الصفحة الرئيسية » مجلة الانتظار » العدد: ١/ جمادى الأولى/ ١٤٢٦هـ » دراسات/ وكلاء الإمام المهدي عليه السلام/ الحلقة الأولى
 العدد: ١/ جمادى الأولى/ ١٤٢٦ه

المقالات دراسات/ وكلاء الإمام المهدي عليه السلام/ الحلقة الأولى

القسم القسم: العدد: ١/ جمادى الأولى/ ١٤٢٦هـ الشخص الكاتب: حسن عبد الأمير الظالمي تاريخ الإضافة تاريخ الإضافة: ٢٠١٣/٠٧/٠٩ المشاهدات المشاهدات: ٧٩١١ التعليقات التعليقات: ٠

وكلاء الإمام المهدي عليه السلام/ الحلقة الأولى

تمهيد:
ولد الإمام محمد بن الحسن المهدي المنتظر عليه السلام ليلة النصف من شعبان سنة ٢٥٥ هـ أو ٢٥٦ على اختلاف في الروايات، وعاش في كنف والده الإمام الحسن العسكري عليه السلام مغيباً عن الأنظار حتى وفاة والده عليه السلام يوم ٨ ربيع الأول سنة ٢٦٠ هـ حيث بدأت مدة إمامته عليه السلام وبدأت معها غيبته الصغرى حتى وفاة سفيره الرابع علي بن محمد السمري سنة ٣٢٩ هـ، لتبدأ الغيبة التامة أو الكبرى التي نحن فيها حتى يعجل الله لوليّه الفرج بالظهور.
الغيبة الصغرى:
(وهي الفترة التي كان المسلمون يتصلون فيها بالإمام عليه السلام بواسطة نواب عيّنهم ليكونوا مراجع للمسلمين في حل مشاكلهم وقضاء حوائجهم)(١).
وهذه الفترة التي دامت قرابة سبعين عاماً (توفّر للإمام عليه السلام خلالها على تهيئة القدرة لدى الخطّ على تحمّل مسؤولية القيادة تماماً في الوقت الذي كان يمارس قيادته طول هذه الفترة مشتركاً عن طريق نوّابه الأربعة)(٢).
ولعل أجمل تصور لهذه الفترة بعبارات ملائمة لعصرنا هذا هو (أن الإمام اعتمد تنظيماً هرمياً في ارتباطاته واتصالاته بقواعده ومواليه، فكان عليه السلام في قمة الهرم قائداً يمارس عمله بسرية وخفاء ويصدر الأوامر والتعليمات إلى سفرائه مباشرة، وهم بمثابة أعضاء الارتباط بينه وبين الوكلاء الذين انتشروا في المناطق البعيدة)(٣).
ويذهب بعض المؤرخين إلى أن الغيبة الصغرى بدأت منذ أن توفي الإمام الحسن العسكري عليه السلام سنة ٢٦٠ هـ: حينما ظهر الإمام المهدي عليه السلام وصلى على جنازة أبيه، وقابل وفد القميين في نفس اليوم وأخبرهم بما يحملونه من أموال وعيّن لهم عثمان بن سعيد وكيلاً عنه، وقد ذهب إلى هذا الرأي اكثر الكتاب حيث يقول أحدهم: (إنّ الغيبة الصغرى للإمام المهدي هي غيبته بصفته إماماً مع اقترانها بفكرة السفارة ومعه تكون مدتها ٦٩ سنة من سنة ٢٦٠ هـ إلى سنة ٣٢٩ هـ )(٤).
ويعلل ذهابه إلى هذا الرأي بقوله: إن الإمام الحجة عليه السلام وان كان غائباً في حياة أبيه إلا أنها لا تعد من الغيبة الصغرى لأن المهدي عليه السلام كان في هذه الفترة معاصراً لأبيه، والإمام في زمن أبيه غير متحمل للمسؤلية ولا تربع على منصة الإمامة وانما يتولاها بعد ابيه وعلى هذا الرأي السيــد محمد علــــي الحسيني في دراساته في عقائد الشيعـــة الإمامية والشيخ المصباح في كتابه المهدي حقيقة لا خيال والسيد نذير الحسيني في كتابه المصلح العالمي.أما الرأي الثاني الذي ذهب اليه جملة من العلماء والباحثين فيذهب إلى أن الغيبة الصغرى بدأت منذ ولادة الإمام الحجة سنة ٢٥٥ حيث يقول الشيخ المفيد (فأما القصرى منهما فمنذ وقت مولده إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته وعدم السفراء بالوفاة)(٥).
