتَهُ(٦٣٤) وَاسْتَرْعَيْتَهُ، وزِدْ في كَرامَتِكَ لَهُ، فَإِنَّهُ الْهادي الْمَهْدِيُّ، وَالْقائِمُ الْمُهْتَدِيُ، اَلطَّاهِرُ التَّقِيُّ الزَّكِيُّ النَّقِيُّ الرَّضِيُّ الْمَرْضِيُّ الصَّابِرُ الشَّكُورُ الْمُجْتَهِدُ(٦٣٥).
اللّهم وَلا تَسْلُبْنَا الْيَقينَ لِطُولِ الْأَمَدِ في غَيْبَتِهِ، وَانْقِطاعِ خَبَرِهِ عَنَّا، وَلا تُنْسِنا ذِكْرَهُ وَانتظارهُ، وَالْإيمانَ بِهِ، وَقُوَّةَ الْيَقينِ في ظُهُورِهِ، وَالدُّعاءَ لَهُ وَالصلاة عَلَيْهِ، حَتَّى لا يُقَنِّطَنا(٦٣٦) طُولُ غَيْبَتِهِ مِنْ [ظُهُورِهِ وَ(٦٣٧)] قِيامِهِ، وَيَكُونَ يَقينُنا في ذلِكَ كَيَقينِنا في قِيامِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله)، وَما جاءَ بِهِ مِنْ وَحْيِكَ وَتَنْزيلِكَ.
وَقَوِّ قُلُوبَنا(٦٣٨) عَلَى الْإيمانِ بِهِ، حَتَّى تَسْلُكَ بِنا عَلى يَدَيْهِ(٦٣٩) مِنْهاجَ الْهُدى وَالْمَحَجَّةَ الْعُظْمى، وَالطَّريقَةَ الْوُسْطى، وَقَوِّنا(٦٤٠) عَلى طاعَتِهِ، وَثَبِّتْنا عَلى مُتابَعَتِهِ، وَاجْعَلْنا في حِزْبِهِ وَأَعْوانِهِ وَأَنْصارِهِ، وَالرَّاضينَ بِفِعْلِهِ، وَلا تَسْلُبْنا ذلِكَ في حَياتِنا، وَلا عِنْدَ وَفاتِنا، حَتَّى تَتَوَفَّانا وَنَحْنُ عَلى ذلِكَ لا شاكّينَ وَلا ناكِثينَ، وَلا مُرتابينَ وَلا مُكَذِّبينَ.
اللّهم عَجِّلْ فَرَجَهُ، وَأَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ، وَانْصُرْ ناصِريهِ، وَاخْذُلْ خاذِليهِ، وَدَمْدِمْ(٦٤١) عَلى مَنْ نَصَبَ لَهُ وَكَذَّبَ بِهِ، وَأَظْهِرْ بِهِ الْحَقَّ، وَأَمِتْ بِهِ الْجَوْرَ، وَاسْتَنْقِذْ بِهِ عِبادَكَ الْمُؤْمِنينَ مِنَ الذُّلِّ، وَانْعَشْ(٦٤٢) بِهِ الْبِلادَ، وَاقْتُلْ بِهِ جَبابِرَةَ الْكَفَرَةِ(٦٤٣)، وَاقْصِمْ بِهِ رُؤُوسَ الضَّلالَةِ، وَذَلِّلْ [بِهِ(٦٤٤)] الْجَبَّارينَ وَالْكافِرينَ.
وَأَبِرْ(٦٤٥) بِهِ الْمُنافِقينَ وَالنَّاكِثينَ، وَجَميعَ الْمُخالِفينَ وَالْمُلْحِدينَ، في مَشارِقِ الْأَرْضِ وَمَغارِبِها، وَبَرِّها وَبَحْرِها، وَسَهْلِها وَجَبَلِها، حَتَّى لا تَدَعَ مِنْهُمْ دَيَّاراً، وَلا تُبْقِيَ لَهُمْ آثاراً، وَطَهِّرْ مِنْهُمْ بِلادَكَ، وَاشْفِ مِنْهُمْ صُدُورَ عِبادِكَ.
وَجَدِّدْ بِهِ مَا امْتَحى مِنْ دينِكَ(٦٤٦)، وَأَصْلِحْ بِهِ ما بُدِّلَ مِنْ حُكْمِكَ، وَغُيِّرَ مِنْ سُنَّتِكَ(٦٤٧)، حَتَّى يَعُودَ دينُكَ بِهِ وَعَلى يَدَيْهِ غَضّاً(٦٤٨) جَديداً صَحيحاً لا عِوَجَ فيهِ، وَلا بِدْعَةَ مَعَهُ، حَتَّى تُطْفِئَ بِعَدْلِهِ نيرانَ الْكافِرينَ، فَإِنَّهُ عَبْدُكَ الَّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَارْتَضَيْتَهُ لِنُصْرَةِ دينِكَ، وَاصْطَفَيْتَهُ بِعِلْمِكَ، وَعَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَبَرَّأْتَهُ مِنَ الْعُيُوبِ، وَأَطْلَعْتَهُ عَلَى الْغُيُوبِ، وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ، وَطَهَّرْتَهُ مِنَ الرِّجْسِ، وَنَقَّيْتَهُ مِنَ الدَّنَسِ.
اللّهم فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِهِ الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرينَ، وَعَلى شيعَتِهِ(٦٤٩) الْمُنْتَجَبينَ، وَبَلِّغْهُمْ مِنْ آمالِهِمْ أَفْضَلَ ما يَأْمُلُونَ، وَاجْعَلْ ذلِكَ مِنَّا خالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ وَرِياءٍ وَسُمْعَةٍ، حَتَّى لا نُريدَ بِهِ غَيْرَكَ، وَلا نَطْلُبَ بِهِ إِلّا وَجْهَكَ.
اللّهم إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنا، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنا(٦٥٠)، وَشِدَّةَ الزَّمانِ عَلَيْنا، وَوُقُوعَ الْفِتَنِ بِنا، وَتَظاهُرَ الْأَعْداءِ [عَلَيْنا(٦٥١)]، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وَقِلَّةَ عَدَدِنا. اللّهم فَفَرِّجْ(٦٥٢) ذلِكَ بِفَتْحٍ مِنْكَ تُعَجِّلُهُ، وَنَصْرٍ مِنْكَ تُعِزُّهُ، وإِمامِ عَدْلٍ تُظْهِرُهُ، إِلهَ الْحَقِّ [آمينَ] رَبَّ الْعالَمينَ.
اللّهم إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَأْذَنَ لِوَلِيِّكَ في إِظْهارِ عَدْلِكَ في عِبادِكَ(٦٥٣)، وَقَتْلِ أَعْدائِكَ في بِلادِكَ، حَتَّى لاتَدَعَ لِلْجَوْرِ يا رَبِّ دِعامَةً إِلّا قَصَمْتَها، وَلا بَقِيَّةً(٦٥٤) إِلّا أَفْنَيْتَها، وَلا قُوَّةً إِلّا أَوْهَنْتَها، وَلا رُكْناً إِلّا هَدَمْتَهُ(٦٥٥)، وَلا حَدّاً إِلّا فَلَلْتَهُ(٦٥٦)، وَلا سِلاحاً إِلّا أَكْلَلْتَهُ(٦٥٧)، وَلا رايَةً إِلّا نَكَّسْتَها، وَلا شُجاعاً إِلّا قَتَلْتَهُ، وَلا جَيْشاً إِلّا خَذَلْتَهُ.
وَارْمِهِمْ يا رَبِّ بِحَجَرِكَ الدَّامِغِ، وَاضْرِبْهُمْ بِسَيْفِكَ الْقاطِعِ، وَبَأْسِكَ الَّذي لا تَرُدُّهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمينَ، وَعَذِّبْ أَعْداءَكَ، وَأَعْداءَ دينِكَ وَأَعْداءَ رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وآلِهِ، بِيَدِ وَلِيِّكَ، وَأَيْدي عِبادِكَ الْمُؤْمِنينَ.
اللّهم اكْفِ وَلِيَّكَ وَحُجَّتَكَ في أَرْضِكَ هَوْلَ عَدُوِّهِ، وَكَيْدَ مَنْ كادَهُ(٦٥٨)، وامْكُرْ بِمَنْ مَكَرَ بِهِ، وَاجْعَلْ دائِرَةَ السَّوْءِ عَلى مَنْ أَرادَ بِهِ سُوءاً، وَاقْطَعْ عَنْهُمْ مادَّتَهُمْ، وَأَرْعِبْ لَهُ قُلُوبَهُمْ، وَزَلْزِلْ [لَهُ(٦٥٩)] أَقْدامَهُمْ، وَخُذْهُمْ جَهْرَةً وَبغْتَةً، وَشَدِّدْ عَلَيْهِمْ عَذابَكَ(٦٦٠)، وَأَخْزِهِمْ في عِبادِكَ، وَالْعَنْهُمْ في بِلادِكَ، وَأَسْكِنْهُمْ أَسْفَلَ نارِكَ، وَأَحِطْ بِهِمْ أَشَدَّ عَذابِكَ، وَأَصْلِهِمْ ناراً، وَاحْشُ قُبُورَ مَوْتاهُمْ ناراً، وَأَصْلِهِمْ حَرَّ نارِكَ، فَإِنَّهُمْ أَضاعُوا الصلاة، وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ، وَأَضَلُّوا عِبادَكَ(٦٦١).
اللّهم وَأَحْيِ بِوَلِيِّكَ الْقُرْآنَ، وَأَرِنا نُورَهُ سَرْمَداً، لا ظُلْمَةَ فيهِ، وَأَحْيِ [بِهِ(٦٦٢)] الْقُلُوبَ الْمَيِّتَةَ، وَاشْفِ بِهِ الصُّدُورَ الْوَغِرَةَ(٦٦٣)، وَاجْمَعْ بِهِ الْأَهْواءَ الْمُخْتَلِفَةَ عَلَى الْحَقِّ، وَأَقِمْ بِهِ الْحُدُودَ الْمُعَطَّلَةَ، وَالْأَحْكامَ الْمُهْمَلَةَ، حَتَّى لا يَبْقى حَقٌّ إِلّا ظَهَرَ، وَلا عَدْلٌ إِلّا زَهَرَ، وَاجْعَلْنا يا رَبِّ مِنْ أَعْوانِهِ وَمُقَوِّيَةِ سُلْطانِهِ(٦٦٤) وَالْمُؤْتَمِرينَ لِأَمْرِهِ، وَالرَّاضينَ بِفِعْلِهِ، وَالْمُسَلِّمينَ لِأَحْكامِهِ، وَمِمَّنْ لا حاجَةَ بِهِ إِلَى التَّقِيَّةِ مِنْ خَلْقِكَ، أَنْتَ يا رَبِّ الَّذي تَكْشِفُ الضُّرَّ(٦٦٥)، وَتُجيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاكَ، وَتُنْجي مِنَ الْكَرْبِ الْعَظيمِ، فَاكْشِفِ الضُّرَّ عَنْ وَلِيِّكَ، وَاجْعَلْهُ خَليفَتَكَ(٦٦٦) في أَرْضِكَ كَما ضَمِنْتَ لَهُ.
