فهرس المكتبة التخصصية
 كتاب مختار:
 البحث في المكتبة:
 الصفحة الرئيسية » المكتبة التخصصية المهدوية » كتب المركز » الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (عليهم السلام) - الجزء الأول
 كتب المركز

الكتب الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (عليهم السلام) - الجزء الأول

القسم القسم: كتب المركز الشخص المؤلف: الشيخ محمد باقر المجلسي تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/٠٥/١٩ المشاهدات المشاهدات: ٣٧٠٥٤ التعليقات التعليقات: ٠

الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (عليهم السلام)
الجزء الأول

تأليف: العلامة الشيخ محمّد باقر المجلسي (قدّس سرّه)
إعداد: الشيخ ياسر الصالحي
الناشر: بيت الثقافة المهدويَّة
الطبعة الثانية: ١٤٤٢هـ

الفهرس

المقدّمة..................٣
عملنا في الكتاب..................٥
[مقدّمة المؤلِّف]..................٧
باب (١): ولادته وأحوال أُمِّه (صلوات الله عليه)..................٩
باب (٢): أسمائه (علیه السلام) وألقابه وكناه وعللها..................٤٩
باب (٣): النهي عن التسمية..................٥٥
باب (٤): صفاته (صلوات الله عليه) وعلاماته ونسبه..................٦٣
باب (٥): الآيات المؤوَّلة بقيام القائم (علیه السلام)..................٨١
أبواب النصوص من الله تعالى ومن آبائه عليه..................١١٣
باب (١): ما ورد من إخبار الله وإخبار النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالقائم (علیه السلام)..................١١٥
باب (٢): ما ورد عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في ذلك..................١٧٩
باب (٣): باب ما روي في ذلك عن الحسنين (صلوات الله عليهما)..................٢١٣
باب (٤): ما روي في ذلك عن عليِّ بن الحسين (صلوات الله عليه)..................٢١٩
باب (٥): ما روي عن الباقر (صلوات الله عليه) في ذلك..................٢٢٣
باب (٦): ما روي في ذلك عن الصادق (صلوات الله عليه)..................٢٢٥
باب (٧): ما روي عن الكاظم (صلوات الله عليه) في ذلك..................٢٤٩
باب (٨): باب ما جاء عن الرضا (علیه السلام) في ذلك..................٢٥٥
باب (٩): ما روي في ذلك عن الجواد (صلوات الله عليه)..................٢٦٣
باب (١٠): نصُّ العسكريَّين (صلوات الله عليهما) على القائم (علیه السلام)..................٢٦٩
باب (١١): نادر فيما أخبر به الكهنة وأضرابهم وما وجد من ذلك مكتوباً في الألواح والصخور..................٢٧٧
باب (١٢): ذكر الأدلَّة التي ذكرها شيخ الطائفة (رحمه الله) على إثبات الغيبة..................٢٨٥
باب (١٣): ما فيه (علیه السلام) من سُنَن الأنبياء والاستدلال بغيباتهم على غيبته (صلوات الله عليهم)..................٣٤٩
باب (١٤): ذكر أخبار المعمَّرين لرفع استبعاد المخالفين عن طول غيبة مولانا القائم (صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين)..................٣٦٥
حَدِيثُ عُبَيْدِ بْن شَريدٍ الْجُرْهُمِيِّ..................٣٧٨
حَدِيثُ الرَّبيع بْن الضَّبُع الْفَزَاريِّ..................٣٨٠
حَدِيثُ شِقِّ الْكَاهِن..................٣٨١
وصيَّة أكثم بن صيفي عند موته..................٤٠٣
باب (١٥): ما ظهر من معجزاته (صلوات الله عليه) وفيه بعض أحواله وأحوال سفرائه..................٤٦١
باب (١٦): أحوال السفراء الذين كانوا في زمان الغيبة الصغرى وسائط بين الشيعة وبين القائم (علیه السلام)..................٥٣٣
[ذكر أبي عمرو عثمان بن سعيد العمري والقول فيه]..................٥٣٦
ذكر أبي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري والقول فيه..................٥٤٠
ذكر إقامة أبي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري أبا القاسم الحسين بن روح مقامه (رضي الله عنهما) بعده بأمر الإمام (صلوات الله عليه)..................٥٤٧
ذِكْرُ أَمْر أَبِي الْحَسَن عَلِيِّ بْن مُحَمَّدٍ السَّمُريِّ بَعْدَ الشَّيْخ أَبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رَوْح وَانْقِطَاع الْأَعْلَامِ بِهِ وَهُمُ الْأَبْوَابُ..................٥٥٧
باب (١٧): ذكر المذمومين الذين ادَّعوا البابيَّة والسفارة كذباً وافتراءً (لعنهم الله)..................٥٦٧
أوَّلهم: المعروف بالشريعي..................٥٦٩
ومنهم: محمّد بن نصير النميري..................٥٦٩
ومنهم: أحمد بن هلال الكرخي..................٥٧١
ومنهم: أبو طاهر محمّد بن عليِّ بن بلال..................٥٧١
ومنهم: الحسين بن منصور الحلَّاج..................٥٧٢
ومنهم: ابن أبي العزاقر..................٥٧٤
ذكر أمر أبي بكر البغدادي ابن أخي الشيخ أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) وأبي دلف المجنون..................٥٨٢
باب (١٨): ذكر من رآه (صلوات الله عليه)..................٥٨٩

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلقه وخاتم بريَّته محمّد وآله الطيِّبين الطاهرين.
تُعَدُّ المجاميع المعرفيَّة والموسوعات العلميَّة من أفضل الوسائل المعاصرة لإيصال الفكر الممنهج في متناول أيدي الباحثين والمحقِّقين بصورة منظَّمة ومنسَّقة بدون عشوائيَّة وبعثرة، ولا تختصُّ هذه الموسوعات بعلم دون آخر ولا تنحصر بأُسلوب متَّحد، بل تختلف وتتغيَّر تبعاً لمتغيِّرات ذاتيَّة تختلف باختلاف العلم المراد بحثه، فكان أنْ تعدَّدت الموسوعات، فمنها اللغويَّة والأدبيَّة والفقهيَّة والتاريخيَّة والروائيَّة وغيرها، واختلفت أيضاً تبعاً لمتغيِّرات موضوعيَّة، فاعتمد البعض على المنهجة الموضوعيَّة للبحث، فبوَّب المسائل على عناوينها المختلفة، بينما البعض الآخر انتهج التسلسل الهجائي أو الأبجدي في عرض مطالبه المختلفة للعلم المراد بحثه.
وبعد الطفرة العلميَّة في عالم التكنلوجيا نجد الأمر اكتسب اهتماماً ملحوظاً في هذا المجال، إذ أصبحت أضخم المجاميع وأكبر الموسوعات في متناول اليد من خلال البرامج الليزريَّة المضغوطة أو من خلال الشبكة العنكبوتيَّة (الإنترنيت)، ويمكن إجمال فوائد هذه الموسوعات العلميَّة بما يلي:
١ - عرض أكبر عدد ممكن من الآراء والمفاهيم المشتركة في عنوان واحد، ممَّا يُعطي صورة متكاملة وواضحة عن المفهوم والفكرة المراد بحثها.

↑صفحة ٣↑

٢ - إيصال الباحث إلى اليقين الاستقرائي غالباً من خلال استعراض هذا الكمِّ الهائل من المسائل المشتركة بعد ربطه بين أجزاءها المتفرِّقة وملاحظة وحدة المناط واتِّحاد الروابط - بحسب حساب الاحتمال - وتجميع المحتملات وتوحيد المختلفات، فيصل الباحث من خلال هذا كلِّه إلى قناعة كاملة واطمئنان بالمطلب المراد تحقيقه، وهذه من أهمّ الفوائد والثمرات المتوخَّاة من تأليف أمثال هذه المعاجم والموسوعات المعرفيَّة.
٣ - المحافظة على التراث العلمي والمعرفي للمدارس المختلفة خصوصاً بعد ملاحظة المطاردة التي مُنِيَ بها أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) والاضطهاد الفكري الذي مرُّوا به عبر القرون.
٤ - عرض المادَّة الخامِّ ووضعها بين يدي الباحث والمحقِّق لفرز الغثِّ من السمين والصائب من غيره وتمييز الصحيح عمَّا سواه وربَّما الاستفادة من الضعيف لتقوية ومعاضدة الحسن، بل حتَّى الصحيح.
فالباحث يمكنه المقارنة بسهولة حينما يجد جميع الأدوات المعرفيَّة بين يديه فيعرضها على طاولة البحث ويجول بها في عالم الفكر للوصول إلى أُطروحة متكاملة من خلال نتائج المقارنة والتعارض والتراجيح.
وقد انفتح أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) على هذا النمط المعرفي، فكانوا من روَّاده والسابقين إليه، فزخرت المكتبات الشيعيَّة بالمعاجم والموسوعات المعرفيَّة، فكان منها الكُتُب الأربعة للمحمَّدين الثلاثة، حيث اعتمد مؤلِّفوها على (٤٠٠) أصل من أُصول الشيعة وكُتُبهم المتفرِّقة، فشكَّلوا النواة الأُولى لحفظ التراث الشيعي وتنسيقه بمنهجيَّة غاية في المتانة والروعة والعمق.
ومن خلال كلِّ هذا تتجلَّى عظمة وأهمّيَّة ما قام به العلَّامة المجلسي (رحمه الله) في (بحاره) حيث جمع بحقٍّ كلَّ هذا التراث في موسوعته العملاقة التي تُعتَبر مفخرة

↑صفحة ٤↑

التراث الشيعي بامتياز، مضيفاً عليها ما جاد به قلمه الشريف من تعليقات علميَّة قيِّمة، إذ لم يكتفِ بالسرد والتجميع دون أنْ يفيض عليها من آرائه العلميَّة وتعليقاته السديدة، ممَّا أعان الباحث لفتح آفاق معرفيَّة أُخرى ربَّما لا يتوصَّل إليها بمفرده، خصوصاً مع ملاحظة التباعد الزمني بين عصر النصِّ وعصر المتلقِّي، فهو في تعليقه يُمثِّل جسراً بين الماضي والحاضر، وحلقة الوصل بين النصِّ والقراءة.
وهذا ينعكس على موسوعتنا هذه (الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في بحار الأنوار)، حيث تجد فيها التبويب الموضوعي من جهة واستقصاء الروايات وتتبُّع الأحاديث المتناثرة، مضافاً إلى التعليقات المهمَّة والأساسيَّة لتكوين رؤية متكاملة عن القضيَّة المهدويَّة.
سائلاً الله تعالى التوفيق لفضيلة الشيخ ياسر الصالحي، وأنْ يجعله وإيَّانا أعوان وأنصار المولى صاحب العصر والزمان (عجَّل الله فرجه).

السيِّد محمّد القبانچي

عملنا في الكتاب:
بعد التوكُّل على الله تعالى قمنا لإعداد هذا السِّفر العظيم بعدَّة خطوات، وهي كما يلي:
١ - استعنَّا في تخريج الأحاديث (المشكَّلة) من برنامج (نور) الليزري، إعداد (مركز تحقيقيات كامپيوتري علوم إسلامي).
٢ - استفدنا من تحقيقات وتعليقات النسخة المطبوعة في (١١٠) جزء، الطبعة الثالثة المصحَّحة، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
٣ - استفدنا من تحقيقات وتعليقات الشيخ محمود درياب من النسخة المطبوعة في (٤٠) جزء، طبعة دار التعارف، سنة (١٤٢١هـ).

↑صفحة ٥↑

٤ - أبدلنا رموز الكُتُب في بداية الأحاديث باسم الكتاب.
٥ - قمنا بتطبيق أغلب التحقيقات مع برنامج مكتبة أهل البيت، الإصدار الأوَّل، سنة (١٤٢٦هـ)، إعداد مركز المعجم الفقهي ومركز المصطفى للدراسات الإسلاميَّة، لتسهيل الوصول إليها.
٦ - قمنا بحذف كتاب (جنَّة المأوى في ذكر من فاز بلقاء الحجَّة (عجَّل الله فرجه)) للمحدِّث النوري (قدّس سرّه) من الجزء (٥٣) من البحار، النسخة المطبوعة في (١١٠) جزء، وجعلنا الكتاب في جزئين ضخمين.
٧ - أرجعنا بعض الهوامش التي تُرشِد القارئ إلى الأجزاء الثلاثة من البحار إلى صفحات كتابنا هذا.
٨ - تمَّت مطابقة صفحات كتابنا هذا مع صفحات المجلَّدات الثلاثة (٥١) و(٥٢) و(٥٣) من النسخة المطبوعة في (١١٠) جزء، لمزيد من التسهيل على الباحث والمحقِّق.
هذا وآخر دعواي أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، راجياً من العليِّ القدير القبول والتوفيق، ومن القارئ الكريم السماح على الهفوات وإبداء الملاحظات.

٤/ ربيع الثاني/ ١٤٣٠هـ
الشيخ ياسر الصالحي

↑صفحة ٦↑

بسم الله الرحمن الرحيم

[مقدّمة المؤلِّف]:
الحمد لله الذي وصل لعباده القول بإمام بعد إمام لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، وأكمل الدِّين بأُمنائه وحججه في كلِّ دهر وزمان لِقَوْم يُوقِنُونَ، والصلاة والسلام على من بشَّر به وبأوصيائه النبيُّون والمرسَلون، محمّد سيِّد الورى وآله مصابيح الدجى إِلى يَوْم يُبْعَثُونَ، ولعنة الله على أعدائهم ما دامت السماوات والأرضون.
أمَّا بعد:
فهذا هو المجلَّد الثالث عشر من كتاب بحار الأنوار في تاريخ الإمام الثاني عشر، والهادي المنتظر، والمهدي المظفَّر، ونور الأنوار، وحجَّة الجبَّار، والغائب عن معاينة الأبصار، والحاضر في قلوب الأخيار، وحليف الإيمان، وكاشف الأحزان، وخليفة الرحمن، الحجَّة بن الحسن إمام الزمان (صلوات الله عليه وعلى آبائه المعصومين ما توالت الأزمان)، من مؤلِّفات خادم أخبار الأئمَّة الأخيار، وتراب أعتاب حملة الآثار: محمّد باقر بن محمّد تقي حشرهما الله تعالى مع مواليهما الأطهار، وجعلهما في دولتهم من الأعوان والأنصار.

* * *

↑صفحة ٧↑

باب (١): ولادته وأحوال أُمِّه (صلوات الله عليه)

↑صفحة ٩↑

[١/١] الكافي: وُلِدَ (علیه السلام) لِلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن(١).
[٢/٢] كمال الدِّين: ابْنُ عِصَام، عَن الْكُلَيْنيِّ، عَنْ عَلَّانٍ الرَّازِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَني بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَـمَّا حَمَلَتْ جَارِيَةُ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) قَالَ: «سَتَحْمِلِينَ ذَكَراً، وَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ، وَهُوَ الْقَائِمُ مِنْ بَعْدِي»(٢).
[٣/٣] كمال الدِّين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ، عَن الْحُسَيْن بْن رِزْقِ اللهِ، عَنْ مُوسَى بْن مُحَمَّدِ بْن الْقَاسِم بْن حَمْزَةَ بْن مُوسَى بْن جَعْفَرٍ(٣)، قَالَ: حَدَّثَتْنِي حَكِيمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ بْن الْحُسَيْن بْن عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ (عليهم السلام) قَالَتْ: بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (علیهما السلام) فَقَالَ: «يَا عَمَّةُ اجْعَلِي إِفْطَارَكِ اللَّيْلَةَ عِنْدَنَا، فَإنَّهَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَإنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَيُظْهِرُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْحُجَّةَ، وَهُوَ حُجَّتُهُ فِي أَرْضِهِ»، قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهُ: وَمَنْ أُمُّهُ؟ قَالَ لِي: «نَرْجِسُ»، قُلْتُ لَهُ: وَاللهِ جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ مَا بِهَا أثَرٌ، فَقَالَ: «هُوَ مَا أَقُولُ لَكِ»، قَالَتْ: فَجِئْتُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ جَاءَتْ تَنْزعُ خُفِّي وَقَالَتْ لِي: يَا سَيِّدَتِي، كَيْفَ أَمْسَيْتِ؟ فَقُلْتُ: بَلْ أَنْتِ سَيِّدَتِي وَسَيِّدَةُ أهْلِي، قَالَتْ: فَأَنْكَرَتْ قَوْلِي وَقَالَتْ: مَا هَذَا يَا عَمَّةُ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهَا: يَا بُنَيَّةُ، إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَيَهَبُ لَكِ فِي لَيْلَتِكِ هَذِهِ غُلَاماً سَيِّداً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، قَالَتْ: فَجَلَسَتْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الكافي (ج ١/ ص ٥١٤/ باب مولد الصاحب (علیه السلام)).
(٢) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٠٨/ ح ٤).
(٣) في المصدر إضافة: (بن محمّد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (علیهم السلام)).

↑صفحة ١١↑

وَاسْتَحْيَتْ(٤)، فَلَمَّا أَنْ فَرَغْتُ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ وَأَفْطَرْتُ وَأَخَذْتُ مَضْجَعِي فَرَقَدْتُ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْل قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ، فَفَرَغْتُ مِنْ صَلَاتِي وَهِيَ نَائِمَةٌ لَيْسَ بِهَا حَادِثٌ، ثُمَّ جَلَسْتُ مُعَقِّبَةً، ثُمَّ اضْطَجَعْتُ، ثُمَّ انْتَبَهْتُ فَزعَةً وَهِيَ رَاقِدَةٌ، ثُمَّ قَامَتْ فَصَلَّت(٥).
قَالَتْ حَكِيمَةُ(٦): فَدَخَلَتْنِي الشُّكُوكُ، فَصَاحَ بي أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام) مِنَ المَجْلِس فَقَالَ: «لَا تَعْجَلِي يَا عَمَّةُ فَإنَّ الْأَمْرَ قَدْ قَرُبَ»، قَالَتْ: فَقَرَأتُ الم السَّجْدَةَ وَيس، فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكِ إِذَا انْتَبَهَتْ فَزعَةً، فَوَثَبْتُ إِلَيْهَا فَقُلْتُ: اسْمُ اللهِ عَلَيْكَ، ثُمَّ قُلْتُ لَهَا: تَحِسِّينَ شَيْئاً؟ قَالَتْ: نَعَمْ يَا عَمَّةُ، فَقُلْتُ لَهَا: اجْمَعِي نَفْسَكِ وَاجْمَعِي قَلْبَكِ فَهُوَ مَا قُلْتُ لَكِ.
قَالَتْ حَكِيمَةُ: ثُمَّ أَخَذَتْنِي فَتْرَةٌ وَأَخَذَتْهَا فِطْرَةٌ(٧)، فَانْتَبَهْتُ بِحِسِّ سَيِّدِي (علیه السلام)، فَكَشَفْتُ الثَّوْبَ عَنْهُ، فَإذَا أَنَا بِهِ (علیه السلام) سَاجِداً يَتَلَقَّى الْأَرْضَ بِمَسَاجِدِهِ، فَضَمَمْتُهُ إِلَيَّ، فَإِذَا أَنَا بِهِ نَظِيفٌ [مُنَظَّفٌ]، فَصَاحَ بِي أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام): «هَلُمِّي إِلَيَّ ابْني يَا عَمَّةُ»، فَجِئْتُ بِهِ إِلَيْهِ، فَوَضَعَ يَدَيْهِ تَحْتَ أَلْيَتَيْهِ وَظَهْرهِ وَوَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِهِ ثُمَّ أَدْلَى لِسَانَهُ فِي فِيهِ وَأَمَرَّ يَدَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ وَسَمْعِهِ وَمَفَاصِلِهِ، ثُمَّ قَالَ: «تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ»، فَقَالَ: «أَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَريكَ لَهُ. وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)...» ثُمَّ صَلَّى عَلَى أَمِير المُؤْمِنينَ (علیه السلام) وَعَلَى الْأَئِمَّةِ إِلَى أَنْ وَقَفَ عَلَى أَبيهِ، ثُمَّ أَحْجَمَ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤) استحت (خ ل)، وكلاهما وجيهان قُرئ بهما قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾ (البقرة: ٢٦).

(٥) في المصدر إضافة: (ونامت).
(٦) في المصدر إضافة: (وخرجت أتفقَّد الفجر فإذا أنا بالفجر الأوَّل كذنب السرحان وهي نائمة).
(٧) في المصدر: (فترة) بدل (فطرة)؛ المراد بالفترة سكون المفاصل وهدوؤها قبل غلبة النوم، والمراد بالفطرة انشقاق البطن بالمولود وطلوعه منه.

↑صفحة ١٢↑

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام): «يَا عَمَّةُ، اذْهَبِي بِهِ إِلَى أُمِّهِ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهَا وَائْتِني بِهِ»، فَذَهَبْتُ بِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَرَدَدْتُهُ وَوَضَعْتُهُ فِي المَجْلِس، ثُمَّ قَالَ: «يَا عَمَّةُ، إِذَا كَانَ يَوْمُ السَّابِع فَأتِينَا».
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ جِئْتُ لِأُسَلِّمَ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام)، فَكَشَفْتُ السِّتْرَ لِأَفْتَقِدَ(٨) سَيِّدِي (علیه السلام) فَلَمْ أَرَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا فَعَلَ سَيِّدِي؟ فَقَالَ: «يَا عَمَّةُ، اسْتَوْدَعْنَاهُ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ أُمُّ مُوسَى(٩) (علیه السلام)».
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم السَّابِع جِئْتُ وَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ، فَقَالَ: «هَلُمِّي إِلَيَّ ابْنِي»، فَجِئْتُ بِسَيِّدِي فِي الْخِرْقَةِ، فَفَعَلَ بِهِ كَفَعْلَتِهِ الْأُولَى، ثُمَّ أَدْلَى لِسَانَهُ فِي فِيهِ كَأنَّهُ يُغَذِّيهِ لَبَناً أَوْ عَسَلاً.
ثُمَّ قَالَ: «تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ»، فَقَالَ (علیه السلام): «أَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ...»، وَثَنَّى بِالصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَمِير المُؤْمِنِينَ وَالْأَئِمَّةِ(١٠) (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ) حَتَّى وَقَفَ عَلَى أَبِيهِ (علیه السلام)، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ [القَصص: ٥ و٦].
قَالَ مُوسَى: فَسَأَلْتُ عُقْبَةَ الْخَادِمَ عَنْ هَذَا، فَقَالَ: صَدَقَتْ حَكِيمَةُ(١١).
بيان: يقال: حجمته عن الشيء فأحجم، أي كففته فكفَّ.
[٤/٤] كمال الدِّين: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن مَسْرُورٍ، عَن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدِ بْن عَامِرٍ، عَنْ مُعَلَّى بْن مُحَمَّدٍ، قَالَ: خَرَجَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) حِينَ قُتِلَ الزُّبَيْريُّ: «هَذَا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٨) في المصدر: (لأتفقَّد).
(٩) في المصدر إضافة: (موسى).
(١٠) في المصدر إضافة: (الطاهرين).
(١١) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٢٤/ باب ما روي في ميلاد القائم (علیه السلام)/ ح ١).

↑صفحة ١٣↑

جَزَاءُ مَن افْتَرَى عَلَى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أَوْلِيَائِهِ، زَعَمَ أَنَّهُ يَقْتُلُنِي وَلَيْسَ لِي عَقِبٌ فَكَيْفَ رَأى قُدْرَةَ اللهِ (عزَّ وجلَّ)». وَوُلِدَ لَهُ وَسَمَّاهُ (م ح م د) سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن»(١٢).
الغيبة للطوسي: الكليني، عن الحسين بن محمّد، عن المعلَّى، عن أحمد بن محمّد، قال: خرج عن أبِي محمّد (علیه السلام)...، وذكر مثله(١٣).
بيان: ربَّما يُجمَع بينه وبين ما ورد من خمس وخمسين بكون السنة في هذا الخبر ظرفاً لـ(خرج) أو (قُتِلَ)، أو إحداهما على الشمسيَّة والأُخرى على القمريَّة(١٤).
[٥/٥] كمال الدِّين: ابْنُ عِصَام، عَن الْكُلَيْنِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْن مُحَمَّدٍ، قَالَ: وُلِدَ الصَّاحِبُ (علیه السلام) [فِي] النِّصْفِ(١٥) مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن(١٦).
[٦/٦] كمال الدِّين: مَاجِيلَوَيْهِ وَالْعَطَّارُ مَعاً، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ، عَن الْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن مُوسَى بْن جَعْفَرٍ (علیه السلام)، عَن الشَّارِيِّ(١٧)، عَنْ نَسِيم وَمَارِيَةَ، أَنَّهُ لَـمَّا سَقَطَ صَاحِبُ الزَّمَانِ (علیه السلام) مِنْ بَطْن أُمِّهِ سَقَطَ جَاثِياً عَلَى رُكْبَتَيْهِ، رَافِعاً سَبَّابَتَيْهِ [سبَّابته] إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ عَطَسَ فَقَالَ: «الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، زَعَمَتِ الظَّلَمَةُ أَنَّ حُجَّةَ اللهِ دَاحِضَةٌ، وَلَوْ أُذِنَ لَنَا فِي الْكَلَام لَزَالَ الشَّكُّ»(١٨).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٢) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٣٠/ باب ما روي في ميلاد القائم (علیه السلام)/ ح ٣).
(١٣) الغيبة للطوسي (ص ٢٣١/ ح ١٩٨).
(١٤) ولكن الأخير غير صحيح لأنَّ السنة القمريَّة في خمس وخمسين ومأتي سنة يزيد على السنة الشمسيَّة بسبع سنوات، لا بسنة واحدة. فكانت السنة الشمسيَّة سنة تسع وأربعين ومائتين، والقمريَّة ستّ وخمسين ومائتين.
(١٥) في المصدر: (للنصف) بدل (في النصف).
(١٦) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٣٠/ باب ما روي في ميلاد القائم (علیه السلام)/ ح ٤).
(١٧) في المصدر: (السياري) بدل (الشاري).
(١٨) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٣٠/ باب ما روي في ميلاد القائم (علیه السلام)/ ح ٥).

↑صفحة ١٤↑

الغيبة للطوسي: علَّان، عن محمّد العطَّار، مثله(١٩).
[٧/٧] كمال الدِّين: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: وَحَدَّثَتْنِي نَسِيمٌ خَادِمُ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام)، قَالَتْ: قَالَ لِي صَاحِبُ الزَّمَانِ (علیه السلام) وَقَدْ دَخَلْتُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْلِدِهِ بِلَيْلَةٍ فَعَطَسْتُ عِنْدَهُ، فَقَالَ لِي: «يَرْحَمُكِ اللهُ»، قَالَتْ نَسِيمٌ: فَفَرحْتُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لِي (علیه السلام): «أَلَا أُبَشِّرُكِ فِي الْعُطَاسِ؟»، فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: «هُوَ أَمَانٌ مِنَ المَوْتِ ثَلَاثَةَ أَيَّام»(٢٠).
[٨/٨] الغيبة للطوسي: الْكُلَيْنيُّ، رَفَعَهُ عَنْ نَسِيم الْخَادِم، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى صَاحِبِ الزَّمَانِ (علیه السلام) بَعْدَ مَوْلِدِهِ بِعَشْر لَيَالٍ فَعَطَسْتُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: «يَرْحَمُكِ اللهُ»، فَفَرحْتُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: «أَلَا أُبَشِّرُكِ فِي الْعُطَاس؟ هُوَ أَمَانٌ مِنَ المَوْتِ ثَلَاثَةَ أَيَّام»(٢١).
[٩/٩] كمال الدِّين: مَاجِيلَوَيْهِ وَابْنُ المُتَوَكِّل وَالْعَطَّارُ جَمِيعاً، عَنْ إِسْحَاقَ ابْن رِيَاح الْبَصْرِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْعَمْريِّ، قَالَ: لَـمَّا وُلِدَ السَّيِّدُ (علیه السلام) قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام): «ابْعَثُوا إِلَى أَبِي عَمْرو»، فَبُعِثَ إِلَيْهِ فَصَارَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «اشْتَر عَشَرَةَ آلَافِ رِطْلٍ خُبْزاً وَعَشَرَةَ آلَافِ رِطْلٍ لَحْماً وَفَرِّقْهُ»، أَحْسَبُهُ قَالَ: «عَلَى بَنِي هَاشِم، وَعُقَّ عَنْهُ بِكَذَا وَكَذَا شَاةً»(٢٢).
[١٠/١٠] كمال الدِّين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْخَيْزَرَانِيِّ، عَنْ جَارِيَةٍ لَهُ كَانَ أَهْدَاهَا لِأَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام)، فَلَمَّا أَغَارَ جَعْفَرٌ الْكَذَّابُ عَلَى الدَّارِ جَاءَتْهُ فَارَّةً مِنْ جَعْفَرٍ فَتَزَوَّجَ بِهَا، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: فَحَدَّثَتْنِي أَنَّهَا حَضَرَتْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٩) الغيبة للطوسي (ص ٢٤٤/ ح ٢١١).
(٢٠) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٣٠/ باب ما روي في ميلاد القائم (علیه السلام)/ ذيل الحديث ٥).
(٢١) الغيبة للطوسي (ص ٢٣٢/ ح ٢٠٠).
(٢٢) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٣٠/ باب ما روي في ميلاد القائم (علیه السلام)/ ح ٦).

↑صفحة ١٥↑

وِلَادَةَ السَّيِّدِ (علیه السلام)، وَأَنَّ اسْمَ أُمِّ السَّيِّدِ صَقِيلُ، وَأنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ (علیه السلام) حَدَّثَهَا بِمَا جَرَى(٢٣) عَلَى عِيَالِهِ، فَسَأَلَتْهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهَا بأَنْ يَجْعَلَ مَنِيَّتَهَا قَبْلَهُ، فَمَاتَتْ قَبْلَهُ فِي حَيَاةِ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام)، وَعَلَى قَبْرهَا لَوْحٌ عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ: هَذَا أُمُّ مُحَمَّدٍ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَسَمِعْتُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ تَذْكُرُ أنَّهُ لَـمَّا وُلِدَ السَّيِّدُ رَأتْ لَهُ نُوراً سَاطِعاً قَدْ ظَهَرَ مِنْهُ وَبَلَغَ أُفُقَ السَّمَاءِ، وَرَأتْ طُيُوراً بِيضاً تَهْبِطُ مِنَ السَّمَاءِ وَتَمْسَحُ أَجْنِحَتَهَا عَلَى رَأسِهِ وَوَجْهِهِ وَسَائِر جَسَدِهِ ثُمَّ تَطِيرُ، فَأَخْبَرْنَا أبَا مُحَمَّدٍ (علیه السلام) بذَلِكَ، فَضَحِكَ، ثُمَّ قَالَ: «تِلْكَ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ نَزَلَتْ لِتَتَبَرَّكَ بِهِ، وَهِيَ أَنْصَارُهُ إِذَا خَرَجَ»(٢٤).
[١١/١١] كمال الدِّين: ابْنُ المُتَوَكِّل، عَن الْحِمْيَريِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أَحْمَدَ الْعَلَويِّ، عَنْ أَبِي غَانِم الْخَادِم، قَالَ: وُلِدَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) وَلَدٌ، فَسَمَّاهُ مُحَمَّداً، فَعَرَضَهُ عَلَى أصْحَابِهِ يَوْمَ الثَّالِثِ وَقَالَ: «هَذَا صَاحِبُكُمْ مِنْ بَعْدِي، وَخَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ، وَهُوَ الْقَائِمُ الَّذِي تَمْتَدُّ إِلَيْهِ الْأَعْنَاقُ بِالْاِنْتِظَارِ، فَإذَا امْتَلَأَتِ الْأَرْضُ جَوْراً وَظُلْماً خَرَجَ فَمَلَأَهَا قِسْطاً وَعَدْلاً»(٢٥).
[١٢/١٢] الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي المُفَضَّل الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن بَحْر بْن سَهْل الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: قَالَ بِشْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّخَّاسُ، وَهُوَ مِنْ وُلْدِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَحَدُ مَوَالِي أَبِي الْحَسَن وَأَبِي مُحَمَّدٍ وَجَارُهُمَا بِسُرَّ مَنْ رَأى: أَتَانِي كَافُورٌ الْخَادِمُ فَقَالَ: مَوْلَانَا أَبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْكَريُّ يَدْعُوكَ إِلَيْهِ، فَأَتَيْتُهُ فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ لِي: «يَا بِشْرُ، إِنَّكَ مِنْ وُلْدِ الْأَنْصَارِ، وَهَذِهِ المُوَالاَةُ لَمْ تَزَلْ فِيكُمْ يَرثُهَا خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ، وَأَنْتُمْ ثِقَاتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، وَإِنِّي مُزَكِّيكَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٣) في المصدر: (يجري) بدل (جرى).
(٢٤) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٣١/ باب ما روي في ميلاد القائم (علیه السلام)/ ح ٧).
(٢٥) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٣١/ باب ما روي في ميلاد القائم (علیه السلام)/ ح ٨).

↑صفحة ١٦↑

وَمُشَرِّفُكَ بِفَضِيلَةٍ تَسْبِقُ بِهَا الشِّيعَةَ فِي المُوَالاَةِ بِسِرٍّ أُطْلِعُكَ عَلَيْهِ، وَأُنْفِذُكَ فِي ابْتِيَاع أَمَةٍ»، فَكَتَبَ كِتَاباً لَطِيفاً بِخَطٍّ رُومِيٍّ وَلُغَةٍ رُومِيَّةٍ، وَطَبَعَ عَلَيْهِ خَاتَمَهُ، وَأَخْرَجَ شُقَّةً(٢٦) صَفْرَاءَ فِيهَا مِائَتَانِ وَعِشْرُونَ دِينَاراً، فَقَالَ: «خُذْهَا وَتَوَجَّهْ بِهَا إِلَى بَغْدَادَ، وَاحْضَرْ مَعْبَرَ الْفُرَاتِ ضَحْوَةً يَوْمَ كَذَا، فَإذَا وَصَلَتْ إِلَى جَانِبِكَ زَوَارِيقُ السَّبَايَا وَتَرَى الْجَوَارِيَ فِيهَا سَتَجِدُ طَوَائِفَ المُبْتَاعِينَ مِنْ وُكَلَاءِ قُوَّادِ بَنِي الْعَبَّاس وَشِرْذِمَةً مِنْ فِتْيَانِ الْعَرَبِ، فَإذَا رَأَيْتَ ذَلِكَ فَأَشْرفْ مِنَ الْبُعْدِ عَلَى المُسَمَّى عُمَرَ ابْنَ يَزيدٍ النَّخَّاسَ عَامَّةَ نَهَارِكَ إِلَى أَنْ تَبْرُزَ لِلْمُبْتَاعِينَ جَارِيَةٌ صِفَتُهَا كَذَا وَكَذَا لَابِسَةٌ حَريرَيْنِ صَفِيقَيْن تَمْتَنِعُ مِنَ الْعَرْضِ وَلَمس المُعْتَرض وَالْاِنْقِيَادِ لِمَنْ يُحَاوِلُ لَمسَهَا، وَتَسْمَعُ صَرْخَةً رُومِيَّةً مِنْ وَرَاءِ سَتْرٍ رَقِيقٍ، فَاعْلَمْ أَنَّهَا تَقُولُ: وَا هَتْكَ سَتْرَاهْ، فَيَقُولُ بَعْضُ المُبْتَاعِينَ: عَلَيَّ ثَلَاثُمِائَةِ دِينَارٍ، فَقَدْ زَادَنِي الْعَفَافُ فِيهَا رَغْبَةً، فَتَقُولُ لَهُ بِالْعَرَبيَّةِ: لَوْ بَرَزْتَ فِي زِيِّ سُلَيْمَانَ بْن دَاوُدَ وَعَلَى شِبْهِ مُلْكِهِ مَا بَدَتْ لِي فِيكَ رَغْبَةٌ، فَاشْفَقْ عَلَى مَالِكَ، فَيَقُولُ النَّخَّاسُ: فَمَا الْحِيلَةُ؟ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعِكِ، فَتَقُولُ الْجَارِيَةُ: وَمَا الْعَجَلَةُ؟ وَلَا بُدَّ مِن اِخْتِيَارِ مُبْتَاع يَسْكُنُ قَلْبِي إِلَيْهِ وَإِلَى وَفَائِهِ وَأَمَانَتِهِ.
فَعِنْدَ ذَلِكَ قُمْ إِلَى عُمَرَ بْن يَزيدَ النَّخَّاس وَقُلْ لَهُ إِنَّ مَعَكَ كِتَاباً مُلَطَّفَةً(٢٧) لِبَعْض الْأَشْرَافِ كَتَبَهُ بِلُغَةٍ رُومِيَّةٍ وَخَطٍّ رُومِيٍّ، وَوَصَفَ فِيهِ كَرَمَهُ وَوَفَاءَهُ وَنُبْلَهُ وَسَخَاءَهُ، تُنَاوِلُهَا لِتَتَأَمَّلَ مِنْهُ أخْلَاقَ صَاحِبِهِ، فَإنْ مَالَتْ إِلَيْهِ وَرَضِيَتْهُ فَأَنَا وَكِيلُهُ فِي ابْتِيَاعِهَا مِنْكَ».
قَالَ بِشْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: فَامْتَثَلْتُ جَمِيعَ مَا حَدَّهُ لِي مَوْلَايَ أَبُو الْحَسَن (علیه السلام) فِي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٦) في المصدر: (شقيقة) بدل (شقَّة)، والشقَّة - بالكسر والضمِّ -: السبيبة المقطوعة من الثياب المستطيلة، وقد يكون تصحيف (حقَّة) وهي وعاء تُسوَّى من خشب أو من العاج أو غير ذلك.
(٢٧) في المصدر: (ملصقاً) بدل (ملطَّفة).

↑صفحة ١٧↑

أَمْر الْجَارِيَةِ، فَلَمَّا نَظَرَتْ فِي الْكِتَابِ بَكَتْ بُكَاءً شَدِيداً، وَقَالَتْ لِعُمَرَ بْن يَزيدَ: بِعْنِي مِنْ صَاحِبِ هَذَا الْكِتَابِ، وَحَلَفَتْ بِالمُحَرِّجَةِ وَالمُغَلَّظَةِ(٢٨) أَنَّهُ مَتَى امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهَا مِنْهُ قَتَلَتْ نَفْسَهَا، فَمَا زِلْتُ أُشَاحُّهُ فِي ثَمَنِهَا حَتَّى اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى مِقْدَارِ مَا كَانَ أَصْحَبَنِيهِ مَوْلَايَ (علیه السلام) مِنَ الدَّنَانِير، فَاسْتَوْفَاهُ وَتَسَلَّمْتُ الْجَارِيَةَ ضَاحِكَةً مُسْتَبْشِرَةً، وَانْصَرَفْتُ بِهَا إِلَى الْحُجَيْرَةِ الَّتِي كُنْتُ آوَى إِلَيْهَا بِبَغْدَادَ، فَمَا أَخَذَهَا الْقَرَارُ حَتَّى أَخْرَجَتْ كِتَابَ مَوْلَانَا (علیه السلام) مِنْ جَيْبِهَا وَهِيَ تَلْثِمُهُ وَتُطْبِقُهُ عَلَى جَفْنِهَا وَتَضَعُهُ عَلَى خَدِّهَا وَتَمْسَحُهُ عَلَى بَدَنِهَا، فَقُلْتُ تَعَجُّباً مِنْهَا: تَلْثِمِينَ كِتَاباً لَا تَعْرفِينَ صَاحِبَهُ؟!
فَقَالَتْ: أَيُّهَا الْعَاجِزُ الضَّعِيفُ المَعْرفَةِ بِمَحَلِّ أَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ، أَعِرْني سَمْعَكَ(٢٩)، وَفَرِّغْ لِي قَلْبَكَ، أَنَا مَلِيكَةُ بِنْتُ يَشُوعَا بْن قَيْصَرَ مَلِكِ الرُّوم، وَأُمِّي مِنْ وُلْدِ الْحَوَارِيِّينَ تُنْسَبُ إِلَى وَصِيِّ المَسِيح شَمْعُونَ، أُنَبِّئُكَ بِالْعَجَبِ.
إِنَّ جَدِّي قَيْصَرَ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَنِي مِن ابْن أَخِيهِ وَأَنَا مِنْ بَنَاتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَجَمَعَ فِي قَصْرهِ مِنْ نَسْل الْحَوَارِيِّينَ مِنَ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ، وَمِنْ ذَوِي الْأَخْطَارِ مِنْهُمْ سَبْعَمِائَةِ رَجُلٍ، وَجَمَعَ مِنْ أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ وَقُوَّادِ الْعَسْكَر وَنُقَبَاءِ الْجُيُوش وَمُلُوكِ الْعَشَائِر أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَأَبْرَزَ مِنْ بَهِيِّ مُلْكِهِ عَرْشاً مُسَاغاً(٣٠) مِنْ أَصْنَافِ الْجَوْهَر(٣١)، وَرَفَعَهُ فَوْقَ أَرْبَعِينَ مِرْقَاةً، فَلَمَّا صَعِدَ ابْنُ أَخِيهِ وَأَحْدَقَتِ الصُّلُبُ وَقَامَتِ الْأَسَاقِفَةُ عُكَّفاً وَنُشِرَتْ أَسْفَارُ الْإِنْجِيل تَسَافَلَتِ الصُّلُبُ مِنَ الْأَعْلَى فَلَصِقَتِ الْأَرْضَ وَتَقَوَّضَتْ أَعْمِدَةُ الْعَرْش فَانْهَارَتْ إِلَى الْقَرَارِ وَخَرَّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٨) المغلَّظة: المؤكَّدة من اليمين، والمحرَّجة: اليمين التي تُضيِّق مجال الحالف بحيث لا يبقى له مندوحة عن برِّ قسمه.
(٢٩) من الإعارة، أي أعطيني سمعك عاريةً.
(٣٠) في المصدر: (مصنوعاً).
(٣١) في المصدر إضافة: (إلى صحن القصر).

↑صفحة ١٨↑

الصَّاعِدُ مِنَ الْعَرْش مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَتَغَيَّرَتِ أَلْوَانُ الْأَسَاقِفَةِ وَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُمْ، فَقَالَ كَبِيرُهُمْ لِجَدِّي: أَيُّهَا المَلِكُ أَعْفِنَا مِنْ مُلَاقَاةِ هَذِهِ النُّحُوسِ الدَّالَّةِ عَلَى زَوَالِ هَذَا الدِّين المَسِيحِيِّ وَالمَذْهَبِ المَلِكَانيِّ، فَتَطَيَّرَ جَدِّي مِنْ ذَلِكَ تَطَيُّراً شَدِيداً، وَقَالَ لِلْأَسَاقِفَةِ: أَقِيمُوا هَذِهِ الْأَعْمِدَةَ، وَارْفَعُوا الصُّلْبَانَ، وَأَحْضِرُوا أَخَا هَذَا المُدْبَر الْعَاهِر(٣٢) المَنْكُوس جَدُّهُ لِأُزَوِّجَهُ هَذِهِ الصَّبِيَّةَ فَيُدْفَعُ نُحُوسُهُ عَنْكُمْ بسُعُودِهِ، وَلَـمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ حَدَثَ عَلَى الثَّانِي مِثْلُ مَا حَدَثَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ، وَقَامَ جَدِّي قَيْصَرُ مُغْتَمًّا، فَدَخَلَ مَنْزلَ النِّسَاءِ، وَأُرْخِيَتِ السُّتُورُ، وَأُرِيتُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ كَأَنَّ المَسِيحَ وَشَمْعُونَ وَعِدَّةً مِنَ الْحَوَارِيِّينَ قَدِ اجْتَمَعُوا فِي قَصْر جَدِّي، وَنَصَبُوا فِيهِ مِنْبَراً مِنْ نُورٍ يُبَارِي السَّمَاءَ عُلُوًّا وَارْتِفَاعاً فِي المَوْضِع الَّذِي كَانَ نَصَبَ جَدِّي وَ(٣٣) فِيهِ عَرْشُهُ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَخَتَنُهُ وَوَصِيُّهُ (علیه السلام) وَعِدَّةٌ مِنْ أَبْنَائِهِ.
فَتَقَدَّمَ المَسِيحُ إِلَيْهِ فَاعْتَنَقَهُ، فَيَقُولُ لَهُ مُحَمَّدٌ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَا رُوحَ اللهِ، إِنِّي جِئْتُكَ خَاطِباً مِنْ وَصِيِّكَ شَمْعُونَ فَتَاتَهُ مَلِيكَةَ لِابْني هَذَا»، وَأَوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) ابْن صَاحِبِ هَذَا الْكِتَابِ، فَنَظَرَ المَسِيحُ إِلَى شَمْعُونَ وَقَالَ لَهُ: قَدْ أَتَاكَ الشَّرَفُ، فَصِلْ رَحِمَكَ بِرَحِم آلِ مُحَمَّدٍ (عليهم السلام)، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، فَصَعِدَ ذَلِكَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَ مُحَمَّدٌ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَزَوَّجَنِي مِن ابْنِهِ، وَشَهِدَ المَسِيحُ (علیه السلام)، وَشَهِدَ أَبْنَاءُ مُحَمَّدٍ (عليهم السلام)، وَالْحَوَارِيُّونَ.
فَلَمَّا اسْتَيْقَظْتُ أَشْفَقْتُ أَنْ أَقُصَّ هَذِهِ الرُّؤْيَا عَلَى أَبِي وَجَدِّي مَخَافَةَ الْقَتْل، فَكُنْتُ أُسِرُّهَا وَلَا أُبْدِيهَا لَهُمْ، وَضَرَبَ صَدْرِي بِمَحَبَّةِ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) حَتَّى امْتَنَعْتُ مِنَ الطَّعَام وَالشَّرَابِ، فَضَعُفَتْ نَفْسِي وَدَقَّ شَخْصِي وَمَرضْتُ مَرَضاً شَدِيداً، فَمَا بَقِيَ فِي مَدَائِن الرُّوم طَبِيبٌ إِلَّا أَحْضَرَهُ جَدِّي وَسَأَلَهُ عَنْ دَوَائِي، فَلَمَّا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٢) في المصدر: (العاثر) بدل (العاهر).
(٣٣) الواو ليست في المصدر.

↑صفحة ١٩↑

بَرَّحَ بِهِ الْيَأسُ قَالَ: يَا قُرَّةَ عَيْني، هَلْ يَخْطُرُ بِبَالِكِ شَهْوَةٌ فَأُزَوِّدُكِهَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا؟ فَقُلْتُ: يَا جَدِّي، أَرَى أَبْوَابَ الْفَرَج عَلَيَّ مُغْلَقَةً، فَلَوْ كَشَفْتَ الْعَذَابَ عَمَّنْ فِي سِجْنِكَ مِنْ أُسَارَى المُسْلِمِينَ وَفَكَكْتَ عَنْهُمُ الْأَغْلَالَ وَتَصَدَّقْتَ عَلَيْهِمْ وَمَنَّيْتَهُمُ الْخَلَاصَ رَجَوْتُ أَنْ يَهَبَ(٣٤) المَسِيحُ وَأُمُّهُ عَافِيَةً، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ تَجَلَّدْتُ فِي إِظْهَارِ الصِّحَّةِ مِنْ بَدَنِي قَلِيلاً، وَتَنَاوَلْتُ يَسِيراً مِنَ الطَّعَام، فَسَرَّ بِذَلِكَ وَأَقْبَلَ عَلَى إِكْرَام الْأُسَارَى وَإِعْزَازِهِمْ، فَأُرِيتُ أَيْضاً بَعْدَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً كَأَنَّ سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ فَاطِمَةَ (عليها السلام) قَدْ زَارَتْنِي وَمَعَهَا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَأَلْفٌ مِنْ وَصَائِفِ الْجِنَانِ، فَتَقُولُ لِي مَرْيَمُ: هَذِهِ سَيِّدَةُ النِّسَاءِ (عليها السلام) أُمُّ زَوْجِكِ أَبِي مُحَمَّدٍ، فَأَتَعَلَّقُ بِهَا وَأَبْكِي وَأَشْكُو إِلَيْهَا امْتِنَاعَ أَبِي مُحَمَّدٍ مِنْ زِيَارَتِي، فَقَالَتْ سَيِّدَةُ النِّسَاءِ (عليها السلام): «إِنَّ ابْنِي أَبَا مُحَمَّدٍ لَا يَزُورُكِ وَأَنْتِ مُشْركَةٌ بِاللهِ عَلَى مَذْهَبِ النَّصَارَى، وَهَذِهِ أُخْتِي مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ تَبْرَأُ إِلَى اللهِ مِنْ دِينكِ، فَإنْ مِلْتِ إِلَى رِضَى اللهِ تَعَالَى وَرِضَى المَسِيح وَمَرْيَمَ (علیهما السلام) وَزِيَارَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ إِيَّاكِ فَقُولِي: أَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ أبِي مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ»، فَلَمَّا تَكَلَّمْتُ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ ضَمَّتْنِي إِلَى صَدْرِهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَطِيبَ نَفْسِي، وَقَالَتِ: «الْآنَ تَوَقَّعِي زِيَارَةَ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَإِنِّي مُنْفِذَتُهُ إِلَيْكِ»، فَانْتَبَهْتُ وَأَنَا أَنُولُ(٣٥) وَأَتَوَقَّعُ لِقَاءَ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام)، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الْقَابِلَةِ رَأَيْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ (علیه السلام) وَكَأَنِّي أَقُولُ لَهُ: جَفَوْتَنِي يَا حَبِيبي بَعْدَ أَنْ أَتْلَفْتُ نَفْسِي مُعَالَجَةَ حُبِّكَ، فَقَالَ: «مَا كَانَ تَأَخُّري عَنْكِ إِلَّا لِشِرْكِكِ فَقَدْ أَسْلَمْتِ، وَأَنَا زَائِرُكِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ إِلَى أَنْ يَجْمَعَ اللهُ شَمْلَنَا فِي الْعَيَانِ»، فَلَمَّا(٣٦) قَطَعَ عَنِّي زِيَارَتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٤) في المصدر إضافة: (لي).
(٣٥) في النسخة المطبوعة: (أقول)، وهو سهو والصحيح ما أثبتناه، يقال: نالت المرأة بالحديث أو الحاجة تنول، أي سمحت أو همَّت.
(٣٦) في المصدر: (فما).

↑صفحة ٢٠↑

قَالَ بِشْرٌ: فَقُلْتُ لَهَا: وَكَيْفَ وَقَعْتِ فِي الْأُسَارَى؟ فَقَالَتْ: أَخْبَرَني أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام) لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي: «أَنَّ جَدَّكِ سَيُسَيِّرُ جَيْشاً إِلَى قِتَالِ المُسْلِمِينَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ يَتْبَعُهُمْ، فَعَلَيْكَ بِاللِّحَاقِ بِهِمْ مُتَنَكِّرَةً فِي زِيِّ الْخَدَم مَعَ عِدَّةٍ مِنَ الْوَصَائِفِ مِنْ طَريقِ كَذَا»، فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَوَقَفَتْ عَلَيْنَا طَلَائِعُ المُسْلِمِينَ حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْري مَا رَأَيْتَ وَشَاهَدْتَ، وَمَا شَعَرَ بِأَنِّي ابْنَةُ مَلِكِ الرُّوم إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ أَحَدٌ سِوَاكَ وَذَلِكَ بِاِطِّلَاعِي إِيَّاكَ عَلَيْهِ، وَلَقَدْ سَأَلَنِي الشَّيْخُ الَّذِي وَقَعْتُ إِلَيْهِ فِي سَهْم الْغَنِيمَةِ عَن اسْمِي، فَأنْكَرْتُهُ وَقُلْتُ: نَرْجِسُ، فَقَالَ: اسْمُ الْجَوَارِي.
قُلْتُ: الْعَجَبُ أَنَّكِ رُومِيَّةٌ وَلِسَانُكِ عَرَبيٌّ؟! قَالَتْ: نَعَمْ مِنْ وَلُوع جَدِّي وَحَمْلِهِ إِيَّايَ عَلَى تَعَلُّم الْآدَابِ أَنْ أَوْعَزَ إِلَيَّ امْرَأَةً تَرْجُمَانَةً لَهُ(٣٧) فِي الْاِخْتِلَافِ إِلَيَّ، وَكَانَتْ تَقْصُدُنِي صَبَاحاً وَمَسَاءً وَتُفِيدُنِي الْعَرَبِيَّةَ حَتَّى اسْتَمَرَّ لِسَانِي عَلَيْهَا وَاسْتَقَامَ.
قَالَ بِشْرٌ: فَلَمَّا انْكَفَأتُ بِهَا إِلَى سُرَّ مَنْ رَأى دَخَلَتْ عَلَى مَوْلَايَ أَبِي الْحَسَن (علیه السلام)، فَقَالَ: «كَيْفَ أرَاكِ اللهُ عِزَّ الْإسْلَام وَذُلَّ النَّصْرَانِيَّةِ وَشَرَفَ مُحَمَّدٍ وَأَهْل بَيْتِهِ (عليهم السلام)؟».
قَالَتْ: كَيْفَ أَصِفُ لَكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي؟ قَالَ: «فَإنِّي أُحِبُّ أَنْ أُكْرمَكِ، فَأَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكِ عَشَرَةُ آلَافِ دِينَارٍ أَمْ بُشْرَى لَكِ بِشَرَفِ الْأَبَدِ؟». قَالَتْ: بُشْرَى بِوَلَدٍ لِي. قَالَ لَهَا: «أَبْشِري بوَلَدٍ يَمْلِكُ الدُّنْيَا شَرْقاً وَغَرْباً وَيَمْلْأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً»، قَالَتْ: مِمَّنْ؟ قَالَ: «مِمَّنْ خَطَبَكِ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لَهُ لَيْلَةَ كَذَا فِي شَهْر كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا بِالرُّومِيَّةِ»(٣٨)، قَالَ لَهَا: «مِمَّنْ زَوَّجَكِ المَسِيحُ (علیه السلام) وَوَصِيُّهُ؟»، قَالَتْ: مِن ابْنكَ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام)، فَقَالَ:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٧) في المصدر: (ترجمانه لي) بدل (ترجمانة له).
(٣٨) في المصدر إضافة: (قالت: من المسيح ووصيِّه).

↑صفحة ٢١↑

«هَلْ تَعْرفِينَهُ؟»، قَالَتْ: وَهَلْ خَلَتْ لَيْلَةٌ لَمْ يَزُرْني فِيهَا مُنْذُ اللَّيْلَةِ الَّتِي أَسْلَمْتُ عَلَى يَدِ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ (عليها السلام)؟ قَالَ: فَقَالَ مَوْلَانَا: «يَا كَافُورُ، ادْعُ أُخْتِي حَكِيمَةَ»، فَلَمَّا دَخَلَتْ قَالَ لَهَا: «هَا هِيَهْ»، فَاعْتَنَقَتْهَا طَويلاً وَسَرَّتْ بِهَا كَثِيراً، فَقَالَ لَهَا أَبُو الْحَسَن (علیه السلام): «يَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ، خُذِيهَا إِلَى مَنْزلِكِ وَعَلِّمِيهَا الْفَرَائِضَ وَالسُّنَنَ فَإنَّهَا زَوْجَةُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَأُمُّ الْقَائِمِ (علیه السلام)»(٣٩).
[١٣/١٣] كمال الدِّين(٤٠): مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْن مُحَمَّدِ بْن(٤١) حَاتِم، عَنْ أَحْمَدَ بْن عِيسَى الْوَشَّاءِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ طَاهِرٍ الْقُمِّيِّ، عَنْ أَبِي الْحُسَيْن مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى(٤٢) الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: وَرَدْتُ كَرْبَلَاءَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْن، قَالَ: وَزُرْتُ قَبْرَ غَريبِ رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ثُمَّ انْكَفَأتُ إِلَى مَدِينَةِ السَّلَام مُتَوَجِّهاً إِلَى مَقَابِر قُرَيْشٍ وَقَدْ تَضَرَّمَتِ الْهَوَاجِرُ وَتَوَقَّدَتِ السَّمَاءُ، وَلَـمَّا وَصَلْتُ مِنْهَا إِلَى مَشْهَدِ الْكَاظِم (علیه السلام) وَاسْتَنْشَقْتُ نَسِيمَ تُرْبَتِهِ المَغْمُورَةِ مِنَ الرَّحْمَةِ المَحْفُوفَةِ بِحَدَائِقِ الْغُفْرَانِ أَكْبَبْتُ عَلَيْهَا بعَبَرَاتٍ مُتَقَاطِرَةٍ وَزَفَرَاتٍ مُتَتَابِعَةٍ، وَقَدْ حَجَبَ الدَّمْعُ طَرْفي عَن النَّظَر، فَلَمَّا رَقَأتِ الْعَبْرَةُ وَانْقَطَعَ النَّحِيبُ وَفَتَحْتُ بَصَري وَإِذَا أَنَا بِشَيْخ قَدِ انْحَنَى صُلْبُهُ وَتَقَوَّسَ مَنْكِبَاهُ وَثَفِنَتْ جَبْهَتُهُ وَرَاحَتَاهُ، وَهُوَ يَقُولُ لِآخَرَ مَعَهُ عِنْدَ الْقَبْر: يَا بْنَ أَخ، فَقَدْ نَالَ عَمُّكَ شَرَفاً بِمَا حَمَّلَهُ السَّيِّدَانِ مِنْ غَوَامِض الْغُيُوبِ وَشَرَائِفِ الْعُلُوم الَّتِي لَمْ يَحْمِلْ مِثْلَهَا إِلَّا سَلْمَانُ، وَقَدْ أَشْرَفَ عَمُّكَ عَلَى اسْتِكْمَالِ المُدَّةِ وَانْقِضَاءِ الْعُمُر، وَلَيْسَ يَجِدُ فِي أَهْل الْوَلَايَةِ رَجُلاً يُفْضِي إِلَيْهِ(٤٣)، قُلْتُ: يَا نَفْسُ لَا يَزَالُ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٩) الغيبة للطوسي (ص ٢٠٨/ ح ١٧٨).
(٤٠) في النسخة المطبوعة: (الكافي) وهو سهو، والصحيح ما أثبتناه.
(٤١) عبارة: (محمّد بن) ليست في المصدر.
(٤٢) في المصدر: (بحر) بدل (يحيى).
(٤٣) في المصدر: (يُفضي إليه بسرِّه).

↑صفحة ٢٢↑

الْعَنَاءُ وَالمَشَقَّةُ يَنَالَانِ مِنْكِ بإتْعَابِي الْخُفَّ وَالْحَافِرَ فِي طَلَبِ الْعِلْم، وَقَدْ قَرَعَ سَمْعِي مِنْ هَذَا الشَّيْخ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى عِلْم جَسِيم وَأَمْرٍ عَظِيم.
فَقُلْتُ: أَيُّهَا الشَّيْخُ، وَمَن السَّيِّدَانِ؟ قَالَ: النَّجْمَانِ المُغَيَّبَانِ فِي الثَّرَى بِسُرَّ مَنْ رَأى، فَقُلْتُ: إِنِّي أُقْسِمُ بِالمُوَالاَةِ وَشَرَفِ مَحَلِّ هَذَيْن السَّيِّدَيْن مِنَ الْإمَامَةِ وَالْورَاثَةِ أَنِّي خَاطِبٌ عِلْمَهُمَا وَطَالِبٌ آثَارَهُمَا وَبَاذِلٌ مِنْ نَفْسِي الْأَيْمَانَ المُؤَكَّدَةَ عَلَى حِفْظِ أَسْرَارِهِمَا، قَالَ: إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فِيمَا تَقُولُ فَأَحْضِرْ مَا صَحِبَكَ مِنَ الْآثَارِ عَنْ نَقَلَةِ أَخْبَارِهِمْ، فَلَمَّا فَتَّشَ الْكُتُبَ وَتَصَفَّحَ الرِّوَايَاتِ مِنْهَا قَالَ: صَدَقْتَ، أَنَا بِشْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّخَّاسُ مِنْ وُلْدِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَحَدُ مَوَالِي أَبِي الْحَسَن وَأَبِي مُحَمَّدٍ (علیهما السلام) وَجَارُهُمَا بِسُرَّ مَنْ رَأى، قُلْتُ: فَأَكْرمْ أَخَاكَ بِبَعْض مَا شَاهَدْتَ مِنْ آثَارِهِمَا، قَالَ: كَانَ مَوْلَايَ أَبُو الْحَسَن (علیه السلام) فَقَّهَني فِي عِلْم الرَّقِيقِ، فَكُنْتُ لَا أَبْتَاعُ وَلَا أَبيعُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَاجْتَنَبْتُ بِذَلِكَ مَوَارِدَ الشُّبُهَاتِ حَتَّى كَمَلَتْ مَعْرفَتِي فِيهِ، فَأَحْسَنْتُ الْفَرْقَ فِيمَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَام، فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي مَنْزلِي بِسُرَّ مَنْ رَأى وَقَدْ مَضَى هَويٌّ مِنَ اللَّيْل إِذْ قَدْ قَرَعَ الْبَابَ قَارِعٌ، فَعَدَوْتُ مُسْرعاً، فَإذَا بِكَافُورٍ الْخَادِم رَسُولِ مَوْلَانَا أَبِي الْحَسَن عَلِيِّ بْن مُحَمَّدٍ (علیهما السلام) يَدْعُوني إِلَيْهِ، فَلَبِسْتُ ثِيَابِي وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَرَأيْتُهُ يُحَدِّثُ ابْنَهُ أَبَا مُحَمَّدٍ (علیه السلام) وَأُخْتَهُ حَكِيمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْر، فَلَمَّا جَلَسْتُ قَالَ: «يَا بِشْرُ، إِنَّكَ مِنْ وُلْدِ الْأَنْصَارِ، وَهَذِهِ الْوَلَايَةُ لَمْ تَزَلْ فِيكُمْ يَرثُهَا خَلَفٌ عَنْ سَلَفٍ، وَأَنْتُمْ ثِقَاتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ» ... وَسَاقَ الْخَبَرَ نَحْواً مِمَّا رَوَاهُ الشَّيْخُ إِلَى آخِرهِ(٤٤).
بيان: (يباري السماء): أي يعارضها. ويقال: برح به الأمر تبريحاً، جهده وأضرَّ به. وأوعز إليه في كذا: أي تقدَّم. وانكفأ: أي رجع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٤) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤١٧/ باب ما روي في نرجس/ ح ١).

↑صفحة ٢٣↑

[١٤/١٤] كمال الدِّين: ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ المُطَهَّريِّ(٤٥)، قَالَ: قَصَدْتُ حَكِيمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ (علیه السلام) بَعْدَ مُضِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) أَسْأَلُهَا عَن الْحُجَّةِ وَمَا قَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ مِنَ الْحَيْرَةِ الَّتِي(٤٦) فِيهَا، فَقَالَتْ لِي: اجْلِسْ، فَجَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَتْ لِي: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا يُخَلِّي الْأَرْضَ مِنْ حُجَّةٍ نَاطِقَةٍ أَوْ صَامِتَةٍ، وَلَمْ يَجْعَلْهَا فِي أَخَوَيْن بَعْدَ الْحَسَن وَالْحُسَيْن تَفْضِيلاً لِلْحَسَن وَالْحُسَيْن (علیهما السلام) وَتَمْيِيزاً لَهُمَا(٤٧) أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْض عَدِيلُهُمَا، إِلَّا أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَصَّ وُلْدَ الْحُسَيْن بالْفَضْل عَلَى وُلْدِ الْحَسَن كَمَا خَصَّ وُلْدَ هَارُونَ عَلَى وُلْدِ مُوسَى وَإِنْ كَان مُوسَى حُجَّةً عَلَى هَارُونَ وَالْفَضْلُ لِوُلْدِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، وَلَا بُدَّ لِلأُمَّةِ مِنْ حَيْرَةٍ يَرْتَابُ فِيهَا المُبْطِلُونَ وَيَخْلُصُ فِيهَا المُحِقُّونَ، لِئَلَّا(٤٨) يَكُونَ لِلنَّاس(٤٩) عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل، وَإِنَّ الْحَيْرَةَ لَا بُدَّ وَاقِعَةٌ بَعْدَ مُضِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن (علیه السلام).
فَقُلْتُ: يَا مَوْلَاتِي، هَلْ كَانَ لِلْحَسَن (علیه السلام) وَلَدٌ؟ فَتَبَسَّمَتْ ثُمَّ قَالَتْ: إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحَسَن (علیه السلام) عَقِبٌ فَمَن الْحِجَّةُ مِنْ بَعْدِهِ؟ وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ [أَنَّ الْإمَامَةَ لَا تَكُونُ لِأَخَوَيْن(٥٠) بَعْدَ الْحَسَن وَالْحُسَيْن (علیهما السلام)].
[فَقُلْتُ: يَا سَيِّدَتِي]، حَدِّثِيني بِوِلَادَةِ مَوْلَايَ وَغَيْبَتِهِ (علیه السلام). [قال]: قَالَتْ: نَعَمْ، كَانَتْ لِي جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا: نَرْجِسُ، فَزَارَني ابْنُ أَخِي (علیه السلام)، وَأَقْبَلَ يُحِدُّ النَّظَرَ إِلَيْهَا، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي، لَعَلَّكَ هَويتَهَا، فَأُرْسِلُهَا إِلَيْكَ؟ فَقَالَ: «لَا يَا عَمَّةُ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٥) في المصدر: (الطهري) بدل (المطهَّري).
(٤٦) في المصدر إضافة: (هم).
(٤٧) في المصدر: (وتنزيهاً لهما).
(٤٨) في المصدر: (كيلا).
(٤٩) في المصدر: (للخلق) بدل (للناس).
(٥٠) في المصدر: (لا إمامة لأخوين) بدل (الإمامة لا تكون لأخوين).

↑صفحة ٢٤↑

لَكِنِّي أَتَعَجَّبُ مِنْهَا»، فَقُلْتُ: وَمَا أَعْجَبَكَ؟ فَقَالَ (علیه السلام): «سَيَخْرُجُ مِنْهَا وَلَدٌ كَرِيمٌ عَلَى اللهِ (عزَّ وجلَّ) الَّذِي يَمْلَأُ اللهُ بِهِ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً»، فَقُلْتُ: فَأُرْسِلُهَا إِلَيْكَ يَا سَيِّدِي؟ فَقَالَ: «اسْتَأذِني فِي ذَلِكَ أبي»، قَالَتْ: فَلَبِسْتُ ثِيَابِي وَأَتَيْتُ مَنْزلَ أَبِي الْحَسَن، فَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ، فَبَدَأني (علیه السلام) وَقَالَ: «يَا حَكِيمَةُ، ابْعَثِي بِنَرْجِسَ إِلَى ابْني أَبِي مُحَمَّدٍ»، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، عَلَى هَذَا قَصَدْتُكَ أَنْ أَسْتَأذِنَكَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: «يَا مُبَارَكَةُ، إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَحَبَّ أَنْ يَشْرَكَكِ فِي الْأَجْر وَيَجْعَلَ لَكِ فِي الْخَيْر نَصِيباً»، قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ رَجَعْتُ إِلَى مَنْزلِي وَزَيَّنْتُهَا وَوَهَبْتُهَا لِأَبِي مُحَمَّدٍ، وَجَمَعْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي مَنْزلِي، فَأَقَامَ عِنْدِي أَيَّاماً، ثُمَّ مَضَى إِلَى وَالِدِهِ، وَوَجَّهْتُ بِهَا مَعَهُ.
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَمَضَى أَبُو الْحَسَن (علیه السلام) وَجَلَسَ أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام) مَكَانَ وَالِدِهِ، وَكُنْتُ أَزُورُهُ كَمَا كُنْتُ أَزُورُ وَالِدَهُ، فَجَاءَتْنِي نَرْجِسُ يَوْماً تَخْلَعُ خُفِّي وَقَالَتْ: يَا مَوْلَاتِي، نَاوِلْنِي خُفَّكِ، فَقُلْتُ: بَلْ أَنْتِ سَيِّدَتِي وَمَوْلَاتِي، وَاللهِ لَا دَفَعْتُ إِلَيْكِ خُفِّي لِتَخْلَعِيهِ وَلَا خَدَمْتِيني(٥١)، بَلْ أَخْدُمُكِ(٥٢) عَلَى بَصَري، فَسَمِعَ أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام) ذَلِكَ فَقَالَ: «جَزَاكِ اللهُ خَيْراً يَا عَمَّةُ»، فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ إِلَى وَقْتِ غُرُوبِ الشَّمْس، فَصِحْتُ بِالْجَارِيَةِ وَقُلْتُ: نَاوِلِيني ثِيَابِي لِأَنْصَرفَ، فَقَالَ (علیه السلام): «يَا عَمَّتَاهُ، بِيتِيَ اللَّيْلَةَ عِنْدَنَا فَإنَّهُ سَيُولَدُ اللَّيْلَةَ المَوْلُودُ الْكَريمُ عَلَى اللهِ (عزَّ وجلَّ) الَّذِي يُحْيِي اللهُ (عزَّ وجلَّ) بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا».
قُلْتُ: مِمَّنْ يَا سَيِّدِي وَلَسْتُ أَرَى بِنَرْجِسَ شَيْئاً مِنْ أَثَر الْحَمْل؟ فَقَالَ: «مِنْ نَرْجِسَ لَا مِنْ غَيْرهَا»، قَالَتْ: فَوَثَبْتُ إِلَى نَرْجِسَ فَقَلَبْتُهَا ظَهْراً لِبَطْنٍ فَلَمْ أَرَ بِهَا أثَراً مِنْ حَبَلٍ، فَعُدْتُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا فَعَلْتُ، فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ لِي: «إِذَا كَانَ وَقْتُ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥١) في المصدر: (ولا لتخدميني).
(٥٢) في المصدر: (بل أنا أخدمك).