ويوافق هذا الرأي الشيخ الطبرسي في كتابه إعلام الورى ص ٤٤٤ حيث يقول (فكانت الغيبة الصغرى أربعاً وسبعين سنة ثم وقعت بعد ذلك الغيبة الكبرى التي نحن فيها)(٦).
وأياً كانت مدة الغيبة التي أسماها الشيخ المفيد بالقصرى وسميت فيما بعد بالصغرى مقابل الكبرى، أو التامة كما أسماها الإمام عليه السلام بعد وفاة نائبه الرابع علي بن محمد السمري، فقد تميزت هذه الفترة بوجود النواب الأربعة، وهم كل من : عثمان بن سعيد العمري ـ إبنه محمد بن عثمان ـ الحسين بن روح النوبختي ـ علي بن محمد السمري.
ومنصب الوكيل العام أو السفير بين الإمام عليه السلام وبين المؤمنين منصب مستحدث لم تكن الحاجة اليه قائمة لوجود الأئمة عليه السلام وظهورهم لشيعتهم، وكان هؤلاء السفراء والنواب يتولى الإمام تنصيبهم مباشرة ويصدر بيانات (توقيعات) في ذلك وفي نفي الوكالة عمن يدعيها وليس هو منهم، وهم على درجة عالية من الوثاقة والمعرفة لدى عامة الإمامية (ففي الغيبة الصغرى كان السفراء والأبواب الذين لا تختلف الإمامية القائلون بامامة الحسن بن علي عليه السلام فيهم)(٧).
وكان الشيعة الإمامية يثقون بهؤلاء النوّاب أو السفراء أو الوكلاء ويدفعون اليهم أسئلتهم وأموالهم ويثقون بصحّة صدور أجوبتها وتوجيه صرف الأموال عن الإمام دون أن يسألوا عنها.
وبالنظر لاتساع رقعة الدولة الإسلامية وتباعد أقطارها وعدم استطاعة الشيعة من الوصول إلى بغداد لحمل أسئلتهم وحقوقهم، إلى نواب الإمام، فقد اقتضى الأمر وجود وكلاء ثقاة لهؤلاء النواب يحملون اليهم رسائل الشيعة وحقوقهم ويستلمون التوقيعات الصادرة من الإمام عليه السلام وتوجيه الحقوق إلى أصحابها.
وكان الإمام عليه السلام يصدر الأوامر بتعيين هؤلاء الوكلاء أو يوثقهم أو يقر بقاءهم في مناصبهم، وكانوا على درجة عالية من الوثاقة والإيمان، ولأن الحكومات الظالمة كانت ترصد تحركاتهم واتصالاتهم بالنواب الأربعة فقد كانت تحيط حياتهم هالة من الغموض والكتمان ولا تعرف بدايات حياتهم ووفياتهم.
الفرق بين السفير والوكيل:
ومما لا شك فيه أن هناك فرقاً اساسياً بين السفير والوكيل في أمرين مهمين.
١ـ أن السفير يواجه الإمام عليه السلام مباشرة ويعرفه شخصياً ويأخذ منه أجوبة المسائل والبيانات في حين أن الوكيل يتصل بالإمام عن طريق نوابه أو سفرائه.
٢ـ أن مسؤولية السفير عامة وشاملة لكافة أفراد الطائفة الشيعية، في حين أن مسؤولية الوكيل منحصرة في منطقته أو مدينته.
مهمات الوكلاء:
لهؤلاء الوكلاء مهمات رئيسية محدودة، نجملها بما يلي:
١ـ مساعدة السفير في تسهيل عمله حيث لا يكون بوسع السفير الاتصال بجميع المناطق الإسلامية التي يتواجد فيها الموالون لأهل البيت وفي ظروف السريّة والكتمان التي تتطلبها المرحلة.
٢ـ المساهمة في كتمان السفير وإخفائه أو اخفاء اسمه وتواجده وذلك لغرض استيفاء الوكالة واجبها في إيصال التوقيعات والبيانات إلى القواعد الشعبية.
٣ـ ان لا يكون عملهم ملفتاً للنظر وأن تكون حياتهم وتجارتهم طبيعية جداً.