اللّهم وَلا تَجْعَلْني مِنْ خُصَماءِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، وَلا تَجْعَلْني مِنْ أَعْداءِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، وَلا تَجْعَلْني مِنْ أَهْلِ الْحَنَقِ والْغَيْظِ عَلى آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، فَإِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ذلِكَ فَأَعِذْني، وَأَسْتَجيرُ بِكَ فَأَجِرْني.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْعَلْني بِهِمْ فائِزاً عِنْدَكَ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، وَمِنَ الْمُقَرَّبينَ، آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ(٦٦٧).
٧٨) دعاء آخر يقرأ في الغيبة
قال السيّد الأجلّ رضيّ الدين عليّ بن طاووس في مهج الدعوات: نروي بإسنادنا إلى محمّد بن أحمد بن إبراهيم الجعفي المعروف بالصابوني من جملة حديث بإسناده، وذكر فيه غيبة المهدي صلوات الله عليه.
قلت: كيف تصنع شيعتك؟ قال:
عليكم بالدعاء وانتظار الفرج، فإنّه سيبدو لكم علم فإذا بدى لكم فاحمدوا الله وتمسّكوا بما بدى لكم، قلت: فما ندعو به؟
قال: تقول:
اللّهم أَنْتَ عَرَّفْتَني نَفْسَكَ، وَعَرَّفْتَني رَسُولَكَ، وَعَرَّفْتَني مَلائِكَتَكَ وَعَرَّفْتَني نَبِيَّكَ، وَعَرَّفْتَني وُلاةَ أَمْرِكَ. اللّهم لا آخِذَ إِلّا ما أَعْطَيْتَ، وَلا واقِيَ إِلّا ما وَقَيْتَ. اللّهم لا تُغَيِّبْني عَنْ مَنازِلِ أَوْلِيائِكَ، وَلا تُزِغْ قَلْبي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَني. اللّهم اهْدِني لِوِلايَةِ مَنِ افْتَرَضْتَ طاعَتَهُ(٦٦٨).
٧٩) دعاء آخر أيضاً يقرأ في الغيبة
رواه الشيخ الكليني عن الإمام الصّادق (عليه السلام)، ما هذا لفظه:
لابدّ للغلام من غيبة، قلت: ممّا(٦٦٩)؟
قال: يخاف - وأومئ بيده إلى بطنه - وهو المنتظر، وهو الّذي يشكّ النّاس في ولادته، فمنهم من يقول: حملٌ، ومنهم من يقول: مات أبوه ولم يخلف، ومنهم من يقول: ولد قبل مدّة أبيه بسنتين.
قال زرارة: فقلت: [و] ما تأمرني إذا أدركت(٦٧٠) ذلك الزّمان؟ فقال (عليه السلام):
اُدع [الله] بهذا الدّعاء:
اللّهم عَرِّفْني نَفْسَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْني نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْكَ. اللّهم عَرِّفْني نَبِيَّكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْني نَبِيَّكَ لَمْ أَعْرِفْهُ [قَطُّ]. اللّهم عَرِّفْني حُجَّتَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْني حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ ديني.
هذا آخر رواية محمّد بن يعقوب (رضوان الله عليه) في كتابه المشار إليه(٦٧١).
٨٠) دعاء الغريق
قال السيّد الأجلّ رضي الدين عليّ بن طاووس في مهج الدعوات: ومن ذلك ما رواه محمّد بن بابويه (رحمه الله) بإسناده في كتاب الغيبة عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام):
سيصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى، ولا إمام هدى ولا ينجو فيها إلّا من دعا بدعاء الغريق.
قلت: كيف دعاء الغريق؟
قال: تقول:
يا الله يا رَحْمانُ يا رَحيمُ، يا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبي عَلى دينِكَ.
فقلت: يا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَالْأَبْصارِ، ثَبِّتْ قَلْبي عَلى دينِكَ. فقال:
إنّ الله (عزَّ وجلَّ) مقلّب القلوب والأبصار، ولكن قل كما أقول: يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك.
أقول: لعلّ معنى قوله الأبصار لأنّ تقلّب القلوب والأبصار يكون يوم القيامة من شدّة أهواله، وفي الغيبة: إنّما يخاف من تقلّب القلوب دون الأبصار(٦٧٢).
٨١) دعاء يصلح لأيّام الغيبة
قال السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس: رأيت أنا في المنام من يعلّمني دعاء يصلح لأيّام الغيبة، وهذه ألفاظه:
يا مَنْ فَضَّلَ آلَ إِبْراهيمَ وَآلَ إِسْرائيلَ عَلَى الْعالَمينَ بِاخْتِيارِهِ، وَأَظْهَرَ في مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عِزَّةَ اقْتِدارِهِ(٦٧٣)، وَأَوْدَعَ مُحَمَّداً (صلّى الله عليه وآله) وَأَهْلَ بَيْتِهِ غَرائِبَ أَسْرارِهِ، [صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ]، وَاجْعَلْني مِنْ أَعْوانِ حُجَّتِكَ عَلى عِبادِكَ وَأَنْصارِهِ(٦٧٤).
٨٢) دعاء آخر يصلح لأيّام الغيبة علّمه في المنام
وفيه: حدّثنا صديقنا الملك المسعود ختم الله جلّ جلاله بإنجاز الوعود، أنّه رأى في منامه شخصاً يكلّمه من وراء حايط ولم ير وجهه ويقول:
يا صاحِبَ الْقَدَرِ وَالْأَقْدارِ، وَالْهِمَمِ وَالْمَهامِّ، عَجِّلْ فَرَجَ عَبْدِكَ وَوَلِيِّكَ وَالْحُجَّةِ الْقائِمِ بِأَمْرِكَ في خَلْقِكَ، وَاجْعَلْ لَنا في ذلِكَ الْخِيَرَةَ(٦٧٥).
٨٣) الدعاء للنجاة من الفتن
قال السيّد الجليل محمّد رضي الرضوي: وجدته بخطّ المرحوم السيّد الوالد (قدّس سرّه):
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ سبعاً.
اللّهم عُمَّ أَعْداءَ آلِ نَبِيِّكَ وَظالِميهِمْ وَأَعْداءَ شيعَتِهِمْ، وَأَعْداءَ مَواليهِمْ بِالشَّرِّ عَمّاً، وَطُمَّهُمْ بِالشَّرِّ طَمّاً، وَاطْرُقْهُمْ بِلَيْلَةٍ لا اُخْتَ لَها، وَساعَةٍ لا مَنْجى مِنْها، وَانْتَقِمْ مِنْهُمُ انتقاماً عاجِلاً، وَأَحْرِقْ قُلُوبَهُمْ بِنارِ غَضَبِكَ.
اللّهم شَتِّتْ شَمْلَهُمْ، وَفَرِّقْ جَمْعَهُمْ، وَقَلِّبْ تَدْبيرَهُمْ، وَنَكِّسْ أَعْلامَهُمْ، وَخَرِّبْ بُنْيانَهُمْ، وَقَرِّبْ آجالَهُمْ، وَأَلْقِ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ، وَاجْعَلْنا مِنْ بَيْنِهِمْ سالِمينَ، وَخُذْهُمْ أَخْذَ عَزيزٍ مُقْتَدِرٍ.
اللّهم أَلْقِ الْأَوْجاعَ وَالْأَسْقامَ في أَبْدانِهِمْ، وَضَيِّقْ مَسالِكَهُمْ، وَاسْلُبْهُمْ مَمالِكَهُمْ، وَحَيِّرْهُمْ في سُبُلِهِمْ، وَاقْطَعْ عَنْهُمُ الْمَدَدَ، وَانْقُصْ مِنْهُمُ الْعَدَدَ.
اللّهم وَاحْفَظْ مَوالِيَ آلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ مِنْ شُرُورِهِمْ، وَسَلِّمْهُمْ مِنْ مَكْرِهِمْ، وَخَدْعِهِمْ وَضُرِّهِمْ، وَانْصُرْهُمْ عَلَيْهِمْ بِنَصْرِكَ، وَاجْمَعْ كَلِمَتَهُمْ، وَأَلِّفْ جَمْعَهُمْ، وَدَبِّرْ أَمْرَهُمْ، وَعَرِّفْهُمْ ما يَجْهَلُونَ، وَعَلِّمْهُمْ ما لا يَعْلَمُونَ، وَبَصِّرْهُمْ ما لا يُبْصِرُونَ، وَأَعْلِ كَلِمَتَهُمْ، وَاجْعَلْهَا الْعُلْيا، وَاجْعَلْ كَلِمَةَ الْأَعْداءِ السُّفْلى(٦٧٦).
٨٤) دعاء الإمام الجواد (عليه السلام) لرفع الظلم عن العالم
نقل السيّد بن طاووس (رحمه الله) هذا الدعاء في مهج الدعوات عن مولانا جواد الأئمّة (عليه السلام):
اللّهم إِنَّ ظُلْمَ عِبادِكَ قَدْ تَمَكَّنَ في بِلادِكَ حَتَّى أَماتَ الْعَدْلَ، وَقَطَعَ السُّبُلَ، وَمَحَقَ الْحَقَّ، وَأَبْطَلَ الصِّدْقَ، وَأَخْفَى الْبِرَّ، وَأَظْهَرَ الشَّرَّ، وَأَخْمَدَ التَّقْوى، وَأَزالَ الْهُدى، وَأَزاحَ الْخَيْرَ، وَأَثْبَتَ الضَّيْرَ، وَأَنْمَى الْفَسادَ، وَقَوَّى الْعِنادَ، وَبَسَطَ الْجَوْرَ، وَعَدَى الطَّوْرَ.
اللّهم يا رَبِّ لا يَكْشِفُ ذلِكَ إِلّا سُلْطانُكَ، وَلا يُجيرُ مِنْهُ إِلّاَ امْتِنانُكَ.
اللّهم رَبِّ فَابْتُرِ الظُّلْمَ، وَبُثَّ حِبالَ الْغَشْمِ، وَأَخْمِدْ سُوقَ الْمُنْكَرِ، وَأَعِزَّ مَنْ عَنْهُ يَنْزَجِرُ، وَاحْصُدْ شأفَةَ أَهْلِ الْجَوْرِ، وَأَلْبِسْهُمُ الْحَوْرَ بَعْدَ الْكَوْرِ، وَعَجِّلِ اللّهم إِلَيْهِمُ الْبَياتَ، وَأَنْزِلْ عَلَيْهِمُ الْمُثَلاتِ، وَأَمِتْ حَياةَ الْمُنْكَرِ لِيُؤْمَنَ الْمَخُوفُ، وَيَسْكُنَ الْمَلْهُوفُ، وَيَشْبَعَ الْجائِعُ، وَيَحْفَظَ الضَّائِعُ، وَيَأْوَى الطَّريدُ، وَيَعُودَ الشَّريدُ، وَيُغْنَى الْفَقيرُ، وَيُجارَ الْمُسْتَجيرُ، وَيُوَقَّرَ الْكَبيرُ، وَيُرْحَمَ الصَّغيرُ، وَيُعَزَّ الْمَظْلُومُ، وَيُذَلَّ الظَّالِمُ، وَيُفَرَّجَ الْمَغْمُومُ، وَتَنْفَرِجَ الْغَمَّاءُ، وَتَسْكُنَ الدَّهْماءُ، وَيَمُوتَ الاِخْتِلافُ، وَيَعْلُوَ الْعِلْمُ، وَيَشْمَلَ السِّلْمُ، وَيُجْمَعَ الشَّتاتُ، وَيَقْوَى الْإيمانُ، وَيُتْلَى الْقُرْآنُ، إِنَّكَ أَنْتَ الدَّيَّانُ الْمُنْعِمُ الْمَنَّانُ(٦٧٧).