↑صفحة ٢٥↑

الْفَجْر يَظْهَرُ لَكِ بِهَا الْحَبَلُ، لِأَنَّ مَثَلَهَا مَثَلُ أُمِّ مُوسَى لَمْ يَظْهَرْ بِهَا الْحَبَلُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَحَدٌ إِلَى وَقْتِ وِلَادَتِهَا، لِأَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ يَشُقُّ بُطُونَ الْحَبَالَى فِي طَلَبِ مُوسَى وَهَذَا نَظِيرُ مُوسَى (علیه السلام)»(٥٣).
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمْ أَزَلْ أَرْقُبُهَا إِلَى وَقْتِ طُلُوع الْفَجْر وَهِيَ نَائِمَةٌ بَيْنَ يَدَيَّ لَا تَقْلِبُ جَنْباً إِلَى جَنْبٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِر اللَّيْل وَقْتَ طُلُوع الْفَجْر وَثَبَتْ فَزعَةً، فَضَمَمْتُهَا إِلَى صَدْرِي وَسَمَّيْتُ عَلَيْهَا، فَصَاحَ(٥٤) أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام) وَقَالَ: «اقْرَئِي عَلَيْهَا: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾»، فَأَقْبَلْتُ أَقْرَأ عَلَيْهَا، وَقُلْتُ لَهَا: مَا حَالُكِ؟ قَالَتْ: ظَهَرَ(٥٥) الْأَمْرُ الَّذِي أَخْبَرَكِ بِهِ مَوْلَايَ، فَأَقْبَلْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهَا كَمَا أَمَرَني، فَأَجَابَني الْجَنِينُ مِنْ بَطْنِهَا يَقْرَأُ كَمَا أَقْرَأُ، وَسَلَّمَ عَلَيَّ، قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَفَزعْتُ لِمَا سَمِعْتُ، فَصَاحَ بِي أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام): «لَا تَعْجَبِي مِنْ أَمْر اللهِ (عزَّ وجلَّ)، إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُنْطِقُنَا بِالْحِكْمَةِ صِغَاراً وَيَجْعَلُنَا حُجَّةً فِي أَرْضِهِ كِبَاراً»، فَلَمْ يَسْتَتِمَّ الْكَلَامَ حَتَّى غِيبَتْ عَنِّي نَرْجِسُ فَلَمْ أَرَهَا كَأنَّهُ ضُربَ بَيْني وَبَيْنَهَا حِجَابٌ، فَعَدَوْتُ نَحْوَ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) وَأَنَا صَارِخَةٌ، فَقَالَ لِي: «ارْجِعِي يَا عَمَّةُ فَإنَّكِ سَتَجِدِيهَا فِي مَكَانِهَا»، قَالَتْ: فَرَجَعْتُ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ كُشِفَ الْحِجَابُ(٥٦) بَيْني وَبَيْنَهَا، وَإِذَا أَنَا بِهَا وَعَلَيْهَا مِنْ أَثَر النُّورِ مَا غَشِيَ بَصَري، وَإِذَا أَنَا بِالصَّبِيِّ (علیه السلام) سَاجِداً عَلَى وَجْهِهِ، جَاثِياً عَلَى رُكْبَتَيْهِ، رَافِعاً سَبَّابَتَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَهُوَ يَقُولُ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَريكَ لَهُ، وَأَنَّ جَدِّي رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَأَنَّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٣) في المصدر إضافة: (قالت حكيمة: فعدت إليها فأخبرتها بما قال وسألتها عن حالها، فقالت: يا مولاتي ما أرى بي شيئاً).
(٥٤) في المصدر إضافة: (إليَّ) بين معقوفتين.
(٥٥) في المصدر إضافة: (بي) بين معقوفتين.
(٥٦) في المصدر: (الغطاء الذي كان) بدل (الحجاب).

↑صفحة ٢٦↑

أَبِي أَمِيرُ المُؤْمِنينَ...»، ثُمَّ عَدَّ إِمَاماً إِمَاماً إِلَى أَنْ بَلَغَ إِلَى نَفْسِهِ، فَقَالَ (علیه السلام): «اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي وَعْدِي، وَأَتْمِمْ لِي أَمْري، وَثَبِّتْ وَطْأَتِي، وَامْلْأ الْأَرْضَ بِي عَدْلاً وَقِسْطاً».
فَصَاحَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ (علیه السلام)، فَقَالَ: «يَا عَمَّةُ، تَنَاوَلِيهِ فَهَاتِيهِ»، فَتَنَاوَلْتُهُ وَأَتَيْتُ بِهِ نَحْوَهُ، فَلَمَّا مَثَلْتُ بَيْنَ يَدَيْ أَبيهِ وَهُوَ عَلَى يَدَيَّ سَلَّمَ عَلَى أَبيهِ، فَتَنَاوَلَهُ الْحَسَنُ (علیه السلام) وَالطَّيْرُ تُرَفْرفُ عَلَى رَأسِهِ(٥٧)، فَصَاحَ بِطَيْرٍ مِنْهَا، فَقَالَ لَهُ: «احْمِلْهُ وَاحْفَظْهُ وَرُدَّهُ إِلَيْنَا فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْماً»، فَتَنَاوَلَهُ الطَّائِرُ وَطَارَ بِهِ فِي جَوِّ السَّمَاءِ وَأَتْبَعَهُ سَائِرُ الطَّيْر، فَسَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ يَقُولُ: «أَسْتَوْدِعُكَ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ أُمُّ مُوسَى(٥٨)»، فَبَكَتْ نَرْجِسُ، فَقَالَ لَهَا: «اسْكُتِي فَإنَّ الرَّضَاعَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ إِلَّا مِنْ ثَدْيِكِ، وَسَيُعَادُ إِلَيْكِ كَمَا رُدَّ مُوسَى إِلَى أُمِّهِ، وَذَلِكِ قَوْلُهُ (عزَّ وجلَّ): ﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ﴾ [القَصص: ١٣]».
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَقُلْتُ: مَا هَذَا الطَّائِرُ؟ قَالَ: «هَذَا رُوحُ الْقُدُس المُوَكَّلُ بالْأَئِمَّةِ (عليهم السلام) يُوَفِّقُهُمْ وَيُسَدِّدُهُمْ وَيُرَبِّيهِمْ بِالْعِلْم».
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمَّا أَنْ كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً رُدَّ الْغُلَامُ، وَوَجَّهَ إِلَيَّ ابْنُ أَخِي (علیه السلام) فَدَعَانِي، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَإذَا أَنَا بِصَبِيٍّ مُتَحَرِّكٌ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقُلْتُ: سَيِّدِي هَذَا ابْنُ سَنَتَيْن، فَتَبَسَّمَ (علیه السلام) ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ أَوْلَادَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْصِيَاءِ إِذَا كَانُوا أَئِمَّةً يَنْشَئُونَ بِخِلَافِ مَا يَنْشَأُ غَيْرُهُمْ، وَإِنَّ الصَّبِيَّ مِنَّا إِذَا أَتَى عَلَيْهِ شَهْرٌ كَانَ كَمَنْ يَأتِي(٥٩) عَلَيْهِ سَنَةٌ، وَإِنَّ الصَّبِيَّ مِنَّا لَيَتَكَلَّمُ فِي بَطْن أُمِّهِ وَيَقْرَأ الْقُرْآنَ وَيَعْبُدُ رَبَّهُ (عزَّ وجلَّ) وَعِنْدَ الرَّضَاع تُطِيعُهُ المَلَائِكَةُ وَتَنْزلُ عَلَيْهِ [كُلَّ] صَبَاح [وَ]مَسَاءٍ(٦٠)».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٧) في المصدر إضافة: (وناوله لسانه فشرب منه، ثمّ قال: «امضي به إلى أُمِّه لترضعه وردِّيه إليَّ»، قالت: فتناولَته أُمُّه فأرضعته فرددته إلى أبي محمّد (علیه السلام) والطير ترفرف على رأسه).
(٥٨) في المصدر: (موسى).
(٥٩) في المصدر: (أتى).
(٦٠) في المصدر: (وتنزل عليه صباحاً ومساءً).

↑صفحة ٢٧↑

قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمْ أَزَلْ أَرَى ذَلِكَ الصَّبِيَّ كُلَّ أَرْبَعِينَ يَوْماً إِلَى أَنْ رَأيْتُهُ رَجُلاً قَبْلَ مُضِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) بأَيَّام قَلَائِلَ فَلَمْ أَعْرفْهُ، فَقُلْتُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام): مَنْ هَذَا الَّذِي تَأمُرُني أَنْ أَجْلِسَ بَيْنَ يَدَيْهِ؟ فَقَالَ: «ابْنُ نَرْجِسَ، وَهُوَ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي، وَعَنْ قَلِيلٍ تَفْقِدُونِّي، فَاسْمَعِي لَهُ وَأَطِيعِي»، قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَمَضَى أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام) بِأَيَّام قَلَائِلَ، وَافْتَرَقَ النَّاسُ كَمَا تَرَى، وَوَاللهِ إِنِّي لَأَرَاهُ صَبَاحاً وَمَسَاءً، وَإِنَّهُ لَيُنْبِئُنِي عَمَّا تَسْألُونِّي عَنْهُ فَأُخْبِرُكُمْ، وَوَاللهِ إِنِّي لَأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَن الشَّيْءِ فَيَبْدَأُني بِهِ، وَإِنَّهُ لَيَرُدُّ عَلَيَّ الْأَمْرَ فَيَخْرُجُ إِلَيَّ مِنْهُ جَوَابُهُ مِنْ سَاعَتِهِ مِنْ غَيْر مَسْأَلَتِي، وَقَدْ أَخْبَرَني الْبَارِحَةَ بِمَجِيئِكَ إِلَيَّ، وَأَمَرَني أَنْ أُخْبِرَكَ بِالْحَقِّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: فَوَ اللهِ لَقَدْ أَخْبَرَتْنِي حَكِيمَةُ بِأَشْيَاءَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا أَحَدٌ إِلَّا اللهُ (عزَّ وجلَّ)، فَعَلِمْتُ أَنَّ ذَلِكَ صِدْقٌ وَعَدْلٌ مِنَ اللهِ (عزَّ وجلَّ)، وَأَنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) قَدِ اطَّلَعَهُ عَلَى مَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ(٦١).
بيان: قوله (علیه السلام): (وثبِّت وطأتي): الوطئ الدوس بالقدم، سُمِّي به الغزو والقتل لأنَّ من يطأ على الشيء برجله فقد استقصى في هلاكه وإهانته، ذكره الجزري(٦٢)، أي أحكم وثبِّت ما وعدتني من جهاد المخالفين واستيصالهم.
[١٥/١٥] كمال الدِّين: الطَّالَقَانِيُّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيِّ بْن زَكَريَّا، عَنْ مُحَمَّدِ بْن خَلِيلَانَ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ غِيَاثِ بْن أَسَدٍ(٦٣)، قَالَ: وُلِدَ الْخَلَفُ المَهْدِيُّ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَأُمُّهُ رَيْحَانَةٌ، وَيُقَالُ لَهَا: نَرْجِسُ، وَيُقَالُ: صَقِيلُ، وَيُقَالُ: سَوْسَنُ، إِلَّا أَنَّهُ قِيلَ لِسَبَبِ الْحَمْل: صَقِيلُ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ (علیه السلام) لِثَمَانِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، وَكِيلُهُ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦١) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٢٦/ باب ما روي في ميلاد القائم (علیه السلام)/ ح ٢).
(٦٢) النهاية (ج ٥/ ص ٢٠٠).
(٦٣) في المصدر: (أُسيد) بدل (أسد).

↑صفحة ٢٨↑

فَلَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ أَوْصَى إِلَى ابْنِهِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ، وَأَوْصَى أَبُو جَعْفَرٍ إِلَى أَبِي الْقَاسِم الْحُسَيْن بْن رُوح، وَأَوْصَى أَبُو الْقَاسِم إِلَى أبِي الْحَسَن عَلِيِّ بْن مُحَمَّدٍ السَّمُريِّ (رضي الله عنهم)، فَلَمَّا حَضَرَتِ السَّمُريَّ (رضي الله عنه) الْوَفَاةُ سُئِلَ أَنْ يُوصِيَ، فَقَالَ: للهِ أَمْرٌ هُوَ بَالِغُهُ، فَالْغَيْبَةُ التَّامَّةُ هِيَ الَّتِي وَقَعَتْ بَعْدَ السَّمُريِّ (رحمه الله)(٦٤).
بيان: قوله: (إلَّا أنَّه قيل لسبب الحمل): أي إنَّما سُمِّي صقيلاً لِمَا اعتراه من النور والجلاء بسبب الحمل المنوَّر، يقال: صقل السيف وغيره، أي جلاه، فهو صقيل. ولا يبعد أنْ يكون تصحيف الجمال.
[١٦/١٦] كمال الدِّين: عَلِيُّ بْنُ الْحَسَن بْن الْفَرَج، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الْكَرْخِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هَارُونَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُولُ: رَأَيْتُ صَاحِبَ الزَّمَانِ (علیه السلام) وَكَانَ مَوْلِدُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن(٦٥).
[١٧/١٧] كمال الدِّين: ابْنُ المُتَوَكِّل، عَن الْحِمْيَريِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيِّ، أَنَّ أبَا مُحَمَّدٍ (علیه السلام) بَعَثَ إِلَى [بَعْض] مَنْ سَمَّاهُ لِي بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ، قَالَ: «هَذِهِ مِنْ عَقِيقَةِ ابْني مُحَمَّدٍ»(٦٦).
[١٨/١٨] كمال الدِّين: مَاجِيلَوَيْهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّارِ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ، عَن الْحَسَن بْن المُنْذِرِ، عَنْ حَمْزَةَ بْن أَبِي الْفَتْح، قَالَ: جَاءَنِي يَوْماً فَقَالَ لِي: الْبِشَارَةَ! وُلِدَ الْبَارِحَةَ فِي الدَّارِ مَوْلُودٌ لِأَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) وَأَمَرَ بِكِتْمَانِهِ، قُلْتُ: وَمَا اسْمُهُ؟ قَالَ: سُمِّيَ بِمُحَمَّدٍ، وَكُنِّيَ بِجَعْفَرٍ(٦٧).
[١٩/١٩] كمال الدِّين: الطَّالَقَانِيُّ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيِّ بْن زَكَريَّا، عَنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٤) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٣٢/ باب ما روي في ميلاد القائم (علیه السلام)/ ح ١٢).
(٦٥) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٣٢/ باب ما روي في ميلاد القائم (علیه السلام)/ ح ٩).
(٦٦) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٣٢/ باب ما روي في ميلاد القائم (علیه السلام)/ ح ١٠).
(٦٧) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٣٢/ باب ما روي في ميلاد القائم (علیه السلام)/ ح ١١).

↑صفحة ٢٩↑

مُحَمَّدِ بْن خَلِيلَانَ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ غِيَاثِ بْن أَسَدٍ(٦٨)، قَالَ: سَمِعْتُ(٦٩) مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ (قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ) يَقُولُ: لَـمَّا وُلِدَ الْخَلَفُ المَهْدِيُّ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) سَطَعَ نُورٌ مِنْ فَوْقِ رَأسِهِ إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ، ثُمَّ سَقَطَ لِوَجْهِهِ سَاجِداً لِرَبِّهِ (تَعَالَى ذِكْرُهُ)، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ وَهُوَ يَقُولُ: «أَشْهَدُ أنْ ﴿لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: ١٨ و١٩]»، قَالَ: وَكَانَ مَوْلِدُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ(٧٠).
[٢٠/٢٠] كمال الدِّين: بِهَذَا الْإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُثْمَانَ الْعَمْريِّ (قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ)، أَنَّهُ قَالَ: وُلِدَ السَّيِّدُ (علیه السلام) مَخْتُوناً، وَسَمِعْتُ حَكِيمَةَ تَقُولُ: لَمْ يُرَ بِأُمِّهِ دَمٌ فِي نِفَاسِهَا، وَهَذَا سَبِيلُ أُمَّهَاتِ الْأَئِمَّةِ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ)(٧١).
[٢١/٢١] كمال الدِّين: أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن مِهْرَانَ، عَنْ أَحْمَدَ ابْن الْحَسَن بْن إِسْحَاقَ الْقُمِّيِّ، قَالَ: لَـمَّا وُلِدَ الْخَلَفُ الصَّالِحُ (علیه السلام) وَرَدَ مِنْ مَوْلَانَا أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ عَلَى جَدِّي أَحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ كِتَابٌ، وَإِذَا فِيهِ مَكْتُوبٌ بِخَطِّ يَدِهِ (علیه السلام) الَّذِي كَانَ يَردُ بِهِ التَّوْقِيعَاتُ عَلَيْهِ: «وُلِدَ المَوْلُودُ، فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ مَسْتُوراً، وَعَنْ جَمِيع النَّاس مَكْتُوماً، فَإنَّا لَمْ نُظْهِرْ عَلَيْهِ إِلَّا الْأَقْرَبَ لِقَرَابَتِهِ وَالمَوْلَى(٧٢) لِوَلَايَتِهِ، أَحْبَبْنَا إِعْلَامَكَ لِيَسُرَّكَ اللهُ بِهِ كَمَا سَرَّنَا وَالسَّلَامُ»(٧٣).
[٢٢/٢٢] كمال الدِّين: ابْنُ الْوَلِيدِ(٧٤)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْعَبَّاس الْعَلَويِّ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٨) في المصدر: (أُسيد).
(٦٩) في المصدر: (شهدت) بدل (سمعت).
(٧٠) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٣٣/ باب ما روي في ميلاد القائم (علیه السلام)/ ح ١٣).
(٧١) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٣٣/ باب ما روي في ميلاد القائم (علیه السلام)/ ح ١٤).
(٧٢) في المصدر: (الوليّ) بدل (المولى).
(٧٣) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٣٣/ باب ما روي في ميلاد القائم (علیه السلام)/ ح ١٦).
(٧٤) في المصدر إضافة: (عن محمّد بن الحسن الكرخي).

↑صفحة ٣٠↑

عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن الْعَلَويِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ (علیهما السلام) بِسُرَّ مَنْ رَأى، فَهَنَّأتُهُ بِولَادَةِ ابْنِهِ الْقَائِم (علیه السلام)(٧٥).
الغيبة للطوسي: ابن أبِي جيِّد، عن ابن الوليد، مثله(٧٦).
[٢٣/٢٣] كمال الدِّين: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن حُبَابٍ، عَنْ أَبِي الْأَدْيَانِ(٧٧)، قَالَ: قَالَ عَقِيدٌ الْخَادِمُ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ ابْنُ خَيْرَوَيْهِ الْبَصْريُّ(٧٨)، وَقَالَ حَاجِزٌ الْوَشَّاءُ كُلُّهُمْ حَكَوْا عَنْ عَقِيدٍ، وَقَالَ أَبُو سَهْل بْنُ نَوْبَخْتَ: قَالَ عَقِيدٌ: وُلِدَ وَلِيُّ اللهِ الْحُجَّةُ بْنُ الْحَسَن بْن عَلِيِّ بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ ابْن الْحُسَيْن بْن عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ) لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ مِنْ شَهْر رَمَضَانَ(٧٩) مِنْ سَنَةِ أَرْبَع وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن لِلْهِجْرَةِ، وَيُكَنَّى أَبَا الْقَاسِم، وَيُقَالُ: أَبُو جَعْفَرٍ، وَلَقَبُهُ المَهْدِيُّ، وَهُوَ حُجَّةُ اللهِ فِي أَرْضِهِ(٨٠)، وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وِلَادَتِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَظْهَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَتَمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَهَى عَنْ ذِكْر خَبَرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَبْدَى ذِكْرَهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ(٨١).
[٢٤/٢٤] الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن عَلِيٍّ، عَنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٧٥) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٣٤/ باب ذكر من هنَّأ أبا محمّد الحسن بن عليٍّ (علیه السلام) بولادة ابنه القائم (علیه السلام)/ ح ١).
(٧٦) الغيبة للطوسي (ص ٢٥١/ ح ٢٢١).
(٧٧) أبو الأديان - كما في ريحانة الأدب (ج ٧/ ص ٨) - هو: عليٌّ البصري من مشاهير الصوفيَّة، تُوفِّي أواخر القرن الثالث الهجري، وكنيته أبو الحسن، وقيل له: (أبا الأديان) لأنَّه كان يناظر في جميع الأديان.
(٧٨) في المصدر: (التستري) بدل (البصري).
(٧٩) في المصدر: (ليلة الجمعة غرَّة شهر رمضان).
(٨٠) في المصدر إضافة: (على جميع خلقه، وأُمُّه صقيل الجارية، ومولده بسُرَّ من رأى في درب الراضة).
(٨١) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٧٤/ ضمن الحديث ٢٥).

↑صفحة ٣١↑

مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْن زَكَريَّا، عَن الثِّقَةِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ الْعَبَّاسُ الْعَلَويُّ وَمَا رَأَيْتُ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْهُ، وَكَانَ خَالَفَنَا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن الْعَلَويِّ(٨٢)، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) بِسُرَّ مَنْ رَأى، فَهَنَّأتُهُ بِسَيِّدِنَا صَاحِبِ الزَّمَان (علیه السلام) لَـمَّا وُلِدَ(٨٣).
[٢٥/٢٥] الغيبة للطوسي: ابْنُ أَبِي جَيِّدٍ، عَن ابْن الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ المُطَهَّريِّ(٨٤)، عَنْ حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الرِّضَا، قَالَتْ: بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام) سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَقَالَ: «يَا عَمَّةُ، اجْعَلِي اللَّيْلَةَ إِفْطَارَكِ عِنْدِي، فَإنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) سَيَسُرُّكِ بِوَلِيِّهِ وَحُجَّتِهِ عَلَى خَلْقِهِ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي»، قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَتَدَاخَلَنِي لِذَلِكَ سُرُورٌ شَدِيدٌ، وَأَخَذْتُ ثِيَابِي عَلَيَّ، وَخَرَجْتُ مِنْ سَاعَتِي حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) وَهُوَ جَالِسٌ فِي صَحْن دَارهِ وَجَوَاريهِ حَوْلَهُ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا سَيِّدِي، الْخَلَفُ مِمَّنْ هُوَ؟ قَالَ: «مِنْ سَوْسَنَ»، فَأَدَرْتُ طَرْفِي فِيهِنَّ، فَلَمْ أَرَ جَاريَةً عَلَيْهَا أَثَرٌ غَيْرَ سَوْسَنَ، قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَلَمَّا أَنْ صَلَّيْتُ المَغْربَ وَالْعِشَاءَ الْآخِرَةَ أَتَيْتُ بِالمَائِدَةِ، فَأَفْطَرْتُ أَنَا وَسَوْسَنُ، وَبَايَتُّهَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، فَغَفَوْتُ غَفْوَةً(٨٥)، ثُمَّ اسْتَيْقَظْتُ، فَلَمْ أَزَلْ مُفَكِّرَةً فِيمَا وَعَدَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام) مِنْ أَمْر وَلِيِّ اللهِ (علیه السلام)، فَقُمْتُ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي كُنْتُ أَقُومُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لِلصَّلَاةِ، فَصَلَّيْتُ صَلَاةَ اللَّيْل حَتَّى بَلَغْتُ إِلَى الْوَتْر، فَوَثَبَتْ سَوْسَنُ فَزعَةً، وَخَرَجَتْ وَأَسْبَغَتِ الْوُضُوءَ، ثُمَّ عَادَتْ فَصَلَّتْ صَلَاةَ اللَّيْل وَبَلَغَتْ إِلَى الْوَتْر، فَوَقَعَ فِي قَلْبِي أَنَّ الْفَجْرَ قَدْ قَرُبَ، فَقُمْتُ لِأَنْظُرَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٨٢) في المصدر: (الحسين بن الحسين العلوي) بدل (الحسن بن الحسين العلوي).
(٨٣) الغيبة للطوسي (ص ٢٢٩/ ح ١٩٥).
(٨٤) في المصدر: (عن أبي عبد الله المطهَّري).
(٨٥) غفا يغفو غفواً: نام، وقيل: نعس، وقيل: نام نومة خفيفة.

↑صفحة ٣٢↑

فَإذَا بِالْفَجْر الْأَوَّلِ قَدْ طَلَعَ، فَتَدَاخَلَ قَلْبِيَ الشَّكُّ(٨٦) مِنْ وَعْدِ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام)، فَنَادَانِي مِنْ حُجْرَتِهِ: «لَا تَشُكِّي، وَكَأَنَّكِ بِالْأَمْر السَّاعَةَ قَدْ رَأَيْتِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ».
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) وَمِمَّا وَقَعَ فِي قَلْبِي، وَرَجَعْتُ إِلَى الْبَيْتِ وَأَنَا خَجِلَةٌ، فَإذَا هِيَ قَدْ قَطَعَتِ الصَّلَاةَ وَخَرَجَتْ فَزعَةً، فَلَقِيتُهَا عَلَى بَابِ الْبَيْتِ، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتِ وَأُمِّي، هَلْ تَحِسِّينَ شَيْئاً؟ قَالَتْ: نَعَمْ يَا عَمَّةُ، إِنِّي لَأَجِدُ أَمْراً شَدِيداً، قُلْتُ: لَا خَوْفَ عَلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَأَخَذْتُ وسَادَةً فَأَلْقَيْتُهَا فِي وَسَطِ الْبَيْتِ وَأَجْلَسْتُهَا عَلَيْهَا وَجَلَسْتُ مِنْهَا حَيْثُ تَقْعُدُ المَرْأَةُ مِنَ المَرْأَةِ لِلْولَادَةِ، فَقَبَضَتْ عَلَى كَفِّي وَغَمَزَتْ غَمْزَةً شَدِيدَةً، ثُمَّ أَنَّتْ أَنَّةً وَتَشَهَّدَتْ، وَنَظَرْتُ تَحْتَهَا فَإِذَا أَنَا بِوَلِيِّ اللهِ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) مُتَلَقِّياً الْأَرْضَ بِمَسَاجِدِهِ، فَأَخَذْتُ بِكَتِفَيْهِ فَأَجْلَسْتُهُ فِي حَجْري، وَإِذَا هُوَ نَظِيفٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ، فَنَادَانِي أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام): «يَا عَمَّةُ، هَلُمِّي فَأتِيني بِابْني»، فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَتَنَاوَلَهُ، وَأَخْرَجَ لِسَانَهُ فَمَسَحَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ فَفَتَحَهَا، ثُمَّ أَدْخَلَهُ فِي فِيهِ فَحَنَّكَهُ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَأَجْلَسَهُ فِي رَاحَتِهِ الْيُسْرَى، فَاسْتَوَى وَلِيُّ اللهِ جَالِساً، فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى رَأسِهِ وَقَالَ لَهُ: «يَا بُنَيَّ، انْطِقْ بِقُدْرَةِ اللهِ»، فَاسْتَعَاذَ وَلِيُّ اللهِ (علیه السلام) مِنَ الشَّيْطَان الرَّجِيمِ، وَاسْتَفْتَحَ: «﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ [القَصص: ٥ و٦]...»، وَصَلَّى عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى أَمِير المُؤْمِنينَ وَالْأَئِمَّةِ (عليهم السلام) وَاحِداً وَاحِداً حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَبِيهِ، فَنَاوَلَنِيهِ أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام) وَقَالَ: «يَا عَمَّةُ، رُدِّيهِ إِلَى أُمِّهِ حَتَّى تَقَرَّ عَيْنُها وَلَا تَحْزَنَ، وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أكْثَرَ النَّاس لَا يَعْلَمُونَ(٨٧)»، فَرَدَدْتُهُ إِلَى أُمِّهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٨٦) فتداخلني الشكُّ (خ).
(٨٧) مقتبس من سورة (القَصص: ١٣).

↑صفحة ٣٣↑

وَقَدِ انْفَجَرَ الْفَجْرُ الثَّانِي، فَصَلَّيْتُ الْفَريضَةَ وَعَقَّبْتُ إِلَى أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ وَدَّعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ (علیه السلام) وَانْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزلِي، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ اشْتَقْتُ إِلَى وَلِيِّ اللهِ، فَصِرْتُ إِلَيْهِمْ، فَبَدَأتُ بِالْحُجْرَةِ الَّتِي كَانَتْ سَوْسَنُ فِيهَا، فَلَمْ أَرَ أثَراً وَلَا سَمِعْتُ ذِكْراً، فَكَرهْتُ أَنْ أَسْأَلَ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام)، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَبْدَأَهُ بِالسُّؤَالِ فَبَدَأَنِي، فَقَالَ: «يَا عَمَّةُ، فِي كَنَفِ اللهِ وَحِرْزِهِ وَسَتْرهِ وَعَيْنهِ(٨٨) حَتَّى يَأذَنَ اللهُ لَهُ، فَإذَا غَيَّبَ اللهُ شَخْصِي وَتَوَفَّانِي وَرَأَيْتِ شِيعَتِي قَدِ اخْتَلَفُوا فَأَخْبِري الثِّقَاتَ مِنْهُمْ، وَلْيَكُنْ عِنْدَكِ وَعِنْدَهُمْ مَكْتُوماً، فَإنَّ وَلِيَّ اللهِ يُغَيِّبُهُ اللهُ عَنْ خَلْقِهِ وَيَحْجُبُهُ عَنْ عِبَادِهِ، فَلَا يَرَاهُ أَحَدٌ حَتَّى يُقَدِّمَ لَهُ جَبْرَئِيلُ (علیه السلام) فَرَسَهُ، ﴿لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً﴾ [الأنفال: ٤٢]»(٨٩).
[٢٦/٢٦] الغيبة للطوسي: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْن سَمِيع بْن بُنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ بْن أَبِي الدَّاريِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْن رُوح الْأَهْوَازِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حَكِيمَةَ بِمِثْل مَعْنَى الْحَدِيثِ الأوَّلِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَالَتْ: بَعَثَ إِلَيَّ أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام) لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَهْر رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، قَالَتْ: وَقُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ، مَنْ أُمُّهُ؟ قَالَ: «نَرْجِسُ»، قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّالِثِ اشْتَدَّ شَوْقِي إِلَى وَلِيِّ اللهِ، فَأَتَيْتُهُمْ عَائِدَةً، فَبَدَأتُ بِالْحُجْرَةِ الَّتِي فِيهَا الْجَاريَةُ، فَإذَا أَنَا بِهَا جَالِسَةً فِي مَجْلِس المَرْأَةِ النُّفَسَاءِ وَعَلَيْهَا أَثْوَابٌ صُفْرٌ وَهِيَ مُعَصَّبَةُ الرَّأس، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا، وَالْتَفَتُّ إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ وَإِذَا بِمَهْدٍ عَلَيْهِ أَثْوَابٌ خُضْرٌ، فَعَدَلْتُ إِلَى المَهْدِ وَرَفَعْتُ عَنْهُ الْأَثْوَابَ، فَإذَا أَنَا بِوَلِيِّ اللهِ نَائِمٌ عَلَى قَفَاهُ غَيْرَ مَحْزُوم وَلَا مَقْمُوطٍ، فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ وَجَعَلَ يَضْحَكُ وَيُنَاجِيني بِإصْبَعِهِ، فَتَنَاوَلْتُهُ وَأَدْنَيْتُهُ إِلَى فَمِي لِأُقَبِّلَهُ، فَشَمَمْتُ مِنْهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٨٨) في المصدر: (وغيبه) بدل (وعينه).
(٨٩) الغيبة للطوسي (ص ٢٣٤/ ح ٢٠٤).

↑صفحة ٣٤↑

رَائِحَةً مَا شَمَمْتُ قَطُّ أَطْيَبَ مِنْهَا، وَنَادَانِي أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام): «يَا عَمَّتِي، هَلُمِّي فَتَايَ إِلَيَّ»، فَتَنَاوَلَهُ، وَقَالَ: «يَا بُنَيَّ، انْطِقْ» ...، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
قَالَتْ: ثُمَّ تَنَاوَلَهُ مِنْهُ وَهُوَ يَقُولُ: «يَا بُنَيَّ، أَسْتَوْدِعُكَ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ أُمُّ مُوسَى! كُنْ فِي دَعَةِ اللهِ وَسَتْرهِ وَكَنَفِهِ وَجِوَارهِ»، وَقَالَ: «رُدِّيهِ إِلَى أُمِّهِ يَا عَمَّةُ، وَاكْتُمِي خَبَرَ هَذَا المَوْلُودِ عَلَيْنَا، وَلَا تُخْبِري بِهِ أَحَداً حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ»، فَأَتَيْتُ أُمَّهُ وَوَدَّعْتُهُمْ...، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرهِ(٩٠).
بيان: حزمه يحزمه: شدَّه.
[٢٧/٢٧] الغيبة للطوسي: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَنْ حَنْظَلَةَ ابْن زَكَريَّا، قَالَ: حَدَّثَنِي الثِّقَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ بْن بِلَالٍ، عَنْ حَكِيمَةَ بِمِثْل ذَلِكَ(٩١).
وَفِي روَايَةٍ أُخْرَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الشُّيُوخ أَنَّ حَكِيمَةَ حَدَّثَتْ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَذَكَرَتْ أَنَّهُ كَانَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَأَنَّ أُمَّهُ نَرْجِسُ...، وَسَاقَتِ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهَا: فَإذَا أَنَا بِحِسِّ سَيِّدِي وَبصَوْتِ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) وَهُوَ يَقُولُ: «يَا عَمَّتِي، هَاتِي ابْنِي إِلَيَّ»، فَكَشَفْتُ عَنْ سَيِّدِي، فَإذَا هُوَ سَاجِدٌ مُتَلَقِّياً الأرْضَ بِمَسَاجِدِهِ وَعَلَى ذِرَاعِهِ الْأَيْمَن مَكْتُوبٌ: ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾ [الإسراء: ٨١]، فَضَمَمْتُهُ إِلَيَّ، فَوَجَدْتُهُ مَفْرُوغاً مِنْهُ، فَلَفَفْتُهُ فِي ثَوْبٍ وَحَمَلْتُهُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام)...، وَذَكَرُوا الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَأَنَّ عَلِيًّا أَمِيرُ المُؤْمِنينَ حَقًّا...»، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَعُدُّ السَّادَةَ الْأَوْصِيَاءَ إِلَى أَنْ بَلَغَ إِلَى نَفْسِهِ، وَدَعَا لِأَوْلِيَائِهِ بِالْفَرَج عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ أحْجَمَ. وَقَالَتْ: ثُمَّ رُفِعَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي مُحَمَّدٍ كَالْحِجَابِ، فَلَمْ أَرَ سَيِّدِي، فَقُلْتُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٩٠) الغيبة للطوسي (ص ٢٣٨/ ح ٢٠٦).
(٩١) الغيبة للطوسي (ص ٢٣٨/ ذيل الحديث ٢٠٦).

↑صفحة ٣٥↑

يَا سَيِّدِي، أَيْنَ مَوْلَايَ؟ فَقَالَ: «أَخَذَهُ مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْكِ وَمِنَّا» ...، ثُمَّ ذَكَرُوا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ وَزَادُوا فِيهِ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً دَخَلْتُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام)، فَإِذَا مَوْلَانَا الصَّاحِبُ يَمْشِي فِي الدَّار، فَلَمْ أَرَ وَجْهاً أَحْسَنَ مِنْ وَجْهِهِ، وَلَا لُغَةً أَفْصَحَ مِنْ لُغَتِهِ، فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: «هَذَا المَوْلُودُ الْكَريمُ عَلَى اللهِ (عزَّ وجلَّ)»، فَقُلْتُ: سَيِّدِي، أَرَى مِنْ أَمْرهِ مَا أَرَى وَلَهُ أرْبَعُونَ يَوْماً؟!، فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: «يَا عَمَّتِي، أَمَا عَلِمْتِ أَنَّا مَعَاشِرَ الْأَئِمَّةِ نَنْشَأُ فِي الْيَوْم مَا يَنْشَأُ غَيْرُنَا فِي السَّنَةِ؟»، فَقُمْتُ فَقَبَّلْتُ رَأسَهُ وَانْصَرَفْتُ، ثُمَّ عُدْتُ وَتَفَقَّدْتُهُ فَلَمْ أَرَهُ، فَقُلْتُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام): مَا فَعَلَ مَوْلَانَا؟ فَقَالَ: «يَا عَمَّةُ، اسْتَوْدَعْنَاهُ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْ أُمُّ مُوسَى»(٩٢).
[٢٨/٢٨] الغيبة للطوسي: أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَنْ حَنْظَلَةَ ابْن زَكَريَّا، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ بِلَالِ بْن دَاوُدَ الْكَاتِبِ، وَكَانَ عَامِّيًّا بِمَحَلٍّ مِنَ النَّصْبِ لِأَهْل الْبَيْتِ (عليهم السلام) يُظْهِرُ ذَلِكَ وَلَا يَكْتُمُهُ، وَكَانَ صَدِيقاً لِي يُظْهِرُ مَوَدَّةً بِمَا فِيهِ مِنْ طَبْع أَهْل الْعِرَاقِ، فَيَقُولُ كُلَّمَا لَقِيَنِي: لَكَ عِنْدِي خَبَرٌ تَفْرَحُ بِهِ وَلَا أُخْبِرُكَ بِهِ، فَأَتَغَافَلُ عَنْهُ إِلَى أَنْ جَمَعَنِي وَإِيَّاهُ مَوْضِعُ خَلْوَةٍ فَاسْتَقْصَيْتُ عَنْهُ وَسَأَلْتُهُ أَنْ يُخْبِرَني بِهِ، فَقَالَ: كَانَتْ دُورُنَا بِسُرَّ مَنْ رَأى مُقَابِلَ دَار ابْن الرِّضَا - يَعْنِي أَبَا مُحَمَّدٍ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (علیه السلام) -، فَغِبْتُ عَنْهَا دَهْراً طَويلاً إِلَى قَزْوينَ وَغَيْرهَا، ثُمَّ قَضَى لِيَ الرُّجُوعُ إِلَيْهَا، فَلَمَّا وَافَيْتُهَا وَقَدْ كُنْتُ فَقَدْتُ جَمِيعَ مَنْ خَلَّفْتُهُ مِنْ أَهْلِي وَقَرَابَاتِي إِلَّا عَجُوزاً كَانَتْ رَبَّتْنِي وَلَهَا بِنْتٌ مَعَهَا، وَكَانَتْ مِنْ طَبْعِ الْأُوَلِ مَسْتُورَةً صَائِنَةً لَا تُحْسِنُ الْكَذِبَ، وَكَذَلِكَ مُوَالِيَاتٌ لَنَا بَقِينَ فِي الدَّار، فَأَقَمْتُ عِنْدَهُمْ أَيَّاماً، ثُمَّ عَزَمْتُ [عَلَى](٩٣) الْخُرُوج، فَقَالَتِ الْعَجُوزُ: كَيْفَ تَسْتَعْجِلُ الْاِنْصِرَافَ وَقَدْ غِبْتَ زَمَاناً؟ فَأَقِمْ عِنْدَنَا لِنَفْرَحَ بِمَكَانِكَ، فَقُلْتُ لَهَا عَلَى جِهَةِ الْهُزْءِ: أُريدُ أَنْ أَصِيرَ إِلَى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٩٢) الغيبة للطوسي (ص ٢٣٩/ ح ٢٠٧).
(٩٣) كلمة: (على) ليست في المصدر.

↑صفحة ٣٦↑

كَرْبَلَاءَ، وَكَانَ النَّاسُ لِلْخُرُوج فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ أَوْ لِيَوْم عَرَفَةَ، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، أُعِيذُكَ بِاللهِ أَنْ تستهيني بما [تَسْتَهِينَ مَا] ذَكَرْتَ، أَوْ تَقُولَهُ عَلَى وَجْهِ الْهُزْءِ، فَإنِّي أُحَدِّثُكَ بِمَا رَأَيْتُهُ، يَعْنِي بَعْدَ خُرُوجِكَ مِنْ عِنْدَنَا بِسَنَتَيْن.
كُنْتُ فِي هَذَا الْبَيْتِ نَائِمَةً بِالْقُرْبِ مِنَ الدِّهْلِيز، وَمَعِيَ ابْنَتِي، وَأَنَا بَيْنَ النَّائِمَةِ وَالْيَقْظَانَةِ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، نَظِيفُ الثِّيَابِ، طَيِّبُ الرَّائِحَةِ، فَقَالَ: يَا فُلَانَةُ، يَجِيئُكِ السَّاعَةَ مَنْ يَدْعُوكِ فِي الْجِيرَان، فَلَا تَمْتَنِعِي مِنَ الذَّهَابِ مَعَهُ وَلَا تَخَافِي، فَفَزعْتُ، وَنَادَيْتُ ابْنَتِي وَقُلْتُ لَهَا: هَلْ شَعَرْتِ بِأَحَدٍ دَخَلَ الْبَيْتَ؟ فَقَالَتْ: لَا، فَذَكَرْتُ اللهَ وَقَرَأتُ وَنمْتُ، فَجَاءَ الرَّجُلُ بِعَيْنِهِ وَقَالَ لِي مِثْلَ قَوْلِهِ، فَفَزعْتُ وَصِحْتُ بِابْنَتِي، فَقَالَتْ: لَمْ يَدْخُل الْبَيْتَ، فَاذْكُري اللهَ وَلَا تَفْزَعِي، فَقَرَأتُ وَنمْتُ، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ جَاءَ الرَّجُلُ وَقَالَ: يَا فُلَانَةُ، قَدْ جَاءَكِ مَنْ يَدْعُوكِ وَيَقْرَعُ الْبَابَ، فَاذْهَبِي مَعَهُ، وَسَمِعْتُ دَقَّ الْبَابِ، فَقُمْتُ وَرَاءَ الْبَابِ وَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: افْتَحِي وَلَا تَخَافِي، فَعَرَفْتُ كَلَامَهُ وَفَتَحْتُ الْبَابَ، فَإذَا خَادِمٌ مَعَهُ إِزَارٌ، فَقَالَ: يَحْتَاجُ إِلَيْكِ بَعْضُ الْجِيرَان لِحَاجَةٍ مُهِمَّةٍ فَادْخُلِي، وَلَفَّ رَأسِي بِالمُلَاءَةِ وَأَدْخَلَنِي الدَّارَ وَأَنَا أَعْرفُهَا، فَإذَا بِشِقَاقٍ مَشْدُودَةٍ وَسَطَ الدَّار وَرَجُلٌ قَاعِدٌ بِجَنْبِ الشِّقَاقِ، فَرَفَعَ الْخَادِمُ طَرَفَهُ، فَدَخَلْتُ وَإِذَا امْرَأَةٌ قَدْ أَخَذَهَا الطَّلْقُ وَامْرَأَةٌ قَاعِدَةٌ خَلْفَهَا كَأَنَّهَا تَقْبَلُهَا، فَقَالَتِ المَرْأَةُ: تُعِينُنَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، فَعَالَجْتُهَا بِمَا يُعَالَجُ بِهِ مِثْلُهَا، فَمَا كَانَ إِلَّا قَلِيلاً حَتَّى سَقَطَ غُلَامٌ، فَأَخَذْتُهُ عَلَى كَفِّي وَصِحْتُ غُلَامٌ غُلَامٌ، وَأَخْرَجْتُ رَأسِي مِنْ طَرَفِ الشِّقَاقِ أُبَشِّرُ الرَّجُلَ الْقَاعِدَ، فَقِيلَ لِي: لَا تَصِيحِي، فَلَمَّا رَدَدْتُ وَجْهِي إِلَى الْغُلَام قَدْ كُنْتُ فَقَدْتُهُ مِنْ كَفِّي، فَقَالَتْ لِيَ المَرْأَةُ الْقَاعِدَةُ: لَا تَصِيحِي، وَأَخَذَ الْخَادِمُ بِيَدِي وَلَفَّ رَأسِي بِالمُلَاءَةِ وَأَخْرَجَنِي مِنَ الدَّار وَرَدَّنِي إِلَى دَاري وَنَاوَلَنِي صُرَّةً، وَقَالَ لِي: لَا تُخْبِري بِمَا رَأَيْتِ أَحَداً.

↑صفحة ٣٧↑

فَدَخَلْتُ الدَّارَ وَرَجَعْتُ إِلَى فِرَاشِي فِي هَذَا الْبَيْتِ وَابْنَتِي نَائِمَةٌ بَعْدُ، فَأَنْبَهْتُهَا وَسَأَلْتُهَا: هَلْ عَلِمْتِ بِخُرُوجِي وَرُجُوعِي؟ فَقَالَتْ: لَا، وَفَتَحْتُ الصُّرَّةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِذَا فِيهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ عَدَداً، وَمَا أَخْبَرْتُ بِهَذَا أَحَداً إِلَّا فِي هَذَا الْوَقْتِ لَـمَّا تَكَلَّمْتَ بِهَذَا الْكَلَام عَلَى حَدِّ الْهُزْءِ، فَحَدَّثْتُكَ إِشْفَاقاً عَلَيْكَ، فَإنَّ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْم عِنْدَ اللهِ (عزَّ وجلَّ) شَأناً وَمَنْزلَةً، وَكُلُّ مَا يَدَّعُونَهُ حَتَّى [حَقٌّ]، قَالَ: فَعَجِبْتُ مِنْ قَوْلِهَا وَصَرَفْتُهُ إِلَى السُّخْريَّةِ وَالْهُزْءِ، وَلَمْ أَسْأَلْهَا عَن الْوَقْتِ، غَيْرَ أَنِّي أَعْلَمُ يَقِيناً أَنِّي غِبْتُ عَنْهُمْ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، وَرَجَعْتُ إِلَى سُرَّ مَنْ رَأى فِي وَقْتٍ أَخْبَرَتْنِي الْعَجُوزُ بهَذَا الْخَبَر فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْن فِي وزَارَةِ عُبَيْدِ اللهِ بْن سُلَيْمَانَ لَـمَّا قَصَدْتُهُ.
قَالَ حَنْظَلَةُ: فَدَعَوْتُ بِأَبِي الْفَرَج المُظَفَّر بْن أَحْمَدَ حَتَّى سَمِعَ مَعِي(٩٤) هَذَا الْخَبَرَ(٩٥).
بيان: قوله: (من طبع الأُوَل): أي كانت من طبع الخلق الأُوَل هكذا، أي كان مطبوعاً على تلك الخصال في أوَّل عمره. والشقاق جمع الشقَّة بالكسر، وهي من الثوب ما شُقَّ مستطيلاً.
[٢٩/٢٩] الغيبة للطوسي: رُويَ أنَّ بَعْضَ أَخَوَاتِ أَبِي الْحَسَن (علیه السلام) كَانَتْ لَهَا جَاريَةٌ رَبَّتْهَا تُسَمَّى: نَرْجِسَ، فَلَمَّا كَبِرَتْ دَخَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام) فَنَظَرَ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: أَرَاكَ يَا سَيِّدِي تَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَقَالَ: «إِنِّي مَا نَظَرْتُ إِلَيْهَا إِلَّا مُتَعَجِّباً، أَمَا إِنَّ المَوْلُودَ الْكَريمَ عَلَى اللهِ يَكُونُ مِنْهَا»، ثُمَّ أَمَرَهَا أَنْ تَسْتَأذِنَ أَبَا الْحَسَن (علیه السلام) فِي دَفْعِهَا إِلَيْهِ، فَفَعَلَتْ، فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ(٩٦).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٩٤) في المصدر إضافة: (منه).
(٩٥) الغيبة للطوسي (ص ٢٤٠/ ح ٢٠٨).
(٩٦) الغيبة للطوسي (ص ٢٤٤/ ح ٢١٠).

↑صفحة ٣٨↑

[٣٠/٣٠] الغيبة للطوسي: رَوَى عَلَّانٌ بِإسْنَادِهِ أنَّ السَّيِّدَ (علیه السلام) وُلِدَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ مُضِيِّ أَبِي الْحَسَن (علیه السلام) بِسَنَتَيْن(٩٧).
[٣١/٣١] الغيبة للطوسي: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّلْمَغَانِيُّ فِي كِتَابِ الْأَوْصِيَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ نَصْرٍ غُلَامُ أَبِي الْحَسَن (علیه السلام)، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَـمَّا وُلِدَ السَّيِّدُ (علیه السلام) تَبَاشَرَ أَهْلُ الدَّار بِذَلِكَ، فَلَمَّا نَشَأَ خَرَجَ إِلَيَّ الْأَمْرُ أَنْ أَبْتَاعَ فِي كُلِّ يَوْم مَعَ اللَّحْم قَصَبَ مُخٍّ، وَقِيلَ: «إِنَّ هَذَا لِمَوْلَانَا الصَّغِير (علیه السلام)»(٩٨).
[٣٢/٣٢] الغيبة للطوسي: الشَّلْمَغَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الثِّقَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ابْن إِدْريسَ، قَالَ: وَجَّهَ إِلَيَّ مَوْلَايَ أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام) بِكَبْشٍ، وَقَالَ: «عُقَّهُ عَن ابْنِي فُلَانٍ، وَكُلْ وَأَطْعِمْ أَهْلَكَ»، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ لَقِيتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ لِي: «المَوْلُودُ الَّذِي وُلِدَ لِي مَاتَ»، ثُمَّ وَجَّهَ إِلَيَّ بِكَبْشَيْن وَكَتَبَ: «بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيمِ، عُقَّ هَذَيْن الْكَبْشَيْن عَنْ مَوْلَاكَ، وَكُلْ هَنَّأَكَ اللهُ وَأَطْعِمْ إِخْوَانَكَ»، فَفَعَلْتُ، وَلَقِيتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَمَا ذَكَرَ لِي شَيْئاً(٩٩).
[٣٣/٣٣] الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ وَالْحِمْيَريِّ مَعاً، عَن ابْن أَبِي الْخَطَّابِ وَمُحَمَّدِ بْن عِيسَى وَعَبْدِ اللهِ بْن عَامِرٍ جَمِيعاً، عَن ابْن أَبِي نَجْرَانَ، عَن الْخَشَّابِ، عَنْ مَعْرُوفِ بْن خَرَّبوذَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إِنَّمَا مَثَلُ أَهْل بَيْتِي فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَثَل نُجُوم السَّمَاءِ كُلَّمَا غَابَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ حَتَّى إِذَا مَدَدْتُمْ إِلَيْهِ حَوَاجِبَكُمْ وَأَشَرْتُمْ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِع جَاءَ مَلَكُ المَوْتِ فَذَهَبَ بِهِ، ثُمَّ بَقِيتُمْ سَبْتاً مِنْ دَهْركُمْ لَا تَدْرُونَ أَيًّا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٩٧) الغيبة للطوسي (ص ٢٤٥/ ح ٢١٢).
(٩٨) الغيبة للطوسي (ص ٢٤٥/ ح ٢١٣).
(٩٩) الغيبة للطوسي (ص ٢٤٥/ ح ٢١٤).

↑صفحة ٣٩↑

مِنْ أَيٍّ وَاسْتَوَى فِي ذَلِكَ بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَبَيْنَمَا أَنْتُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَطْلَعَ اللهُ نَجْمَكُمْ، فَاحْمَدُوهُ وَاقْبَلُوهُ»(١٠٠).
بيان: ليس المراد ذهاب مَلَك الموت به (علیه السلام) بقبض روحه، بل كان مع روح القُدُس عندما غاب به.
[٣٤/٣٤] كتاب النجوم: ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِ الْأَوْصِيَاءِ، وَهُوَ كِتَابٌ مُعْتَمَدٌ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ الصَّيْمَريُّ، وَمُؤَلِّفُهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن زِيَادٍ الصَّيْمَريُّ، وَكَانَتْ لَهُ مُكَاتَبَاتٌ إِلَى الْهَادِي وَالْعَسْكَريِّ (علیهما السلام) وَجَوَابُهَا إِلَيْهِ، وَهُوَ ثِقَةٌ مُعْتَمَدٌ عَلَيْهِ، فَقَالَ مَا هَذَا لَفْظُهُ:
وَحَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْقُمِّيُّ ابْنُ أَخِي أَحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ بْن مَصْقَلَةَ أَنَّهُ كَانَ بِقُمَّ مُنَجِّمٌ يَهُودِيٌّ مَوْصُوفٌ بِالْحِذْقِ بِالْحِسَابِ، فَأَحْضَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَقَالَ لَهُ: قَدْ وُلِدَ مَوْلُودٌ فِي وَقْتِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذِ الطَّالِعَ وَاعْمَلْ لَهُ مِيلَاداً، قَالَ: فَأَخَذَ الطَّالِعَ وَنَظَرَ فِيهِ وَعَمِلَ عَمَلاً لَهُ، وَقَالَ لِأَحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ: لَسْتُ أَرَى النُّجُومَ تَدُلُّنِي فِيمَا يُوجِبُهُ الْحِسَابُ أَنَّ هَذَا المَوْلُودَ لَكَ، وَلَا يَكُونُ مِثْلُ هَذَا المَوْلُودِ إِلَّا نَبِيًّا أوْ وَصِيَّ نَبِيٍّ، وَإِنَّ النَّظَرَ لَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ الدُّنْيَا شَرْقاً وَغَرْباً وَبَرًّا وَبَحْراً وَسَهْلاً وَجَبَلاً حَتَّى لَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْض أَحَدٌ إِلَّا دَانَ بِدِينهِ وَقَالَ بِوَلَايَتِهِ(١٠١).
[٣٥/٣٥] كشف الغمَّة: قَالَ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّين بْنُ طَلْحَةَ: مَوْلِدُ الْحُجَّةِ ابْن الْحَسَن (علیهما السلام) بِسُرَّ مَنْ رَأى فِي ثَالِثٍ وَعِشْرينَ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، وَأَبُوهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ تُسَمَّى: صَقِيلَ، وَقِيلَ: حَكِيمَةَ، وَقِيلَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْقَاسِم، وَلَقَبُهُ الْحُجَّةُ وَالْخَلَفُ الصَّالِحُ، وَقِيلَ: المُنْتَظَرُ(١٠٢).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٠٠) الغيبة للنعماني (ص ١٥٥)، وفيه: (عليكم نجمكم فاحمدوه وأقيلوه).
(١٠١) فرج المهموم (ص ٣٦).
(١٠٢) كشف الغمَّة (ج ٣/ ص ٣٤٧/ باب ذكر الإمام الثاني عشر (علیه السلام)).

↑صفحة ٤٠↑

[٣٦/٣٦] الإرشاد: كَانَ مَوْلِدُهُ (علیه السلام) لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ يُقَالُ لَهَا: نَرْجِسُ، وَكَانَ سِنُّهُ عِنْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ خَمْسُ سِنِينَ، آتَاهُ اللهُ فِيهِ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ وَجَعَلَهُ آيَةً لِلْعالَمِينَ وَآتَاهُ الْحِكْمَةَ كَمَا آتَاهُ يَحْيَى صَبِيًّا، وَجَعَلَهُ إِمَاماً كَمَا جَعَلَ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ فِي المَهْدِ نَبِيًّا، وَلَهُ قَبْلَ قِيَامِهِ غَيْبَتَان إِحْدَاهُمَا أَطْوَلُ مِنَ الْأُخْرَى جَاءَتْ بِذَلِكَ الْأَخْبَارُ، فَأَمَّا الْقُصْرَى مِنْهَا فَمُنْذُ وَقْتِ مَوْلِدِهِ إِلَى انْقِطَاع السِّفَارَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شِيعَتِهِ وَعَدَم السُّفَرَاءِ بِالْوَفَاةِ، وَأَمَّا الطُّولَى فَهِيَ بَعْدَ الْأُولَى وَفِي آخِرهَا يَقُومُ بِالسَّيْفِ(١٠٣).
[٣٧/٣٧] كشف الغمَّة: قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ: حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِم طَاهِرُ بْنُ هَارُونَ بْن مُوسَى الْعَلَويُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ سَيِّدِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: «الْخَلَفُ الصَّالِحُ مِنْ وُلْدِي، وَهُوَ المَهْدِيُّ، اسْمُهُ (م ح م د)، وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْقَاسِم، يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان، يُقَالُ لِأُمِّهِ: صَقِيلُ»، قَالَ لَنَا أَبُو بَكْرٍ الدَّارعُ(١٠٤): وَفِي روَايَةٍ أُخْرَى: بَلْ أُمُّهُ حَكِيمَةُ، وَفِي روَايَةٍ ثَالِثَةٍ: يُقَالُ لَهَا: نَرْجِسُ، وَيُقَالُ: بَلْ سَوْسَنُ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ.
وَيُكَنَّى بِأبِي الْقَاسِم، وَهُوَ ذُو الْاِسْمَيْن: خَلَفٍ وَمُحَمَّدٍ، يَظْهَرُ فِي آخِر الزَّمَان وَعَلَى رَأسِهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ مِنَ الشَّمْس تَدُورُ مَعَهُ حَيْثُمَا دَارَ، تُنَادِي بِصَوْتٍ فَصِيح: هَذَا المَهْدِيُّ.
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الطُّوسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مِسْكِينٍ، عَنْ بَعْض أَصْحَابِ التَّاريخ أَنَّ أُمَّ المُنْتَظَر يُقَالُ لَهَا: حَكِيمَةُ(١٠٥).
أقول: سيأتي بعض الأخبار في (باب من رآه)(١٠٦).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٠٣) الإرشاد للمفيد (ج ٢/ ص ٣٣٩).
(١٠٤) في المصدر: (الذارع) بدل (الدارع).
(١٠٥) كشف الغمَّة (ج ٢/ ص ٤٧٥/ باب في ما روي في أمر المهدي (علیه السلام)).
(١٠٦) (باب ١٨/ ص ٥٨٩).

↑صفحة ٤١↑

وقال ابن خلِّكان في تاريخه: هو ثاني عشر الأئمَّة الاثنا عشر على اعتقاد الإماميَّة المعروف بالحجَّة، وهو الذي تزعم الشيعة أنَّه المنتظر والقائم والمهدي، وهو صاحب السرداب عندهم، وأقاويلهم فيه كثيرة، وهم ينتظرون ظهوره في آخر الزمان من السرداب بسُرَّ من رأى، كانت ولادته يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين، ولـمَّا تُوفِّي أبوه كان عمره خمس سنين، واسم أُمِّه خمط، وقيل: نرجس، والشيعة يقولون: إنَّه دخل السرداب في دار أبيه وأُمُّه تنظر إليه، فلم يعد يخرج إليها، وذلك في سنة خمس وستِّين ومأتين، [وعمره يومئذٍ تسع سنين، وذكر ابن الأزرق في تاريخ ميافارقين أنَّ الحجَّة المذكور وُلِدَ تاسع شهر ربيع الأوَّل سنة ثمان وخمسين ومأتين](١٠٧)، وقيل: في ثامن شعبان سنة ستٍّ وخمسين، وهو الأصحُّ، وإنَّه لـمَّا دخل السرداب كان عمره أربع سنين، وقيل: خمس سنين، وقيل: إنَّه دخل السرداب سنة خمس وسبعين ومأتين وعمره [سبع] عشر سنة، والله أعلم(١٠٨).
أقول: رَأَيْتُ فِي بَعْض مُؤَلَّفَاتِ أَصْحَابِنَا(١٠٩) روَايَةً هَذِهِ صُورَتُهَا، قَالَ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ مُسْلِم، عَنْ سَعْدَانَ الْبَصْريِّ وَمُحَمَّدِ بْن أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيِّ وَأَحْمَدَ ابْن إِسْحَاقَ وَسَهْل بْن زِيَادٍ الْآدَمِيِّ وَعَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ عِدَّةٍ مِنَ المَشَايِخ وَالثِّقَاتِ، عَنْ سَيِّدَيْنَا أَبِي الْحَسَن وَأَبِي مُحَمَّدٍ (علیهما السلام)، قَالَا: «إِنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ الْإمَامَ أَنْزَلَ قَطْرَةً مِنْ مَاءِ الْجَنَّةِ فِي المُزْن، فَتَسْقُطُ فِي ثَمَرَةٍ مِنْ ثِمَار الْجَنَّةِ، فَيَأكُلُهَا الْحُجَّةُ فِي الزَّمَان (علیه السلام)، فَإِذَا اسْتَقَرَّتْ فِيهِ فَيَمْضِي لَهُ أَرْبَعُونَ يَوْماً سَمِعَ الصَّوْتَ، فَإِذَا آنَتْ لَهُ أَرْبَعَةُ أشْهُرٍ وَقَدْ حُمِلَ كُتِبَ عَلَى عَضُدِهِ الْأَيْمَن: ﴿وَتَمَّتْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٠٧) ما بين المعقوفتين من المصدر، وكذا ما يأتي.
(١٠٨) وفيات الأعيان (ج ٤/ ص ١٧٦/ الرقم ٥٦٢).
(١٠٩) لم نتحقَّق اسم المصدر.

↑صفحة ٤٢↑

كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الأنعام: ١١٥]، فَإِذَا وُلِدَ قَامَ بِأَمْر اللهِ وَرُفِعَ لَهُ عَمُودٌ مِنْ نُورٍ فِي كُلِّ مَكَانٍ يَنْظُرُ فِيهِ إِلَى الْخَلَائِقِ وَأَعْمَالِهِمْ، وَيَنْزلُ أَمْرُ اللهِ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْعَمُودِ وَالْعَمُودُ نُصْبُ عَيْنهِ حَيْثُ تَوَلَّى وَنَظَرَ».
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام): «دَخَلْتُ عَلَى عَمَّاتِي، فَرَأَيْتُ جَاريَةً مِنْ جَوَاريهِنَّ قَدْ زُيِّنَتْ تُسَمَّى: نَرْجِسُ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا نَظَراً أَطَلْتُهُ، فَقَالَتْ لِي عَمَّتِي حَكِيمَةُ: أَرَاكَ يَا سَيِّدِي تَنْظُرُ إِلَى هَذِهِ الْجَاريَةِ نَظَراً شَدِيداً، فَقُلْتُ لَهُ: يَا عَمَّةُ، مَا نَظَري إِلَيْهَا إِلَّا نَظَرَ التَّعَجُّبِ مِمَّا للهِ فِيهِ مِنْ إِرَادَتِهِ وَخِيَرَتِهِ، قَالَتْ لِي: أَحْسَبُكَ يَا سَيِّدِي تُريدُهَا، فَأَمَرْتُهَا أَنْ تَسْتَأذِنَ أَبِي عَلِيِّ بْنَ مُحَمَّدٍ (علیه السلام) فِي تَسْلِيمِهَا إِلَيَّ، فَفَعَلَتْ، فَأَمَرَهَا (علیه السلام) بِذَلِكَ، فَجَاءَتْنِي بِهَا».
قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ: وَحَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ إِلَيْهِ مِنَ المَشَايِخ، عَنْ حَكِيمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الرِّضَا (علیه السلام)، قَالَ: كَانَتْ تَدْخُلُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) فَتَدْعُو لَهُ أَنْ يَرْزُقَهُ اللهُ وَلَداً، وَأَنَّهَا قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ كَمَا أَقُولُ وَدَعَوْتُ كَمَا أَدْعُو.
فَقَالَ: «يَا عَمَّةُ، أَمَا إِنَّ الَّذِي تَدْعِينَ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنِيهِ يُولَدُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ»، وَكَانَتْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْع وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْن، «فَاجْعَلِي إِفْطَارَكِ مَعَنَا»، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، مِمَّنْ يَكُونُ هَذَا الْوَلَدُ الْعَظِيمُ؟ فَقَالَ لِي (علیه السلام): «مِنْ نَرْجِسَ يَا عَمَّةُ».
قَالَ: فَقَالَتْ لَهُ(١١٠): يَا سَيِّدِي، مَا فِي جَوَاريكِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهَا، وَقُمْتُ وَدَخَلْتُ إِلَيْهَا، وَكُنْتُ إِذَا دَخَلْتُ فَعَلَتْ بِي كَمَا تَفْعَلُ، فَانْكَبَبْتُ عَلَى يَدَيْهَا فَقَبَّلْتُهُمَا وَمَنَعْتُهَا مِمَّا كَانَتْ تَفْعَلُهُ، فَخَاطَبَتْنِي بِالسِّيَادَةِ، فَخَاطَبْتُهَا بِمِثْلِهَا، فَقَالَتْ لِي: فَدَيْتُكِ، فَقُلْتُ لَهَا: أَنَا فِدَاكِ وَجَمِيعُ الْعَالَمِينَ، فَأَنْكَرَتْ ذَلِكِ، فَقُلْتُ لَهَا: لَا تُنْكِرينَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١١٠) كذا، والظاهر: (قالت: فقلت له).

↑صفحة ٤٣↑

مَا فَعَلْتُ، فَإنَّ اللهَ سَيَهَبُ لَكِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ غُلَاماً سَيِّداً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهُوَ فَرَجُ المُؤْمِنينَ، فَاسْتَحْيَتْ.
فَتَأَمَّلْتُهَا فَلَمْ أَرَ فِيهَا أَثَرَ الْحَمْل، فَقُلْتُ لِسَيِّدِي أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام): مَا أَرَى بِهَا حَمْلاً، فَتَبَسَّمَ (علیه السلام)، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّا مَعَاشِرَ الْأَوْصِيَاءِ لَسْنَا نُحْمَلُ فِي الْبُطُون وَإِنَّمَا نُحْمَلُ فِي الْجَنْبِ، وَلَا نَخْرُجُ مِنَ الْأَرْحَام وَإِنَّمَا نَخْرُجُ مِنَ الْفَخِذِ الْأَيْمَن مِنْ أُمَّهَاتِنَا، لِأَنَّنَا نُورُ اللهِ الَّذِي لَا تَنَالُهُ الدَّانِسَاتُ»، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي، قَدْ أَخْبَرْتَنِي أَنَّهُ يُولَدُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَفِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْهَا؟ قَالَ لِي: «فِي طُلُوع الْفَجْر يُولَدُ الْكَريمُ عَلَى اللهِ إِنْ شَاءَ اللهُ».
قَالَتْ حَكِيمَةُ: فَأَقَمْتُ، فَأَفْطَرْتُ، وَنمْتُ بِقُرْبٍ مِنْ نَرْجِسَ، وَبَاتَ أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام) فِي صُفَّةٍ فِي تِلْكَ الدَّار الَّتِي نَحْنُ فِيهَا، فَلَمَّا وَرَدَ وَقْتُ صَلَاةِ اللَّيْل قُمْتُ وَنَرْجِسُ نَائِمَةٌ مَا بِهَا أَثَرُ ولَادَةٍ، فَأَخَذْتُ فِي صَلَاتِي ثُمَّ أَوْتَرْتُ فَأَنَا فِي الْوَتْر حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّ الْفَجْرَ قَدْ طَلَعَ وَدَخَلَ قَلْبِي شَيْءٌ، فَصَاحَ أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام) مِنَ الصُّفَّةِ: «لَمْ يَطْلُع الْفَجْرُ يَا عَمَّةُ».
فَأَسْرَعْتُ الصَّلَاةَ، وَتَحَرَّكَتْ نَرْجِسُ، فَدَنَوْتُ مِنْهَا وَضَمَمْتُهَا إِلَيَّ وَسَمَّيْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قُلْتُ لَهَا: هَلْ تَحِسِّينَ بِشَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَوَقَعَ عَلَيَّ سُبَاتٌ لَمْ أَتَمَالَكْ مَعَهُ أَنْ نمْتُ، وَوَقَعَ عَلَى نَرْجِسَ مِثْلُ ذَلِكَ وَنَامَتْ، فَلَمْ أَنْتَبِهْ إِلَّا بِحِسِّ سَيِّدِي المَهْدِيِّ وَصَيْحَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) يَقُولُ: «يَا عَمَّةُ، هَاتِي ابْنِي إِلَيَّ فَقَدْ قَبِلْتُهُ»، فَكَشَفْتُ عَنْ سَيِّدِي (علیه السلام)، فَإذَا أَنَا بِهِ سَاجِداً يَبْلُغُ الْأَرْضَ بِمَسَاجِدِهِ، وَعَلَى ذِرَاعِهِ الْأَيْمَن مَكْتُوبٌ: ﴿جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾ [الإسراء: ٨١]، فَضَمَمْتُهُ إِلَيَّ، فَوَجَدْتُهُ مَفْرُوغاً مِنْهُ، وَلَفَفْتُهُ فِي ثَوْبٍ وَحَمَلْتُهُ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام)، فَأخَذَهُ فَأقْعَدَهُ عَلَى رَاحَتِهِ الْيُسْرَى، وَجَعَلَ رَاحَتَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرهِ، ثُمَّ أَدْخَلَ لِسَانَهُ فِي فِيهِ، وَأَمَرَّ بِيَدِهِ عَلَى ظَهْرهِ وَسَمْعِهِ وَمَفَاصِلِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ».