ومن الجدير بالذكر (أن الوكيل لا يكون عاملاً بين يدي السفير ولا يحق له قبض الأموال ولا إخراج التوقيعات إلا بإذن الإمام المهدي عليه السلام نفسه وليس للسفير أن يستقلّ عنه في الايكال إلى أي شخص كان)(٨). ولذا كان في زمن الغيبة (من السفراء الممدوحين أقوام ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة بالأصل)(٩).
رعاية الإمام الوكلاء:
تتمثل رعاية الإمام المهدي عليه السلام للوكلاء على النحوين التاليين:
١ـ إيصاء شيعته بطاعتهم والثقة بهم فقد (روي عن ابراهيم بن محمد الهمداني قال: وكتب اليّ (يعني الإمام عليه السلام): قد وصل الحساب تقبل الله منك ورضي عنهم وجعلنا معهم في الدنيا والآخرة، وقد بعثت اليك من الدنانير بكذا، ومن الكسوة كذا، فبارك الله لك فيه، وفي الجميع نعم الله عليك، وقد كتبت إلى النضر أمرته أن ينتهي عنك وعن التعرض لك ولخلافتك، واعلمته موضعك عندي، وكتبت إلى أيوب أمرته بذلك أيضاً، وكتبت إلى مواليّ في همدان كتابا أمرتهم بطاعتك والمصير إلى أمرك وأن لا وكيل سواك)(١٠)
٢ـ إشعار الوكلاء بالخطر الداهم لهم من السلطة حينما تريد أن تترصدهم وتلقي القبض عليهم:
وقد ورد أن الإمام عليه السلام أصدر أمراً بعد استلام أية حقوق من أي شخص حينما بثت السلطة العباسية عيونها وجواسيسها بإرسال الأموال بحجة إرسالها إلى الإمام لكي يتعرفوا على الوكلاء، فلم تنجح السلطة في القبض عليهم.(١١)
عدم أعلمية الوكلاء:
تنصيب الوكلاء لا يستدعي أن يكونوا من أهل العلم أو المبرزين في الأمور الفقهية أو سائر العلوم، الإسلامية وإنما تعتمد على الوثاقة بالدرجة الأولى والحفاظ على سرية السفراء. فقد كان في زمانهم من العلماء الأعلام والفقهاء ولم يختاروا لهذه المهمة وقد سئل ابو سهل النوبختي عن سبب عدم اختياره واختيار الحسين بن روح فقال: (لو كان الحجة عليه السلام تحت ذيله وقرض بالمقاريض لما كشف الذيل عنه).(١٢)
تداخل مصطلح السفير والنائب والوكيل:
ترد في كتب الرجال أو الحديث او التاريخ هذه المصطلحات وكأنها ذات دلالة واحدة ولكننا نجد أن بينها عموماً وخصوصاً من وجه فكل سفير أو نائب هو وكيل للإمام، وليس كل وكيل نائب أو سفير، فالنواب والسفراء أربعة معروفون لدى الشيعة وهم وكلاء للناحية المقدسة وكلهم ووكلاؤَهم المنتشرون في بقاع المملكة الإسلامية ليسوا سفراء. وقد ورد مثل هذا القول لدى بعض المؤرّخين عند وصفهم للوكلاء فيقال: وهو أحد أبواب الناحية المقدسة، أو هو أحد النواب وهذا مجازي وليس على وجه الحقيقة.
عدد السفراء:
ذكر الشيخ الصدوق في كتابه اكمال الدين وتمام النعمة اثني عشر شخصاً من وكلاء ونواب الإمام المهدي في الغيبة الصغرى وأضاف اليهم السيد محمد الصدر في كتابه (الغيبة) ستة اشخاص ولكن بعض المؤرخين والباحثين عدد منهم الكثير بما يصل إلى خمس وعشرين، وتجاوز بعضهم إلى القول بوصول عددهم إلى المئة.
والحقيقة: أننا لا نعرف عددهم بشكل مضبوط لانتشارهم في البلدان الإسلامية وعدم ورود أسمائهم في كتب الرجال، ولكننا نحاول عرض سير بعض المشهورين منهم ممن توافرت المصادر على ذكره، أو ورد أسمه في كتاب الرجال كراوية لحديث من احاديث أهل البيت (عليهم السلام).
 