٨٥) دعاء من قرئه يحفظ من شرّ الدجّال
قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعبد الله بن سلام:
يا عبد الله؛ أخبرني عن عشر كلمات علّمهنّ الله (عزَّ وجلَّ) إبراهيم يوم قذف في النّار، أتجدهنّ في التوراة مكتوباً.
فقال عبد الله: يا نبيّ الله؛ بأبي واُمّي، هل اُنزل عليك فيهنّ شيء؟ فإنّي أجد ثوابها في التوراة ولا أجد الكلمات، وهي عشر دعوات فيهنّ اسم الله الأعظم.
فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): هل علّمهنّ الله تعالى موسى؟
فقال: ما علّمهنّ الله تعالى غير إبراهيم الخليل (عليه السلام).
فقال النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): وما تجد ثوابها في التوراة؟
فقال عبد الله: يا رسول الله؛ ومن يستطيع أن يبلغ ثوابها، غير أنّي أجد في التوراة مكتوباً:
ما من عبدٍ منّ الله عليه وجعل هؤلاء الكلمات في قلبه، إلّا جعل النّور في بصره واليقين في قلبه وشرح صدره للإيمان، وجعل له نوراً من مجلسه إلى العرش يتلألأ، ويباهي به ملائكته في كلّ يوم مرّتين، ويجعل الحكمة في لسانه ويرزقه حفظ كتابه وإن لم يكن حريصاً عليه، ويفقّهه في الدين، ويقذف له المحبّة في قلوب عباده ويؤمنه من عذاب القبر، وفتنة الدجّال، ويؤمنه من الفزع الأكبر يوم القيامة، ويحشره في زمرة الشهداء، ويكرمه الله ويعطيه وما يعطي الأنبياء بكرامته، ولا يخاف إذا خاف النّاس، ولا يحزن إذا حزن الناس، ويكتب عند الله صدّيقاً، ويحشر يوم القيامة، وقلبه ساكن مطمئنٌّ، وهو ممّن يكسى مع إبراهيم يوم القيامة، ولا يسأل بتلك الدعوات شيئاً إلّا أعطاه الله، ولو أقسم على الله لأبرّ قسمه ويجاور الرحمن في دار الجلال، وله أجر كلّ شهيد استشهد منذ يوم خلقت الدنيا.
قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): وما دار الجلال يا بن سلام؟
قال: جنّة عدن، وهو موضع عرش الرحمن، ربّ العزّة، وهي في جوار الله.
قال ابن سلام: فعلّمنا يا رسول الله؛ ومُنَّ علينا كما منّ الله عليك.
قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): خرُّوا لله سجّداً.
قال: فخرُّوا سجّداً، فلمّا رفعوا رؤوسهم قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قوله:
يا الله يا الله يا الله، أَنْتَ الْمَرْهُوبُ مِنْكَ جَميعُ [خَلْقِكَ]، يا نُورَ النُّورِ، أَنْتَ الَّذِي احْتَجَبْتَ دُونَ خَلْقِكَ فَلا تُدْرِكُ نُورَكَ نُورٌ، يا الله يا الله يا الله، أَنْتَ الرَّفيعُ الَّذِي ارْتَفَعْتَ فَوْقَ عَرْشِكَ مِنْ فَوْقِ سَمائِكَ، فَلا يَصِفُ عَظَمَتَكَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ، يا نُورَ النُّورِ قَدِ اسْتَنارَ بِنُورِكَ أَهْلُ سَمائِكَ، وَاسْتَضاءَ بِضَوْئِكَ أَهْلُ أَرْضِكَ.
يا الله يا الله يا الله، أَنْتَ الَّذي لا إِلهَ غَيْرُكَ، تَعالَيْتَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ شَريكٌ، وَتَعَظَّمْتَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ وَلَدٌ، وَتَكَرَّمْتَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ شَبيهٌ، وَتَجَبَّرْتَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ ضِدٌّ، فَأَنْتَ الله الْمَحْمُودُ بِكُلِّ لِسانٍ، وَأَنْتَ الْمَعْبُودُ في كُلِّ مَكانٍ، وَأَنْتَ الْمَذْكُورُ في كُلِّ أَوانٍ وَزَمانٍ، يا نُورَ النُّورِ، كُلُّ نُورٍ خامِدٌ لِنُورِكَ، يا مَليكَ كُلِّ مَليكٍ، يَفْنى غَيْرُكَ يا دائِمُ، كُلُّ حَيٍّ يَمُوتُ غَيْرُكَ.
يا الله يا الله يا الله الرَّحْمانُ الرَّحيمُ، اِرْحَمْني رَحْمَةً تُطْفِئُ بِها غَضَبَكَ، وَتَكُفُّ بِها عَذابَكَ، وَتَرْزُقُني بِها سَعادَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَتَحُلُّني بِها دارَكَ الَّتي تَسْكُنُها خِيَرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.
يا مَنْ أَظْهَرَ الْجَميلَ، وَسَتَرَ الْقَبيحَ، يا مَنْ لَمْ يُؤاخِذْ بِالْجَريرَةِ، وَلَمْ يَهْتِكِ السِّتْرَ، يا عَظيمَ الْعَفْوِ، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ، يا واسِعَ الْمَغْفِرَةِ، يا باسِطَ الْيَدَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، يا صاحِبَ كُلِّ نَجْوى، وَيا مُنْتَهى كُلِّ شَكْوى، يا كَريمَ الصَّفْحِ، يا عَظيمَ الْمَنِّ، يا مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقاقِها، يا رَبَّاهُ يا رَبَّاهُ، وَيا سَيِّداهُ وَيا أَمَلاهُ، وَيا غايَةَ رَغْبَتاهُ، أَسْأَلُكَ يا الله يا الله يا الله أَنْ لا تُشَوِّهَ خَلْقي فِي النَّارِ.
قال: يا رسول الله؛ وما ثواب من قال هذه الكلمات؟ قال:
هيهات هيهات انقطع القلم، لو اجتمع ملائكة سبع سماوات وسبع أرضين على أن يصفوا ذلك إلى يوم القيامة، لما وصفوا من ألف جزء جزءاً واحداً.
وذكر (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لهذه الكلمات ثواباً وفضائل كثيرة لا يحتمل ذكرها هاهنا، اقتصرنا على ذكر المقصود مخافة التطويل(٦٧٨).
٨٦) دعاء الفرج (إلهي عظُم البلاء)
قال الشيخ الكفعمي (رحمه الله) في البلد الأمين: دعاء لصاحب الأمر صلوات الله عليه علّمه رجلاً محبوساً فخلص:
إِلهي(٦٧٩) عَظُمَ الْبَلاءُ، وَبَرِحَ الْخَفاءُ، وَانْكَشَفَ الْغِطاءُ، وَانْقَطَعَ الرَّجاءُ، وَضاقَتِ الْأَرْضُ، وَمُنِعَتِ السَّماءُ، وَأَنْتَ الْمُسْتَعانُ، وإِلَيْكَ الْمُشْتَكى، وَعَلَيْكَ الْمُعَوَّلُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، اُولِى الْأَمْرِ الَّذينَ فَرَضْتَ عَلَيْنا طاعَتَهُمْ، وَعَرَّفْتَنا بِذلِكَ مَنْزِلَتَهُمْ، فَفَرِّجْ عَنَّا بِحَقِّهِمْ فَرَجاً عاجِلاً قَريباً كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ، يا مُحَمَّدُ يا عَلِيُّ، يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ، إِكْفِياني فَإِنَّكُما كافِيانِ(٦٨٠)، وَانْصُراني فَإِنَّكُما ناصِرانِ(٦٨١)، يا مَوْلانا يا صاحِبَ الزَّمانِ، اَلْغَوْثَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ، أَدْرِكْني أَدْرِكْني أَدْرِكْني، اَلسَّاعَةَ السَّاعَةَ السَّاعَةَ، اَلْعَجَلَ الْعَجَلَ الْعَجَلَ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ(٦٨٢).
٨٧) الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في حرم الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)
قال السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس (رحمه الله) في مصباح الزائر: تقف عند رجليه (عليه السلام) وتقول:
اللّهم عَظُمَ الْبَلاءُ، وَبَرِحَ الْخَفاءُ، وَانْكَشَفَ الْغِطاءُ، وَضاقَتِ الْأَرْضُ، وَمُنِعَتِ السَّماءُ، وَأَنْتَ يا رَبِّ الْمُسْتَعانُ، وإِلَيْكَ يا رَبِّ الْمُشْتَكى.
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، اَلَّذينَ فَرَضْتَ طاعَتَهُمْ، وَعَرَّفْتَنا بِذلِكَ مَنْزِلَتَهُمْ، وَفَرِّجْ عَنَّا كَرْبَنا قَريباً كَلَمْحِ الْبَصَرِ، أَوْ هُوَ أَقْرَبُ، يا أَبْصَرَ النَّاظِرينَ، وَيا أَسْمَعَ السَّامِعينَ، وَيا أَسْرَعَ الْحاسِبينَ، وَيا أَحْكَمَ الْحاكِمينَ.
يا مُحَمَّدُ يا عَلِيُّ، يا عَلِيُّ يا مُحَمَّدُ، يا مُصْطَفى يا مُرْتَضى، يا مُرْتَضى يا مُصْطَفى، اُنْصُراني فَإِنَّكُما ناصِرايَ، وَاكْفِياني فَإِنَّكُما كافِيايَ، يا صاحِبَ الزَّمانِ، اَلْغَوْثَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ، أَدْرِكْني أَدْرِكْني أَدْرِكْني، تقول ذلك حتّى ينقطع النفس، ثمّ تسأل حاجتك، فإنّها تُقضى بإذن الله تعالى(٦٨٣).
٨٨) الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في قنوت الصلوات
قال الشهيد (رحمه الله) في الذكرى: اختار ابن أبي عقيل هذا الدعاء بما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في القنوت:
اللّهم إِلَيْكَ شَخَصَتِ الْأَبْصارُ، وَنُقِلَتُ الْأَقْدامُ، وَرُفِعَتِ الْأَيْدي، وَمُدَّتِ الْأَعْناقُ، وَأَنْتَ دُعيتَ بِالْأَلْسُنِ، وإِلَيْكَ سِرُّهُمْ وَنَجْواهُمْ فِي الْأَعْمالِ، رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحينَ.
اللّهم إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ غَيْبَةَ نَبِيِّنا(٦٨٤) وَقِلَّةَ عَدَدِنا، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا(٦٨٥)، وَتَظاهُرَ الْأَعْداءِ عَلَيْنا، وَوُقُوعَ الْفِتَنِ بِنا، فَفَرِّجْ ذلِكَ اللّهم بِعَدْلٍ تُظْهِرُهُ، وإِمامِ حَقٍّ تُعَرِّفُهُ(٦٨٦)، إِلهَ الْحَقِّ آمينَ رَبَّ الْعالَمينَ.
قال: وبلغني أنّ الصّادق (عليه السلام) كان يأمر شيعته أن يقنتوا بهذا بعد كلمات الفرج(٦٨٧).