↑صفحة ٤٤↑

فَقَالَ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، وَأَنَّ عَلِيًّا أَمِيرَ المُؤْمِنينَ وَلِيُّ اللهِ...»، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُعَدِّدُ السَّادَةَ الْأَئِمَّةَ (عليهم السلام) إِلَى أَنْ بَلَغَ إِلَى نَفْسِهِ، وَدَعَا لِأَوْلِيَائِهِ بِالْفَرَج عَلَى يَدِهِ، ثُمَّ أجْحَمَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام): «يَا عَمَّةُ، اذْهَبِي [بِهِ] إِلَى أُمِّهِ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهَا وَأتِينِي بِهِ»، فَمَضَيْتُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَرَدَدْتُهُ، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) كَالْحِجَابِ، فَلَمْ أَرَ سَيِّدِي، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي، أَيْنَ مَوْلَانَا؟ فَقَالَ: «أَخَذَهُ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْكِ، فَإذَا كَانَ الْيَوْمُ السَّابِعُ فَأتِينَا».
فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم السَّابِع جِئْتُ فَسَلَّمْتُ ثُمَّ جَلَسْتُ، فَقَالَ (علیه السلام): «هَلُمِّي ابْنِي»، فَجِئْتُ بِسَيِّدِي وَهُوَ فِي ثِيَابٍ صُفْرٍ، فَفَعَلَ بِهِ كَفِعَالِهِ الْأَوَّلِ، وَجَعَلَ لِسَانَهُ (علیه السلام) فِي فِيهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «تَكَلَّمْ يَا بُنَيَّ»، فَقَالَ (علیه السلام): «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ...»، وَثَنَّى بِالصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَمِير المُؤْمِنينَ وَالْأَئِمَّةِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى أَبِيهِ (علیه السلام)، ثُمَّ قَرَأَ: «﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ [القَصص: ٥ و٦]»، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «اقْرَأ يَا بُنَيَّ مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ»، فَابْتَدَأ بِصُحُفِ آدَمَ فَقَرَأهَا بِالسُّرْيَانِيَّةِ، وَكِتَابِ إِدْريسَ، وَكِتَابِ نُوح، وَكِتَابِ هُودٍ، وَكِتَابِ صَالِح، وَصُحُفِ إِبْرَاهِيمَ، وَتَوْرَاةِ مُوسَى، وَزَبُور دَاوُدَ، وَإِنْجِيل عِيسَى، وَفُرْقَان جَدِّي رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ثُمَّ قَصَّ قِصَصَ الْأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ إِلَى عَهْدِهِ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْماً دَخَلْتُ دَارَ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام)، فَإِذَا مَوْلَانَا صَاحِبُ الزَّمَان يَمْشِي فِي الدَّار، فَلَمْ أَرَ وَجْهاً أَحْسَنَ مِنْ وَجْهِهِ (علیه السلام)، وَلَا لُغَةً أَفْصَحَ مِنْ لُغَتِهِ، فَقَالَ لِي أَبُو مُحَمَّدٍ (علیه السلام): «هَذَا المَوْلُودُ الْكَريمُ عَلَى اللهِ (عزَّ وجلَّ)»، قُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي، لَهُ أَرْبَعُونَ يَوْماً وَأَنَا أَرَى مِنْ أَمْرهِ مَا أَرَى، فَقَالَ (علیه السلام): «يَا عَمَّتِي، أَمَا عَلِمْتِ أَنَّا مَعْشَرَ الْأَوْصِيَاءِ نَنْشَأُ فِي الْيَوْم مَا يَنْشَأُ غَيْرُنَا فِي الْجُمْعَةِ، وَنَنْشَأُ فِي

↑صفحة ٤٥↑

الْجُمْعَةِ مَا يَنْشَأُ غَيْرُنَا فِي السَّنَةِ؟»، فَقُمْتُ فَقَبَّلْتُ رَأَسَهُ فَانْصَرَفْتُ، فَعُدْتُ وَتَفَقَّدْتُهُ فَلَمْ أَرَهُ، فَقُلْتُ لِسَيِّدِي أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام): مَا فَعَلَ مَوْلَانَا؟ فَقَالَ: «يَا عَمَّةُ، اسْتَوْدَعْنَاهُ الَّذِي اسْتَوْدَعَتْهُ أُمُّ مُوسَى (علیه السلام)»، ثُمَّ قَالَ (علیه السلام): «لَـمَّا وَهَبَ لِي رَبِّي مَهْدِيَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَرْسَلَ مَلَكَيْن فَحَمَلَاهُ إِلَى سُرَادِقِ الْعَرْش حَتَّى وَقَفَا [بِهِ] بَيْنَ يَدَي اللهِ (عزَّ وجلَّ)، فَقَالَ لَهُ: مَرْحَباً بِكَ عَبْدِي لِنُصْرَةِ دِيني وَإِظْهَار أَمْري وَمَهْدِيّ عِبَادِي، آلَيْتُ أَنِّي بِكَ آخُذُ وَبِكَ أُعْطِي وَبكَ أَغْفِرُ وَبكَ أُعَذِّبُ، ارْدُدَاهُ أَيُّهَا المَلَكَان رُدَّاهُ رُدَّاهُ عَلَى أبِيهِ رَدًّا رَفِيقاً وَأَبْلِغَاهُ، فَإنَّهُ فِي ضَمَانِي وَكَنَفِي وَبِعَيْني إِلَى أَنْ أُحِقَّ بِهِ الْحَقَّ وَأُزْهِقَ بِهِ الْبَاطِلَ، وَيَكُونَ الدِّينُ لِي وَاصِباً».
ثُمَّ قَالَتْ: لَـمَّا سَقَطَ مِنْ بَطْن أُمِّهِ إِلَى الْأَرْض وُجِدَ جَاثِياً عَلَى رُكْبَتَيْهِ رَافِعاً بِسَبَّابَتَيْهِ، ثُمَّ عَطَسَ فَقَالَ: «الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ عَبْداً دَاخِراً غَيْرَ مُسْتَنْكِفٍ وَلَا مُسْتَكْبِرٍ»، ثُمَّ قَالَ (علیه السلام): «زَعَمَتِ الظَّلَمَةُ أَنَّ حُجَّةَ اللهِ دَاحِضَةٌ، لَوْ أُذِنَ لِي لَزَالَ الشَّكُّ».
وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ صَاحِبِ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) أَنَّهُ قَالَ: وَجَّهَ إِلَيَّ مَوْلَايَ أَبُو الْحَسَن (علیه السلام) بِأَرْبَعَةِ أَكْبُشٍ، وَكَتَبَ إِلَيَّ: «بِسْم اللهِ الرَّحْمن الرَّحِيم، [عُقَّ] هَذِهِ عَن ابْنِي مُحَمَّدٍ المَهْدِيِّ، وَكُلْ هَنَّأَكَ وَأَطْعِمْ مَنْ وَجَدْتَ مِنْ شِيعَتِنَا»(١١١).
أقول: وقال الشهيد (رحمه الله) في الدروس: وُلِدَ (علیه السلام) بسُرَّ من رأى يوم الجمعة ليلاً خامس عشر شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين، وأُمُّه صقيل، وقيل: نرجس، وقيل: مريم بنت زيد العلويَّة(١١٢).
أقول: وعيَّن الشيخ في المصباحين(١١٣) والسيِّد ابن طاوس في كتاب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١١١) لم نعثر على هذا الكتاب.
(١١٢) الدروس الشرعيَّة (ج ٢/ ص ١٦).
(١١٣) مصباح المتهجِّد (ص ٨٤٢)؛ مصباح الكفعمي (ص ٥٢٣).

↑صفحة ٤٦↑

الإقبال(١١٤) وسائر مؤلِّفي كُتُب الدعوات ولادته (علیه السلام) في النصف من شعبان، وقال في الفصول المهمَّة: وُلِدَ (علیه السلام) بسُرَّ من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين(١١٥).
نُقِلَ مِنْ خَطِّ الشَّهِيدِ عَن الصَّادِقِ (علیه السلام) قَالَ: «إِنَّ اللَّيْلَةَ الَّتِي يُولَدُ فِيهَا الْقَائِمُ (علیه السلام) لَا يُولَدُ فِيهَا مَوْلُودٌ إِلَّا كَانَ مُؤْمِناً، وَإِنْ وُلِدَ فِي أَرْض الشِّرْكِ نَقَلَهُ اللهُ إِلَى الْإيمَان بِبَرَكَةِ الْإمَام (علیه السلام)»(١١٦).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١١٤) إقبال الأعمال (ج ٣/ ص ٣٢٧/ فصل ٤٩).
(١١٥) الفصول المهمَّة (ص ٢٨٨).
(١١٦) لم نعثر على خطِّ الشهيد هذا.

↑صفحة ٤٧↑

باب (٢): أسمائه (علیه السلام) وألقابه وكناه وعللها

↑صفحة ٤٩↑

[٣٨/١] علل الشرائع: الدَّقَّاقُ وَابْنُ عِصَام مَعاً، عَن الْكُلَيْنِيِّ، عَن الْقَاسِم بْن الْعَلَاءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْفَزَاريِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ الْعَمِّيِّ، عَن ابْن أَبِي نَجْرَانَ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَن الثُّمَالِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ الْبَاقِرَ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ): يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ، أَلَسْتُمْ كُلُّكُمْ قَائِمِينَ بِالْحَقِّ؟ قَالَ: «بَلَى»، قُلْتُ: فَلِمَ سُمِّيَ الْقَائِمُ قَائِماً؟ قَالَ: «لَـمَّا قُتِلَ جَدِّيَ الْحُسَيْنُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ) ضَجَّتِ المَلاَئِكَةُ إِلَى اللهِ (عزَّ وجلَّ) بِالْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ، وَقَالُوا: إِلَهَنَا وَسَيِّدَنَا، أَتَغْفَلُ عَمَّنْ قَتَلَ صَفْوَتَكَ وَابْنَ صَفْوَتِكَ وَخِيَرَتَكَ مِنْ خَلْقِكَ؟ فَأَوْحَى اللهُ (عزَّ وجلَّ) إِلَيْهِمْ: قَرُّوا مَلَائِكَتِي، فَوَ عِزَّتِي وَجَلَالِي لَأَنْتَقِمَنَّ مِنْهُمْ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ، ثُمَّ كَشَفَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) عَن الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن (علیه السلام) لِلْمَلَائِكَةِ، فَسَرَّتِ المَلَائِكَةُ بِذَلِكَ، فَإذَا أَحَدُهُمْ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَقَالَ اللهُ (عزَّ وجلَّ): بِذَلِكَ الْقَائِمِ أَنْتَقِمُ مِنْهُمْ»(١١٧).
[٣٩/٢] علل الشرائع: أَبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن المُغِيرَةِ، عَنْ سُفْيَانَ بْن عَبْدِ المُؤْمِن الْأَنْصَاريِّ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام) وَأَنَا حَاضِرٌ، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللهُ اقْبِضْ هَذِهِ الْخَمْسَمِائَةِ دِرْهَم فَضَعْهَا فِي مَوَاضِعِهَا فَإنَّهَا زَكَاةُ مَالِي، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ (علیه السلام): «بَلْ خُذْهَا أَنْتَ فَضَعْهَا فِي جِيرَانِكَ وَالْأَيْتَام وَالمَسَاكِين وَفِي إِخْوَانِكَ مِنَ المُسْلِمِينَ، إِنَّمَا يَكُونُ هَذَا إِذَا قَامَ قَائِمُنَا، فَإنَّهُ يَقْسِمُ بِالسَّويَّةِ وَيَعْدِلُ فِي خَلْقِ الرَّحْمَن الْبَرِّ مِنْهُمْ وَالْفَاجِر، فَمَنْ أَطَاعَهُ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَى اللهَ، فَإنَّمَا سُمِّيَ المَهْدِيَّ لِأَنَّهُ يُهْدَى لِأَمْرٍ خَفِيَّ، يَسْتَخْرجُ التَّوْرَاةَ وَسَائِرَ كُتُبِ اللهِ مِنْ غَارٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١١٧) علل الشرائع (ص ١٦٠/ باب ١٢٩/ ح ١).

↑صفحة ٥١↑

بِأَنْطَاكِيَّةَ، فَيَحْكُمُ بَيْنَ أَهْل التَّوْرَاةِ بِالتَّوْرَاةِ، وَبَيْنَ أَهْل الْإنْجِيل بِالْإنْجِيل، وَبَيْنَ أَهْل الزَّبُور بِالزَّبُور، وَبَيْنَ أَهْل الْفُرْقَان بِالْفُرْقَان، وَتُجْمَعُ إِلَيْهِ أَمْوَالُ الدُّنْيَا كُلُّهَا مَا فِي بَطْن الْأَرْض وَظَهْرهَا، فَيَقُولُ لِلنَّاس: تَعَالَوْا إِلَى مَا قَطَعْتُمْ فِيهِ الْأَرْحَامَ، وَسَفَكْتُمْ فِيهِ الدِّمَاءَ، وَرَكِبْتُمْ فِيهِ مَحَارمَ اللهِ، فَيُعْطِي شَيْئاً لَمْ يُعْطِ أَحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ»، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «هُوَ رَجُلٌ مِنِّي، اسْمُهُ كَاسْمِي، يَحْفَظُنِي اللهُ فِيهِ، وَيَعْمَلُ بِسُنَّتِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً وَنُوراً بَعْدَ مَا تَمْتَلِئُ ظُلْماً وَجَوْراً وَسُوءاً»(١١٨).
بيان: قوله (علیه السلام): (إنَّما يكون هذا): أي وجوب رفع الزكاة إلى الإمام. وقوله: (يحكم بين أهل التوراة بالتوراة) لا ينافي ما سيأتي من الأخبار في أنَّه (علیه السلام) لا يقبل من أحد إلَّا الإسلام، لأنَّ هذا محمول على أنَّه يقيم الحجَّة عليهم بكُتُبهم، أو يفعل ذلك في بدو الأمر قبل أنْ يعلو أمره ويتمَّ حجَّته. قوله (علیه السلام): (يحفظني الله فيه): أي يحفظ حقِّي وحرمتي في شأنه فيعينه وينصره، أو يجعله بحيث يعلم الناس حقَّه وحرمته لجدِّه.
[٤٠/٣] معاني الأخبار: سُمِّيَ الْقَائِمُ (علیه السلام) قَائِماً لِأَنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ مَوْتِهِ [مَوْتِ] ذِكْرهِ(١١٩).
[٤١/٤] كمال الدِّين: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ، عَن الصَّقْر بْن دُلَفَ(١٢٠)، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الرِّضَا (علیه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ الْإمَامَ بَعْدِي ابْنِي عَلِيٌّ، أَمْرُهُ أَمْري، وَقَوْلُهُ قَوْلِي، وَطَاعَتُهُ طَاعَتِي، وَالْإمَامَةُ بَعْدَهُ فِي ابْنِهِ الْحَسَن(١٢١)، أَمْرُهُ أَمْرُ أبِيهِ، وَقَوْلُهُ قَوْلُ أَبِيهِ، وَطَاعَتُهُ طَاعَةُ أَبِيهِ» ثُمَّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١١٨) علل الشرائع (ص ١٦١/ باب ١٢٩/ ح ٣).
(١١٩) معاني الأخبار (ص ٦٥/ باب معاني أسماء محمّد وعليٍّ وفاطمة (علیهم السلام)/ ح ١٧).
(١٢٠) في المصدر: (ابن أبي دلف).
(١٢١) في المصدر: (والإمام بعده ابنه الحسن).

↑صفحة ٥٢↑

سَكَتَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ، فَمَن الْإمَامُ بَعْدَ الْحَسَن؟ فَبَكَى (علیه السلام) بُكَاءً شَدِيداً، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ مِنْ بَعْدِ الْحَسَن ابْنَهُ الْقَائِمَ بِالْحَقِّ المُنْتَظَرَ»، فَقُلْتُ لَهُ: يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ، وَلِـمَ سُمِّيَ الْقَائِمَ؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ مَوْتِ ذِكْرهِ وَارْتِدَادِ أَكْثَر الْقَائِلِينَ بِإمَامَتِهِ»، فَقُلْتُ لَهُ: وَلِـمَ سُمِّيَ المُنْتَظَرَ؟ قَالَ: «لِأَنَّ لَهُ غَيْبَةً تَكْثُرُ أَيَّامُهَا وَيَطُولُ أَمَدُهَا، فَيَنْتَظِرُ خُرُوجَهُ المُخْلِصُونَ، وَيُنْكِرُهُ المُرْتَابُونَ، وَيَسْتَهْزئُ بِذِكْرهِ الْجَاحِدُونَ، وَيَكْثُرُ(١٢٢) فِيهَا الْوَقَّاتُونَ، وَيَهْلِكُ فِيهَا المُسْتَعْجِلُونَ، وَيَنْجُو فِيهَا المُسْلِمُونَ»(١٢٣).
[٤٢/٥] الغيبة للطوسي: الْكُلَيْنِيُّ رَفَعَهُ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)(١٢٤) حِينَ وُلِدَ الْحُجَّةُ: «زَعَمَ الظَّلَمَةُ أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَنِي لِيَقْطَعُوا هَذَا النَّسْلَ، فَكَيْفَ رَأَوْا قُدْرَةَ اللهِ؟»، وَسَمَّاهُ المُؤَمَّلَ(١٢٥).
[٤٣/٦] الغيبة للطوسي: الْفَضْلُ، عَنْ مُوسَى بْن سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام): المَهْدِيُّ وَالْقَائِمُ وَاحِدٌ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ»، فَقُلْتُ: لِأَيِّ شَيْءٍ سُمِّيَ المَهْدِيَّ؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ يُهْدَى إِلَى كُلِّ أَمْرٍ خَفِيٍّ، وَسُمِّيَ الْقَائِمَ لِأَنَّهُ يَقُومُ بَعْدَ مَا يَمُوتُ، إِنَّهُ يَقُومُ بِأَمْر عَظِيم»(١٢٦).
بيان: قوله (علیه السلام): (بعدما يموت): أي ذكره، أو يزعم الناس.
[٤٤/٧] الإرشاد: رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)، قَالَ: «إِذَا قَامَ الْقَائِمُ (علیه السلام) دَعَا النَّاسَ إِلَى الْإسْلَام جَدِيداً، وَهَدَاهُمْ إِلَى أَمْرٍ قَدْ دَثَرَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٢٢) في المصدر: (ويكذب).
(١٢٣) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٣٧٨/ باب ما روي عن أبي جعفر الثاني (علیه السلام)/ ح ٣).
(١٢٤) في المصدر: (أبو محمّد) بدل (أبو عبد الله).
(١٢٥) الغيبة للطوسي (ص ٢٢٣/ ح ١٨٦).
(١٢٦) الغيبة للطوسي (ص ٤٧١/ ح ٤٨٩).

↑صفحة ٥٣↑

وَضَلَّ عَنْهُ الْجُمْهُورُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْقَائِمُ مَهْدِيًّا لِأَنَّهُ يُهْدَى إِلَى أَمْرٍ مَضْلُولٍ(١٢٧) عَنْهُ، وَسُمِّيَ الْقَائِمَ لِقِيَامِهِ بِالْحَقِّ»(١٢٨).
[٤٥/٨] تفسير فرات: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَاريُّ، مُعَنْعَناً عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً﴾، قَالَ: «الْحُسَيْنُ»، ﴿فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً﴾ [الإسراء: ٣٣]، قَالَ: «سَمَّى اللهُ المَهْدِيَّ المَنْصُورَ كَمَا سُمِّيَ أَحْمَدُ وَمُحَمَّدٌ [مَحْمُوداً] وَمَحْمُود، وَكَمَا سُمِّيَ عِيسَى المَسِيحَ (علیه السلام)»(١٢٩).
[٤٦/٩] كشف الغمَّة: قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الطُّوسِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ(١٣٠) بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْقَاسِم بْن عَدِيٍّ، قَالَ: يُقَالُ: كُنْيَةُ الْخَلَفِ الصَّالِح أَبُو الْقَاسِم، وَهُوَ ذُو الْاِسْمَيْن(١٣١).
أقول: قد سبق أسماؤه (علیه السلام) في الباب السابق، وسيأتي في (باب من رآه (علیه السلام))(١٣٢) وغيره.

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٢٧) في المصدر: (قد ضلُّوا).
(١٢٨) الإرشاد للمفيد (ج ٢/ ص ٣٨٣).
(١٢٩) تفسير فرات (ص ٢٤٠/ ح ٣٢٤).
(١٣٠) في المصدر: (عبيد الله) بدل (عبد الله).
(١٣١) كشف الغمَّة (ج ٢/ ص ٤٧٥/ باب ما روي في أمر المهدي (علیه السلام)).
(١٣٢) (باب ١٨/ ص ٥٨٩).

↑صفحة ٥٤↑

باب (٣): النهي عن التسمية

↑صفحة ٥٥↑

[٤٧/١] الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ، عَن ابْن أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْخَثْعَمِيِّ، عَن الضُّرَيْس، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ، قَالَ: لَـمَّا مَضَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ ابْن عَلِيٍّ الْبَاقِر (علیه السلام)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَدْ عَرَفْتَ انْقِطَاعِي إِلَى أَبِيكَ وَأُنْسِي بِهِ وَوَحْشَتِي مِنَ النَّاس، قَالَ: «صَدَقْتَ يَا أبَا خَالِدٍ تُريدُ مَا ذَا؟»، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ وَصَفَ لِي أَبُوكَ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْر بِصِفَةٍ لَوْ رَأيْتُهُ فِي بَعْض الطُّرُقِ لَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، قَالَ: «فَتُريدُ مَا ذَا يَا أبَا خَالِدٍ؟»، قَالَ: أُريدُ أَنْ تُسَمِّيَهُ لِي حَتَّى أَعْرفَهُ بِاسْمِهِ، فَقَالَ: «سَأَلْتَنِي وَاللهِ يَا أبَا خَالِدٍ عَنْ سُؤَالٍ مُجْهِدٍ، وَلَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ أَمْرٍ مَا(١٣٣) لَوْ كُنْتُ مُحَدِّثاً بِهِ أَحَداً لَحَدَّثْتُكَ، وَلَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ أَمْرٍ لَوْ أَنَّ بَني فَاطِمَةَ عَرَفُوهُ حَرَصُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعُوهُ بَضْعَةً بَضْعَةً»(١٣٤).
[٤٨/٢] كمال الدِّين: أَبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أَحْمَدَ الْعَلَويِّ، عَنْ أَبِي هَاشِم الْجَعْفَريِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَن الْعَسْكَريَّ (علیه السلام) يَقُولُ: «الْخَلَفُ مِنْ بَعْدِ الْحَسَن ابْني، فَكَيْفَ لَكُمْ بِالْخَلَفِ مِنْ بَعْدِ الْخَلَفِ؟»، قُلْتُ: وَلِـمَ جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ؟ فَقَالَ: «لِأَنَّكُمْ لَا تَرَوْنَ شَخْصَهُ، وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ»، قُلْتُ: فَكَيْفَ نَذْكُرُهُ؟ فَقَالَ: «قُولُوا: الْحُجَّةُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ)»(١٣٥).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٣٣) في المصدر: (عن أمر [ما كنت محدِّثاً به أحداً و] لو).
(١٣٤) الغيبة للنعماني (ص ٢٨٨).
(١٣٥) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٦٤٨/ باب النهي عن تسمية القائم (علیه السلام))/ ح ٤). علماً بأنَّه جاء في المطبوعة (النعماني) بدل (كمال الدِّين)، ولم نعثر عليه في (الغيبة للنعماني).

↑صفحة ٥٧↑

كمال الدِّين: ابن الوليد، عن سعد، مثله(١٣٦).
الغيبة للطوسي: سعد، مثله(١٣٧).
كفاية الأثر: عليُّ بن محمّد السندي، عن محمّد بن الحسن، عن سعد، مثله(١٣٨).
أقول: قد مرَّ في بعض أخبار اللوح التصريح باسمه (علیه السلام)، فقال الصدوق (رحمه الله): جاء هذا الحديث هكذا بتسمية القائم (علیه السلام)، والذي أذهب إليه النهي عن تسميته (علیه السلام).
[٤٩/٣] التوحيد: الدَّقَّاقُ وَالْوَرَّاقُ مَعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَارُونَ الصُّوفِيِّ، عَن الرُّويَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم الْحَسَنِيِّ، عَنْ أَبِي الْحَسَن الثَّالِثِ (علیه السلام) أَنَّهُ قَالَ فِي الْقَائِم (علیه السلام): «لَا يَحِلُّ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَمْلَأ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً...» الْخَبَرَ(١٣٩).
[٥٠/٤] كمال الدِّين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَيُّوبَ بْن نُوح، عَنْ مُحَمَّدِ ابْن سِنَانٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْن مِهْرَانَ، عَن الصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ (علیه السلام)، أَنَّهُ قَالَ: «المَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي، الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِع، يَغِيبُ عَنْكُمْ شَخْصُهُ، وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ تَسْمِيَتُهُ»(١٤٠).
كمال الدِّين: الدقَّاق، عن الأسدي، عن سهل، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن ابن أبِي يعفور، عن أبي عبد الله (علیه السلام)، مثله(١٤١).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٣٦) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٣٨١/ باب ما روي عن أبي الحسن الهادي (علیه السلام)/ ح ٥).
(١٣٧) الغيبة للطوسي (ص ٢٠٢/ ح ١٦٩).
(١٣٨) كفاية الأثر (ص ٢٨٤).
(١٣٩) التوحيد (ص ٨١/ باب ٢/ ح ٣٧).
(١٤٠) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٣٣٣/ باب ما روي عن الصادق (علیه السلام)/ ح ١).
(١٤١) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٣٣٨/ باب ما روي عن الصادق (علیه السلام)/ ح ١٢).

↑صفحة ٥٨↑

[٥١/٥] كمال الدِّين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن زِيَادٍ الْأَزْدِيِّ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ (علیه السلام)، أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ ذِكْر الْقَائِم (علیه السلام): «يَخْفَى عَلَى النَّاس ولَادَتُهُ، وَلَا يَحِلُّ لَهُمْ تَسْمِيَتُهُ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللهُ (عزَّ وجلَّ) فَيَمْلَأ بِهِ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً»(١٤٢).
بيان: هذه التحديدات مصرَّحة في نفي قول من خصَّ ذلك بزمان الغيبة الصغرى تعويلاً على بعض العلل المستنبطة والاستبعادات الوهميَّة.
[٥٢/٦] كمال الدِّين: السِّنَانِيُّ(١٤٣)، عَن الْأَسَدِيِّ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم الْحَسَنِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ (علیه السلام)، قَالَ: «الْقَائِمُ هُوَ الَّذِي يَخْفَى عَلَى النَّاس ولَادَتُهُ، وَيَغِيبُ عَنْهُمْ شَخْصُهُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ تَسْمِيَتُهُ، وَهُوَ سَمِيُّ رَسُولِ اللهِ وَكَنِيُّهُ...» الْخَبَرَ(١٤٤).
كفاية الأثر: أبو عبد الله الخزاعي، عن الأسدي، مثله(١٤٥).
[٥٣/٧] كمال الدِّين: أَبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَن الْحِمْيَريِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَحْمَدَ بْن إِسْحَاقَ عِنْدَ الْعَمْريِّ (رضي الله عنه)، فَقُلْتُ لِلْعَمْريِّ: إِنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ كَمَا قَالَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ: ﴿أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: ٢٦٠]، هَلْ رَأَيْتَ صَاحِبِي؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَهُ عُنُقٌ مِثْلُ ذِي - وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ جَمِيعاً إِلَى عُنُقِهِ -. قَالَ: قُلْتُ: فَالْاِسْمُ؟ قَالَ: إِيَّاكَ أَنْ تَبْحَثَ عَنْ هَذَا، فَإنَّ عِنْدَ الْقَوْم أنَّ هَذَا النَّسْلَ قَدِ انْقَطَعَ(١٤٦).
[٥٤/٨] الكافي: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الصَّالِحِيِّ، قَالَ: سَأَلَنِي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٤٢) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٣٦٨/ باب ما روي عن الكاظم (علیه السلام)/ آخر الحديث ٦).
(١٤٣) في المصدر: (الشيباني) بدل (السناني).
(١٤٤) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٣٧٧/ باب ما روي عن أبي جعفر الثاني (علیه السلام)/ ح ٢).
(١٤٥) كفاية الأثر (ص ٢٧٧).
(١٤٦) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٤١/ باب ذكر من شاهد القائم (علیه السلام)/ ح ١٤).

↑صفحة ٥٩↑

أَصْحَابُنَا بَعْدَ مُضِيِّ أَبِي مُحَمَّدٍ (علیه السلام) أَنْ أَسْأَلَ عَن الْاِسْم وَالمَكَان، فَخَرَجَ الْجَوَابُ: «إِنْ دَلَلْتُهُمْ عَلَى الْاِسْم أَذَاعُوهُ، وَإِنْ عَرَفُوا المَكَانَ دَلُّوا عَلَيْهِ»(١٤٧).
[٥٥/٩] كمال الدِّين: المُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيِّ وَحَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْعَيَّاشِيِّ، عَنْ آدَمَ بْن مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْن الْحُسَيْن(١٤٨) الدَّقَّاقِ وَإِبْرَاهِيمَ ابْن مُحَمَّدِ مَعاً، عَنْ عَلِيِّ بْن عَاصِم الْكُوفِيِّ، قَالَ: خَرَجَ فِي تَوْقِيعَاتِ صَاحِبِ الزَّمَان (علیه السلام): «مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ سَمَّانِي فِي مَحْفِلٍ مِنَ النَّاس»(١٤٩).
[٥٦/١٠] كمال الدِّين: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْن إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ بْنَ هَمَّام يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ الْعَمْريَّ (قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ) يَقُولُ: خَرَجَ تَوْقِيعٌ بِخَطٍّ أَعْرفُهُ: «مَنْ سَمَّانِي فِي مَجْمَع مِنَ النَّاس بِاسْمِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ»(١٥٠).
[٥٧/١١] كمال الدِّين: أَبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن يَزيدَ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن رئَابٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) قَالَ: «صَاحِبُ هَذَا الْأَمْر رَجُلٌ لَا يُسَمِّيهِ بِاسْمِهِ إِلَّا كَافِرٌ»(١٥١).
[٥٨/١٢] كمال الدِّين: أَبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَن الرَّيَّان بْن الصَّلْتِ، قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا (علیه السلام) عَن الْقَائِم، فَقَالَ: «لَا يُرَى جِسْمُهُ، وَلَا يُسَمَّى بِاسْمِهِ»(١٥٢).
[٥٩/١٣] كمال الدِّين: أَبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَن الْيَقْطِينِيِّ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٤٧) الكافي (ج ١/ ص ٣٣٣/ باب النهي عن الاسم/ ح ٢).
(١٤٨) في المصدر: (الحسن) بدل (الحسين).
(١٤٩) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٨٢/ باب ذكر التوقيعات/ ح ١).
(١٥٠) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤٨٣/ باب ذكر التوقيعات/ ح ٣).
(١٥١) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٦٤٨/ باب النهي عن تسمية القائم (علیه السلام)/ ح ١).
(١٥٢) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٦٤٨/ باب النهي عن تسمية القائم (علیه السلام)/ ح ٢).

↑صفحة ٦٠↑

عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن أَبَانٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام) قَالَ: «سَأَلَ عُمَرُ أَمِيرَ المُؤْمِنينَ (علیه السلام) عَن المَهْدِيِّ، قَالَ: يَا بْنَ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبِرْني عَن المَهْدِيِّ مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: أَمَّا اسْمُهُ فَلَا، إِنَّ حَبِيبي وَخَلِيلي عَهِدَ إِلَيَّ أَنْ لَا أُحَدِّثَ بِاسْمِهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ (عزَّ وجلَّ)، وَهُوَ مِمَّا اسْتَوْدَعَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) رَسُولَهُ فِي عِلْمِهِ»(١٥٣).
الغيبة للطوسي: سعد، مثله(١٥٤).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٥٣) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٦٤٨/ باب النهي عن تسمية القائم (علیه السلام)/ ح ٣).
(١٥٤) الغيبة للطوسي (ص ٤٧٠/ ح ٤٨٧).

↑صفحة ٦١↑

باب (٤): صفاته (صلوات الله عليه) وعلاماته ونسبه

↑صفحة ٦٣↑

[٦٠/١] عيون أخبار الرضا: مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْن الْحُسَيْن الْبَغْدَادِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن الْفَضْل، عَنْ بَكْر بْن أَحْمَدَ الْقَصْريِّ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَسْكَريِّ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ (علیه السلام)، قَالَ: «لَا يَكُونُ الْقَائِمُ إِلَّا إِمَامَ ابْنَ إِمَام، وَوَصِيَّ ابْنَ وَصِيٍّ»(١٥٥).
[٦١/٢] كمال الدِّين: أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ وَابْنُ شَاذَوَيْهِ وَابْنُ مَسْرُورٍ وَجَعْفَرُ ابْنُ الْحُسَيْن جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدٍ الْحِمْيَريِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَيُّوبَ بْن نُوح، عَن الْعَبَّاس ابْن عَامِرٍ. وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيِّ بْن الْحَسَن بْن عَبْدِ اللهِ(١٥٦) بْن المُغِيرَةِ، عَنْ جَدِّهِ الْحَسَن، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ مُوسَى بْن هِلَالٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَطَاءٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام): إِنَّ شِيعَتَكَ بِالْعِرَاقِ كَثِيرٌ(١٥٧)، وَوَاللهِ مَا فِي أَهْل الْبَيْتِ مِثْلُكَ، كَيْفَ لَا تَخْرُجُ؟ فَقَالَ: «يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَطَاءٍ، قَدْ أَمْكَنْتَ الْحِشْوَةَ مِنْ أُذُنَيْكَ، وَاللهِ مَا أَنَا بِصَاحِبكُمْ»، قُلْتُ: فَمَنْ صَاحِبُنَا؟ قَالَ: «انْظُرُوا مَنْ تَخْفَى عَلَى النَّاس ولَادَتُهُ فَهُوَ صَاحِبُكُمْ»(١٥٨).
بيان: قال الجوهري: فلان من حِشوة بني فلان بالكسر، أي من رُذَّالهم(١٥٩).
أقول: أي تسمع كلام أراذل الشيعة وتقبل منهم في توهُّمهم أنَّ لنا أنصاراً كثيرة، وأنَّه لا بدَّ لنا من الخروج، وأنِّي القائم الموعود.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٥٥) عيون أخبار الرضا (علیه السلام) (ج ٢/ ص ١٣١).
(١٥٦) في المصدر: (جعفر بن عليِّ بن الحسن بن عليِّ بن عبد الله).
(١٥٧) في المصدر: (كثيرون) بدل (كثير).
(١٥٨) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣٢٥/ باب ما أخبر به أبو جعفر الباقر (علیه السلام)/ ح ٢).
(١٥٩) الصحاح (ج ٥/ ص ٢٣١٣).

↑صفحة ٦٥↑

[٦٢/٣] الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن عَلِيٍّ الرَّازِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ المُقْري، عَنْ عَلِيِّ بْن الْعَبَّاس، عَنْ بَكَّار بْن أَحْمَدَ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن، عَنْ سُفْيَانَ الْجَريريِّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَن ابْن أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: وَاللهِ لَا يَكُونُ المَهْدِيُّ أَبَداً إِلَّا مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن (علیه السلام)(١٦٠).
[٦٣/٤] الغيبة للطوسي: بِهَذَا الْإسْنَادِ، عَن الْجَريريِّ، عَن الْفُضَيْل بْن الزُّبَيْر، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ عَلِيٍّ (علیه السلام) يَقُولُ: المُنْتَظَرُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ، فِي ذُرِّيَّةِ الْحُسَيْن وَفِي عَقِبِ الْحُسَيْن، وَهُوَ المَظْلُومُ الَّذِي قَالَ اللهُ: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً﴾، قَالَ: وَلِيُّهُ رَجُلٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ مِنْ عَقِبِهِ - ثُمَّ قَرَأ: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ [الزخرف: ٢٨] -، ﴿سُلْطَاناً فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ﴾ [الإسراء: ٣٣]، قَالَ: سُلْطَانُهُ فِي حُجَّتِهِ عَلَى جَمِيع مَنْ خَلَقَ اللهُ حَتَّى يَكُونَ لَهُ الْحُجَّةُ عَلَى النَّاس وَلَا يَكُونَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ حُجَّةٌ»(١٦١).
[٦٤/٥] كمال الدِّين(١٦٢): ابْنُ مُوسَى(١٦٣)، عَن الْأَسَدِيِّ، عَن الْبَرْمَكِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (علیه السلام)، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (علیه السلام) عَلَى الْمِنْبَر: «يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي فِي آخِر الزَّمَان، أَبْيَضُ، مُشْرَبٌ حُمْرَةً، مُبْدَحُ الْبَطْن، عَريضُ الْفَخِذَيْن، عَظِيمٌ مُشَاشُ المَنْكِبَيْن، بِظَهْرهِ شَامَتَان: شَامَةٌ عَلَى لَوْن جِلْدِهِ، وَشَامَةٌ عَلَى شِبْهِ شَامَةِ النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، لَهُ اسْمَان: اسْمٌ يَخْفَى وَاسْمٌ يَعْلُنُ، فَأَمَّا الَّذِي يَخْفَى فَأَحْمَدُ، وَأَمَّا الَّذِي يَعْلُنُ فَمُحَمَّدٌ، فَإذَا هَزَّ رَايَتَهُ أَضَاءَ لَهَا مَا بَيْنَ المَشْرقِ وَالمَغْربِ، وَوَضَعَ يَدَهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٦٠) الغيبة للطوسي (ص ١٨٨/ ح ١٥١).
(١٦١) الغيبة للطوسي (ص ١٨٨/ ح ١٥٠).
(١٦٢) كان في المطبوعة (الغيبة للطوسي)، وهو تصحيف، وما أثبتناه موافق لسند الصدوق (رحمه الله).
(١٦٣) هو عليُّ بن أحمد بن موسى من مشايخ الصدوق (رحمه الله).

↑صفحة ٦٦↑

عَلَى رُءُوس الْعِبَادِ، فَلَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلَّا صَارَ قَلْبُهُ أَشَدَّ مِنْ زُبَر الْحَدِيدِ، وَأَعْطَاهُ اللهُ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلاً، وَلاَ يَبْقَى مَيِّتٌ إِلَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْفَرْحَةُ فِي قَلْبِهِ وَفِي قَبْرهِ، وَهُمْ يَتَزَاوَرُونَ فِي قُبُورهِمْ وَيَتَبَاشَرُونَ بِقِيَام الْقَائِم (علیه السلام)»(١٦٤).
بيان: (مبدح البطن) أي واسعه وعريضه، قال الفيروزآبادي: البداح كسحاب المتَّسع من الأرض أو الليِّنة الواسعة، والبدح بالكسر الفضاء الواسع، وامرأة بيدح: بادن، والأبدح: الرجل الطويل (السمين)(١٦٥) والعريض الجنبين من الدوابِّ(١٦٦). وقال: المُشاشة بالضمِّ: رأس العظم الممكِّن المضغ، والجمع مشاش(١٦٧). والشامة علامة تخالف البدن الذي هي فيه، وهي هنا إمَّا بأنْ تكون أرفع من سائر الأجزاء أو أخفض وإنْ لم تخالف في اللون.
[٦٥/٦] كمال الدِّين: بِهَذَا الْإسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام)، قَالَ: «إِنَّ الْعِلْمَ بِكِتَابِ اللهِ (عزَّ وجلَّ) وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَنْبُتُ فِي قَلْبِ مَهْدِيِّنَا كَمَا يَنْبُتُ الزَّرْعُ عَنْ(١٦٨) أَحْسَن نَبَاتِهِ، فَمَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ حَتَّى يَلْقَاهُ فَلْيَقُلْ حِينَ يَرَاهُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ الرَّحْمَةِ وَالنُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنَ الْعِلْم، وَمَوْضِعَ الرِّسَالَةِ».
وَرُويَ أنَّ التَّسْلِيمَ عَلَى الْقَائِم (علیه السلام) أَنْ يُقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ فِي أَرْضِهِ(١٦٩).
[٦٦/٧] الغيبة للطوسي: سَعْدٌ، عَن الْيَقْطِينِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن أَبَانٍ، عَنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٦٤) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٦٥٣/ باب ما روي في علامات خروج القائم (علیه السلام)/ ح ١٧).
(١٦٥) كلمة: (السمين) ليست في المصدر.
(١٦٦) القاموس المحيط (ج ١/ ص ٢٢٢).
(١٦٧) القاموس المحيط (ج ٢/ ص ٢٩٩).
(١٦٨) في المصدر: (على) بدل (عن).
(١٦٩) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٦٥٣/ باب ما روي في علامات خروج القائم (علیه السلام)/ ح ١٨).

↑صفحة ٦٧↑

عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (علیه السلام) يَقُولُ: «سَايَرَ(١٧٠) عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ (علیه السلام)، فَقَالَ: أَخْبِرْني عَن المَهْدِيِّ مَا اسْمُهُ؟ فَقَالَ: أَمَّا اسْمُهُ فَإنَّ حَبِيبي عَهِدَ(١٧١) إِلَيَّ أَنْ لَا أُحَدِّثَ بِاسْمِهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ، قَالَ: فَأَخْبِرْني عَنْ صِفَتِهِ، قَالَ: هُوَ شَابٌّ مَرْبُوعٌ، حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الشَّعْر، يَسِيلُ شَعْرُهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَنُورُ وَجْهِهِ يَعْلُو سَوَادَ لِحْيَتِهِ وَرَأسِهِ، بِأَبِي ابْنُ خِيَرَةِ الْإمَاءِ»(١٧٢).
الغيبة للنعماني: عن عمرو بن شمر، مثله(١٧٣).
[٦٧/٨] الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى الْعَلَويِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أَحْمَدَ الْقَلَانِسِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْن الْحُسَيْن، عَن الْعَبَّاس بْن عَامِرٍ، عَنْ مُوسَى بْن هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَطَاءٍ، قَالَ: خَرَجْتُ حَاجًّا مِنْ وَاسِطٍ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ (علیه السلام)، فَسَألَنِي عَن النَّاس وَالْأَسْعَار، فَقُلْتُ: تَرَكْتُ النَّاسَ مَادِّينَ أَعْنَاقَهُمْ إِلَيْكَ لَوْ خَرَجْتَ لَاتَّبَعَكَ الْخَلْقُ، فَقَالَ: «يَا بْنَ عَطَاءٍ، أَخَذْتَ تَفْرُشُ أُذُنَيْكَ لِلنَّوْكَى، لَا وَاللهِ مَا أَنَا بِصَاحِبكُمْ، وَلَا يُشَارُ إِلَى رَجُلٍ مِنَّا بِالْأَصَابِع وَيُمَطُّ إِلَيْهِ بِالْحَوَاجِبِ إِلَّا مَاتَ قَتِيلاً أَوْ حَتْفَ أَنْفِهِ»، قُلْتُ: وَمَا حَتْفُ أَنْفِهِ؟ قَالَ: «يَمُوتُ بِغَيْظِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ مَنْ لَا يُؤْبَهُ لِولَادَتِهِ»، قُلْتُ: وَمَنْ لَا يُؤْبَهُ لِولَادَتِهِ؟ قَالَ: «انْظُرْ مَنْ لَا يَدْري النَّاسُ أَنَّهُ وُلِدَ أَمْ لَا فَذَاكَ صَاحِبُكُمْ»(١٧٤).
بيان: النوكى: الحمقى. وقال الجوهري: مطَّ حاجبيه: أي مدَّهما(١٧٥)،(١٧٦).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٧٠) في المصدر: (سأل) بدل (ساير).
(١٧١) في المصدر: (شهد).
(١٧٢) الغيبة للطوسي (ص ٤٧٠/ ح ٤٨٧).
(١٧٣) لم نعثر عليه في كتاب الغيبة هذا.
(١٧٤) الغيبة للنعماني (ص ١٦٨).
(١٧٥) يعني إذا كان يخاطب بهما.
(١٧٦) الصحاح (ج ٢/ ص ١١٦٠).

↑صفحة ٦٨↑

قوله: (قلت: ومن لا يؤبه): أي ما معناه، ويحتمل أنْ يكون سقط لفظة (من) من النُّسَّاخ لتوهُّم التكرار(١٧٧).
[٦٨/٩] الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَعْدِ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَيُّوبَ بْن نُوح، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَن الرِّضَا (علیه السلام): إِنَّا نَرْجُو أَنْ تَكُونَ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْر، وَأَنْ يَسُوقَهُ اللهُ إِلَيْكَ عَفْواً بِغَيْر سَيْفٍ، فَقَدْ بُويِعَ لَكَ وَضُربَتِ الدَّرَاهِمُ بِاسْمِكَ، فَقَالَ: «مَا مِنَّا أَحَدٌ اخْتَلَفَ الْكُتُبُ إِلَيْهِ، وَأُشِيرَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِع، وَسُئِلَ عَن المَسَائِل، وَحُمِلَتْ إِلَيْهِ الْأَمْوَالُ إِلَّا اغْتِيلَ أَوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ، حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ لِهَذَا الْأَمْر غُلَاماً مِنَّا خَفِيَّ المَوْلِدِ وَالمَنْشَإِ غَيْرُ خَفِيٍّ فِي نَفْسِهِ»(١٧٨).
بيان: قال الجوهري: يقال: أعطيته عفو المال يعني بغير مسألة، وعفا الماء إذا لم يطأه شيء يكدره(١٧٩).
[٦٩/١٠] الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن مِيثَمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْن حُصَيْنٍ الثَّعْلَبِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (علیه السلام) فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَقُلْتُ لَهُ: كَبِرَتْ سِنِّي، وَدَقَّ عَظْمِي، فَلَسْتُ أَدْري يُقْضَى لِي لِقَاؤُكَ أَمْ لَا؟ فَاعْهَدْ إِلَيَّ عَهْداً وَأَخْبِرْنِي مَتَى الْفَرَجُ؟ فَقَالَ: «إِنَّ الشَّريدَ الطَّريدَ الْفَريدَ الْوَحِيدَ، الْفَرْدَ مِنْ أَهْلِهِ، المَوْتُورَ بِوَالِدِهِ، المُكَنَّى بِعَمِّهِ، هُوَ صَاحِبُ الرَّايَاتِ، وَاسْمُهُ اسْمُ نَبِيٍّ»، فَقُلْتُ: أَعِدْ عَلَيَّ، فَدَعَا بِكِتَابٍ أَدِيم أوْ صَحِيفَةٍ، فَكَتَبَ فِيهَا(١٨٠).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٧٧) بل التكرار غلط، والمعنى: من الذي لا يؤبه لولادته؟
(١٧٨) الغيبة للنعماني (ص ١٦٨).
(١٧٩) الصحاح (ج ٤/ ص ٢٤٣٢ و٢٤٣٣).
(١٨٠) الغيبة للنعماني (ص ١٧٨).

↑صفحة ٦٩↑

بيان: (الموتور بوالده): أي قُتِلَ والده ولم يطلب بدمه، والمراد بالوالد إمَّا العسكري (علیه السلام) أو الحسين أو جنس الوالد ليشمل جميع الأئمَّة (عليهم السلام). قوله: (المكنَّى بعمِّه): لعلَّ كنية بعض أعمامه أبو القاسم، أو هو (علیه السلام) مكنَّى بأبِي جعفر أو أبِي الحسين أو أبِي محمّد أيضاً، ولا يبعد أنْ يكون المعنى لا يُصرَّح باسمه بل يُعبَّر عنه بالكناية خوفاً من عمِّه جعفر، والأوسط أظهر كما مرَّ في خبر حمزة بن أبي الفتح وخبر عقيد تكنيته (علیه السلام) بأبي جعفر وسيأتي أيضاً، ولا تنافي التكنية بأبي القاسم أيضاً. قوله (علیه السلام): (اسم نبيٍّ) يعني نبيِّنا (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
[٧٠/١١] الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن زَكَريَّا، عَنْ يُونُسَ بْن كُلَيْبٍ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن هِشَام، عَنْ صَبَّاح، عَنْ سَالِم الْأَشَلِّ، عَنْ حُصَيْنٍ التَّغْلِبِيِّ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا جَعْفَرٍ (علیه السلام)(١٨١)...، وَذَكَرَ مِثْلَ الْحَدِيثِ الأوَّلِ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ أَبُو جَعْفَرٍ (علیه السلام) عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ كَلَامِهِ، فَقَالَ: «أَحَفِظْتَ [أَمْ] أَكْتُبُهَا لَكَ؟»، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ، فَدَعَا بِكُرَاعٍ مِنْ أَدِيم أَوْ صَحِيفَةٍ فَكَتَبَهَا ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَيَّ، وَأَخْرَجَهَا حُصَيْنٌ إِلَيْنَا فَقَرَأهَا عَلَيْنَا، ثُمَّ قَالَ: هَذَا كِتَابُ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام)(١٨٢).
[٧١/١٢] الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريِّ، عَنْ عَبَّادِ بْن يَعْقُوبَ، عَن الْحَسَن بْن حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام)، أَنَّهُ قَالَ: «صَاحِبُ هَذَا الْأَمْر هُوَ الطَّريدُ الْفَريدُ(١٨٣)، المَوْتُورُ بِأَبِيهِ، المُكَنَّى بِعَمِّهِ، المُفْرَدُ مِنْ أَهْلِهِ، اسْمُهُ اسْمُ نَبِيٍّ»(١٨٤).
[٧٢/١٣] الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْن زِيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٨١) في المصدر إضافة: (محمّد بن عليٍّ).
(١٨٢) الغيبة للنعماني (ص ١٧٨).
(١٨٣) في المصدر: (الشريد) بدل (الفريد).
(١٨٤) الغيبة للنعماني (ص ١٧٩).

↑صفحة ٧٠↑

مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ (علیهما السلام)، وَعَنْ يُونُسَ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ سَالِم المَكِّيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْل، عَنْ عَامِر بْن وَاثِلَةَ، [عَنْ أَبِي الطُّفَيْل عَامِر بْن وَاصِلَةَ]: أَنَّ الَّذِي تَطْلُبُونَ وَتَرْجُونَ إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى يَرَى الَّذِي يُحِبُّ، وَلَوْ صَارَ أَنْ يَأكُلَ الْأَعْضَاءُ أَعْضَاءَ الشَّجَرَةِ(١٨٥).
[٧٣/١٤] الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أَحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ، عَنْ أَحْمَدَ بْن هِلَالٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْن عَلِيٍّ الْقَيْسِيِّ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَم، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)، قَالَ: «إِذَا تَوَالَتْ ثَلَاثَةُ أسْمَاءٍ: مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ كَانَ رَابِعُهُمُ الْقَائِمَ (علیه السلام)»(١٨٦).
[٧٤/١٥] الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أَحْمَدَ المَدِينِيِّ، عَن ابْن أَسْبَاطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام): جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ طَالَ هَذَا الْأَمْرُ عَلَيْنَا حَتَّى ضَاقَتْ قُلُوبُنَا وَمِتْنَا كَمَداً، فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ آيَسُ مَا يَكُونُ وَأَشَدُّ(١٨٧) غَمًّا: يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم الْقَائِم وَاسْم أَبِيهِ»، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: «اسْمُهُ اسْمُ نَبِيٍّ، وَاسْم أَبِيهِ اسْمُ وَصِيٍّ»(١٨٨).
[٧٥/١٦] الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَن الْفَزَاريِّ، عَنْ عَبَّادِ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ يَحْيَى بْن سَالِم، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام)، أَنَّهُ قَالَ: «صَاحِبُ هَذَا الْأَمْر أَصْغَرُنَا سِنًّا، وَأَخْمَلُنَا شَخْصاً»، قُلْتُ: مَتَى يَكُونُ؟ قَالَ: «إِذَا سَارَتِ الرُّكْبَانُ بِبَيْعَةِ الْغُلَام، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْفَعُ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ لِوَاءً»(١٨٩).
بيان: (أصغرنا سنًّا): أي عند الإمامة. قوله: (سارت الركبان): أي انتشر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٨٥) الغيبة للنعماني (ص ١٧٩)، وفيه: (يأكل الأغصان أغصان الشجر)، وهو الصحيح.
(١٨٦) الغيبة للنعماني (ص ١٧٩).
(١٨٧) في المصدر: (وأشدُّه).
(١٨٨) الغيبة للنعماني (ص ١٨١).
(١٨٩) الغيبة للنعماني (ص ١٨٤)، وفيه إضافة: (فانتظروا الفرج).

↑صفحة ٧١↑

الخبر في الآفاق بأنْ بويع الغلام، أي القائم (علیه السلام). و(الصيصية): شوكة الديك، وقرن البقر والظباء، والحصن، وكلُّ ما امتُنِعَ به، وهنا كناية عن القوَّة والصولة.
[٧٦/١٧] الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ ابْن الْحَسَن(١٩٠) الرَّازِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هَاشِم، عَنْ حَمَّادِ ابْن عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)، أَنَّهُ قَالَ: «يَقُومُ الْقَائِمُ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِأَحَدٍ»(١٩١).
[٧٧/١٨] الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَن الْحُسَيْن بْن سَعِيدٍ، عَن ابْن أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)، أنَّهُ قَالَ: «يَقُومُ الْقَائِمُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ عَقْدٌ وَلَا بَيْعَةٌ»(١٩٢).
[٧٨/١٩] الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أَحْمَدَ، عَنْ جَعْفَر بْن الْقَاسِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْوَلِيدِ، عَن الْوَلِيدِ بْن عُقْبَةَ، عَن الْحَارثِ بْن زِيَادٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْن(١٩٣) أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)، فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْر؟ فَقَالَ: «لَا»، قُلْتُ: [فَوَلَدُكَ؟ قَالَ: «لَا»، قُلْتُ](١٩٤): فَوَلَدُ وَلَدِكَ؟ قَالَ: «لَا»، قُلْتُ: فَوَلَدُ وَلَدِ وَلَدِكَ؟ قَالَ: «لَا»، قُلْتُ: فَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: «الَّذِي يَمْلَأهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ(١٩٥) جَوْراً لَعَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ يَأتِي، كَمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بُعِثَ عَلَى فَتْرَةٍ»(١٩٦).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٩٠) في المصدر: (حسَّان) بدل (الحسن).
(١٩١) الغيبة للنعماني (ص ١٩١).
(١٩٢) الغيبة للنعماني (ص ١٧١)، وفيه: (عقد ولا عهد ولا بيعة).
(١٩٣) في المصدر: (عن) بدل (بن).
(١٩٤) ما بين المعقوفتين أضفناه من المصدر ومن الكافي (ج ١/ ص ٣٤١).
(١٩٥) في المصدر إضافة: (ظلماً و) بين معقوفتين.
(١٩٦) الغيبة للنعماني (ص ١٨٦).

↑صفحة ٧٢↑

[٧٩/٢٠] الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن الحَكَم(١٩٧) بْن ظُهَيْرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَيَّاشٍ، عَن الْأَعْمَش، عَنْ أَبِي وَابِلٍ(١٩٨)، قَالَ: نَظَرَ أَمِيرُ المُؤْمِنينَ عَلِيٌّ إِلَى الْحُسَيْن (علیه السلام)، فَقَالَ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ كَمَا سَمَّاهُ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سَيِّداً، وَسَيُخْرجُ اللهُ مِنْ صُلْبِهِ رَجُلاً بِاسْم نَبِيِّكُمْ، يُشْبِهُهُ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ، يَخْرُجُ عَلَى حِين غَفْلَةٍ مِنَ النَّاس وَإِمَاتَةٍ لِلْحَقِّ وَإِظْهَارٍ لِلْجَوْر، وَاللهِ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ لَضُربَتْ عُنُقُهُ، يَفْرَحُ بِخُرُوجِهِ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَسُكَّانُهَا، وَهُوَ رَجُلٌ أَجْلَى الْجَبِين، أَقْنَى الْأَنْفِ، ضَخْمُ الْبَطْن، أَزْيَلُ الْفَخِذَيْن، لِفَخِذِهِ الْيُمْنَى شَامَةٌ، أَفْلَجُ الثَّنَايَا، يَمْلَأ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً»(١٩٩).
بيان: القنا في الأنف طوله ودقَّة أرنبته مع حدب في وسطه. قوله (علیه السلام): (أزيل الفخذين): من الزيل، كناية عن كونهما عريضتين كما مرَّ في خبر آخر، وفي بعض النُّسَخ بالباء الموحَّدة من الزبول فينافي ما سبق ظاهراً، وفي بعضها أربل بالراء المهملة والباء الموحَّدة من قولهم: رجل ربل كثير اللحم، وهذا أظهر. وفلج الثنايا: انفراجها وعدم التصاقها.
[٨٠/٢١] الغيبة للنعماني: أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَن ابْن بُكَيْرٍ، عَنْ حُمْرَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام): جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي قَدْ دَخَلْتُ المَدِينَةَ وَفِي حَقْوَيَّ هِمْيَانٌ فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ، وَقَدْ أَعْطَيْتُ اللهَ عَهْداً أَنَّنِي أُنْفِقُهَا بِبَابِكَ دِينَاراً دِينَاراً أَوْ تُجِيبَنِي فِيمَا أَسْأَلُكَ عَنْهُ، فَقَالَ: «يَا حُمْرَانُ، سَلْ تُجَبْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١٩٧) جاء في المطبوعة: (الحسين) بدل (الحَكَم)، وما أثبتناه من المصدر، ويُؤيِّده ما جاء في الحديث (٢٢٣/٢٢). راجع: (ج ٥١/ ص ١٢٠) من المطبوعة.
(١٩٨) في المصدر: (أبي وائل) بدل (أبي وابل).
(١٩٩) الغيبة للنعماني (ص ٢١٢).

↑صفحة ٧٣↑

وَلَا تُبَعِّضْ(٢٠٠) دَنَانِيرَكَ»، فَقُلْتُ: سَأَلْتُكَ بِقَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْر وَالْقَائِمُ بِهِ؟ قَالَ: «لَا»، قُلْتُ: فَمَنْ هُوَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟ فَقَالَ: «ذَاكَ المُشْرَبُ حُمْرَةً، الْغَائِرُ الْعَيْنَيْن، المُشَرَّفُ الْحَاجِبَيْن، عَريضٌ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْن، بِرَأسِهِ حَزَازٌ، وَبِوَجْهِهِ أَثَرٌ، رَحِمَ اللهُ مُوسَى»(٢٠١).
بيان: (المشرَّف الحاجبين): أي في وسطهما ارتفاع من الشرفة. والحزاز ما يكون في الشعر مثل النخالة. وقوله (علیه السلام): (رحم الله موسى)، لعلَّه إشارة إلى أنَّه سيظنُّ بعض الناس أنَّه القائم وليس كذلك، أو أنَّه قال: (فلاناً) كما سيأتي فعبَّر عنه الواقفيَّة بموسى.
[٨١/٢٢] الغيبة للنعماني(٢٠٢): عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ ابْن رَبَاح، عَنْ أَحْمَدَ بْن عَلِيٍّ الْحِمْيَريِّ، عَن الْحُسَيْن بْن أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن حَريزٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن زُرَارَةَ(٢٠٣)، عَنْ حُمْرَانَ بْن أَعْيَنَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (علیه السلام)، فَقُلْتُ: أَنْتَ الْقَائِمُ؟ قَالَ: «قَدْ وَلَدَنِي رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَأَنَّى لِلطَّالِبِ(٢٠٤) بِالدَّم، وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ»، ثُمَّ أَعَدْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «قَدْ عَرَفْتُ حَيْثُ تَذْهَبُ، صَاحِبُكَ المُدَبِّحُ(٢٠٥) الْبَطْن، ثُمَّ الْحَزَازُ بِرَأسِهِ، ابْنُ الْأَرْوَاع، رَحِمَ اللهُ فُلَاناً»(٢٠٦).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٠٠) في المصدر: (لا تنفق).
(٢٠١) الغيبة للنعماني (ص ٢١٥).
(٢٠٢) في النسخة المطبوعة: (الإرشاد)، وهو سهو، لأنَّ الحديث لا يوجد في الإرشاد، والصحيح ما أثبتناه، مع ما يظهر من قوله بعد ذلك: (الغيبة للنعماني)، وبهذا الإسناد، وهكذا في صدر الإسناد الآتية مصدَّراً بعبد الواحد بن عبد الله، وهو من مشايخ النعماني.
(٢٠٣) في المصدر: (عن محمّد بن زائدة) بدل (عن محمّد بن زرارة).
(٢٠٤) في المصدر: (المطالب).
(٢٠٥) في المصدر: (المبدح).
(٢٠٦) الغيبة للنعماني (ص ٢١٥).

↑صفحة ٧٤↑

بيان: ابن الأرواع لعلَّه جمع الأروع أي ابن جماعة هم أروع الناس، أو جمع الروع وهو من يعجبك بحسنه وجهارة منظره أو بشجاعته، أو جمع الروع بمعنى الخوف.
[٨٢/٢٣] الغيبة للنعماني: بِهَذَا الْإسْنَادِ، عَن الْحُسَيْن بْن أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الْخَثْعَمِيِّ(٢٠٧)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ(٢٠٨)، عَنْ وُهَيْبِ بْن حَفْصٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (علیه السلام) أَوْ أَبُو عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) - الشَّكُّ مِن ابْن عِصَام -: «يَا أبَا مُحَمَّدٍ، بِالْقَائِم عَلَامَتَان: شَامَةٌ فِي رَأسِهِ، وَدَاءُ الْحَزَازِ بِرَأسِهِ، وَشَامَةٌ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَر تَحْتَ كَتِفَيْهِ وَرَقَةٌ مِثْلُ وَرَقَةِ الْآس(٢٠٩)، ابْنُ سِتَّةٍ، وَابْنُ خِيَرَةِ الْإمَاءِ».
بيان: لعلَّ المعنى ابن ستَّة أعوام عند الإمامة، أو ابن ستَّة بحسب الأسماء فإنَّ أسماء آبائه (عليهم السلام) محمّد وعليّ وحسين وجعفر وموسى وحسن ولم يحصل ذلك في أحد من الأئمَّة (عليهم السلام) قبله، مع أنَّ بعض رواة تلك الأخبار من الواقفيَّة ولا تُقبَل رواياتهم فيما يوافق مذهبهم(٢١٠).
[٨٣/٢٤] الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفَضْل بْن قَيْسٍ وَسَعْدَانَ بْن إِسْحَاقَ بْن سَعِيدٍ وَأَحْمَدَ بْن الْحَسَن(٢١١) بْن عَبْدِ المَلِكِ وَمُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الْقَطَوَانِيِّ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ زَيْدٍ الْكُنَاسِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ (علیهما السلام) يَقُولُ: «إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٠٧) في المصدر: (عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي).
(٢٠٨) في المصدر: (عن محمّد بن عصام) بدل (عن محمّد بن عبد الله).
(٢٠٩) الغيبة للنعماني (ص ٢١٦).
(٢١٠) ولعلَّ الصحيح أنَّه (ابن ستَّة)، وهو عبارة أُخرى عن كونه (علیه السلام) (أزيل)، يعني: متباعداً ما بين الفخذين كما مرَّ في الحديث (٧٨/١٩)، وقد صحَّحه الفاضل القمِّي المعروف بـ (أرباب) في نسخة المصدر بـ (ابن سبية)، لكنَّه لا يوافق مع الحديث (٨٥/٢٦) والحديث (٨٦/٢٧).
(٢١١) في المصدر: (الحسين) بدل (الحسن).

↑صفحة ٧٥↑

فِيهِ شَبَهٌ مِنْ يُوسُفَ، مِنْ(٢١٢) أَمَةٍ سَوْدَاءَ، يَصْلُحُ اللهُ لَهُ أَمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ(٢١٣)»، يُريدُ بِالشَّبَهِ مِنْ يُوسُفَ (علیه السلام) الْغَيْبَةَ(٢١٤).
[٨٤/٢٥] الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن رَبَاح، عَنْ أَحْمَدَ بْن عَلِيٍّ الْحِمْيَريِّ، عَن الْحَكَم بْن عَبْدِ الرَّحِيم الْقَصِير، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام): قَوْلُ أَمِير المُؤْمِنِينَ (علیه السلام): «بِأَبِي ابْنُ خِيَرَةِ الْإمَاءِ» أَهِيَ فَاطِمَةُ؟ قَالَ: «فَاطِمَةُ خَيْرُ الْحَرَائِر»، قَالَ: «المبدح [المُدَبِّحُ] بَطْنُهُ، المُشْرَبُ حُمْرَةً، رَحِمَ اللهُ فُلَاناً»(٢١٥).
[٨٥/٢٦] الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَن الْقَاسِم بْن مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَنْ عُبَيْس بْن هِشَام، عَن ابْن جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْن المُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي الصَّبَّاح، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) فَقَالَ: «مَا وَرَاءَكَ؟»، فَقُلْتُ: سُرُورٌ مِنْ عَمِّكَ زَيْدٍ خَرَجَ يَزْعُمُ أَنَّهُ ابْنُ سِتَّةٍ(٢١٦)، وَأَنَّهُ قَائِمُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَأنَّهُ ابْنُ خِيَرَةِ الْإمَاءِ، فَقَالَ: «كَذَبَ لَيْسَ هُوَ كَمَا قَالَ، إِنْ خَرَجَ قُتِلَ»(٢١٧).
بيان: لعلَّ زيداً أدخل الحسن (علیه السلام) في عداد الآباء مجازاً فإنَّ العمَّ قد يُسمَّى أباً، فمع فاطمة (عليها السلام) ستَّة من المعصومين.
[٨٦/٢٧] الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدَ ابْنَا الْحَسَن، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْن مِهْرَانَ، عَنْ يَزيدَ بْن حَازِم(٢١٨)، قَالَ:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢١٢) في المصدر: (ابن) بدل (من).
(٢١٣) في المصدر إضافة: (واحدة).
(٢١٤) الغيبة للنعماني (ص ٢٢٨).
(٢١٥) المصدر السابق.
(٢١٦) في المصدر: (سبية).
(٢١٧) الغيبة للنعماني (ص ٢٢٨).
(٢١٨) في المصدر: (عن يزيد بن أبي حازم).

↑صفحة ٧٦↑

خَرَجْتُ مِنَ الْكُوفَةِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ المَدِينَةَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي: «هَلْ صَاحَبَكَ أَحَدٌ؟»، فَقُلْتُ: نَعَمْ(٢١٩) صَحِبَنِي رَجُلٌ مِنَ المُعْتَزلَةِ، قَالَ: «فِيمَا(٢٢٠) كَانَ يَقُولُ»، قُلْتُ: كَانَ يَزْعُمُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَسَن يُرْجَى هُوَ الْقَائِمُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اسْمَهُ اسْمُ النَّبِيِّ وَاسْمَ أَبِيهِ اسْمُ أَبِي النَّبِيِّ، فَقُلْتُ لَهُ فِي الْجَوَابِ: إِنْ كُنْتَ تَأخُذُ بِالْأَسْمَاءِ فَهُوَ ذَا فِي وُلْدِ الْحُسَيْن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن عَلِيٍّ، فَقَالَ لِي: إِنَّ هَذَا ابْنُ أَمَةٍ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْن عَلِيٍّ، وَهَذَا ابْنُ مَهِيرَةٍ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَسَن بْن الْحَسَن، فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِ (علیه السلام): «فَمَا رَدَدْتَ عَلَيْهِ؟»، قُلْتُ: مَا كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ أَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «لَوْ تَعْلَمُونَ(٢٢١) أَنَّهُ ابْنُ سِتَّةٍ(٢٢٢)»، يَعْنِي الْقَائِمَ (علیه السلام)(٢٢٣).
[٨٧/٢٨] الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ(٢٢٤) بْن مُوسَى، عَن ابْن أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِر (علیه السلام)، أَنَّهُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «الْأَمْرُ فِي أَصْغَرنَا سِنًّا، وَأَخْمَلِنَا ذِكْراً»(٢٢٥).
الغيبة للنعماني: عليُّ بن الحسين، عن محمّد بن يحيى العطَّار، عن محمّد بن الحسن(٢٢٦) الرازي، عن محمّد بن عليٍّ الصيرفي، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (علیه السلام)، مثله(٢٢٧).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢١٩) في المصدر إضافة: (فقال: أكنتم تتكلَّمون؟ قلت: نعم).
(٢٢٠) في المصدر: (فما) بدل (فيما).
(٢٢١) في المصدر: (أو لم تعلموا) بدل (لو تعلمون).
(٢٢٢) في المصدر: (أنَّه ابن سبية).
(٢٢٣) الغيبة للنعماني (ص ٢٢٩).
(٢٢٤) في المصدر: (عن عبيد الله).
(٢٢٥) الغيبة للنعماني (ص ٣٢٢).
(٢٢٦) في المصدر: (حسَّان) بدل (الحسن).
(٢٢٧) الغيبة للنعماني (ص ٣٢٢).

↑صفحة ٧٧↑

[٨٨/٢٩] الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أَحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ(٢٢٨)، عَنْ أَحْمَدَ بْن هُلَيْلٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي السَّفَاتِج، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَحَدِهِمَا - لِأَبِي عَبْدِ اللهِ أَوْ لِأَبِي جَعْفَرٍ (علیهما السلام) -: أَيَكُونُ أَنْ يُفْضَى هَذَا الْأَمْرُ إِلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ؟ قَالَ: «سَيَكُونُ ذَلِكَ»، قُلْتُ: فَمَا يَصْنَعُ؟ قَالَ: «يُوَرِّثُهُ عِلْماً وَكُتُباً وَلَا يَكِلُهُ إِلَى نَفْسِهِ»(٢٢٩).
بيان: لعلَّ المعنى أنْ لا مدخل للسنِّ في علومهم وحالاتهم فإنَّ الله تعالى لا يكلهم إلى أنفسهم، بل هم مؤيَّدون بالإلهام وروح القُدُس.
[٨٩/٣٠] الغيبة للنعماني: عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ، عَن ابْن أبِي الْخَطَّابِ، [عن] مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ (علیه السلام): «لَا يَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ إِلَّا فِي أَخْمَلِنَا ذِكْراً، وَأَحْدَثِنَا سِنًّا»(٢٣٠).
[٩٠/٣١] الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام، عَنْ أَحْمَدَ بْن مَابُنْدَادَ(٢٣١)، عَنْ أَحْمَدَ بْن هُلَيْلٍ(٢٣٢)، عَنْ إِسْحَاقَ بْن صَبَّاح، عَنْ أَبِي الْحَسَن الرِّضَا (علیه السلام)، أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ هَذَا سَيُفْضَى إِلَى مَنْ يَكُونُ لَهُ الْحَمْلُ»(٢٣٣).
بيان: لعلَّ المعنى أنَّه يحتاج أنْ يُحمَل لصغره، ويحتمل أنْ يكون بالخاء المعجمة يعني يكون خامل الذكر.
[٩١/٣٢] كشف الغمَّة: ابْنُ الْخَشَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ مُوسَى،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٢٨) في المصدر: (عن أحمد بن مابنداذ).
(٢٢٩) الغيبة للنعماني (ص ٣٢٢).
(٢٣٠) الغيبة للنعماني (ص ٣٢٣).
(٢٣١) في المصدر: (مابنداذ).
(٢٣٢) في المصدر: (هلال) بدل (هليل).
(٢٣٣) الغيبة للنعماني (ص ٣٢٣).

↑صفحة ٧٨↑

عَنْ أَبِيهِ، عَن الرِّضَا (علیه السلام)، قَالَ: «الْخَلَفُ الصَّالِحُ مِنْ وُلْدِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَن بْن عَلِيٍّ، وَهُوَ صَاحِبُ الزَّمَان، وَهُوَ المَهْدِيُّ»(٢٣٤).
[٩٢/٣٣] الغيبة للطوسي: أَحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ عَمَّار بْن مَرْوَانَ، عَن المُنَخَّل، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام)، قَالَ: «المَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ، وَهُوَ رَجُلٌ آدَمُ»(٢٣٥).
[٩٣/٣٤] الْفُصُولُ المُهِمَّةُ: صِفَتُهُ (علیه السلام): شَابٌّ مَرْبُوعُ(٢٣٦) الْقَامَةِ، حَسَنُ الْوَجْهِ، وَالشَّعْرُ يَسِيلُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، أَقْنَى الْأَنْفِ، أَجْلَى الْجَبْهَةِ، قِيلَ: إِنَّهُ غَابَ فِي السِّرْدَابِ وَالْحَرَسُ عَلَيْهِ، وَكَانَ ذَلِكَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْن(٢٣٧).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٣٤) كشف الغمَّة (ج ٢/ ص ٤٧٥/ باب ما روي في أمر المهدي (علیه السلام)).
(٢٣٥) الغيبة للطوسي (ص ١٨٧/ ح ١٤٧).
(٢٣٦) في المصدر: (مرفوع) بدل (مربوع).
(٢٣٧) الفصول المهمَّة (ص ٢٨٩).

