الفتاوى السديدة للمرجعية الرشيدة
المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم(دام ظله)
في معرض إجابته، عن سؤال وجه إليه...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ظهرت في الآونة الأخيرة ادعاءات السفارة للإمام المهدي(عليه السلام)، بل يدّعي البعض أنه الإمام المنتظر، وقد استغل هؤلاء انعدام المعايير الصحيحة لدى البعض، نتيجة الجهل، والتجهيل المتعمد من قبل الظالمين، والفقر، وانفلات الوضع الأمني، الذي ابتليت به أمّة المسلمين عموماً وفي العراق بالخصوص.
وقد بان بطلان وفضيحة من ادعى ذلك، في زمن الغيبة الكبرى بعد السفير الرابع أبي الحسن عليّ بن محمّد السمري رضي الله عنه، وبقي بعضٌ لم يتبيّن للناس زيفه. وقد انهالت على مركزنا الأسئلة حول هذا الموضوع. ولما كانت المرجعية الدينية هي الحصن الحصين للمذهب ولأبنائه لذا كان من الواجب أن نتوجّه إلى سماحتكم ممثلين عموم الشعب المؤمن الموالي لأهل بيت النبوة(عليهم السلام)، آملين من سماحتكم بيان الرأي في ردع هذه الدعاوى، وبيان المعايير التي يصح فيها ادعاء مثل هذه المدعيات، حتى يتبين للمؤمن: كيفية التمييز؟ ومتى يصدّق؟ ومتى يكذّب؟ هذه الدعاوى.
أدام الله ظلكم الوارف على رؤوس الأنام ولا حرمنا من فيوضاتكم المباركة.
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عليه السلام
***
بسمه تعالى
كل دعوى لا تستند الى دليل فلا تقبل من مدعيها حتى لو كان الادعاء أمراً لا أهمية له فكيف بمثل هذه الدعاوى الخطيرة التي تكون سبباً للضلال والفرقة.
ولتوضيح الصورة نذكر الأمور التالية:
الأول: إن مدعي رؤية الامام الحجة عليه السلام وأخذ المعلومات عنه لإيصالها الى الناس مجترئ على الله وعلى رسوله وأوليائه ورادٌ لما أعلنه(عليه السلام) في توقيعه الذي رواه أصحابنا في كتبهم واعتمدوا عليه وأذعنوا له وهو ما كتبه الامام المنتظر الى النائب الرابع علي بن محمد السمري(رحمه الله) وهو:
(بسم الله الرحمن الرحيم. يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توص الى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).
وإن من شواهد صدق هذا التوقيع ما حدث من ادعاءات كاذبة منذ الغيبة والى يومنا هذا حيث إن ذلك من إخبارات الغيب التي صدقتها الأيام، وبعد كل هذا فكل مدع للسفارة أو الوصاية كذاب ومفتر على الله وأوليائه.
الثاني: إن دعوى الإمامة لا تقل أهمية وخطورة على الدين من دعوة النبوة حيث إنها تفرض على الآخرين الخضوع والطاعة ولا يمكن أن تكون صادقة إلا ببرهان ساطع لا يقبل الشك والإنكار (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) وقد أذعن أولياء آل محمد وشيعتهم للأئمة(عليهم السلام) اعتماداً على النص القطعي أو المعجزة والكرامة الإلهية ولربما اجتمعا في أحيان كثيرة ولابد أن يحصل ذلك في حق الإمام المنتظر(عليه السلام)عند ظهوره حيث سيقترن ذلك بمعلومات قطعية ومعاجز وكرامات جلية لاتقبل التأويل أو الإنكار، فعلى كل من تطرق سمعه مثل هذه الادعاءات الغيبية الحذر والتثبت وعدم التسامح والتساهل فإن ذلك يجر الى الوبال وعظيم النكال.
ونصيحتنا للباحثين في علائم الظهور الابتعاد عن الظنون والاحتمالات والتخرص فإن ذلك يؤدي الى خلق جو نفسي لرواج الادعاءات الكاذبة ولربما يتحمل هؤلاء جزءاً من المسؤولية من حيث لا يعلمون.
وعلى المؤمنين كافة أن يكونوا على يقين من نصر الله سبحانه وتعالى وتأييده لهذه الثلة المؤمنة من أتباع آل محمد(صلى الله عليه وآله) ماداموا متمسكين بنهجهم وسائرين على هديهم في الاعتماد على من اجتمعت فيه شروط التقليد المعروفة وخاصة صفتي العلم والتقوى، فإن هذا المنهج هو المنهج الأصيل الذي بناه أهل البيت(عليهم السلام) جيلاً بعد جيل، وإن من أوضح صوره وأجلى مظاهره التوقيع الشريف المروي عن الإمام المنتظر: (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله).
ومن الله التوفيق وعليه نتوكل، وهو حسبنا
ونعم الوكيل.