٨٩) هذا الدعاء برواية اُخرى
قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
دعوني إلى بيعة عثمان فبايعت مستكرهاً، وصبرت محتسباً، وعلّمت أهل القنوت أن يقولوا:
اللّهم لَكَ أَخْلَصَتِ الْقُلُوبُ، وَإِلَيْكَ شَخَصَتِ الْأَبْصارُ، وَأَنْتَ دُعيتَ بِالْأَلْسُنِ، وَإِلَيْكَ تُحُوكِمَ فِي الْأَعْمالِ، فَافْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ.
اللّهم إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ غَيْبَةَ نَبِيِّنا، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنا، وَقِلَّةَ عَدَدِنا، وَهَوانَنا عَلَى النَّاسِ، وَشِدَّةَ الزَّمانِ، وَوُقُوعَ الْفِتَنِ بِنا. اللّهم فَفَرِّجْ ذلِكَ بِعَدْلٍ تُظْهِرُهُ، وَسُلْطانِ حَقٍّ تُعْرِفُهُ(٦٨٨).
٩٠) دعاء سيّد الشهداء (عليه السلام) للطلب بدمه
عن مسلم بن رباح مولى عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قال: كنت مع الحسين بن علىّ (عليهما السلام) يوم قُتل، فرُمي في وجهه بنُشّابَة، فقال لي:
يا مسلم؛ أدْن يديك من الدم، فأدْنيتهما، فلمّا امتلأتا قال: اسكُبْه في يديَّ، فسكبته في يديه، فنفخ بهما إلى السّماء وقال:
اللّهم اطْلُبْ بِدَمِ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّكَ.
قال مسلم: فما وقع إلى الأرض منه قطرة(٦٨٩).
٩١) دعاء سيد الشهداء (عليه السلام) للانتقام عن ظالميهم بعد شهادة ولده الصغير عبد الله
قال (عليه السلام):
يا رَبِّ إِنْ كُنْتَ حَبَسْتَ عَنَّا النَّصْرَ مِنَ السَّماءِ، فَاجْعَلْ ذلِكَ لِما هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَانْتَقِمْ لَنا مِنْ هؤُلاءِ الظَّالِمينَ(٦٩٠).
٩٢) دعاء سيد الشهداء (عليه السلام) للانتقام عن الأعداء
اللّهم أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ دَعَوْنا لِيَنْصُرُونا، فَخَذَلُونا وَأَعانُوا عَلَيْنا. اللّهم احْبِسْ عَنْهُمْ قَطْرَ السَّماءِ، وَاحْرِمْهُمْ بَرَكاتِكَ. اللّهم لا تَرْضَ عَنْهُمْ أَبَداً.
اللّهم إِنَّكَ إِنْ كُنْتَ حَبَسْتَ عَنَّا النَّصْرَ فِي الدُّنْيا، فَاجْعَلْهُ لَنا ذُخْراً فِي الْآخِرَةِ، وَانْتَقِمْ لَنا مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمينَ(٦٩١).
٩٣) الدعاء لأن يجعل الله الدّاعي من أصحاب القائم صلوات الله عليه
من دعاء الإمام الصادق (عليه السلام) في الحرز والعوذة من صنوف البلاء:
أَعُوذُ بِدِرْعِكَ الْحَصينَةِ الَّتي لا تُرامُ، أَنْ تُميتَني غَمّاً أَوْ هَمّاً أَوْ تَرَدِّياً أَوْ هَدْماً أَوْ رَدْماً أَوْ غَرَقاً أَوْ حَرَقاً أَوْ عَطَشاً أَوْ شَرَقاً أَوْ صَبْراً أَوْ أَكيلَ سَبُعٍ أَوْ في أَرْضِ غُرْبَةٍ أَوْ ميتَةِ سُوءٍ، وَأَمِتْني عَلى فِراشي في عافِيَةٍ، أَوْ فِي الصَّفِّ الَّذي نَعَتَّ أَهْلَهُ في كِتابِكَ فَقُلْتَ «كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ»(٦٩٢) عَلى طاعَتِكَ وَطاعَةِ رَسُولِكَ (صلّى الله عليه وآله)(٦٩٣).
٩٤) الدعاء لظهوره صلوات الله عليه في سجدة الشكر
قال شيخ الطائفة الطوسي في مصباح المتهجّد: اسجد سجدة الشكر، وقل ما كتب أبو إبراهيم (عليه السلام) إلى عبد الله بن جندب فقال: إذا سجدت فقل ثلاثاً:
اللّهم إِنّي اُشْهِدُكَ(٦٩٤)، وَاُشْهِدُ مَلائِكَتَكَ وَأَنْبِياءَكَ وَرُسُلَكَ وَجَميعَ خَلْقِكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ(٦٩٥) الله رَبّي، وَالْإِسْلامُ ديني، وَمُحَمَّدٌ نَبِيّي، وَعَلِيٌّ وَلِيّي، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُوسى وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَالْخَلَفُ الصَّالِحُ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أَئِمَّتي، بِهِمْ(٦٩٦) أَتَوَلَّى، وَمِنْ عَدُوِّهِمْ أَتَبَرَّءُ. اللّهم إِنّي اُنْشِدُكَ دَمَ الْمَظْلُومِ.
وقل ثلاثاً: اللّهم إِنّي اُنْشِدُكَ بِوَأْيِكَ(٦٩٧) عَلى نَفْسِكَ لِأَوْلِيائِكَ، لَتُظْهِرَنَّهُمْ عَلى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى الْمُسْتَحْفَظينَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ.
وتقول ثلاثاً: اللّهم إِنّي اُنْشِدُكَ بِإيوائِكَ(٦٩٨) عَلى نَفْسِكَ لِأَعْدائِكَ، لَتُهْلِكَنَّهُمْ وَلَتُخْزِيَنَّهُمْ بَأَيْديهِمْ وَأَيْدي الْمُؤْمِنينَ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى الْمُسْتَحْفَظينَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ.
وتقول ثلاثاً: اللّهم إِنّي أَسْأَلُكَ الْيُسْرَ بَعْدَ الْعُسْرِ(٦٩٩).
قال في البحار: بيان: هذا الدّعاء رواه الكليني والصدوق والشيخ وغيرهم (رضوان الله عليهم) بأسانيد حسنة لا تقصر عن الصحيح، عن عبد الله بن جندب قال: سألت أبا الحسن الماضي (عليه السلام) عمّا أقول في سجدة الشكر، فقد اختلف أصحابنا فيه.
فقال: قل وأنت ساجد، وذكر الدّعاء، وفيها وعليّ وفلان وفلان إلى آخرهم أئمّتي، وفي الفقيه ذكر أسماءهم:، وليس في الكافي والتهذيب: اللّهم إِنّي أَنْشِدُكَ بِوَأْيِكَ عَلى نَفْسِكَ لِأَعْدائِكَ إلى قوله ثلاثاً.
وفي الفقيه موجود هكذا: لَتُهْلِكَنَّهُمْ بِأَيْدينا وَأَيْدِي الْمُؤْمِنينَ، ومقدّمة على فقرة الأولياء، وفيها جميعاً بِعَدُوَّكَ وَعَدُوِّهِمْ وليس فيها فَفَرِّجْ عَنّي.
قوله (عليه السلام): أنشدك دم المظلوم أنشد على وزن أقعد يقال: نشدت فلاناً وأنشده أي قلت له: نشدتك الله أي سألتك بالله، والمراد هنا: أسألك بحقّك أن تأخذ بدم المظلوم أعني الحسين (عليه السلام)، وتنتقم من قاتليه، ومن الأوّلين الّذين أسّسوا أساس الظلم والجور عليه وعلى أبيه وأخيه سلام الله عليهم أجمعين.
ويحتمل أن يكون المراد: أنشدك بحقِّ دم المظلوم أن تطلب بثأره.
بوأيك الوأي: الوعد، وقوله: لتهلكنّهم اللام لجواب القسم لما في الوأي بمعنى القسم، والمقسم عليه في أنشده مقدّر من جنسه بعد الصّلوات، بقرينة الوأي أي أنشدك أن تنجز وعدك وتهلكهم، أو يقال: الصّلاة عليهم ترجع إلى هذا المعنى، فإنّ رحمة الله عليهم مشتمل على رواج دينهم ونصرهم وظفرهم على الأعادي، كما ورد في الخبر في معنى السّلام عليهم، وسيأتي تحقيقه في باب الصّلاة عليهم.
والوأي إشارة إلى قوله تعالى: «وَعَدَ الله الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دَينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَني لا يُشْرِكُونَ بي شَيْئاً»(٧٠٠)، والباء إمّا للسببيّة أي أنشدك بسبب وعدك، أو صلة للنشد أي اُقسم عليك بحقّ وعدك.
ثمّ اعلم أنّ في أكثر نسخ الحديث والدعاء بإيوائك، ولم يرد في اللّغة بهذا المعنى، ولا بمعنى يناسب المقام، لكن ما أهمله أهل اللّغة من الاستعمالات والاشتقاقات كثير، فيمكن أن يكون هذا منها.
وقال الشيخ البهائي (قدّس سرّه): الايواء بالياء المثنّاة التحتانيّة وآخره ألف ممدودة: العهد، ولا أدري من أين أخذه، ويمكن أن يكون استعمل هنا مجازاً، فإنّ من وعد شيئاً فكأنّه آواه وأنزله من نفسه منزلاً حصيناً.
وقد ورد مثله في أخبار العامّة، قال في النهاية في حديث وهب: إنّ الله تعالى قال: إنّي أويت على نفسي أن أذكر من ذكرني، قال القتيبيُّ: هذا غلط يشبه أن يكون من المقلوب، والصّحيح وأيت من الوأي بمعنى الوعد، يقال: وأيت على نفسي أي جعلته وعداً على نفسي، انتهى.
والمستحفظين يمكن أن يقرأ بالبناء للفاعل أي حفظوا كتاب الله ودينه وساير أماناته، أو طلبوا حفظ ذلك من علماء شيعتهم، وبالبناء للمفعول أي استحفظهم الله إيّاها، والأخير أظهر إشارة إلى قوله تعالى: «بِمَا اسْتَحْفَظُوا مِنْ كِتابِ الله وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداء»(٧٠١)،(٧٠٢).
٩٥) الدعاء لظهوره أرواحنا فداه في الساعة المخصوصة به
قد ورد هذا الدعاء في هذه الساعة، وهي من اصفرار الشمس إلى غروبها للخلف الحجّة(٧٠٣) صلوات الله عليه:
يا مَنْ تَوَّحَدَ بِنَفْسِهِ عَنْ خَلْقِهِ، يا مَنْ غَنِيَ عَنْ خَلْقِهِ بِصُنْعِهِ، يا مَنْ عَرَّفَ نَفْسَهُ خَلْقَهُ بِلُطْفِهِ، يا مَنْ سَلَكَ بِأَهْلِ طاعَتِهِ مَرْضاتَهُ، يا مَنْ أَعانَ أَهْلَ مَحَبَّتِهِ عَلى شُكْرِهِ، يا مَنْ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِدينِهِ، وَلَطُفَ لَهُمْ بِنائِلِهِ.
أَسْأَلُكَ بِحَقِّ وَلِيِّكَ الْخَلَفِ الصَّالِحِ، بَقِيَّتِكَ في أَرْضِكَ، اَلْمُنْتَقِمِ لَكَ مِنْ أَعْدائِكَ، وَأَعْداءِ رَسُولِكَ، بَقِيَّةِ آبائِهِ الصَّالِحينَ، مُحَمَّدِ(٧٠٤) بْنِ الْحَسَنِ، وَأَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ بِهِ، وَاُقَدِّمُهُ بَيْنَ يَدَيْ حَوائِجي وَرَغْبَتي إِلَيْكَ.
أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَفْعَلَ بي كَذا وَكَذا، وَأَنْ تُدارِكَني بِهِ، وَتُنْجِيَني مِمَّا أَخافُهُ وَأَحْذَرُهُ، وَأَلْبِسْني بِهِ عافِيَتَكَ وَعَفْوَكَ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ، وَكُنْ لَهُ وَلِيّاً وَحافِظاً، وَناصِراً وَقائِداً، وَكالِئاً وَساتِراً، حَتَّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً، وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِالله الْعَلِيِّ الْعَظيمِ، «فسَيَكْفيكَهُمُ الله وَهُوَ السَّميعُ الْعَليمُ»(٧٠٥).
اللّهم صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ(٧٠٦)، اَلَّذينَ أَمَرْتَ بِطاعَتِهِمْ، وَاُولِي الْأَرْحامِ الَّذينَ أَمَرْتَ بِصِلَتِهِمْ، وَذَوِى الْقُرْبَى الَّذينَ أَمَرْتَ بِمَوَدَّتِهِمْ، وَالْمَوالِيَ الَّذينَ أَمَرْتَ بِعِرْفانِ حَقِّهِمْ، وَأَهْلِ الْبَيْتِ الَّذينَ أَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهيراً. أَسْأَلُكَ بِهِمْ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَنْ تَغْفِرَ ذُنُوبي كُلَّها يا غَفَّارُ، وَتَتُوبَ عَلَيَّ يا تَوَّابُ، وَتَرْحَمَني يا رَحيمُ، يا مَنْ لا يَتَعاظَمُهُ ذَنْبٌ وَهُوَ عَلى كُلِّ شيء قَديرٌ(٧٠٧).
٩٦) الدعاء الثاني في الساعة المخصوصة به صلوات الله عليه
اللّهم يا خالِقَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ، وَالْمِهادِ الْمَوْضُوعِ، وَرازِقَ الْعاصي وَالْمُطيعِ، اَلَّذي لَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفيعٌ.
أَسْأَلُكَ بَأَسْمائِكَ الَّتي إِذا سُمِّيَتْ(٧٠٨) عَلى طَوارِقِ الْعُسْرِ عادَتْ يُسْراً، وإِذا وُضِعَتْ عَلَى الْجِبالِ كانَتْ هَباءً مَنْثُوراً، وإِذا رُفِعَتْ إِلَى السَّماءِ تَفَتَّحَتْ لَهَا الْمَغالِقُ، وإِذا هُبِطَتْ إِلى ظُلُماتِ الْأَرْضِ اتَّسَعَتْ لَهَا الْمَضائِقُ، وإِذا دُعِيَتْ بِهَا الْمَوْتَى انْتَشَرَتْ مِنَ اللُّحُودِ، وإِذا نُودِيَتْ بِهَا الْمَعْدُوماتُ خَرَجَتْ إِلَى الْوُجُودِ، وإِذا ذُكِرَتْ عَلَى الْقُلُوبِ وَجِلَتْ خُشُوعاً، وإِذا قُرِعَتِ الْأَسْماعُ فاضَتِ الْعُيُونُ دُمُوعاً.
أَسْأَلُكَ بِمُحَمَّدٍ رَسُولِكَ الْمُؤَيَّدِ بِالْمُعْجِزاتِ، اَلْمَبْعُوثِ بِمُحْكَمِ الآياتِ، وَبِأمير المؤمنين عَلِيِّ بْنِ أَبي طالِبٍ، اَلَّذِي اخْتَرْتَهُ لِمُؤاخاتِهِ وَوَصِيَّتِهِ، وَاصْطَفَيْتَهُ لِمُصافاتِهِ وَمُصاهَرَتِهِ.
وَبِصاحِبِ الزَّمانِ الْمَهْدِيِّ، اَلَّذي تَجْمَعُ عَلى طاعَتِهِ الْآراءَ الْمُتَفَرِّقَةَ، وَتُؤَلِّفُ بِهِ بَيْنَ الْأَهْواءِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَتَسْتَخْلِصُ بِهِ حُقُوقَ أَوْلِيائِكَ، وَتَنْتَقِمُ بِهِ مِنْ شَرِّ(٧٠٩) أَعْدائِكَ، وَتَمْلَأُ بِهِ الْأَرْضَ عَدْلاً وَإِحْساناً، وَتُوَسِّعُ عَلَى الْعِبادِ بِظُهُورِهِ فَضْلاً وَامْتِناناً، وَتُعيدُ الْحَقَّ إِلى مَكانِهِ عَزيزاً حَميداً، وَتُرْجِعُ الدّينَ عَلى يَدَيْهِ غَضّاً جَديداً، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، فَقَدِ اسْتَشْفَعْتُ بِهِمْ إِلَيْكَ، وَقَدَّمْتُهُمْ أَمامي وَبَيْنَ يَدَيْ حَوائِجي، وَأَنْ تُوزِعَني شُكْرَ نِعْمَتِكَ، فِي التَّوْفيقِ لِمَعْرِفَتِهِ، وَالْهِدايَةِ إِلى طاعَتِهِ، وَتَزيدَني قُوَّةً فِي التَّمَسُّكِ بِعِصْمَتِهِ وَالْاِقْتِداءِ بِسُنَّتِهِ، وَالْكَوْنِ في زُمْرَتِهِ، إِنَّكَ سَميعُ الدُّعاءِ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ(٧١٠).
قال العلّامة الخواجوئي في تعليقته: قوله: الّذي تجمع على طاعته الآراء المتفرّقة، يدلّ على أنّ في زمن ظهور دولته القاهرة وسلطنته الباهرة ليس افتراق آراء، ولا اختلاف أهواء، بل كلمات كلّهم مجموعة على طاعته، وهو رئيس مطاع، والحقوق كلّها يومئذ مستخلصة لأهلها فالخمس يوضع موضعه، وكذلك الزكاة والفيء والأنفال والدّيات والقصاص والجراحات ونحو ذلك، ويرد فدك إلى أهلها، وينتقم من أعداء الله لأوليائه أحياءهم وأمواتهم بإحيائهم، كما تدلّ عليه أخبار كثيرة.
منها: أنّ الله سيعيد قوماً عند قيام المهديّ صلوات الله عليه ممّن تقدّم موتهم من أوليائه وشيعته ممّن محض الإيمان محضاً، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته، ويعيد أيضاً قوماً ممّن محض الكفر لينتقم منهم، وينالوا بعض ما يستحقّونه من العقاب في القتل على أيدي شيعته من الذلّ والخزي ممّا يشاهدونه من علوّ كلمته.
وفي ذلك الزّمان ينتشر العدل والإحسان في مشارق الأرض ومغاربها، كما أمر الله بهما في كتابه العزيز، ويكون عباد الله موسّعاً عليهم أرزاقهم، وما به ينتظم اُمور معاشهم ومعادهم، ويومئذ يقرّ الحقّ مقرّه عزيزاً محموداً، ويؤوب دين الإسلام بعد ذهابه بالكليّة ويجدّد، فيكون أهله جديد الإسلام، ويومئذ يكون الدين كلّه لله فطوبى لأهله ثمّ طوبى.
اللّهم عجّل فرجه وسهّل مخرجه، واجعلنا ممّن يدخلون تحت سرادقات دولته ويشرّفون برؤية أوليائه ورؤيته، ويقاتلون في ركاب حضرته، فيقتلون ويقتلون لإعلاء كلمته وإعزاز دينه وملّته بمحمّد وآله وعترته صلوات الله عليهم أجمعين(٧١١).
٩٧) دعاء السفر في الساعة المخصوصة به أرواحنا فداه
قال السيّد الأجلّ في كتاب الأمان: ذكرنا في كتاب الأسرار المودعة في ساعات الليل والنهار: أنّ كلّ ساعة من النهار، يختصّ بها واحد من الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)، ولها دعاءان: أحدهما نقلناه من خطّ جدّي أبي جعفر الطوسي (رحمه الله) والآخر من خطّ ابن مقلة المنسوب إليه، وكلّ واحد منهم عليهم أفضل الصلوات كالخفير والحامي لساعته بمقتضى الروايات.
فالسّاعة الأولى لمولانا عليّ صلوات الله عليه؛
والسّاعة الثانية لمولانا الحسن (عليه السلام)؛
والسّاعة الثالثة لمولانا الحسين (عليه السلام)؛
والسّاعة الرابعة لمولانا عليّ بن الحسين (عليهما السلام)؛
والسّاعة الخامسة لمولانا محمّد بن عليّ الباقر (عليه السلام)؛
والسّاعة السادسة لمولانا جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام)؛
والسّاعة السابعة لمولانا موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)؛
والسّاعة الثامنة لمولانا عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام)؛
والسّاعة التاسعة لمولانا محمّد بن عليّ الجواد (عليه السلام)؛
والسّاعة العاشرة لمولانا عليّ بن محمّد الهادي (عليه السلام)؛
والسّاعة الحادية عشرة لمولانا الحسن بن عليّ العسكري (عليه السلام)؛
والسّاعة الثانية عشرة لمولانا المهديّ صلوات الله عليه.
أقول: وهذه الساعات يدعو الإنسان في كلّ ساعة منها بما يخصّها من الدّعوات، سواء كان نهار الصيف الكامل الساعات، أو نهار الشتاء القصير الأوقات، لأنّ الدعوات تنقسم اثني عشر قسماً، كيف كان مقدار ذلك النّهار، بمقتضى الأخبار.
أقول: فإذا اتّفق خروجك للسّفر في ساعة يختصّ بها أَحد الأئمّة الحماة، الّذين جعلهم الله جلّ جلاله سبباً للنجاة، فقل ما معناه:
اللّهم بَلِّغْ مَوْلانا فُلاناً صَلَواتُ الله عَلَيْهِ إِنَّني اُسَلِّمُ عَلَيْهِ، وَإِنَّني أَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ بِإِقْبالِكَ عَلَيْهِ، في أَنْ يَكُونَ خَفارَتي وَحِمايَتي وَسَلامَتي وَكَمالُ سَعادَتي ضِمانَها بِكَ عَلَيْهِ، حَيْثُ قَدْ تَوَجَّهْتُ فِي السَّاعَةِ الَّتي جَعَلْتَهُ كَالْخَفيرِ فيها وَحَديثَها في ذلِكَ إِلَيْهِ.
أقول: وتقول إذا نزلت منزلاً في ساعة تختصّ بواحد منهم (عليهم السلام) أَو رحلت منه فتسلم على ذلك الإمام بما يقرّبك منه، وتخاطبه في ضمان ما يتجدّد في ساعته، فلولا أنّ الله جلّ جلاله أراد ذلك منك ما دلّك عليه، وإذا عملت بهذا هداك الله جلّ جلاله إليه صارت حركاتك وسكناتك في أسفارك، عبادة وسعادة لدار قرارك(٧١٢).