↑صفحة ٧٩↑

باب (٥): الآيات المؤوَّلة بقيام القائم (علیه السلام)

↑صفحة ٨١↑

[٩٤/١] تفسير القمِّي: ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ﴾، قَالَ: إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا إِلَى خُرُوج الْقَائِم (علیه السلام) فَنَرُدُّهُمْ وَنُعَذِّبُهُمْ، ﴿لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ﴾ أَنْ يَقُولُوا: لِـمَ لَا يَقُومُ الْقَائِمُ وَلَا يَخْرُجُ؟ عَلَى حَدِّ الْاِسْتِهْزَاءِ، فَقَالَ اللهُ: ﴿أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ﴾ [هود: ٨].
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ أَحْمَدَ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْن الْحَكَم، عَنْ سَيْفِ ابْن(٢٣٨) حَسَّانَ، عَنْ هِشَام بْن عَمَّارٍ، عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ (علیه السلام) -، عَنْ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ﴾ قَالَ: «الْأُمَّةُ المَعْدُودَةُ أَصْحَابُ الْقَائِم الثَّلَاثُمِائَةِ وَالْبِضْعَةَ عَشَرَ».
قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: وَالْأُمَّةُ فِي كِتَابِ اللهِ عَلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ فَمِنْهُ: المَذْهَبُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [البقرة: ٢١٣]، أَيْ عَلَى مَذْهَبٍ وَاحِدٍ. وَمِنْهُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاس، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ﴾ [القَصص: ٢٣]، أَيْ جَمَاعَةً. وَمِنْهُ: الْوَاحِدُ قَدْ سَمَّاهُ اللهُ أُمَّةً، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً للهِ حَنِيفاً﴾ [النحل: ١٢٠]. وَمِنْهُ: أَجْنَاسُ جَمِيع الْحَيَوَان، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٢٤]. وَمِنْهُ: أُمَّةُ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ﴾ [الرعد: ٣٠]، وَهِيَ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم). وَمِنْهُ: الْوَقْتُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَقَالَ الَّذِي نَجَا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٣٨) في المصدر: (عن سيف، عن حسَّان).

↑صفحة ٨٣↑

مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥]، أَيْ بَعْدَ وَقْتٍ، وَقَوْلُهُ: ﴿إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ﴾ يَعْنِي الْوَقْتَ. وَمِنْهُ: يَعْنِي بِهِ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا﴾ [الجاثية: ٢٨]، وَقَوْلُهُ: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ [النحل: ٨٤]، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ(٢٣٩).
[٩٥/٢] تفسير القمِّي: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾ [إبراهيم: ٥]، قَالَ: أيَّامُ اللهِ ثَلَاثَةٌ: يَوْمُ الْقَائِم (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ)، وَيَوْمُ المَوْتِ، وَيَوْمُ الْقِيَامَةِ(٢٤٠).
[٩٦/٣] تفسير القمِّي: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ﴾ أيْ أَعْلَمْنَاهُمْ، ثُمَّ انْقَطَعَتْ مُخَاطَبَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَاطَبَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَقَالَ: ﴿لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرضِ مَرَّتَيْنِ﴾ يَعْنِي فُلَاناً وَفُلَاناً وَأَصْحَابَهُمَا وَنَقْضَهُمُ الْعَهْدَ، ﴿وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً﴾ يَعْنِي مَا ادَّعَوْهُ مِنَ الْخِلَافَةِ، ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا﴾ يَعْنِي يَوْمَ الْجَمَل، ﴿بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ يَعْنِي أَمِيرَ المُؤْمِنينَ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) وَأَصْحَابَهُ، ﴿فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيارِ﴾ أيْ طَلَبُوكُمْ وَقَتَلُوكُمْ، ﴿وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً﴾ يَعْنِي يَتِمُّ وَيَكُونُ، ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ﴾ يَعْنِي لِبَني أُمَيَّةَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، ﴿وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً﴾ مِنَ الْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ (علیه السلام)(٢٤١) وَأَصْحَابِهِ، وَسَبَوْا(٢٤٢) نِسَاءَ آلِ مُحَمَّدٍ، ﴿إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٣٩) تفسير القمِّي (ج ١/ ص ٣٢٢).
(٢٤٠) تفسير القمِّي (ج ١/ ص ٣٦٧).
(٢٤١) في المصدر: (من الحسن والحسين أبناء عليٍّ (علیه السلام)).
(٢٤٢) في المصدر: (وأصحابهما فقتلوا الحسين بن عليٍّ وسبوا).

↑صفحة ٨٤↑

جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ﴾ يَعْنِي الْقَائِمَ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) وَأَصْحَابَهُ، ﴿لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ﴾ يَعْنِي تَسَوُّدَ(٢٤٣) وُجُوهِهِمْ، ﴿وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ يَعْنِي رَسُولَ اللهِ وَأَصْحَابَهُ(٢٤٤)، ﴿وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً﴾ أَيْ يَعْلُو عَلَيْكُمْ فَيَقْتُلُوكُمْ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ (عليهم السلام) فَقَالَ: ﴿عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ﴾ أَيْ يَنْصُرُكُمْ عَلَى عَدُوِّكُمْ، ثُمَّ خَاطَبَ بَنِي أُمَيَّةَ فَقَالَ: ﴿وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا﴾ [الإسراء: ٤ - ٨]، يَعْنِي إِنْ عُدْتُمْ بِالسُّفْيَانِيِّ عُدْنَا بِالْقَائِم مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ)(٢٤٥).
بيان: على تفسيره معنى الآية: أوحينا إلى بني إسرائيل أنَّكم يا أُمَّة محمّد تفعلون كذا وكذا، ويحتمل أنْ يكون الخبر الذي أخذ عنه التفسير محمولاً على أنَّه لـمَّا أخبر النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّ كلَّما يكون في بني إسرائيل يكون في هذه الأُمَّة نظيره فهذه الأُمور نظاير تلك الوقايع، وفي بطن الآيات إشارة إليها، وبهذا الوجه الذي ذكرنا تستقيم أوَّليهما. و(الكرَّة): الدولة والغلبة. و(النفير): من ينفر مع الرجل من قومه، وقيل: جمع نفر وهم المجتمعون للذهاب إلى العدوِّ. قوله تعالى: ﴿وَعْدُ الْآخِرَةِ﴾ أي وعد عقوبة المرَّة الآخرة. قوله تعالى: ﴿وَلِيُتَبِّرُوا﴾ أي وليهلكوا. ﴿مَا عَلَوْا﴾ أي ما غلبوه واستولوا عليه، أو مدَّة علوِّهم.
[٩٧/٤] تفسير القمِّي: ﴿أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً﴾ [طه: ١١٣]، يَعْنِي(٢٤٦) مِنْ أَمْر الْقَائِم وَالسُّفْيَانِيِّ(٢٤٧).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٤٣) في المصدر: (تسودُّون).
(٢٤٤) في المصدر إضافة: (وأمير المؤمنين وأصحابه).
(٢٤٥) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ١٤).
(٢٤٦) في المصدر: (يعني ما يحدث).
(٢٤٧) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ٦٥).

↑صفحة ٨٥↑

[٩٨/٥] تفسير القمِّي: ﴿فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا﴾ يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ إِذَا أَحَسُّوا بِالْقَائِمِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، ﴿إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ﴾ يَعْنِي الْكُنُوزَ الَّتِي كَنَزُوهَا، قَالَ: فَيَدْخُلُ بَنُو أُمَيَّةَ إِلَى الرُّومِ إِذَا طَلَبَهُمُ الْقَائِمُ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ)، ثُمَّ يُخْرجُهُمْ مِنَ الرُّومِ وَيُطَالِبُهُمْ بِالْكُنُوزِ الَّتِي كَنَزُوهَا، فَيَقُولُونَ كَمَا حَكَى اللهُ: ﴿يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ﴾ [الأنبياء: ١٢ - ١٥]، قَالَ: بِالسَّيْفِ وَتَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا لَفْظُهُ مَاضٍ وَمَعْنَاهُ مُسْتَقْبَلٌ، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِمَّا تَأويلُهُ بَعْدَ تَنْزيلِهِ(٢٤٨).
بيان: ﴿يَرْكُضُونَ﴾ أي يهربون مسرعين راكضين دوابَّهم. قوله تعالى: ﴿حَصِيداً﴾ أي مثل الحصيد، وهو النبت المحصود. ﴿خَامِدِينَ﴾ أي ميِّتين، من خمدت النار.
[٩٩/٦] تفسير القمِّي: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ﴾، قَالَ: الْكُتُبُ كُلُّهَا ذِكْرٌ، ﴿أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠٥]، قَالَ: الْقَائِمُ (علیه السلام) وَأَصْحَابُهُ(٢٤٩).
توضيح: قوله: (الكُتُب كلُّها ذكر): أي بعد أنْ كتبنا في الكُتُب الأُخر المنزلة. وقال المفسِّرون: المراد به التوراة. وقيل: المراد بالزبور جنس الكُتُب المنزلة، وبالذكر اللوح المحفوظ.
[١٠٠/٧] تفسير القمِّي: أَبِي، عَن ابْن أَبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) فِي قَوْلِهِ: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٤٨) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ٦٨).
(٢٤٩) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ٧٧).

↑صفحة ٨٦↑

لَقَدِيرٌ﴾ [الحجّ: ٣٩]، قَالَ: «إِنَّ الْعَامَّةَ يَقُولُونَ: نَزَلَتْ فِي رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لَـمَّا أَخْرَجَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ مَكَّةَ، وَإِنَّمَا هُوَ الْقَائِمُ (علیه السلام)(٢٥٠) إِذَا خَرَجَ يَطْلُبُ بِدَم الْحُسَيْن (علیه السلام)، وَهُوَ قَوْلُهُ: نَحْنُ أَوْلِيَاءُ الدَّم وَطُلَّابُ التِّرَةِ»(٢٥١).
[١٠١/٨] تفسير القمِّي: ﴿وَمَنْ عَاقَبَ﴾ يَعْنِي رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ﴿بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ﴾ يَعْنِي حِينَ(٢٥٢) أَرَادُوا أَنْ يَقْتُلُوهُ، ﴿ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ﴾ [الحج: ٦٠]، بِالْقَائِم مِنْ وُلْدِهِ (علیه السلام)(٢٥٣).
[١٠٢/٩] تفسير القمِّي: فِي روَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام) فِي قَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ﴾ [الحجّ: ٤١]: «فَهَذِهِ لآِلِ مُحَمَّدِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ) إِلَى آخِر الْأَئِمَّةِ(٢٥٤) وَالمَهْدِيِّ وَأَصْحَابِهِ يَمْلِكُهُمُ اللهُ مَشَارقَ الْأَرْض وَمَغَاربَهَا، وَيُظْهِرُ [بِهِ](٢٥٥) الدِّينَ، وَيُمِيتُ اللهُ بِهِ وَبِأَصْحَابِهِ الْبِدَعَ وَالْبَاطِلَ كَمَا أَمَاتَ السُّفَهَاءُ الْحَقَّ حَتَّى لَا يُرَى أَيْنَ الظُّلْمُ، وَيَأمُرُونَ بالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَن المُنْكَر»(٢٥٦).
[١٠٣/١٠] تفسير القمِّي: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ [الشعراء: ٤].
فَإنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي، عَن ابْن أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَام، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)، قَالَ:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٥٠) في المصدر: (هي للقائم (علیه السلام)).
(٢٥١) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ٨٤)، وفيه: (الدية) بدل (الترة).
(٢٥٢) في المصدر: (حسيناً) بدل (حين).
(٢٥٣) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ٨٧).
(٢٥٤) في المصدر: (الآية) بدل (الأئمَّة).
(٢٥٥) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.
(٢٥٦) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ٨٧)، وعبارة: (ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) ليست في المصدر، كذلك فيه: (أثر للظلم) بدل (أين الظلم).

↑صفحة ٨٧↑

«تَخْضَعُ رقَابُهُمْ - يَعْنِي بَنِي أُمَيَّةَ - وَهِيَ الصَّيْحَةُ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم صَاحِبِ الْأَمْر (علیه السلام)»(٢٥٧).
[١٠٤/١١] تفسير القمِّي: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرضِ﴾ [النمل: ٦٢].
فَإنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي، عَن الْحَسَن بْن عَلِيِّ بْن فَضَّالٍ، عَنْ صَالِح بْن عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)، قَالَ: «نَزَلَتْ فِي الْقَائِم (علیه السلام)، هُوَ وَاللهِ المُضْطَرُّ إِذَا صَلَّى فِي المَقَام رَكْعَتَيْن وَدَعَا اللهَ فَأَجَابَهُ، وَيَكْشِفُ السُّوءَ، وَيَجْعَلُهُ خَلِيفَةً فِي الْأَرْض»(٢٥٨).
[١٠٥/١٢] تفسير القمِّي: ﴿وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ﴾ يَعْنِي الْقَائِمَ (علیه السلام)، ﴿لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ﴾ [العنكبوت: ١٠](٢٥٩).
[١٠٦/١٣] تفسير القمِّي: جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عَبْدِ الْكَريم بْن عَبْدِ الرَّحِيم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَن الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ﴾ يَعْنِي الْقَائِمَ وَأَصْحَابَهُ، ﴿فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ﴾ وَالْقَائِمُ إِذَا قَامَ انْتَصَرَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَمِنَ المُكَذِّبِينَ وَالنُّصَّابِ، هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الشورى: ٤١ و٤٢]»(٢٦٠).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٥٧) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ١١٨).
(٢٥٨) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ١٢٩).
(٢٥٩) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ١٤٩).
(٢٦٠) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ٢٧٨).

↑صفحة ٨٨↑

تفسير فرات: أحمد بن محمّد بن أحمد بن طلحة الخراساني، عن عليِّ بن الحسن بن فضَّال، عن إسماعيل بن مهران، عن يحيى بن أبان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبِي جعفر (علیه السلام)، مثله(٢٦١).
[١٠٧/١٤] تفسير القمِّي: رُويَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾ [القمر: ١]، يَعْنِي خُرُوجَ الْقَائِم (علیه السلام)(٢٦٢).
[١٠٨/١٥] تفسير القمِّي: أَحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن الْأَشْعَريِّ، عَن ابْن يَزيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْن حَمَّادٍ الْخَزَّازِ، عَن الْحُسَيْن بْن أحْمَدَ الْمِنْقَريِّ، عَنْ يُونُسَ بْن ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾ [الرحمن: ٦٤]، قَالَ: «يَتَّصِلُ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ نَخْلاً»(٢٦٣).
[١٠٩/١٦] تفسير القمِّي: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ﴾ [الصفّ: ٨]، قَالَ: بِالْقَائِم مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ)(٢٦٤) إِذَا خَرَجَ، ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [الصفّ: ٩]، حَتَّى لَا يُعْبَدَ غَيْرُ اللهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً(٢٦٥).
[١١٠/١٧] تفسير القمِّي: ﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ [الصفّ: ١٣]، يَعْنِي فِي الدُّنْيَا بِفَتْح الْقَائِم (علیه السلام)(٢٦٦).
[١١١/١٨] تفسير القمِّي: ﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ﴾، قَالَ: الْقَائِمُ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٦١) تفسير فرات (ص ٣٩٩/ ح ٥٣٢).
(٢٦٢) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ٣٤٠).
(٢٦٣) المصدر السابق.
(٢٦٤) في المصدر: (صلوات الله عليهم حتَّى إذا).
(٢٦٥) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ٣٦٥).
(٢٦٦) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ٣٦٦).

↑صفحة ٨٩↑

وَأَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (علیهما السلام)(٢٦٧)، ﴿فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً﴾ [الجنّ: ٢٤](٢٦٨).
[١١٢/١٩] تفسير القمِّي: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ﴾ يَا مُحَمَّدُ، ﴿أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً﴾ [الطارق: ١٥ - ١٧]، لَوْ بُعِثَ(٢٦٩) الْقَائِمُ (علیه السلام) فَيَنْتَقِمُ لِي مِنَ الْجَبَّارينَ وَالطَّوَاغِيتِ مِنْ قُرَيْشٍ وَبَنِي أُمَيَّةَ وَسَائِر النَّاس(٢٧٠).
[١١٣/٢٠] تفسير القمِّي: أَحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْجَبَّار، عَن ابْن أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ حَمَّادِ بْن عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (علیه السلام) عَنْ قَوْلِ اللهِ: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾ [الليل: ١]، قَالَ: «اللَّيْلُ فِي هَذَا المَوْضِع الثَّانِي(٢٧١) غَشَّ أَمِيرَ المُؤْمِنينَ (علیه السلام) فِي دَوْلَتِهِ الَّتِي جَرَتْ لَهُ عَلَيْهِ وَأُمِرَ أَمِيرُ المُؤْمِنينَ (علیه السلام) أَنْ يَصْبِرَ فِي دَوْلَتِهِمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ»، قَالَ: ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى﴾ [الليل: ٢]، قَالَ: «النَّهَارُ هُوَ الْقَائِمُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ (عليهم السلام) إِذَا قَامَ غَلَبَ دَوْلَةَ الْبَاطِل. وَالْقُرْآنُ ضَرَبَ فِيهِ الْأَمْثَالَ لِلنَّاس، وَخَاطَبَ نَبِيَّهُ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بِهِ، وَنَحْنُ [نَعْلَمُهُ]، فَلَيْسَ يَعْلَمُهُ غَيْرُنَا»(٢٧٢).
إيضاح: قوله (علیه السلام): (غَشَّ) لعلَّه بيان لحاصل المعنى لا لأنَّه مشتقٌّ من الغشِّ، أي غشيه وأحاط به وأطفى نوره وظلمه وغشَّه، ويحتمل أنْ يكون من باب أمللت وأمليت.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٦٧) في المصدر إضافة: (في الرجعة).
(٢٦٨) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ٣٩١).
(٢٦٩) في المصدر: (لوقت بعث) بدل (لو بعث).
(٢٧٠) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ٤١٦).
(٢٧١) في المصدر: (فلان) بدل (الثاني).
(٢٧٢) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ٤٢٥).

↑صفحة ٩٠↑

[١١٤/٢١] تفسير القمِّي: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: ٣٠].
قُلْ: أَرَأيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ إِمَامُكُمْ غَائِباً فَمَنْ يَأتِيكُمْ بِإِمَام مِثْلِهِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أَحْمَدَ، عَن الْقَاسِم بْن الْعَلَاءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَلِيٍّ الْفَزَاريِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْن أَيُّوبَ، قَالَ: سُئِلَ الرِّضَا (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) عَنْ قَوْلِ اللهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾، فَقَالَ (علیه السلام): «مَاؤُكُمْ أَبْوَابُكُمُ(٢٧٣) الْأَئِمَّةُ، وَالْأَئِمَّةُ أَبْوَابُ اللهِ(٢٧٤)، ﴿فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ يَعْنِي يَأتِيكُمْ بِعِلْم الْإمَام»(٢٧٥).
[١١٥/٢٢] تفسير القمِّي: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣٣]، إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْقَائِم مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (عليهم السلام)، وَهُوَ الْإمَامُ الَّذِي يُظْهِرُهُ اللهُ عَلَى الدِّين كُلِّهِ فَيَمْلَأ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، وَهَذَا(٢٧٦) مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ تَأويلَهُ(٢٧٧) بَعْدَ تَنْزيلِهِ(٢٧٨).
[١١٦/٢٣] الخصال: الْعَطَّارُ، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن يَزيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الْمِيثَمِيِّ، عَنْ مُثَنَّى الْحَنَّاطِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (علیه السلام) يَقُولُ: «أَيَّامُ اللهِ ثَلَاثَةٌ: يَوْمُ يَقُومُ الْقَائِمُ، وَيَوْمُ الْكَرَّةِ، وَيَوْمُ الْقِيَامَةِ»(٢٧٩).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٧٣) في المصدر إضافة: (أي).
(٢٧٤) في المصدر إضافة: (بينه وبين خلقه).
(٢٧٥) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ٣٧٩).
(٢٧٦) عبارة: (يُظهِره الله) حتَّى (وظلماً هذا) ليست في المصدر.
(٢٧٧) في المصدر: (ذكرناه ممَّا تأويله) بدل (ممَّا ذكرنا أنَّ).
(٢٧٨) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ٢٨٩).
(٢٧٩) الخصال (ج ١/ ص ١٠٨/ باب الثلاثة/ ح ٧٥).

↑صفحة ٩١↑

معاني الأخبار: أبي، عن الحميري، عن ابن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن مثنَّى الحنَّاط، عن جعفر، عن أبيه (علیه السلام)، مثله(٢٨٠).
[١١٧/٢٤] ثواب الأعمال: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ عَبَّادِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام): ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾، قَالَ: «يَغْشَاهُمُ الْقَائِمُ بِالسَّيْفِ»، قَالَ: قُلْتُ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ﴾، قَالَ: «يَقُولُ خَاضِعَةٌ لَا تُطِيقُ الْاِمْتِنَاعَ»، قَالَ: قُلْتُ: ﴿عَامِلَةٌ﴾، قَالَ: «عَمِلَتْ بِغَيْر مَا أَنْزَلَ اللهُ (عزَّ وجلَّ)»، قُلْتُ: ﴿نَاصِبَةٌ﴾، قَالَ: «نَصْبُ غَيْر(٢٨١) وُلَاةِ الْأَمْر»، قَالَ: قُلْتُ: ﴿تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً﴾ [الغاشية: ١ - ٤]، قَالَ: «تَصْلَى نَارَ الْحَرْبِ فِي الدُّنْيَا عَلَى عَهْدِ الْقَائِم، وَفِي الآخِرَةِ نَارَ جَهَنَّمَ»(٢٨٢).
[١١٨/٢٥] كمال الدِّين، وثواب الأعمال: أَبِي، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن أَبِي الْخَطَّابِ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَن ابْن رئَابٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ﴾ [الأنعام: ١٥٨]، فَقَالَ: «الآيَاتُ هُمُ الْأَئِمَّةُ، وَالْآيَةُ المُنْتَظَرُ هُوَ الْقَائِمُ (علیه السلام)، فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْل قِيَامِهِ بِالسَّيْفِ وَإِنْ آمَنَتْ بِمَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ آبَائِهِ (عليهم السلام)»(٢٨٣).
ثواب الأعمال: وحدَّثنا بذلك أحمد بن زياد، عن عليٍّ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير وابن محبوب، عن ابن رئاب وغيره، عن الصادق (علیه السلام)(٢٨٤).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٨٠) معاني الأخبار (ص ٣٦٥ و٣٦٦/ باب معنى أيَّام الله/ ح ١).
(٢٨١) في المصدر: (نصبت لغيره).
(٢٨٢) ثواب الأعمال (ص ٢٤٨/ ح ١٠).
(٢٨٣) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٣٣٦/ باب ما روي عن الصادق (علیه السلام)/ ح ٨)، ولم نعثر عليه في ثواب الأعمال.
(٢٨٤) لم نعثر عليه في ثواب الأعمال، وعثرنا عليه في كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣٠).

↑صفحة ٩٢↑

[١١٩/٢٦] كمال الدِّين: أَبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريِّ مَعاً، عَنْ أَحْمَدَ بْن الْحُسَيْن بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ، عَن الْحُسَيْن بْن الرَّبيع، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ أَسَدِ بْن ثَعْلَبَةَ، عَنْ أُمِّ هَانِئ، قَالَتْ: لَقِيتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ ابْن الْحُسَيْن بْن عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ (عليهم السلام) فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ﴾ [التكوير: ١٥ و١٦]، فَقَالَ: «إِمَامٌ يَخْنِسُ فِي زَمَانِهِ عِنْدَ انْقِضَاءٍ مِنْ عِلْمِهِ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَتَيْن، ثُمَّ يَبْدُو كَالشِّهَابِ الْوَقَّادِ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْل، فَإنْ أَدْرَكْتِ ذَلِكَ قَرَّتْ عَيْنَاكِ»(٢٨٥).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن عليٍّ، عن الأسدي، عن سعد، عن الحسين بن عمر بن يزيد، عن أبي الحسن بن أبِي الربيع، عن محمّد ابن إسحاق، مثله(٢٨٦).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن عدَّة من رجاله، عن سعد، عن أحمد بن الحسين(٢٨٧) بن عمر، عن الحسين(٢٨٨) بن أبي الربيع، عن محمّد بن إسحاق، مثله(٢٨٩).
تفسير: قال البيضاوي: ﴿بِالْخُنَّسِ﴾ بالكواكب الرواجع، من خنس إذا تأخَّر، وهي ما سوى النيِّرين(٢٩٠) من السيَّارات الجوار. ﴿الْكُنَّسِ﴾ أي السيَّارات التي تختفي تحت ضوء الشمس، من كنس الوحش إذا دخل كناسته(٢٩١)، انتهى.
[وأقول: على تأويله على الجمعيَّة إمَّا للتعظيم، أو للمبالغة في التأخُّر، أو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٨٥) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣٢٤/ باب ما أخبر به أبو جعفر الباقر (علیه السلام)/ ح ١).
(٢٨٦) الغيبة للطوسي (ص ١٥٩/ ح ١١٦).
(٢٨٧) في المصدر: (الحسن) بدل (الحسين).
(٢٨٨) في المصدر: (الحسن).
(٢٨٩) الغيبة للنعماني (ص ١٥٠/ باب ١٠/ ح ٧).
(٢٩٠) في المصدر إضافة: (الكواكب).
(٢٩١) أنوار التنزيل (ج ٢/ ص ٥٧٣).

↑صفحة ٩٣↑

لشموله لسائر الأئمَّة (عليهم السلام) باعتبار الرجعة، أو لأنَّ ظهوره (علیه السلام) بمنزلة ظهور الجميع. ويحتمل أنْ يكون المراد بها الكواكب، فيكون ذكرها لتشبيه الإمام بها في الغيبة والظهور كما في أكثر البطون. (فإنْ أدركتِ): أي على الفرض البعيد، أو في الرجعة. (ذلك): أي ظهوره وتمكُّنه](٢٩٢).
[١٢٠/٢٧] كمال الدِّين: أَبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُوسَى بْن عُمَرَ بْن يَزيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْن أَسْبَاطٍ، عَنْ عَلِيِّ بْن أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام)، قَالَ فِي قَوْلِ اللهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: ٣٠]، فَقَالَ: «هَذِهِ نَزَلَتْ فِي الْقَائِم، يَقُولُ: إِنْ أَصْبَحَ إِمَامُكُمْ غَائِباً عَنْكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيْنَ هُوَ فَمَنْ يَأتِيكُمْ بِإمَام ظَاهِرٍ يَأتِيكُمْ بِأَخْبَار السَّمَاءِ وَالْأَرْض وَحَلَالِ اللهِ (جَلَّ وَعَزَّ) وَحَرَامِهِ؟»، ثُمَّ قَالَ: «وَاللهِ مَا جَاءَ تَأويلُ الْآيَةِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَجِيءَ تَأويلُهَا»(٢٩٣).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن عليٍّ الرازي، عن الأسدي، عن سعد، عن موسى بن عمر بن يزيد، مثله(٢٩٤).
[١٢١/٢٨] كمال الدِّين: ابْنُ المُتَوَكِّل، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَن ابْن عِيسَى، عَنْ عُمَرَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ غَيْر وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) فِي قَوْلِ اللهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: ٣]، قَالَ: «مَنْ أَقَرَّ بِقِيَام الْقَائِمِ (علیه السلام) أَنَّهُ حَقٌّ»(٢٩٥).
[١٢٢/٢٩] كمال الدِّين: الدَّقَّاقُ، عَن الْأَسَدِيِّ، عَن النَّخَعِيِّ، عَن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٩٢) هكذا في المطبوعة بين معقوفتين.
(٢٩٣) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣٢٥/ باب ما أخبر به أبو جعفر الباقر (علیه السلام)/ ح ٣).
(٢٩٤) الغيبة للطوسي (ص ١٥٨/ ح ١١٥).
(٢٩٥) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٣٤٠/ باب ما أخبر به الصادق (علیه السلام)/ ح ١٩).

↑صفحة ٩٤↑

النَّوْفَلِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْن أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي الْقَاسِم، قَالَ: سَأَلْتُ الصَّادِقَ (علیه السلام) عَنْ قَوْلِ اللهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: ١ - ٣]، فَقَالَ: «المُتَّقُونَ شِيعَةُ عَلِيٍّ (علیه السلام)، وَأَمَّا الْغَيْبُ فَهُوَ الْحُجَّةُ الْغَائِبُ، وَشَاهِدُ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَيَقُولُونَ لَوْ لَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾ [يونس: ٢٠]»(٢٩٦).
[١٢٣/٣٠] كمال الدِّين: المُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أَحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيِّ، عَنْ مُوسَى بْن الْقَاسِم، عَنْ عَلِيِّ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى (علیه السلام)، قَالَ: «سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) يَقُولُ فِي قَوْلِ اللهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: ٣٠]: قُلْ: أَرَأيْتُمْ إِنْ غَابَ عَنْكُمْ إِمَامُكُمْ فَمَنْ يَأتِيكُمْ بِإمَام جَدِيدٍ»(٢٩٧).
الغيبة للنعماني: محمّد بن همَّام، عن أحمد بن مابنداد(٢٩٨)، عن أحمد بن هليل(٢٩٩)، عن موسى بن القاسم، مثله(٣٠٠).
وعن الكليني، عن عليِّ بن محمّد، عن سهل، عن موسى بن القاسم، مثله(٣٠١).
[١٢٤/٣١] الغيبة للطوسي: إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْن مَالِكٍ، عَنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٢٩٦) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٣٤٠/ باب ما أخبر به الصادق (علیه السلام)/ ح ٢٠).
(٢٩٧) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٣٥١/ باب ما أخبر به الصادق (علیه السلام)/ ح ٤٨).
(٢٩٨) في المصدر: (مابنداذ).
(٢٩٩) في المصدر: (هلال).
(٣٠٠) الغيبة للنعماني (ص ١٧٦).
(٣٠١) الغيبة للنعماني (ص ١٧٦)، والكافي (ج ١/ ص ٣٣٩/ باب ٨٠/ ح ٩٠٤).

↑صفحة ٩٥↑

حَيْدَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبَّادِ بْن يَعْقُوبَ، عَنْ نَصْر بْن مُزَاحِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَن الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِح، عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ [الذاريات: ٢٢]، قَالَ: هُوَ خُرُوجُ المَهْدِيِّ(٣٠٢).
[١٢٥/٣٢] الغيبة للطوسي: بِهَذَا الْإسْنَادِ، عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ يَعْنِي يُصْلِحُ الْأَرْضَ بِقَائِم آلِ مُحَمَّدٍ، مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا يَعْنِي مِنْ بَعْدِ جَوْر أَهْل مَمْلَكَتِهَا، ﴿قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآَيَاتِ﴾ بِقَائِم آلِ مُحَمَّدٍ، ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الحديد: ١٧](٣٠٣).
[١٢٦/٣٣] الغيبة للطوسي: أَبُو مُحَمَّدٍ المَجْدِيُّ(٣٠٤)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ بْن تَمَّام، عَن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدٍ الْقِطَعِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْن أَحْمَدَ بْن حَاتِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَن الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِح، عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللهِ: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَ رَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾ [الذاريات: ٢٢ و٢٣]، قَالَ: قِيَامُ الْقَائِم (علیه السلام)، وَمِثْلُهُ: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً﴾ [البقرة: ١٤٨]، قَالَ: أَصْحَابُ الْقَائِم يَجْمَعُهُمُ اللهُ فِي يَوْم وَاحِدٍ(٣٠٥).
[١٢٧/٣٤] الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ المُقْري، عَنْ عَلِيِّ بْن الْعَبَّاس، عَنْ بَكَّار بْن أَحْمَدَ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن، عَنْ سُفْيَانَ الْجَريريِّ، عَنْ عُمَيْر بْن هَاشِم الطَّائِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن عَلِيِّ بْن الْحُسَيْن فِي هَذِهِ الآيَةِ: ﴿فَوَ رَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٠٢) الغيبة للطوسي (ص ١٧٥/ ح ١٣٠).
(٣٠٣) الغيبة للطوسي (ص ١٧٥/ ح ١٣١).
(٣٠٤) في المصدر: (المحمّدي) بدل (المجدي).
(٣٠٥) الغيبة للطوسي (ص ١٧٥/ ح ١٣٢).

↑صفحة ٩٦↑

[الذاريات: ٢٣]، قَالَ: قِيَامُ الْقَائِم مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَفِيهِ نَزَلَتْ: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾ [النور: ٥٥]، قَالَ: نَزَلَتْ فِي المَهْدِيِّ (علیه السلام)(٣٠٦).
كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: محمّد بن العبَّاس، عن عليِّ بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن الحسن بن الحسين، مثله(٣٠٧).
[١٢٨/٣٥] الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَن الْحُسَيْن بْن مُحَمَّدٍ الْقِطَعِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْن حَاتِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَرْوَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْن يَحْيَى الثَّوْريِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ (علیه السلام) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ [القَصص: ٥]، قَالَ: «هُمْ آلُ مُحَمَّدٍ يَبْعَثُ اللهُ مَهْدِيَّهُمْ بَعْدَ جَهْدِهِمْ، فَيُعِزُّهُمْ وَيُذِلُّ عَدُوَّهُمْ»(٣٠٨).
[١٢٩/٣٦] كمال الدِّين: عَلِيُّ بْنُ حَاتِم فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن زِيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيِّ بْن سَمَاعَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْن الْحَسَن الْمِيثَمِيِّ، عَنْ سَمَاعَةَ وَغَيْرهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)، قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْقَائِمِ (علیه السلام): ﴿وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [الحديد: ١٦]»(٣٠٩).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٠٦) الغيبة للطوسي (ص ١٧٦/ ح ١٣٣).
(٣٠٧) تأويل الآيات الظاهرة (ص ٥٩٦).
(٣٠٨) الغيبة للطوسي (ص ١٨٤/ ح ١٤٣).
(٣٠٩) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٦٦٨/ باب النوادر/ ح ١٢).

↑صفحة ٩٧↑

[١٣٠/٣٧] كمال الدِّين: بِهَذَا الْإسْنَادِ، عَن الْمِيثَمِيِّ، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ مُؤْمِن الطَّاقِ، عَنْ سَلَّام بْن المُسْتَنِير، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام) فِي قَوْلِ اللهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ [الحديد: ١٧]، قَالَ: «يُحْيِيهَا اللهُ (عزَّ وجلَّ) بِالْقَائِم، بَعْدَ مَوْتِهَا يَعْنِي بِمَوْتِهَا كُفْرَ أَهْلِهَا، وَالْكَافِرُ مَيِّتٌ»(٣١٠).
[١٣١/٣٨] تفسير العيَّاشي: عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) فِي قَوْلِ اللهِ: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ [آل عمران: ١٤٠]، قَالَ: «مَا زَالَ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ آدَمَ دَوْلَةٌ للهِ وَدَوْلَةٌ لِإبْلِيسَ، فَأَيْنَ دَوْلَةُ اللهِ؟ أَمَا هُوَ قَائِمٌ وَاحِدٌ»(٣١١).
[١٣٢/٣٩] تفسير العيَّاشي: عَنْ عَمْرو بْن شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (علیه السلام) فِي هَذِهِ الآيَةِ: ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ﴾ [المائدة: ٣]: «يَوْمَ يَقُومُ الْقَائِمُ (علیه السلام) يَئِسَ بَنُو أُمَيَّةَ، فَهُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، يَئِسُوا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ (عليهم السلام)»(٣١٢).
[١٣٣/٤٠] تفسير العيَّاشي: عَنْ جَابِرٍ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ (علیهما السلام) فِي قَوْلِ اللهِ: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾ [التوبة: ٣]، قَالَ: «خُرُوجُ الْقَائِم، وَ﴿أَذَانٌ﴾ دَعْوَتُهُ إِلَى نَفْسِهِ»(٣١٣).
بيان: هذا بطن للآية.
[١٣٤/٤١] تفسير العيَّاشي: عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (علیه السلام): «سُئِلَ أَبِي عَنْ قَوْلِ اللهِ: ﴿قَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾ [التوبة: ٣٦]، حَتَّى لَا يَكُونَ مُشْركٌ(٣١٤)، ﴿وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣١٠) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٦٦٨/ باب النوادر/ ح ١٣).
(٣١١) تفسير العيِّاشي (ج ١/ ص ١٩٩/ ح ١٤٥)، وفيه: (وأمَّا هو إلَّا قائم واحد).
(٣١٢) تفسير العيَّاشي (ج ١/ ص ٢٩٢/ ح ١٩).
(٣١٣) تفسير العيَّاشي (ج ٢/ ص ٧٦/ ح ١٥).
(٣١٤) في المصدر: (حتَّى لا تكون فتنة).

↑صفحة ٩٨↑

[الأنفال: ٣٩]»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهُ لَمْ يَجِئْ تَأويلُ هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا(٣١٥) سَيَرَى مَنْ يُدْركُهُ مَا يَكُونُ مِنْ تَأويل هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَيَبْلُغَنَّ دَيْنُ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مَا بَلَغَ اللَّيْلُ حَتَّى لَا يَكُونَ شِرْكٌ عَلَى ظَهْر الْأَرْض كَمَا قَالَ اللهُ»(٣١٦).
بيان: أي كما قال الله في قوله: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ﴾ [الأنفال: ٣٩].
[١٣٥/٤٢] تفسير العيَّاشي: عَنْ أَبَانٍ، عَنْ مُسَافِرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) فِي قَوْلِ اللهِ: ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ﴾ [هود: ٨]: «يَعْنِي عِدَّةً كَعِدَّةِ بَدْرٍ»(٣١٧)، قَالَ: «يَجْمَعُونَ لَهُ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ قَزَعاً كَقَزَع الْخَريفِ»(٣١٨).
إيضاح: قال الجزري: في حديث عليٍّ (علیه السلام): «فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف»: أي قطع السحاب المتفرِّقة، وإنَّما خصَّ الخريف لأنَّه أوَّل الشتاء والسحاب يكون فيه متفرِّقاً غير متراكم ولا مطبق، ثمَّ يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك(٣١٩).
[١٣٦/٤٣] تفسير العيَّاشي: عَن الْحُسَيْن، عَن الْخَزَّازِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام): ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ﴾ [هود: ٨]، قَالَ: «هُوَ الْقَائِمُ وَأَصْحَابُهُ»(٣٢٠).
[١٣٧/٤٤] تفسير العيَّاشي: عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عُمَرَ، عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا جَعْفَرٍ (علیه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ عَهْدَ نَبِيِّ اللهِ صَارَ عِنْدَ عَلِيِّ بْن الْحُسَيْن (علیه السلام)، ثُمَّ صَارَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣١٥) في المصدر إضافة: (بعده).
(٣١٦) تفسير العيَّاشي (ج ٢/ ص ٥٦/ ح ٤٨).
(٣١٧) في المصدر إضافة: ﴿لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ﴾ (هود: ٨).
(٣١٨) تفسير العيَّاشي (ج ٢/ ص ١٤٠/ ح ٧).
(٣١٩) النهاية (ج ٤/ ص ٥٩).
(٣٢٠) تفسير العيَّاشي (ج ٢/ ص ١٤١/ ح ٩).

↑صفحة ٩٩↑

عِنْدَ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، ثُمَّ يَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ، فَالْزَمْ هَؤُلَاءِ، فَإذَا خَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مَعَهُ ثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ، وَمَعَهُ رَايَةُ رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، عَامِداً إِلَى المَدِينَةِ حَتَّى يَمُرَّ بِالْبَيْدَاءِ، فَيَقُولَ: هَذَا مَكَانُ الْقَوْم الَّذِينَ خُسِفَ بِهِمْ، وَهِيَ الْآيَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ: ﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ [النحل: ٤٥ و٤٦]»(٣٢١).
[١٣٨/٤٥] تفسير العيَّاشي: عَن ابْن سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)، سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللهِ: ﴿أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الأَرْضَ﴾ [النحل: ٤٥]، قَالَ: «هُمْ أَعْدَاءُ اللهِ، وَهُمْ يُمْسَخُونَ وَيُقْذَفُونَ وَيَسْبُخُونَ فِي الْأَرْض»(٣٢٢).
[١٣٩/٤٦] تفسير العيَّاشي: عَنْ صَالِح بْن سَهْلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) فِي قَوْلِهِ: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرضِ مَرَّتَيْنِ﴾: «قَتْلُ عَلِيٍّ وَطَعْنُ الْحَسَن، ﴿وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً﴾ قَتْلُ الْحُسَيْن، ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا﴾ إِذَا جَاءَ نَصْرُ دَم الْحُسَيْن، ﴿بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيارِ﴾ قَوْمٌ يَبْعَثُهُمُ اللهُ قَبْلَ خُرُوج الْقَائِم لَا يَدَعُونَ وتْراً لِآلِ مُحَمَّدٍ إِلَّا أَحْرَقُوهُ، ﴿وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً﴾ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم، ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً﴾ [الإسراء: ٤ - ٦]، خُرُوجُ الْحُسَيْن (علیه السلام) فِي الْكَرَّةِ فِي سَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَهُ، عَلَيْهِمُ الْبِيضُ المُذَهَّبُ، لِكُلِّ بِيضَةٍ وَجْهَان، وَالمُؤَدِّي إِلَى النَّاس أَنَّ الْحُسَيْنَ قَدْ خَرَجَ فِي أَصْحَابِهِ حَتَّى لَا يَشُكَّ فِيهِ المُؤْمِنُونَ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِدَجَّالٍ وَلَا شَيْطَانٍ، الْإمَامُ الَّذِي بَيْنَ أَظْهُر النَّاس يَوْمَئِذٍ، فَإذَا اسْتَقَرَّ عِنْدَ المُؤْمِن أَنَّهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٢١) تفسير العيَّاشي (ج ٢/ ص ٢٦١/ ح ٣٤).
(٣٢٢) تفسير العيَّاشي (ج ٢/ ص ٢٦١/ ح ٣٥).

↑صفحة ١٠٠↑

الْحُسَيْنُ لَا يَشُكُّونَ فِيهِ، وَبَلَغَ عَن الْحُسَيْن الْحُجَّةُ الْقَائِمُ بَيْنَ أَظْهُر النَّاس وَصَدَّقَهُ المُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ، جَاءَ الْحُجَّةَ المَوْتُ، فَيَكُونُ الَّذِي يَلي غُسْلَهُ وَكَفْنَهُ وَحَنُوطَهُ وَإِيلَاجَهُ(٣٢٣) حُفْرَتَهُ الْحُسَيْنَ، وَلَا يَلي الْوَصِيَّ إِلَّا الْوَصِيُّ»، وَزَادَ إِبْرَاهِيمُ فِي حَدِيثِهِ: «ثُمَّ يَمْلِكُهُمُ الْحُسَيْنُ حَتَّى يَقَعَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ»(٣٢٤).
بيان: قوله: (لا يدعون وتراً): أي ذا وتر وجناية، ففي الكلام تقدير مضاف. والوتر بالكسر: الجناية والظلم.
[١٤٠/٤٧] تفسير العيَّاشي: عَنْ حُمْرَانَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام)، قَالَ: كَانَ يَقْرَأُ: ﴿بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ [الإسراء: ٥]، ثُمَّ قَالَ: «وَهُوَ الْقَائِمُ وَأَصْحَابُهُ أُولِي بَأسٍ شَدِيدٍ»(٣٢٥).
[١٤١/٤٨] تفسير العيَّاشي: عَنْ مَسْعَدَةَ بْن صَدَقَةَ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عليهم السلام)، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنينَ (علیه السلام) فِي خُطْبَتِهِ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ سَلُوني قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُوني فَإنَّ بَيْنَ جَوَانِحِي عِلْماً جَمًّا، فَسَلُوني قَبْلَ أَنْ تَبْقَرَ(٣٢٦) بِرجْلِهَا فِتْنَةً شَرْقِيَّةً، تَطَأُ فِي حُطَامِهَا، مَلْعُونٌ نَاعِقُهَا وَمَوْلَاهَا وَقَائِدُهَا وَسَائِقُهَا وَالمُتَحَرِّزُ فِيهَا، فَكَمْ عِنْدَهَا مِنْ رَافِعَةٍ ذَيْلَهَا يَدْعُو بِوَيْلِهَا دَخَلَهُ أَوْ حَوْلَهَا، لَا مَأوَى يَكُنُّهَا وَلَا أَحَدَ يَرْحَمُهَا، فَإذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ قُلْتُمْ: مَاتَ، أَوْ هَلَكَ، وَأَيَّ وَادٍ سَلَكَ؟ فَعِنْدَهَا تَوَقَّعُوا الْفَرَجَ، وَهُوَ تَأويلُ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً﴾ [الإسراء: ٦]، وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَيَعِيشُ إِذْ ذَاكَ مُلُوكٌ نَاعِمِينَ، وَلَا يَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ مِنَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٢٣) في المصدر إضافة: (في).
(٣٢٤) تفسير العيَّاشي (ج ٢/ ص ٢٨١/ ح ٢٠).
(٣٢٥) تفسير العيَّاشي (ج ٢/ ص ٢٨١/ ح ٢١).
(٣٢٦) في المصدر: (تشغر) بدل (تبقر).

↑صفحة ١٠١↑

الدُّنْيَا حَتَّى يُولَدَ لِصُلْبِهِ أَلْفُ ذَكَرٍ، آمِنينَ مِنْ كُلِّ بِدْعَةٍ وَآفَةٍ [وَالتَّنْزِيِلِ]، عَامِلِينَ بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، قَدِ اضْمَحَلَّتْ عَلَيْهِمُ الْآفَاتُ وَالشُّبُهَاتُ»(٣٢٧).
توضيح: (قبل أنْ تبقر): قال الجزري: في حديث أبي موسى: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: «سيأتي على الناس فتنة باقرة تدع الحليم حيران» أي واسعة عظيمة(٣٢٨). وفي بعض النُّسَخ بالنون والفاء: أي تنفر ضارباً برجلها. والضمير في (حطامها) راجع إلى الدنيا بقرينة المقام، أو إلى الفتنة بملابسة أخذها والتصرُّف فيها. قوله: (والمتجرِّز): لعلَّه من جرز، أي أكل أكلاً وحيا وقتل وقطع وبخس. وفي النسخة بالحاء المهملة، ولعلَّ المعنى من يتحرَّز من إنكارها ورفعها لئلَّا يخل بدنياه. وسائر الخبر كان مصحَّفاً، فتركته على ما وجدته، والمقصود واضح.
[١٤٢/٤٩] الغيبة للنعماني: الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْأَشْعَريِّ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْن حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْقَاسِم، عَن المُفَضَّل، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ [المدَّثِّر: ٨]، قَالَ: «إِنَّ مِنَّا إِمَاماً مُسْتَتِراً، فَإذَا أَرَادَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) إِظْهَارَ أَمْرهِ نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً، فَظَهَرَ فَقَامَ بِأَمْر اللهِ (عزَّ وجلَّ)»(٣٢٩).
[١٤٣/٥٠] الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْن يُوسُفَ بْن يَعْقُوبَ أَبو [أَبِي] الْحُسَيْن مِنْ كِتَابِهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن ابْن الْبَطَائِنيِّ، عَنْ أَبِيهِ وَوَهْبٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) فِي قَوْلِهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٢٧) تفسير العيَّاشي (ج ٢/ ص ٢٨٢/ ح ٢٢).
(٣٢٨) النهاية (ج ١/ ص ١٤٤).
(٣٢٩) الغيبة للنعماني (ص ١٨٧).

↑صفحة ١٠٢↑

قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾ [النور: ٥٥]، قَالَ: «الْقَائِمُ وَأَصْحَابُهُ»(٣٣٠).
[١٤٤/٥١] الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْن زِيَادٍ، عَنْ عَلِيِّ بْن الصَّبَّاح، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَبْدِ الْعَزيز، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ﴾ [هود: ٨]، قَالَ: «الْعَذَابُ خُرُوجُ الْقَائِم، وَالْأُمَّةُ المَعْدُودَةُ [عِدَّةُ] أَهْل بَدْرٍ وَأَصْحَابُهُ»(٣٣١).
[١٤٥/٥٢] الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن مِهْرَانَ، عَن الْحَسَن بْن عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ وَوَهْبٍ(٣٣٢)، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) فِي قَوْلِهِ: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً﴾ [البقرة: ١٤٨]، قَالَ: «نَزَلَتْ فِي الْقَائِم وَأَصْحَابِهِ، يَجْمَعُونَ(٣٣٣) عَلَى غَيْر مِيعَادٍ»(٣٣٤).
[١٤٦/٥٣] الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن المَسْعُودِيُّ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(٣٣٥)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَن ابْن أَبِي نَجْرَانَ، عَن الْقَاسِم، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) فِي قَوْلِ اللهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحجّ: ٣٩]، قَالَ: «هِيَ فِي الْقَائِم (علیه السلام) وَأَصْحَابِهِ»(٣٣٦).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٣٠) الغيبة للنعماني (ص ٢٤٠)، وفيه: (قال: نزلت في القائم وأصحابه).
(٣٣١) الغيبة للنعماني (ص ٢٤١).
(٣٣٢) في المصدر: (وهيب).
(٣٣٣) في المصدر: (يجتمعون).
(٣٣٤) الغيبة للنعماني (ص ٢٤١).
(٣٣٥) في المصدر: (حسَّان) بدل (الحسن).
(٣٣٦) الغيبة للنعماني (ص ٢٤١).

↑صفحة ١٠٣↑

[١٤٧/٥٤] الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَن الْبَرْقِيِّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) فِي قَوْلِهِ: ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ﴾ [الرحمن: ٤١]، قَالَ: «اللهُ يَعْرفُهُمْ، وَلَكِنْ نَزَلَتْ فِي الْقَائِم، يَعْرفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ فَيَخْبِطُهُمْ بِالسَّيْفِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ خَبْطاً»(٣٣٧).
بيان: قال الفيروزآبادي: خبطه يخبطه: ضربه شديداً، والقوم بسيفه جلدهم(٣٣٨).
[١٤٨/٥٥] كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ عَلِيِّ بْن حَاتِم، عَنْ حَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ جَعْفَر(٣٣٩) بْن عُمَرَ بْن سَالِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْن حُسَيْن بْن عَجْلَانَ، عَنْ مُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) عَنْ قَوْلِ اللهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ﴾ [السجدة: ٢١]، قَالَ: «الْأَدْنَى غَلَاءُ السِّعْر، وَالْأَكْبَرُ المَهْدِيُّ بِالسَّيْفِ»(٣٤٠).
[١٤٩/٥٦] كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ أَحْمَدَ(٣٤١) بْن زِيَادٍ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ(٣٤٢) سَمَاعَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)، قَالَ: «إِنَّ الْقَائِمَ إِذَا خَرَجَ دَخَلَ المَسْجِدَ الْحَرَامَ، فَيَسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةَ، وَيَجْعَلُ ظَهْرَهُ إِلَى المَقَام، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْن، ثُمَّ يَقُومُ فَيَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا أَوْلَى النَّاس بِآدَمَ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا أَوْلَى النَّاس بِإبْراهِيمَ، يَا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٣٧) الغيبة للنعماني (ص ٢٤٢).
(٣٣٨) القاموس المحيط (ج ٢/ ص ٣٦٩).
(٣٣٩) في المصدر: (حفص) بدل (جعفر).
(٣٤٠) تأويل الآيات الظاهرة (ص ٤٣٧).
(٣٤١) في المصدر: (حميد) بدل (أحمد).
(٣٤٢) في المصدر: (بن) بدل (عن).

↑صفحة ١٠٤↑

أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا أَوْلَى النَّاس بِإسْمَاعِيلَ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَا أَوْلَى النَّاس بِمُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ فَيَدْعُو وَيَتَضَرَّعُ حَتَّى يَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ (عزَّ وجلَّ): ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرضِ أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النمل: ٦٢]».
وَبالْإسْنَادِ عَن ابْن عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مُسْلِم، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام) فِي قَوْلِ اللهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾، قَالَ: «هَذَا [هَذِهِ] نَزَلَتْ فِي الْقَائِم (علیه السلام)، إِذَا خَرَجَ تَعَمَّمَ، وَصَلَّى عِنْدَ المَقَام، وَتَضَرَّعَ إِلَى رَبِّهِ، فَلاَ تُرَدُّ لَهُ رَايَةٌ أَبَداً»(٣٤٣).
[١٥٠/٥٧] كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾ [الصفّ: ٨]، تَأويلُهُ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس: عَنْ عَلِيِّ بْن عَبْدِ اللهِ بْن حَاتِم، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْن هَاشِم، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام)، أنَّهُ قَالَ: «لَوْ تَرَكْتُمْ(٣٤٤) هَذَا الْأَمْرَ مَا تَرَكَهُ اللهُ».
وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيِّ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْض أَصْحَابِنَا، عَن الْحَسَن بْن مَحْبُوبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُضَيْل، عَنْ أَبِي الْحَسَن المَاضِي (علیه السلام)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، قُلْتُ: ﴿وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ﴾، قَالَ: «﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ(٣٤٥)﴾ وَلَايَةُ أمِير المُؤْمِنينَ (علیه السلام)(٣٤٦)، ﴿وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ﴾ [الصفّ: ٨]، الإمَامَةُ(٣٤٧)، لِقَوْلِهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا﴾ [التغابن: ٨]، وَالنُّورُ هُوَ الإمَامُ»، قُلْتُ لَهُ: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٤٣) تأويل الآيات الظاهرة (ص ٣٩٩).
(٣٤٤) في المصدر: (والله لو تركتم).
(٣٤٥) عبارة: (نور الله بأفواههم) ليست في المصدر.
(٣٤٦) في المصدر إضافة: (قلت).
(٣٤٧) في المصدر: (قال: والله متمُّ الإمامة).

↑صفحة ١٠٥↑

رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ﴾، قَالَ: «هُوَ الَّذِي أَمَرَ اللهُ رَسُولَهُ بِالْوَلَايَةِ لِوَصِيِّهِ، وَالْوَلَايَةُ هِيَ دِينُ الْحَقِّ»، قُلْتُ: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [الصفّ: ٩]، قَالَ: «عَلَى(٣٤٨) جَمِيع الْأَدْيَان عِنْدَ قِيَام الْقَائِم، لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ﴾ بِوَلَايَةِ(٣٤٩) الْقَائِم، ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ»، قُلْتُ: هَذَا تَنْزيلٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، أمَّا هَذَا الْحَرْفُ فَتَنْزيلٌ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَتَأويلٌ»(٣٥٠).
[١٥١/٥٨] كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ أَحْمَدَ بْن هَوْذَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن حَمَّادٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣٣]، فَقَالَ: «وَاللهِ مَا أُنْزلَ تَأويلُهَا بَعْدُ»، قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ وَمَتَى يُنْزَلُ؟ قَالَ: «حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَإذَا خَرَجَ الْقَائِمُ لَمْ يَبْقَ كَافِرٌ وَلَا مُشْركٌ إِلَّا كَرهَ خُرُوجَهُ(٣٥١) حَتَّى لَوْ كَانَ كَافِرٌ أَوْ مُشْركٌ فِي بَطْن صَخْرَةٍ لَقَالَتِ الصَّخْرَةُ: يَا مُؤْمِنُ، فِي بَطْنِي كَافِرٌ أَوْ مُشْركٌ فَاقْتُلْهُ»، قَالَ: «فَيُنَحِّيهِ اللهُ فَيَقْتُلُهُ»(٣٥٢).
تفسير فرات: جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، مُعَنْعَناً عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)، مِثْلَهُ. وَفِيهِ: «لَقَالَتِ الصَّخْرَةُ: يَا مُؤْمِنُ، فِيَّ مُشْركٌ فَاكْسِرْني وَاقْتُلْهُ»(٣٥٣).
[١٥٢/٥٩] كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاس، عَنْ أَحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْن يَحْيَى، عَنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٤٨) في المصدر: (قال: يظهر على).
(٣٤٩) في المصدر: (لولاية) بدل (بولاية).
(٣٥٠) تأويل الآيات الظاهرة (ص ٦٦١ و٦٦٢).
(٣٥١) في المصدر: (حين) بدل (حتَّى).
(٣٥٢) تأويل الآيات الظاهرة (ص ٦٦٣).
(٣٥٣) تفسير فرات (ص ٤٨١/ ح ٦٢٧).

↑صفحة ١٠٦↑

يَعْقُوبَ بْن شُعَيْبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَمٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْن ربْعِيٍّ أَنَّهُ سَمِعَ أَمِيرَ المُؤْمِنينَ (علیه السلام) يَقُولُ: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى...﴾ الآيَةَ [التوبة: ٣٣]، «أَظَهَرَ ذَلِكَ بَعْدُ؟ كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى قَرْيَةٌ إِلَّا وَنُودِيَ فِيهَا بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، بُكْرَةً وَعَشِيًّا»(٣٥٤).
وَقَالَ أَيْضاً: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أَبِي بَكْرٍ المُقْري، عَنْ نُعَيْم بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣٣]، قَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَبْقَى يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ وَلَا صَاحِبُ مِلَّةٍ إِلَّا دَخَلَ فِي الْإسْلَام، حَتَّى يَأمَنَ الشَّاةُ وَالذِّئْبُ وَالْبَقَرَةُ وَالْأَسَدُ وَالْإنْسَانُ وَالْحَيَّةُ، وَحَتَّى لَا تَقْرضَ فَأرَةٌ جِرَاباً، وَحَتَّى تُوضَعَ الْجِزْيَةُ، وَيُكْسَرَ الصَّلِيبُ، وَيُقْتَلَ الْخِنْزيرُ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾، وَذَلِكَ يَكُونُ عِنْدَ قِيَام الْقَائِم (علیه السلام)(٣٥٥).
[١٥٣/٦٠] كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) فِي قَوْلِهِ: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ [القلم: ١٥]: «يَعْنِي تَكْذِيبَهُ بِقَائِم آلِ مُحَمَّدٍ (علیه السلام)، إِذْ يَقُولُ لَهُ: لَسْنَا نَعْرفُكَ، وَلَسْتَ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ، كَمَا قَالَ المُشْركُونَ لِمُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)»(٣٥٦).
[١٥٤/٦١] تفسير فرات: أَبُو الْقَاسِم الْعَلَويُّ، مُعَنْعَناً عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام) فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ﴾، قَالَ: «نَحْنُ وَشِيعَتُنَا»(٣٥٧).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٥٤) تأويل الآيات الظاهرة (ص ٦٦٣).
(٣٥٥) المصدر السابق.
(٣٥٦) تأويل الآيات الظاهرة (ص ٧٤٨).
(٣٥٧) تفسير فرات (ص ٥١٣/ ح ٦٧٠).

↑صفحة ١٠٧↑

وَقَالَ(٣٥٨) أَبُو جَعْفَرٍ: «ثُمَّ شِيعَتُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ(٣٥٩) ﴿فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ يَعْنِي لَمْ يَكُونُوا مِنْ شِيعَةِ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ، ﴿وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ﴾ فَذَاكَ يَوْمُ الْقَائِم(علیه السلام)، وَهُوَ يَوْمُ الدِّين، ﴿وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ﴾ أَيَّامُ الْقَائِم، ﴿فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ [المدَّثِّر: ٣٨ - ٤٨]، فَمَا يَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ مَخْلُوقٍ، وَلَنْ يَشْفَعَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(٣٦٠).
بيان: قوله (علیه السلام): (يعني لم يكونوا): يحتمل وجهين: أحدهما: أنَّ الصلاة لـمَّا لم تكن من غير الشيعة مقبولة فعبَّر عنهم بما لا ينفكُّ عنهم من الصلاة المقبولة، والثاني: أنْ يكون من المصلِّي تالي السابق في خيل السباق، وإنَّما يُطلَق عليه ذلك لأنَّ رأسه عند صلا السابق، والصلا ما عن يمين الذنب وشماله، فعبَّر عن التابع بذلك، وقيل: الصلاة أيضاً مأخوذة من ذلك عند إيقاعها جماعةً، وهذا الوجه الأخير مروي عن أبي عبد الله (علیه السلام) حيث قال: «عنى بها: لم نكن من أتباع الأئمَّة الذين قال الله فيهم: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [الواقعة: ١٠ و١١]، أما ترى الناس يُسَمُّون الذي يلي السابق في الحلبة مصلِّي؟ فذلك الذي عنى حيث قال: ﴿لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ [المدَّثِّر: ٤٣]، لم نكُ من أتباع السابقين».
[١٥٥/٦٢] الكافي: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْن الْعَبَّاس، عَن الْحَسَن بْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَاصِم بْن حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام) فِي قَوْلِهِ (عزَّ وجلَّ):

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٥٨) في المصدر إضافة: (جعفر بن محمّد الفزاري، معنعناً عن أبي عبد الله (علیه السلام)، قال).
(٣٥٩) في المصدر: (في قوله تعالى) بدل (أبو جعفر ثمّ شيعتنا أهل البيت).
(٣٦٠) تفسير فرات (ص ٥١٤/ ح ٦٧٣).

↑صفحة ١٠٨↑

﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾، قَالَ: أَمِيرُ المُؤْمِنينَ(٣٦١) (علیه السلام)، ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ [ص: ٨٦ - ٨٨]»، قَالَ: «عِنْدَ خُرُوج الْقَائِم»، وَفِي قَوْلِهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ﴾ [هود: ١١٠]، قَالَ: «اخْتَلَفُوا كَمَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ فِي الْكِتَابِ، وَسَيَخْتَلِفُونَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي مَعَ الْقَائِم الَّذِي يَأتِيهِمْ بِهِ حَتَّى يُنْكِرَهُ نَاسٌ كَثِيرٌ، فَيُقَدِّمُهُمْ فَيَضْربُ أَعْنَاقَهُمْ»، وَأَمَّا قَوْلُهُ (عزَّ وجلَّ): ﴿وَلَوْ لَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الشورى: ٢١]، قَالَ: «لَوْ لَا مَا تَقَدَّمَ فِيهِمْ مِنَ اللهِ عَزَّ ذِكْرُهُ مَا أَبْقَى الْقَائِمُ مِنْهُمْ وَاحِداً»، وَفِي قَوْلِهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ [المعارج: ٢٦]، قَالَ: «بِخُرُوج الْقَائِم (علیه السلام)»، وَقَوْلُهُ (عزَّ وجلَّ): ﴿وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣]، قَالَ: «يَعْنُونَ بِوَلَايَةِ عَلِيٍّ (علیه السلام)»، وَفِي قَوْلِهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ﴾ [الإسراء: ٨١]، قَالَ: «إِذَا قَامَ الْقَائِمُ (علیه السلام) ذَهَبَتْ دَوْلَةُ الْبَاطِل»(٣٦٢).
[١٥٦/٦٣] الكافي: أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَريُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الْجَبَّار، عَن الْحَسَن بْن عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْن أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْأَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ [فصِّلت: ٥٣]، قَالَ: «يُريهِمْ فِي أَنْفُسِهِمُ المَسْخَ، وَيُريهِمْ فِي الْآفَاقِ انْتِقَاضَ الْآفَاقِ عَلَيْهِمْ، فَيَرَوْنَ قُدْرَةَ اللهِ (عزَّ وجلَّ) فِي أَنْفُسِهِمْ وَفِي الْآفَاقِ»، قُلْتُ لَهُ: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾، قَالَ: «خُرُوجُ الْقَائِم، هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِ اللهِ (عزَّ وجلَّ) يَرَاهُ الْخَلْقُ لَا بُدَّ مِنْهُ»(٣٦٣).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٦١) في المصدر: (قال: هو أمير المؤمنين (علیه السلام)).
(٣٦٢) روضة الكافي (ص ٢٨٧/ ح ٤٣٢).
(٣٦٣) روضة الكافي (ص ٣٨١/ ح ٥٧٥).

↑صفحة ١٠٩↑

[١٥٧/٦٤] الكافي: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ سَلَمَةَ بْن الْخَطَّابِ، عَن الْحَسَن ابْن عَبْدِ الرَّحْمَن، عَنْ عَلِيِّ بْن أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً﴾ [مريم: ٧٥]، قَالَ: «أَمَّا قَوْلُهُ: ﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ﴾ فَهُوَ خُرُوجُ الْقَائِم، وَهُوَ السَّاعَةُ، فَسَيَعْلَمُونَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مَا نَزَلَ بِهِمْ مِنَ اللهِ عَلَى يَدَيْ قَائِمِهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَاناً﴾ يَعْنِي عِنْدَ الْقَائِم، ﴿وَأَضْعَفُ جُنْداً﴾»، قُلْتُ: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ﴾، قَالَ: «مَعْرفَةَ أَمِير المُؤْمِنينَ وَالْأَئِمَّةِ (عليهم السلام)»، ﴿نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ﴾، قَالَ: «نَزيدُهُ مِنْهَا»، قَالَ: «يَسْتَوْفِي نَصِيبَهُ مِنْ دَوْلَتِهِمْ»، ﴿وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾ [الشورى: ٢٠]، قَالَ: «لَيْسَ لَهُ فِي دَوْلَةِ الْحَقِّ مَعَ الْقَائِم نَصِيبٌ»(٣٦٤).
[١٥٨/٦٥] أَقُولُ: رَوَى السَّيِّدُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ فِي كِتَابِ الْأَنْوَار المُضِيئَةِ بِإسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْن أَحْمَدَ الْأَيَادِي يَرْفَعُهُ إِلَى أَمِير المُؤْمِنينَ (علیه السلام)، قَالَ: «المُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْض المَذْكُورُونَ فِي الْكِتَابِ(٣٦٥) الَّذِينَ يَجْعَلُهُمُ اللهُ أَئِمَّةً نَحْنُ أَهْلَ الْبَيْتِ، يَبْعَثُ اللهُ مَهْدِيَّهُمْ فَيُعِزُّهُمْ وَيُذِلُّ عَدُوَّهُمْ»(٣٦٦).
وَبِالْإسْنَادِ يَرْفَعُهُ إِلَى ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ [الذاريات: ٢٢]، قَالَ: هُوَ خُرُوجُ المَهْدِيِّ (علیه السلام)(٣٦٧).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٦٤) الكافي (ج ١/ ص ٤٣١/ باب نتف ونكت من التنزيل/ ح ٩٠)، والعبارة: (قلت: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ﴾ حتَّى (مع القائم نصيب)) ليست في المصدر.
(٣٦٥) يريد قوله تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ (القَصص: ٥).
(٣٦٦) منتخب الأنوار المضيئة (ص ٣٠).
(٣٦٧) منتخب الأنوار المضيئة (ص ٣١).

↑صفحة ١١٠↑

وَبِالْإسْنَادِ أَيْضاً عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: [﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾، قَالَ: هُوَ خُرُوجُ المَهْدِيِّ (علیه السلام).
وَبِالْإسْنَادِ أَيْضاً عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى](٣٦٨): ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾، قَالَ: يُصْلِحُ اللهُ الْأَرْضَ بِقَائِم آلِ مُحَمَّدٍ، ﴿بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ يَعْنِي بَعْدَ جَوْر أَهْل مَمْلَكَتِهَا، ﴿قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآَيَاتِ﴾ بِالْحُجَّةِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الحديد: ١٧](٣٦٩).
وَمِنَ الْكِتَابِ المَذْكُور بِإسْنَادِهِ عَن السَّيِّدِ هِبَةِ اللهِ الرَّاوَنْدِيِّ يَرْفَعُهُ إِلَى مُوسَى بْن جَعْفَرٍ (علیه السلام) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ [لقمان: ٢٠]، قَالَ: «النِّعْمَةُ الظَّاهِرَةُ الْإمَامُ الظَّاهِرُ، وَالْبَاطِنَةُ الْإمَامُ الْغَائِبُ، يَغِيبُ عَنْ أَبْصَار النَّاس شَخْصُهُ، وَيُظْهِرُ لَهُ كُنُوزَ الْأَرْض، وَيُقَرِّبُ عَلَيْهِ كُلَّ بَعِيدٍ»(٣٧٠).
[وَوَجَدْتُ بِخَطِّ الشَّيْخ مُحَمَّدِ بْن عَلِيّ الْجُبَاعِيّ(٣٧١) (رحمه الله)، قَالَ: وَجَدْتُ بِخَطِّ الشَّهِيدِ نَوَّرَ اللهُ ضَريحَهُ: رَوَى الصَّفْوَانِيُّ فِي كِتَابِهِ، عَنْ صَفْوَانَ أنَّهُ لَـمَّا طَلَبَ المَنْصُورُ أَبَا عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) تَوَضَّأَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْن ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَةَ الشُّكْر وَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ وَعَدْتَنَا عَلَى لِسَان نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَوَعْدُكَ الْحَقُّ أَنَّكَ تُبَدِّلُنَا مِنْ [بَعْدِ] خَوْفِنَا أَمْناً، اللَّهُمَّ فَأَنْجِزْ لَنَا مَا وَعَدْتَنَا إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ»، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي، فَأَيْنَ وَعْدُ اللهِ لَكُمْ؟ فَقَالَ (علیه السلام): «قَوْلُ اللهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرضِ...﴾ الْآيَةَ [النور: ٥٥]».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٦٨) ما جعلناه بين المعقوفتين استدركه النسخة المطبوعة في الهامش وجعل عليه رمز (صحَّ)، لكنَّه سهو مكرَّر كما لا يخفى.
(٣٦٩) منتخب الأنوار المضيئة (ص ٣١ و٣٢).
(٣٧٠) منتخب الأنوار المضيئة (ص ٣٩ و٤٠).
(٣٧١) لم نعثر على خطِّ الجباعي هذا.

↑صفحة ١١١↑

وَرُويَ أَنَّهُ تُلِيَ بِحَضْرَتِهِ (علیه السلام): ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا...﴾ الْآيَةَ [القَصص: ٥]، فَهَمَلَتَا عَيْنَاهُ (علیه السلام) وَقَالَ: «نَحْنُ وَاللهِ المُسْتَضْعَفُونَ».
[١٥٩/٦٦] نهج البلاغة: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنينَ (علیه السلام): «لَتَعْطِفَنَّ الدُّنْيَا عَلَيْنَا بَعْدَ شِمَاسِهَا عَطْفَ الضَّرُوس عَلَى وَلَدِهَا»، وَتَلَا عَقِيبَ ذَلِكَ: «﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ [القَصص: ٥]»(٣٧٢).
بيان: عطفت عليه: أي شفقت. وشمس الفرس شماساً: أي منع ظهره، ورجل شموس: صعب الخلق. وناقة ضروس: سيِّئة الخُلُق يعضُّ حالبها ليبقي لبنها لولدها].

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٧٢) نهج البلاغة (ص ٥٠٦/ الكلمة ٢٠٩).