 

 

الهوامش:
ــــــــــــــــــــــ
(١) الجلالي/ السيد محمد جواد الحسيني/ احاديث المهدي في مسند احمد بن حنبل/ مطبعة مؤسسة النشر الإسلامي/ ط ٦ سنة ١٤١٧ / ص ١٣.
(٢) الخرسان/ السيد محمد صادق/ الاربعون حديثا في الإمام المهدي/ ص ٥٢ / النجف/ ١٤١٩.
(٣) آل عصفور/ محسن / ظاهرة الغيبة ودعوى السفارة/ مؤسسة اسماعيليان/ المطبعة العلمية/ ١٤١٢ ط ٢ / ص ١٧٢.
(٤) الصدر/ السيد محمد محمد صادق الصدر/ موسوعة الغيبة/ الغيبة الصغرى/ ط ٢/ ١٤١٧/ ص ٤١٨.
(٥) حكيمي/ محمد رضا/ شمس المغرب/ ص ٤٠.
(٦) الصباح/ كاظم جعفر/ المهدي حقيقة لا خيال/ ص ١٧٤.
(٧) الطبري/ أعلام الورى/ ص ٤٥٢ عن كتاب عدة الرجال / ص ٧٧ للسيد محسن الحسيني الامرحي الكاظمي.
(٨) الصدر / السيد محمد محمد صادق/ الغيبة الصغرى/ ص ٦٢٩.
(٩) الطوسي/ الشيخ الطوسي / ص ٢٥٧.
(١٠) التستري/ محمد تقي/ قاموس الرجال/ ج ١ ص ٢٩٢/ ط٢/ ١٤١٠/ مؤسسة النشر الإسلامي/ رجال الجيشي ص ٥٠٨.
(١١) الكليني / الكافي/ ج٣/ كتاب الحجة/ نقلا عن كتاب ظاهرة الغيبة للميرزا محسن آل عصفور/ ص ١٧٨.
(١٢) مراقد المعارف/ الشيخ محمد حرز الدين/ ج١/ ص ٢٥٠.

التقييم التقييم:
  ٠ / ٠.٠
 التعليقات
لا توجد تعليقات.

الإسم: *
الدولة:
البريد الإلكتروني:
النص: *
 مقال مختار:
 أكثر المقالات زيارةً:
المقالات دراسات/ حقيقة الإمام المهدي عليه السلام في روايات ومصادر العامة من وسائل التقريب ونبذ الطائفية (المشاهدات: ٩٠٣,٣٠٣) المقالات دراسات/ دراسة عن توقيت ظهور الإمام المهدي المنتظر (المشاهدات: ٦٠,٨٩٠) المقالات دراسات/ منزلة الإمام المهدي عليه السلام عند آبائه المعصومين عليهم السلام (المشاهدات: ٤١,٩٥٠) المقالات دراسات/ الإمام المهدي في الشعر العربي (المشاهدات: ٤٠,٣٥٥) المقالات دراسات/ البصرة في ظهور الامام عليه السلام (المشاهدات: ٣٩,٦٩٩) المقالات دراسات/ التوظيف السياسي لفكرة المهدي في العهود الاسلامية الاولى (المشاهدات: ٣٨,١٩٥) المقالات دراسات/ أبعاد من الحكمة الإلهية لغيبة الإمام المهدي عليه السلام (المشاهدات: ٣٦,٠٤٢) المقالات دراسات/ الصيحة والنداء السماوي (المشاهدات: ٣٤,١٩١) المقالات دراسات/ أفكار في سلاح الإمام المهدي عليه السلام عند الظهور (المشاهدات: ٣٢,٣٢٧) المقالات دراسات/ الرايات الصفر في الميزان (المشاهدات: ٣٠,١٩٩)
 أكثر المقالات تقييماً:
المقالات دراسات/ دراسة عن توقيت ظهور الإمام المهدي المنتظر (التقييمات: ٥.٠ / ٦) المقالات دراسات/ دراسة القضايا المهدوية (١) (التقييمات: ٥.٠ / ٢) المقالات دراسات/ الرايات الصفر في الميزان (التقييمات: ٥.٠ / ٢) المقالات دراسات/ كارثة المسيح الدجال صحابي مسلم مجاهد (التقييمات: ٥.٠ / ٢) المقالات دراسات/ دراسة حول رؤية الامام المهدي عليه السلام (التقييمات: ٥.٠ / ٢) المقالات الأدب المهدوي/ أناشيد للصغار هذا هو اليومُ الأغَر (التقييمات: ٥.٠ / ٢) المقالات دراسات/ مدّعو المهدوية مهدي السلفية التكفيرية وحركة جهيمان العتيبي (التقييمات: ٥.٠ / ٢) المقالات شبهات/ في معرفة الإمام ذاتاً (التقييمات: ٥.٠ / ١) المقالات دراسات/ الطابع السلمي لحركة الإمام المهدي عليه السلام (التقييمات: ٥.٠ / ١) المقالات دراسات/ إمكان رؤية الإمام المهدي عليه السلام في الغيبة الكبرى (التقييمات: ٥.٠ / ١)
 لتحميل أعداد المجلة (pdf):

 البحث:

 

Specialized Studies Foundation of Imam Al-Mahdi (A-S) © 2016