٩٨) الصلاة على مولانا صاحب الأمر أرواحنا فداه
اللّهم صَلِّ عَلى وَلِيِّكَ وَابْنِ أَوْلِيائِكَ، اَلَّذينَ فَرَضْتَ طاعَتَهُمْ، وَأَوْجَبْتَ حَقَّهُمْ، وَأَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ، وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهيراً. اللّهم انْتَصِرْ بِهِ لِدينِكَ، وَانْصُرْ بِهِ أَوْلِيائَكَ وَأَوْلِياءَهُ وَشيعَتَهُ وَأَنْصارَهُ، وَاجْعَلْنا مِنْهُمْ.
اللّهم أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ كُلِّ باغٍ وَطاغٍ، وَمِنْ شَرِّ جَميعِ خَلْقِكَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، وَعَنْ يَمينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ، وَاحْرُسْهُ وَامْنَعْهُ أَنْ يُوصَلَ إِلَيْهِ بِسُوءٍ، وَاحْفَظْ فيهِ رَسُولَكَ وَآلَ رَسُولِكَ.
وَأَظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ، وَأَيِّدْهُ بِالنَّصْرِ، وَانْصُرْ ناصِريهِ، وَاخْذُلْ خاذِليهِ، وَاقْصِمْ بِهِ جَبابِرَةَ الْكَفَرَةِ، وَاقْتُلْ بِهِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقينَ وَجَميعَ الْمُلْحِدينَ حَيْثُ كانُوا مِنْ مَشارِقِ الْأَرْضِ وَمَغارِبِها، وَبَرِّها وَبَحْرِها، وَامْلَأْ بِهِ الْأَرْضَ عَدْلاً، وَأَظْهِرْ بِهِ دينَ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ السَّلامُ.
وَاجْعَلْنِي اللّهم مِنْ أَنْصارِهِ وَأَعْوانِهِ، وَأَتْباعِهِ وَشيعَتِهِ، وَأَرِني في آلِ مُحَمَّدٍ ما يَأْمُلُونَ، وَفي عَدُوِّهِمْ ما يَحْذَرُونَ، إِلهَ الْحَقِّ آمينَ(٧١٣).
٩٩) الدعاء عند وقوع الصيحة
عن ابن مسعود عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال:
إذا كانت صيحة في رمضان فإنّها تكون معمعة في شوّال، وتميز القبائل في ذي القعدة، وتُسفك الدماء في ذي الحجّة والمحرّم، وما المحرّم، هيهات هيهات يقتل الناس فيه قتلاً.
قيل: يا رسول الله؛ وما الصيحة؟ قال:
هدّة(٧١٤) تكون في النصف من شهر رمضان يوم الجمعة ضحى، وذلك إذا وافق شهر رمضان ليلة الجمعة، فتكون هدّة توقظ النائم وتقعد القائم وتخرج العواتق من خدورهنّ في ليلة جمعة في سنة كثيرة الزلازل والبرد.
فإذا وافق شهر رمضان في تلك السنة في ليلة الجمعة، فإذا صلّيتم الفجر من يوم الجمعة في النصف من شهر رمضان فادخلوا بيوتكم، وأغلقوا أبوابكم، وسدّوا الكُوى، ودثّروا أنفسكم، وسدّوا آذانكم، وإذا أحسستم بالصيحة فخرّوا لله سجّداً، وقولوا:
سُبْحانَ الْقُدُّوسِ، سُبْحانَ الْقُدُّوسِ رَبِّنا.
فإنّه من فعل ذلك نجا، ومن برز لها هلك(٧١٥).
أقول: وفي ألفاظ الرواية اضطراب، نقلناها في هذا الباب؛ لأنّه غير معلوم في أيّ سنة تقع الهدّة.
١٠٠) الدعاء للفرج في يوم الظهور
روى الشيخ النعمانيّ في كتاب الغيبة بإسناده عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
إذا كان ليلة الجمعة أهبط الربّ تعالى ملكاً إلى السماء الدنيا فإذا طلع الفجر، جلس ذلك الملك على العرش، فوق البيت المعمور، ونصب لمحمّد وعليّ والحسن والحسين (عليهم السلام) منابر من نور، فيصعدون عليها وتجمع لهم الملائكة والنبيّون والمؤمنون، وتفتح أبواب السماء، فإذا زالت الشمس قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يا ربّ؛ ميعادك الّذي وعدت به في كتابك، وهو هذه الآية:
«وَعَدَ الله الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً»(٧١٦).
ثمّ يقول الملائكة والنبيّون مثل ذلك، ثمّ يخرّ محمّد وعليّ والحسن والحسين سجّداً، ثمّ يقولون:
يا رَبِّ إِغْضَبْ، فَإِنَّهُ قَدْ هُتِكَ حَريمُكَ، وَقُتِلَ أَصْفِياؤُكَ(٧١٧)، وَاُذِلَّ عِبادُكَ الصَّالِحُونَ، فيفعل الله ما يشاء وذلك يوم معلوم(٧١٨).
١٠١) دعاء الشيعة عند خروج مولانا القائم أرواحنا فداه
في رواية قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لزيد بن أرقم:
إن أردت أن لا يصيبك شرّهم، ولا ينالك مكرهم (يعني المنافقين والكافرين)، فقل إذا أصبحت: أَعُوذُ بِالله مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجيمِ، فإنّ الله يقيك من شرّهم، فإنّما هم شياطين «يُوحي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً»(٧١٩).
وإذا أردت أن يؤمنك بعد ذلك عن الغرق والحرق والسرق فقل إذا أصبحت:
بِسْمِ الله ما شاءَ الله، لا يَصْرِفُ السُّوءَ إِلَّا الله، بِسْمِ الله ما شاءَ الله، لا يَسُوقُ الْخَيْرَ إِلَّا الله، بِسْمِ الله ما شاءَ الله، ما يَكُونُ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ الله، بِسْمِ الله ما شاءَ الله، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلّا بِالله الْعَلِيِّ الْعَظيمِ، بِسْمِ الله ما شاءَ الله، وَصَلَّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبينَ.
فإنّ من قالها ثلاثاً إذا أصبح أمن من الغرق والحرق والسرق حتّى يسمى، ومن قالها ثلاثاً إذا أمسى أمن من الحرق والغرق والسرق حتّى يصبح.
وإنّ الخضر وإلياس (عليهما السلام) يلتقيان في كلّ موسم فإذا تفرّقا تفرّقا عن هذه الكلمات، وإنّ ذلك شعار شيعتي، وبه يمتاز أعدائي من أوليائي يوم خروج قائمهم(٧٢٠).
١٠٢) دعاء لمن أراد التشرّف بخدمته صلوات الله عليه
قال في الصحيفة الهادية والتحفة المهديّة: دعاؤه (عليه السلام)، وهو الدّعاء الّذي من قرئه أربعين صباحاً رزقه الله لقاء القائم (عليه السلام):
بسم الله الرّحمن الرّحيم، من الأسرار الإلهيّة والكنوز الربّانيّة بأنّ من قرء الدّعاء المسمّى بدعاء صاحب الزّمان (عليه السلام) بهذا العدد ١٧٤٨٨ في أربعين يوماً على هذا النّهج:
يقرأ في تسع منها ٣٦٠، وفي اليوم العاشر منها ١١٣٢ أظهر الله تعالى له سرّه، وأعطاه الجمعيّة والسّلطنة والملك، ورزقه رؤية الصاحب (عليه السلام)، غير أنّه ينبغي قبل الشروع به أن يتوضّأ ويجلس حيال القبلة في موضع طاهر، ويصلّي على النبيّ ويستغفر الله من الذّنوب ويقرأ:
يا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيَّ مِنْ حَبْلِ الْوَريدِ، يا فَعَّالاً لِما يُريدُ، يا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ، يا مَنْ هُوَ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلى، يا مَنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيء مرّة واحدة، ثمّ يشرع في الدعاء وهو هذا: يا الله يا مُحَمَّدُ يا عَليُّ يا فاطِمَةُ وَبَنيها، يا صاحِبَ الزَّمانِ أَدْرِكْني، يا فارِسَ الْحِجازِ أَدْرِكْني، يا أَبا صالِحِ الْمَهْدِيَّ أَدْرِكْني وَلا تُهْلِكْني.
ثمّ يصلّي على النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عشر مرّات، ثمّ يختم بالفاتحة والإخلاص، ويجب أن يداوم عليه بالإخلاص، فإن فيه اسم الله الأعظم، ويظهر منه آثار العجيبة والأفعال الغريبة بعون الله تعالى فوائد مهمّة، لابدّ من التّنبيه عليها.
ينبغي أنّ يعلم ان روح الدّعاء والذّكر حضور القلب، ونعني به أن يفرغ القلب عن غير ما هو ملابس به، ومتكلّماً معه، ويكون العلم مقروناً به، ولا يكون الفكر جارياً في غيره، وأن يكون القلب متّصفاً بمعنى الذّكر والدّعاء، فلا تقول مثلاً الله اكبر وفي قلبه شيء أكبر من الله سبحانه، ولا يتكلّم بكلمة الاستثناء عند تقدير أمر من اُموره إلّا ويستشعر ويعلم أنّ تدبير الاُمور وتقدريها كلّها بيد الله سبحانه، وأنّها تابعة لمشيّته وقضائه وقدره، وأنّه لا رادّ لقضائه ولا معقّب لحكمه، وأنّه تعالى لو لم يقدر ذلك الأمر على ما يدبّر العبد لا يكون ذلك أبداً ويكون سائلاً منه بقلبه سؤال متضرّع أن يجعله مُوافقاً للمشيّة الأزليّة أن كان خيره فيه، وكذلك إذا تكلّم بكلمة الاسترجاع، فليستشعر ما خلق لأجله، وأنّه راجع إلى ربّه ويتذكّر ما أنعمه الله تعالى عليه ليرى ما أبقى عليه ضعاف ما استردّه منه لتهوّن على نفسه تلك المصيبة وتستسلم لها.
وهكذا في كلّ أدعية الّتي أوردناه في الاُمور الدينيّة والدنيويّة، فإنّه ينبغي أن يذكر الله ويدعو الله بقلبه ولسانه على نهج الخاصّ المناسب لذلك الأمر مع اتّصاف قلبه بمعناهما، والّا فمجرّد تحريك اللسان لا مؤنة فيها، وإنّما أمر بالتلفّظ لتنبيه القلب حيث أنّه لا يتنبّه في الأغلب إلّا من هذا الطّريق، وذلك أيضاً يكون في الابتداء.
وأمّا إذا داوم على الذّكر والدّعاء وانس بهما، وانغرس في قلبه حبّ المذكور، فلا يحتاج إلى ذلك، فالمقصود الأصلي في الدعاء والذكر إنّما هو الذكر القلبي والاستشعار الباطني بمعاني الدّعاء والأذكار والاتّصاف لهما(٧٢١).
١٠٣) الطريق إلى مشاهدته أرواحنا فداه بقراءة السور المباركة الكوثر والتوحيد وآل عمران
ونلحق أيضاً بهذا الباب ما قاله في العبقريّ الحسان: قال صاحب كتاب بضاعة مزجاة في الأدعية الّتي تقرأ في زمن الغيبة - وقد طبع في ايران سنة ١٣٣٥ -: قال الحاج ميرزا محسن الملقّب بتاج الواعظين في كتاب درّة: رأيت في زمن إقامتي بفارس رسالة مختصرة عن أبي اسحاق الاسفرائني في فوائد السور المباركة الكوثر والتوحيد وآل عمران، من قرأ هذه السور وأدامها في أيّام الجمعة لم يمت حتّى يزور قائم آل محمّد (عليهم السلام).