↑صفحة ١١٢↑

أبواب النصوص من الله تعالى ومن آبائه عليه (صلوات الله عليهم أجمعين)

سوى ما تقدَّم في كتاب أحوال أمير المؤمنين (علیه السلام) من النصوص على الاثني عشر (عليهم السلام)

↑صفحة ١١٣↑

باب (١): ما ورد من إخبار الله وإخبار النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالقائم (علیه السلام) من طُرُق الخاصَّة والعامَّة

↑صفحة ١١٥↑

[١٦٠/١] أمالي الصدوق: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن إِسْحَاقَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن إِبْرَاهِيمَ الْحُلْوَانِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن مَنْصُورٍ زَاج(٣٧٣)، عَنْ هُدْبَةَ بْن عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ سَعْدِ بْن عَبْدِ الْحَمِيدِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن زِيَادٍ الْيَمَانِيِّ، عَنْ عِكْرمَةَ بْن عَمَّارٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن عَبْدِ اللهِ بْن أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْن مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «نَحْنُ بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ سَادَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ: رَسُولُ اللهِ، وَحَمْزَةُ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ، وَجَعْفَرٌ ذُو الْجَنَاحَيْن، وَعَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَالمَهْدِيُّ»(٣٧٤).
الغيبة للطوسي: محمّد بن عليٍّ، عن عثمان بن أحمد، عن إبراهيم بن عبد الله الهاشمي، عن الحسن بن الفضل البوصرائي، عن سعد بن عبد الحميد، مثله(٣٧٥).
[١٦١/٢] عيون أخبار الرضا: بِإسْنَادِ التَّمِيمِيِّ، عَن الرِّضَا، عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ الْحَقُّ(٣٧٦) مِنَّا، وَذَلِكَ حِينَ يَأذَنَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) لَهُ، وَمَنْ تَبِعَهُ نَجَا، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ هَلَكَ، اللهَ اللهَ عِبَادَ اللهِ فَأتُوهُ وَلَوْ عَلَى الثَّلْج، فَإنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ (عزَّ وجلَّ) وَخَلِيفَتِي»(٣٧٧).
[١٦٢/٣] أمالي الصدوق: ابْنُ المُتَوَكِّل، عَن الْأَسَدِيِّ، عَن النَّخَعِيِّ، عَن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٧٣) في المصدر: (بزرج) بدل (زاج).
(٣٧٤) أمالي الصدوق (ص ٥٦٢/ مجلس ٧٢/ ح ٧٥٧)، علماً بأنَّه جاء في المطبوعة (الغيبة للنعماني) بدل (أمالي الصدوق)، ولم نعثر عليه في الغيبة للنعماني.
(٣٧٥) الغيبة للطوسي (ص ١٨٣/ ح ١٤٢).
(٣٧٦) في المصدر: (قائم للحقِّ) بدل (القائم الحقُّ).
(٣٧٧) عيون أخبار الرضا (علیه السلام) (ج ٢/ ص ٥٩).

↑صفحة ١١٧↑

النَّوْفَلِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْن سَالِم، عَنْ أَبِيهِ، عَن الثُّمَالِيِّ، عَن ابْن طَريفٍ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَـمَّا عُرجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَمِنْهَا إِلَى سِدْرَةِ المُنْتَهَى، وَمِنَ السِّدْرَةِ إِلَى حُجُبِ النُّور، نَادَانِي رَبِّي (جلَّ جلاله): يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، فَلِي فَاخْضَعْ، وَإِيَّايَ فَاعْبُدْ، وَعَلَيَّ فَتَوَكَّلْ، وَبِي فَثِقْ، فَإنِّي قَدْ رَضِيتُ بِكَ عَبْداً وَحَبِيباً وَرَسُولاً وَنَبِيًّا، وَبِأَخِيكَ عَلِيٍّ خَلِيفَةً وَبَاباً، فَهُوَ حُجَّتِي عَلَى عِبَادِي، وَإِمَامٌ لِخَلْقِي، بِهِ يُعْرَفُ أَوْلِيَائِي مِنْ أَعْدَائِي، وَبِهِ يُمَيَّزُ حِزْبُ الشَّيْطَان مِنْ حِزْبي، وَبِهِ يُقَامُ دِيني، وَتُحْفَظُ حُدُودِي، وَتُنْفَذُ أَحْكَامِي، وَبِكَ وَبِهِ [وَ]بِالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِكَ(٣٧٨) أَرْحَمُ عِبَادِي وَإِمَائِي، وَبِالْقَائِم مِنْكُمْ أَعْمُرُ أَرْضِي بِتَسْبِيحِي وَتَقْدِيسِي وَتَهْلِيلي وَتَكْبِيري وَتَمْجِيدِي، وَبِهِ أُطَهِّرُ الْأَرْضَ مِنْ أَعْدَائِي وَأُوَرِّثُهَا أَوْلِيَائِي، وَبِهِ أَجْعَلُ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِيَ السُّفْلَى وَكَلِمَتِيَ الْعُلْيَا، بِهِ أُحْيِي بِلَادِي وَعِبَادِي بِعِلْمِي، وَلَهُ أُظْهِرُ الْكُنُوزَ وَالذَّخَائِرَ بِمَشِيَّتِي، وَإِيَّاهُ أُظْهِرُ عَلَى الْأَسْرَار وَالضَّمَائِر بِإرَادَتِي، وَأُمِدُّهُ بِمَلَائِكَتِي لِتُؤَيِّدَهُ عَلَى إِنْفَاذِ أَمْري وَإِعْلاَن دِيني، ذَلِكَ وَلِيِّي حَقًّا، وَمَهْدِيُّ عِبَادِي صِدْقاً»(٣٧٩).
أقول: قد مضى كثير من الأخبار في (باب النصوص على الاثني عشر)، وبعضها في (باب علل أسمائه (علیه السلام))(٣٨٠).
[١٦٣/٤] عيون أخبار الرضا: عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سَعِيدٍ، عَن الْحُسَيْن(٣٨١) بْن عَلِيٍّ، عَن الْوَلِيدِ بْن مُسْلِم، عَنْ صَفْوَانَ بْن عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْح بْن عُبَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو الْبَكَّائِيِّ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَار، قَالَ فِي الْخُلَفَاءِ: هُمُ اثْنَيْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٧٨) في المصدر: (من ولده) بدل (من ولدك).
(٣٧٩) أمالي الصدوق (ص ٧٣١/ مجلس ٩٢/ ح ١٠٠٢).
(٣٨٠) (باب ٢/ ص ٤٩) من كتابنا هذا.
(٣٨١) في المصدر: (الحسن) بدل (الحسين).

↑صفحة ١١٨↑

عَشَرَ، فَإذَا كَانَ عِنْدَ انْقِضَائِهِمْ وَأَتَى طَبَقَةٌ صَالِحَةٌ مَدَّ اللهُ لَهُمْ فِي الْعُمُر، كَذَلِكَ وَعَدَ اللهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [النور: ٥٥]، قَالَ: وَكَذَلِكَ فَعَلَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) بِبَني إِسْرَائِيلَ، وَلَيْسَ بِعَزيزٍ أَنْ يَجْمَعَ هَذِهِ الْأُمَّةَ يَوْماً أَوْ نِصْفَ يَوْم، ﴿وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ [الحجّ: ٤٧](٣٨٢).
[١٦٤/٥] عيون أخبار الرضا: بِإسْنَادِ التَّمِيمِيِّ، عَن الرِّضَا، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ (علیه السلام)، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَقُومَ بِأَمْر أُمَّتِي(٣٨٣) رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن، يَمْلَأهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً»(٣٨٤).
[١٦٥/٦] أمالي الطوسي: المُفِيدُ، عَن إِسْمَاعِيلَ بْن يَحْيَى الْعَبْسِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْن جَريرٍ الطَّبَريِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ الصواري [الضِّرَاريِّ]، عَنْ أَبِي الصَّلْتِ الْهَرَويِّ، عَن الْحُسَيْن الْأَشْقَر، عَنْ قَيْس بْن الرَّبِيع، عَن الْأَعْمَش، عَنْ عَبَايَةَ بْن ربْعِيٍّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَاريِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لِفَاطِمَةَ فِي مَرَضِهِ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا بُدَّ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ مَهْدِيٍّ، وَهُوَ وَاللهِ مِنْ وُلْدِكِ»(٣٨٥).
أقول: قد مضى بتمامه في (فضائل أصحاب الكساء (عليهم السلام))(٣٨٦).
[١٦٦/٧] أمالي الطوسي: الْحَفَّارُ، عَنْ عُثْمَانَ بْن أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ بِشْر بْن عُمَرَ، عَنْ مَالِكِ بْن أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْن أَسْلَمَ(٣٨٧)، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن أَبَانٍ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٨٢) عيون أخبار الرضا (علیه السلام) (ج ١/ ص ٥١).
(٣٨٣) عبارة: (بأمر أُمَّتي) ليست في المصدر.
(٣٨٤) عيون أخبار الرضا (علیه السلام) (ج ٢/ ص ٦٦).
(٣٨٥) أمالي الطوسي (ص ١٥٤/ مجلس ٦/ ذيل الحديث ٢٥٦)، وفيه: (محمّد بن إسماعيل الضراري).
(٣٨٦) راجع: (ج ٣٧/ ص ٤٢) من المطبوعة.
(٣٨٧) في المصدر: (عن محمّد بن عمر الجعابي، عن عليِّ بن موسى الخزَّاز، عن الحسن بن عليٍّ الهاشمي) بدل (عن عثمان بن أحمد، عن أبي قلابة، عن بشر بن عمر، عن مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم).

↑صفحة ١١٩↑

عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ ثُوَيْر بْن أَبِي فَاخِتَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى، قَالَ: قَالَ أَبِي: دَفَعَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ إِلَى عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ (علیه السلام)، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَصْبَهُ (علیه السلام) يَوْمَ الْغَدِير وَبَعْضَ مَا ذَكَرَ فِيهِ مِنْ فَضَائِلِهِ (علیه السلام)...، إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ بَكَى النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَقِيلَ: مِمَّ بُكَاؤُكَ يَا رَسُولَ اللهِ [(صلّى الله عليه وآله وسلّم)]؟ قَالَ: «أَخْبَرَني جَبْرَئِيلُ (علیه السلام) أَنَّهُمْ يَظْلِمُونَهُ، وَيَمْنَعُونَهُ حَقَّهُ، وَيُقَاتِلُونَهُ وَيَقْتُلُونَ وُلْدَهُ، وَيَظْلِمُونَهُمْ بَعْدَهُ، وَأَخْبَرَني جَبْرَئِيلُ (علیه السلام) عَنْ رَبِّهِ (عزَّ وجلَّ) أَنَّ ذَلِكَ يَزُولُ إِذَا قَامَ قَائِمُهُمْ، وَعَلَتْ كَلِمَتُهُمْ، وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى مَحَبَّتِهِمْ، وَكَانَ الشَّانِئُ لَهُمْ قَلِيلاً، وَالْكَارهُ لَهُمْ ذَلِيلاً، وَكَثُرَ المَادِحُ لَهُمْ، وَذَلِكَ حِينَ تُغَيَّرُ الْبِلَادُ، وَتُضَعَّفُ الْعِبَادُ، وَالْإيَاسُ مِنَ الْفَرَج، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَظْهَرُ الْقَائِمُ فِيهِمْ»(٣٨٨).
قَالَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «اسْمُهُ كَاسْمِي، وَاسْمُ أَبِيهِ كَاسِم ابْنِي، وَهُوَ مِنْ وُلْدِ ابْنَتِي، يُظْهِرُ اللهُ الْحَقَّ بِهِمْ، وَيحمد [يُخْمِدُ] الْبَاطِلَ بِأَسْيَافِهِمْ، وَيَتْبَعُهُمُ النَّاسُ بَيْنَ رَاغِبٍ إِلَيْهِمْ وَخَائِفٍ لَهُمْ»(٣٨٩)، قَالَ: وَسَكَنَ الْبُكَاءُ عَنْ رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَقَالَ: «مَعَاشِرَ المُؤْمِنينَ أَبْشِرُوا بِالْفَرَج فَإنَّ وَعْدَ اللهِ لَا يُخْلَفُ، وَقَضَاؤُهُ لَا يُرَدُّ، وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ، فَإنَّ فَتْحَ اللهِ قَريبٌ، اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ أَهْلِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً، اللَّهُمَّ اكْلَأهُمْ وَاحْفَظْهُمْ وَارْعَهُمْ وَكُنْ لَهُمْ وَانْصُرْهُمْ وَأَعِنْهُمْ وَأَعِزَّهُمْ وَلَا تُذِلَّهُمْ وَاخْلُفْنِي فِيهِمْ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(٣٩٠).
[١٦٧/٨] أمالي الطوسي: المُفِيدُ، عَنْ أَحْمَدَ بْن الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُبَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْن أَسْبَاطٍ، عَنْ سَيْفِ بْن عَمِيرَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْن حُمْرَانَ، قَالَ: قَال أَبُو عَبْدِ اللهِ (علیه السلام): «لَـمَّا كَانَ مِنْ أَمْر الْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ (علیه السلام) مَا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٨٨) في المصدر إضافة: (فقيل له: ما اسمه؟).
(٣٨٩) في المصدر: (منهم) بدل (لهم).
(٣٩٠) أمالي الطوسي (ص ٣٥١/ مجلس ١٢/ ح ٧٢٦).

↑صفحة ١٢٠↑

كَانَ ضَجَّتِ المَلَائِكَةُ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَقَالَتْ: يَا رَبِّ، يُفْعَلُ هَذَا بِالْحُسَيْن صَفِيِّكَ وَابْن نَبِيِّكَ؟»، قَالَ: «فَأَقَامَ اللهُ لَهُمْ ظِلَّ الْقَائِم (علیه السلام) وَقَالَ: بِهَذَا أَنْتَقِمُ لَهُ مِنْ ظَالِمِيهِ»(٣٩١).
[١٦٨/٩] أمالي الطوسي: جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي المُفَضَّل، عَنْ أَحْمَدَ بْن مُحَمَّدِ بْن بَشَّارٍ، عَنْ مُجَاهِدِ بْن مُوسَى، عَنْ عَبَّادِ بْن عَبَّادٍ، عَنْ مُجَالِدِ بْن سَعِيدٍ، عَنْ جُبَيْر بْن نَوْفٍ أَبِي الْوَدَّاكِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ: وَاللهِ مَا يَأتِي عَلَيْنَا عَامٌ إِلَّا وَهُوَ شَرٌّ مِنَ المَاضِي، وَلَا أَمِيرٌ إِلَّا وَهُوَ شَرٌّ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَهُ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ مَا تَقُولُ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: «لَا يَزَالُ بِكُمُ الْأَمْرُ حَتَّى يُولَدَ فِي الْفِتْنَةِ وَالْجَوْر مَنْ لَا يَعْرفُ غَيْرَهَا، حَتَّى تُمْلَأ الْأَرْضُ جَوْراً، فَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ يَقُولُ: اللهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ (عزَّ وجلَّ) رَجُلاً مِنِّي وَمِنْ عِتْرَتِي، فَيَمْلَأ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مَلَأهَا مَنْ كَانَ قَبْلَهُ جَوْراً، وَيُخْرجُ لَهُ الْأَرْضُ أَفْلاَذَ كَبِدِهَا، وَيَحْثُو المَالَ حَثْواً وَلَا يَعُدُّهُ عَدًّا، وَذَلِكَ حَتَّى يَضْربَ الْإسْلَامُ بِجِرَانِهِ»(٣٩٢).
إيضاح: قال الفيروزآبادي: الجران باطن العنق، ومنه: حتَّى ضرب الحقُّ بجرانه، أي قرَّ قراره واستقام، كما أنَّ البعير إذا برك واستراح مدَّ عنقه على الأرض(٣٩٣).
[١٦٩/١٠] كمال الدِّين: ابْنُ المُتَوَكِّل، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَن الْهَرَويِّ، عَن الرِّضَا، عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام)، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ بَشِيراً لَيَغِيبَنَّ الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِي بِعَهْدٍ مَعْهُودٍ إِلَيْهِ مِنِّي حَتَّى يَقُولَ أَكْثَرُ النَّاس: مَا للهِ فِي آلِ مُحَمَّدٍ حَاجَةٌ، وَيَشُكُّ آخَرُونَ فِي ولَادَتِهِ، فَمَنْ أَدْرَكَ زَمَانَهُ فَلْيَتَمَسَّكْ بِدِينِهِ وَلَا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٩١) أمالي الطوسي (ص ٤١٨/ مجلس ١٤/ ح ٩٤١).
(٣٩٢) أمالي الطوسي (ص ٥١٢/ مجلس ١٨/ ح ١١٢١).
(٣٩٣) لم نعثر عليه في القاموس المحيط، وعثرنا عليه في النهاية (ج ١/ ص ٣٦٣).

↑صفحة ١٢١↑

يَجْعَلْ لِلشَّيْطَان إِلَيْهِ سَبِيلاً بِشَكِّهِ فَيُزيلَهُ عَنْ مِلَّتِي وَيُخْرجَهُ مِنْ دِيني فَقَدْ أَخْرَجَ أبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ مِنْ قَبْلُ، وَإِنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) جَعَلَ الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ»(٣٩٤).
[١٧٠/١١] كمال الدِّين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الْآدَمِيِّ(٣٩٥)، عَنْ مُحَمَّدِ ابْن آدَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَن ابْن أَبي إِيَاسٍ(٣٩٦)، عَن المُبَارَكِ بْن فَضَالَةَ، عَنْ وَهْبِ بْن مُنَبِّهٍ يَرْفَعُهُ إِلَى ابْن عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَـمَّا عَرَجَ بِي(٣٩٧) رَبِّي (جلَّ جلاله) أَتَانِي النِّدَاءُ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبَّ الْعَظَمَةِ لَبَّيْكَ، فَأَوْحَى اللهُ (عزَّ وجلَّ) إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ، فِيمَ اخْتَصَمَ المَلَأُ الْأَعْلَى؟
قُلْتُ: إِلَهِي لَا عِلْمَ لِي، فَقَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، هَلَّا اتَّخَذْتَ مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَزِيراً وَأَخاً وَوَصِيًّا مِنْ بَعْدِكَ؟ فَقُلْتُ: إِلَهِي وَمَن أَتَّخِذُ؟ تَخَيَّرْ لِي أَنْتَ يَا إِلَهِي، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ، قَدِ اخْتَرْتُ لَكَ مِنَ الْآدَمِيِّينَ عَلِيًّا، فَقُلْتُ: إِلَهِي ابْنُ عَمِّي؟ فَأَوْحَى اللهُ إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ عَلِيًّا وَارثُكَ وَوَارثُ الْعِلْم مِنْ بَعْدِكَ، وَصَاحِبُ لِوَائِكَ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَصَاحِبُ حَوْضِكَ يَسْقِي مَنْ وَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ مُؤْمِني أُمَّتِكَ.
ثُمَّ أَوْحَى اللهُ (عزَّ وجلَّ): يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي قَدْ أَقْسَمْتُ عَلَى نَفْسِي قَسَماً حَقًّا لَا يَشْرَبُ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٩٤) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٥١/ مقدّمة المصنِّف).
(٣٩٥) سقطت عبارة: (عن الآدمي) من المطبوعة، وأثبتناها من المصدر، وهو سهل بن زياد الآدمي، ويُؤيِّده ما جاء تحت الرقم (٨١٣/١٧٢). راجع: (ج ٥٢/ ص ٢٧٦) من المطبوعة.
(٣٩٦) في المطبوعة: (ابن إياس) وما أثبتناه من المصدر، وهو (آدم بن أبي إياس) كما في الحديث (٨١٣/١٧٢). علماً بأنَّ ابن حجر قد ترجم لآدم هذا، وأرَّخ وفاته عام (٢٢٠هـ)، راجع: (تهذيب التهذيب: ج ١/ ص ١٢٦). وقال السمعاني: (أبو الحسن آدم بن أبي إياس - واسمه: ناهية - ويقال: آدم بن عبد الرحمن بن محمّد العسقلاني، مولى بني تميم، أصله من خراسان، رحل إلى العراقين والحجاز والشام، سكن عسقلان). (الأنساب: ج ٤/ ص ١٩١).
(٣٩٧) في المصدر إضافة: (إلى).

↑صفحة ١٢٢↑

مِنْ ذَلِكَ الْحَوْض مُبْغِضٌ لَكَ وَلِأَهْل بَيْتِكَ وَذُرِّيَّتِكَ الطَّيّبينَ(٣٩٨)، حَقًّا حَقًّا أَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ، لَأُدْخِلَنَّ الْجَنَّةَ جَمِيعَ أُمَّتِكَ إِلَّا مَنْ أَبَى(٣٩٩)، فَقُلْتُ: إِلَهِي(٤٠٠) وَأَحَدٌ يَأبَى دُخُولَ الْجَنَّةِ؟
فَأَوْحَى اللهُ (عزَّ وجلَّ): بَلَى، فَقُلْتُ: فَكَيْفَ يَأبَى؟ فَأَوْحَى اللهُ (عزَّ وجلَّ) إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ، اخْتَرْتُكَ مِنْ خَلْقِي، وَاخْتَرْتُ لَكَ وَصِيًّا مِنْ بَعْدِكَ، وَجَعَلْتُهُ مِنْكَ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدَكَ، وَأَلْقَيْتُ مَحَبَّةً(٤٠١) فِي قَلْبِكَ، وَجَعَلْتُهُ أَبَا وُلْدِكَ(٤٠٢)، فَحَقُّهُ بَعْدَكَ عَلَى أُمَّتِكَ كَحَقِّكَ عَلَيْهِمْ فِي حَيَاتِكَ، فَمَنْ جَحَدَ حَقَّهُ جَحَدَ(٤٠٣) حَقَّكَ، وَمَنْ أَبَى أَنْ يُوَالِيَهُ فَقَدْ أَبَى أَنْ يُوَالِيَكَ، وَمَنْ أَبَى أَنْ يُوَالِيَكَ فَقَدْ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ. فَخَرَرْتُ للهِ سَاجِداً شُكْراً لِمَا أَنْعَمَ إِلَيَّ(٤٠٤).
فَإذَا مُنَادٍ يُنَادِي: ارْفَعْ يَا مُحَمَّدُ رَأسَكَ وَسَلْنِي أُعْطِكَ، فَقُلْتُ: يَا إِلَهِي، اجْمَعْ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي عَلَى وَلَايَةِ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ (علیه السلام)، لِيَردُوا عَلَيَّ جَمِيعاً حَوْضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَوْحَى اللهُ (عزَّ وجلَّ) إِلَيَّ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي قَدْ قَضَيْتُ فِي عِبَادِي قَبْلَ أَنْ أَخْلُقَهُمْ، وَقَضَايَ مَاضٍ فِيهِمْ، لَأُهْلِكُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَأُهْدِي بِهِ مَنْ أَشَاءُ، وَقَدْ آتَيْتُهُ عِلْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ، وَجَعَلْتُهُ وَزِيرَكَ وَخَلِيفَتَكَ مِنْ بَعْدِكَ عَلَى أَهْلِكَ وَأُمَّتِكَ، عَزيمَةً مِنِّي، وَلَا يَدْخُلُ(٤٠٥) الْجَنَّةَ مَنْ عَادَاهُ وَأَبْغَضَهُ وَأَنْكَرَ وَلَايَتَهُ بَعْدَكَ، فَمَنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٣٩٨) في المصدر إضافة: (الطاهرين).
(٣٩٩) في المصدر إضافة: (من خلقي).
(٤٠٠) في المصدر إضافة: (هل) بين معقوفتين.
(٤٠١) في المصدر: (محبَّته).
(٤٠٢) في المصدر: (وجعلته أباً لولدك).
(٤٠٣) في المصدر: (فقد جحد).
(٤٠٤) في المصدر: (عليَّ) بدل (إليَّ).
(٤٠٥) في المصدر: (عزيمة منِّي [لأُدخل الجنَّة من أحبَّه و]لا أُدخل).

↑صفحة ١٢٣↑

أَبْغَضَهُ أَبْغَضَكَ، وَمَنْ أَبْغَضَكَ فَقَدْ أَبْغَضَنِي، وَمَنْ عَادَاهُ فَقَدْ عَادَاكَ، وَمَنْ عَادَاكَ فَقَدْ عَادَانِي، وَمَنْ أَحَبَّهُ فَقَدْ أَحَبَّكَ، وَمَنْ أَحَبَّكَ فَقَدْ أَحَبَّني، وَقَدْ جَعَلْتُ لَهُ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ، وَأَعْطَيْتُكَ أَنْ أُخْرجَ مِنْ صُلْبِهِ أَحَدَ عَشَرَ مَهْدِيًّا كُلُّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ مِنَ الْبِكْر الْبَتُولِ، وَآخِرُ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُصَلِّي خَلْفَهُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، أُنْجِي بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ، وَأُهْدِي بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَأُبْرئُ بِهِ الْأَعْمَى(٤٠٦)، وَأُشْفِي بِهِ المَريضَ.
فَقُلْتُ: إِلَهِي وَسَيِّدِي مَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟ فَأَوْحَى اللهُ (عزَّ وجلَّ): يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا رُفِعَ الْعِلْمُ، وَظَهَرَ الْجَهْلُ، وَكَثُرَ الْقُرَّاءُ، وَقَلَّ الْعَمَلُ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ، وَقَلَّ الْفُقَهَاءُ الْهَادُونَ، وَكَثُرَ فُقَهَاءُ الضَّلَالَةِ وَالْخَوَنَةِ، وَكَثُرَ الشُّعَرَاءُ، وَاتَّخَذَ أُمَّتُكَ قُبُورَهُمْ مَسَاجِدَ، وَحُلِّيَتِ المَصَاحِفُ، وَزُخْرفَتِ المَسَاجِدُ، وَكَثُرَ الْجَوْرُ وَالْفَسَادُ، وَظَهَرَ المُنْكَرُ، وَأَمَرَ أُمَّتُكَ بِهِ، وَنَهَى(٤٠٧) عَن المَعْرُوفِ، وَاكْتَفَى الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ، وَصَارَ الْأُمَرَاءُ كَفَرَةً، وَأَوْلِيَاؤُهُمْ فَجَرَةً، وَأَعْوَانُهُمْ ظَلَمَةً، وَذَوُو الرَّأيِ مِنْهُمْ فَسَقَةً، وَعِنْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالمَشْرقِ، وَخَسْفٌ بِالمَغْربِ، وَخَسْفٌ بِجَزيرَةِ الْعَرَبِ، وَخَرَابُ الْبَصْرَةِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ يَتْبَعُهُ الزُّنُوجُ، وَخُرُوجُ رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ، وَظُهُورُ الدَّجَّالِ يَخْرُجُ مِنَ المَشْرقِ مِنْ سِجِسْتَانَ، وَظُهُورُ السُّفْيَانِيِّ، فَقُلْتُ: إِلَهِي مَا يَكُونُ بَعْدِي مِنَ الْفِتَن؟ فَأَوْحَى اللهُ إِلَيَّ وَأَخْبَرَني بِبَلَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ لَعَنَهُمُ اللهُ، وَمِنْ فِتْنَةِ وُلْدِ عَمِّي(٤٠٨)، وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، فَأَوْصَيْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عَمِّي حِينَ هَبَطْتُ إِلَى الْأَرْض، وَأَدَّيْتُ الرِّسَالَةَ، وَللهِ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا حَمِدَهُ النَّبِيُّونَ، وَكَمَا حَمِدَهُ كُلُّ شَيْءٍ قَبْلي، وَمَا هُوَ خَالِقُهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ»(٤٠٩).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٠٦) في المصدر: (من العمى) بدل (الأعمى).
(٤٠٧) في المصدر: (نهوا).
(٤٠٨) في المصدر إضافة: (وما يكون).
(٤٠٩) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٢٥٠/ باب نصِّ الله تعالى على القائم (علیه السلام)/ ح ١).

↑صفحة ١٢٤↑

بيان: قوله تعالى: (فيما اختصم الملأ الأعلى؟) إشارة إلى قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ [ص: ٦٩]، والمشهور بين المفسِّرين أنَّه إشارة إلى قوله تعالى: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: ٣٠]، وسؤال الملائكة في ذلك، فلعلَّه تعالى سأله أوَّلاً عن ذلك ثُمَّ أخبره به وبيَّن أنَّ الأرض لا تخلو من حجَّة وخليفة، ثُمَّ سأله عن خليفته وعيَّن له الخلفاء بعده. ولا يبعد أنْ يكون الملائكة سألوا في ذلك الوقت عن خليفة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأخبره الله بذلك. وقد مضى في باب المعراج بعض القول في ذلك.
قوله تعالى: (وخراب البصرة): إشارة إلى قصَّة صاحب الزنج الذي خرج في البصرة سنة ستٍّ أو خمس وخمسين ومأتين، ووعد كلَّ من أتى إليه من السودان أنْ يعتقهم ويكرمهم، فاجتمع إليه منهم خلق كثير، وبذلك علا أمره، ولذا لُقِّب: صاحب الزنج، وكان يزعم أنَّه عليُّ بن محمّد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب (علیه السلام).
وقال ابن أبي الحديد: وأكثر الناس يقدحون في نسبه، وخصوصاً الطالبيُّون، وجمهور النسَّابيِّن(٤١٠) على أنَّه من عبد القيس، وأنَّه عليُّ بن محمّد بن عبد الرحيم، وأُمُّه أسديَّة من أسد بن خزيمة، جدُّها محمّد بن الحَكَم الأسدي من أهل الكوفة(٤١١). ونحو ذلك قال ابن الأثير في الكامل(٤١٢)، والمسعودي في مروج الذهب(٤١٣). ويظهر من الخبر أنَّ نسبه كان صحيحاً.
ثُمَّ اعلم أنَّ هذه العلامات لا يلزم كونها مقارنة لظهوره (علیه السلام)، إذ الغرض

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤١٠) في المصدر إضافة: (اتَّفقوا).
(٤١١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج ٨/ ص ١٢٦ و١٢٧).
(٤١٢) الكامل في التاريخ (ج ٧/ ص ٢٠٦).
(٤١٣) مروج الذهب (ج ٤/ ص ١٠٨).

↑صفحة ١٢٥↑

بيان أنَّ قبل ظهوره (علیه السلام) يكون هذه الحوادث، كما أنَّ كثيراً من أشراط الساعة التي روتها العامَّة والخاصَّة ظهرت قبل ذلك بدهور وأعوام، وقصَّة صاحب الزنج كانت مقارنة لولادته (علیه السلام)، ومن هذا الوقت ابتدأت علاماته إلى أنْ يظهر (علیه السلام). على أنَّه يحتمل أنْ يكون الغرض علامات ولادته (علیه السلام)، لكنَّه بعيد.
[١٧١/١٢] كمال الدِّين: ابْنُ مَسْرُورٍ، عَن ابْن عَامِرٍ، عَن المُعَلَّى، عَنْ جَعْفَر بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَكَم، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ، عَن ابْن عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إِنَّ خُلَفَائِي وَأَوْصِيَائِي وَحُجَجُ اللهِ عَلَى الْخَلْقِ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ، أَوَّلُهُمْ أَخِي، وَآخِرُهُمْ وَلَدِي»، وَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ [(صلّى الله عليه وآله وسلّم)]، وَمَنْ أَخُوكَ؟ قَالَ: «عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ»، قِيلَ: فَمَنْ وَلَدُكَ؟ قَالَ: «المَهْدِيُّ يَمْلَأُهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيًّا لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَأَطَالَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَخْرُجَ فِيهِ وَلَدِي المَهْدِيُّ، فَيَنْزلَ رُوحُ اللهِ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ (علیه السلام) فَيُصَلِّيَ خَلْفَهُ، وَتُشْرقَ الْأَرْضُ بِنُور رَبِّها(٤١٤)، وَيَبْلُغَ سُلْطَانُهُ المَشْرقَ وَالمَغْربَ»(٤١٥).
[١٧٢/١٣] كمال الدِّين: ابْنُ مَسْرُورٍ، عَن ابْن عَامِرٍ، عَنْ عَمِّهِ، عَن ابْن أَبِي عُمَيْرٍ، عَن أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنْ جَابِرٍ الْأَنْصَاريِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي، اسْمُهُ اسْمِي، وَكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي، أَشْبَهُ النَّاس بِي خَلْقاً وَخُلْقاً، تَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ وَحَيْرَةٌ تَضِلُّ فِيهِ الْأُمَمُ، ثُمَّ يُقْبِلُ كَالشِّهَابِ الثَّاقِبِ وَيَمْلَأُهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً»(٤١٦).
[١٧٣/١٤] كمال الدِّين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار، عَنْ أَحْمَدَ بْن الْحُسَيْن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤١٤) في المصدر: (ربِّه) بدل (ربِّها).
(٤١٥) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٢٨٠/ باب نصِّ النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على القائم (علیه السلام)/ ح ٢٧).
(٤١٦) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٢٨٦/ باب ما أخبر به النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)/ ح ١).

↑صفحة ١٢٦↑

ابْن سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ، عَنْ فَضَالَةَ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن وَهْبٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «طُوبَى لِمَنْ أَدْرَكَ قَائِمَ أَهْل بَيْتِي وَهُوَ يَأتَمُّ بِهِ فِي غَيْبَتِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ وَيَتَوَلَّى أَوْلِيَاءَهُ وَيُعَادِي أَعْدَاءَهُ، ذَاكَ مِنْ رُفَقَائِي وَذَوي مَوَدَّتِي وَأَكْرَم أُمَّتِي عَلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(٤١٧).
[١٧٤/١٥] كمال الدِّين: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْبَلْخِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَسْعُودٍ، عَنْ خَلَفِ بْن حَامِدٍ(٤١٨)، عَنْ سَهْل بْن زِيَادٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْن مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن أَسْلَمَ الْجَبَليِّ، عَن الْخَطَّابِ بْن مُصْعَبٍ، عَنْ سَدِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «طُوبَى لِمَنْ أَدْرَكَ قَائِمَ أَهْل بَيْتِي وَهُوَ مُقْتَدٍ بِهِ قَبْلَ قِيَامِهِ، يَأتَمُّ بِهِ وَبِأَئِمَّةِ الْهُدَى مِنْ قَبْلِهِ، وَيَبْرَاُ إِلَى اللهِ مِنْ عَدُوِّهِمْ، أُولَئِكَ رُفَقَائِي وَأَكْرَمُ أُمَّتِي عَلَيَّ»(٤١٩).
[١٧٥/١٦] كمال الدِّين: أَبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ وَابْنُ المُتَوَكِّل جَمِيعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريِّ وَمُحَمَّدٍ الْعَطَّار جَمِيعاً، عَن ابْن عِيسَى وَابْن هَاشِم وَالْبَرْقِيِّ وَابْن أَبِي الْخَطَّابِ جَمِيعاً، عَن ابْن مَحْبُوبٍ، عَنْ دَاوُدَ بْن الْحُصَيْن، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي، اسْمُهُ اسْمِي، وَكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي، أَشْبَهُ النَّاس بِي خَلْقاً وَخُلْقاً، تَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ وَحَيْرَةٌ حَتَّى يَضِلَّ الْخَلْقُ عَنْ أَدْيَانِهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُقْبِلُ كَالشِّهَابِ الثَّاقِبِ فَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً»(٤٢٠).
[١٧٦/١٧] كمال الدِّين: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ، عَن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤١٧) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٢٨٦/ باب ما أخبر به النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)/ ح ٢).
(٤١٨) في المصدر: (حمَّاد).
(٤١٩) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٢٨٦/ باب ما أخبر به النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)/ ح ٣).
(٤٢٠) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٢٨٧/ باب ما أخبر به النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)/ ح ٤).

↑صفحة ١٢٧↑

ابْن بَزِيع، عَنْ صَالِح بْن عُقْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَن الْبَاقِر، عَنْ آبَائِهِ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي، تَكُونُ لَهُ غَيْبَةٌ وَحَيْرَةٌ تَضِلُّ فِيهَا الْأُمَمُ، يَأتِي بِذَخِيرَةِ الْأَنْبِيَاءِ، فَيَمْلَؤُهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً»(٤٢١).
[١٧٧/١٨] كمال الدِّين: ابْنُ المُتَوَكِّل، عَن الْأَسَدِيِّ، عَن الْبَرْمَكِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْن عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْفُرَاتِ، عَنْ ثَابِتِ بْن دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ، عَن ابْن عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (علیه السلام) إِمَامُ أُمَّتِي، وَخَلِيفَتِي عَلَيْهِمْ بَعْدِي، وَمِنْ وُلْدِهِ الْقَائِمُ المُنْتَظَرُ الَّذِي يَمْلَأُ اللهُ (عزَّ وجلَّ) بِهِ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ بَشِيراً إِنَّ الثَّابِتِينَ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فِي زَمَان غَيْبَتِهِ لَأَعَزُّ مِنَ الْكِبْريتِ الْأَحْمَر»، فَقَامَ إِلَيْهِ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَاريُّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلِلْقَائِم مِنْ وُلْدِكَ غَيْبَةٌ؟ فَقَالَ: «إِي وَرَبِّي، ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤١]. يَا جَابِرُ، إِنَّ هَذَا لَأَمْرٌ مِنْ أَمْر اللهِ، وَسِرٌّ مِنْ سِرِّ اللهِ، مَطْويٌّ عَنْ عِبَادِهِ، فَإِيَّاكَ وَالشَّكَّ فِي أَمْر اللهِ، فَهُوَ كُفْرٌ»(٤٢٢).
[١٧٨/١٩] كمال الدِّين: ابْنُ عُبْدُوسٍ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَنْ حَمْدَانَ بْن سُلَيْمَانَ(٤٢٣)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْفَضْل الْهَاشِمِيِّ، عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَن الصَّادِقِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ (عليهم السلام)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِي، اسْمُهُ اسْمِي، وَكُنْيَتُهُ كُنْيَتِي، وَشَمَائِلُهُ شَمَائِلي، وَسُنَّتُهُ سُنَّتِي، يُقِيمُ النَّاسَ عَلَى مِلَّتِي وَشَريعَتِي، وَيَدْعُوهُمْ إِلَى كِتَابِ اللهِ (عزَّ وجلَّ)، مَنْ أَطَاعَهُ أَطَاعَنِي، وَمَنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٢١) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٢٨٧/ باب ما أخبر به النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)/ ح ٥).
(٤٢٢) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٢٨٧/ باب ما أخبر به النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)/ ح ٧).
(٤٢٣) في المصدر إضافة: (عن أحمد بن عبد الله بن جعفر الهمداني).

↑صفحة ١٢٨↑

عَصَاهُ عَصَانِي، وَمَنْ أَنْكَرَهُ فِي غَيْبَتِهِ فَقَدْ أَنْكَرَني، وَمَنْ كَذَّبَهُ فَقَدْ كَذَّبَني، وَمَنْ صَدَّقَهُ فَقَدْ صَدَّقَنِي، إِلَى اللهِ أَشْكُو المُكَذّبِينَ لِي فِي أَمْرهِ، وَالْجَاحِدِينَ لِقَوْلِي فِي شَأنِهِ، وَالمُضِلِّينَ لِأُمَّتِي عَنْ طَريقَتِهِ، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٧]»(٤٢٤).
[١٧٩/٢٠] كمال الدِّين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَن ابْن أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ غِيَاثِ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «مَنْ أَنْكَرَ الْقَائِمَ مِنْ وُلْدِي فَقَدْ أَنْكَرَني»(٤٢٥).
[١٨٠/٢١] كمال الدِّين: الْوَرَّاقُ، عَن الْأَسَدِيِّ، عَن النَّخَعِيِّ، عَن النَّوْفَلِيِّ، عَنْ غِيَاثِ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَن الصَّادِقِ، عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «مَنْ أَنْكَرَ الْقَائِمَ مِنْ وُلْدِي فِي زَمَان غَيْبَتِهِ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»(٤٢٦).
[١٨١/٢٢] الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن عَلِيٍّ، عَن ابْن أَبِي دَارم، عَنْ عَلِيِّ بْن الْعَبَّاس، عَنْ مُحَمَّدِ بْن هَاشِم الْقَيْسِيِّ، عَنْ سَهْل بْن تَمَام الْبَصْريِّ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَطَّان، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المَهْدِيُّ يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان»(٤٢٧).
[١٨٢/٢٣] الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَلِيِّ بْن الْعَبَّاس، عَنْ بَكَّار بْن أَحْمَدَ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُعَلَّى بْن زِيَادٍ، عَن الْعَلَاءِ بْن بَشِيرٍ، عَنْ أَبِي الصَّدِيقِ النَّاجِي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «أُبَشِّرُكُمْ بِالمَهْدِيِّ يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنَ النَّاس وَزِلْزَالٍ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٢٤) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤١١/ باب في من أنكر القائم (علیه السلام)/ ح ٦).
(٤٢٥) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤١٢/ باب في من أنكر القائم (علیه السلام)/ ح ٨).
(٤٢٦) كمال الدِّين (ج ٢/ ص ٤١٢/ باب في من أنكر القائم (علیه السلام)/ ح ١٢).
(٤٢٧) الغيبة للطوسي (ص ١٧٨/ ح ١٣٥).

↑صفحة ١٢٩↑

عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْض...» تَمَامَ الْخَبَر(٤٢٨).
[١٨٣/٢٤] الغيبة للطوسي: بِهَذَا الْإسْنَادِ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن، عَنْ تَلِيدٍ، عَنْ أَبِي الْحَجَّافِ(٤٢٩)، [عن خالد بن عبد المَلِك، عن مطر الورَّاق، عن الناجي يعني أبا الصدِّيق، عن أبي سعيد](٤٣٠)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «أَبْشِرُوا بِالمَهْدِيِّ - قَالَهَا ثَلَاثاً -، يَخْرُجُ عَلَى حِين اخْتِلَافٍ مِنَ النَّاس وَزِلْزَالٍ شَدِيدٍ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، يَمْلَأُ قُلُوبَ عِبَادِهِ عِبَادَةً، وَيَسَعُهُمْ عَدْلُهُ»(٤٣١).
[١٨٤/٢٥] الغيبة للطوسي: بِهَذَا الْإسْنَادِ، عَن الْحَسَن بْن الْحُسَيْن، عَنْ سُفْيَانَ الْجَريريِّ، عَنْ عَبْدِ المُؤْمِن، عَن الْحَارثِ بْن حَصِيرَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْن جُوَيْنٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَر: «إِنَّ المَهْدِيَّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ أَهْل بَيْتِي، يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان، تُنْزلُ لَهُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا، وَتُخْرجُ لَهُ الْأَرْضُ بَذْرَهَا، فَيَمْلَأ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مَلَأَهَا الْقَوْمُ ظُلْماً وَجَوْراً»(٤٣٢).
[١٨٥/٢٦] الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَلِيِّ بْن الْعَبَّاس، عَنْ بَكَّارٍ، عَنْ مُصَبِّح، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِح، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يُخْرجَ رَجُلاً مِنْ أَهْل بَيْتِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً»(٤٣٣).
[١٨٦/٢٧] الغيبة للطوسي: بِهَذَا الْإسْنَادِ، عَنْ بَكَّارٍ، عَنْ عَلِيِّ بْن قَادِم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٢٨) الغيبة للطوسي (ص ١٧٨/ ح ١٣٦).
(٤٢٩) في المصدر: (الجحَّاف) بدل (الحجَّاف).
(٤٣٠) الزيادة نقلاً عن هامش المصدر عن دلائل الإمامة.
(٤٣١) الغيبة للطوسي (ص ١٧٩/ ح ١٣٧).
(٤٣٢) الغيبة للطوسي (ص ١٨٠/ ح ١٣٨).
(٤٣٣) الغيبة للطوسي (ص ١٨٠/ ح ١٣٩).

↑صفحة ١٣٠↑

عَنْ فِطْرٍ، عَنْ عَاصِم، عَنْ زِرِّ بْن حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ رَجُلاً مِنِّي، يُوَاطِئُ اسْمُه اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً»(٤٣٤).
[١٨٧/٢٨] الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْعَبَّاس، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الزُّهْريِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ قَيْسِ بْن الرَّبيع وَغَيْرهِ، عَنْ عَاصِم، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَا يَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَليَ أُمَّتِي رَجُلٌ مِنْ أَهْل بَيْتِي يُقَالُ لَهُ: المَهْدِيُّ»(٤٣٥).
[١٨٨/٢٩] الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن الْبَزَوْفَريِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَنْ نَصْر بْن مُزَاحِم، عَنْ أَبِي لَهِيعَةَ(٤٣٦)، عَنْ أَبِي قُبَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عَمْرو بْن الْعَاص، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فِي حَدِيثٍ طَويلٍ: «فَعِنْدَ ذَلِكَ خُرُوجُ المَهْدِيِّ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ هَذَا - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ (علیه السلام) -، بِهِ يَمْحَقُ اللهُ الْكَذِبَ وَيُذْهِبُ الزَّمَانَ الْكَلِبَ، بِهِ يُخْرجُ ذُلَّ الرِّقِّ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ»، ثُمَّ قَالَ: «أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَالمَهْدِيُّ أَوْسَطُهَا، وَعِيسَى آخِرُهَا، وَبَيْنَ ذَلِكَ تَيْحٌ أَعْوَجُ»(٤٣٧).
بيان: قال الجزري: كَلِبَ الدهر على أهله: إذا ألحَّ عليهم واشتدَّ(٤٣٨). وقال الفيروزآبادي: تاح له الشيء يتوح: تهيَّأ كتاح يتيح وأتاحه الله فأُتيح، والمتيح كمنير من يعرض فيما لا يعنيه، أو يقع في البلايا، وفرس يعترض في مشيته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٣٤) الغيبة للطوسي (ص ١٨٠/ ح ١٤٠).
(٤٣٥) الغيبة للطوسي (ص ١٨٠/ ح ١٤١).
(٤٣٦) في المصدر: (ابن لهيعة) بدل (أبي لهيعة).
(٤٣٧) الغيبة للطوسي (ص ١٨٥/ ح ١٤٤)، وفيه: (شيخ أعوج).
(٤٣٨) النهاية (ج ٤/ ص ١٩٥).

↑صفحة ١٣١↑

نشاطاً، والمتياح الكثير الحركة العريض(٤٣٩)، انتهى. وفيه تكلُّف، والأظهر أنَّه تصحيف ما مرَّ في أخبار اللوح وغير ذلك، (نتج الهرج): أي نتائج الفساد والجور(٤٤٠).
[١٨٩/٣٠] الغيبة للطوسي: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ(٤٤١)، عَنْ عُثْمَانَ بْن أَحْمَدَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن عَبْدِ اللهِ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن هَانِئ، عَنْ نُعَيْم بْن حَمَّادٍ(٤٤٢)، عَنْ بقيَّةَ(٤٤٣) بْن الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي مَرْيَمَ، عَن(٤٤٤) الْفَضْل بْن يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي المَلِيح، عَنْ زِيَادِ بْن بُنَانٍ، عَنْ عَلِيِّ بْن نُفَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْن المُسَيَّبِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «المَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ»(٤٤٥).
الغيبة للطوسي: جماعة، عن التلعكبري، عن أحمد بن عليٍّ، عن محمّد بن عليٍّ، عن عثمان بن أحمد، عن إبراهيم بن علاء، عن أبي المليح، مثله(٤٤٦).
[١٩٠/٣١] الغيبة للطوسي: أَحْمَدُ بْنُ إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٣٩) القاموس المحيط (ج ١/ ص ٢٢٥).
(٤٤٠) ولعلَّه تصحيف: (ثبج أعوج)، الثبج: المتوسِّط بين الخيار والرذال، والأعوج: المائل البين العوج والسيِّئ الخُلُق، وقد يكون (ثبج أعرج)، فالأوَّل هو البوم النائح، والثاني الغراب.
(٤٤١) سيأتي إسناد الطوسي إلى محمّد بن عليٍّ هذا بعد هذا الحديث.
(٤٤٢) هو نعيم بن حمَّاد المروزي أبو عبد الله المتوفَّى (٢٢٩هـ)، له كتاب الفتن يروي فيه عن بقيَّة بن الوليد المتوفَّى (١٩٧هـ)، وبقيَّة روى فيه عن أبي بكر بن أبي مريم: «المهدي من ولد فاطمة». كتاب الفتن (ص ٢٣١/ باب نسبة المهدي).
(٤٤٣) في المطبوعة: (عقبة)، وما أثبتناه من المصدر، وقد ذكرناه في التعليقة السابقة.
(٤٤٤) هكذا في المطبوعة والمصدر، والظاهر (عن) تصحيف (و)، لأنَّ الفضل بن يعقوب هذا هو (الرخامي) كما في المصدر، وقد تُوفّي عام (٢٥٨هـ) كما في تهذيب التهذيب (ج ٤/ ص ٤٩٩).
(٤٤٥) الغيبة للطوسي (ص ١٨٥/ ح ١٤٥).
(٤٤٦) الغيبة للطوسي (ص ١٨٧/ ح ١٤٨).

↑صفحة ١٣٢↑

 عَنْ مُصَبِّح، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَن، عَمَّنْ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: عَن ابْن عَبَّاسٍ فِي حَدِيثٍ طَويلٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا وَهْبُ، ثُمَّ يَخْرُجُ المَهْدِيُّ، قُلْتُ: مِنْ وُلْدِكَ؟ قَالَ: لَا وَاللهِ مَا هُوَ مِنْ وُلْدِي وَلَكِنْ مِنْ وُلْدِ عَلِيٍّ (علیه السلام)، فَطُوبَى لِمَنْ أَدْرَكَ زَمَانَهُ، وَبِهِ يُفَرِّجُ اللهُ عَن الْأُمَّةِ حَتَّى يَمْلَأَهَا قِسْطاً وَعَدْلاً...، إِلَى آخِر الْخَبَر(٤٤٧).
[١٩١/٣٢] الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن عَلِيٍّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن عِيسَى، عَن الْأَهْوَازِيِّ، عَن الْحُسَيْن بْن عُلْوَانَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ فِي حَدِيثٍ لَهُ طَويلٍ اخْتَصَرْنَاهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لِفَاطِمَةَ: «يَا بُنَيَّةُ، إِنَّا أُعْطِينَا أَهْلَ الْبَيْتِ سَبْعاً لَمْ يُعْطَهَا أَحَدٌ قَبْلَنَا: نَبِيُّنَا خَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ وَهُوَ أَبُوكِ، وَوَصِيُّنَا خَيْرُ الْأَوْصِيَاءِ وَهُوَ بَعْلُكِ، وَشَهِيدُنَا خَيْرُ الشُّهَدَاءِ وَهُوَ عَمُّ أَبِيكِ حَمْزَةُ، وَمِنَّا مَنْ لَهُ جَنَاحَان خَضِيبَان يَطِيرُ بِهِمَا فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ ابْنُ عَمِّكِ جَعْفَرٌ، وَمِنَّا سِبْطَا هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهُمَا ابْنَاكِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَمِنَّا وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَهْدِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِي يُصَلِّي خَلْفَهُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ»، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِ الْحُسَيْن (علیه السلام) فَقَالَ: «مِنْ هَذَا - ثَلَاثاً -»(٤٤٨).
 [١٩٢/٣٣] الغيبة للنعماني: أَحْمَدُ بْنُ [عَلِيٍّ] الْبَنْدِيجِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُوسَى الْعَبَّاسِيِّ، عَنْ مُوسَى بْن سَلَّام، عَن الْبَزَنْطِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن(٤٤٩) الْخَشَّابِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي مَثَلُ نُجُوم السَّمَاءِ كُلَّمَا غَابَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ حَتَّى إِذَا نَجْمٌ مِنْهَا طَلَعَ فَرَمَقُوهُ(٤٥٠) بِالْأَعْيُن وَأَشَرْتُمْ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِع أَتَاهُ مَلَكُ المَوْتِ فَذَهَبَتْ(٤٥١) بِهِ، ثُمَّ لَبِثْتُمْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٤٧) الغيبة للطوسي (ص ١٨٧/ ح ١٤٦).
(٤٤٨) الغيبة للطوسي (ص ١٩١/ ح ١٥٤).
(٤٤٩) في المصدر: (عن) بدل (بن) بين معقوفتين.
(٤٥٠) في المصدر: (فرمقتموه).
(٤٥١) في المصدر: (فذهب) بدل (فذهبت).

↑صفحة ١٣٣↑

فِي ذَلِكَ سَبْتاً مِنْ دَهْركُمْ، وَاسْتَوَتْ بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَلَمْ يَدْر أَيٌّ مِنْ أَيٍّ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَبْدُو نَجْمُكُمْ، فَاحْمَدُوا اللهَ وَاقْبَلُوهُ»(٤٥٢).
[١٩٣/٣٤] الغيبة للنعماني: أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، عَن النَّهَاوَنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْن حَمَّادٍ، عَنْ أَبَان بْن عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (علیه السلام): «بَيْنَنَا رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذَاتَ يَوْمٍ بِالْبَقِيع فَأَتَاه(٤٥٣) عَلِيٌّ(٤٥٤) فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): اجْلِسْ، فَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينهِ، ثُمَّ جَاءَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَسَأَلَ عَنْ رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَقِيلَ: هُوَ بِالْبَقِيع، فَأَتَاهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَأَجْلَسَهُ عَنْ يَسَارهِ، ثُمَّ جَاءَ الْعَبَّاسُ فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقِيلَ: هُوَ بِالْبَقِيع، فَأَتَاهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَجْلَسَهُ أَمَامَهُ.
ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إِلَى عَلِيٍّ (علیه السلام) فَقَالَ: أَلَا أُبَشِّرُكَ، أَلَا أُخْبِرُكَ يَا عَلِيُّ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: كَانَ جَبْرَئِيلُ عِنْدِي آنِفاً وَخَبَّرَنِي أَنَّ الْقَائِمَ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً مِنْ ذُرِّيَّتِكَ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن (علیه السلام)، فَقَالَ عَلِيٌّ (علیه السلام): يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَصَابَنَا خَيْرٌ قَطُّ مِنَ اللهِ إِلَّا عَلَى يَدَيْكَ.
ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فَقَالَ: يَا جَعْفَرُ، أَلَا أُبَشِّرُكَ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: كَانَ جَبْرَئِيلُ عِنْدِي آنِفاً فَأَخْبَرَني أَنَّ الَّذِي يَدْفَعُهَا إِلَى الْقَائِم هُوَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، أَتَدْري مَنْ هُوَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: ذَاكَ الَّذِي وَجْهُهُ كَالدِّينَار، وَأَسْنَانُهُ كَالْمِنْشَار، وَسَيْفُهُ كَحَريقِ النَّار، يَدْخُلُ الْجَبَلَ(٤٥٥) ذَلِيلاً وَيَخْرُجُ مِنْهُ عَزيزاً، يَكْتَنِفُهُ جَبْرَئِيلُ وَمِيكَائِيلُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٥٢) الغيبة للنعماني (ص ١٥٥).
(٤٥٣) في المصدر: (حتَّى أقبل) بدل (فأتاه).
(٤٥٤) في المصدر إضافة: (فسأل عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقيل: إنَّه بالبقيع، فأتاه عليٌّ (علیه السلام)).
(٤٥٥) في المصدر: (الجند) بدل (الجبل).

↑صفحة ١٣٤↑

ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْعَبَّاس فَقَالَ: يَا عَمَّ النَّبِيِّ، أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَا أَخْبَرَني جَبْرَئِيلُ؟ فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: قَالَ لِي: وَيْلٌ لِذُرِّيَّتِكَ مِنْ وُلْدِ الْعَبَّاس، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا أَجْتَنِبُ النِّسَاءَ؟ قَالَ لَهُ: قَدْ فَرَغَ اللهُ مِمَّا هُوَ كَائِنٌ»(٤٥٦).
[١٩٤/٣٥] الغيبة للنعماني: ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْن الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَن ابْن بَزيع، عَنْ عَمْرو(٤٥٧) بْن يُونُسَ، عَنْ حَمْزَةَ بْن حُمْرَانَ، عَنْ سَالِم الْأَشَلِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ (علیه السلام) يَقُولُ: «نَظَرَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ (علیه السلام) فِي السِّفْر الْأَوَّلِ بِمَا يُعْطَى(٤٥٨) قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ، قَالَ(٤٥٩) مُوسَى: رَبِّ اجْعَلْنِي قَائِمَ آلِ مُحَمَّدٍ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ ذَاكَ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَحْمَدَ، ثُمَّ نَظَرَ فِي السِّفْر الثَّانِي فَوَجَدَ فِيهِ مِثْلَ ذَلِكَ [فَقَالَ مِثْلَهُ فَقِيلَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ](٤٦٠)، ثُمَّ نَظَرَ فِي السِّفْر الثَّالِثِ فَرَأى مِثْلَهُ [فَقَالَ مِثْلَهُ] فَقِيلَ لَهُ مِثْلُهُ»(٤٦١).
[١٩٥/٣٦] الكافي: الْعِدَّةُ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ هَيْثَم(٤٦٢) ابْن أَشْيَمَ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام) قَالَ: «خَرَجَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذَاتَ يَوْم وَهُوَ مُسْتَبْشِرٌ يَضْحَكُ سُرُوراً، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: أَضْحَكَ اللهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَزَادَكَ سُرُوراً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ يَوْم وَلَا لَيْلَةٍ إِلَّا وَلِيَ فِيهِمَا تُحْفَةٌ مِنَ اللهِ، أَلَا وَإِنَّ رَبِّي أَتْحَفَنِي فِي يَوْمِي هَذَا بِتُحْفَةٍ لَمْ يُتْحِفْنِي بِمِثْلِهَا فِيمَا مَضَى، إِنَّ جَبْرَئِيلَ (علیه السلام) أَتَانِي فَأَقْرَأَنِي مِنْ رَبِّيَ السَّلَامَ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٥٦) الغيبة للنعماني (ص ٢٤٧).
(٤٥٧) في المصدر: (منصور) بدل (عمرو).
(٤٥٨) في المصدر: (إلى ما يعطى).
(٤٥٩) في المصدر: (من التمكين والفضل فقال) بدل (قال).
(٤٦٠) ما بين المعقوفتين من المصدر، وكذا ما يأتي.
(٤٦١) الغيبة للنعماني (ص ٢٤٠).
(٤٦٢) في المصدر: (عيثم) بدل (هيثم).
 

↑صفحة ١٣٥↑

(جَلَّ وَعَزَّ) اخْتَارَ مِنْ بَنِي هَاشِم سَبْعَةً لَمْ يَخْلُقْ مِثْلَهُمْ فِيمَنْ مَضَى وَلَا يَخْلُقُ مِثْلَهُمْ فِيمَنْ بَقِيَ: أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ سَيِّدُ النَّبِيِّينَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَصِيُّكَ سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سِبْطَاكَ سَيِّدَا الْأَسْبَاطِ، وَحَمْزَةُ عَمُّكَ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ، وَجَعْفَرٌ ابْنُ عَمِّكَ الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ يَطِيرُ مَعَ المَلاَئِكَةِ حَيْثُ يَشَاءُ، وَمِنْكُمُ الْقَائِمُ يُصَلِّي عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ إِذَا أَهْبَطَهُ اللهُ إِلَى الْأَرْض مِنْ ذُرِّيَّةِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَمِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن(علیه السلام)»(٤٦٣).
[١٩٦/٣٧] كشف الغمَّة: وَقَعَ لِي أَرْبَعُونَ حَدِيثاً جَمَعَهَا الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْم أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ (رحمه الله) فِي أَمْر المَهْدِيِّ (علیه السلام) أَوْرَدْتُهَا سَرْداً كَمَا أَوْرَدَهَا، وَاقْتَصَرْتُ عَلَى ذِكْر الرَّاوي عَن النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
الأوَّلُ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، عَن النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَنَّهُ قَالَ: «يَكُونُ مِنْ أُمَّتِيَ المَهْدِيُّ، إِنْ قَصُرَ عُمُرُهُ فَسَبْعُ سِنِينَ، وَإِلَّا فَثَمَانٍ، وَإِلَّا فَتِسْعٌ، يَتَنَعَّمُ أُمَّتِي فِي زَمَانِهِ نَعِيماً لَمْ يَتَنَعَّمُوا مِثْلَهُ قَطُّ، الْبِرُّ وَالْفَاجِرُ يُرْسِلُ(٤٦٤) السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً، وَلَا تَدَّخِرُ الْأَرْضُ شَيْئاً مِنْ نَبَاتِهَا».
الثَّانِي: فِي ذِكْر المَهْدِيِّ (علیه السلام) وَأَنَّهُ مِنْ عِتْرَةِ النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، عَن النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَنَّهُ قَالَ: «تُمْلَأُ الْأَرْضُ ظُلْماً وَجَوْراً، فَيَقُومُ رَجُلٌ مِنْ عِتْرَتِي فَيَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَعَدْلاً، يَمْلِكُ سَبْعاً أوْ تِسْعاً».
الثَّالِثُ: وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَا تَنْقَضِي السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ الْأَرْضَ رَجُلٌ مِنْ أَهْل بَيْتِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ(٤٦٥) جَوْراً، يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٦٣) روضة الكافي (ص ٤٩/ ح ١٠).
(٤٦٤) في المصدر إضافة: (الله).
(٤٦٥) في المصدر إضافة: (قبله).

↑صفحة ١٣٦↑

الرَّابِعُ: فِي قَوْلِهِ لِفَاطِمَةَ (عليها السلام): «المَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِكِ»، عَن الزُّهْريِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْن، عَنْ أَبِيهِ (علیهما السلام) أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قَالَ لِفَاطِمَةَ: «المَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِكِ».
الخَامِسُ: قَوْلُهُ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إِنَّ مِنْهُمَا مَهْدِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ» يَعْنِي الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ (علیهما السلام)، عَنْ عَلِيِّ بْن هِلَالٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَهُوَ فِي الْحَالَةِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا، فَإذَا فَاطِمَةُ عِنْدَ رَأسِهِ، فَبَكَتْ حَتَّى ارْتَفَعَ صَوْتُهَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إِلَيْهَا رَأسَهُ فَقَالَ: «حَبِيبَتِي فَاطِمَةُ مَا الَّذِي يُبْكِيكِ؟»، فَقَالَتْ: أَخْشَى الضَّيْعَةَ مِنْ بَعْدِكَ، فَقَالَ: «يَا حَبِيبَتِي، أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) اطَّلَعَ عَلَى الْأَرْض(٤٦٦) اطِّلَاعَةً فَاخْتَارَ مِنْهَا أَبَاكِ فَبَعَثَهُ بِرسَالَتِهِ، ثُمَّ اطَّلَعَ اطِّلَاعَةً فَاخْتَارَ مِنْهَا بَعْلَكِ، وَأَوْحَى إِلَيَّ أَنْ أُنْكِحَكِ إِيَّاهُ. يَا فَاطِمَةُ، وَنَحْنُ أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ أَعْطَانَا اللهُ (عزَّ وجلَّ) سَبْعَ خِصَالٍ لَمْ يُعْطِ أَحَداً قَبْلَنَا وَلَا يُعْطِي أَحَداً بَعْدَنَا: أَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَأَكْرَمُ النَّبِيِّينَ عَلَى اللهِ (عزَّ وجلَّ) وَأَحَبُّ المَخْلُوقِينَ إِلَى اللهِ (عزَّ وجلَّ) وَأَنَا أَبُوكِ، وَوَصِيِّي خَيْرُ الْأَوْصِيَاءِ وَأَحَبُّهُمْ إِلَى اللهِ (عزَّ وجلَّ) وَهُوَ بَعْلُكِ، وَشَهِيدُنَا خَيْرُ الشُّهَدَاءِ وَأَحَبُّهُمْ إِلَى اللهِ (عزَّ وجلَّ) وَهُوَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ عَمُّ أَبِيكِ وَعَمُّ بَعْلِكِ، وَمِنَّا مَنْ لَهُ جَنَاحَان يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ مَعَ المَلاَئِكَةِ حَيْثُ يَشَاءُ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أَبِيكِ وَأَخُو بَعْلِكِ، وَمِنَّا سِبْطَا هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهُمَا ابْنَاكِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَهُمَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْل الْجَنَّةِ وَأَبُوهُمَا وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ خَيْرٌ مِنْهُمَا.
يَا فَاطِمَةُ، وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ إِنَّ مِنْهُمَا مَهْدِيَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، إِذَا صَارَتِ الدُّنْيَا هَرْجاً وَمَرْجاً، وَتَظَاهَرَتِ الْفِتَنُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، وَأَغَارَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَلَا كَبِيرٌ يَرْحَمُ صَغِيراً، وَلَا صَغِيرٌ يُوَقِّرُ كَبِيراً، فَيَبْعَثُ اللهُ عِنْدَ ذَلِكَ مِنْهُمَا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٦٦) في المصدر: (على أهل الأرض).

↑صفحة ١٣٧↑

مَنْ يَفْتَحُ حُصُونَ الضَّلَالَةِ وَقُلُوباً غُلْفاً، يَقُومُ بِالدِّين فِي آخِر الزَّمَان كَمَا قُمْتُ بِهِ فِي آخِر الزَّمَان(٤٦٧)، وَيَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً.
يَا فَاطِمَةُ، لَا تَحْزَني وَلَا تَبْكِي فَإنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) أَرْحَمُ بِكِ وَأَرْأَفُ عَلَيْكِ مِنِّي، وَذَلِكِ لِمَكَانِكِ مِنِّي وَمَوْقِعِكِ مِنْ قَلْبِي، قَدْ زَوَّجَكِ اللهُ زَوْجَكِ وَهُوَ أَعْظَمُهُمْ حَسَباً، وَأَكْرَمُهُمْ مَنْصَباً، وَأَرْحَمُهُمْ بِالرَّعِيَّةِ، وَأَعْدَلُهُمْ بِالسَّويَّةِ، وَأَبْصَرُهُمْ بِالْقَضِيَّةِ، وَقَدْ سَألْتُ رَبِّي (عزَّ وجلَّ) أَنْ تَكُوني أَوَّلَ مَنْ يَلْحَقُنِي مِنْ أَهْل بَيْتِي»، قَالَ عَلِيٌّ (علیه السلام): «لَمْ تَبْقَ فَاطِمَةُ بَعْدَهُ إِلَّا خَمْسَةً وَسَبْعِينَ يَوْماً حَتَّى أَلْحَقَهَا اللهُ بِهِ (علیه السلام)».
السَّادِسُ: فِي أَنَّ المَهْدِيَّ هُوَ الْحُسَيْنيُّ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ (رضي الله عنه)، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَذَكَّرَنَا مَا هُوَ كَائِنٌ، ثُمَّ قَالَ: «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ رَجُلاً مِنْ وُلْدِي اسْمُهُ اسْمِي»، فَقَامَ سَلْمَانُ (رضي الله عنه) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مِنْ أَيِّ وُلْدِكَ هُوَ؟ قَالَ: «مِنْ وَلَدِي هَذَا»، وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى الْحُسَيْن (علیه السلام).
السَّابِعُ: فِي الْقَرْيَةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا المَهْدِيُّ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَخْرُجُ المَهْدِيُّ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: كرعَةُ».
الثَّامِنُ: فِي صِفَةِ وَجْهِ المَهْدِيِّ، بِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي، وَجْهُهُ كَالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ».
التَّاسِعُ: فِي صِفَةِ لَوْنهِ وَجِسْمِهِ، بِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي، لَوْنُهُ لَوْنٌ عَرَبيٌّ، وَجِسْمُهُ جِسْمٌ إِسْرَائِيليٌّ، عَلَى خَدِّهِ الْأَيْمَن خَالٌ كَأنَّهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً، يَرْضَى فِي خِلَافَتِهِ أَهْلُ الْأَرْضِ وَأَهْلُ السَّمَاءِ وَالطَّيْرُ فِي الْجَوِّ».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٦٧) كذا في المصدر، وفي سائر المصادر: (أوَّل الزمان).

↑صفحة ١٣٨↑

الْعَاشِرُ: فِي صِفَةِ جَبِينهِ، بِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المَهْدِيُّ مِنَّا، أَجْلَى الْجَبِين، أَقْنَى الْأَنْفِ».
الحادِي عَشَرَ: فِي صِفَةِ أَنْفِهِ، بِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، عَن النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أَنَّهُ قَالَ: «المَهْدِيُّ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي، أَشَمُّ الْأَنْفِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً».
الثَّانِي عَشَرَ: فِي خَالِهِ عَلَى خَدِّهِ الْأَيْمَن، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الرُّوم أَرْبَعُ هُدَنٍ، يَوْمُ الرَّابِعَةِ عَلَى يَدِ رَجُلٍ مِنْ آلِ هِرَقْلَ، يَدُومُ سَبْعَ سِنِينَ»، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْس يُقَالُ لَهُ: المُسْتَوْردُ بْنُ غَيْلَانَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ إِمَامُ النَّاس يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «المَهْدِيُّ (علیه السلام) مِنْ وُلْدِي، ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، كَأنَّ وَجْهَهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، فِي خَدِّهِ الْأَيْمَن خَالٌ أَسْوَدُ، عَلَيْهِ عَبَاءَتَان قِطْريَّتَان(٤٦٨)، كَأنَّهُ مِنْ رجَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، يَسْتَخْرجُ الْكُنُوزَ، وَيَفْتَحُ مَدَائِنَ الشِّرْكِ».
الثَّالِثَ عَشَرَ: قَوْلُهُ (علیه السلام): «المَهْدِيُّ أَفْرَقُ الثَّنَايَا»، بِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن ابْن عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَيَبْعَثَنَّ اللهُ مِنْ عِتْرَتِي رَجُلاً أَفْرَقَ الثَّنَايَا، أَجْلَى الْجَبْهَةِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً، يَفِيضُ المَالَ فَيْضاً».
الرَّابِعَ عَشَرَ: فِي ذِكْر المَهْدِيِّ (علیه السلام) وَهُوَ إِمَامٌ صَالِحٌ، بِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَذَكَرَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: «فَتَنْفِي المَدِينَةُ الْخَبَثَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ، وَيُدْعَى ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْخَلَاص»، فَقَالَتْ أُمُّ شَريكٍ: فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «هُمْ قَلِيلٌ يَوْمَئِذٍ، وَجُلُّهُمْ بِبَيْتِ المَقْدِس، إِمَامُهُمُ المَهْدِيُّ رَجُلٌ صَالِحٌ».
الخامِسَ عَشَرَ: فِي ذِكْر المَهْدِيِّ (علیه السلام) وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُهُ عِيَاناً لِلنَّاس، وَبِإسْنَادِهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٦٨) في المصدر: (قطوانيَّتان).

↑صفحة ١٣٩↑

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ أنَّ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قَالَ: «يَخْرُجُ المَهْدِيُّ فِي أُمَّتِي، يَبْعَثُهُ اللهُ عِيَاناً(٤٦٩) لِلنَّاس، يَتَنَعَّمُ(٤٧٠) الْأُمَّةُ، وَتَعِيشُ المَاشِيَةُ، وَتُخْرجُ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا، وَيُعْطِي المَالَ صِحَاحاً».
السَّادِسَ عَشَرَ: فِي قَوْلِهِ (علیه السلام): «عَلَى رَأسِهِ غَمَامَةٌ»، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَخْرُجُ المَهْدِيُّ وَعَلَى رَأسِهِ غَمَامَةٌ فِيهَا مُنَادٍ يُنَادِي: هَذَا المَهْدِيُّ خَلِيفَةُ اللهِ، فَاتَّبِعُوهُ».
السَّابِعَ عَشَرَ: فِي قَوْلِهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «عَلَى رَأسِهِ مَلَكٌ»، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَخْرُجُ المَهْدِيُّ وَعَلَى رَأسِهِ مَلَكٌ يُنَادِي: هَذَا المَهْدِيُّ، فَاتَّبِعُوهُ».
الثَّامِنَ عَشَرَ: فِي بِشَارَةِ النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أُمَّتَهُ بِالمَهْدِيِّ، بِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «أُبَشِّرُكُمْ بِالمَهْدِيِّ، يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِن النَّاس وَزَلَازِلَ، فَيَمْلَأ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْض، يَقْسِمُ المَالَ صِحَاحاً»، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَمَا صِحَاحاً؟ قَالَ: «السَّويَّةُ بَيْنَ النَّاس».
التَّاسِعَ عَشَرَ: فِي اسْم المَهْدِيِّ (علیه السلام)، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَا يَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً».
الْعِشْرُونَ: فِي كُنْيَتِهِ (علیه السلام)، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَبَعَثَ اللهُ فِيهِ رَجُلاً اسْمُهُ اسْمِي، وَخُلُقُهُ خُلُقِي، يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٦٩) في المصدر: (غياثاً).
(٤٧٠) في المصدر: (تنعم).

↑صفحة ١٤٠↑

الحادِي وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر اسْمِهِ(٤٧١)، وَبِإسْنَادِهِ عَن ابْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَا يَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ رَجُلاً مِنْ أَهْل بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي، يَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً».
الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر عَدْلِهِ (علیه السلام)، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَتُمْلَأنَّ الْأَرْضُ ظُلْماً وَعُدْوَاناً، ثُمَّ لَيَخْرُجَنَّ رَجُلٌ مِنْ أَهْل بَيْتِي حَتَّى يَمْلَأَهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً [عُدْوَاناً](٤٧٢) وَظُلْماً».
الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: فِي خُلُقِهِ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ زِرٍّ، عَنْ(٤٧٣) عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْل بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي، وَخُلُقُهُ خُلُقِي، يَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَعَدْلاً».
الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي عَطَائِهِ (علیه السلام)، بِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَكُونُ عِنْدَ انْقِطَاع مِنَ الزَّمَان وَظُهُورٍ مِنَ الْفِتَن رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: المَهْدِيُّ، يَكُونُ عَطَاؤُهُ هَنِيئاً».
الخامِسُ وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر المَهْدِيِّ (علیه السلام) وَعِلْمِهِ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، بِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْل بَيْتِي، وَيَعْمَلُ بِسُنَّتِي، وَيُنَزِّلُ اللهُ لَهُ الْبَرَكَةَ مِنَ السَّمَاءِ، وَتُخْرجُ الْأَرْضُ بَرَكَتَهَا، وَتُمْلَأُ بِهِ الْأَرْضُ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، وَيَعْمَلُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ سَبْعَ سِنينَ، وَيَنْزلُ بَيْتَ المَقْدِس».
السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: فِي مَجِيئِهِ وَرَايَاتِهِ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ ثَوْبَانَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٧١) في المصدر: (اسم أبيه).
(٤٧٢) من المصدر، وعبارة: (وظلماً) ليست فيه.
(٤٧٣) في المصدر: (بن) بدل (عن).

↑صفحة ١٤١↑

رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إِذَا رَأيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ قَدْ أَقْبَلَتْ مِنْ خُرَاسَانَ فَائْتُوهَا وَلَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْج، فَإنَّ فِيهَا خَلِيفَةَ اللهِ المَهْدِيَّ».
السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي مَجِيئِهِ مِنْ قِبَل المَشْرقِ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ(٤٧٤)، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إِذْ أَقْبَلَتْ فِتْيَةٌ مِنْ بَني هَاشِم، فَلَمَّا رَآهُمُ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئاً نَكْرَهُهُ، فَقَالَ: «إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا، وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي بَلَاءً وَتَشْريداً وَتَطْريداً، حَتَّى يَأتِيَ قَوْمٌ مِنْ قِبَل المَشْرقِ وَمَعَهُمْ رَايَاتٌ سُودٌ، فَيَسْألُونَ الْحَقَّ فَلَا يُعْطَوْنَهُ، فَيُقَاتِلُونَ وَيُنْصَرُونَ، فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا فَلَا يَقْبَلُونَ حَتَّى يَدْفَعُوهُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْل بَيْتِي، فَيَمْلَؤُهَا قِسْطاً كَمَا مَلَئُوهَا جَوْراً، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَأتِهِمْ وَلَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْج».
الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: فِي مَجِيئِهِ (علیه السلام) وَعَوْدِ الْإسْلَام بِهِ عَزيزاً، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «وَيْحَ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ مُلُوكٍ جَبَابِرَةَ كَيْفَ يَقْتُلُونَ وَيُخِيفُونَ المُطِيعِينَ إِلَّا مَنْ أظْهَرَ طَاعَتَهُمْ، فَالمُؤْمِنُ التَّقِيُّ يُصَانِعُهُمْ بِلِسَانِهِ وَيَفِرُّ مِنْهُمْ بِقَلْبِهِ، فَإذَا أَرَادَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) أَنْ يُعِيدَ الْإسْلَامَ عَزيزاً فَصَمَ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى مَا يَشَاءُ أَنْ يُصْلِحَ أُمَّةً بَعْدَ فَسَادِهَا»، فَقَالَ (علیه السلام): «يَا حُذَيْفَةُ، لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْل بَيْتِي، تَجْري المَلاَحِمُ عَلَى يَدَيْهِ، وَيُظْهِرُ الْإسْلَامَ، لَا يُخْلِفُ وَعْدَهُ، وَهُوَ سَريعُ الْحِسَابِ».
التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي تَنَعُّم الْأُمَّةِ فِي زَمَن المَهْدِيِّ (علیه السلام)، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، عَن النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قَالَ: «يَتَنَعَّمُ أُمَّتِي فِي زَمَن المَهْدِيِّ (علیه السلام) نِعْمَةً لَمْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٧٤) في المصدر: (عبد الله بن عمر).

↑صفحة ١٤٢↑

يَتَنَعَّمُوا قَبْلَهَا(٤٧٥) قَطُّ، يُرْسِلُ السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً، وَلَا تَدَعُ الْأَرْضُ شَيْئاً مِنْ نَبَاتِهَا إِلَّا أَخْرَجَتْهُ».
الثَّلَاثُونَ: فِي ذِكْر المَهْدِيِّ وَهُوَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَاتِ الْجَنَّةِ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أَنَس ابْن مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «نَحْنُ بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ سَادَاتُ أَهْل الْجَنَّةِ: أَنَا، وَأَخِي عَلِيٌّ، وَعَمِّي حَمْزَةُ، وَجَعْفَرٌ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَالمَهْدِيُّ».
الحادِي وَالثَّلَاثُونَ: فِي مُلْكِهِ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا لَيْلَةٌ لَمَلَكَ فِيهَا رَجُلٌ مِنْ أَهْل بَيْتِي».
الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: فِي خِلَافَتِهِ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يُقْتَلُ عِنْدَ كَنْزكُمْ ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمُ ابْنُ خَلِيفَةٍ، ثُمَّ لَا يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَجِيءُ الرَّايَاتُ السُّودُ فَيَقْتُلُونَهُمْ قَتْلاً لَمْ يُقْتَلْهُ قَوْمٌ، ثُمَّ يَجِيءُ خَلِيفَةُ اللهِ المَهْدِيُّ، فَإذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فَأتُوهُ فَبَايِعُوهُ فَإنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ المَهْدِيُّ».
الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ: فِي قَوْلِهِ (علیه السلام): «إِذَا سَمِعْتُمْ بِالمَهْدِيِّ فَأتُوهُ فَبَايِعُوهُ»، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «تَجِيءُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَل المَشْرقِ، كَأنَّ قُلُوبَهُمْ زُبَرُ الْحَدِيدِ، فَمَنْ سَمِعَ بِهِمْ فَلْيَأتِهِمْ فَبَايَعَهُمْ وَلَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْج».
الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: فِي ذِكْر المَهْدِيِّ وَبِهِ يُؤَلِّفُ اللهُ بَيْنَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ (علیه السلام)، قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ [(صلّى الله عليه وآله وسلّم)]، أَمِنَّا آلَ مُحَمَّدٍ المَهْدِيُّ أَمْ مِنْ غَيْرنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لَا بَلْ مِنَّا، يَخْتِمُ اللهُ بِهِ الدِّينَ كَمَا فَتَحَ بِنَا، وَبِنَا يُنْقَذُونَ مِنَ الْفِتَن كَمَا أُنْقِذُوا مِنَ الشِّرْكِ، وَبِنَا يُؤَلِّفُ اللهُ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ بَعْدَ عَدَاوَةِ الْفِتْنَةِ إِخْوَاناً كَمَا أَلَّفَ بَيْنَهُمْ بَعْدَ عَدَاوَةِ الشِّرْكِ(٤٧٦) إِخْوَاناً فِي دِينهِمْ».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٧٥) في المصدر: (مثلها) بدل (قبلها).
(٤٧٦) في المصدر إضافة: (وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخواناً كما أصبحوا بعد عداوة الشرك).

↑صفحة ١٤٣↑

الخامِسُ وَالثَّلَاثُونَ: فِي قَوْلِهِ (علیه السلام): «لَا خَيْرَ فِي الْعَيْش بَعْدَ المَهْدِيِّ (علیه السلام)»، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا لَيْلَةٌ لَطَوَّلَ اللهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْل بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي، يَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، وَيَقْسِمُ المَالَ بِالسَّويَّةِ، وَيَجْعَلُ اللهُ الْغِنَى فِي قُلُوبِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَيَمْلِكُ سَبْعاً أَوْ تِسْعاً، لَا خَيْرَ فِي الْعَيْش(٤٧٧) بَعْدَ المَهْدِيِّ».
السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ: فِي ذِكْر المَهْدِيِّ وَبِيَدِهِ تُفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْل بَيْتِي، يَفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَجَبَلَ الدَّيْلَم، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَفْتَحَهَا».
السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: فِي ذِكْر المَهْدِيِّ وَهُوَ يَجِيءُ بَعْدَ مُلُوكٍ جَبَابِرَةَ، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ قَيْس بْن جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أنَّ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قَالَ: «سَيَكُونُ بَعْدِي خُلَفَاءُ، وَمِنْ بَعْدِ الْخُلَفَاءِ أُمَرَاءُ، وَمِنْ بَعْدِ الْأُمَرَاءِ مُلُوكٌ جَبَابِرَةُ، ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْل بَيْتِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً».
الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ: فِي قَوْلِهِ (علیه السلام): «مِنَّا الَّذِي يُصَلِّي عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ (علیه السلام) خَلْفَهُ»، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «مِنَّا الَّذِي يُصَلِّي عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ (علیه السلام) خَلْفَهُ».
التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ: وَهُوَ يُكَلِّمُ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ (علیه السلام)، وَبِإسْنَادِهِ عَنْ جَابِر ابْن عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَنْزلُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ (علیه السلام) فَيَقُولُ أَمِيرُهُمُ المَهْدِيُّ: تَعَالَ صَلِّ بِنَا، فَيَقُولُ: أَلَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرمَةً مِنَ اللهِ (عزَّ وجلَّ) لِهَذِهِ الْأُمَّةِ».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٧٧) في المصدر: (عيش الحياة) بدل (العيش).

↑صفحة ١٤٤↑

الْأَرْبَعُونَ: فِي قَوْلِهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فِي المَهْدِيِّ (علیه السلام)، وَبِإسْنَادِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْن إِبْرَاهِيمَ الْإمَام حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ المَنْصُورَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْن الْعَبَّاس (رضي الله عنهما)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَنْ تَهْلِكَ أُمَّةٌ أَنَا فِي أَوَّلِهَا، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فِي آخِرهَا، وَالمَهْدِيُّ فِي وَسَطِهَا»(٤٧٨).
بيان: (جسمه جسم إسرائيلي): أي مثل بني إسرائيل في طول القامة وعظم الجثَّة. وقال الجزري: في صفة المهدي (علیه السلام) أنَّه أجلى الجبهة، الأجلى: الخفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين، والذي انحسر الشعر عن جبهته(٤٧٩). وقال: الشمم ارتفاع قصبة الأنف واستواء أعلاها وإشراف الأرنبة قليلاً(٤٨٠). وقال فيه: إنَّه (علیه السلام) كان متوشِّحاً بثوب قطري، هو ضرب من البرود فيه حمرة ولها أعلام فيها بعض الخشونة، وقيل: هي حُلَل جياد تُحمَل من قِبَل البحرين(٤٨١).
[١٩٧/٣٨] كشف الغمَّة: ذكر الشيخ أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن محمّد الشافعي في كتاب كفاية الطالب في مناقب عليِّ بن أبي طالب، وقال في أوَّله(٤٨٢): إنِّي جمعت هذا الكتاب وعريته من طُرُق الشيعة ليكون الاحتجاج به آكد، فقال: في المهدي (علیه السلام):
الْبَابُ الأوَّلُ: فِي ذِكْر خُرُوجِهِ فِي آخِر الزَّمَان:
بِإسْنَادِهِ عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٧٨) كشف الغمَّة (ج ٢/ ص ٤٦٧ - ٤٧٥/ فصل في أمر المهدي (علیه السلام)).
(٤٧٩) النهاية (ج ١/ ص ٢٩٠).
(٤٨٠) النهاية (ج ٢/ ص ٥٠٢).
(٤٨١) النهاية (ج ٤/ ص ٨٠).
(٤٨٢) جاءت هذه العبارة في أوَّل كتاب (البيان في أخبار صاحب الزمان) الملحق بـ (كفاية الطالب). راجع: كفاية الطالب (ص ٤٧٦).

↑صفحة ١٤٥↑

حَتَّى تَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْل بَيْتِي، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي»(٤٨٣)، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ.
وَعَنْ عَلِيٍّ، عَن النَّبِيِّ (علیه السلام): «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا(٤٨٤) إِلَّا يَوْمٌ لَبَعَثَ اللهُ رَجُلاً مِنْ أَهْل بَيْتِي يَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً»، هَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ.
وَأَخْبَرَنَا الْحَافِظُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْهَرُ الصَّريفِينِيُّ بِدِمَشْقَ وَالْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ المَقْدِسِيُّ بِجَامِع جَبَل قاسبون(٤٨٥)، قَالَا: أَنْبَأنَا أَبُو الْفَتْح نَصْرُ ابْنُ عَبْدِ الْجَامِع بْن عَبْدِ الرَّحْمَن الْفَامِيُّ بِهَرَاتَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْن مَحْمُودٍ الطَّائِيُّ، أَنْبَأَنَا عِيسَى بْنُ شُعَيْبِ بْن إِسْحَاقَ السِّجْزيُّ(٤٨٦)، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَن عَلِيُّ بْنُ بُشْرَى السِّجْزيُّ، أَنْبَأَنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَسَن مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْن بْن إِبْرَاهِيمَ بْن عَاصِم الْآبُريُّ فِي كِتَابِ مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ: وَزَادَ زَائِدَةً(٤٨٧) فِي روَايَتِهِ: «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ فِيهِ رَجُلاً مِنِّي - أَوْ مِنْ أَهْل بَيْتِي -، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً».
قَالَ الْكَنْجِيُّ: وَقَدْ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ الْحَدِيثَ فِي جَامِعِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ: «وَاسْمُ أَبِيهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٨٣) في المصدر إضافة: (وفي رواية: قال: يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، رواه الترمذي في جامعه وقال: لا تذهب الدنيا حتَّى تملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي).
(٤٨٤) في المصدر: (الدهر) بدل (الدنيا).
(٤٨٥) في المصدر: (قاسيون) بدل (قاسبون).
(٤٨٦) في المصدر: (السنجري) بدل (الجسزي)، وكذا في ما بعد.
(٤٨٧) هذه الزيادة ليست مخصوصة بحديث زائدة، عن زرٍّ، عن عبد الله، بل رواه غيره أيضاً كما مرَّ عليك في هذا الباب، وقد رواه أبو داود في سُنَنه (ج ٢/ ص ٣٠٩) عن فطر وغيره، والظاهر أنَّهم أرادوا أنْ يُحرِّفوا الحديث إلى محمّد بن عبد الله المهدي العبَّاسي، ولذلك تراهم يقولون في بعض الأحاديث: (وكنيته أبو عبد الله).

↑صفحة ١٤٦↑

اسْمَ أَبِي»، وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِي مُعْظَم روَايَاتِ الْحُفَّاظِ وَالثِّقَاتِ مِنْ نَقَلَةِ الْأَخْبَار: «اسْمُهُ اسْمِي» فَقَطْ، وَالَّذِي رَوَى: «وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي» فَهُوَ زَائِدَةٌ، وَهُوَ يَزيدُ فِي الْحَدِيثِ، وَإِنْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ: «وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي»: أي الْحُسَيْنُ وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ، فَجَعْلُ الْكُنْيَةِ اسْماً كِنَايَةٌ عَنْ(٤٨٨) أَنَّهُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن دُونَ الْحَسَن. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوي تَوَهَّمَ قَوْلَهُ: (ابْنِي) فَصَحَّفَهُ فَقَالَ: (أبِي)، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا جَمْعاً بَيْنَ الرِّوَايَاتِ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى (عَفَا اللهُ عَنْهُ): أَمَّا أَصْحَابُنَا الشِّيعَةُ فَلَا يُصَحِّحُونَ هَذَا الْحَدِيثَ لِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُمْ مِن اسْمِهِ وَاسْم أَبِيهِ (علیه السلام)، وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَقَدْ نَقَلُوا أَنَّ زَائِدَةً كَانَ يَزيدُ فِي الْأَحَادِيثِ، فَوَجَبَ المَصِيرُ إِلَى أَنَّهُ مِنْ زِيَادَتِهِ، لِيَكُونَ جَمْعاً بَيْنَ الْأَقْوَالِ وَالرِّوَايَاتِ.
الْبَابُ الثَّانِي: فِي قَوْلِهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ»:
عَنْ سَعِيدِ بْن المُسَيَّبِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، فَتَذَاكَرْنَا المَهْدِيَّ، فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «المَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي(٤٨٩) مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ»، أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَةَ فِي سُنَنِهِ.
وَعَنْهُ، عَنْهَا (رضي الله عنها)، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «المَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ (عليها السلام)»، أَخْرَجَهُ الْحَافِظُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ.
وَعَنْ عَلِيٍّ (علیه السلام) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المَهْدِيُّ مِنَّا أهْلَ الْبَيْتِ (عليهم السلام)، يُصْلِحُهُ اللهُ فِي لَيْلَةٍ».
الْبَابُ الثَّالِثُ: فِي أَنَّ المَهْدِيَّ مِنْ سَادَاتِ أَهْل الجَنَّةِ:
عَنْ أَنَس بْن مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «نَحْنُ وُلْدُ عَبْدِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٨٨) في المصدر: (منه) بدل (عن).
(٤٨٩) عبارة: (من عترتي) ليست في المصدر.

↑صفحة ١٤٧↑

المُطَّلِبِ سَادَاتُ أَهْل الْجَنَّةِ: أَنَا، وَحَمْزَةُ، وَعَلِيٌّ، وَجَعْفَرٌ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَالمَهْدِيُّ»، أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَةَ فِي صَحِيحِهِ.
الْبَابُ الرَّابِعُ: فِي أَمْر النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بِمُبَايَعَةِ المَهْدِيِّ (علیه السلام):
عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يُقْتَلُ عِنْدَ كَنْزكُمْ ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمُ ابْنُ خَلِيفَةٍ، ثُمَّ لَا يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَطْلُعُ الرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ قِبَل المَشْرقِ فَيَقْتُلُونَكُمْ قَتْلاً لَمْ يُقْتَلْهُ قَوْمٌ»، ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئاً لَا أَحْفَظُهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «فَإذَا رَأَيْتُمُوهُ فَبَايِعُوهُ وَلَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْج فَإنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ المَهْدِيُّ»، أَخْرَجَهُ الْحَافِظُ ابْنُ مَاجَةَ.
الْبَابُ الخامِسُ: فِي ذِكْر نُصْرَةِ أَهْل المَشْرقِ لِلْمَهْدِيِّ (علیه السلام):
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الْحَارثِ بْن جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَخْرُجُ أُنَاسٌ(٤٩٠) مِنَ المَشْرقِ فَيُوطِئُونَ لِلْمَهْدِيِّ» يَعْنِي سُلْطَانَهُ، هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ رَوَتْهُ الثِّقَاتُ وَالْأَثْبَاتُ، أَخْرَجَهُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ مَاجَةَ الْقَزْوينِيُّ فِي سُنَنِهِ.
وَعَنْ عَلْقَمَةَ بْن عَبْدِ اللهِ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إِذْ أَقْبَلَ فِتْيَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِم، فَلَمَّا رَآهُمُ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ، قَالَ: فَقُلْنَا: مَا نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئاً نَكْرَهُهُ، قَالَ: «إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللهُ لَنَا الْآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا، وَإِنَّ أهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي بَلَاءً وَتَشْريداً وَتَطْريداً، حَتَّى يَأتِيَ قَوْمٌ مِنْ قِبَل المَشْرقِ وَمَعَهُمْ رَايَاتٌ سُودٌ، فَيَسْألُونَ الْخَيْرَ وَلَا يُعْطَوْنَهُ، فَيُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُونَ، فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا وَلَا يَقْبَلُونَهُ، حَتَّى يَدْفَعُوهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْل بَيْتِي، فَيَمْلَؤُهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مَلَئُوهَا جَوْراً، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكُمْ(٤٩١) مِنْكُمْ فَلْيَأتِهِمْ وَلَوْ حَبْواً عَلَى الثَّلْج».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٩٠) في المصدر: (ناس).
(٤٩١) في المصدر: (ذلك) بدل (ذلكم).

↑صفحة ١٤٨↑

وَرَوَى ابْنُ أَعْثَمَ الْكُوفِيُّ فِي كِتَابِ الْفُتُوح عَنْ أَمِير المُؤْمِنينَ (علیه السلام)، أَنَّهُ قَالَ: «وَيْحاً لِلطَّالَقَان فَإنَّ للهِ (عزَّ وجلَّ) بِهَا كُنُوزاً لَيْسَتْ مِنْ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ، وَلَكِنْ بِهَا رجَالٌ مُؤْمِنُونَ عَرَفُوا اللهَ حَقَّ مَعْرفَتِهِ، وَهُمْ أَيْضاً أَنْصَارُ المَهْدِيِّ فِي آخِر الزَّمَان».
الْبَابُ السَّادِسُ: فِي مِقْدَار مُلْكِهِ بَعْدَ ظُهُورهِ (علیه السلام):
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، قَالَ: خَشِينَا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ نَبِيِّنَا حَدَثٌ، فَسَألْنَا نَبِيَّ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَقَالَ: «إِنَّ فِي أُمَّتِي المَهْدِيّ يَخْرُجُ، يَعِيشُ خَمْساً أَوْ سَبْعاً أَوْ تِسْعاً» زَيْدٌ الشَّاكُّ(٤٩٢).
قَالَ: قُلْنَا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: «سِنِينَ»، قَالَ: «فَيَجِيءُ إِلَيْهِ الرَّجُلُ فَيَقُولُ: يَا مَهْدِيُّ، أَعْطِني»، قَالَ: «فَيَحْثِي لَهُ فِي ثَوْبهِ مَا اسْتَطَاعَ أَنْ يَحْمِلَهُ»، قَالَ الْحَافِظُ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ رُويَ مِنْ غَيْر وَجْهِ أَبِي سَعِيدٍ، عَن النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أنَّ النَّبِيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قَالَ: «يَكُونُ فِي أُمَّتِيَ المَهْدِيُّ إِنْ قُصِرَ فَسَبْعٌ وَإِلَّا فَتِسْعٌ، يَتَنَعَّمُ(٤٩٣) فِيهِ أُمَّتِي نِعْمَةً لَمْ يَتَنَعَّمُوا(٤٩٤) مِثْلَهَا قَطُّ، تُؤْتِي الْأَرْضُ أُكُلَهَا وَلَا تَدَّخِرُ مِنْهُمْ شَيْئاً، وَالمَالُ يَوْمَئِذٍ كُدُوسٌ، يَقُومُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ: يَا مَهْدِيُّ، أَعْطِني، فَيَقُولُ: خُذْ».
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْج النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قَالَ(٤٩٥): «يَكُونُ اخْتِلَافٌ عِنْدَ مَوْتِ خَلِيفَةٍ، فَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْل المَدِينَةِ هَارباً إِلَى مَكَّةَ، فَيَأتِيهِ نَاسٌ مِنْ أَهْل مَكَّةَ فَيُخْرجُونَهُ وَهُوَ كَارهٌ، فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْن وَالمَقَام، وَيُبْعَثُ إِلَيْهِ بَعْثُ الشَّام، فَتَنْخَسِفُ بِهِمُ الْبَيْدَاءُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، فَإذَا رَأى النَّاسُ ذَلِكَ أَتَاهُ أَبْدَالُ الشَّام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٩٢) جاء في البيان في أخبار صاحب الزمان: (زيد العمِّي) من رواة هذا الحديث.
(٤٩٣) في المصدر: (تنعم) بدل (يتنعَّم).
(٤٩٤) في المصدر: (ينعموه).
(٤٩٥) في المصدر: (قالت) بدل (قال).

↑صفحة ١٤٩↑

وَعَصَائِبُ أَهْل الْعِرَاقِ فَيُبَايِعُونَهُ، ثُمَّ يَنْشَأُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَحْوَالُهُ [أَخْوَالُهُ] كَلْبٌ، فَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ بَعْثاً، فَيَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ، وَذَلِكَ بَعْثُ كَلْبٍ، وَالْخَيْبَةُ لِمَنْ لَمْ يَشْهَدْ غَنِيمَةَ كَلْبٍ، فَيَقْسِمُ المَالَ، وَيَعْمَلُ فِي النَّاس بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَيُلْقِي الْإسْلَامَ بِجِرَانِهِ إِلَى الْأَرْض، فَيَلْبَثُ سَبْعَ سِنِينَ، ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ».
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ هِشَام: تِسْعَ سِنِينَ(٤٩٦)، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ غَيْرُ مُعَاذٍ عَنْ هِشَام: تِسْعَ سِنِينَ، قَالَ: هَذَا سِيَاقُ الْحُفَّاظِ كَالتِّرْمِذِيِّ وَابْن مَاجَةَ الْقَزْوينِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ.
الْبَابُ السَّابِعُ: فِي بَيَان أَنَّهُ يُصَلِّي بِعِيسَى بْن مَرْيَمَ (علیه السلام):
أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟»، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْن شِهَابٍ الزُّهْريِّ، رَوَاهُ الْبُخَاريُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا.
وَعَنْ جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، قَالَ: «فَيَنْزلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (علیه السلام) فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ بِنَا، فَيَقُولُ: أَلَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرمَةَ(٤٩٧) اللهِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ».
قال: هذا حديث حسن صحيح أخرجه مسلم في صحيحه، فإنْ كان الحديث المتقدِّم قد أُوِّل فهذا لا يمكن تأويله، لأنَّه صريح فإنَّ عيسى (علیه السلام) يُقدِّم أمير المسلمين، وهو يومئذٍ المهدي (علیه السلام)، فعلى هذا بطل تأويل من قال: معنى قوله: «وإمامكم منكم»، أي يؤمُّكم بكتابكم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٩٦) في المصدر إضافة: (وقال بعضهم: سبع سنين، وعن قتادة بهذا الحديث، وقال: تسع سنين).
(٤٩٧) في المصدر إضافة: (من).

↑صفحة ١٥٠↑

قال: فإنْ سأل سائل وقال: مع صحَّة هذه الأخبار وهي أنَّ عيسى يُصلِّي خلف المهدي (علیه السلام) ويجاهد بين يديه وأنَّه يقتل الدجَّال بين يدي المهدي (علیه السلام) ورتبة التقدُّم(٤٩٨) في الصلاة معروفة وكذلك رتبة التقدُّم في الجهاد، وهذه الأخبار ممَّا يثبت طُرُقها وصحَّتها عند السُّنَّة وكذلك ترويها الشيعة على السواء، وهذا هو الإجماع من كافَّة أهل الإسلام، إذ من عدا الشيعة والسُّنَّة من الفِرَق فقوله ساقط مردود وحشو مطرح، فثبت أنَّ هذا إجماع كافَّة أهل الإسلام، ومع ثبوت الإجماع على ذلك وصحَّته فأيُّما أفضل الإمام أو المأموم في الصلاة والجهاد معاً؟
الجواب عن ذلك أنْ نقول: هما قدوتان نبيٌّ وإمام، وإنْ كان أحدهما قدوة لصاحبه في حال اجتماعهما وهو الإمام يكون قدوة للنبيِّ في تلك الحال، وليس فيهما من يأخذه في الله لومة لائم، وهما أيضاً معصومان من ارتكاب القبايح كافَّة والمداهنة والرياء والنفاق، ولا يدعو الداعي لأحدهما إلى فعل ما يكون خارجاً عن حكم الشريعة ولا مخالفاً لمراد الله ورسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
وإذا كان الأمر كذلك فالإمام أفضل من المأموم لموضع ورود الشريعة المحمّديَّة بذلك، بدليل قَوْلِ النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَؤُمُّ بِالْقَوْم أَقْرَؤُهُمْ، فَإنْ اسْتَوَوْا فَأَعْلَمُهُمْ، فَإنْ اسْتَوَوْا فَأَفْقَهُهُمْ، فَإنْ اسْتَوَوْا فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإنْ اسْتَوَوْا فَأَصْبَحُهُمْ وَجْهاً»، فلو علم الإمام أنَّ عيسى أفضل منه لما جاز له أنْ يتقدَّم عليه لإحكامه علم الشريعة ولموضع تنزيه الله تعالى له عن ارتكاب كلِّ مكروه، وكذلك لو علم عيسى أنَّه أفضل منه لما جاز له أنْ يقتدي به لموضع تنزيه الله له من الرياء والنفاق والمحاباة، بل لما تحقَّق الإمام أنَّه أعلم منه جاز له أنْ يتقدَّم عليه، وكذلك قد تحقَّق عيسى أنَّ الإمام أعلم منه فلذلك قدَّمه وصلَّى خلفه، ولولا ذلك لم يسعه الاقتداء بالإمام، فهذه درجة الفضل في الصلاة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٩٨) في المصدر: (المتقدِّم)، وكذا في ما بعد.

↑صفحة ١٥١↑

ثُمَّ الجهاد هو بذل النفس بين يدي من يرغب إلى الله تعالى بذلك، ولولا ذلك لم يصحّ لأحد جهاد بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولا بين يدي غيره، والدليل على صحَّة ما ذهبنا إليه قول الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: ١١١]، ولأنَّ الإمام نائب الرسول في أُمَّته ولا يسوغ لعيسى (علیه السلام) أنْ يتقدَّم على الرسول فكذلك على نائبه.
وممَّا يُؤيِّد هذا القول مَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزيدَ بْن مَاجَةَ الْقَزْوينِيُّ فِي حَدِيثٍ طَويلٍ فِي نُزُولِ عِيسَى (علیه السلام)، فَمِنْ ذَلِكَ: قَالَتْ أُمُّ شَريكٍ بِنْتُ أَبِي الْعَكَر: يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ؟ فَقَالَ: «هُمْ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ، وَجُلُّهُمْ بِبَيْتِ المَقْدِس، وَإِمَامُهُمْ قَدْ تَقَدَّمَ يُصَلِّي بِهِمُ الصُّبْحَ إِذَا نَزَلَ بِهِمْ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ (علیه السلام)، فَرَجَعَ ذَلِكَ الْإمَامُ يَنْكُصُ يَمْشِي الْقَهْقَرَى لِيَتَقَدَّمَ عِيسَى (علیه السلام) يُصَلِّي بِالنَّاس، فَيَضَعُ عِيسَى (علیه السلام) يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: تَقَدَّمْ».
قال: هذا حديث صحيح ثابت ذكره ابن ماجة في كتابه عن أبي أُمامة الباهلي، قال: خطبنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)... وهذا مختصره.
الْبَابُ الثَّامِنُ: فِي تَحْلِيَةِ النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المَهْدِيَّ:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المَهْدِيُّ مِنِّي، أَجْلَى الْجَبْهَةِ، أَقْنَى الْأَنْفِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ»، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ(٤٩٩) حَسَنٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ الْحَافِظُ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ فِي صَحِيحِهِ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ مِنَ الْحُفَّاظِ كَالطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤٩٩) في المصدر إضافة: (ثابت).

↑صفحة ١٥٢↑

وَذَكَرَ ابْنُ شِيرَوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ فِي كِتَابِ الْفِرْدَوْس فِي بَابِ الْأَلِفِ وَاللَّام بِإسْنَادِهِ عَن ابْن عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المَهْدِيُّ طَاوُوسُ أَهْل الْجَنَّةِ».
وَبِإسْنَادِهِ أَيْضاً عَنْ حُذَيْفَةَ بْن الْيَمَان، عَن النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أَنَّهُ قَالَ: «المَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي، وَجْهُهُ كَالْقَمَر الدُّرِّيِّ، اللَّوْنُ لَوْنٌ عَرَبيٌّ، وَالْجِسْمُ جِسْمٌ إِسْرَائِيليُّ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً، يَرْضَى بِخِلَافَتِهِ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَأَهْلُ الْأَرْض وَالطَّيْرُ فِي الْجَوِّ، يَمْلِكُ عِشْرينَ سَنَةً».
الْبَابُ التَّاسِعُ: فِي تَصْريح النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بِأنَّ المَهْدِيَّ مِنْ وُلْدِ الحُسَيْن (علیه السلام):
عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْريَّ، فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ شَهِدْتَ بَدْراً؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: أَلَا تُحَدِّثُنِي بِشَيْءٍ مِمَّا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فِي عَلِيٍّ وَفَضْلِهِ؟ فَقَالَ: بَلَى، أُخْبِرُكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مَرضَ مَرَضَةً نَقَهَ مِنْهَا، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ تَعُودُهُ وَأَنَا جَالِسٌ عَنْ يَمِين النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَلَمَّا رَأَتْ مَا بِرَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مِنَ الضَّعْفِ خَنَقَتْهَا الْعَبْرَةُ حَتَّى بَدَتْ دُمُوعُهَا عَلَى خَدِّهَا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «مَا يُبْكِيكِ يَا فَاطِمَةُ؟»، قَالَتْ: أَخْشَى الضَّيْعَةَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «يَا فَاطِمَةُ، أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْض اطِّلَاعَةً فَاخْتَارَ مِنْهُمْ أَبَاكِ فَبَعَثَهُ نَبِيًّا، ثُمَّ اطَّلَعَ ثَانِيَةً فَاخْتَارَ مِنْهُمْ بَعْلَكِ، فَأَوْحَى إِلَيَّ فَأَنْكَحْتُهُ وَاتَّخَذْتُهُ وَصِيًّا؟ أَمَا عَلِمْتِ أَنَّكِ بِكَرَامَةِ اللهِ إِيَّاكِ زَوَّجَكِ أَغْزَرَهُمْ عِلْماً، وَأَكْثَرَهُمْ حِلْماً، وَأَقْدَمَهُمْ سِلْماً؟»، فَاسْتَبْشَرَتْ، فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَنْ يَزيدَهَا مَزيدَ الْخَيْر كُلِّهِ الَّذِي قَسَمَهُ اللهُ لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ لَهَا: «يَا فَاطِمَةُ، وَلِعَلِيٍّ (علیه السلام) ثَمَانِيَةُ أَضْرَاسٍ - يَعْنِي مَنَاقِبَ -: إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَحِكْمَتُهُ، وَزَوْجَتُهُ، وَسِبْطَاهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، وَأَمْرُهُ بِالمَعْرُوفِ وَنَهْيُهُ عَن المُنْكَر. يَا فَاطِمَةُ، إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ أُعْطِينَا سِتَّ خِصَالٍ لَمْ يُعْطَهَا أَحَدٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَلَا يُدْركُهَا أَحَدٌ مِنَ الْآخِرينَ

↑صفحة ١٥٣↑

غَيْرُنَا: نَبِيُّنَا خَيْرُ الْأَنْبِيَاءِ وَهُوَ أَبُوكِ، وَوَصِيُّنَا خَيْرُ الْأَوْصِيَاءِ وَهُوَ بَعْلُكِ، وَشَهِيدُنَا خَيْرُ الشُّهَدَاءِ وَهُوَ حَمْزَةُ عَمُّ أَبِيكِ، وَمِنَّا سِبْطَا هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهُمَا ابْنَاكِ، وَمِنَّا مَهْدِيُّ الْأُمَّةِ الَّذِي يُصَلِّي عِيسَى خَلْفَهُ»، ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى مَنْكِبِ الْحُسَيْن، فَقَالَ: «مِنْ هَذَا مَهْدِيُّ الْأُمَّةِ»، قَالَ: هَكَذَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ صَاحِبُ الْجَرْح وَالتَّعْدِيل.
الْبَابُ الْعَاشِرُ: فِي ذِكْر كَرَم المَهْدِيِّ (علیه السلام):
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ قَفِيزٌ وَلَا دِرْهَمٌ، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَل الْعَجَم يَمْنَعُونَ ذَاكَ، ثُمَّ قَالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الشَّام أَنْ لَا يُجْبَى(٥٠٠) إِلَيْهِمْ دِينَارٌ وَلَا مُدٌّ، قُلْنَا: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَل الرُّوم، ثُمَّ سَكَتَ هُنَيْهَةً(٥٠١)، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَكُونُ فِي آخِر أُمَّتِي خَلِيفَةٌ يَحْثِي المَالَ حَثْياً لَا يَعُدُّهُ عَدًّا»، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي نَضْرَةَ وَأَبِي الْعَلَاءِ الرَّيَّانِيِّ(٥٠٢): إِنَّهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزيز؟ قَالَ: لَا»، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ.
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «مِنْ خُلَفَائِكُمْ خَلِيفَةٌ يَحْثُو المَالَ حَثْياً لَا يَعُدُّهُ عَدًّا»، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ الْحَافِظُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ(٥٠٣).
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «أُبَشِّرُكُمْ بِالمَهْدِيِّ، يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنَ النَّاس وَزَلَازِلَ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْض، يَقْسِمُ المَالَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٠٠) في المصدر: (يجيء) بدل (يجبى) وكذا في ما بعد.
(٥٠١) في المصدر: (هنيئة) بدل (هنيهة).
(٥٠٢) في المصدر: (أتريان) بدل (الريَّاني).
(٥٠٣) في المصدر إضافة: (وعن أبي سعيد وجابر بن عبد الله، قالا: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعدُّه». قال: هذا لفظ مسلم في صحيحه).

↑صفحة ١٥٤↑

صِحَاحاً»، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا صِحَاحاً؟ قَالَ: «بِالسَّويَّةِ بَيْنَ النَّاس، وَيَمْلَأُ اللهُ قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) غِنًى، وَيَسَعُهُمْ عَدْلُهُ، حَتَّى يَأمُرَ مُنَادِياً يُنَادِي يَقُولُ: مَنْ لَهُ فِي المَالِ حَاجَةٌ؟ فَمَا يَقُومُ مِنَ النَّاس إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَيَقُولُ: أَنَا، فَيَقُولُ: ائْتِ السَّدَّانَ - يَعْنِي الْخَازِنَ -، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ المَهْدِيَّ يَأمُرُكَ أَنْ تُعْطِيَني مَالاً، فَيَقُولُ لَهُ: احْثُ، حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ فِي حَجْرهِ وَأَبْرَزَهُ نَدِمَ، فَيَقُولُ: كُنْتُ أَجْشَعَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ نَفْساً، أَعْجَزَ عَمَّا وَسِعَهُمْ، فَيَرُدُّهُ وَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ، فَيُقَالُ لَهُ: إِنَّا لَا نَأخُذُ شَيْئاً أَعْطَيْنَاهُ، فَيَكُونُ لِذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ، أَوْ ثَمَانَ سِنِينَ، أَوْ تِسْعَ سِنِينَ(٥٠٤)، ثُمَّ لَا خَيْرَ فِي الْعَيْش بَعْدَهُ»، أوْ قَالَ: «ثُمَّ لَا خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَهُ»، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ حَسَنٌ ثَابِتٌ أَخْرَجَهُ شَيْخُ أَهْل الْحَدِيثِ فِي مُسْنَدِهِ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أنَّ المُجْمَلَ فِي صَحِيح مُسْلِم هُوَ هَذَا المُبَيَّنُ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْن حَنْبَلٍ وفْقاً بَيْنَ الرِّوَايَاتِ.
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَكُونُ عِنْدَ انْقِطَاع مِنَ الزَّمَان وَظُهُورٍ مِنَ الْفِتَن رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: المَهْدِيُّ، [يَكُونُ](٥٠٥) عَطَاؤُهُ هَنِيئاً»، قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْم الْحَافِظُ.
الْبَابُ الحادِي عَشَرَ: فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أنَّ المَهْدِيَّ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَم:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْن أبِي طَالِبٍ (علیه السلام)، قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ [(صلّى الله عليه وآله وسلّم)]، أَمِنَّا آلُ مُحَمَّدٍ المَهْدِيُّ أَمْ مِنْ غَيْرنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): لَا بَلْ مِنَّا، يَخْتِمُ اللهُ بِهِ الدِّينَ كَمَا فَتَحَ بِنَا، وَبِنَا يُنْقَذُونَ مِنَ الْفِتْنَةِ كَمَا أُنْقِذُوا مِنَ الشِّرْكِ، وَبِنَا يُؤَلِّفُ اللهُ بَيْنَ قُلُوبهِمْ بَعْدَ عَدَاوَةِ الْفِتْنَةِ كَمَا ألَّفَ بَيْنَ قُلُوبهِمْ بَعْدَ عَدَاوَةِ الشِّرْكِ، وَبِنَا يُصْبِحُونَ بَعْدَ عَدَاوَةِ الْفِتْنَةِ إِخْوَاناً كَمَا أَصْبَحُوا بَعْدَ عَدَاوَةِ الشِّرْكِ إِخْوَاناً فِي دِينِهِمْ»، قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ عَالٍ رَوَاهُ الْحُفَّاظُ فِي كُتُبِهِمْ، فَأَمَّا الطَّبَرَانِيُّ فَقَدْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٠٤) عبارة: (أو تسع سنين) ليست في المصدر.
(٥٠٥) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.

↑صفحة ١٥٥↑

ذَكَرَهُ فِي المُعْجَم الأوْسَطِ، وَأَمَّا أَبُو نُعَيْمٍ فَرَوَاهُ فِي حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ، وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَن ابْنُ حَمَّادٍ فَقَدْ سَاقَهُ فِي عَوَالِيهِ.
وَعَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَنْزلُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمُ المَهْدِيُّ: تَعَالَ صَلِّ بِنَا، فَيَقُولُ: أَلَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرمَةَ(٥٠٦) اللهِ تَعَالَى هَذِهِ الْأُمَّةَ»، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ حَسَنٌ رَوَاهُ الْحَارثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ، وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْم فِي عَوَالِيهِ.
وَفِي هَذِهِ النُّصُوص دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ المَهْدِيَّ غَيْرُ عِيسَى.
وَمَدَارُ الْحَدِيثِ: «لَا مَهْدِيَّ إِلَّا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ»، عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن خَالِدٍ الْجُنْدِيُّ مُؤَذِّنُ الْجُنْدِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ المُطَلِّبِيُّ: كَانَ فِيهِ تَسَاهُلٌ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ: قَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ وَاسْتَفَاضَتْ بِكَثْرَةِ رُوَاتِهَا عَن المُصْطَفَى (علیه السلام) فِي المَهْدِيِّ، وَأَنَّهُ يَمْلِكُ سَبْعَ سِنِينَ، وَيَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ مَعَ عِيسَى بْن مَرْيَمَ وَيُسَاعِدُهُ عَلَى قَتْل الدَّجَّالِ بِبَابِ لُدٍّ بِأَرْض فِلَسْطِينَ، وَأَنَّهُ يَؤُمُّ هَذِهِ الْأُمَّةَ وَعِيسَى يُصَلِّي خَلْفَهُ، فِي طُولٍ مِنْ قِصَّتِهِ وَأَمْرهِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الرِّسَالَةِ، وَلَنَا بِهِ أَصْلٌ وَنَرْويهِ، وَلَكِنْ يَطُولُ ذِكْرُ سَنَدِهِ، قَالَ: وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ لَا يُقْبَلُ إِذَا كَانَ الرَّاوي مَعْرُوفاً بِالتَّسَاهُل فِي روَايَتِهِ.
الْبَابُ الثَّانِي عَشَرَ: فِي قَوْلِهِ (علیه السلام): «لَنْ تَهْلِكَ أُمَّةٌ أَنَا فِي أَوَّلِهَا، وَعِيسَى فِي آخِرهَا، وَالمَهْدِيُّ فِي وَسَطِهَا»:
وَبِإسْنَادِهِ عَن ابْن عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَنْ يَهْلِكَ أُمَّةٌ...» الْحَدِيثَ، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْم فِي عَوَالِيهِ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «وَعِيسَى فِي آخِرهَا» لَمْ يُردْ بِهِ أَنَّ عِيسَى يَبْقَى بَعْدَ المَهْدِيِّ (علیه السلام)، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِوُجُوهٍ:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٠٦) في المصدر إضافة: (من).

↑صفحة ١٥٦↑

مِنْهَا: أَنَّهُ قَالَ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَا خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَهُ»، وَفِي روَايَةٍ: «لَا خَيْرَ فِي الْعَيْش بَعْدَهُ»، كَمَا تَقَدَّمَ.
وَمِنْهَا: أَنَّ المَهْدِيَّ (علیه السلام) إِذَا كَانَ إِمَامَ آخِر الزَّمَان وَلَا إِمَامَ بَعْدَهُ مَذْكُورٌ فِي روَايَةِ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَهَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ أنَّ الْخَلْقَ يَبْقَى بِغَيْر إِمَام.
فَإنْ قِيلَ: إِنَّ عِيسَى يَبْقَى بَعْدَهُ إِمَامُ الْأُمَّةِ.
قُلْتُ: لَا يَجُوزُ هَذَا الْقَوْلُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صَرَّحَ أَنَّهُ لَا خَيْرَ بَعْدَهُ، وَإِذَا كَانَ عِيسَى فِي قَوْم لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِمْ. وَأَيْضاً لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ نَائِبُهُ، لأنَّهُ جَلَّ مَنْصَبُهُ عَنْ ذَلِكَ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالْأُمَّةِ، لأنَّ ذَلِكَ يُوهِمُ الْعَوَامَّ انْتِقَالَ الْمِلَّةِ المُحَمَّدِيَّةِ إِلَى الْمِلَّةِ الْعِيسَويَّةِ، وَهَذَا(٥٠٧) كُفْرٌ، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الصَّوَابِ، وَهُوَ أَنَّهُ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَوَّلُ دَاع إِلَى مِلَّةِ الْإسْلَام، وَالمَهْدِيَّ أَوْسَطُ دَاع، وَالمَسِيحَ آخِرُ دَاع، فَهَذَا مَعْنَى الْخَبَر عِنْدِي. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: المَهْدِيُّ أَوْسَطُ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَعْنِي خَيْرَهَا، إِذْ هُوَ إِمَامُهَا، وَبَعْدَهُ(٥٠٨) يَنْزلُ عِيسَى مُصَدِّقاً لِلْإمَام وَعَوْناً لَهُ وَمُسَاعِداً وَمُبَيِّناً لِلْأُمَّةِ صِحَّةَ مَا يَدَّعِيهِ الْإمَامُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ المَسِيحُ آخِرَ المُصَدِّقِينَ عَلَى وفْقِ النَّصِّ.
قَالَ الْفَقِيرُ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَلِيُّ بْنُ عِيسَى أَثَابَهُ اللهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ: قَوْلُهُ: المَهْدِيُّ أَوْسَطُ الْأُمَّةِ يَعْنِي خَيْرَهَا، يُوهِمُ أَنَّ المَهْدِيَّ (علیه السلام) خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ (علیه السلام)، وَهَذَا لَا قَائِلَ بِهِ. وَالَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَوَّلُ دَاع، وَالمَهْدِيُّ (علیه السلام) لَـمَّا كَانَ تَابِعاً لَهُ وَمِنْ أَهْل مِلَّتِهِ جُعِلَ وَسَطاً لِقُرْبهِ مِمَّنْ هُوَ تَابِعُهُ وَعَلَى شَريعَتِهِ، وَعِيسَى (علیه السلام) لَـمَّا كَانَ صَاحِبَ مِلَّةٍ أُخْرَى وَدَعَا فِي آخِر زَمَانِهِ إِلَى شَريعَةٍ غَيْر شَريعَتِهِ حَسُنَ أَنْ يَكُونَ آخِرَهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٠٧) في المصدر: (فهذا).
(٥٠٨) في المصدر: (وبعدها).

↑صفحة ١٥٧↑

الْبَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ: فِي ذِكْر كُنْيَتِهِ وَأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّبِيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فِي خُلُقِهِ:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَبَعَثَ اللهُ رَجُلاً اسْمُهُ اسْمِي، وَخُلُقُهُ خُلُقِي، يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللهِ»، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ رُزِقْنَاهُ عَالِياً بِحَمْدِ اللهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «خُلُقُهُ خُلُقِي» مِنْ أَحْسَن الْكِنَايَاتِ عَن انْتِقَام المَهْدِيِّ (علیه السلام) مِنَ الْكُفَّار لِدِين اللهِ تَعَالَى، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: ٤].
قَالَ الْفَقِيرُ إِلَى اللهِ تَعَالَى عَلِيُّ بْنُ عِيسَى (عَفَا اللهُ عَنْهُ): الْعَجَبُ مِنْ قَوْلِهِ: مِنْ أَحْسَن الْكِنَايَاتِ إِلَى آخِر الْكَلَام، وَمِنْ أَيْنَ تَحَجَّرَ عَلَى الْخُلُقِ فَجَعَلَهُ مَقْصُوراً عَلَى الْاِنْتِقَام فَقَطْ وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيع أَخْلَاقِ النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مِنْ كَرَمِهِ وَشَرَفِهِ وَعِلْمِهِ وَحِلْمِهِ وَشَجَاعَتِهِ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَخْلاَقِهِ الَّتِي عَدَدْتُهَا صَدْرَ هَذَا الْكِتَابِ؟ وَأَعْجَبُ مِنْ قَوْلِهِ ذِكْرُ الْآيَةِ دَلِيلاً عَلَى مَا قَرَّرَهُ.
الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ: فِي ذِكْر اسْم الْقَرْيَةِ الَّتِي يَكُونُ مِنْهَا خُرُوجُ المَهْدِيِّ (علیه السلام):
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَخْرُجُ المَهْدِيُّ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: كرعَةُ»، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ رُزِقْنَاهُ عَالِياً أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي عَوَالِيهِ كَمَا سُقْنَاهُ.
الْبَابُ الخامِسَ عَشَرَ: فِي ذِكْر الْغَمَامَةِ الَّتِي تُظَلِّلُ المَهْدِيَّ (علیه السلام) عِنْدَ خُرُوجِهِ:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَخْرُجُ المَهْدِيُّ وَعَلَى رَأسِهِ غَمَامَةٌ فِيهَا مُنَادٍ يُنَادِي: هَذَا المَهْدِيُّ خَلِيفَةُ اللهِ»، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ مَا رُوِّينَاهُ عَالِياً إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ: فِي ذِكْر المَلَكِ الَّذِي يَخْرُجُ مَعَ المَهْدِيِّ (علیه السلام):
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَخْرُجُ المَهْدِيُّ وَعَلَى رَأسِهِ مَلَكٌ يُنَادِي: إِنَّ هَذَا المَهْدِيُّ، فَاتَّبِعُوهُ»، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَتْهُ الْحُفَّاظُ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَهْل الْحَدِيثِ كَأَبِي نُعَيْم وَالطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرهِمَا.

↑صفحة ١٥٨↑

الْبَابُ السَّابِعَ عَشَرَ: فِي ذِكْر صِفَةِ المَهْدِيِّ وَلَوْنهِ وَجِسْمِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مُرْسَلاً:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المَهْدِيُّ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي، لَوْنُهُ لَوْنٌ عَرَبيٌّ، وَجِسْمُهُ جِسْمٌ إِسْرَائِيليٌّ، عَلَى خَدِّهِ الْأَيْمَن خَالٌ كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً، يَرْضَى بِخِلَافَتِهِ أَهْلُ الْأَرْض وَأَهْلُ السَّمَاءِ وَالطَّيْرُ فِي الْجَوِّ»، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ رُزِقْنَاهُ عَالِياً بِحَمْدِ اللهِ عَنْ جَمٍّ غَفِيرٍ أَصْحَابِ(٥٠٩) الثَّقَفِيِّ، وَسَنَدُهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَنَا.
الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ: فِي ذِكْر خَالِهِ عَلَى خَدِّهِ الْأَيْمَن وَثِيَابِهِ وَفَتْحِهِ مَدَائِنَ الشِّرْكِ:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الرُّوم أَرْبَعُ هُدَنٍ، فِي يَوْم الرَّابِعَةِ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْل هِرَقْلَ، يَدُومُ سَبْعَ سِنِينَ»، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ يُقَالُ لَهُ: المُسْتَوْردُ بْنُ غَيْلَانَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ إِمَامُ النَّاس يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «المَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي، ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، كَأَنَّ وَجْهَهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، فِي خَدِّهِ الْأَيْمَن خَالٌ أَسْوَدُ، عَلَيْهِ عَبَاءَتَان قَطَوَانِيَّتَان، كَأَنَّهُ مِنْ رجَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، يَسْتَخْرجُ الْكُنُوزَ، وَيَفْتَحُ مَدَائِنَ الشِّرْكِ»، قَالَ: هَذَا سِيَاقُ الطَّبَرَانِيِّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَكْبَر.
الْبَابُ التَّاسِعَ عَشَرَ: فِي ذِكْر كَيْفِيَّةِ أَسْنَان المَهْدِيِّ (علیه السلام):
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَيَبْعَثَنَّ اللهُ مِنْ عِتْرَتِي رَجُلاً أَفْرَقَ الثَّنَايَا، أَجْلَى الْجَبْهَةِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً، وَيَفِيضُ المَالَ فَيْضاً»، قَالَ: هَكَذَا أَخْرَجَهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْم فِي عَوَالِيهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٠٩) في المصدر: (جمٍّ غفير من أصحاب).

↑صفحة ١٥٩↑

الْبَابُ الْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر فَتْح المَهْدِيِّ (علیه السلام) الْقُسْطَنْطِينيَّةَ(٥١٠):
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قَالَ: «لَا يَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْل بَيْتِي، يَفْتَحُ الْقُسْطَنْطِينيَّةَ وَجَبَلَ الدَّيْلَم، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ إِلَّا يَوْمٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَفْتَحَهَا»، قَالَ: هَذَا سِيَاقُ الْحَافِظِ أَبِي نُعَيْم، وَقَالَ: هَذَا هُوَ المَهْدِيُّ بِلَا شَكٍّ وفْقاً بَيْنَ الرِّوَايَاتِ.
الْبَابُ الحادِي وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر خُرُوج المَهْدِيِّ (علیه السلام) بَعْدَ مُلُوكٍ جَبَابِرَةٍ(٥١١):
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ جَابِر بْن عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قَالَ: «سَيَكُونُ بَعْدِي خُلَفَاءُ، وَمِنْ بَعْدِ الْخُلَفَاءِ أُمَرَاءُ، وَمِنْ بَعْدِ الْأُمَرَاءِ مُلُوكٌ جَبَابِرَةٌ، ثُمَّ يَخْرُجُ المَهْدِيُّ مِنْ أَهْل بَيْتِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً»، قَالَ: هَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْم فِي فَوَائِدِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَكْبَر.
الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: فِي قَوْلِهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «المَهْدِيُّ إِمَامٌ صَالِحٌ»:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَذَكَرَ الدَّجَّالَ وَقَالَ فِيهِ: «إِنَّ المَدِينَةَ لَتَنْفِي(٥١٢) خَبَثَهَا كَمَا يَنْفِي(٥١٣) الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ، وَيُدْعَى ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْخَلَاص»، فَقَالَتْ أُمُّ شَريكٍ: فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «هُمْ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ، وَجُلُّهُمْ بِبَيْتِ المَقْدِس، وَإِمَامُهُمُ المَهْدِيُّ رَجُلٌ صَالِحٌ»، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ هَكَذَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْم الْأَصْفَهَانِيُّ.
الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: فِي ذِكْر تَنَعُّم الْأُمَّةِ زَمَنَ المَهْدِيِّ (علیه السلام):
بِإسْنَادِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، عَن النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قَالَ: «تَتَنَعَّمُ أُمَّتِي فِي زَمَن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥١٠) في المصدر إضافة: (وجبل الديلم).
(٥١١) في المصدر: (ملك الجبابرة).
(٥١٢) في المصدر: (لتنقى) بدل (لتنفي).
(٥١٣) في المصدر: (ينقى).

↑صفحة ١٦٠↑

المَهْدِيِّ (علیه السلام) نِعْمَةً لَمْ يَتَنَعَّمُوا مِثْلَهَا قَطُّ، يُرْسَلُ السَّمَاءُ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً، وَلَا تَدَعُ الْأَرْضُ شَيْئاً مِنْ نَبَاتِهَا إِلَّا أَخْرَجَتْهُ»، قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ المَتْن رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْأَكْبَر.
الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي أَخْبَار رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بِأنَّ المَهْدِيَّ خَلِيفَةُ اللهِ تَعَالَى:
وَبِإسْنَادِهِ عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يُقْتَلُ عِنْدَ كَنْزكُمْ ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمُ ابْنُ خَلِيفَةٍ لَا يَصِيرُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، ثُمَّ تَجِيءُ الرَّايَاتُ السُّودُ فَيَقْتُلُونَهُمْ قَتْلاً لَمْ يُقْتَلْهُ قَوْمٌ، ثُمَّ يَجِيءُ خَلِيفَةُ اللهِ المَهْدِيُّ، فَإذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فَأتُوهُ فَبَايِعُوهُ فَإنَّهُ خَلِيفَةُ اللهِ المَهْدِيُّ»، قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ المَتْن وَقَعَ إِلَيْنَا عَالِياً مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِحَمْدِ اللهِ وَحُسْن تَوْفِيقِهِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى شَرَفِ المَهْدِيِّ بِكَوْنهِ خَلِيفَةَ اللهِ فِي الْأَرْض عَلَى لِسَان أَصْدَقِ وُلْدِ آدَمَ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ...﴾ الْآيَةَ [المائدة: ٦٧].
الْبَابُ الخامِسُ وَالْعِشْرُونَ: فِي الدَّلَالَةِ عَلَى كَوْن المَهْدِيِّ حَيًّا بَاقِياً مُذْ غَيْبَتِهِ إِلَى الْآنَ:
وَلَا امْتِنَاعَ فِي بَقَائِهِ، بِدَلِيل بَقَاءِ عِيسَى وَالْخَضِر وَإِلْيَاسَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ تَعَالَى، وَبَقَاءِ الدَّجَّالِ وَإِبْلِيسَ اللَّعِين مِنْ أَعْدَاءِ اللهِ تَعَالَى، وَهَؤُلَاءِ قَدْ ثَبَتَ بَقَاؤُهُمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَقَدِ اتَّفَقُوا ثُمَّ أَنْكَرُوا جَوَازَ بَقَاءِ المَهْدِيِّ، لِأَنَّهُمْ(٥١٤) إِنَّمَا أَنْكَرُوا بَقَاءَهُ مِنْ وَجْهَيْن: أَحَدُهُمَا طُولُ الزَّمَان، وَالثَّانِي أَنَّهُ فِي سِرْدَابٍ مِنْ غَيْر أَنْ يَقُومَ أَحَدٌ بِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ عَادَةً.
قَالَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْن مُحَمَّدٍ الْكَنْجِيُّ: بِعَوْن اللهِ نَبْتَدِئُ:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥١٤) في المصدر إضافة: (وها أنا أُبيِّن بقاء كلِّ واحد منهم، فلا يسع بعد هذا العاقل إنكار جواز بقاء المهدي).

↑صفحة ١٦١↑

أَمَّا عِيسَى (علیه السلام) فَالدَّلِيلُ عَلَى بَقَائِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ [النساء: ١٥٩]، وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ مُنْذُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي آخِر الزَّمَان.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَن النُّوَاس بْن سِمْعَانَ فِي حَدِيثٍ طَويلٍ فِي قِصَّةِ الدَّجَّالِ، قَالَ: «فَيَنْزلُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عِنْدَ المَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيِّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْن(٥١٥)، وَاضِعاً كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْن».
وَأَيْضاً مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟».
وَأَمَّا الْخَضِرُ وَإِلْيَاسُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ جَريرٍ الطَّبَريُّ: الْخَضِرُ وَإِلْيَاسُ بَاقِيَان يَسِيرَان فِي الْأَرْض.
وَأَيْضاً فَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حَدِيثاً طَويلاً عَن الدَّجَّالِ، فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا قَالَ: «يَأتِي وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ المَدِينَةِ، فَيَنْتَهِي إِلَى بَعْض السِّبَاخ الَّتِي تَلِي المَدِينَةَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاس - أَوْ مِنْ خَيْر النَّاس -، فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ أَتَشُكُّونَ فِي الْأَمْر؟ فَيَقُولُونَ: لَا، قَالَ: فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فَيَقُولُ حِينَ يُحْيِيهِ: وَاللهِ مَا كُنْتُ فِيكَ قَطُّ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْآنَ، قَالَ: فَيُريدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلَا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ»، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: يُقَالُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ الْخَضِرُ (علیه السلام)، قَالَ: هَذَا لَفْظُ مُسْلِم فِي صَحِيحِهِ كَمَا سُقْنَاهُ سَوَاءً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥١٥) هكذا في مشكاة المصابيح (ص ٤٧٣)؛ وفي سُنَن أبي داود (ج ٢/ ص ٣١٩): (ممصرتين)، يقال: ثوب مهرود: أصفر مصبوغ بالهرد، وثوب ممصر: مصبوغ بالمصر، أي الطين الأحمر أو الأصفر.

↑صفحة ١٦٢↑

وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى بَقَاءِ الدَّجَّالِ، فَإنَّهُ أَوْرَدَ حَدِيثَ تَمِيم الدَّاريِّ وَالْجَسَّاسَةِ وَالدَّابَّةِ الَّتِي كَلَّمَتْهُمْ(٥١٦)، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَقَالَ: هَذَا صَريحٌ فِي بَقَاءِ الدَّجَّالِ.
قَالَ: وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى بَقَاءِ إِبْلِيسَ اللَّعِين فَآيُ الْكِتَابِ الْعَزيز، نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ﴾ [الحجر: ٣٦ و٣٧].
وَأَمَّا بَقَاءُ المَهْدِيِّ (علیه السلام) فَقَدْ جَاءَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ:
أَمَّا الْكِتَابُ، فَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي تَفْسِير قَوْلِهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣٣]، قَالَ: هُوَ المَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَةِ فَاطِمَةَ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّهُ عِيسَى (علیه السلام)، فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْقَوْلَيْن، إِذْ هُوَ مُسَاعِدٌ لِلْإمَام عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
وَقَدْ قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمَنْ شَايَعَهُ مِنَ المُفَسِّرينَ فِي تَفْسِير قَوْلِهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ [الزخرف: ٦١]، قَالَ: هُوَ المَهْدِيُّ، يَكُونُ فِي آخِر الزَّمَان، وَبَعْدَ خُرُوجِهِ يَكُونُ قِيَامُ السَّاعَةِ وَأَمَارَاتُهَا(٥١٧).
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ طُولِ الزَّمَان، فَمِنْ حَيْثُ النَّصِّ وَالمَعْنَى:
أَمَّا النَّصُّ، فَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَخْبَار عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الثَّلَاثَةِ فِي آخِر الزَّمَان، وَأَنَّهُمْ لَيْسَ فِيهِمْ مَتْبُوعٌ غَيْرُ المَهْدِيِّ، بِدَلِيل أَنَّهُ إِمَامُ الْأُمَّةِ فِي آخِر الزَّمَان، وَأَنَّ عِيسَى (علیه السلام) يُصَلِّي خَلْفَهُ كَمَا وَرَدَ فِي الصِّحَاح وَيُصَدِّقُهُ فِي دَعْوَاهُ، وَالثَّالِثُ هُوَ الدَّجَّالُ اللَّعِينُ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ حَيٌّ مَوْجُودٌ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥١٦) في المصدر: (تُكلِّمهم) بدل (كلَّمتهم).
(٥١٧) كشف الغمَّة (ج ٢/ ص ٤٧٥ - ٤٩٠).

↑صفحة ١٦٣↑

وَأَمَّا المَعْنَى فِي بَقَائِهِمْ، فَلَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ قِسْمَيْن: إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَقَاؤُهُمْ فِي مَقْدُور اللهِ تَعَالَى، أَوْ لَا يَكُونُ. وَمُسْتَحِيلٌ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ مَقْدُور اللهِ، لأنَّ مَنْ بَدَأَ الْخَلْقَ مِنْ غَيْر شَيْءٍ وَأَفْنَاهُ ثُمَّ يُعِيدُهُ بَعْدَ الْفَنَاءِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْبَقَاءُ فِي مَقْدُورهِ تَعَالَى، فَلاَ يَخْلُو مِنْ قِسْمَيْن: إِمَّا أَنْ يَكُونَ رَاجِعاً إِلَى اخْتِيَار اللهِ تَعَالَى، أَوْ إِلَى اخْتِيَار الْأُمَّةِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَاجِعاً إِلَى اخْتِيَار الْأُمَّةِ، لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ لَجَازَ لِأَحَدِنَا أَنْ يَخْتَارَ الْبَقَاءَ لِنَفْسِهِ وَلِوُلْدِهِ، وَذَلِكَ غَيْرُ حَاصِلٍ لَنَا، غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ مَقْدُورنَا، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَاجِعاً إِلَى اخْتِيَار اللهِ سُبْحَانَهُ. ثُمَّ لَا يَخْلُو بَقَاءُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ مِنْ قِسْمَيْن أَيْضاً: إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِسَبَبٍ، أَوْ لَا يَكُونَ لِسَبَبٍ. فَإنْ كَانَ لِغَيْر سَبَبٍ كَانَ خَارجاً عَنْ وَجْهِ الْحِكْمَةِ، وَمَا يَخْرُجُ عَنْ وَجْهِ الْحِكْمَةِ لَا يَدْخُلُ فِي أَفْعَالِ اللهِ تَعَالَى، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ حِكْمَةُ اللهِ تَعَالَى.
قَالَ: وَسَنَذْكُرُ سَبَبَ بَقَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حِدَتِهِ:
أَمَّا بَقَاءُ عِيسَى (علیه السلام) لِسَبَبٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾ [النساء: ١٥٩]، وَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ مُنْذُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا أَحَدٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي آخِر الزَّمَان.
وَأَمَّا الدَّجَّالُ اللَّعِينُ لَمْ يُحْدِثْ حَدَثاً مُنْذُ عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَنَّهُ خَارجٌ فِيكُمُ الْأَعْوَرُ الدَّجَّالُ، وَأَنَّ مَعَهُ جِبِالاً مِنْ خُبْزٍ تَسِيرُ مَعَهُ...، إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ آيَاتِهِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي آخِر الزَّمَان لَا مُحَالَةَ.
وَأَمَّا الْإمَامُ المَهْدِيُّ (علیه السلام) مُذْ غَيْبَتِهِ عَن الْأَبْصَار إِلَى يَوْمِنَا هَذَا لَمْ يَمْلَأ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا تَقَدَّمَتِ الْأَخْبَارُ فِي ذَلِكَ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَشْرُوطاً بِآخَر الزَّمَان، فَقَدْ صَارَتْ هَذِهِ الْأَسْبَابُ لِاسْتِيفَاءِ الْأَجَل المَعْلُوم، فَعَلَى هَذَا اتَّفَقَتْ أَسْبَابُ بَقَاءِ الثَّلَاثَةِ [وَهُمْ عِيسَى وَالمَهْدِيُّ وَالدَّجَّالُ](٥١٨)، لِصِحَّةِ أَمْرٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥١٨) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.