فقال: لم يكن لي التوفيق لإتيان هذا العمل ولكن أدامه بعض أحبّائي وتشرّف إلى حضوره صلوات الله عليه وهذا تفصيل ما قاله:
ذهبت إلى بلوجستان ورأيت في الطريق رجلاً راكباً على إبل في زيّ أهل البلوچ وكان شابّاً، فسلّمت عليه، فردّ عليّ الجواب وقال لي:
ما هو مقصودك من قراءتك السور؟
قلت: زيارة صاحب الزمان (عليه السلام). قال: فإن تراه فما حاجتك منه؟
قلت: إنّ لي أسأله أسأله عنها. قال: فاسأل.
فقلت في نفسي ما هو الضرر في طرح أسئلتي ولابدّ لنا طيّ الطريق، فشرعت في بيان الأسئلة وقلت له: من أسئلتي أنّه ما هو أقرب الطرق إلى الله؟
فقال لي في الجواب: إن قال لك من يدّعى الكيمياء أنا عالم بهذا العلم وأنت تعلم أنّه كاذب في ادّعائه لأنّه إن كان صادقاً لم يُظهره ومع ذلك أنت تعتمد عليه مع علمك بكذبه وتصرف مالك وترد على نفسك الزحمة والمشقّة؛ ولكن ما أقوله لك)ليس بكذب(بل هو قول النبيّ والأئمّة الراشدين (عليهم السلام) فما هو الضرر عليك أن تصرف عمرك وتقرأ السور المباركة الكوثر والتوحيد وآل عمران أربعين أيّاماً بقصد العبادة لا بقصد الامتحان حتّى تصل إلى مقصودك؟ ولكنّ السائل لا يدري في الحال بأنّ القائل له من هو؟ ولا يعلم أنّه حجّة الزمان (عليه السلام)(٧٢٢)!
١٠٤) الصلاة على سيّدتنا النساء فاطمة الزهراء صلوات الله عليها
من المجرّبات في المهمّات ذكر الصلاة على سيّدة النساء وأبيها وبعلها وبنيها بأن يقول: ٥٣٠ مرة:
اللّهم صَلِّ عَلى فاطِمَةَ وَأَبيها وَبَعْلِها وَبَنيها وَالسِّرِّ الْمُسْتَوْدَعِ فيها بِعَدَدِ ما أَحاطَ بِهِ عِلْمُكَ.
ولم يذكر هذا الختم في الكتب القديمة بل شاع هذه الصلاة في ألسنة بعض الناس من عصر الشيخ الأعظم الأنصاري (رضوان الله عليه). وإنّما ذكرناها في الكتاب لأمرين:
١ - نقل عن العالم الربّاني الآخوند ملّا معصومعلي الهمداني أعلى الله مقامه أنّه قال: روى الشيخ الأعظم الأنصاري (رحمه الله) هذه الصلاة بهذه الألفاظ ولم تذكر في الكتب القديمة ولم ترو عمّن كان قبل الشيخ الأعظم الأنصاري أعلى الله مقامه.
فمع عدم ذكرها في الكتب قبل الشيخ الأعظم وبملاحظة جلالة الشيخ الأعظم رحمة الله عليه وارتباطه مع الإمام صاحب الزمان (عجّل الله فرجه) يحتمل جدّاً صدورها عن ناحيته المقدّسة العظمى.
٢ - المقصود من السرّ المستودع فيها مولانا الإمام الحجّة صلوات الله عليه على ما قاله بعض السادة. فلأجل الأمرين نقلناها في هذا الكتاب.
إعلم إنّ عدد هذه الصلاة هو ٥٣٠ مرّة وهو عدد اسم سيّدة نساء العالمين: فاطمة ومن قال أنّ عددها ١٣٥ مرتبه فقد اشتبه الأمر عليه، لأنّ حرف الآخر في كلمة فاطمة هو التاء وعدده ٤٠٠ لا الهاء وعدده ٦. فرقم مجموع الحروف هو ٥٣٠.
والدليل على ذلك أنّها تكتب مع النقطة وتقرأ معها إلّا في الوقف، وما هو المعتبر في الأبجد في عدد الحروف هو الكتابة. ولذا نقول عدد لفظ الجلالة: الله هو ٦٦ لأنّه كتب اللام فيه مرّتين وهو في القراءة يقرأ مرّة مشدّداً.
١٠٥) من خواصّ سورة يس
نذكر في هذا الباب، خواصّ بعض السور.
قال لي بعض الثقاة من أهل العلم: إنّ بعض عباد الله في بلدة يزد - وكان مقيّداً بالشدائد - قد تشرّف بلقاء مولانا الحجّة صلوات الله عليه، فقال (عليه السلام) له:
اقرأ سورة يس، فإذا وصلت إلى كلمة مبين فيها وهي في ستّة مواضع منها إنو حاجتك ثمّ اقرئها، وبعد إتمام السورة اسأل حاجتك، حتّى يجيب الله دعائك.
قال: فلمّا نظرت في السورة رأيت أنّ كلمة مبين توجد في سبعة مواضع منها، فتعجّبت من ذلك، ولمّا تأمّلت وجدتها في ستّة مواضع منها بغير ال، وفي موضع واحد مع ال، ثمّ قال: فقرأت السورة كما قاله لي أرواحنا فداه فأجاب الله تعالى دعائي.
قال المحدّث النوري (رحمه الله): أنّه قد تذاكرنا يوماً مع بعض الأحبّاء في كيفيّة ختم سورة يس وأقسامها وما يقرأ عند قوله تعالى: «سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحيمٍ» وقوله تعالى: مبين في مواضعه وغيرها فذكر وجوه ولم نتميّز المجرّب منها عن غيره، وكان ذلك في المشهد الغروي، فذهبت يوماً إلى مسجد السهلة وأقمت الليل فيها، فلمّا أخذت مضجعي رأيت سلمان (عليه السلام) وكأنّه يشير إلى أبي ذر ويقول ما معناه:
إنّ في سورة يس كنوزاً ورأيت شخصاً كأنّه ملك خط لي دائرة من نور مكتوب في محيطها المواضع المذكورة وما يقرأ عندها، فتأمّلت فيها بحيث رسخت في خاطري فانتبهت وهي باقية فيه فجرّبتها مراراً، فما رأيت التخلّف وشاهدت منها عجائب لا تحصى والحمد لله(٧٢٣).
١٠٦) فضيلة سور المسبّحات
عن جابر قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول:
من قرأ المسبّحات كلّها قبل أن ينام، لم يمت حتّى يدرك القائم (صلوات الله عليه)، وإن مات كان في جوار النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)(٧٢٤).
قال الطريحي: المسبّحات السور الّتي أوّلها التسبيح، وقال المولى محمّد صالح المازندراني: قيل: المسبّحات سورة أوّلها سَبَّحَ أو يُسَبِّح أو سَبِّحْ أو سُبْحان، وعلى هذا الاحتمال فهي سبعة: الإسراء، والحديد، والحشر، والصفّ، والجمعة، والتغابن، والأعلى.
ولكن قال الكفعمي في حاشية مصباحه عند ذكر هذا الخبر: المسبّحات إشارة إلى خمس سور، وعدّ غير الأولى والأخيرة، ويظهر ذلك من الصدوق حيث ذكر الخبر في فضيلة التغابن وهي آخر المسبّحات، وهو صريح المجلسي في الحلية، والكاشاني في الوافي.
قال بعض الأفاضل: واعلم أنّ ظاهر مضمون الشرط عن إدراك القائم أرواحنا فداه يتحققّ بالقراءة مرّة واحدة، وكذلك الجوار، ولكن الظاهر بحسب المقام حيث أنّ المقصود الحثّ على قراءتها والترغيب في أخذها دأباً وعادة هوان الإدراك والجوار يتحقّقان بالتكرار والعادة، والظاهر أنّ تركها في بعض الأحيان لا يضرّ بالتكرار المستلزم للإدراك والجوار.
ثمّ الظاهر أنّ المراد بإدراك القائم أرواحنا فداه، إدراكه مع العلم بأنّه القائم صلوات الله عليه، والسبب في ذلك إمّا لاشتمال المسبّحات على ذكر القائم أرواحنا فداه وصفاته وأحواله وإن لم نعلمها بخصوصه، وإمّا بالخاصيّة، وكذلك السبب في غيرها من السور والآيات المترتّب عليها ثواب وجزاء معين(٧٢٥).
أقول: ولآية الكرسي وآية شريفة النور وآية ربّ أدخلني وآيات اُخرى ختومات متعدّدة لها مناسبة لموضوعات الكتاب انصرفت عن نقلها.
ولابدّ أن نتوجّه أنّ أفضل الطرق للتشرّف بلقاء مولانا بقيّة الله الأعظم أرواحنا فداه هو جلب توجّهه ورضايته الكاملة.
قال المحدّث النوري (رحمه الله): أنّه قد علم من تضاعيف تلك الحكايات أنّ المداومة على العبادة، والمواظبة على التضرّع والإنابة، في أربعين ليلة الأربعاء في مسجد السهلة أو ليلة الجمعة فيها أو في مسجد الكوفة أو الحائر الحسينيّ على مشرفّه السلام أو أربعين ليلة من أيّ اللّيالي في أيّ محلّ ومكان، - كما في قصّة الرّمّان المنقولة في البحار - طريق إلى الفوز بلقائه (عليه السلام) ومشاهدة جماله، وهذا عمل شائع، معروف في المشهدين الشريفين، ولهم في ذلك حكايات كثيرة، ولم نتعرّض لذكر أكثرها لعدم وصول كلّ واحد منها إلينا بطريق يعتمد عليه، إلاّ أنّ الظاهر أنّ العمل من الأعمال المجرّبة، وعليه العلماء والصلحاء والأتقياء، ولم نعثر لهم على مستند خاصّ وخبر مخصوص، ولعلّهم عثروا عليه أو استنبطوا ذلك من كثير من الأخبار الّتي يستظهر منها أنّ للمداومة على عمل مخصوص من دعاء أو صلاة أو قراءة أو ذكر أو أكل شيء مخصوص أو تركه في أربعين يوماً تأثير في الانتقال والترقّي من درجة إلى درجة، ومن حالة إلى حالة، بل في النزول كذلك، فيستظهر منها أنّ في المواظبة عليه في تلك الأيّام تأثير لإنجاح كلّ مهمّ أراده(٧٢٦).
قال العالم الفاضل المتبحّر النبيل الصمدانيّ الحاج المولى رضا الهمدانيّ في المفتاح الأوّل من الباب الثالث من كتاب مفتاح النبوّة في جملة كلام له في أنّ الحجّة (عليه السلام) قد يظهر نفسه المقدّسة لبعض خواصّ الشيعة: أنّه (عليه السلام) قد أظهر نفسه الشريفة قبل هذا بخمسين سنة لواحد من العلماء المتّقين المولى عبد الرّحيم الدماونديّ الّذي ليس لأحد كلام في صلاحه وسداده.
قال: وقال هذا العالم في كتابه: إنّي رأيته (عليه السلام) في داري في ليلة مظلمة جدّاً بحيث لاتبصر العين شيئاً واقفاً في جهة القبلة وكان النور يسطع من وجهه المبارك حتّى أنّي كنت أرى نقوش الفراش بهذا النور(٧٢٧).