↑صفحة ١٦٤↑

مَعْلُوم فِي وَقْتٍ مَعْلُوم، وَهُمْ صَالِحَان نَبِيٌّ وَإِمَامٌ، وَطَالِحٌ عَدُوُّ اللهِ وَهُوَ الدَّجَّالُ، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْأَخْبَارُ مِنَ الصِّحَاح بِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي صِحَّةِ بَقَاءِ الدَّجَّالِ مَعَ صِحَّةِ بَقَاءِ عِيسَى (علیه السلام)، فَمَا المَانِعُ مِنْ بَقَاءِ المَهْدِيِّ (علیه السلام) مَعَ كَوْن بَقَائِهِ بِاخْتِيَار اللهِ وَدَاخِلاً تَحْتَ مَقْدُورهِ سُبْحَانَهُ وَهُوَ آيَةُ الرَّسُولِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟
فَعَلَى هَذَا هُوَ أَوْلَى بِالْبَقَاءِ مِنَ الْاِثْنَيْن الْآخَرَيْن، لِأَنَّهُ إِذَا بَقِيَ المَهْدِيُّ (علیه السلام) كَانَ إِمَامَ آخِر الزَّمَان يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا تَقَدَّمَتِ الْأَخْبَارُ، فَيَكُونُ بَقَاؤُهُ مَصْلَحَةً لِلْمُكَلَّفِينَ وَلُطْفاً بِهِمْ فِي بَقَائِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَالدَّجَّالُ إِذَا بَقِيَ فَبَقَاؤُهُ مَفْسَدَةٌ لِلْعَالَمِينَ، لِمَا ذُكِرَ مِن ادِّعَاءِ رُبُوبِيَّتِهِ(٥١٩) وَفَتْكِهِ بِالْأُمَّةِ، وَلَكِنْ فِي بَقَائِهِ ابْتِلَاءٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى لِيَعْلَمَ المُطِيعَ مِنْهُمْ مِنَ الْعَاصِي وَالمُحْسِنَ مِنَ المُسِيءِ وَالمُصْلِحَ مِنَ المُفْسِدِ، وَهَذَا هُوَ الْحِكْمَةُ فِي بَقَاءِ الدَّجَّالِ.
وَأَمَّا بَقَاءُ عِيسَى فَهُوَ سَبَبُ إِيمَان أَهْل الْكِتَابِ بِهِ، لِلْآيَةِ، وَالتَّصْدِيق بِنُبُوَّةِ سَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ مُحَمَّدٍ خَاتَم النَّبِيّينَ وَرَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ)، وَيَكُونُ تِبْيَاناً لِدَعْوَى الْإمَام عِنْدَ أَهْل الْإيمَان، وَمُصَدِّقاً لِمَا دَعَا إِلَيْهِ عِنْدَ أَهْل الطُّغْيَان، بِدَلِيل صَلَاتِهِ خَلْفَهُ، وَنُصْرَتِهِ إِيَّاهُ، وَدُعَائِهِ إِلَى الْمِلَّةِ المُحَمَّدِيَّةِ الَّتِي هُوَ إِمَامٌ فِيهَا، فَصَارَ بَقَاءُ المَهْدِيِّ (علیه السلام) أَصْلاً وَبَقَاءُ الْاِثْنَيْن فَرْعاً عَلَى بَقَائِهِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ بَقَاءُ الْفَرْعَيْن مَعَ عَدَم بَقَاءِ الْأَصْل لَهُمَا؟ وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَصَحَّ وُجُودُ المُسَبَّبِ مِنْ دُون وُجُودِ السَّبَبِ، وَذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ فِي الْعُقُولِ.
وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ بَقَاءَ المَهْدِيِّ (علیه السلام) أَصْلٌ لِبَقَاءِ الْاِثْنَيْن، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ وُجُودُ عِيسَى (علیه السلام) بِانْفِرَادِهِ غَيْرَ نَاصِرٍ لِمِلَّةِ الْإسْلَام وَغَيَر مُصَدِّقٍ لِلْإمَام، لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَكَانَ مُنْفَرداً بِدَوْلَةٍ وَدَعْوَةٍ، وَذَلِكَ يُبْطِلُ دَعْوَةَ الْإسْلَام مِنْ حَيْثُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ تَبَعاً فَصَارَ مَتْبُوعاً، وَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ فَرْعاً فَصَارَ أَصْلاً، وَالنَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قَالَ: «لَا نَبِيَّ بَعْدِي»،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥١٩) في المصدر: (الربوبيَّة).

↑صفحة ١٦٥↑

وَقَالَ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللهُ عَلَى لِسَانِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَى لِسَانِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ»، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَوْناً وَنَاصِراً وَمُصَدِّقاً، وَإِذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَكُونُ لَهُ عَوْناً وَمُصَدِّقاً لَمْ يَكُنْ لِوُجُودِهِ تَأثِيرٌ، فَثَبَتَ أنَّ وُجُودَ المَهْدِيِّ (علیه السلام) أَصْلٌ لِوُجُودِهِ. وَكَذَلِكَ الدَّجَّالُ اللَّعِينُ لَا يَصِحُّ وُجُودُهُ فِي آخِر الزَّمَان، وَلَا يَكُونُ لِلْأُمَّةِ إِمَامٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ وَوَزِيرٌ يُعَوِّلُونَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَزَلِ الْإسْلَامُ مَقْهُوراً وَدَعْوَتُهُ بَاطِلَةً، فَصَارَ وُجُودُ الْإمَام أَصْلاً لِوُجُودِهِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ إِنْكَارهِمْ بَقَاءَهُ فِي السِّرْدَابِ مِنْ غَيْر أَحَدٍ يَقُومُ بِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ، فَفِيهِ جَوَابَان:
أحَدُهُمَا: بَقَاءُ عِيسَى (علیه السلام) فِي السَّمَاءِ مِنْ غَيْر أَحَدٍ يَقُومُ بِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ، وَهُوَ بَشَرٌ مِثْلُ المَهْدِيِّ (علیه السلام)، فَلَمَّا جَازَ بَقَاؤُهُ فِي السَّمَاءِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَكَذَلِكَ المَهْدِيُّ فِي السِّرْدَابِ.
فَإنْ قُلْتَ: إِنَّ عِيسَى (علیه السلام) يُغَذِّيهِ رَبُّ الْعَالَمِينَ مِنْ خِزَانَةِ غَيْبهِ، فَقُلْتُ: لَا تَفْنَى خَزَائِنُهُ بِانْضِمَام المَهْدِيِّ (علیه السلام) إِلَيْهِ فِي غِذَائِهِ.
فَإنْ قُلْتَ: إِنَّ عِيسَى خَرَجَ عَنْ طَبِيعَةِ الْبَشَريَّةِ، قُلْتُ: هَذِهِ دَعْوَى بَاطِلَةٌ، لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى لِأَشْرَفِ الْأَنْبِيَاءِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ [الكهف: ١١٠].
فَإنْ قُلْتَ: اكْتَسَبَ ذَلِكَ مِنَ الْعَالَم الْعِلْويِّ، قُلْتُ: هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى تَوْقِيفٍ، وَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ.
وَالثَّانِي: بَقَاءُ الدَّجَّالِ فِي الدَّيْر عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِأَشَدِّ الْوَثَاقِ مَجْمُوعَةً يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ، وَفِي روَايَةٍ: فِي بِئْرٍ مَوْثُوقٌ، وَإِذَا كَانَ بَقَاءُ الدَّجَّالِ مُمْكِناً عَلَى الْوَجْهِ المَذْكُور مِنْ غَيْر أَحَدٍ يَقُومُ بِهِ، فَمَا المَانِعُ مِنْ بَقَاءِ المَهْدِيِّ (علیه السلام) مُكَرَّماً مِنْ غَيْر الْوَثَاقِ؟ إِذِ الْكُلُّ فِي مَقْدُور اللهِ تَعَالَى، فَثَبَتَ أَنَّهُ غَيْرُ مُمْتَنِع شَرْعاً وَلَا عَادَةً.

↑صفحة ١٦٦↑

ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ هَذِهِ الْأَبْحَاثِ خَبَرَ سُطَيْحٍ، وَأَنَا أذْكُرُ مِنْهُ مَوْضِعَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَمُقْتَضَاهُ، يَذْكُرُ لِذِي جَدَنٍ المَلِكِ وَقَائِعَ وَحَوَادِثَ تَجْري وَزَلَازِلَ مِنْ فِتَنٍ، ثُمَّ إِنَّهُ يَذْكُرُ خُرُوجَ المَهْدِيِّ (علیه السلام)، وَأَنَّهُ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَيُطَيِّبُ الدُّنْيَا وَأَهْلَهَا فِي أَيَّام دَوْلَتِهِ (علیه السلام)، وَرُويَ عَن الْحَافِظِ مُحَمَّدِ بْن النَّجَّار أَنَّهُ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ مِنْ طِوَالَاتِ المَشَاهِير، كَذَا ذَكَرَهُ الْحُفَّاظُ فِي كُتُبِهِمْ، وَلَمْ يُخَرَّجْ فِي الصَّحِيح(٥٢٠).
[١٩٨/٣٩] كشف الغمَّة: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ: وَأَمَّا مَا وَرَدَ عَن النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فِي المَهْدِيِّ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ:
فَمِنْهَا: مَا نَقَلَهُ الْإمَامَان أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ (رضي الله عنهما) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَنَدِهِ فِي صَحِيحِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «المَهْدِيُّ مِنِّي، أَجْلَى الْجَبْهَةِ، أَقْنَى الْأَنْفِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، وَيَمْلِكُ سَبْعَ سِنينَ».
وَمِنْهَا: [مَا أَخْرَجَهُ] أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدِهِ فِي صَحِيحِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدَّهْر إِلَّا يَوْمٌ لَبَعَثَ اللهُ رَجُلاً مِنْ أَهْل بَيْتِي يَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً».
وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ أَيْضاً أَبُو دَاوُدَ فِي صَحِيحِهِ يَرْفَعُهُ بِسَنَدِهِ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ زَوْج النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «المَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ».
وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الْبَغَويُّ فِي كِتَابِهِ المُسَمَّى بِشَرْح السُّنَّةِ، وَأَخْرَجَهُ الإمَامَان الْبُخَاريُّ وَمُسْلِمٌ (رضي الله عنهما) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَنَدِهِ فِي صَحِيحِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٢٠) كشف الغمَّة (ج ٢/ ص ٤٩٠ - ٤٩٣/ فصل في الدلالة على كون المهدي حيًّا باقياً).

↑صفحة ١٦٧↑

وَمِنْهَا: مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ (رضي الله عنهما) بِسَنَدِهِمَا فِي صَحِيحَيْهِمَا يَرْفَعُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَنَدِهِ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعُودٍ (رضي الله عنه)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ رَجُلاً مِنِّي - أَوْ مِنْ أَهْل بَيْتِي -، يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً».
وَفِي روَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ النَّبِيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قَالَ: «يَلي رَجُلٌ مِنْ أَهْل بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي» هَذِهِ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ (رضي الله عنهما).
وَمِنْهَا: مَا نَقَلَهُ الْإمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ(٥٢١) أَحْمَدُ(٥٢٢) بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبِيُّ (رضي الله عنه) فِي تَفْسِيرهِ يَرْفَعُهُ بِسَنَدِهِ إِلَى أَنَس بْن مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «نَحْنُ وُلْدُ عَبْدِ المُطَّلِبِ سَادَةُ الْجَنَّةِ: أَنَا، وَحَمْزَةُ، وَجَعْفَرٌ، وَعَلِيٌّ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَالمَهْدِيُّ»(٥٢٣).
أقول: روى السيِّد ابن طاوس في كتاب الطرائف من مناقب ابن المغازلي نحواً ممَّا مرَّ في الباب التاسع إلى قوله: «ومنَّا والذي نفسي بيده مهدي هذه الأُمَّة»(٥٢٤).
روى صاحب كشف الغمَّة عن محمّد بن طلحة الحديث الذي أورده أوَّلاً في الباب الثامن عن أبي داود والترمذي(٥٢٥)، والحديث الأوَّل من الباب الثاني عن أبي داود في صحيحه، والحديث الأوَّل من الباب السابع عن صحيحي البخاري ومسلم وشرح السُّنَّة للحسين بن مسعود البغوي، والحديث الثاني من الباب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٢١) عبارة: (أبو إسحاق) ليست في المصدر.
(٥٢٢) في المصدر إضافة: (بن إسحاق).
(٥٢٣) كشف الغمَّة (ج ٢/ ص ٤٣٧ و٤٣٨).
(٥٢٤) الطرائف (ج ١/ ص ١٣٤/ ح ٢١٢).
(٥٢٥) كشف الغمَّة (ج ٢/ ص ٤٣٧).

↑صفحة ١٦٨↑

الأوَّل عن أبي داود في صحيحه، والحديث الثالث من الباب الأوَّل عن أبي داود والترمذي مع زيادة: «واسم أبيه اسم أبي» وبدونها، وحديث الباب الثالث عن تفسير الثعلبي(٥٢٦).
ثُمَّ قال ابن طلحة: فإنْ قيل: بعض هذه الصفات لا تنطبق على الخلف الصالح، فإنَّ اسم أبيه لا يوافق اسم والد النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ثُمَّ أجاب بعد تمهيد مقدّمتين:
الأوَّل: أنَّه شائع في لسان العرب إطلاق لفظ الأب على الجدِّ الأعلى، كقوله تعالى: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾ [الحجّ: ٧٨]، وقوله حكاية عن يوسف: ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ﴾ [يوسف: ٣٨]، وفي حديث الإسراء أَنَّ جبرئيل قال: هذا أبوك إبراهيم.
والثاني: أنَّ لفظة الاسم تُطلَق على الكنية وعلى الصفة، كما روى البخاري ومسلم أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سمَّى عليًّا أبا تراب، ولم يكن اسم أحبُّ إليه منه، فأطلق لفظ الاسم على الكنية، ومثل ذلك قول المتنبِّي:

أجلّ قدرك أنْ تُسمَّى مؤنبة(٥٢٧) * * * ومن كنَّاك فقد سمَّاك للعربِ

ثمّ قال: ولـمَّا كان الحجَّة من ولد أبي عبد الله الحسين فأطلق النبيُّ على الكنية لفظ الاسم إشارة إلى أنَّه من ولد الحسين (علیه السلام) بطريق جامع موجز(٥٢٨)، انتهى.
أقول: ذكر بعض المعاصرين(٥٢٩) فيه وجهاً آخر، وهو أنَّ كنية الحسن العسكري أبو محمّد وعبد الله أبو النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أبو محمّد، فتتوافق الكنيتان، والكنية داخلة تحت الاسم، والأظهر ما مرَّ من كون (أبي) مصحَّف (ابني).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٢٦) كشف الغمَّة (ج ٢/ ص ٤٣٨).
(٥٢٧) في المصدر: (مؤننة) بدل (مؤنبة).
(٥٢٨) كشف الغمَّة (ج ٢/ ص ٤٤٢) ملخَّصاً.
(٥٢٩) لم نتحقَّق اسمه.

↑صفحة ١٦٩↑

أَقُولُ: مَا رَوَاهُ عَن الصَّحِيحَيْن وَفِرْدَوْسٍ الدَّيْلَمِيِّ مُطَابِقٌ لِمَا عِنْدَنَا مِنْ نُسَخِهَا، وَعِنْدِي مِنْ شَرْح السُّنَّةِ لِلْحُسَيْن بْن مَسْعُودٍ الْبَغَويِّ نُسْخَةٌ قَدِيمَةٌ أَنْقُلُ عَنْهُ مَا وَجَدْتُهُ فِيهِ مِنْ روَايَاتِ المَهْدِيِّ (علیه السلام):
بِإسْنَادِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْل زِيَادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن زِيَادٍ الْحَنَفِيُّ، أَخْبَرَنَا(٥٣٠) الْحُسَيْنُ بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ المُزَنيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن السَّريِّ التَّمِيمِيُّ الْحَافِظُ بِالْكُوفَةِ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْن جَعْفَرٍ الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، عَن الْقَاسِم بْن أَبِي بُرْدَةَ(٥٣١)، عَنْ أَبِي الطُّفَيْل، عَنْ عَلِيٍّ، عَن النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قَالَ: «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ لَبَعَثَ اللهُ رَجُلاً مِنْ أَهْل بَيْتِي يَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً»(٥٣٢).
وَأَنْبَأنَا مُعَمَّرٌ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ مُعَاويَةَ بْن قُرَّةَ، عَنْ أَبِي الصَّدِيقِ النَّاجِي(٥٣٣)، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) «بَلَاءً يُصِيبُ هَذِهِ الْأُمَّةَ حَتَّى لَا يَجِدَ الرَّجُلُ مَلْجَأً يَلْجَأُ إِلَيْهِ مِنَ الظُّلْم، فَيَبْعَثُ اللهُ رَجُلاً مِنْ عِتْرَتِي أَهْل بَيْتِي، فَيَمْلَأ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْض، لَا يَدَعُ السَّمَاءُ مِنْ قَطْرهَا شَيْئاً إِلَّا صَبَّهُ مِدْرَاراً، وَلَا يَدَعُ الْأَرْضُ مِنْ نَبَاتِهَا شَيْئاً إِلَّا أَخْرَجَتْهُ، حَتَّى يَتَمَنَّى الْأَحْيَاءُ الْأَمْوَاتَ، تَعِيشُ فِي ذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ، أَوْ ثَمَانَ سِنِينَ، أَوْ تِسْعَ سِنِينَ»، وَيُرْوَى هَذَا مِنْ غَيْر وَجْهٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ. وَأَبُو الصِّدِّيقِ النَّاجِي اسْمُهُ بَكْرُ بْنُ عُمَرَ(٥٣٤).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٣٠) في المصدر إضافة: (أبو).
(٥٣١) في المصدر: (بزَّة).
(٥٣٢) شرح السُّنَّة (ج ٨/ ص ٣٥٣/ ح ٤٢٧٩).
(٥٣٣) اسمه (بكر بن عمرو) كما في نهاية الحديث هذا.
(٥٣٤) في المصدر: (عمرو) بدل (عمر).

↑صفحة ١٧٠↑

وَرُويَ عَنْ سَعِيدِ بْن المُسَيَّبِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «المَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ»، وَيُرْوَى: «وَيَعْمَلُ فِي النَّاس بِسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ، فَيَلْبَثُ سَبْعَ سِنينَ، ثُمَّ يُتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ».
وَرُويَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فِي قِصَّةِ المَهْدِيِّ، قَالَ: «فَيَجِيءُ الرَّجُلُ فَيَقُولُ: يَا مَهْدِيُّ، أَعْطِني أَعْطِني، فَيَحْثِي لَهُ فِي ثَوْبهِ مَا اسْتَطَاعَ أَنْ يَحْمِلَهُ»(٥٣٥).
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْل زِيَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاذٍ(٥٣٦) عَبْدُ الرَّحْمَن المُزَنيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ المُقْري الْآدَمِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحِسَائِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْن أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَخْرُجُ فِي آخِر الزَّمَان خَلِيفَةٌ يُعْطِي المَالَ بِغَيْر عَدَدٍ»، هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْر بْن حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْن عَبْدِ الْوَارثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ دَاوُدَ(٥٣٧)، انْتَهَى.
أقول: روى ابن الأثير في جامع الأُصول ناقلاً عن عدَّة من صحاحهم عن أبي هريرة وجابر وابن مسعود وعليٍّ (علیه السلام) وأُمِّ سَلَمة (رضي الله عنها) وأبي سعيد وأبي إسحاق عشر روايات في خروج المهدي (علیه السلام) واسمه ووصفه، وأنَّ عيسى (علیه السلام) يُصلِّي خلفه(٥٣٨)، تركناها مخافة الإطناب، وفيما أوردناه كفاية لأُولي الألباب.
[١٩٩/٤٠] الطرائف: ذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِير ﴿حم * عسق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٣٥) شرح السُّنَّة (ج ٨/ ص ٣٥٤/ ح ٤٢٨٠).
(٥٣٦) في المصدر إضافة: (الشاه بن).
(٥٣٧) شرح السُّنَّة (ج ٨/ ص ٣٥٥/ ح ٤٢٨١).
(٥٣٨) جامع الأُصول( ج ١١/ ص ٤٧ - ٥٠/ ح ٧٨٠٨ - ٧٨١٥).

↑صفحة ١٧١↑

[الشورى: ١ و٢]، بِإسْنَادِهِ قَالَ: السِّينُ سَنَاءُ المَهْدِيِّ (علیه السلام)، وَالْقَافُ قُوَّةُ عِيسَى (علیه السلام) حِينَ يَنْزلُ فَيَقْتُلُ النَّصَارَى وَيُخَرِّبُ الْبِيَعَ(٥٣٩).
وَعَنْهُ فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ(٥٤٠) عَن النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «أَنَّ المَهْدِيَّ (علیه السلام) يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ وَيُحْيِيهِمُ اللهُ (عزَّ وجلَّ) لَهُ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى رَقْدَتِهِمْ فَلَا يَقُومُونَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ»(٥٤١).
[٢٠٠/٤١] الطرائف: ابْنُ شِيرَوَيْهِ فِي الْفِرْدَوْس بِإسْنَادِهِ إِلَى ابْن عَبَّاسٍ، عَن النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قَالَ: «المَهْدِيُّ طَاوُوسُ أَهْل الْجَنَّةِ»(٥٤٢).
أقول: ثُمَّ روى السيِّد(٥٤٣) عن الجمع بين الصحاح الستَّة وكتاب الفردوس والمناقب لابن المغازلي والمصابيح لأبِي محمّد ابن مسعود الفرَّاء كثيراً ممَّا مرَّ من أخبار المهدي (علیه السلام)، ثُمَّ قال: وكان بعض العلماء من الشيعة قد صنَّف كتاباً وجدته ووقفت عليه، وفيه أحاديث أحسن ممَّا أوردناه، وقد سمَّاه كتاب كشف المخفي في مناقب المهدي (علیه السلام)، وروى فيه مائة وعشرة أحاديث(٥٤٤) من طُرُق رجال الأربعة المذاهب، فتركت نقلها بأسانيدها وألفاظها كراهيَّة للتطويل(٥٤٥)، ولئلَّا يملَّ ناظرها، ولأنَّ بعض ما أوردنا يُغني عن زيادة التفصيل لأهل الإنصاف والعقل الجميل، وسأذكر أسماء من روى المائة وعشرة الأحاديث التي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٣٩) الطرائف (ج ١/ ص ١٧٦/ ح ٢٧٦).
(٥٤٠) في المصدر إضافة: (ورواه).
(٥٤١) الطرائف ( ج ١/ ص ١٧٦/ ح ٢٧٧).
(٥٤٢) الطرائف (ج ١/ ص ١٧٨/ ح ٢٨٢).
(٥٤٣) هو عليُّ بن موسى بن طاوس.
(٥٤٤) تجد هذه الأحاديث في فصل في ذكر ما جاء في المهدي (علیه السلام) في العمدة لابن البطريق (ص ٤٢٣ - ٤٧٥).
(٥٤٥) في المصدر: (التطويل).

↑صفحة ١٧٢↑

في كتاب المخفي عن أخبار المهدي (علیه السلام) لتعلم مواضعها على التحقيق وتزداد هداية أهل التوفيق.
فمنها من صحيح البخاري ثلاثة أحاديث، ومنها من صحيح مسلم أحد عشر حديثاً، ومنها من الجمع بين الصحيحين للحميدي حديثان، ومن الجمع بين الصحاح الستَّة لزيد بن معاوية العبدري أحد عشر حديثاً، ومنها من كتاب فضايل الصحابة ممَّا أخرجه الشيخ الحافظ عبد العزيز العكبري من مسند أحمد بن حنبل سبعة أحاديث، ومنها من تفسير الثعلبي خمسة أحاديث، ومنها من غريب الحديث لابن قتيبة الدينوري ستَّة أحاديث، ومنها من كتاب الفردوس لابن شيرويه الديلمي أربعة أحاديث، ومنها من كتاب مسند سيِّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) تأليف الحافظ أبي الحسن علي الدارقطني ستَّة أحاديث، ومنها من كتاب الحافظ أيضاً من مسند أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب (علیه السلام) ثلاثة أحاديث، ومن كتاب المبتدأ للكسائي حديثان يشتملان أيضاً على ذكر المهدي (علیه السلام) وذكر خروج السفياني والدجَّال، ومنها من كتاب المصابيح لأبي الحسين بن مسعود الفرَّاء خمسة أحاديث، ومنها من كتاب الملاحم لأبي الحسن أحمد بن جعفر بن محمّد بن عبيد الله المناري أربعة وثلاثون حديثاً، ومنها من كتاب الحافظ محمّد بن عبد الله الحضرمي المعروف بابن مطيق ثلاثة أحاديث، ومنها من كتاب الرعاية لآمل الرواية لأبي الفتح محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم الفرغاني ثلاثة أحاديث، ومنها خبر سطيح رواية الحميدي أيضاً، ومنها من كتاب الاستيعاب لأبي عمر يوسف بن عبد البَرِّ النميري(٥٤٦) حديثان(٥٤٧).
قال السيِّد: ووقفت على الجزء الثاني من كتاب السُّنَن رواية محمّد بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٤٦) في المصدر: (النمري).
(٥٤٧) الطرائف (ج ١/ ص ١٧٩ و١٨٠).

↑صفحة ١٧٣↑

يزيد ماجة قد كُتِبَ في زمان مؤلِّفه تاريخ كتابته وبعض الإجازات عليه ما هذا لفظها:
بسم الله الرحمن الرحيم، أمَّا بعد، فقد أجزت الأخبار(٥٤٨) لأبي عمرو ومحمّد ابن سَلَمة وجعفر والحسن ابني محمّد بن سَلَمة حفظهم الله، وهو سماعي من محمّد ابن يزيد ماجة نفعنا الله وإيَّاكم به، وكتب إبراهيم بن دينار بخطِّه، وذلك في شهر شعبان سنة ثلاثمائة، وقد عارضت به، وصلَّى على محمّد وسلَّم كثيراً.
وقد تضمَّن هذا الجزء المذكور الموصوف كثيراً من الملاحم، فمنها باب خروج المهدي، وروى في هذا الباب من ذلك الكتاب(٥٤٩) من هذه النسخة سبعة أحاديث بأسانيدها في خروج المهدي، وأنَّه من ولد فاطمة (عليها السلام)، وأنَّه يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وذكر كشف الحالة وفضلها يرفعها إلى النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
قال السيِّد: ووقفت أيضاً على كتاب المقتصِّ على محدث الأعوام لبناء ملاحم غابر الأيَّام تلخيص أبي الحسين أحمد بن جعفر بن محمّد المناري، قد كُتِبَ في زمان مؤلِّفه في آخر النسخة التي وقفت عليها ما هذا لفظه: فكان الفراغ من تأليفه سنة ثلاثمأة وثلاثين، وعلى الكتاب إجازات وتجويزات تاريخ بعض إجازاته في ذي قعدة سنة ثمانين وأربعمائة، من جملة هذا الكتاب ما هذا لفظه: سيأتي بعض المأثور في المهدي (علیه السلام) وسيرته، ثُمَّ روى ثمانية عشر حديثاً بأسانيدها إلى النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بتحقيق خروج المهدي (علیه السلام) وظهوره، وأنَّه من ولد فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأنَّه يملأ الأرض عدلاً، وذكر كمال سيرته وجلالة ولايته(٥٥٠).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٤٨) في المصدر: (ما في هذا الكتاب من أوَّله إلى آخره وهو كتاب السُّنَن) بدل (الأخبار).
(٥٤٩) عبارة: (من ذلك الكتاب) ليست في المصدر.
(٥٥٠) الطرائف (ج ١/ ص ١٨٠ و١٨١).

↑صفحة ١٧٤↑

ثُمَّ أشار السيِّد إلى ما جمعه الحافظ أبو نعيم من أربعين حديثاً في وصف المهدي (علیه السلام) على ما نقله صاحب كشف الغمَّة، ثُمَّ قال: فجملة الأحاديث مائة حديث وستَّة وخمسون حديثاً. وأمَّا الذي ورد من طُرُق الشيعة فلا يسعه إلَّا مجلَّدات(٥٥١)، ونقل إلينا سلفنا نقلاً متواتراً أنَّ المهدي المشار إليه وُلِدَ ولادة مستورة، لأنَّ حديث تملكه ودولته وظهوره على كافَّة الممالك والعباد والبلاد كان قد ظهر للناس فخيف عليه، كما جرت الحال في ولادة إبراهيم وموسى (علیهما السلام) وغيرهما(٥٥٢)، وعرفت الشيعة ذلك لاختصاصها بآبائه (عليهم السلام)(٥٥٣)، فإنَّ كلَّ من يلزم(٥٥٤) بقوم كان أعرف بأحوالهم وأسرارهم من الأجانب، كما أنَّ أصحاب الشافعي أعرف بحاله من أصحاب غيره من رؤساء الأربعة المذاهب.
وقد كان (علیه السلام) ظهر لجماعة كثيرة من أصحاب والده العسكري، ونقلوا عنه أخباراً وأحكاماً شرعيَّة وأسباباً مرضيَّة.
وكان له وكلاء ظاهرون في غيبته معروفون بأسمائهم وأنسابهم وأوطانهم يُخبِرون عنه بالمعجزات والكرامات وجواب المشكلات وبكثير ممَّا ينقله عن آبائه عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الغائبات، منهم: عثمان بن سعيد العمري المدفون بقطقطان الجانب الغربي ببغداد، ومنهم(٥٥٥): أبو جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري، ومنهم: أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي، ومنهم: عليُّ بن محمّد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٥١) الطرائف (ج ١/ ص ١٨١ - ١٨٣) ملخَّصاً.
(٥٥٢) في المصدر إضافة: (ممَّا اقتضت المصلحة ستر ولادته).
(٥٥٣) في المصدر إضافة: (وتلزمها بمحمّد نبيِّهم وعترته).
(٥٥٤) في المصدر: (تلزم).
(٥٥٥) في المصدر إضافة: (ولده).

↑صفحة ١٧٥↑

السمري (رضي الله عنهم)، وقد ذكر نصر بن عليٍّ الجهضمي(٥٥٦) برواية رجال الأربعة المذاهب حال هؤلاء الوكلاء وأسمائهم وأنَّهم كانوا وكلاء المهدي (علیه السلام)(٥٥٧).
ولقد لقي المهدي (علیه السلام) بعد ذلك خلق كثير من الشيعة وغيرهم، وظهر لهم على يده من الدلايل ما ثبت عندهم(٥٥٨) أنَّه هو (علیه السلام)، وإذا كان (علیه السلام) الآن غير ظاهر لجميع شيعته فلا يمتنع أنْ يكون جماعة منهم يلقونه وينتفعون بمقاله وفعاله ويكتمونه كما جرى الأمر في جماعة من الأنبياء والأوصياء(٥٥٩) والملوك والأولياء حيث غابوا عن كثير من الأُمَّة لمصالح دينيَّة(٥٦٠) أوجبت ذلك.
وأمَّا استبعاد من استبعد منهم ذلك لطول عمره الشريف، فما يمنع من ذلك إلَّا جاهل بالله وبقدرته وبأخبار نبيِّنا وعترته، كيف وقد تواتر كثير من الأخبار بطول عمر جماعة من الأنبياء وغيرهم من المعمَّرين؟ وهذا الخضر باقٍ على طول السنين، وهو عبد صالح(٥٦١) ليس بنبيٍّ ولا حافظ شريعة ولا بلطف في بقاء التكليف، فكيف يُستَبعد طول حياة المهدي (علیه السلام) وهو حافظ شريعة جدِّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولطف في بقاء التكليف؟ والمنفعة ببقائه في حال ظهوره وخفائه أعظم من المنفعة بالخضر، وكيف يستبعد ذلك من يُصدِّق بقصَّة أصحاب الكهف؟ لأنَّه مضى لهم فيما تضمَّنه القرآن ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً وهم أحياء كالنيام بغير طعام وشراب، وبقوا إلى زمن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حيث بعث الصحابة ليُسلِّموا عليهم كما رواه الثعلبي(٥٦٢).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٥٦) في المصدر إضافة: (في تاريخ أهل البيت).
(٥٥٧) الطرائف (ج ١/ ص ١٨٣ و١٨٤).
(٥٥٨) في المصدر إضافة: (وعند من أخبروه).
(٥٥٩) عبارة: (والأولياء) ليست في المصدر.
(٥٦٠) في المصدر إضافة: (أو دنيويَّة).
(٥٦١) في المصدر إضافة: (من بني آدم).
(٥٦٢) الطرائف (ج ١/ ص ١٨٤ - ١٨٦) بتلخيص.

↑صفحة ١٧٦↑

ورأيت تصنيفاً لأبي حاتم سهل بن محمّد السجستاني من أعيان الأربعة المذاهب سمَّاه (كتاب المعمَّرين)(٥٦٣)... إلى آخر ما ذكره (رحمه الله) من الاحتجاج عليهم وتركناه لأنَّه خارج عن مقصود كتابنا.
[٢٠١/٤٢] كفاية الأثر: بِالإسْنَادِ المُتَقَدِّم فِي بَابِ النُّصُوص عَلَى الْاِثْنَيْ عَشَرَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أَمِير المُؤْمِنِينَ (علیه السلام)، عَن النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَنَّهُ قَالَ: «يَا عَلِيُّ، أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ، وَأَنْتَ أَخِي وَوَزِيري، فَإذَا مِتُّ ظَهَرَتْ لَكَ ضَغَائِنُ فِي صُدُور قَوْم، وَسَتَكُونُ بَعْدِي فِتْنَةٌ صَمَّاءُ صَيْلَمٌ يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ(٥٦٤) وَلِيجَةٍ وَبِطَانَةٍ، وَذَلِكَ عِنْدَ فِقْدَان الشِّيعَةِ الْخَامِسَ مِنْ وُلْدِ السَّابِع مِنْ وُلْدِكَ، تَحْزَنُ لِفَقْدِهِ أَهْلُ الْأَرْض وَالسَّمَاءِ، فَكَمْ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ مُتَأَسِّفٍ مُتَلَهِّفٍ حَيْرَانَ عِنْدَ فَقْدِهِ»، ثُمَّ أَطْرَقَ مَلِيًّا، ثُمَّ رَفَعَ رَأَسَهُ وَقَالَ: «بِأَبِي وَأُمِّي سَمِيِّي وَشَبِيهِي وَشَبِيهُ مُوسَى بْن عِمْرَانَ، عَلَيْهِ جُيُوبُ(٥٦٥) النُّور - أَوْ قَالَ: جَلَابِيبُ النُّور -، تَتَوَقَّدُ مِنْ شُعَاع الْقُدْس، كَأنِّي بِهِمْ آيِسٌ مَا كَانُوا نُودُوا بِنِدَاءٍ(٥٦٦) يُسْمَعُ مِنَ الْبُعْدِ كَمَا يُسْمَعُ مِنَ الْقُرْبِ، يَكُونُ رَحْمَةً عَلَى المُؤْمِنينَ وَعَذَاباً عَلَى المُنَافِقِينَ»، قُلْتُ: وَمَا ذَلِكَ النِّدَاءُ؟ قَالَ: «ثَلَاثَةُ أَصْوَاتٍ فِي رَجَبٍ: الْأَوَّلُ: أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ، الثَّانِي: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ، الثَّالِثُ: يَرَوْنَ بَدَناً بَارزاً مَعَ قَرْن الشَّمْس يُنَادِي: أَلَا إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ، حَتَّى يَنْسُبَهُ إِلَى عَلِيٍّ (علیه السلام)، فِيهِ هَلَاكُ الظَّالِمِينَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَأتِي الْفَرَجُ، وَيَشْفِي اللهُ صُدُورَهُمْ، وَيُذْهِبْ غَيْظَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٦٣) الطرائف (ج ١/ ص ١٨٦).
(٥٦٤) الفتنة الصمَّاء: هي التي تدع الناس حيارى لا يجدون المخلَص منها. والصيلم: الشديد من الداهية.
(٥٦٥) في المصدر: (جبوب) بدل (جيوب).
(٥٦٦) في المصدر: (كأنِّي بهم آيس من كانوا ثمّ نودي بنداء).

↑صفحة ١٧٧↑

قُلُوبهِمْ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَكَمْ يَكُونُ بَعْدِي مِنَ الْأَئِمَّةِ؟ قَالَ: «بَعْدَ الْحُسَيْن تِسْعَةٌ، وَالتَّاسِعُ قَائِمُهُمْ»(٥٦٧).
بيان: (من ولد السابع): أي سابع الأئمَّة لا سابع الأولاد. وقوله: (من ولدك) حال أو صفة للخامس.

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٦٧) كفاية الأثر (ص ١٥٨).

↑صفحة ١٧٨↑

باب (٢): ما ورد عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في ذلك

↑صفحة ١٧٩↑

[٢٠٢/١] كمال الدِّين: الشَّيْبَانِيُّ، عَن الْأَسَدِيِّ، عَنْ سَهْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيم الْحَسَنِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِي، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أَمِير المُؤْمِنينَ (علیه السلام)، قَالَ: «لِلْقَائِم مِنَّا غَيْبَةٌ أَمَدُهَا طَويلٌ، كَأنِّي بِالشِّيعَةِ يَجُولُونَ جَوَلَانَ النَّعَم فِي غَيْبَتِهِ، يَطْلُبُونَ المَرْعَى فَلَا يَجِدُونَهُ، أَلَا فَمَنْ ثَبَتَ مِنْهُمْ عَلَى دِينِهِ [وَ]لَمْ يَقْسُ قَلْبُهُ لِطُولِ أَمَدِ غَيْبَةِ إِمَامِهِ فَهُوَ مَعِي فِي دَرَجَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، ثُمَّ قَالَ (علیه السلام): «إِنَّ الْقَائِمَ مِنَّا إِذَا قَامَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، فَلِذَلِكَ تَخْفَى ولَادَتُهُ وَيَغِيبُ شَخْصُهُ»(٥٦٨).
[٢٠٣/٢] كمال الدِّين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْن مَعْبَدٍ، عَن الْحُسَيْن بْن خَالِدٍ، عَن الرِّضَا (علیه السلام)، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ أَمِير المُؤْمِنينَ أَنَّهُ قَالَ لِلْحُسَيْن (علیه السلام): «التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِكَ يَا حُسَيْنُ هُوَ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ، المُظْهِرُ لِلدِّين، الْبَاسِطُ لِلْعَدْلِ، قَالَ الْحُسَيْنُ (علیه السلام): فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنينَ، وَإِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ؟ فَقَالَ (علیه السلام): إِي وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّداً بِالنُّبُوَّةِ وَاصْطَفَاهُ عَلَى جَمِيع الْبَريَّةِ، وَلَكِنْ بَعْدَ غَيْبَةٍ وَحَيْرَةٍ لَا تَثْبُتُ فِيهَا عَلَى دِينهِ إِلَّا المُخْلِصُونَ المُبَاشِرُونَ لِرَوْح الْيَقِين الَّذِينَ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُمْ بِوَلَايَتِنَا، وَكَتَبَ فِي قُلُوبهِمُ الْإيمانَ، وَأَيَّدَهُمْ بِرُوح مِنْهُ»(٥٦٩).
[٢٠٤/٣] كمال الدِّين: أَبِي، عَنْ عَلِيِّ بْن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ زِيَادٍ المَكْفُوفِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن أَبِي عَفِيفٍ الشَّاعِر(٥٧٠)، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ المُؤْمِنينَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٦٨) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣٠٣/ باب ما أخبر به عليٌّ (علیه السلام)/ ح ١٤).
(٥٦٩) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣٠٤/ باب ما أخبر به عليٌّ (علیه السلام)/ ح ١٦).
(٥٧٠) كذا في النسخة المطبوعة، وسيجيء في الحديث (٢١٤/١٣) عن الغيبة للنعماني: (ابن أبي عقب)، وفي نسخة كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣٠٤): (ابن أبي عقبة).

↑صفحة ١٨١↑

عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (علیه السلام) يَقُولُ: «كَأَنِّي بِكُمْ تَجُولُونَ جَوَلَانَ الْإبل تَبْتَغُونَ المَرْعَى فَلَا تَجِدُونَهُ يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ»(٥٧١).
كمال الدِّين: أبي وابن الوليد معاً، عن سعد، عن ابن أبي الخطَّاب، عن محمّد بن سنان، عن أبي الجارود، عن عبد الله بن أبي عفيف، مثله(٥٧٢).
[٢٠٥/٤] كِتَابُ المُقْتَضَبِ لابْن الْعَيَّاش: قَالَ: حَدَّثَنِي الشَّيْخُ الثِّقَةُ أَبُو الْحُسَيْن بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْن عَلِيٍّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْن عِنْدَ عُبَيْدِ بْن كَثِيرٍ، عَنْ نُوح بْن دَرَّاجٍ، عَنْ يَحْيَى، عَن الْأَعْمَش، عَنْ زَيْدِ بْن وَهْبٍ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ وَالْحَارثِ بْن عَبْدِ اللهِ الْهَمْدَانِيِّ وَالْحَارثِ بْن شَربٍ كُلٌّ حَدَّثَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ عَلِيِّ ابْن أَبِي طَالِبٍ (علیه السلام)، فَكَانَ إِذَا أَقْبَلَ ابْنُهُ الْحَسَنُ يَقُولُ: «مَرْحَباً بِابْن رَسُولِ اللهِ»، وَإِذَا أَقْبَلَ الْحُسَيْنُ يَقُولُ: «بِأَبِي أَنْتَ يَا أَبَا ابْن خِيَرَةِ الْإمَاءِ»، فَقِيلَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنينَ مَا بَالُكَ تَقُولُ هَذَا لِلْحَسَن وَهَذَا لِلْحُسَيْن؟ وَمَن ابْنُ خِيَرَةِ الْإمَاءِ؟ فَقَالَ: «ذَاكَ الْفَقِيدُ الطَّريدُ الشَّريدُ (م ح م د) بْنُ الْحَسَن بْن عَلِيِّ بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ بْن مُوسَى بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن عَلِيِّ بْن الْحُسَيْن هَذَا»، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأس الْحُسَيْن (علیه السلام)(٥٧٣).
[٢٠٦/٥] الغيبة للطوسي: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحُسَيْن، عَن ابْن بَزيع، عَن الْأَصَمِّ، عَن ابْن سَيَابَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْن مِيثَم، عَنْ عَبَايَةَ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ المُؤْمِنينَ (علیه السلام) يَقُولُ: «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا بَقِيتُمْ بِلَا إِمَام هُدًى، وَلَا عَلَم يُرَى، يَبْرَاُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْض؟»(٥٧٤).

[٢٠٧/٦] الإرشاد: رَوَى مَسْعَدَةُ بْنُ صَدَقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٧١) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣٠٤/ باب ما أخبر به عليٌّ (علیه السلام)/ ح ١٧).
(٥٧٢) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣٠٤/ باب ما أخبر به عليٌّ (علیه السلام)/ ح ١٨).
(٥٧٣) مقتضب الأثر (ص ٣١).
(٥٧٤) الغيبة للطوسي (ص ٣٤١/ ح ٢٩١).

↑صفحة ١٨٢↑

جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (علیه السلام) يَقُولُ: «خَطَبَ النَّاسَ أَمِيرُ المُؤْمِنينَ (علیه السلام) بِالْكُوفَةِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا سَيِّدُ الشَّيبِ، وَفِي سُنَّةٍ مِنْ أَيُّوبَ، وَسَيَجْمَعُ اللهُ لِي أَهْلِي كَمَا جَمَعَ لِيَعْقُوبَ شَمْلَهُ(٥٧٥)، وَذَلِكَ إِذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ، وَقُلْتُمْ: ضَلَّ أَوْ هَلَكَ، أَلَا فَاسْتَشْعِرُوا قَبْلَهَا بِالصَّبْر، وَبُوءُوا(٥٧٦) إِلَى اللهِ بِالذَّنْبِ، فَقَدْ نَبَذْتُمْ قُدْسَكُمْ، وَأَطْفَأتُمْ مَصَابِيحَكُمْ، وَقَلَّدْتُمْ هِدَايَتَكُمْ مَنْ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ وَلَا لَكُمْ سَمْعاً وَلَا بَصَراً، ضَعُفَ وَاللهِ الطَّالِبُ وَالمَطْلُوبُ، هَذَا وَلَوْ لَمْ تَتَوَاكَلُوا أَمْرَكُمْ، وَلَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ نُصْرَةِ الْحَقِّ بَيْنَكُمْ، وَلَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِين الْبَاطِل لَمْ يَتَشَجَّعْ عَلَيْكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ، وَلَمْ يَقْوَ مَنْ قَويَ عَلَيْكُمْ وَعَلَى هَضْم الطَّاعَةِ وَإِزْوَائِهَا عَنْ أَهْلِهَا فِيكُمْ، تِهْتُمْ كَمَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى عَهْدِ مُوسَى، وَبِحَقٍّ أَقُولُ: لَيُضَعَّفَنَّ عَلَيْكُمُ التِّيهُ مِنْ بَعْدِي بِاضْطِهَادِكُمْ وُلْدِي ضِعْفَ مَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَلَوْ قَدِ اسْتَكْمَلْتُمْ نَهَلاً وَامْتَلَأتُمْ عَلَلاً عَنْ(٥٧٧) سُلْطَان الشَّجَرَةِ المَلْعُونَةِ فِي الْقُرْآن، لَقَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى نَاعِقِ ضَلَالٍ، وَلَأَجَبْتُمُ الْبَاطِلَ رَكْضاً، ثُمَّ لَغَادَرْتُمْ دَاعِيَ الْحَقِّ، وَقَطَعْتُمُ الْأَدْنَى مِنْ أَهْل بَدْرٍ وَوَصَلْتُمُ الْأَبْعَدَ مِنْ أَبْنَاءِ الْحَرْبِ(٥٧٨)، أَلَا وَلَوْ ذَابَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، لَقَدْ دَنَا التَّمْحِيصُ لِلْجَزَاءِ، وَكُشِفَ الْغِطَاءُ، وَانْقَضَتِ المُدَّةُ، وَأَزِفَ الْوَعْدُ(٥٧٩)، وَبَدَا لَكُمُ النَّجْمُ مِنْ قِبَل المَشْرقِ، وَأَشْرَقَ لَكُمْ قَمَرُكُمْ كَمِلْءِ شَهْرهِ وَكَلَيْلَةٍ تَمَّ، فَإِذَا اسْتَبَانَ(٥٨٠) ذَلِكَ فَرَاجِعُوا التَّوْبَةَ، وَخَالِعُوا الْحَوْبَةَ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنْ أَطَعْتُمْ طَالِعَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٧٥) عبارة: (شمله) ليست في المصدر.
(٥٧٦) في المصدر: (توبوا).
(٥٧٧) في المصدر: (من) بدل (عن).
(٥٧٨) في المصدر: (حرب).
(٥٧٩) في المصدر: (الوعيد).
(٥٨٠) في المصدر: (استتمَّ).

↑صفحة ١٨٣↑

المَشْرقِ سَلَكَ بِكُمْ مِنْهَاجَ رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَتَدَارَيْتُمْ(٥٨١) مِنَ الصَّمَم، وَاسْتَشْفَيْتُمْ مِنَ الْبَكَم، وَكُفِيتُمْ مَئُونَةَ التَّعَسُّفِ وَالطَّلَبِ، وَنَبَذْتُمُ الثِّقَلَ الْفَادِحَ عَن الْأَعْنَاقِ، فَلَا يُبْعِدُ اللهُ إِلَّا مَنْ أَبَى الرَّحْمَةَ وَفَارَقَ الْعِصْمَةَ، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٧]»(٥٨٢).
بيان: (الشيب) بالكسر وبضمَّتين: جمع الأشيب، وهو من ابيضَّ شعره. واستدارة الفلك كناية عن طول مرور الأزمان، أو تغيُّر أحوال الزمان، وسيأتي خبر في (باب أشراط الساعة) يُؤيِّد الثاني. قوله: (هذا) فصل بين الكلامين، أي خذوا هذا. والنهل محرَّكة: أوَّل الشرب. والعلل محرَّكة: الشربة الثانية، والشرب بعد الشرب تباعاً. قوله: (كملء شهره) أي كما يملأ في شهره في الليلة الرابع عشر فيكون ما بعده تأكيداً، أو كما إذا فُرِضَ أنَّه يكون نامياً متزايداً إلى آخر الشهر. وسيأتي تفسير بعض الفقرات في شرح الخطبة المنقولة من الكافي(٥٨٣)، وهي كالشرح لهذه، ويظهر منها ما وقع في هذا الموضع من التحريفات والاختصارات المخلَّة بالمعنى.
[٢٠٨/٧] الغيبة للنعماني: ابْنُ هَمَّام، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن سِنَانٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْن خَارجَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْن عُثْمَانَ، عَنْ حراب(٥٨٤) بْن أحْنَفَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام)، قَالَ: «زَادَ الْفُرَاتُ عَلَى عَهْدِ أَمِير المُؤْمِنينَ (علیه السلام)، فَرَكِبَ هُوَ وَابْنَاهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ (علیهما السلام)، فَمَرَّ بِثَقِيفٍ، فَقَالُوا: قَدْ جَاءَ عَلِيٌّ يَرُدُّ المَاءَ، فَقَالَ عَلِيٌّ (علیه السلام): أَمَا وَاللهِ لَأُقْتَلَنَّ أَنَا وَابْنَايَ هَذَان،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٨١) في المصدر: (فتداويتم).
(٥٨٢) الإرشاد للمفيد (ج ١/ ص ٢٩٠).
(٥٨٣) يأتي في الحديث (٢٢٥/٢٤).
(٥٨٤) في المصدر: (فرات) بدل (حراب).

↑صفحة ١٨٤↑

وَلَيَبْعَثَنَّ اللهُ رَجُلاً مِنْ وُلْدِي فِي آخِر الزَّمَان يُطَالِبُ بِدِمَائِنَا، وَلَيَغِيبَنَّ عَنْهُمْ تَمْيِيزاً لِأَهْل الضَّلَالَةِ، حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ: مَا للهِ فِي آلِ مُحَمَّدٍ مِنْ حَاجَةٍ»(٥٨٥).
[٢٠٩/٨] الغيبة للنعماني: مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّام وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَن بْن [مُحَمَّدِ بْن] جُمْهُورٍ جَمِيعاً، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدِ بْن جُمْهُورٍ(٥٨٦)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْض رجَالِهِ، عَن المُفَضَّل بْن عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (علیه السلام): «خَبَرٌ تَدْريهِ خَيْرٌ مِنْ عَشَرَةٍ تَرْويهِ، إِنَّ لِكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةً، وَلِكُلِّ صَوَابٍ نُوراً»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّا وَاللهِ لَا نَعُدُّ الرَّجُلَ مِنْ شِيعَتِنَا فَقِيهاً حَتَّى يُلْحَنَ لَهُ فَيَعْرفَ اللَّحْنَ، إِنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنينَ (علیه السلام) قَالَ عَلَى مِنْبَر الْكُوفَةِ: وَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَناً مُظْلِمَةً عَمْيَاءَ مُنْكَسِفَةً لَا يَنْجُو مِنْهَا إِلَّا النُّوَمَةُ، قِيلَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنينَ، وَمَا النُّوَمَةُ؟ قَالَ: الَّذِي يَعْرفُ النَّاسَ وَلَا يَعْرفُونَهُ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ للهِ، وَلَكِنَّ اللهَ سَيُعْمِي خَلْقَهُ مِنْهَا بِظُلْمِهِمْ وَجَوْرهِمْ وَإِسْرَافِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَلَوْ خَلَتِ الْأَرْضُ سَاعَةً وَاحِدَةً مِنْ حُجَّةٍ للهِ لَسَاخَتْ بِأَهْلِهَا، وَلَكِنَّ الْحُجَّةَ يَعْرفُ النَّاسَ وَلَا يَعْرفُونَهُ، كَمَا كَانَ يُوسُفُ يَعْرفُ النَّاسَ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ، ثُمَّ تَلَا: ﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ﴾ [يس: ٣٠]»(٥٨٧).
بيان: قوله (علیه السلام): (حتَّى يلحن له): أي يُتكلَّم معه بالرمز والإيماء والتعريض على جهة التقيَّة والمصلحة فيفهم المراد، قال الجزري: يقال: لحنت فلاناً إذا قلت له قولاً يفهمه ويخفى على غيره، لأنَّك تميله بالتورية عن الواضح المفهوم(٥٨٨)، وقال: في حديث عليٍّ وذكر آخر الزمان والفتن، ثُمَّ قال: خير أهل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٨٥) الغيبة للنعماني (ص ١٤٠).
(٥٨٦) في النسخة المطبوعة: (محمّد بن همَّام ومحمّد بن الحسين بن جمهور جميعاً، عن الحسين بن محمّد بن جمهور، عن أبيه)، والصحيح ما أثبتناه.
(٥٨٧) الغيبة للنعماني (ص ١٤١).
(٥٨٨) النهاية (ج ٤/ ص ٢٤١).

↑صفحة ١٨٥↑

ذلك الزمان كلُّ مؤمن نومة. النومة بوزن الهمزة: الخامل الذكر الذي لا يُؤبَه له، وقيل: الغامض في الناس الذي لا يعرف الشرَّ وأهله، وقيل: النومة بالتحريك الكثير النوم، فأمَّا الخامل الذي لا يُؤبَه له فهو بالتسكين، ومن الأوَّل حَدِيثُ ابْن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ (علیه السلام): مَا النُّوَمَةُ؟ قَالَ: «الَّذِي يَسْكُتُ فِي الْفِتْنَةِ فَلَا يَبْدُو مِنْهُ شَيْءٌ»(٥٨٩).
[٢١٠/٩] نهج البلاغة: فِي حَدِيثِهِ (علیه السلام): «فَإذَا كَانَ ذَلِكَ ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بِذَنَبِهِ، فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ كَمَا يَجْتَمِعُ قَزَعُ الْخَريفِ».
قَالَ السَّيِّدُ (رضي الله عنه): يَعْسُوبُ الدِّين: السَّيِّدُ الْعَظِيمُ المَالِكُ لِأُمُور النَّاس يَوْمَئِذٍ. وَالْقَزَعُ: قِطَعُ الْغَيْم الَّتِي لَا مَاءَ فِيهَا(٥٩٠).
بيان: قالوا: هذا الكلام في خبر الملاحم الذي يذكر فيه المهدي (علیه السلام)، وقال في النهاية: أي فارق أهل الفتنة وضرب في الأرض ذاهباً في أهل دينه وأتباعه الذين يتَّبعونه على رأيه وهم الأذناب(٥٩١). وقال الزمخشري: الضرب بالذنب هاهنا مَثَل للإقامة والثبات(٥٩٢)، يعني أنَّه يثبت هو ومن يتَّبعه على الدِّين.
[٢١١/١٠] نهج البلاغة: قَالَ (علیه السلام) فِي بَعْض خُطَبِهِ: «قَدْ لَبِسَ لِلْحِكْمَةِ جُنَّتَهَا، وَأَخَذَهَا بِجَمِيع أَدَبِهَا، مِنَ الْإقْبَالِ عَلَيْهَا، وَالمَعْرفَةِ بِهَا، وَالتَّفَرُّغ لَهَا، وَهِيَ عِنْدَ نَفْسِهِ ضَالَّتُهُ الَّتِي يَطْلُبُهَا، وَحَاجَتُهُ الَّتِي يَسْأَلُ عَنْهَا، فَهُوَ مُغْتَربٌ إِذَا اغْتَرَبَ الْإسْلَامُ، وَضَرَبَ بِعَسِيبِ ذَنَبِهِ، وَأَلْصَقَ الْأَرْضَ بِجِرَانِهِ، بَقِيَّةٌ مِنْ بَقَايَا حُجَّتِهِ، خَلِيفَةٌ مِنْ خَلَائِفِ أَنْبِيَائِهِ»(٥٩٣).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٨٩) النهاية (ج ٥/ ص ١٣١).
(٥٩٠) نهج البلاغة (ص ٥١٧/ من غريب كلامه المحتاج إلى تفسير/ ح ١).
(٥٩١) النهاية (ج ٣/ ص ٢٣٤ و٢٣٥).
(٥٩٢) الفائق (ج ٢/ ص ٤٣١).
(٥٩٣) نهج البلاغة (ص ٢٦٣/ الخطبة ١٨٢).

↑صفحة ١٨٦↑

بيان: قال ابن أبي الحديد: قالت الإماميَّة: إنَّ المراد به القائم (علیه السلام) المنتظر(٥٩٤). والصوفيَّة يزعمون أنَّه وليُّ الله(٥٩٥)، وعندهم أنَّ الدنيا لا يخلو عن الأبدال وهم أربعون، وعن الأوتاد وهم سبعة، وعن القطب وهو واحد. والفلاسفة يزعمون أنَّ المراد به العارف. وعند أهل السُّنَّة هو المهدي الذي سيُخلَق. وقد وقع اتِّفاق الفِرَق بين المسلمين على أنَّ الدنيا والتكليف لا ينقضي إلَّا على المهدي(٥٩٦).
قوله (علیه السلام): (فهو مغترب): أي هذا الشخص يخفى نفسه إذا ظهر الفسق والفجور، واغترب الإسلام باغتراب العدل والصلاح، وهذا يدلُّ على ما ذهبت إليه الإماميَّة. والعسيب: عظم الذنب، أو منبت الشعر منه. وإلصاق الأرض بجرانه كناية عن ضعفه وقلَّة نفعه، فإنَّ البعير أقلّ ما يكون نفعه حال بروكه.
[٢١٢/١١] الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن(٥٩٧) الرَّازِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ عِيسَى بْن عَبْدِ اللهِ الْعَلَويِّ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ (علیه السلام)، أَنَّهُ قَالَ: «صَاحِبُ هَذَا الْأَمْر مِنْ وُلْدِي هُوَ الَّذِي يُقَالُ: مَاتَ(٥٩٨)، هَلَكَ، لَا بَلْ فِي أَيِّ وَادٍ سَلَكَ؟»(٥٩٩).
[٢١٣/١٢] الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن، عَنْ مُحَمَّدٍ الْعَطَّار، عَنْ مُحَمَّدِ ابْن الْحَسَن الرَّازِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٩٤) في المصدر: (المنتظر عندهم).
(٥٩٥) في المصدر إضافة: (في الأرض).
(٥٩٦) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج ١٠/ ص ٩٦).
(٥٩٧) في المصدر: (حسَّان)، وكذا في ما بعد.
(٥٩٨) في المصدر إضافة: (أو).
(٥٩٩) الغيبة للنعماني (ص ١٥٦).

↑صفحة ١٨٧↑

عَنْ مُزَاحِم الْعَبْدِيِّ، عَنْ عِكْرمَةَ بْن صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ (علیه السلام) يَقُولُ: «لَا تَنْفَكُّ هَذِهِ الشِّيعَةَ حَتَّى تَكُونَ بِمَنْزلَةِ المَعْز لَا يَدْري الْخَابِسُ عَلَى أَيِّهَا يَضَعُ يَدَهُ، فَلَيْسَ لَهُمْ شَرَفٌ يُشْرفُونَهُ، وَلَا سِنَادٌ يَسْتَنِدُونَ إِلَيْهِ فِي أُمُورهِمْ»(٦٠٠).
إيضاح: خبس الشيء بكفِّه أخذه، وفلاناً حقَّه ظلمه، أي يكون كلُّهم مشتركين في العجز حتَّى لا يدري الظالم أيَّهم يظلم، لاشتراكهم في احتمال ذلك، كقصَّاب يتعرَّض لقطيع من المعز لا يدري أيَّهم يأخذ للذبح.
[٢١٤/١٣] الغيبة للنعماني: بِهَذَا الْإسْنَادِ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ الشَّاعِر يَعْنِي ابْنَ أَبِي(٦٠١) عَقِبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا (علیه السلام) يَقُولُ: «كَأَنِّي بِكُمْ تَجُولُونَ جَوَلَانَ الإبل تَبْتَغُونَ مَرْعًى وَلَا تَجِدُونَهَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ»(٦٠٢).
[٢١٥/١٤] الغيبة للنعماني: عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْن مُوسَى، عَنْ مُوسَى بْن هَارُونَ بْن عِيسَى الْعَبْدِيِّ(٦٠٣)، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مُسْلِم بْن قَعْنَبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْن هِلَالٍ(٦٠٤)، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَن الْحُسَيْن ابْن عَلِيٍّ (علیه السلام)، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِير المُؤْمِنينَ (علیه السلام)، فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنينَ، نَبِّئْنَا بِمَهْدِيِّكُمْ هَذَا؟ فَقَالَ: إِذَا دَرَجَ الدَّارجُونَ، وَقَلَّ المُؤْمِنُونَ، وَذَهَبَ المُجْلِبُونَ فَهُنَاكَ(٦٠٥)، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنينَ عَلَيْكَ السَّلَامُ، مِمَّن الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: مِنْ بَنِي هَاشِم، مِنْ ذِرْوَةِ طَوْدِ الْعَرَبِ وَبَحْر مَغِيضِهَا إِذَا وَرَدَتْ، وَمَجْفُوِّ أَهْلِهَا إِذَا أَتَتْ(٦٠٦)،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٠٠) الغيبة للنعماني (ص ١٩٣).
(٦٠١) كلمة: (أبي) ليست في المصدر.
(٦٠٢) الغيبة للنعماني (ص ١٩٢).
(٦٠٣) في المصدر: (المعبدي) بدل (العبدي).
(٦٠٤) في المصدر: (بلال) بدل (هلال).
(٦٠٥) في المصدر إضافة: (هناك).
(٦٠٦) في المصدر: (أُتيت) بدل (أتت).

↑صفحة ١٨٨↑

وَمَعْدِن صَفْوَتِهَا إِذَا اكْتَدَرَتْ، لَا يَجْبُنُ إِذَا المَنَايَا هَلِعَتْ(٦٠٧)، وَلَا يَحُورُ(٦٠٨) إِذَا المُؤْمِنُونَ اكْتَنَفَتْ(٦٠٩)، وَلَا يَنْكُلُ إِذَا الْكُمَاةُ اصْطَرَعَتْ، مُشَمِّرٌ مُغْلَوْلِبٌ، ظَفِرٌ ضِرْغَامَةٌ، حَصِدٌ مُخَدِّشٌ، ذَكَرٌ، سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ، رَأسٌ، قُثَمُ، نَشِقٌ(٦١٠) رَأسَهُ فِي بَاذِخ السُّؤْدَدِ، وَغَارزٌ مَجْدَهُ فِي أَكْرَم المَحْتِدِ، فَلَا يَصْرفَنَّكَ عَنْ تَبِعَتِهِ(٦١١) صَارفٌ عَارضٌ يَنُوصُ إِلَى الْفِتْنَةِ كُلَّ مَنَاصٍ، إِنْ قَالَ فَشَرُّ قَائِلٍ، وَإِنْ سَكَتَ فَذُو دَعَائِرَ.
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى صِفَةِ المَهْدِيِّ (علیه السلام) فَقَالَ: أَوْسَعُكُمْ كَهْفاً، وَأَكْثَرُكُمْ عِلْماً، وَأَوْصَلُكُمْ رَحِماً، اللَّهُمَّ فَاجْعَلْ بَيْعَتَهُ(٦١٢) خُرُوجاً مِنَ الْغُمَّةِ، وَاجْمَعْ بِهِ شَمْلَ الْأُمَّةِ، فَأنَّى جَازَ لَكَ(٦١٣) فَاعْزمْ وَلَا تَنْثَن عَنْهُ إِنْ وَفَّقْتَ لَهُ، وَلَا تُجِيزَنَّ عَنْهُ إِنْ هُدِيتَ إِلَيْهِ، هَاهْ - وَأَوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرهِ شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِ -»(٦١٤).
توضيح: قال الفيروزآبادي: درج دروجاً ودرجاناً مشى، والقوم انقرضوا، وفلان لم يخلف نسلاً أو مضى لسبيله(٦١٥)، انتهى. والغرض انقراض قرون كثيرة. قوله (علیه السلام): (وذهب المجلبون) أي المجتمعون على الحقِّ والمعينون للدِّين أو الأعمّ، قال الجزري: يقال: أجلبوا عليه إذا تجمَّعوا وتألَّبوا، وأجلبه أي أعانه، وأجلب عليه إذا صاح به واستحثَّه(٦١٦). والطود بالفتح: الجبل العظيم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٠٧) في المصدر: (هكعت).
(٦٠٨) في المصدر: (يخور).
(٦٠٩) في المصدر: (إذا المن اكتنعت).
(٦١٠) في المصدر: (نَشُؤ) بدل (نشق).
(٦١١) في المصدر: (عن بيعته).
(٦١٢) في المصدر: (بعثه) بدل (بيعته).
(٦١٣) في المصدر: (فإنْ خار الله لك).
(٦١٤) الغيبة للنعماني (ص ٢١٢).
(٦١٥) القاموس المحيط (ج ١/ ص ١٩٤).
(٦١٦) النهاية (ج ١/ ص ٢٨٢).

↑صفحة ١٨٩↑

وفي بعض النُّسَخ بالراء وهو بالضمِّ أيضاً الجبل، والأوَّل أصوب. والمغيض: الموضع الذي يدخل فيه الماء فيغيب، ولعلَّ المعنى أنَّه بحر العلوم والخيرات فهي كامنة فيه، أو شبَّهه ببحر في أطرافه مغايض فإنَّ شيعتهم مغايض علومهم. قوله (علیه السلام): (ومجفو أهلها) أي إذا أتاه أهله يجفونه ولا يطيعونه. قوله (علیه السلام): (هلعت) أي صارت حريصة على إهلاك الناس. قوله (علیه السلام): (ولا يحور) في بعض النُّسَخ: ولا يخور إذا المنون أكسفت، والخور الجبن، والمنون الموت. والكماة بالضمِّ: جمع الكمي وهو الشجاع أو لابس السلاح. ويقال: ظفر بعدوِّه فهو ظفر. والضرغامة بالكسر: الأسد.
قوله (علیه السلام): (حصد): أي يحصد الناس بالقتل. قوله: (مخدش): أي يخدش الكُفَّار ويجرحهم. والذكر من الرجال بالكسر: القويُّ الشجاع الأبيُّ، ذكره الفيروزآبادي(٦١٧). وقال: الرأس أعلا كلِّ شيء وسيِّد القوم(٦١٨). والقثم كزفر: الكثير العطاء(٦١٩). وقال الجزري: رجل نشق إذا كان يدخل في أُمور لا يكاد يخلص منها(٦٢٠)، وفي بعض النُّسَخ باللَّام والباء، يقال: رجل لبق ككتف أي حاذق بما عمل، وفي بعضها: شقّ رأسه أي جانبه، والباذخ: العالي المرتفع.
قوله (علیه السلام): (وغارز مجده) أي مجده الغارز الثابت، من غرز الشيء في الشيء أي أدخله وأثبته. والمحتد بكسر التاء: الأصل. وقوله: (ينوص) صفة للصارف، وقال الفيروزآبادي: المناص الملجأ، وناص مناصاً تحرَّك، وعنه تنحَّى، وإليه نهض(٦٢١). قوله: (فذو دعاير) من الدعارة وهو الخبث والفساد، ولا يبعد أنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦١٧) القاموس المحيط (ج ٢/ ص ٣٥).
(٦١٨) القاموس المحيط (ج ٢/ ص ٢٢٤).
(٦١٩) القاموس المحيط (ج ٤/ ص ١٦٢).
(٦٢٠) لم نعثر عليه في النهاية، وعثرنا عليه في الصحاح (ج ٣/ ص ١٥٥٩).
(٦٢١) القاموس المحيط (ج ٢/ ص ٣٣٣).

↑صفحة ١٩٠↑

يكون تصحيف الدغايل جمع الدغيلة وهي الدغل والحقد، أو بالمهملة من الدعل بمعنى الختل. قوله (علیه السلام): (فإنْ جاز لك) أي تيسَّر لك مجازاً. ويقال: انثنى أي انعطف. قوله (علیه السلام): (ولا تجيزنَّ عنه) أي إنْ أدركته في زمان غيبته، وفي بعض النُّسَخ: ولا تحيزنَّ بالحاء المهملة والزاء المعجمة، أي لا تتحيَّزَنَّ من التحيُّز عن الشيء بمعنى التنحِّي عنه. وكانت النُّسَخ مصحَّفة محرَّفة في أكثر ألفاظها.
[٢١٦/١٥] الطرائف: فِي الْجَمْع بَيْنَ الصِّحَاح السِّتَّةِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ (علیه السلام) وَنَظَرَ إِلَى ابْنِهِ الْحُسَيْن وَقَالَ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ كَمَا سَمَّاهُ رَسُولُ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَسَيَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ رَجُلٌ بِاسْم نَبِيِّكُمْ يُشْبِهُهُ فِي الْخُلُقِ وَلَا يُشْبِهُهُ فِي الْخَلْقِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً»(٦٢٢).
[٢١٧/١٦] نهج البلاغة: «وَأَخَذُوا يَمِيناً وَشِمَالاً، طعناً(٦٢٣) فِي مَسَالِكِ الْغَيِّ وَتَرْكاً لِمَذَاهِبِ الرُّشْدِ، فَلَا تَسْتَعْجِلُوا مَا هُوَ كَائِنٌ مُرْصَدٌ، وَلَا تَسْتَبْطِئُوا مَا يَجِيءُ بِهِ الْغَدُ، فَكَمْ مِنْ مُسْتَعْجِلٍ بِمَا إِنْ أَدْرَكَهُ وَدَّ أَنَّهُ لَمْ يُدْركْهُ، وَمَا أَقْرَبَ الْيَوْمَ مِنْ تَبَاشِير غَدٍ. يَا قَوْمُ، هَذَا إِبَّانُ وُرُودِ كُلِّ مَوْعُودٍ، وَدُنُوٌّ مِنْ طَلْعَةِ مَا لَا تَعْرفُونَ، أَلَا وَإِنَّ مَنْ أَدْرَكَهَا مِنَّا يَسْري فِيهَا بِسِرَاج مُنِيرٍ، وَيَحْذُو فِيهَا عَلَى مِثَالِ الصَّالِحِينَ، لِيَحُلَّ فِيهَا ربْقاً، وَتعتق(٦٢٤) رقًّا، وَيَصْدَعَ شَعْباً، وَيَشْعَبَ صَدْعاً فِي سُتْرَةٍ عَن النَّاس، لَا يُبْصِرُ الْقَائِفُ أَثَرَهُ وَلَوْ تَابَعَ نَظَرَهُ، ثُمَّ لَيُشْحَذَنَّ فِيهَا قَوْمٌ شَحْذَ الْقَيْن النَّصْلَ، تُجْلَى بِالتَّنْزيل أَبْصَارُهُمْ، وَيُرْمَى بِالتَّفْسِير فِي مَسَامِعِهِمْ، وَيُغْبَقُونَ كَأسَ الْحِكْمَةِ بَعْدَ الصَّبُوح»(٦٢٥).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٢٢) الطرائف (ص ١٧٧/ ح ٢٧٩).
(٦٢٣) في المصدر: (ظعناً) بدل (طعناً).
(٦٢٤) في المصدر: (ويعتق) بدل (وتعتق).
(٦٢٥) نهج البلاغة (ص ٢٠٨/ الخطبة ١٥٠).

↑صفحة ١٩١↑

بيان: مرصد: أي مترقِّب ما يجيء به الغد من الفتن والوقايع. من تباشير غد: أي أوائله أو من البشرى به. والإبَّان: الوقت والزمان. يسري: من السرى السير بالليل. والربق: الخيط. والقائف: الذي يتتبَّع الآثار. (ولو تابع نظره): أي ولو استقصى في الطلب وتابع النظر والتأمُّل. وشحذت السكِّين: حددته، أي ليُحرِضَنَّ في هذه الملاحم قوم على الحرب ويشحذ عزائمهم في قتل أهل الضلال كما يشحذ الحدَّاد النصل كالسيف وغيره. قوله (علیه السلام): (يجلي بالتنزيل) أي يكشف الرين والغطاء عن قلوبهم بتلاوة القرآن وإلهامهم تفسيره ومعرفة أسراره. والغبوق: الشرب بالعشي، مقابل الصبوح.
[٢١٨/١٧] أمالي الطوسي: عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ المَعْرُوفُ بِابْن الْحَمَّامِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَرٍ الْقَاريِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن إِسْمَاعِيلَ بْن يُوسُفَ، عَنْ سَعِيدِ بْن أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن جَعْفَر بْن كَثِيرٍ، عَنْ مُوسَى بْن عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِم بْن ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ (علیه السلام)، أَنَّهُ قَالَ: «لَتُمْلَأنَّ الْأَرْضُ ظُلْماً وَجَوْراً حَتَّى لَا يَقُولَ أَحَدٌ: [اللهُ] إِلَّا مُسْتَخْفِياً، ثُمَّ يَأتِي اللهُ بِقَوْم صَالِحِينَ يَمْلَئُونَهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً»(٦٢٦).
[٢١٩/١٨] كمال الدِّين: أَبِي وَابْنُ الْوَلِيدِ مَعاً، عَنْ سَعْدٍ وَالْحِمْيَريِّ وَمُحَمَّدٍ الْعَطَّار وَأَحْمَدَ بْن إِدْريسَ جَمِيعاً، عَن ابْن أَبِي الْخَطَّابِ وَابْن عِيسَى وَالْبَرْقِيِّ وَابْن هَاشِم جَمِيعاً، عَن ابْن فَضَّالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنيِّ.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْوَلِيدِ، عَن الصَّفَّار وَسَعْدٍ مَعاً، عَن الطَّيَالِسِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْن مُحَمَّدِ(٦٢٧) بْن قَابُوسَ، عَن النَّضْر بْن أَبِي السَّريِّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ المُسْتَرقِّ، عَنْ ثَعْلَبَة، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنيِّ، عَن الْحَارثِ بْن المُغِيرَةِ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ أَمِيرَ المُؤْمِنينَ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٢٦) أمالي الطوسي (ص ٣٨٢/ مجلس ١٣/ ح ٨٢١).
(٦٢٧) في المصدر: (عن منذر بن محمّد) بدل (عن زيد بن محمّد).

↑صفحة ١٩٢↑

عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (علیه السلام)، فَوَجَدْتُهُ مُفَكِّراً(٦٢٨) يَنْكُتُ فِي الْأَرْض، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنينَ، مَا لِي أَرَاكَ مُفَكِّراً تَنْكُتُ فِي الْأَرْض، أَرَغْبَةً(٦٢٩) فِيهَا؟ قَالَ: «لَا، وَاللهِ مَا رَغِبْتُ فِيهَا وَلَا فِي الدُّنْيَا يَوْماً قَطُّ، وَلَكِنِّي فَكَّرْتُ فِي مَوْلُودٍ يَكُونُ مِنْ ظَهْري الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي هُوَ المَهْدِيُّ، يَمْلَؤُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، تَكُونُ لَهُ حَيْرَةٌ وَغَيْبَةٌ يَضِلُّ فِيهَا أَقْوَامٌ وَيَهْتَدِي فِيهَا آخَرُونَ»، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنينَ، وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، كَمَا أَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَأَنَّى لَكَ بِالْعِلْم بِهَذَا الْأَمْر يَا أَصْبَغُ، أُولَئِكَ خِيَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَعَ أَبْرَار هَذِهِ الْعِتْرَةِ»، قُلْتُ: وَمَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «ثُمَّ يَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ، فَإنَّ لَهُ إِرَادَاتٌ وَغَايَاتٌ وَنهَايَاتٌ»(٦٣٠).
الغيبة للطوسي: سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن فضَّال، عن ثعلبة، مثله(٦٣١).
الغيبة للطوسي: عبد الله بن محمّد بن خالد، عن منذر بن محمّد بن قابوس، عن نضر، [عن](٦٣٢) ابن السندي، عن أبي داود، عن ثعلبة، مثله(٦٣٣).
الغيبة للنعماني: الكليني، عن عليِّ بن محمّد، عن البرقي، عن نضر بن محمّد ابن قابوس، عن منصور بن السندي، عن أبي داود، مثله(٦٣٤).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٢٨) في المصدر: (متفكِّراً)، وكذا في ما بعد.
(٦٢٩) في المصدر: (أرغبت).
(٦٣٠) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٢٨٨/ باب ما أخبر به عليٌّ (علیه السلام)/ ح ١).
(٦٣١) الغيبة للطوسي (ص ١٦٤/ ح ١٢٧).
(٦٣٢) من المصدر.
(٦٣٣) الغيبة للطوسي (ص ١٦٤/ ح ١٢٧).
(٦٣٤) الغيبة للنعماني (ص ٦٠).

↑صفحة ١٩٣↑

الاختصاص: ابن قولويه، عن سعد، عن الطيالسي، عن المنذر بن محمّد، عن النضر بن أبي السري، مثله(٦٣٥).
أقول: في هذه الروايات كلِّها سوى رواية الصدوق بعد قوله: «ويهتدي فيها آخرون»: قلت: يا مولاي، فكم تكون الحيرة والغيبة؟ قال: «ستَّة أيَّام، أو ستَّة أشهر، أو ستُّ سنين»، فقلت: وإنَّ هذا الكائن؟... إلى آخر الخبر. وفي الكافي أيضاً كذلك(٦٣٦).
ونكت الأرض بالقضيب هو أنْ يُؤثِّر بطرفه، فعلى هذا المفكِّر: المهموم، وضمير (فيها) راجع إلى الأرض، أي اهتمامك وتفكُّرك لرغبة في الأرض وأنْ تصير مالكاً لها نافذ الحكم فيها، أو هو راجع إلى الخلافة، وربَّما يُحمَل الكلام على المطاية.
ولعلَّ المراد بالحيرة التحيُّر في المساكن، وأنْ يكون في كلِّ زمان في بلدة وناحية، وقيل: المراد حيرة الناس فيه، وهو بعيد.
قوله (علیه السلام): (ستَّة أيَّام...) إلخ، لعلَّه مبنيٌّ على وقوع البداء فيه، ولذا ردَّد (علیه السلام) بين أُمور وأشار إليه في آخر الخبر، ويمكن أنْ يقال: إنَّ السائل سأل عن الغيبة والحيرة معاً، فأجاب (علیه السلام) بأنَّ زمان مجموعهما أحد الأزمنة المذكورة وبعد ذلك تُرفَع الحيرة وتبقى الغيبة، فالترديد باعتبار اختلاف مراتب الحيرة إلى أنْ استقرَّ أمره (علیه السلام) في الغيبة، وقيل: المراد أنَّ آحاد زمان الغيبة هذا المقدار.
(كما أنَّه): أي المهدي (علیه السلام). (مخلوق): أي كما أنَّ وجوده محتوم فكذا غيبته محتوم. (فإنَّ له إرادات): في سائر الروايات: (فإنَّ له بداءات وإرادات)، أي يظهر من الله سبحانه فيه (علیه السلام) أُمور بدائيَّة في امتداد غيبته وزمان ظهوره وإرادات في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٣٥) الاختصاص (ص ٢٠٩)، وفيه: (عن النضر بن السندي).
(٦٣٦) الكافي (ج ١/ ص ٣٣٨).

↑صفحة ١٩٤↑

الإظهار والإخفاء والغيبة والظهور. و(غايات): أي منافع ومصالح فيها. و(نهايات) مختلفة لغيبته وظهوره بحسب ما يظهر للخلق من ذلك بسبب البداء.
[٢٢٠/١٩] كمال الدِّين: ابْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ أَحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ الْفَزَاريِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْن مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ أَبِي هَاشِم، عَنْ فُرَاتِ بْن أَحْنَفَ(٦٣٧)، عَن ابْن طَريفٍ، عَن ابْن نُبَاتَةَ، عَنْ أَمِير المُؤْمِنينَ (علیه السلام) أَنَّهُ ذَكَرَ الْقَائِمَ (علیه السلام) فَقَالَ: «أَمَا لَيَغِيبَنَّ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ: مَا للهِ فِي آلِ مُحَمَّدٍ حَاجَةٌ»(٦٣٨).
كمال الدِّين: الورَّاق، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن إسحاق بن محمّد، [عن أبي هاشم]، عن فرات بن أحنف، عن ابن نباته، مثله(٦٣٩).
[٢٢١/٢٠] كمال الدِّين: ابْنُ إِدْريسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ عَبَّادِ بْن يَعْقُوبَ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ(٦٤٠)، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ يَزيدَ الضَّخْم، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ المُؤْمِنينَ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) يَقُولُ: «كَأَنِّي بِكُمْ تَجُولُونَ جَوَلَانَ النَّعَم تَطْلُبُونَ المَرْعَى فَلَا تَجِدُونَهُ»(٦٤١).
[٢٢٢/٢١] كمال الدِّين: ابْنُ مُوسَى، عَن الْأَسَدِيِّ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْن عَبْدِ الْحَمِيدِ وَعَبْدِ الصَّمَدِ بْن مُحَمَّدٍ مَعاً، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْن حَزَوَّرٍ(٦٤٢)، عَن ابْن نُبَاتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ المُؤْمِنينَ (علیه السلام) يَقُولُ: «صَاحِبُ هَذَا الْأَمْر الشَّريدُ الطَّريدُ الْفَريدُ الْوَحِيدُ»(٦٤٣).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٣٧) في المطبوعة: (ضرار بن أحنف)، والصحيح ما أثبتناه.
(٦٣٨) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣٠٢/ باب ما أخبر به عليٌّ (علیه السلام)/ ح ٩).
(٦٣٩) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣٠٣/ باب ما أخبر به عليٌّ (علیه السلام)/ ح ١٥).
(٦٤٠) في المصدر: (عن الحسن بن حمَّاد) بدل (عن الحسن بن محمّد).
(٦٤١) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣٠٢/ باب ما أخبر به عليٌّ (علیه السلام)/ ح ١٢).
(٦٤٢) في المصدر: (الحزور) بدل (حزوَّر).
(٦٤٣) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣٠٣/ باب ما أخبر به عليٌّ (علیه السلام)/ ح ١٣).

↑صفحة ١٩٥↑

[٢٢٣/٢٢] الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن عَلِيٍّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْن الْحَكَم، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَيَّاشٍ، عَن الْأَعْمَش، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: نَظَرَ أَمِيرُ المُؤْمِنينَ (علیه السلام) إِلَى ابْنِهِ الْحُسَيْن فَقَالَ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ كَمَا سَمَّاهُ [رَسُولُ] اللهِ سَيِّداً، وَسَيُخْرجُ اللهُ مِنْ صُلْبِهِ رَجُلاً بِاسْم نَبِيِّكُمْ، فَيُشْبِهُهُ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ، يَخْرُجُ عَلَى حِين غَفْلَةٍ مِنَ النَّاس، وَإِمَاتَةٍ مِنَ الْحَقِّ، وَإِظْهَارٍ مِنَ الْجَوْر، وَاللهِ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ لَضُربَ عُنُقُهُ، يَفْرَحُ لِخُرُوجِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ وَسُكَّانُهَا، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً...» تَمَامَ الْخَبَر(٦٤٤).
[٢٢٤/٢٣] نهج البلاغة: فِي بَعْض خُطَبِهِ (علیه السلام): «فَلَبِثْتُمْ بَعْدَهُ - يَعْنِي نَفْسَهُ (علیه السلام)(٦٤٥) - مَا شَاءَ اللهُ حَتَّى يُطْلِعَ اللهُ لَكُمْ مَنْ يَجْمَعُكُمْ، وَيَضُمُّ نَشْرَكُمْ...»(٦٤٦) إِلَى آخِر مَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْفِتَن.
وَقَالَ ابْنُ مِيثَم (رحمه الله): قَدْ جَاءَ فِي بَعْض خُطَبِهِ (علیه السلام) مَا يَجْري مَجْرَى الشَّرْح لِهَذَا الْوَعْدِ، قَالَ (علیه السلام): «اعْلَمُوا عِلْماً يَقِيناً أَنَّ الَّذِي يَسْتَقْبِلُ قَائِمَنَا مِنْ أَمْر جَاهِلِيَّتِكُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأُمَّةَ كُلَّهَا يَوْمَئِذٍ جَاهِلِيَّةٌ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ، فَلَا تَعْجَلُوا فَيَعْجَلَ الْخَوْفُ بِكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الرِّفْقَ يُمْنٌ، وَالْأَنَاةَ رَاحَةٌ وَبَقَاءٌ، وَالْإمَامَ أَعْلَمُ بِمَا يُنْكَرُ وَيُعْرَفُ، لَيَنْزعَنَّ عَنْكُمْ قُضَاةَ السَّوْءِ، وَلَيَقْبِضَنَّ عَنْكُمُ المُرَاضِينَ، وَلَيَعْزلَنَّ عَنْكُمْ أُمَرَاءَ الْجَوْر، وَلَيُطَهِّرَنَّ الْأَرْضَ مِنْ كُلِّ غَاشٍّ، وَلَيَعْمَلَنَّ بِالْعَدْلِ، وَلَيَقُومَنَّ فِيكُمْ بِالْقِسْطَاس المُسْتَقِيم، وَلَيَتَمَنَّيَنَّ أَحْيَاؤُكُمْ رَجْعَةَ الْكَرَّةِ عَمَّا قَلِيلٍ، فَتَعَيَّشُوا إِذَنْ فَإنَّ ذَلِكَ كَائِنٌ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٤٤) الغيبة للطوسي (ص ١٨٩/ ح ١٥٢).
(٦٤٥) عبارة: (يعني نفسه (علیه السلام)) ليست في المصدر.
(٦٤٦) نهج البلاغة (ص ١٤٥/ الخطبة ١٠٠).

↑صفحة ١٩٦↑

اللهَ أَنْتُمْ بِأَحْلَامِكُمْ، كُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ، وَكُونُوا مِنْ وَرَاءِ مَعَايِشِكُمْ فَإنَّ الْحِرْمَانَ سَيَصِلُ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ صَبَرْتُمْ وَاحْتَسَبْتُمْ وَاسْتَيْقَنْتُمْ أَنَّهُ طَالِبٌ وَتَرَكُمْ وَمُدْركٌ آثَارَكُمْ وَآخِذٌ بِحَقِّكُمْ، وَأُقْسِمُ بِاللهِ قَسَماً حَقًّا إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ».
أَقُولُ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْح خُطْبَةٍ أَوْرَدَهَا السَّيِّدُ الرَّضِيُّ فِي نَهْج الْبَلاَغَةِ، وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ذِكْر بَنِي أُمَيَّةَ: هَذِهِ الْخُطْبَةُ ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ السِّيَر، وَهِيَ مُتَدَاولَةٌ مَنْقُولَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ، وَفِيهَا أَلْفَاظٌ لَمْ يُوردْهَا الرَّضِيُّ.
ثُمَّ قَالَ: وَمِنْهَا: «فَانْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ فَإنْ لَبَدُوا فَالْبَدُوا وَإِنْ اسْتَنْصَرُوكُمْ فَانْصُرُوهُمْ، لَيَفْرجَنَّ(٦٤٧) اللهُ بِرَجُلٍ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، بِأَبِي ابْن خِيَرَةِ الْإمَاءِ، لَا يُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ هَرْجاً هَرْجاً، مَوْضُوعاً عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةً(٦٤٨)، حَتَّى تَقُولَ قُرَيْشٌ: لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ لَرَحِمَنَا، فَيُغْريهِ اللهُ بِبَني أُمَيَّةَ حَتَّى يَجْعَلَهُمْ حُطَاماً وَرُفَاتاً، ﴿مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً﴾ [الأحزاب: ٦١ و٦٢]»(٦٤٩).
ثُمَّ قال ابن أبي الحديد: فإنْ قيل: من هذا الرجل الموعود؟ قيل: أمَّا الإماميَّة فيزعمون أنَّه إمامهم الثاني عشر وأنَّه ابن أَمَة اسمها نرجس، وأمَّا أصحابنا فيزعمون أنَّه فاطمي يُولَد في مستقبل الزمان لأُمِّ ولد وليس بموجود الآن.
فإنْ قيل: فمن يكون من بني أُميَّة في ذلك الوقت موجوداً حتَّى يقول (علیه السلام) في أمرهم ما قال من انتقام هذا الرجل منهم؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٤٧) في المصدر: (فليفرِّجنَّ).
(٦٤٨) في المصدر: (ثمانية أشهر).
(٦٤٩) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج ٧/ ص ٥٨).

↑صفحة ١٩٧↑

قيل: أمَّا الإماميَّة فيقولون بالرجعة ويزعمون أنَّه سيعاد قوم بأعيانهم من بني أُميَّة وغيرهم إذا ظهر إمامهم المنتظر، وأنَّه يقطع أيدي أقوام وأرجلهم ويسمل عيون بعضهم ويصلب قوماً آخرين وينتقم من أعداء آل محمّد (عليهم السلام) المتقدِّمين والمتأخِّرين.
وأمَّا أصحابنا فيزعمون أنَّه سيخلق الله تعالى في آخر الزمان رجلاً من ولد فاطمة (عليها السلام) ليس موجوداً الآن وينتقم به(٦٥٠)، وأنَّه يملأ الأرض عدلاً كما مُلِئَت جوراً وظلماً(٦٥١) من الظالمين، وينكل بهم أشدّ النكال، وأنَّه لأُمِّ ولد كما قد ورد في هذا الأثر وفي غيره من الآثار، وأنَّ اسمه(٦٥٢) كاسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأنَّه يظهر بعد أنْ يستولي على كثير من الإسلام ملك من أعقاب بني أُميَّة وهو السفياني الموعود به في الصحيح(٦٥٣) من ولد أبي سفيان بن حرب بن أُميَّة، وأنَّ الإمام الفاطمي يقتله وأشياعه(٦٥٤) من بني أُميَّة وغيرهم، وحينئذٍ ينزل المسيح (علیه السلام) من السماء، وتبدو أشراط الساعة، وتظهر دابَّة الأرض، ويبطل التكليف، ويتحقَّق قيام الأجساد عند نفخ الصور كما نطق به الكتاب العزيز(٦٥٥).
[٢٢٥/٢٤] الكافي: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ، عَنْ جَعْفَر بْن عَبْدِ اللهِ المُحَمَّدِيِّ، عَنْ أَبِي رَوْح فَرَج بْن قُرَّةَ، عَنْ جَعْفَر بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْن صَدَقَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (علیه السلام)، قَالَ: «خَطَبَ أَمِيرُ المُؤْمِنينَ (علیه السلام)، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَقْصِمْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٥٠) عبارة: (وينتقم به) ليست في المصدر.
(٦٥١) في المصدر إضافة: (وينتقم).
(٦٥٢) في المصدر إضافة: (محمّد).
(٦٥٣) في المصدر: (في الخبر الصحيح).
(٦٥٤) في المصدر: (يقتله ويقتل أشياعه).
(٦٥٥) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج ٧/ ص ٥٩).

↑صفحة ١٩٨↑

جَبَّاري دَهْرٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ تَمْهِيلٍ وَرَخَاءٍ، وَلَمْ يَجْبُرْ كَسْرَ عَظْم [مِنَ](٦٥٦) الْأُمَم إِلَّا بَعْدَ أَزْلٍ وَبَلَاءٍ، أَيُّهَا النَّاسُ فِي دُون مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ عَطْبٍ وَاسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ خَطْبٍ مُعْتَبَرٌ، وَمَا كُلُّ ذِي قَلْبٍ بِلَبِيبٍ، وَلَا كُلُّ ذِي سَمْع بِسَمِيع، وَلَا كُلُّ ذِي نَاظِر عَيْنٍ بِبَصِيرٍ، عِبَادَ اللهِ أَحْسِنُوا فِيمَا يُعِينُكُمُ النَّظَرُ فِيهِ، ثُمَّ انْظُرُوا إِلَى عَرَصَاتِ مَنْ قَدْ أَقَادَهُ اللهُ بِعِلْمِهِ، كَانُوا عَلَى سُنَّةٍ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ أَهْل جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوع وَمَقام كَريم، ثُمَّ انْظُرُوا بِمَا خَتَمَ اللهُ لَهُمْ بَعْدَ النَّظْرَةِ وَالسُّرُور وَالْأَمْر وَالنَّهْي، وَلِمَنْ صَبَرَ مِنْكُمُ الْعَاقِبَةُ فِي الْجِنَان وَاللهِ مُخَلَّدُونَ، وَللهِ عاقِبَةُ الْأُمُور.
فَيَا عَجَبَا، وَمَا لِي لَا أعْجَبُ مِنْ خَطَاءِ هَذِهِ الْفِرَقِ عَلَى اخْتِلَافِ حُجَجِهَا فِي دِينهَا، لَا يَقْتَفُونَ(٦٥٧) أَثَرَ نَبِيٍّ، وَلَا يَعْتَدُّونَ(٦٥٨) بِعَمَل وَصِيٍّ، وَلَا يُؤْمِنُونَ بِغَيْبٍ، وَلَا يَعِفُّونَ عَنْ عَيْبٍ، المَعْرُوفُ فِيهِمْ مَا عَرَفُوا، وَالمُنْكَرُ عِنْدَهُمْ مَا أَنْكَرُوا، وَكُلُّ امْرئٍ مِنْهُمْ إِمَامُ نَفْسِهِ آخِذٌ مِنْهَا فِيمَا يَرَى بِعُرًى وَثِيقَاتٍ وَأَسْبَابٍ مُحْكَمَاتٍ، فَلَا يَزَالُونَ بِجَوْرٍ، وَلَنْ يَزْدَادُوا إِلَّا خَطَأً، لَا يَنَالُونَ تَقَرُّباً، وَلَنْ يَزْدَادُوا إِلَّا بُعْداً مِنَ اللهِ (عزَّ وجلَّ)، أُنْسُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ وَتَصْدِيقُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، كُلُّ ذَلِكَ وَحْشَةً مِمَّا وَرَّثَ النَّبِيُّ(٦٥٩) (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَنُفُوراً مِمَّا أَدَّى إِلَيْهِمْ مِنْ أَخْبَار فَاطِر السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض.
أَهْلُ حَسَرَاتٍ، وَكُهُوفُ شُبُهَاتٍ، وَأَهْلُ عَشَوَاتٍ، وَضَلَالَةٍ وَريبَةٍ، مَنْ وَكَلَهُ اللهُ إِلَى نَفْسِهِ وَرَأيِهِ فَهُوَ مَأمُونٌ عِنْدَ مَنْ يَجْهَلُهُ غَيْرُ المُتَّهَم عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرفُهُ، فَمَا أَشْبَهَ هَؤُلَاءِ بِأَنْعَام قَدْ غَابَ عَنْهَا رعَاؤُهَا.
وَوَا أَسَفَا مِنْ فَعَلَاتِ شِيعَتِنَا(٦٦٠) مِنْ بَعْدِ قُرْبِ مَوَدَّتِهَا الْيَوْمَ، كَيْفَ يَسْتَذِلُّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٥٦) من المصدر.
(٦٥٧) في المصدر: (يقتصون) بدل (يقتفون).
(٦٥٨) في المصدر: (ولا يقتدون) بدل (ولا يعتدُّون).
(٦٥٩) في المصدر إضافة: (الأُمِّي).
(٦٦٠) في المصدر: (شيعتي).

↑صفحة ١٩٩↑

بَعْدِي بَعْضُهَا بَعْضاً، وَكَيْفَ يَقْتُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً، المُتَشَتِّتَةُ غَداً عَن الْأَصْل النَّازِلَةُ بِالْفَرْع، المُؤَمِّلَةُ الْفَتْحَ مِنْ غَيْر جِهَتِهِ، كُلُّ حِزْبٍ مِنْهُمْ آخِذٌ مِنْهُ بِغُصْنٍ أَيْنَمَا مَالَ الْغُصْنُ مَالَ مَعَهُ، مَعَ أَنَّ اللهَ وَلَهُ الْحَمْدُ سَيَجْمَعُ هَؤُلَاءِ لِشَرِّ يَوْم لِبَني أُمَيَّةَ كَمَا يَجْمَعُ قَزَعَ الْخَريفِ، يُؤَلِّفُ اللهُ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يَجْعَلُهُمْ رُكَاماً كَرُكَام السَّحَابِ، ثُمَّ يَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَاباً يَسِيلُونَ مِنْ مُسْتَثَارهِمْ كَسَيْل الْجَنَّتَيْن سَيْلَ الْعَرم حَيْثُ نَقَبَ(٦٦١) عَلَيْهِ فَأرَةٌ فَلَمْ تَثْبُتْ عَلَيْهِ أَكَمَةٌ وَلَمْ يَرُدَّ سَنَنَهُ رَصُّ(٦٦٢) طَوْدٍ، يُذَعْذِعُهُمُ(٦٦٣) اللهُ فِي بُطُون أَوْدِيَةٍ، ثُمَّ يَسْلُكُهُمْ يَنابِيعَ فِي الْأَرْض، يَأخُذُ بِهِمْ مِنْ قَوْم حُقُوقَ قَوْم، وَيُمَكِّنُ بِهِمْ قَوْماً فِي دِيَار قَوْم، تَشْريداً لِبَني أُمَيَّةَ، وَلِكَيْ لَا يَغْتَصِبُوا مَا غَصَبُوا، يُضَعْضِعُ اللهُ بِهِمْ رُكْناً، وَيَنْقُضُ بِهِمْ طَيَّ الْجَنَادِلِ مِنْ إِرَمَ، وَيَمْلَأُ مِنْهُمْ بُطْنَانَ الزَّيْتُون.
فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَيَكُونَنَّ ذَلِكَ، وَكَأَنِّي أَسْمَعُ صَهِيلَ خَيْلِهِمْ وَطَمْطَمَةَ رجَالِهِمْ، وَايْمُ اللهِ لَيَذُوبَنَّ مَا فِي أَيْدِيهِمْ بَعْدَ الْعُلُوِّ وَالتَّمْكِين فِي الْبِلَادِ كَمَا تَذُوبُ الْأَلْيَةُ عَلَى النَّار، مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ مَاتَ ضَالّاً، وَإِلَى اللهِ (عزَّ وجلَّ) يُفْضِي مِنْهُمْ مَنْ دَرَجَ، وَيَتُوبُ اللهُ (عزَّ وجلَّ) عَلَى مَنْ تَابَ، وَلَعَلَّ اللهَ يَجْمَعُ شِيعَتِي بَعْدَ التَّشَتُّتِ لِشَرِّ يَوْم لِهَؤُلَاءِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى اللهِ عَزَّ ذِكْرُهُ الْخِيَرَةُ، بَلْ للهِ الْخِيَرَةُ وَالْأَمْرُ جَمِيعاً.
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ المُنْتَحِلِينَ لِلْإمَامَةِ مِنْ غَيْر أَهْلِهَا كَثِيرٌ، وَلَوْ لَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ مُرِّ الْحَقِّ، وَلَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِين الْبَاطِل، لَمْ يَتَشَجَّعْ عَلَيْكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ، وَلَمْ يَقْوَ مَنْ قَويَ عَلَيْكُمْ عَلَى هَضْم الطَّاعَةِ وَإِزْوَائِهَا عَنْ أَهْلِهَا، لَكِنْ تِهْتُمْ كَمَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى عَهْدِ مُوسَى (علیه السلام).
وَلَعَمْري لَيُضَاعَفَنَّ عَلَيْكُمُ التَّيْهُ مِنْ بَعْدِي أَضْعَافَ مَا تَاهَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٦١) في المصدر: (بعث).
(٦٦٢) في المصدر: (رضَّ).
(٦٦٣) في المصدر: (يذعذعهم).

↑صفحة ٢٠٠↑

وَلَعَمْري أَنْ لَوْ قَدِ اسْتَكْمَلْتُمْ مِنْ بَعْدِي مُدَّةَ سُلْطَان بَني أُمَيَّةَ لَقَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى سُلْطَان الدَّاعِي إِلَى الضَّلَالَةِ وَأَحْيَيْتُمُ الْبَاطِلَ وَأَخْلَفْتُمُ الْحَقَّ وَرَاءَ ظُهُوركُمْ، وَقَطَعْتُمُ الْأَدْنَى مِنْ أَهْل بَدْرٍ وَوَصَلْتُمُ الْأَبْعَدَ مِنْ أَبْنَاءِ الْحَرْبِ لِرَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَلَعَمْري أنْ لَوْ قَدْ ذَابَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ لَدَنَا التَّمْحِيصُ لِلْجَزَاءِ وَقَرُبَ الْوَعْدُ وَانْقَضَتِ المُدَّةُ، وَبَدَا لَكُمُ النَّجْمُ ذُو الذَّنَبِ مِنْ قِبَل المَشْرقِ، وَلَاحَ لَكُمُ الْقَمَرُ المُنِيرُ، فَإذَا كَانَ ذَلِكَ فَرَاجِعُوا التَّوْبَةَ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنْ اتَّبَعْتُمْ طَالِعَ المَشْرقِ سَلَكَ بِكُمْ مِنْهَاجَ(٦٦٤) الرَّسُولِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَتَدَاوَيْتُمْ مِنَ الْعَمَى وَالصَّمَم وَالْبَكَم، وَكُفِيتُمْ مَئُونَةَ الطَّلَبِ وَالتَّعَسُّفِ، وَنَبَذْتُمُ الثِّقَلَ الْفَادِح عَن الْأَعْنَاقِ، وَلَا يُبَعِّدُ اللهُ إِلَّا مَنْ أَبَى وَظَلَمَ وَاعْتَسَفَ وَأَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٧]»(٦٦٥).
بيان: الأزل: الضيق والشدَّة. والخطب: الشأن والأمر. ويحتمل أنْ يكون المراد بما استدبروه ما وقع في زمن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من استيلاء الكفرة أوَّلاً وغلبة الحقِّ وأهله ثانياً. وبما استقبلوه ما ورد عليهم بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من أشباهها ونظائرها من استيلاء المنافقين على أمير المؤمنين (علیه السلام) ثُمَّ رجوع الدولة إليه بعد ذلك فإنَّ الحالتين متطابقتان. ويحتمل أنْ يكون المراد بهما شيئاً واحداً وإنَّما يستقبل قبل وروده ويستدبر بعد مضيِّه، والمقصود التفكُّر في انقلاب أحوال الدنيا وسرعة زوالها وكثرة الفتن فيها فتدعو إلى تركها والزهد فيها. ويحتمل على بعد أنْ يكون المراد بما يستقبلونه ما هو أمامهم من أحوال البرزخ وأهوال القيامة وعذاب الآخرة، وبما استدبروه ما مضى من أيَّام عمرهم وما ظهر لهم ممَّا هو محلٌّ للعبرة فيها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٦٤) في المصدر: (مناهج).
(٦٦٥) روضة الكافي (ص ٦٣/ ح ٢٢).

↑صفحة ٢٠١↑

(بلبيب): أي عاقل. (بسميع): أي يفهم الحقَّ ويُؤثِّر فيه. (ببصير): أي يبصر الحقَّ ويعتبر بما يرى وينتفع بما يشاهد. (فيما يعنيكم): أي يهمُّكم وينفعكم، وفي بعض النُّسَخ: يغنيكم. (والنظر فيه) الظاهر أنَّه بدل اشتمال لقوله: (فيما يعنيكم)، ويحتمل أنْ يكون فاعلاً لقوله: (يعنيكم) بتقدير النظر قبل الظرف أيضاً.
(من قد أقاده الله) يقال: أقاده خيلاً، أي أعطاه ليقودها. ولعلَّ المعنى من مكَّنه الله من الملك بأنْ خلَّى بينه وبين اختياره ولم يمسك يده عمَّا أراده. (بعلمه): أي بما يقتضيه علمه وحكمته من عدم إجبارهم على الطاعات. ويحتمل أنْ يكون من القود والقصاص، ويُؤيِّده أنَّ في بعض النُّسَخ: بعمله، فالضمير راجع إلى الموصول. (على سُنَّة): أي طريقة وحالة مشبهة ومأخوذة. (من آل فرعون) من الظلم والكفر والطغيان، أو من الرفاهيَّة والنعمة، كما قال: (أهل جنَّات)، فعلى الأوَّل حال، وعلى الثاني بدل من قوله: (على سُنَّة)، أو عطف بيان له. (بما ختم الله): الباء بمعنى (في)، أو (إلى)، أو زائدة. والنضرة: الحسن والرونق.
وقوله (علیه السلام): (مخلَّدون) خبر لمبتدأ محذوف، والجملة مبيِّنة ومؤكِّدة للسابقة، أي هم والله مخلَّدون في الجنان. (ولله عاقبة الأُمور): أي مرجعها إلى حكمه كما قيل، أو عاقبة الملك والدولة والعزِّ لله ولمن طلب رضاه كما هو الأنسب بالمقام. (فيا عجبا) بغير تنوين، وأصله: يا عجبي، ثُمَّ قلبوا الياء ألفاً، فإنْ وقفت قلت: يا عجباه، أي يا عجبي أقبل هذا أوانك، أو بالتنوين أي يا قوم اعجبوا عجباً أو أعجب عجباً، والأوَّل أشهر وأظهر. (في دينها) الظرف متعلِّق بالاختلاف، أو بالخطاء، أو بهما على التنازع. (بغيب): أي بأمر غائب عن الحسِّ ممَّا أخبر به النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الجنَّة والنار وغيرهما. (ولا يعفون) بكسر العين وتشديد الفاء من العفَّة والكفِّ، أو بسكون العين وتخفيف الفاء من العفو أي عن عيوب الناس.

↑صفحة ٢٠٢↑

(المعروف...) إلخ، أي المعروف والخير عندهم ما يعدُّونه معروفاً ويستحسنونه بعقولهم الناقصة وإنْ كان منكراً في نفس الأمر، أو المعنى أنَّ المعروف والمنكر تابعان لإرادتهم وميول طبائعهم وشهواتهم فما اشتهته أنفسهم وإنْ أنكرته الشريعة فهو المعروف عندهم. (بعرى وثيقات): أي يظنُّون أنَّهم تمسَّكوا بدلائل وبراهين فيما يدَّعون من الأُمور الباطلة.
(وأسباب محكمات): أي يزعمون أنَّهم تعلَّقوا بوسائل محكمة فيمن يتوسَّلون بهم من أئمَّة الجور. (أنس بعضهم) على الفعل أو المصدر، والثاني أظهر. (وحشة): أي يفعلون كلَّ ذلك لوحشتهم ونفورهم عن العلوم التي ورثها النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أهل بيته. (أهل حسرات) بعد الموت وفي القيامة وفي النار. (وكهوف شُبُهات) أي تأوي إليهم الشُّبُهات لأنَّهم يقبلون إليها ويفتتنون بها، وفي بعض النُّسَخ: وكفر وشُبُهات، فيكونان معطوفين على حسرات.
وقال الجوهري: العشوة أنْ يركب أمراً على غير بيان، ويقال: أخذت عليهم بالعشوة، أي بالسواد من الليل(٦٦٦). (فهو مأمون) خبر للموصول، والمعنى أنَّ حسن ظنِّ الناس والعوامِّ بهم إنَّما هو لجهلهم بضلالتهم وجهالتهم، ويحتمل أنْ يكون المراد بالموصول أئمَّة من قد ذمَّهم سابقاً لا أنفسهم. (من فعلات شيعتي): أي من يتبعني اليوم ظاهراً. و(اليوم) ظرف للقرب. (المتشتِّتة): أي هم الذين يتفرَّقون عن أئمَّة الحقِّ ولا ينصرونهم ويتعلَّقون بالفروع التي لا ينفع التعلُّق بها بدون التشبُّث بالأصل كاتِّباعهم المختار وأبا مسلم وزيداً وأضرابهم بعد تفرُّقهم عن الأئمَّة (عليهم السلام). (من غير جهته): أي من غير الجهة التي يُرجى منها الفتح، أو من غير الجهة التي أُمروا بالاستفتاح منها، فإنَّ خروجهم بغير إذن الإمام كان معصية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٦٦) الصحاح (ج ٤/ ص ٢٤٢٧).

↑صفحة ٢٠٣↑

(لشرِّ يوم) إشارة إلى اجتماعهم على أبي مسلم لدفع بني أُميَّة، وقد فعلوا لكن سلَّطوا على أئمَّة الحقِّ من هو شرٌّ منهم. وقال الجزري: وفي حديث عليٍّ: (فيجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف) أي قطع السحاب المتفرِّقة، وإنَّما خصَّ الخريف لأنَّه أوَّل الشتاء والسحاب يكون فيه متفرِّقاً غير متراكم ولا مطبق ثُمَّ يجتمع بعضه إلى بعض بعد ذلك(٦٦٧). وقال: الركام، السحاب المتراكم بعضه فوق بعض(٦٦٨).
أقول: نسبة الجمع إليه تعالى مجاز، لعدم منعهم عنه وتمكينهم من أسبابه وتركهم واختيارهم. (ثُمَّ يفتح لهم) فتح الأبواب كناية عمَّا هيّئ لهم من أسبابهم وإصابة تدبيراتهم واجتماعهم وعدم تخاذلهم.
والمستثار: موضع ثورانهم وهيجانهم. ثُمَّ شبَّه (علیه السلام) تسليط هذا الجيش عليهم بسوء أعمالهم بما سلَّط الله على أهل سبأ بعد إتمام النعمة عليهم لكفرانهم، وإنَّما سُمِّي ذلك بسيل العرم لصعوبته، أي سيل الأمر العرم أي الصعب، أو المراد بالعرم المطر الشديد أو الجرذ، أضاف إليه لأنَّه نقب عليهم سدًّا ضربت لهم بلقيس، وقيل: اسم لذلك السدِّ. وقد مرَّت القصَّة في كتاب النبوَّة.
والضمير في (عليه) إمَّا راجع إلى السيل فـ(على) تعليليَّة، أو إلى العرم إذا فُسِّر بالسدِّ. وفي بعض النُّسَخ: بعث، وفي بعضها: نقب بالنون والقاف والباء الموحَّدة. فقوله: (فأرة) مرفوع بالفاعليَّة. وفي النهج: (كسيل الجنَّتين حيث لم تسلم عليه قارة ولم تثبت له أكمة)(٦٦٩)، والقارة الجبل الصغير، والأكمة هي الموضع الذي يكون أشدّ ارتفاعاً ممَّا حوله وهو غليظ لا يبلغ أنْ يكون حجراً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٦٧) النهاية (ج ٤/ ص ٥٩).
(٦٦٨) النهاية (ج ٢/ ص ٢٦٠).
(٦٦٩) نهج البلاغة (ص ٢٤١/ الخطبة ١٦٦).

↑صفحة ٢٠٤↑

 والحاصل بيان شدَّة السيل المشبَّه به بأنَّه أحاط بالجبال وذهب بالتلال ولم يمنعه شيء. والسَّنَن: الطريق. والرص: التصاق الأجزاء بعضها ببعض. والطود: الجبل، أي لم يرد طريقه طود مرصوص.
ولـمَّا بيَّن (علیه السلام) شدَّة المشبَّه به أخذ في بيان شدَّة المشبَّه فقال: (يذعذعهم الله): أي يُفرِّقهم في السُّبُل متوجِّهين إلى البلاد. (ثُمَّ يسلكهم ينابيع في الأرض) من ألفاظ القرآن أي كما أنَّ الله تعالى يُنزِل الماء من السماء فيسكن في أعماق الأرض ثُمَّ يُظهِره ينابيع إلى ظاهرها، كذلك هؤلاء يُفرِّقهم الله في بطون الأودية وغوامض الأغوار ثُمَّ يُظهِرهم بعد الاختفاء، كذا ذكره ابن أبي الحديد(٦٧٠). والأظهر عندي أنَّه بيان لاستيلائهم على البلاد وتفرُّقهم فيها وتيسُّر أعوانهم من سائر الفِرَق، فكما أنَّ مياه الأنهار ووفورها توجب وفور مياه العيون والآبار فكذلك يظهر أثر هؤلاء في كلِّ البلاد وتكثر أعوانهم في جميع الأقطار، وكلُّ ذلك ترشيح لما سبق من التشبيه. (يأخذهم من قوم): أي بني أُميَّة. (حقوق قوم): أي أهل بيت (عليهم السلام) للانتقام من أعدائهم وإنْ لم يصل الحقُّ إليهم. (ويُمكِّن من قوم): أي بني العبَّاس. (لديار قوم): أي بني أُميَّة، وفي بعض النُّسَخ: ويُمكِّن بهم قوماً في ديار قوم، وفي النهج: ويُمكِّن لقوم في ديار قوم، والمآل في الكلِّ واحد. (تشريداً لبني أُميَّة) التشريد التفريق والطرد. والاغتصاب: الغصب. ولعلَّ المعنى أنَّ الغرض من استيلاء هؤلاء ليس إلَّا تفريق بني أُميَّة ودفع ظلمهم.
وقال الفيروزآبادي: ضعضعه هدمه حتَّى الأرض(٦٧١). والجنادل: جمع جندل، وهو ما يقلُّه الرجل من الحجارة، أي يهدم الله بهم ركناً وثيقاً هو أساس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٧٠) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج ٩/ ص ٢٨٥).
(٦٧١) القاموس المحيط (ج ٣/ ص ٥٨).

↑صفحة ٢٠٥↑

دولة بني أُميَّة وينقض بهم الأبنية التي طُويت وبُنيت بالجنادل والأحجار من بلاد إرم وهي دمشق والشام، إذ كان مستقرُّ ملكهم في أكثر زمانهم تلك البلاد لاسيَّما في زمانه (علیه السلام).
وقال الجزري: (فيه ينادي منادٍ من بطنان العرش): أي من وسطه، وقيل: من أصله، وقيل: البطنان جمع بطن وهو الغامض من الأرض، يريد من دواخل العرش(٦٧٢).
وقال الفيروزآبادي: الزيتون: مسجد دمشق أو جبال الشام وبلد بالصين(٦٧٣). والمعنى أنَّ الله يملأ منهم وسط مسجد دمشق أو دواخل جبال الشام، والغرض بيان استيلاء هؤلاء القوم على بني أُميَّة في وسط ديارهم والظفر عليهم في محلِّ استقرارهم وأنَّه لا ينفعهم بناء ولا حصن في التحرُّز عنهم.
و(طمطمة رجالهم): الطمطمة اللغة العجميَّة، ورجل طمطمي في لسانه عجمة. وأشار (علیه السلام) بذلك إلى أنَّ أكثر عسكرهم من العجم، لأنَّ عسكر أبي مسلم كان من خراسان. (وأيم الله ليذوبنَّ) الظاهر أنَّ هذا أيضاً من تتمَّة بيان انقراض ملك بني أُميَّة وسرعة زواله، ويحتمل أنْ يكون إشارة إلى انقراض هؤلاء الغالبين من بني العبَّاس. (وإلى الله (عزَّ وجلَّ) يُقضى) من القضاء بمعنى المحاكمة، أو الإنهاء والإيصال كما في قوله تعالى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ﴾ [الحجر: ٦٦]، وفي بعض النُّسَخ: يُفضي بالفاء، أي يوصل. ودرج الرجل: أي مشى، ودرج أيضاً بمعنى مات، ويقال: درج القوم أي انقرضوا. والظاهر أنَّ المراد به هنا الموت، أي من مات مات ضالّاً وأمره إلى الله يُعذِّبه كيف يشاء. ويحتمل أنْ يكون بمعنى المشي، أي من بقي منهم فعاقبته الفناء والله يقضي فيه بعلمه. (ولعلَّ الله يجمع) إشارة إلى زمن القائم (علیه السلام).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٧٢) النهاية (ج ١/ ص ١٣٧).
(٦٧٣) القاموس المحيط (ج ١/ ص ١٥٤).

↑صفحة ٢٠٦↑

(وليس لأحد على الله عزَّ ذكره الخيرة): أي ليس لأحد من الخلق أنْ يشير بأمر على الله أنَّ هذا خير ينبغي أنْ تفعله، بل له أنْ يختار من الأُمور ما يشاء بعلمه، وله الأمر بما يشاء في جميع الأشياء. (عن مُرِّ الحقِّ): أي الحقّ الذي هو مُرٌّ أو خالص الحقِّ فإنَّه مُرٌّ واتِّباعه صعب، وفي النهج: عن نصر الحقِّ. والهضم: الكسر، وروي: الشيء عنه، أي صرفه ونحَّاه. ولم أطَّلع على الإزواء فيما عندي من كُتُب اللغة، وكفى بالخطبة شاهداً على أنَّه ورد بهذا المعنى.
(كما تاهت بنو إسرائيل): أي خارج المصر أربعين سنة ليس لهم مخرج بسبب عصيانهم وتركهم الجهاد، فكذا أصحابه (علیه السلام) تحيَّروا في أديانهم وأعمالهم لـمَّا لم ينصروه ولم يعينوه على عدوِّه، كَمَا رُويَ عَن النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَنَّهُ قَالَ: «لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْل بِالنَّعْل وَالْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ»(٦٧٤).
(أضعاف ما تاهت) يحتمل أنْ يكون المراد بالمشبَّه به هنا تحيُّر قوم موسى بعده في دينهم، ويحتمل أنْ يكون المراد التحيُّر السابق، وعلى التقديرين إمَّا المراد المضاعفة بحسب الشدَّة وكثرة الحيرة، أو بحسب الزمان فإنَّ حيرتهم كان إلى أربعين سنة وهذه الأُمَّة إلى الآن متحيِّرون تائهون في أديانهم وأحكامهم. (الداعي إلى الضلالة): أي الداعي إلى بني العبَّاس. (وقطعتم الأدنى من أهل بدر): أي الأدنين إلى النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نسباً الناصرين له في غزوة بدر، وهي أعزّ غزوات الإسلام، يعني نفسه وأولاده (عليهم السلام). (ووصلتم الأبعد): أي أولاد العبَّاس فإنَّهم كانوا أبعد نسباً من أهل البيت (عليهم السلام)، وكان جدُّهم عبَّاس ممَّن حارب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في غزوة بدر حتَّى أُسِرَ. (ما في أيديهم): أي ملك بني العبَّاس. (لدنا التمحيص للجزاء): أي قرب قيام القائم، والتمحيص الابتلاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٧٤) تفسير القمِّي (ج ٢/ ص ٤١٣)؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج ٩/ ص ٢٨٦).

↑صفحة ٢٠٧↑

والاختبار، أي يبتلي الناس ويمتحنون بقيامه (علیه السلام)، ليخزي الكافرين ويُعذِّبهم في الدنيا قبل نزول عذاب الآخرة بهم. ويمكن أنْ يكون المراد تمحيص جميع الخلق لجزائهم في الآخرة إنْ خيراً فخيراً وإنْ شرًّا فشرًّا. (وقرب الوعد): أي وعد الفرج. (وانقضت المدَّة): أي قرب انقضاء دولة أهل الباطل.
(وبدا لكم النجم) هذا من علامات ظهور القائم (علیه السلام) كما سيأتي، وقيل: إنَّه إشارة إلى ما ظهر في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة هجريَّة والشمس في أوائل الميزان بقرب الإكليل الشمالي كانت تطلع وتغيب معه لا تفارقه ثُمَّ بعد مدَّة ظهر أنَّ لها حركة خاصَّة بطيئة فيما بين المغرب والشمال وكان يصغر جرمها ويضعف ضوؤها بالتدريج حتَّى انمحت بعد ثمانية أشهر تقريباً وقد بعدت عن الإكليل في الجهة المذكورة قدر رمح، لكن قوله (علیه السلام): (من قِبَل المشرق) يأبى عنه إلَّا بتكلُّف. وقد ظهر في زماننا في سنة خمس وسبعين وألف ذو ذؤابة ما بين القبلة والمشرق، وكان له طلوع وغروب، وكانت له حركة خاصَّة سريعة عجيبة على التوالي، لكن لا على نسق ونظام معلوم، ثُمَّ غاب بعد شهرين تقريباً، كان يظهر أوَّل الليل من جانب المشرق وقد ضعف حتَّى انمحى بعد شهر تقريباً، وتطبيقه على هذا يحتاج إلى تكلُّفين كما لا يخفى. (ولاح لكم القمر المنير) الظاهر أنَّه استعارة للقائم (علیه السلام)، ويُؤيِّده ما مرَّ بسند آخر: (وأشرق لكم قمركم). ويحتمل أنْ يكون من علامات قيامه (علیه السلام) ظهور قمر آخر أو شيء شبيه بالقمر.
(إنْ اتَّبعتم طالع المشرق): أي القائم (علیه السلام)، وذكر المشرق إمَّا لترشيح الاستعارة السابقة، أو لأنَّ ظهوره (علیه السلام) من مكَّة وهي شرقيَّة بالنسبة إلى المدينة، أو لأنَّ اجتماع العساكر عليه وتوجُّهه (علیه السلام) إلى فتح البلاد إنَّما يكون من الكوفة وهي شرقيَّة بالنسبة إلى الحرمين. وكونه إشارة إلى السلطان إسماعيل أنار الله برهانه بعيد. (والتعسُّف): أي لا تحتاجون في زمانه (علیه السلام) إلى طلب الرزق

↑صفحة ٢٠٨↑

والظلم على الناس لأخذ أموالهم. (ونبذتهم الثقل الفادح): أي الديون المثقلة ومظالم العباد، أو إطاعة أهل الجور وظلمهم. (ولا يبعد الله): أي في ذلك الزمان أو مطلقاً. (إلَّا من أبى) أي عن طاعته (علیه السلام) أو طاعة الله. و(ظلم): أي نفسه أو الناس. (واعتسف): أي مال عن طريق الحقِّ أو ظلم غيره.
[٢٢٦/٢٥] نهج البلاغة: مِنْ خُطْبَةٍ لَهُ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) [فِي ذِكْر المَلاَحِم: «يَعْطِفُ الْهَوَى عَلَى الْهُدَى إِذَا عَطَفُوا الْهُدَى عَلَى الْهَوَى، وَيَعْطِفُ الرَّأيَ عَلَى الْقُرْآن إِذَا عَطَفُوا الْقُرْآنَ عَلَى الرَّأي.
مِنْهَا: حَتَّى تَقُومَ الْحَرْبُ بِكُمْ عَلَى سَاقٍ، بَادِياً نَوَاجِذُهَا، مَمْلُوءَةً أَخْلَافُهَا، حُلْواً رَضَاعُهَا، عَلْقَماً عَاقِبَتُهَا](٦٧٥)، أَلَا وَفِي غَدٍ وَسَيَأتِي غَدٌ بِمَا لَا تَعْرفُونَ يَأخُذُ الْوَالِي مِنْ غَيْرهَا عُمَّالَهَا، عَلَى مَسَاوي أَعْمَالِهَا، وَتُخْرجُ لَهُ الْأَرْضُ أَفَالِيذَ كَبِدِهَا، وَتُلْقِي إِلَيْهِ سِلْماً مَقَالِيدَهَا، فَيُريكُمْ كَيْفَ عَدْلُ السِّيرَةِ، وَيُحْيِي مَيِّتَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ»(٦٧٦).
[بيان: الساق: الشدَّة، أو بالمعنى المشهور كناية عن استوائها. وبدو النواجذ: كناية عن بلوغ الحرب غايتها، كما أنَّ غاية الضحك أنْ تبدو النواجذ، ويمكن أنْ يكون كناية عن الضحك على التهكُّم].
إيضاح: قال ابن أبي الحديد: (ألَا وفي غدٍ) تمامه قوله (علیه السلام): (يأخذ الوالي)، وبين الكلام جملة اعتراضيَّة، وهي قوله (علیه السلام): (وسيأتي غدٍ بما لا تعرفون)، والمراد تعظيم شأن الغد الموعود(٦٧٧)، ومثله كثير في القرآن(٦٧٨). ثُمَّ قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٧٥) من المصدر.
(٦٧٦) نهج البلاغة (ص ١٩٥/ الخطبة ١٣٨).
(٦٧٧) في المصدر إضافة: (بمجيئه).
(٦٧٨) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج ٩/ ص ٤٢).

↑صفحة ٢٠٩↑

قد كان تقدَّم ذكر طائفة من الناس ذات ملك وإمرة، فذكر (علیه السلام) أنَّ الوالي يعني القائم (علیه السلام) يأخذ عُمَّال هذه الطائفة على سوء أعمالهم. و(على) هاهنا متعلِّقة بـ(يأخذ)، وهي بمعنى يؤاخذ. وقال: الأفاليذ: جمع أفلاذ، والأفلاذ جمع فلذة وهي القطعة من الكبد، كناية عن الكنوز التي تظهر للقائم (علیه السلام)، وقد فُسِّر قوله تعالى: ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرضُ أَثْقَالَهَا﴾ [الزلزلة: ٢] بذلك في بعض التفاسير(٦٧٩).
أَقُولُ: وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْح بَعْض خُطَبِهِ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ): قَالَ شَيْخُنَا أَبُو عُثْمَانَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَزَادَ فِيهَا فِي روَايَةِ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ (علیهما السلام) عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام): «أَلَا إِنَّ أَبْرَارَ عِتْرَتِي وَأَطَايِبَ أُرُومَتِي أَحْلَمُ النَّاس صِغَاراً وَأَعْلَمُ النَّاس كِبَاراً، أَلَا وَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ عِلْم اللهِ عَلِمْنَا وَبحُكْم اللهِ حَكَمْنَا وَمِنْ قَوْلٍ صَادِقٍ سَمِعْنَا فَإنْ تَتَّبِعُوا آثَارَنَا تَهْتَدُوا بِبَصَائِرنَا وَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا يُهْلِكُكُمُ اللهُ بِأَيْدِينَا، مَعَنَا(٦٨٠) رَايَةُ الْحَقِّ مَنْ تَبِعَهَا لَحِقَ وَمَنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا غَرقَ، أَلَا وَبِنَا يُدْرَكُ تِرَةُ كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَبِنَا تُخْلَعُ ربْقَةُ الذُّلِّ عَنْ أَعْنَاقِكُمْ، وَبِنَا فُتِحَ لَا بِكُمْ، وَبِنَا يُخْتَمُ لَا بِكُمْ»(٦٨١).
ثُمَّ قال ابن أبِي الحديد: (وبنا يُختَم لا بكم) إشارة إلى المهدي الذي يظهر في آخر الزمان، وأكثر المحدِّثين على أنَّه من ولد فاطمة (عليها السلام)، وأصحابنا المعتزلة لا يُنكِرونه، وقد صرَّحوا بذكره في كُتُبهم، واعترف به شيوخهم، إلَّا أنَّه عندنا لم يُخلَق بعد وسيُخلَق، وإلى هذا المذهب يذهب أصحاب الحديث أيضاً.
رَوَى قَاضِي الْقُضَاةِ، عَنْ كَافِي الْكُفَاةِ إِسْمَاعِيلَ بْن عَبَّادِ (رحمه الله) بِإسْنَادٍ مُتَّصِلٍ بِعَلِيٍّ (علیه السلام) أَنَّهُ ذَكَرَ المَهْدِيَّ وَقَالَ: «إِنَّهُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْن (علیه السلام)»، وَذَكَرَ حِلْيَتَهُ فَقَالَ: «رَجُلٌ أَجْلَى الْجَبِين، أَقْنَى الْأَنْفِ، ضَخْمُ الْبَطْن، أَزْيَلُ الْفَخِذَيْن، أَبْلَجُ الثَّنَايَا،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٧٩) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج ٩/ ص ٤٦).
(٦٨٠) في المصدر: (ومعنا).
(٦٨١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج ١/ ص ٢٧٦).

↑صفحة ٢١٠↑

بِفَخِذِهِ الْيُمْنَى شَامَةٌ...»، وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِعَيْنهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِ غَريبِ الْحَدِيثِ(٦٨٢)، انْتَهَى.
أَقُولُ: فِي دِيوَان أَمِير المُؤْمِنينَ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ) المَنْسُوبِ إِلَيْهِ:

بُنَيَّ إِذَا مَا جَاشَتِ التُّرْكُ فَانْتَظِرْ * * * وَلَايَةَ مَهْدِيٍّ يَقُومُ فَيَعْدِلُ
وَذَلَّ مُلُوكُ الْأَرْض مِنْ آلِ هَاشِم * * * وَبُويِعَ مِنْهُمْ مَنْ يَلَذُّ وَيَهْزَلُ
صَبِيٌّ مِنَ الصِّبْيَان لَا رَأيَ عِنْدَهُ * * * وَلَا عِنْدَهُ جِدٌّ وَلَا هُوَ يَعْقِلُ
فَثَمَّ يَقُومُ الْقَائِمُ الْحَقُّ مِنْكُمْ * * * وَبِالْحَقِّ يَأتِيكُمْ وَبِالْحَقِّ يَعْمَلُ
سَمِيُّ نَبِيِّ اللهِ نَفْسِي فِدَاؤُهُ * * * فَلَا تَخْذُلُوهُ يَا بَنِيَّ وَعَجِّلُوا(٦٨٣)
* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٨٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج ١/ ص ٢٨١ و٢٨٢).
(٦٨٣) ديوان أمير المؤمنين (علیه السلام) للميبدي (ص ٣٥٥).

↑صفحة ٢١١↑

باب (٣): باب ما روي في ذلك عن الحسنين (صلوات الله عليهما)

↑صفحة ٢١٣↑

[٢٢٧/١] كمال الدِّين: المُظَفَّرُ الْعَلَويُّ، عَن ابْن الْعَيَّاشِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَبْرَئِيلَ بْن أَحْمَدَ، عَنْ مُوسَى بْن جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيِّ، عَن الْحَسَن بْن مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ حَنَان بْن سَدِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ سَدِير بْن حُكَيْم، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عقيصاء [عَقِيصَى]، قَالَ: لَـمَّا صَالَحَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ (علیه السلام) مُعَاويَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّاسُ، فَلَامَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَيْعَتِهِ، فَقَالَ (علیه السلام): «وَيْحَكُمْ مَا تَدْرُونَ مَا عَمِلْتُ، وَاللهِ الَّذِي عَمِلْتُ خَيْرٌ لِشِيعَتِي مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ غَرَبَتْ، ألَا تَعْلَمُونَ أَنَّنِي إِمَامُكُمْ مُفْتَرَضُ الطَّاعَةِ عَلَيْكُمْ وَأَحَدُ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْل الْجَنَّةِ بِنَصٍّ مِنْ رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟»، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّ الْخَضِرَ لَـمَّا خَرَقَ السَّفِينَةَ وَقَتَلَ الْغُلَامَ وَأَقَامَ الْجِدَارَ كَانَ ذَلِكَ سَخَطاً لِمُوسَى بْن عِمْرَانَ (علیه السلام) إِذْ خَفِيَ عَلَيْهِ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِيهِ وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَ اللهِ حِكْمَةً وَصَوَاباً؟ أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَيَقَعُ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِطَاغِيَةِ زَمَانِهِ إِلَّا الْقَائِمُ الَّذِي يُصَلِّي رُوحُ اللهِ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ؟ فَإنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) يُخْفِي ولَادَتَهُ وَيُغَيِّبُ شَخْصَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ إِذَا خَرَجَ، ذَاكَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِ أَخِي الْحُسَيْن، ابْن سَيِّدَةِ الْإمَاءِ، يُطِيلُ اللهُ عُمُرَهُ فِي غَيْبَتِهِ، ثُمَّ يُظْهِرُهُ بِقُدْرَتِهِ فِي صُورَةِ شَابٍّ ابْن دُون أَرْبَعِينَ سَنَةً، ذَلِكَ لِيُعْلَمَ أنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(٦٨٤).
الاحتجاج: عن حنان بن سدير، مثله(٦٨٥).
[٢٢٨/٢] كمال الدِّين: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْن عُبْدُوسٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٨٤) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣١٥/ باب ما أخبر به الحسن (علیه السلام)/ ح ٢).
(٦٨٥) الاحتجاج (ج ٢/ ص ٦٧ و٦٨/ ح ١٥٧).

↑صفحة ٢١٥↑

اللَّيْثِيِّ(٦٨٦)، عَنْ مُحَمَّدِ بْن مَسْعُودٍ، عَنْ عَلِيِّ بْن مُحَمَّدِ بْن شُجَاع، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عِيسَى، عَن ابْن أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن الْحَجَّاج، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْن عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْن الْحُسَيْن، قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا): «فِي التَّاسِع مِنْ وُلْدِي سُنَّةٌ مِنْ يُوسُفَ، وَسُنَّةٌ مِنْ مُوسَى بْن عِمْرَانَ، وَهُوَ قَائِمُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، يُصْلِحُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ»(٦٨٧).
[٢٢٩/٣] كمال الدِّين: المُعَاذِيُّ، عَن ابْن عُقْدَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْن مُوسَى بْن الْفُرَاتِ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن الزُّبَيْر، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن شَريكٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ هَمْدَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا) يَقُولُ: «قَائِمُ هَذِهِ الْأُمَّةِ هُوَ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِي، وَهُوَ صَاحِبُ الْغَيْبَةِ، وَهُوَ الَّذِي يُقْسَمُ مِيرَاثُهُ وَهُوَ حَيٌّ»(٦٨٨).
[٢٣٠/٤] كمال الدِّين: الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ السَّلَام الْهَرَويِّ، عَنْ وَكِيع بْن الْجَرَّاح، عَن الرَّبيع بْن سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن سَلِيطٍ، قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا): «مِنَّا اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيًّا، أَوَّلُهُمْ أَمِيرُ المُؤْمِنينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَآخِرُهُمُ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِي، وَهُوَ الْإمَامُ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ، يُحْيِي اللهُ بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَيُظْهِرُ بِهِ دِينَ الْحَقِّ عَلَى الدِّين كُلِّهِ وَلَوْ كَرهَ المُشْركُونَ، لَهُ غَيْبَةٌ يَرْتَدُّ فِيهَا أَقْوَامٌ وَيَثْبُتُ عَلَى الدِّين فِيهَا آخَرُونَ، فيودون [فَيُؤْذَوْنَ]، وَيُقَالُ لَهُمْ: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟ أَمَا إِنَّ الصَّابِرَ فِي غَيْبَتِهِ عَلَى الْأَذَى وَالتَّكْذِيبِ بِمَنْزِلَةِ المُجَاهِدِ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)»(٦٨٩).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٨٦) في المصدر: (الكشِّي) بدل (الليثي).
(٦٨٧) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣١٦/ باب ما أخبر به الحسين (علیه السلام)/ ح ١).
(٦٨٨) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣١٧/ باب ما أخبر به الحسين (علیه السلام)/ ح ٢).
(٦٨٩) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣١٧/ باب ما أخبر به الحسين (علیه السلام)/ ح ٣).

↑صفحة ٢١٦↑

[٢٣١/٥] كمال الدِّين: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْن الْحَسَن الْقَزْوينيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن يَحْيَى الْأَحْوَلِ، عَنْ خَلَّادٍ المُقْري، عَنْ قَيْس بْن أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ يَحْيَى بْن وَثَّابٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (علیه السلام) يَقُولُ: «لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي يَمْلَؤُهَا عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، كَذَلِكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ»(٦٩٠).
[٢٣٢/٦] كمال الدِّين: أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْن يَحْيَى الْعَطَّار، عَنْ جَعْفَر بْن مُحَمَّدِ بْن مَالِكٍ، عَنْ حَمْدَانَ بْن مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ عِيسَى الْخَشَّابِ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحُسَيْن بْن عَلِيٍّ (علیه السلام): أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْر؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنْ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْر الطَّريدُ، الشَّريدُ، المَوْتُورُ بِأَبِيهِ، المُكَنَّى بِعَمِّهِ، يَضَعُ سَيْفَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ»(٦٩١).
[٢٣٣/٧] الغيبة للطوسي: جَمَاعَةٌ، عَن التَّلَّعُكْبَريِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن عَلِيٍّ، عَنْ أَحْمَدَ بْن إِدْريسَ، عَن ابْن قُتَيْبَةَ، عَن الْفَضْل، عَنْ عَمْرو بْن عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عُذَافِرٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْن يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن شَريكٍ فِي حَدِيثٍ لَهُ اخْتَصَرْنَاهُ، قَالَ: مَرَّ الْحُسَيْنُ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ بَني أُمَيَّةَ وَهُمْ جُلُوسٌ فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَقَالَ: «أَمَا وَاللهِ لَا يَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ مِنِّي رَجُلاً يَقْتُلُ مِنْكُمْ أَلْفاً وَمَعَ الْأَلْفِ أَلْفاً وَمَعَ الْأَلْفِ أَلْفاً»، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّ هَؤُلَاءِ أَوْلَادُ كَذَا وَكَذَا لَا يَبْلُغُونَ هَذَا، فَقَالَ: «وَيْحَكَ إِنَّ فِي ذَلِكَ الزَّمَان يَكُونُ لِلرَّجُل مِنْ صُلْبِهِ كَذَا وَكَذَا رَجُلاً، وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْم مِنْ أَنْفُسِهِمْ»(٦٩٢).

* * *

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٩٠) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣١٨/ باب ما أخبر به الحسين (علیه السلام)/ ح ٤).
(٦٩١) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣١٨/ باب ما أخبر به الحسين (علیه السلام)/ ح ٥).
(٦٩٢) الغيبة للطوسي (ص ١٩٠/ ح ١٥٣).

↑صفحة ٢١٧↑

باب (٤): ما روي في ذلك عن عليِّ بن الحسين (صلوات الله عليه)

↑صفحة ٢١٩↑

[٢٣٤/١] كمال الدِّين: ابْنُ عِصَام، عَن الْكُلَيْنيِّ، عَن الْقَاسِم بْن الْعَلَاءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْن عَلِيٍّ، [عَنْ عَلِيِّ بْن إِسْمَاعِيلَ](٦٩٣)، عَن ابْن حُمَيْدٍ، عَن ابْن قَيْسٍ، عَن الثُّمَالِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْن الْحُسَيْن (علیهما السلام)، أَنَّهُ قَالَ: «فِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وَأُولُوا الْأَرحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ﴾ [الأنفال: ٧٥]، وَفِينَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ [الزخرف: ٢٨]، وَالْإمَامَةُ فِي عَقِبِ الْحُسَيْن بْن عَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ (علیه السلام) إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ لِلْقَائِم مِنَّا غَيْبَتَيْن إِحْدَاهُمَا أَطْوَلُ مِنَ الْأُخْرَى، أمَّا الْأُولَى فَسِتَّةُ أَيَّام وَسِتَّةُ أَشْهُرٍ وَسِتُّ سِنينَ(٦٩٤)، وَأَمَّا الْأُخْرَى فَيَطُولُ أَمَدُهَا حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ هَذَا الْأَمْر أَكْثَرُ مَنْ يَقُولُ بِهِ، فَلَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ قَويَ يَقِينُهُ، وَصَحَّتْ مَعْرفَتُهُ، وَلَمْ يَجِدْ فِي نَفْسِهِ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْنَا، وَسَلَّمَ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ»(٦٩٥).
بيان: قوله (علیه السلام): (فستَّة أيَّام) لعلَّه إشارة إلى اختلاف أحواله (علیه السلام) في غيبته، فستَّة أيَّام لم يطَّلع على ولادته إلَّا خاصَّ الخاصِّ من أهاليه (علیه السلام)، ثُمَّ بعد ستَّة أشهر اطَّلع عليه غيرهم من الخواصِّ، ثُمَّ بعد ستِّ سنين عند وفاة والده (علیه السلام) ظهر أمره لكثير من الخلق. أو إشارة إلى أنَّه بعد إمامته لم يطَّلع على خبره إلى ستَّة أيَّام أحد ثمّ بعد ستَّة أشهر انتشر أمره وبعد ستِّ سنين ظهر وانتشر أمر السفراء. والأظهر أنَّه إشارة إلى بعض الأزمان المختلفة التي قُدِّرت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٦٩٣) من المصدر.
(٦٩٤) في المصدر: (فستَّة أيَّام أو ستَّة أشهر أو ستُّ سنين).
(٦٩٥) كمال الدِّين (ج ١/ ص ٣٢٣/ باب ما أخبر به عليُّ بن الحسين (علیه السلام)/ ح ٨).

↑صفحة ٢٢١↑

لغيبته، وأنَّه قابل للبداء، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الْكُلَيْنِيُّ بِإسْنَادِهِ عَن الْأَصْبَغ فِي حَدِيثٍ طَويلٍ قَدْ مَرَّ بَعْضُهُ فِي بَابِ إِخْبَار أَمِير المُؤْمِنينَ (علیه السلام)، ثُمَّ قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنينَ، وَكَمْ تَكُونُ الْحَيْرَةُ وَالْغَيْبَةُ؟ فَقَالَ: «سِتَّةَ أَيَّام، أَوْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، أَوْ سِتَّ سِنِينَ»، فَقُلْتُ: وَإِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، كَمَا أَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَأَنَّى لَكَ بِهَذَا الْأَمْر يَا أَصْبَغُ، أُولَئِكَ خِيَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَعَ خِيَار أَبْرَار هَذِهِ الْعِتْرَةِ»، فَقُلْتُ: ثُمَّ مَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: «ثُمَّ يَفْعَلُ اللهُ ما يَشَاءُ، فَإنَّ لَهُ بَدَاءَاتٍ وَإِرَادَاتٍ وَغَايَاتٍ وَنهَايَاتٍ»(٦٩٦)، فإنَّه يدلُّ على أنَّ هذا الأمر قابل للبداء، والترديد قرينة ذلك، والله يعلم.
[٢٣٥/٢] كمال الدِّين: الدَّقَّاقُ وَالشَّيْبَانِيُّ مَعاً، عَن الْأَسَدِيِّ، عَن النَّخَعِيِّ، عَن النَّوْفَلِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ بْن حُمْرَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْن جُبَيْرٍ، عَنْ عَلِيِّ ابْن الْحُسَيْن (علیه السلام)، قَالَ: «الْقَائِمُ مِنَّا تَخْفَى ولَادَتُهُ عَلَى النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَمْ يُولَدْ بَعْدُ، لِيَخْرُجَ حِينَ يَخْرُجُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ»(٦٩٧).
[٢٣٦/٣] مجالس المفيد: ابْنُ قُولَوَيْهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدٍ، عَن ابْن عِيسَى، عَن ابْن أَبِي عُمَيْرٍ، عَن ابْن مُسْكَانَ، عَنْ بِشْرٍ الْكُنَاسِيِّ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُليِّ، قَالَ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْن (علیه السلام): «يَا أبَا خَالِدٍ، لَتَأتِيَنَّ فِتَنٌ كَقِطَع اللَّيْل المُظْلِم لَا يَنْجُو إِلَّا مَنْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ، أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الْهُدَى وَيَنَابِيعُ الْعِلْم، يُنْجِيهِمُ اللهُ مِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ مُظْلِمَةٍ، كَأَنِّي بِصَاحِبكُمْ قَدْ عَلَا فَوْقَ نَجَفِكُمْ بِظَهْر كُوفَانَ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً، جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ شِمَالِهِ، وَإِسْرَافِيلُ أَمَامَهُ، مَعَهُ رَايَةُ رَسُولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قَدْ نَشَرَهَا، لَا يَهْوي بِهَا إِلَى قَوْم إِلَّا أَهْلَكَهُمُ اللهُ (عزَّ وجلَّ)»(٦٩٨).

* * *