١٠٧) فضيلة قراءة سورة الكهف
١ - روى شيخنا أمين الدين الفضل بن الحسن الطبرسي (رحمه الله) في كتاب مجمع البيان مرسلاً عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال:
من قرأها (سورة الكهف) فهو معصوم ثمانية أيّام من كلّ فتنة، فإن خرج الدجّال في تلك الثمانية الأيّام عصمه الله من فتنة الدجّال.
٢ - وفي حديث آخر عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال:
من قرأ عشر آيات من سورة الكهف حفظاً لم تضرّه فتنة الدجّال، ومن قرأ السورة كلّها دخل الجنّة.
٣ - وفي آخر عنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال:
من حفظ عشر آيات من أوّل سورة الكهف ثمّ أدرك الدجّال لم يضرّه، ومن حفظ خواتيم سورة الكهف كانت له نوراً يوم القيامة(٧٢٨).
١٠٨) قراءة سورة القارعة توجب الأمن من فتنة الدجّال
عن مولانا الصادق (عليه السلام):
من قرأها أمنه الله تعالى من فتنة الدجّال أن يؤمن به ومن قيح جهنّم(٧٢٩).

(٦) - في أدعية مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه

نذكر في هذا الباب أدعية مولانا صاحب الزّمان صلوات الله عليه غير ما ذكرناها في هذا الكتاب في الأبواب المختلفة، لمناسبتها مع الأبواب المذكورة فيها. ونذكر في الباب أيضاً بعض السور الّتي قرئها صلوات الله عليه.
١٠٩) قراءته صلوات الله عليه سورة القدر قبل ولادته (عليه السلام)
... قالت حكيمة: فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر وهي نائمة بين يديّ لا تقلب جنباً إلى جنب حتّى إذا كان آخر الليل وقت الفجر وثبتْ إليّ فزعة، فضممتها إلى صدري وسمّيت عليها، فصاح بي أبو محمّد (عليه السلام) وقال:
إقرئي عليها «إنَّا أَنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ».
فأقبلت أقرأ عليها [وقلت لها: ما حالك؟ قالت: ظهر بي الأمر الّذي أخبرك به مولاي، فأقبلت أقرأ عليها] كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ مثل ما أقرأ فسلّم عليّ(٧٣٠). قال الإمام العسكري (عليه السلام):
وإنّ الصبيّ منّا يتكلّم في بطن اُمّه، ويقرأ القرآن، ويعبد ربّه (عزَّ وجلَّ)، وعند الرضاع تطيعه الملائكة، وتنزل عليه صباحاً ومساءاً(٧٣١).
١١٠) قراءته أرواحنا فداه القرآن قبل ولادته (عليه السلام) برواية اُخرى
... فاستقبلتني نرجس (عليها السلام) ترتعد، فضممتها إلى صدري، وقرأت عليها: «قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ» و«إِنَّا أَنْزَلْناهُ» وآية الكرسي، فأجابني الخلف من بطنها يقرأ بقراءتي(٧٣٢)، وأشرق نور في البيت، فنظرت فإذا الخلف تحتها ساجداً لله تعالى إلى القبلة، فأخذته، فناداني أبو محمّد (عليه السلام) من الحجرة:
هلُمّي بنيّ إليّ يا عمّة(٧٣٣).
١١١) في ما قرئه أرواحنا فداه بعد ولادته وقراءته القرآن
فسجد الصبيّ وقال: لا إِلهَ إِلّاَ الله، مَحَمَّدٌ رَسُولُ الله، وَعَلِيٌّ حُجَّةُ الله، وذكر إماماً إماماً حتّى انتهى إلى أبيه.
فقال أبو محمّد: إليّ إبني، فذهبت لأُصلح منه شيئاً، فإذا [هو] مسوّى مفروغ عنه، فذهبت به إليه، فقبّل وجهه ويديه ورجليه، ووضع لسانه في فمه، وزقّه كما يزقّ الفرخ.
ثمّ قال: اقرأ، فبدأ بالقرآن من بسم الله الرحمن الرحيم إلى آخره، ثمّ إنّه دعا بعض الجواري ممّن علم أنّها تكتم خبره، فنظرت ثمّ قال: سلّموا عليه وقبّلوه وقولوا: استودعناك الله، وانصرفوا. ثمّ قال: يا عمّة؛ اُدعي لي نرجس (عليها السلام)، فدعوتها، وقلت لها: إنّما يدعوك لتودّعيه، فودّعته، وتركناه مع أبي محمّد (عليه السلام) ثمّ انصرفنا، ثمّ إنّي صرت إليه من الغد فلم أره عنده فهنّيته، فقال:
يا عمّة؛ هو في ودائع الله [إلى] أن يأذن الله في خروجه(٧٣٤).
١١٢) دعائه صلوات الله عليه عند ولادته برواية اُخرى
... قالت (حكيمة): فرجعت فلم ألبث أن كشف الغطاء الّذي كان بيني وبينها وإذا أنابها وعليها من أثر النور ما غشى بصري، وإذا أنا بالصبيّ (عليه السلام) ساجداً لوجهه(٧٣٥)، جاثياً على ركبتيه، رافعاً سبّابتيه، وهو يقول:
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا الله [وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ]، وَأَنَّ جَدّي مُحَمَّداً رَسُولُ الله، وَأَنَّ أَبي أمير المؤمنين، ثمّ عدّ إماماً إماماً إلى أن بلغ إلى نفسه.
ثمّ قال(٧٣٦): اللّهم أَنْجِزْ(٧٣٧) لي ما وَعَدْتَني، وَأَتْمِمْ لي أَمْري، وَثَبِّتْ وَطْأَتي(٧٣٨)، وَامْلَأِ الْأَرْضَ بي عَدْلاً وَقِسْطاً(٧٣٩).
١١٣) دعاءٌ آخر عنه أرواحنا فداه عند ولادته وقراءته (عليه السلام) كتب السماويّة
... قال له: تكلّم يا بنيّ، فقال (عليه السلام): أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا الله، وثنّى بالصلاة على محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأمير المؤمنين والأئمّة (عليهم السلام) حتّى وقف على أبيه (عليه السلام)، ثمّ قرأ:
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ «وَنُريدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ»(٧٤٠).
ثمّ قال له:
اقرأ يا بنيّ؛ ممّا أنزل الله على أنبيائه ورسله.
فابتدأ بصحف آدم (عليه السلام) فقرأها بالسريانيّة(٧٤١)، وكتاب إدريس، وكتاب نوح، وكتاب هود، وكتاب صالح، وصحف إبراهيم، وتوراة موسى، وزبور داود، وإنجيل عيسى، وقرآن(٧٤٢) محمّد جدّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ثمّ قصّ قصص النبيّين والمرسلين إلى عهده(٧٤٣).
١١٤) دعاءٌ آخر عنه أرواحنا فداه عند ولادته
لمّا سقط من بطن اُمّه إلى الأرض وُجد جاثياً على ركبتيه، رافعاً سبّابتيه(٧٤٤)، ثمّ عطس فقال:
اَلْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلَّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ عَبْداً ذاكِراً للهِ(٧٤٥)، غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ(٧٤٦) وَلا مُسْتَكْبِرٍ(٧٤٧)،(٧٤٨).
ثمّ قال (عليه السلام):
زعمت الظّلمة أنّ حجّة الله داحضة، لو أذن [الله لي(٧٤٩)] في [الكلام(٧٥٠)] لزال الشّك(٧٥١).
١١٥) دعاءٌ آخر عنه أرواحنا فداه عند ولادته
حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن زكريّا بمدينة السلام قال: حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن خليلان قال: حدّثني أبي، عن أبيه عن جدّه، عن غياث بن أسيد(٧٥٢) قال: شهدت محمّد بن عثمان العَمْريّ قدّس الله روحه يقول: لمّا ولد الخلف المهديّ (عليه السلام) سطع نور من فوق رأسه إلى أعنان السماء ثمّ سقط لوجهه ساجداً لربّه تعالى ذكره، ثمّ رفع رأسه وهو يقول:
«شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَاُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ، لا إِلهَ إِلّا هُوَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ * إِنَّ الدّينَ عِنْدَ الله الْإِسْلامُ»(٧٥٣).
قال: كان مولده يوم الجمعة(٧٥٤).
١١٦) الدعاء عند العطاس
قال في جنّات الخلود: يستحبّ عند العطاس وضع السبّابة على رأس الأنف، وقراءة ما قرئه مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه:
اَلْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ، وَصَلَّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ عَبْداً ذاكِراً لله، غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَلا مُسْتَكْبِرٍ(٧٥٥).
١١٧) دعائه أرواحنا فداه عند البيت
حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضى الله عنه قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميريّ قال: سألت محمّد بن عثمان العَمْريّ رضى الله عنه فقلت له: أرأيت صاحب هذا الأمر؟ فقال: نعم وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول:
اللّهم أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَني(٧٥٦).
١١٨) دعاءٌ آخر عند البيت
حدّثنا محّمد بن موسى بن المتوكّل رضى الله عنه قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميريّ قال: سمعت محمّد بن عثمان العمريّ رضي الله عنه يقول: رأيته صلوات الله عليه متعلّقاً بأستار الكعبة في المستجار وهو يقول:
اللّهم انْتَقِمْ لي مِنْ أَعْدائي(٧٥٧)،(٧٥٨).
١١٩) تحميده صلوات الله عليه لله عند ملاقاته إبراهيم بن مهزيار
... فقال لي:
مرحباً بك يا أبا إسحاق، لقد كانت الأيّام تعدني وشك لقائك والمعاتب بيني وبينك على تشاحط الدار(٧٥٩) وتراخي المزار، يتخيّل لي صورتك حتّى كأنّا لم نخل طرفة عين من طيب المحادثة، وخيال المشاهدة.
وَأَنَا أَحْمَدُ الله رَبّي وَلِيَّ الْحَمْدِ عَلى ما قَيَّضَ مِنَ التَّلاقي، وَرَفَّهُ مِنْ كُرْبَةِ التَّنازُعِ(٧٦٠) وَالْإِسْتِشْرافِ عَنْ أَحْوالِها مُتَقَدِّمِها وَمُتَأَخِّرِها...(٧٦١).
١٢٠) الدعاء المرويّ عنه صلوات الله عليه عند شروع الصلاة
كتب الحميريّ إلى القائم أرواحنا فداه يسأل عن التوجّه للصّلاة أن يقول: على ملّة إبراهيم ودين محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فإنّ بعض أصحابنا ذكر أنّه إذا قال: على دين محمّد فقد أبدع، لأنّا لم نجده في شيء من كتب الصلاة، خلا حديثاً واحداً في كتاب القاسم بن محمّد، عن جدّه الحسن بن راشد أنّ الصادق (عليه السلام) قال للحسن:
كيف تتوجّه؟ قال: أقول: لبّيك وسعديك.
فقال له الصادق (عليه السلام): ليس عن هذا، أسألك كيف تقول: وجّهت وجهي للّذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً؟ قال الحسن: أقوله.
فقال له الصادق (عليه السلام): إذا قلت ذلك فقل: على ملّة إبراهيم ودين محمّد ومنهاج عليّ بن أبي طالب والإئتمام بآل محمّد حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين.
فأجاب صلوات الله عليه:
التوجّه كلّه ليس بفريضة، و